إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

95 بالمائة من الأسر الفقيرة خفضت معدل استهلاكها الغذائي.. الأمن الغذائي في تراجع.. ودعوات لإعلان "الطوارئ الفلاحية"

  

فوزي الزياني:السياسات الفلاحية الحالية لم ولن تمكن البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي

تونس – الصباح

في ظل ما تعيشه الفلاحة التونسية من نكسات متتالية بدءا بالصعوبات التي مرت بها المنظومات الفلاحية والتي تتواصل إلى الآن بعد أن دمرت تدرجيا بسبب السياسات الفاشلة أصبح الحديث عن السيادة الغذائية في تونس موضوع الساعة خاصة وأن تونس تعيش هذه السنة وضعا استثنائيا دفع بها إلى الترفيع في نسبة وارداتها من الحبوب إلى 90 بالمائة.

وقد أكّد المعهد الوطني للإحصاء أنّ الأسر الفقيرة ازدادت فقرا إذ أن 95 بالمائة منها خفض معدل استهلاكها الغذائي.

وبالنسبة لمفهوم الأمن الغذائي عند منظمة الصحة العالمية للأمان الغذائي يعني كل الظروف والمعايير الضرورية اللازمة خلال عمليات إنتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع وإعداد الغذاء لضمان أن يكون الغذاء آمنا وموثوقا به وصحيا وملائما للاستهلاك الآدمي. فأمان الغذاء متعلق بكل المراحل من مرحلة الإنتاج الزراعي وحتى لحظة الاستهلاك من طرف المستهلك الأخير.

مؤشر الأمن الغذائي..

وتشير دراسة إستراتيجية حول الأمن الغذائي قدمها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع البرنامج الغذائي العالمي خلال سنة 2020 أن تونس احتلت المرتبة 53 من بين 113 دولة من حيث مؤشر الأمن الغذائي، وهي مرتبة متأخرة قياسا بإمكانيات تونس في المجال الفلاحي المهدورة وغير المستغلة (350 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية غير المستغلة بسبب النزاعات القانونية و100 ألف هكتار من أراضي أحباس و65 ألف هكتار أراضي دولية مستغلة بطرق غير شرعية).

وقد احتفلت تونس أول أمس الجمعة 12 ماي 2023 باليوم الوطني للفلاحة والصيد البحري الذي يوافق الذكرى التاسعة والخمسين للجلاء الزراعي وذلك في 12 ماي 1964.

وتكتسي هذه المناسبة أهمية كبرى في تاريخ تونس وحاضرها ومستقبلها لما للجلاء الزراعي من رمزية في دعم السيادة الغذائية للبلاد ودعم استقلالها الحقيقي.

ونذكر أن تونس استوردت3.7 مليون طن من القمح خلال الموسم 2021-2022، نصفها متأت من أوكرانيا وروسيا، إذ أنّ 47 بالمائة من احتياجات تونس من القمح مستوردة من أوكرانيا و4 بالمائة من روسيا.

وجاء في دراسة أنجزت مؤخرا تحت دعم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن تونس لا تنتج سوى 50 بالمائة من حاجياتها من القمح و60 بالمائة من وارداتها تتأتى من أوكرانيا وروسيا كما دعت الدراسة إلى ضرورة إعادة النظر في مسألة السيادة الغذائية والأمن الغذائي.

وقد قدّمت الدراسة جملة من المؤشرات الخاصة بالأمن الغذائي ومنها التوازن البيئي وحماية المياه وعددت الدراسة تفاقم أمراض الجوع من هزال وتقزم في العالم وهي أمور ليست بالمتفشية في تونس.

انخفاض نسبة الأراضي

وأكدت الدراسة على أهمية الزراعة رغم انخفاض نسبة الأراضي الصالحة لذلك في تونس واعتماد تونس الهيكلي على الواردات وانعدام العدالة والمساواة في ملكية الأراضي، إضافة إلى تجلّي مظاهر التبعية في البذور وتعزيزها عبر المعاهدات التجارية مع دول أخرى.

وأشار تقرير حول الأمن الغذائي في العالم صدر خلال سنة 2022 إلى أن حوالي 193 مليون شخص في 53 دولة أو منطقة خبروا انعدام الأمن الغذائي الحاد على مستويات أزمة أو أكثر من تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وهذا يمثل زيادة بحوالي 40 مليون شخص مقارنة بالعدد القياسي بالفعل لعام 2020.

وكشف نفس التقرير حول أزمة الغذاء النقاب عن استمرار ارتفاع عدد الأشخاص الذي يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة منقذة للحياة ودعم سبل العيش وذلك بمعدل ينذر بالخطر وركز التقرير على البلدان والأقاليم التي يتجاوز فيها حجم وشدة أزمة الغذاء الموارد والقدرات المحلية.

وتعتبر تونس من بين أكبر البلدان الموردة للحبوب، إذ أن حاجيات البلاد من هذه المادة الحيوية تتراوح بين 30 و32 مليون قنطار سنويا ولا تنتج تونس منها غير 10 مليون قنطار وفق معدل إنتاج المواسم الأخيرة.

وتفيد الأرقام بأن تونس تستورد قرابة 70% من حاجياتها من الحبوب و90% من حاجيات البلاد من مادة القمح اللين.

دعم منظومات الإنتاج

وشدد فوزي الزياني الخبير في السياسات الفلاحية على ضرورة إعلان حالة طوارئ فلاحية وتغيير سياسات الدولة في تعاطيها مع قطاع الفلاحة ومنظومة الحبوب ومختلف المنظومات الفلاحية الأخرى التي تمر بنكسة.

وعلق الزياني قائلا:"إن الخيارات السياسات الفلاحية الحالية لم ولن تمكن البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي بل كانت سببا في خروج عدد كبير من الفلاحين بسبب الزيادات التي شملت أسعار البذور الممتازة والأسمدة والمحروقات ومياه الري وقطع الغيار واليد العاملة".

كما أكد الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني على ضرورة دعم منظومة الإنتاج وتمكين الفلاح من بيع منتجاته من الحبوب بأسعار تقارب الأسعار العالمية التي تستورد بها الدولة الحبوب من الخارج خاصة وأن الفلاح التونسي لا يحصل إلا على قرابة ثلثي الأسعار العالمية للحبوب عند بيع محصوله للدولة التونسية.

وكان وزير الفلاحة أعلن الجمعة الفارط خلال كلمة ألقاها على هامش ندوة عن إقرار زيادة استثنائية بـ10 دنانير للقنطار الواحد، في أسعار قبول القمح الصلب لفائدة الفلاحين بعنوان سنة 2023.

وأكد الوزير أن الفلاحة التونسية تشهد ظروفا صعبة موضحا أن الشح المائي الذي تشهده البلاد يدل على أن الوضع صعب واستثنائي ولا بد من التعامل معه بإجراءات استثنائية.

كما بيّن أن الدولة تعمل على قطاعات الحليب والأعلاف بفرق عمل شاملة للتأقلم مع الوضع الجديد الذي نعيشه اليوم.

وحسب الزياني فان المقاربة الفلاحية المعتمدة في تونس تعتبر خاطئة لأنها لم تحقق أي نتيجة ولا حتى الأمن الغذائي لان دولة مثل تونس تستورد أكثر من 70 بالمائة من حاجياتها من الحبوب وخلال سنة 2023 بشكل استثنائي تصل وارداتها من الحبوب إلى 90 بالمائة لا يمكن أن تكون دولة ذات سيادة غذائية ولذلك على الحكومة اتخاذ جملة من التدابير المستعجلة لدعم الفلاح.

جهاد الكلبوسي

 

 

 

 

 

 

95 بالمائة من الأسر الفقيرة خفضت معدل استهلاكها الغذائي..  الأمن الغذائي في تراجع.. ودعوات لإعلان "الطوارئ الفلاحية"

  

فوزي الزياني:السياسات الفلاحية الحالية لم ولن تمكن البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي

تونس – الصباح

في ظل ما تعيشه الفلاحة التونسية من نكسات متتالية بدءا بالصعوبات التي مرت بها المنظومات الفلاحية والتي تتواصل إلى الآن بعد أن دمرت تدرجيا بسبب السياسات الفاشلة أصبح الحديث عن السيادة الغذائية في تونس موضوع الساعة خاصة وأن تونس تعيش هذه السنة وضعا استثنائيا دفع بها إلى الترفيع في نسبة وارداتها من الحبوب إلى 90 بالمائة.

وقد أكّد المعهد الوطني للإحصاء أنّ الأسر الفقيرة ازدادت فقرا إذ أن 95 بالمائة منها خفض معدل استهلاكها الغذائي.

وبالنسبة لمفهوم الأمن الغذائي عند منظمة الصحة العالمية للأمان الغذائي يعني كل الظروف والمعايير الضرورية اللازمة خلال عمليات إنتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع وإعداد الغذاء لضمان أن يكون الغذاء آمنا وموثوقا به وصحيا وملائما للاستهلاك الآدمي. فأمان الغذاء متعلق بكل المراحل من مرحلة الإنتاج الزراعي وحتى لحظة الاستهلاك من طرف المستهلك الأخير.

مؤشر الأمن الغذائي..

وتشير دراسة إستراتيجية حول الأمن الغذائي قدمها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع البرنامج الغذائي العالمي خلال سنة 2020 أن تونس احتلت المرتبة 53 من بين 113 دولة من حيث مؤشر الأمن الغذائي، وهي مرتبة متأخرة قياسا بإمكانيات تونس في المجال الفلاحي المهدورة وغير المستغلة (350 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية غير المستغلة بسبب النزاعات القانونية و100 ألف هكتار من أراضي أحباس و65 ألف هكتار أراضي دولية مستغلة بطرق غير شرعية).

وقد احتفلت تونس أول أمس الجمعة 12 ماي 2023 باليوم الوطني للفلاحة والصيد البحري الذي يوافق الذكرى التاسعة والخمسين للجلاء الزراعي وذلك في 12 ماي 1964.

وتكتسي هذه المناسبة أهمية كبرى في تاريخ تونس وحاضرها ومستقبلها لما للجلاء الزراعي من رمزية في دعم السيادة الغذائية للبلاد ودعم استقلالها الحقيقي.

ونذكر أن تونس استوردت3.7 مليون طن من القمح خلال الموسم 2021-2022، نصفها متأت من أوكرانيا وروسيا، إذ أنّ 47 بالمائة من احتياجات تونس من القمح مستوردة من أوكرانيا و4 بالمائة من روسيا.

وجاء في دراسة أنجزت مؤخرا تحت دعم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن تونس لا تنتج سوى 50 بالمائة من حاجياتها من القمح و60 بالمائة من وارداتها تتأتى من أوكرانيا وروسيا كما دعت الدراسة إلى ضرورة إعادة النظر في مسألة السيادة الغذائية والأمن الغذائي.

وقد قدّمت الدراسة جملة من المؤشرات الخاصة بالأمن الغذائي ومنها التوازن البيئي وحماية المياه وعددت الدراسة تفاقم أمراض الجوع من هزال وتقزم في العالم وهي أمور ليست بالمتفشية في تونس.

انخفاض نسبة الأراضي

وأكدت الدراسة على أهمية الزراعة رغم انخفاض نسبة الأراضي الصالحة لذلك في تونس واعتماد تونس الهيكلي على الواردات وانعدام العدالة والمساواة في ملكية الأراضي، إضافة إلى تجلّي مظاهر التبعية في البذور وتعزيزها عبر المعاهدات التجارية مع دول أخرى.

وأشار تقرير حول الأمن الغذائي في العالم صدر خلال سنة 2022 إلى أن حوالي 193 مليون شخص في 53 دولة أو منطقة خبروا انعدام الأمن الغذائي الحاد على مستويات أزمة أو أكثر من تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وهذا يمثل زيادة بحوالي 40 مليون شخص مقارنة بالعدد القياسي بالفعل لعام 2020.

وكشف نفس التقرير حول أزمة الغذاء النقاب عن استمرار ارتفاع عدد الأشخاص الذي يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة منقذة للحياة ودعم سبل العيش وذلك بمعدل ينذر بالخطر وركز التقرير على البلدان والأقاليم التي يتجاوز فيها حجم وشدة أزمة الغذاء الموارد والقدرات المحلية.

وتعتبر تونس من بين أكبر البلدان الموردة للحبوب، إذ أن حاجيات البلاد من هذه المادة الحيوية تتراوح بين 30 و32 مليون قنطار سنويا ولا تنتج تونس منها غير 10 مليون قنطار وفق معدل إنتاج المواسم الأخيرة.

وتفيد الأرقام بأن تونس تستورد قرابة 70% من حاجياتها من الحبوب و90% من حاجيات البلاد من مادة القمح اللين.

دعم منظومات الإنتاج

وشدد فوزي الزياني الخبير في السياسات الفلاحية على ضرورة إعلان حالة طوارئ فلاحية وتغيير سياسات الدولة في تعاطيها مع قطاع الفلاحة ومنظومة الحبوب ومختلف المنظومات الفلاحية الأخرى التي تمر بنكسة.

وعلق الزياني قائلا:"إن الخيارات السياسات الفلاحية الحالية لم ولن تمكن البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي بل كانت سببا في خروج عدد كبير من الفلاحين بسبب الزيادات التي شملت أسعار البذور الممتازة والأسمدة والمحروقات ومياه الري وقطع الغيار واليد العاملة".

كما أكد الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني على ضرورة دعم منظومة الإنتاج وتمكين الفلاح من بيع منتجاته من الحبوب بأسعار تقارب الأسعار العالمية التي تستورد بها الدولة الحبوب من الخارج خاصة وأن الفلاح التونسي لا يحصل إلا على قرابة ثلثي الأسعار العالمية للحبوب عند بيع محصوله للدولة التونسية.

وكان وزير الفلاحة أعلن الجمعة الفارط خلال كلمة ألقاها على هامش ندوة عن إقرار زيادة استثنائية بـ10 دنانير للقنطار الواحد، في أسعار قبول القمح الصلب لفائدة الفلاحين بعنوان سنة 2023.

وأكد الوزير أن الفلاحة التونسية تشهد ظروفا صعبة موضحا أن الشح المائي الذي تشهده البلاد يدل على أن الوضع صعب واستثنائي ولا بد من التعامل معه بإجراءات استثنائية.

كما بيّن أن الدولة تعمل على قطاعات الحليب والأعلاف بفرق عمل شاملة للتأقلم مع الوضع الجديد الذي نعيشه اليوم.

وحسب الزياني فان المقاربة الفلاحية المعتمدة في تونس تعتبر خاطئة لأنها لم تحقق أي نتيجة ولا حتى الأمن الغذائي لان دولة مثل تونس تستورد أكثر من 70 بالمائة من حاجياتها من الحبوب وخلال سنة 2023 بشكل استثنائي تصل وارداتها من الحبوب إلى 90 بالمائة لا يمكن أن تكون دولة ذات سيادة غذائية ولذلك على الحكومة اتخاذ جملة من التدابير المستعجلة لدعم الفلاح.

جهاد الكلبوسي