إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لم يكشف عن آليات تنفيذها ..سعيد يدعو إلى "تطهير" الإدارة العمومية من المندسين

 

رئاسة الحكومة ربما تكون قد انطلقت في التحضير لإصلاح الإدارة لعدة غايات بما فيها النقطة التي طالب بها رئيس الجمهورية

تونس – الصباح

لا تُعد المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس الجمهورية قيس سعيد عن "تطهير" الإدارة أو البلاد من الخونة والمندسين ومن الفاسدين والمتآمرين على أمن الدولة. ففي أغلب البلاغات ومقاطع الفيديو لرئاسة الجمهورية المنشورة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" يوجه الرئيس أصابع الاتهام والتخوين لجهات وأطراف لا يحدد في معظمها لا هويتها ولا انتماءاتها ولكنه يمعن في نفس الوقت في توجيه الاتهامات إليها لتلقى رواجا وتفاعلا جماهيريا في خانة التعليقات.

في اجتماعه ظهر الجمعة 12 ماي 2023 بقصر قرطاج- بكل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزير الدفاع الوطني عماد ممّيش، ووزير الداخلية كمال الفقي، ووزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار–دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد وزراءه إلى "ضرورة تطهير الإدارة العمومية من كل من اندسّ داخلها ويعمل على تعطيل السير العادي لها، فالوزارات والمنشآت العمومية وغيرها لا يمكن أن تقوم بوظيفتها وهناك من يعمل داخلها لفائدة جهة معينة لا لفائدة المصلحة العامة فالظل لن يستقيم إذا كان العود أعوج".

استعمال مصطلح "التطهير" وتوظيفه في الخطابات الرسمية أو السياسية أو الحزبية لم يصدر فقط من رئيس الجمهورية قيس سعيد، فطيلة سنوات الثورة تواترت هذه الكلمة ومثيلاتها من قياديين في أحزاب وعدد من النقابيين ومن الوزراء بمختلف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية لتسقط النقاشات بخصوصها في خانة التخوين لتمتد إلى حشد الرأي العام وتجييشه لتبادل التهم عبر صفحات الفايسبوك.

آليات "التطهير" خاصة على مستوى الإدارات العمومية على مدى السنوات الماضية لم تكن بصفة مباشرة وظاهرة للعيان أو على الأقل معلومة لدى الرأي العام، بل كانت بآلية الإقصاء أو بما هو متعارف عليه في الشارع التونسي بـ"تجميد" كل من لا ينضوي تحت المنظومة في صفوف الإطارات والكفاءات الإدارية وتعويضها بأخرى متحزبة أو موالية للنظام القائم.

ودعوة رئيس الجمهورية لوزرائه إلى "ضرورة تطهير الإدارة العمومية من كل من اندسّ داخلها ويعمل على تعطيل السير العادي لها"، قد تصب في هذا التوجه.

ولكن في نفس الوقت لا نعلم كيف ستكون عملية التطهير التي دعا إليها خاصة وأنها جاءت في سياقات متعددة لاجتماعه الذي تطرق فيه إلى عدة مواضيع بما في ذلك الوضع العام بالبلاد إثر العملية الاجرامية التي جدّت بجزيرة جربة، ولمتابعة الإجراءات التي تم اتخاذها في اجتماع مجلس الأمن القومي مؤخرا، إلى جانب التعرض إلى عدد من النصوص القانونية المتعلقة بحرية المعتقد وبحرية ممارسة الشعائر الدينية، وإلى نصوص أخرى كمجلة الالتزامات والعقود ومجلة المرافعات المدنية والتجارية.

رغم دعوته إلى "تطهير الإدارة العمومية" لم يطرح رئيس الجمهورية قيس سعيد في ذلك الاجتماع التشريعات أو القوانين التي تمكن من القيام بهذه الخطوة، ولسائل أن يتساءل أولا أي آليات قانونية يمكن استعمالها لإثبات ما جاء في كلام الرئيس بأنه فعلا هناك من المندسين داخل الإدارات أو تعطيل سيرها حتى يتمّ "تطهير" الإدارة كما يريد، وثانيا كيف سيتمّ اصلاح الوظيفة العمومية حتى لا يندس أحد.

ربما تكون رئاسة الحكومة قد انطلقت في إعداد أو التحضير لإصلاح الإدارة لعدة غايات بما فيها هذه النقطة التي طالب بها رئيس الجمهورية. فيوم 27 مارس 2023 نشرت رئاسة الحكومة خبرا مفاده أن رئيسة الحكومة، نجلاء بودن رمضان قد أشرفت بقصر الحكومة بالقصبة، على جلسة عمل مع مجموعة من إطارات الهيئة العامة للوظيفة العمومية.

وخصّصت الجلسة، وفق ما جاء في صفحتها الرسمية، لاستعراض تقدم عدد من المحاور المندرجة ضمن الاستراتيجية الوطنية لتحديث الوظيفة العمومية، على غرار مراجعة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وإرساء آليات التصرف التقديري في الموارد البشرية، وإدراج مواصفات الجودة في التكوين، وتطوير نظام تقييم الأعوان العموميين وبرنامج المراجعات الوظيفية.

وأشار الخبر أن رئيسة الحكومة قد شدّدت بهذه المناسبة على الأهمية التي يكتسيها إصلاح الوظيفة العمومية ضمن البرنامج الوطني للإصلاحات، داعية في هذا الإطار إلى ضرورة اختصار آجال تنفيذ مختلف مشاريع تحديث الوظيفة العمومية والعمل على تكريس المقاربة التشاركية خلال مراحل التصور والتنفيذ. وبالتالي قد تكون هذه الاجتماعات تصب في توجهات رئيس الجمهورية التي لا يفصح عنها للرأي العام إلا بآلية الري قطرة قطرة.

إيمان عبد اللطيف

 

 

لم يكشف عن آليات تنفيذها ..سعيد يدعو إلى "تطهير" الإدارة العمومية من المندسين

 

رئاسة الحكومة ربما تكون قد انطلقت في التحضير لإصلاح الإدارة لعدة غايات بما فيها النقطة التي طالب بها رئيس الجمهورية

تونس – الصباح

لا تُعد المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس الجمهورية قيس سعيد عن "تطهير" الإدارة أو البلاد من الخونة والمندسين ومن الفاسدين والمتآمرين على أمن الدولة. ففي أغلب البلاغات ومقاطع الفيديو لرئاسة الجمهورية المنشورة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" يوجه الرئيس أصابع الاتهام والتخوين لجهات وأطراف لا يحدد في معظمها لا هويتها ولا انتماءاتها ولكنه يمعن في نفس الوقت في توجيه الاتهامات إليها لتلقى رواجا وتفاعلا جماهيريا في خانة التعليقات.

في اجتماعه ظهر الجمعة 12 ماي 2023 بقصر قرطاج- بكل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزير الدفاع الوطني عماد ممّيش، ووزير الداخلية كمال الفقي، ووزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار–دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد وزراءه إلى "ضرورة تطهير الإدارة العمومية من كل من اندسّ داخلها ويعمل على تعطيل السير العادي لها، فالوزارات والمنشآت العمومية وغيرها لا يمكن أن تقوم بوظيفتها وهناك من يعمل داخلها لفائدة جهة معينة لا لفائدة المصلحة العامة فالظل لن يستقيم إذا كان العود أعوج".

استعمال مصطلح "التطهير" وتوظيفه في الخطابات الرسمية أو السياسية أو الحزبية لم يصدر فقط من رئيس الجمهورية قيس سعيد، فطيلة سنوات الثورة تواترت هذه الكلمة ومثيلاتها من قياديين في أحزاب وعدد من النقابيين ومن الوزراء بمختلف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية لتسقط النقاشات بخصوصها في خانة التخوين لتمتد إلى حشد الرأي العام وتجييشه لتبادل التهم عبر صفحات الفايسبوك.

آليات "التطهير" خاصة على مستوى الإدارات العمومية على مدى السنوات الماضية لم تكن بصفة مباشرة وظاهرة للعيان أو على الأقل معلومة لدى الرأي العام، بل كانت بآلية الإقصاء أو بما هو متعارف عليه في الشارع التونسي بـ"تجميد" كل من لا ينضوي تحت المنظومة في صفوف الإطارات والكفاءات الإدارية وتعويضها بأخرى متحزبة أو موالية للنظام القائم.

ودعوة رئيس الجمهورية لوزرائه إلى "ضرورة تطهير الإدارة العمومية من كل من اندسّ داخلها ويعمل على تعطيل السير العادي لها"، قد تصب في هذا التوجه.

ولكن في نفس الوقت لا نعلم كيف ستكون عملية التطهير التي دعا إليها خاصة وأنها جاءت في سياقات متعددة لاجتماعه الذي تطرق فيه إلى عدة مواضيع بما في ذلك الوضع العام بالبلاد إثر العملية الاجرامية التي جدّت بجزيرة جربة، ولمتابعة الإجراءات التي تم اتخاذها في اجتماع مجلس الأمن القومي مؤخرا، إلى جانب التعرض إلى عدد من النصوص القانونية المتعلقة بحرية المعتقد وبحرية ممارسة الشعائر الدينية، وإلى نصوص أخرى كمجلة الالتزامات والعقود ومجلة المرافعات المدنية والتجارية.

رغم دعوته إلى "تطهير الإدارة العمومية" لم يطرح رئيس الجمهورية قيس سعيد في ذلك الاجتماع التشريعات أو القوانين التي تمكن من القيام بهذه الخطوة، ولسائل أن يتساءل أولا أي آليات قانونية يمكن استعمالها لإثبات ما جاء في كلام الرئيس بأنه فعلا هناك من المندسين داخل الإدارات أو تعطيل سيرها حتى يتمّ "تطهير" الإدارة كما يريد، وثانيا كيف سيتمّ اصلاح الوظيفة العمومية حتى لا يندس أحد.

ربما تكون رئاسة الحكومة قد انطلقت في إعداد أو التحضير لإصلاح الإدارة لعدة غايات بما فيها هذه النقطة التي طالب بها رئيس الجمهورية. فيوم 27 مارس 2023 نشرت رئاسة الحكومة خبرا مفاده أن رئيسة الحكومة، نجلاء بودن رمضان قد أشرفت بقصر الحكومة بالقصبة، على جلسة عمل مع مجموعة من إطارات الهيئة العامة للوظيفة العمومية.

وخصّصت الجلسة، وفق ما جاء في صفحتها الرسمية، لاستعراض تقدم عدد من المحاور المندرجة ضمن الاستراتيجية الوطنية لتحديث الوظيفة العمومية، على غرار مراجعة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وإرساء آليات التصرف التقديري في الموارد البشرية، وإدراج مواصفات الجودة في التكوين، وتطوير نظام تقييم الأعوان العموميين وبرنامج المراجعات الوظيفية.

وأشار الخبر أن رئيسة الحكومة قد شدّدت بهذه المناسبة على الأهمية التي يكتسيها إصلاح الوظيفة العمومية ضمن البرنامج الوطني للإصلاحات، داعية في هذا الإطار إلى ضرورة اختصار آجال تنفيذ مختلف مشاريع تحديث الوظيفة العمومية والعمل على تكريس المقاربة التشاركية خلال مراحل التصور والتنفيذ. وبالتالي قد تكون هذه الاجتماعات تصب في توجهات رئيس الجمهورية التي لا يفصح عنها للرأي العام إلا بآلية الري قطرة قطرة.

إيمان عبد اللطيف