ما يزال الغموض يحوم حول مصير الاتفاق المالي المبدئي بين تونس وصندوق النقد الدولي الذي تم إقراره على مستوى الخبراء في أكتوبر 2022، رغم التصريحات المتفائلة لمسؤلين كبار من الصندوق آخرها تصريح جهاد أزعور الذي أكد أن الاتفاق بين الجانبين أصبح وشيكا..
وتعول تونس كثيرا على تحصيل اتفاق نهائي قبل نهاية شهر جوان المقبل، لكن وفق شروط جديدة منها تأجيل تنفيذ بعض الإصلاحات ذات الكلفة الاجتماعية مثل ملف رفع الدعم تدريجيا عن المواد الأساسية والمحروقات، أو إيجاد صيغة اتفاق تأخذ بعين الاعتبار العامل الاجتماعي والظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد خاصة أن أسباب الأزمة المالية في تونس جلها متأتية من عوامل خارجية مثل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة وأزمة كوفيد 19 الصحية التي أثرت على جميع اقتصاديات العالم خاصة خلال سنتي 2020 و2021..
وفي انتظار توضح الرؤية خلال الأيام القادمة، تؤكد عديد المعطيات والتقارير والمؤشرات المتوفرة والصادرة عن مؤسسات ترقيم دولية أو عن الحكومة التونسية، أن الاتفاق المتوقع بين تونس وصندوق النقد الدولي المقدر بـ1.9 مليار دولار، سيفتح الباب أمام تدفق مهم لتمويلات خارجية في شكل قروض وودائع واستثمارات مقدرة بأكثر من 5 مليار دولار.. متأتية أساسا من أوروبا ودول خليجية وبنوك استثمارية.. علما أن جل الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات المالية المانحة اشترطت حصول الاتفاق النهائي قبل تقديم أي تمويل مفترض بما فيها الدول الخليجية..
وكانت وكالة «فيتش رايتنغ» قد أكدت في أحد تقريرها ان المملكة العربية السعودية مستعدة وبنوك إماراتية مستعدة لتمويل تونس بتمويلات بقيمة 1.3 مليار دولار بالتزامن مع صرف القسط الأول من قرض صندوق النقد الدولي.
كما تتفاوض تونس على تمويلات بقيمة 1.8 مليار دولار معظمها من الدول الخليجية بالإضافة إلى تمويلات بنحو 2.4 مليار دولار من التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والتي أصبحت ممكنة بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والتي ستسمح بتغطية احتياجات ميزانية 2023 من التمويلات الخارجية.
وتوقعت نفس الوكالة في تقرير آخر عن تونس صدر في شهر مارس الماضي أن يسند صندوق النقد الدولي القسط الأوّل من القرض لفائدة تونس قبل نهاية الثلاثية الثانية من سنة 2023.
ولاحظت فيتش رايتنغ، في وثيقة نشرتها، على موقعها على شبكة الانترنات، التطوّر، الذّي حققته تونس على مستوى تنفيذ الإصلاحات، المدرجة في إطار اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد".
في الأثناء فإنّ الخطر المتعلّق بالتمويل الخارجي للبلاد يبقى "مرتفعا"، بحسب تحذير فيتش، التّي أضافت أن التأخر في المصادقة من قبل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على تمويلات جديدة لفائدة تونس سيكون له إنعكاسات، على تنفيذ برنامج الإصلاحات.
وبحسب المصدر ذاته فإنّ برنامج التمويل، الذّي تمّ تحيينه من شأنه أن يسمح لتونس من الحصول على أكثر من 5 مليار دولار من التمويلات الخارجية متأتية، أساسا، من أوروبا ومن بلدان الخليج العربي. وتمثل هذه القيمة 65 بالمائة من حاجيات الحكومة التونسية من التمويلات خلال سنة 2023 أي ما يعادل حوالي 16،9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
وتشير تقديرات فيتش رايتنغ، في ما يتعلّق بحاجيات التمويل، أن يكون عجز الميزانية في حدود 5،7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2023 مقابل 7،3 بالمائة في 2022 بفضل الإجراءات المتخذة على غرار التحكم في كتلة الأجور وإصلاح الدعم.
وكان خبراء في الاقتصاد على غرار عزّ الدين سعيدان، ورضا الشكندالي أن الوضعية الصعبة للمالية العمومية واقتراب آجال خلاص عدد من القروض الخارجية والداخلية خلال النصف الثاني من العام الحالي يؤكد أن لا حل أمام تونس سوى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد في أقرب وقت ممكن.
وكشف الخبير عزّ الدين سعيدان مؤخرا في تصريح لإذاعة موزاييك أنّ تونس تحتاج لتغطية نفقاتها في إطار ميزانية الدولة 2023، إلى أكثر من 24 مليار دينار، وهي مُطالبة أيضا بتسديد قروض خارجية وداخلية بقيمة 21 مليار دينار.
وقال إن تونس مُطالبة خلال جويلية وسبتمبر ونوفمبر بخلاص أقساط كبيرة، وبالنسبة إلى الداخل فهناك خلاصات كلّ أسبوعين تقريبا".
واعتبر سعيدان أنّ المسألة التونسية أصبحت دولية، ويتّضح ذلك من خلال المجهودات التي تبذلها أوروبا لتوصّل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والدليل على ذلك أيضا هي مجهودات فرنسا وإيطاليا، وصندوق النقد الدولي.
ونبّه سعيدان إلى أنّ تونس يجب أن تصل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي قبل حلول شهر جويلية أو أوت على أقصى تقدير.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي في حوار مع وكالة تونس أفريقيا للأنباء، إن الاتفاق المالي المعلّق بين تونس وصندوق النقد الدولي بمثابة خطوة إلى الإمام تزيل الجمود الذي آلت إليه المفاوضات منذ أشهر، لكنها تحتاج إلى صدور قرار رسمي من الجهات المانحة قبل سبتمبر 2023 لتلافي تأخر سداد القروض الخارجية.
ويرى الشكندالي أنّ نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، يقوم بعمل كبير لمساعدة تونس في أزمتها الحالية، واصفا ذلك بالـ''مهم''، نظرا للدور الكبير الذي يلعبه البنك الدولي في تمويل المشاريع المدرجة في المخطط الثلاثي 2023-2025
وقال: "تبقى العلاقة مع صندوق النقد هي الأهم في الوقت الحاضر، ولها صلة مباشرة بالأزمة المالية التي تمر بها البلاد والرسائل الإيجابية التي تُقرأ من خلال تصريحات بعض المسؤولين المهمين الذين التقوا برئيس الجمهورية ولابد أن تتجسم ببيانات رسمية من طرف دولهم تجسم مدى استعداد هذه البلدان للانخراط في تمويل برنامج الإصلاحات.''
وأضاف: ''واشنطن متخوفة من انهيار الوضع الاقتصادي والمالي في تونس، فهي تعتبر هذا البلد كبوابة للاستثمار في إفريقيا نظرا لموقعها الجيو-استراتيجي المهم، وتتجنب ما قد يحدث من تقارب مع الصين خاصة بعد القمة العربية الصينية وجنوح بعض البلدان العربية للتقارب مع مجموعة "البريكس" بعد طلبهم الانضمام الى هذه المجموعة... لكن لدى الولايات المتحدة قناعة تامة باستحالة الإنقاذ الاقتصادي والمالي لتونس دون الإصلاحات التي أعلن صندوق النقد الدولي ووافقت عليها تونس في برنامج الإصلاحات، هذه الأخيرة التي تتطلب أرضية ملائمة قد تشمل كذلك الجانب السياسي.''
ويشار الى أن السفير الأمريكي بتونس جوي هود كان قد عبر بعد لقائه بوزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، عن استعداد واشنطن تقديم الدعم لتونس ومرافقتها والعمل على إعادة النظر في شروط الموافقة على ملفها بصندوق النقد الدولي والابتعاد عن المقاربة التي تعتبر الذوات البشرية مجرّد أرقام .
رفيق بن عبدالله
تونس- الصباح
ما يزال الغموض يحوم حول مصير الاتفاق المالي المبدئي بين تونس وصندوق النقد الدولي الذي تم إقراره على مستوى الخبراء في أكتوبر 2022، رغم التصريحات المتفائلة لمسؤلين كبار من الصندوق آخرها تصريح جهاد أزعور الذي أكد أن الاتفاق بين الجانبين أصبح وشيكا..
وتعول تونس كثيرا على تحصيل اتفاق نهائي قبل نهاية شهر جوان المقبل، لكن وفق شروط جديدة منها تأجيل تنفيذ بعض الإصلاحات ذات الكلفة الاجتماعية مثل ملف رفع الدعم تدريجيا عن المواد الأساسية والمحروقات، أو إيجاد صيغة اتفاق تأخذ بعين الاعتبار العامل الاجتماعي والظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد خاصة أن أسباب الأزمة المالية في تونس جلها متأتية من عوامل خارجية مثل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة وأزمة كوفيد 19 الصحية التي أثرت على جميع اقتصاديات العالم خاصة خلال سنتي 2020 و2021..
وفي انتظار توضح الرؤية خلال الأيام القادمة، تؤكد عديد المعطيات والتقارير والمؤشرات المتوفرة والصادرة عن مؤسسات ترقيم دولية أو عن الحكومة التونسية، أن الاتفاق المتوقع بين تونس وصندوق النقد الدولي المقدر بـ1.9 مليار دولار، سيفتح الباب أمام تدفق مهم لتمويلات خارجية في شكل قروض وودائع واستثمارات مقدرة بأكثر من 5 مليار دولار.. متأتية أساسا من أوروبا ودول خليجية وبنوك استثمارية.. علما أن جل الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات المالية المانحة اشترطت حصول الاتفاق النهائي قبل تقديم أي تمويل مفترض بما فيها الدول الخليجية..
وكانت وكالة «فيتش رايتنغ» قد أكدت في أحد تقريرها ان المملكة العربية السعودية مستعدة وبنوك إماراتية مستعدة لتمويل تونس بتمويلات بقيمة 1.3 مليار دولار بالتزامن مع صرف القسط الأول من قرض صندوق النقد الدولي.
كما تتفاوض تونس على تمويلات بقيمة 1.8 مليار دولار معظمها من الدول الخليجية بالإضافة إلى تمويلات بنحو 2.4 مليار دولار من التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والتي أصبحت ممكنة بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والتي ستسمح بتغطية احتياجات ميزانية 2023 من التمويلات الخارجية.
وتوقعت نفس الوكالة في تقرير آخر عن تونس صدر في شهر مارس الماضي أن يسند صندوق النقد الدولي القسط الأوّل من القرض لفائدة تونس قبل نهاية الثلاثية الثانية من سنة 2023.
ولاحظت فيتش رايتنغ، في وثيقة نشرتها، على موقعها على شبكة الانترنات، التطوّر، الذّي حققته تونس على مستوى تنفيذ الإصلاحات، المدرجة في إطار اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد".
في الأثناء فإنّ الخطر المتعلّق بالتمويل الخارجي للبلاد يبقى "مرتفعا"، بحسب تحذير فيتش، التّي أضافت أن التأخر في المصادقة من قبل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على تمويلات جديدة لفائدة تونس سيكون له إنعكاسات، على تنفيذ برنامج الإصلاحات.
وبحسب المصدر ذاته فإنّ برنامج التمويل، الذّي تمّ تحيينه من شأنه أن يسمح لتونس من الحصول على أكثر من 5 مليار دولار من التمويلات الخارجية متأتية، أساسا، من أوروبا ومن بلدان الخليج العربي. وتمثل هذه القيمة 65 بالمائة من حاجيات الحكومة التونسية من التمويلات خلال سنة 2023 أي ما يعادل حوالي 16،9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
وتشير تقديرات فيتش رايتنغ، في ما يتعلّق بحاجيات التمويل، أن يكون عجز الميزانية في حدود 5،7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2023 مقابل 7،3 بالمائة في 2022 بفضل الإجراءات المتخذة على غرار التحكم في كتلة الأجور وإصلاح الدعم.
وكان خبراء في الاقتصاد على غرار عزّ الدين سعيدان، ورضا الشكندالي أن الوضعية الصعبة للمالية العمومية واقتراب آجال خلاص عدد من القروض الخارجية والداخلية خلال النصف الثاني من العام الحالي يؤكد أن لا حل أمام تونس سوى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد في أقرب وقت ممكن.
وكشف الخبير عزّ الدين سعيدان مؤخرا في تصريح لإذاعة موزاييك أنّ تونس تحتاج لتغطية نفقاتها في إطار ميزانية الدولة 2023، إلى أكثر من 24 مليار دينار، وهي مُطالبة أيضا بتسديد قروض خارجية وداخلية بقيمة 21 مليار دينار.
وقال إن تونس مُطالبة خلال جويلية وسبتمبر ونوفمبر بخلاص أقساط كبيرة، وبالنسبة إلى الداخل فهناك خلاصات كلّ أسبوعين تقريبا".
واعتبر سعيدان أنّ المسألة التونسية أصبحت دولية، ويتّضح ذلك من خلال المجهودات التي تبذلها أوروبا لتوصّل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والدليل على ذلك أيضا هي مجهودات فرنسا وإيطاليا، وصندوق النقد الدولي.
ونبّه سعيدان إلى أنّ تونس يجب أن تصل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي قبل حلول شهر جويلية أو أوت على أقصى تقدير.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي في حوار مع وكالة تونس أفريقيا للأنباء، إن الاتفاق المالي المعلّق بين تونس وصندوق النقد الدولي بمثابة خطوة إلى الإمام تزيل الجمود الذي آلت إليه المفاوضات منذ أشهر، لكنها تحتاج إلى صدور قرار رسمي من الجهات المانحة قبل سبتمبر 2023 لتلافي تأخر سداد القروض الخارجية.
ويرى الشكندالي أنّ نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، يقوم بعمل كبير لمساعدة تونس في أزمتها الحالية، واصفا ذلك بالـ''مهم''، نظرا للدور الكبير الذي يلعبه البنك الدولي في تمويل المشاريع المدرجة في المخطط الثلاثي 2023-2025
وقال: "تبقى العلاقة مع صندوق النقد هي الأهم في الوقت الحاضر، ولها صلة مباشرة بالأزمة المالية التي تمر بها البلاد والرسائل الإيجابية التي تُقرأ من خلال تصريحات بعض المسؤولين المهمين الذين التقوا برئيس الجمهورية ولابد أن تتجسم ببيانات رسمية من طرف دولهم تجسم مدى استعداد هذه البلدان للانخراط في تمويل برنامج الإصلاحات.''
وأضاف: ''واشنطن متخوفة من انهيار الوضع الاقتصادي والمالي في تونس، فهي تعتبر هذا البلد كبوابة للاستثمار في إفريقيا نظرا لموقعها الجيو-استراتيجي المهم، وتتجنب ما قد يحدث من تقارب مع الصين خاصة بعد القمة العربية الصينية وجنوح بعض البلدان العربية للتقارب مع مجموعة "البريكس" بعد طلبهم الانضمام الى هذه المجموعة... لكن لدى الولايات المتحدة قناعة تامة باستحالة الإنقاذ الاقتصادي والمالي لتونس دون الإصلاحات التي أعلن صندوق النقد الدولي ووافقت عليها تونس في برنامج الإصلاحات، هذه الأخيرة التي تتطلب أرضية ملائمة قد تشمل كذلك الجانب السياسي.''
ويشار الى أن السفير الأمريكي بتونس جوي هود كان قد عبر بعد لقائه بوزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، عن استعداد واشنطن تقديم الدعم لتونس ومرافقتها والعمل على إعادة النظر في شروط الموافقة على ملفها بصندوق النقد الدولي والابتعاد عن المقاربة التي تعتبر الذوات البشرية مجرّد أرقام .