إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أيمن العلوي القيادي في حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" لـ"الصباح": القيادة الحالية لم تسط على اسم الحزب والخلافات الرفاقية لا يمكن إسقاطها في وحل التقاضي

 

- الأمين العام زياد لخضر ورفاقه في المكتب السياسي تركيبة منبثقة عن المؤتمر الأول للحزب

- لم يسجل تاريخ التيار الوطني الديمقراطي الذي امتد على 50 سنة، أن هناك مجموعة تكتب بشكل رسمي مواقف منحازة للسلطة السياسية وخياراتها

-في حال قررت السلطة السياسية أن تلعب لعبة النار وتفاضل بين الأحزاب السياسية حسب ولائها فذلك سيكون وساما على صدرنا

 - المؤتمر أمامه 3 تحديات، تنظيمي ومضموني ومسالة التحالفات القادمة

-أنا لا اطرح نفسي للأمانة العامة لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد

تونس- الصباح

المؤتمر الثاني لحزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" يأتي في سياق داخلي حزبي وسياق عام سياسي ذو خصوصية، فهو مؤتمر سيتزامن مع أشغال مؤتمر موازي لحزب منجي الرحوي الذي انشق منذ فترة ليست بالطويلة عنه وفي سياق عام يتسم بتراجع واضح لدور المعارضة والأحزاب السياسية خارج السلطة، بضرب واضح للحريات والحقوق. في هذا السياق الخاص والعام، كان لـ"الصباح" حوار مع القيادي في حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" أيمن العلوي، أين قدم تفاصيل تحالفاتهم المنتظرة وفرضيات إيجاد أرضية تلاقي مع المنشقين من عدمه، فضلا عن تحديات الحزب وأهدافه خلال الفترة القادمة ومواقف الحزب من عدد من القضايا الحقوقية التي أثارت جدلا، وفيما يلي نص الحوار.

أجرت الحوار : ريم سوودي

• كيف تقيمون كأحد الأطراف الانقسام الحاصل صلب حزب "الوطنيون الديمقراطيون"، مخلفات هذا التوجه في سياق عام يهدد تواجد الأحزاب ويرتكز على دعوى التجميع والوحدة؟

- الانقسام الذي شهده حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد له تاريخه ولم يطرأ كمستجد، لأن وجهات النظر كانت متباعدة بين غالبية المنحازين لخط الحزب، الخط الاجتماعي اليساري وفي معارضته للسلطة وللسلط القائمة في تونس وخياراتها السياسية، ومجموعة كانت لها مواقف وأراء غير ذلك. وبوادر الخلاف بدأت تنشأ منذ المؤتمر الأول للحزب في 2016 وتصاعد هذا الخلاف مع كل محطة تطرح فيها تحويرات وزارية أو طبيعة العلاقة مع السلطة القائمة، كان هناك مجموعة أبرز وجوهها منجي الرحوي، في 2016 مع يوسف الشاهد من اجل منصب وزاري واصدر آنذاك الحزب بيانا قال خلاله انه ليس ملزما بهذا الموقف، تواصل هذا السلوك واتخاذ مواقف مغايرة لمواقف الغالبية داخل الحزب ووصل الخلاف إلى مداه بعيد محطة 25 جويلية 2021 وتكثف تحديدا خلال المشاركة في الحوار الوطني الذي كان الحزب رافضا للمشاركة فيه. وعلى ذلك الأساس تمت القطيعة مع منجي الرحوي ومجموعته التي لم تنضبط لقرار الحزب.

وبمغادرة هذه المجموعة للحزب، نواصل العمل وعملية الفرز السياسي والانحياز للمواقف التي تأسس عليها الحزب ونحن نتجه اليوم إلى مؤتمرنا الثاني يومي 29 و30 افريل الجاري الذي سيكون مناسبة لإصدار مضامين تحين خطه السياسي وتثبيته وتقدم وثائق سياسية تبين وجهة نظر الحزب من الواقع السياسي التونسي وما يطرحه من مهام نضالية وما يطرحه من قضايا فكرية وسياسية تخص الواقع التونسي.

• الخلاف بين الشقين أو الطرفين عندما طفا على السطح كان في شكل عدائي أثر بشكل واضح على الطرف السياسي الوطني الديمقراطي؟

-عدائي، هذا أمر مردود على أصحابه، فنحن داخل الحزب لم نمارس أي سلوك عدائي شخصي أو عاطفي، نحن نعتبر أنفسنا مارسنا سلوكا سياسيا حازما تقتضيه الأوضاع السياسية داخل الحزب، ويقتضيه الحد الأدنى من العمل المنظم لان الحزب ينبني على التقاء ذوات حرة قائمة على الانسجام في الممارسة السياسية والموقف السياسي، ندير الخلافات عندما تكون قابلة للإدارة وهذا ما صبرنا عليه تمسكا بوحدة الحزب ووفائنا للمعاناة التي واجهها المناضلون داخل الحزب ولشهيد الحزب شكري بلعيد. وعندما وصل الأمر إلى تناقض سياسي واليوم بمتابعة مواقف حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" ومواقف مجموعة منجي الرحوي والتي تصدر في بيانات، لم يسجل تاريخ التيار الوطني الديمقراطي الذي امتد على 50 سنة، أن هناك مجموعة تكتب بشكل رسمي مواقف منحازة للسلطة السياسية وخياراتها، ربما كان هناك أفراد من هذا التيار ذهبوا إلى السلطة وتولوا مناصب وكانت لهم أفكار مختلفة عنه أما أن تكون هناك مجموعة سياسية تصدر بيانات بمواقف توالي السلطة السياسية وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية المناقضة تماما لما يطرحه الحزب هذا أمر عجيب ومستحدث في تيار الديمقراطيين الوطنيين وخيرنا الانقسام. ربما كان لذلك الانقسام ثمنا موجعا على المستوى التنظيمي ولم يكن بالقرار المريح، لكن في موازنتنا بين ثمن الحفاظ على استقلالية الحزب والخط السياسي للحزب والانقسام اخترنا الخيار الأول. فالعمل السياسي كما هو فعل مناضل في الحاضر هو تسجيل موقف في التاريخ وفي وفائنا لمبادئنا ولهذا التيار الذي آخر ما قدمه الشهيد شكري بلعيد لكنه قدم سابقا الشهداء فتحي فلاح وحمادي زلوز والفاضل ساسي وكمال السبعي، في مناهضة السلطة الرجعية في تونس ومناهضة قمعها وسياساتها النيوليبرالية.. وقيادة الحزب مؤتمنة على أن لا تخونه في هذه المرحلة من تاريخ تونس.

• مستوى قرب شق منجي الرحوي من السلطة وتبنيه لتوجهاتها ودفاعه عن قراراتها يجعله أكثر حظوة ويرجح أنه بعد المؤتمرين المنتظرين اللذين سيتم عقدهما في التاريخ نفسه أن يقع الاعتراف به على حساب حزبكم.. ما هو موقفكم من ذلك وكيف ستتعاملون مع هذا الطرح؟

-في الحقيقة هذا السؤال طرح علينا في أكثر من مناسبة وتعلق بالواجهة أو بالجانب القانوني لهذا الخلاف، وكان قرارنا داخل حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد"، بان الخلافات الرفاقية والخلافات النضالية لا يمكن إسقاطها في وحل التقاضي، نحن نؤكد على أن الخلاف الحاصل هو خلاف سياسي خرج إلى العلن، نتطارح أفكارنا ونتطارح مواقفنا أمام مناضلي الوطنيين الديمقراطيين وعلى الملإ وأمام الإعلام وفي المساحة اليسارية وأمام المواطنين التونسيين، لأننا نعتبر أن هذا الخلاف سيكون خلافا خلاقا وسيضع كل طرف أمام مسؤولية مواقفه ومسؤوليته التاريخية. وفي حال قررت السلطة السياسية أن تلعب، لعبة النار في التورط في اختراق الأحزاب السياسية والمفاضلة بينها حسب ولائها، فذلك سيكون وساما على صدرنا ومسالة لن تقلقنا البتة لأن موقفنا واضح ضد هذه السلطة وضد خيارتها وليس لدينا النية مطلقا للتقرب لها أو التنازل على مواقفنا مقابل مكتسبات إجرائية بسيطة.

• ألن تكون هذه الخطوة مهددة لتواجدكم الحزبي السياسي ومشروعيتكم القانونية وتجبركم على تغيير تسمية الحزب؟

-نحن نعتبر على المستوى القانوني الصرف، المسالة محسومة، فالقيادة الحالية لم تقم بالسطو على اسم الحزب والأمين العام زياد لخضر ورفاقه في المكتب السياسي واللجنة المركزية الهيكل القيادي الأول للحزب، جميعها منبثقة عن المؤتمر الأول للحزب والذي دارت أحداثه في ظروف عادية قانونية تنضبط للقانون المنظم للأحزاب. ونحن نعقد اليوم المؤتمر الثاني بتأخير نسبي وهو أمر عادي في الساحة السياسية وفي الظروف التي مرت بها البلاد، ولا نرى إن هناك مأزق أو إشكال قانوني بالنسبة لنا، إلا في صورة ما أرادت السلطة أن تكون طرفا في هذا الصراع.

• ما هي إمكانيات التقارب أو الصلح بينكم وبين الطرف الآخر المختلف عنكم والعودة إلى توحيد حزب الوطنيين الديمقراطيين؟

 -التقارب أو التصالح على المستوى الذاتي، فأريد التوضيح أننا لا نطرح المسالة ابعد من هذا، فنحن في خلاف سياسي، وعلى الأرجح هو خلاف تفسده الجوانب العاطفية الذاتية، عشنا محطات كثيرة وتابعتم كإعلاميين خروج أفراد من هذه المجموعة مارسوا بشكل فردي لا يحترم القرار الجماعي ولا يحترم أسس الخط السياسي، وكانت الضاغطة علينا باستمرار هو الحفاظ على وحدة الحزب والرفاقية والعلاقات الإنسانية وحرج حزب اغتيل أمينه العام ومسؤولية الحفاظ على دمه وعلى هذا الحزب الوليد، لكن إذا أصبح الثمن ميوعة خط الحزب وضرب أسسه وهويته التاريخية والفكرية يصبح الخيار حتى وان كان صعبا، هو الحسم السياسي والفكري والتنظيمي.

• وما هو برنامجكم في علاقة بالتقارب مع بقية مكونات العائلة اليسارية وتحقيق حلم الشهيد شكري بلعيد بتكوين الحزب اليساري الكبير؟

-مسالة العائلة السياسية اليوم أصبح يشوبها غموض وضبابية كبيرة، فعتاة الخيارات الليبرالية اليوم يفصحون شفاهيا عن تبنيهم لأطروحات يسارية في لحظات الأزمات الاجتماعية الكبرى.

وبخصوص وجهة نظرنا في التحالفات الجديدة، نريد أن تغادر المنطق الكلاسيكي، نتحالف على أساس المهام النضالية المطروحة، هناك اليوم في تونس مأزق اجتماعي ومأزق سياسية ومأزق في الدفاع على الحريات والتنظم والتصدي لإملاءات صندوق النقد الدولي وتجويع التونسيين، تحديات في الحركة النقابية وتحديات في الحركة النسوية وفي الحركة الطلابية، واعتقد أن تقارباتنا وتحالفاتنا، ستكون بمرونة وديناميكية أن نلتقي على أساس المهام النضالية الواضحة التي يمكن أن تسهل العمل أكثر منه تحالفات كلاسيكية سبق وأن سجلت في الفترات السابقة والتي كشفت الأيام أنها تحالفات هشة لم تبن على أسس نضالية صلبة.

والحزب اليوم يذهب إلى المؤتمر بتصور جديد للنضال، فالنضال الاجتماعي والنضال الحقوقي أصبح متفرعا، هناك مناضلين في القضية البيئية التي تعتبر من أهم القضايا ولها بعد وجذور يسارية، هناك منظمات وجمعيات وحركات ومناضلات في القضية النسوية من وجهة نظرها التقدمية والحاملة على لوائها التصدي لاضطهاد المرأة وتفقيرها، الحركة الاجتماعية المتنوعة في نضالها على مستوى المعطلين عن العمل والفلاحين الفقراء.. كل هذا الشتات يرى الحزب انه أن الأوان لتجميعه وتحويله إلى قوة مناضلة تكبح جماح الخيارات اليمينية والنيوليبرالية في تونس والعربدة البوليسية والتوجه نحو قمع الشباب في الأحياء الشعبية وملاعب الرياضة، وحرية التعبير وكل الناشطين، من صحفيين ومدونين وأصحاب رأي.. كلها قضايا عملية النضال المجزأة ضدها تفقدها النجاعة وتمنعها من تحقيق أهداف كبيرة. وتناولها في عمق تنظيمي.. ونحن نطرح أنفسنا في إطار هذه الديناميكية وفاء لانحياز الحزب إلى خيارات غالبية التونسيين بقضاياه الديمقراطية التقدمية.

• ما هي التحديات التي تعتبرونها كحزب وكمناضلين مطروحة اليوم أمامكم في ظل التغيرات السياسية الحاصلة؟

-المؤتمر أمامه 3 تحديات، تحد أول مضموني، فليس هناك مؤتمر حزب يحترم نفسه لا ينتج لوائح سياسية تخص اللحظة القائمة في تونس وتطرح بوضوح نظرته للسلطة السياسية ونظرته للواقع بتناقضاته ويطرح البدائل النضالية لذلك.

هناك تحد في المهام المباشرة التي سينطلق في العمل عليها الحزب وتهم التحالفات التي سبق وتحدثت عنها، ملف الاجندا السياسية للواقع الذي يحمل ملامح الانغلاق السياسي وغيوم الممارسة الميالة للاستبداد. وبالتالي سيكون للحزب اجندا للنضال وللمحطات النضالية التي سيخوضها.

والتحدي الثالث هو تحد تنظيمي، يهدف إلى تعزيز نوعية الأداء داخل الحزب وداخل هياكله وطرح مستقبل الحزب نفسه، وطريقة تنظيمه وتعاطيه مع مناضليه وطريقة إدارته لخلافاته، حتى لا يسقط من جديد في سابق الأخطاء التي وقع فيها. واعتقد أن هذه التحديات الثلاثة إذا اشتغل عليها المؤتمر بجدية ستكون علامة من علامات نجاحه.

• حسب ما يتم تناقله من أخبار حول الترشحات لن يحمل المؤتمر الثاني للحزب تغييرا كبيرا أو تجديدا في علاقة بالقيادة الحزبية الحالية؟

-خلال انتخابات المؤتمر الأول السابق تقريبا 90% من التركيبة كانت جديدة ولم تقد الحزب خلال فترته الانتقالية أو التأسيسية، لجنة مركزية جديدة، وهذا ميلنا في علاقة بالحزب، لكن دون تعسف على الواقع من يرى في نفسه القدرة على المواصلة.. نقر انه واقع يحتاج إلى تجديد في الوجوه ونقر أن الواقع لا يحتمل تأبيد الأفراد وهو أمر محل استنفار وامتعاض من الأجيال الجديدة ويرفضه العمل السياسي وفكرة تكريس التداول على السلطة وتكسير ثقافة الفرد المنقذ والطائفة المنقذة.

تقديم الترشحات متواصل وما يمكن أن أؤكده هو تواجد ميل عام في المؤتمر لتجديد كبير داخل هياكل الحزب ومكتبه السياسي ومستوى اللجنة المركزية. التي ستختار الأمين العام ويمكن أن يتم التوجه نحو التجديد للرفيق زياد لخضر أو يتم التجديد في منصب الأمانة العامة.

• هل يطرح أيمن العلوي نفسه كقيادة أولى في الحزب ومنصب الأمين العام؟

-ليس لي رغبة في ذلك ولا أحبذ أن أكون رقم واحد في الحزب، في مساري السياسي داخل الحزب كنت اطرح نفسي في المواقع التي أرى أني قادر على التواجد فيها، انضبط على الدوام لقرار الغالبية، أنا مناضل داخل الحزب في مشروعه، وأنا لا اطرح نفسي للأمانة العامة لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد.

• في الخلاف الذي كان بين شقي الحزب المختلفين برز وطفا أساسا، حجم كل منهما فأيهما كان قادرا في خياراته وخطه على استمالة مناضلي الحزب أكثر من غيره؟

-قبل أن أجيب على السؤال بالتفصيل أريد الإشارة إلى أن مسالة الأحجام في السياسة، هي مسالة ظرفية جدا ولا أدل على ذلك ما وقع خلال العشرية السابقة للأحزاب التي كانت تطرح نفسها على أنها أحزاب جماهرية، على غرار حزب المؤتمر من اجل الجمهورية أين ذلك الحزب وحزب التكتل وحتى حزب النهضة وما كان يعتبر التنظيم الأعتى في تونس انظري إلى قدراته التعبوية كيف أصبحت.. إذن فهي مسالة لا يعتد بها، ونحن في حزب نحمل فكرة ومشروعا ونريد أن تصبح تلك الفكرة والمشروع جماهرية وليس الحزب، ولو أنه لدينا هدف هو أن يصبح طرح حزب الوطنيين الديمقراطيين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والمجتمعي، يكون متبن من غالبية المواطنين التونسيين.

ومن ناحية العدد ليس لي العدد الدقيق، ولكن ما أؤكده هو أن المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب وعموم المناضلين في الجهات حاسمين أمرهم لفائدة حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الوفي للخط الوطني الديمقراطي ضد ذلك السلوك الانشقاقي التصفوي الذي يأتيه منجي الرحوي ومجموعته وأدل على ذلك النتيجة التي كانت لمنجي الرحوي خلال المؤتمر الأول للحزب وصعد تقريبا الوحيد في المؤتمر بخياراته وتوجهاته، والعدد سيثبته الافتتاح وسيثبته المؤتمر.

وأنا شخصيا العديد ممن أراهم حول منجي الرحوي لا اعرفهم واستغرب ادعاءهم الانتماء لحزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد"، وهذا إشكال أخلاقي في العمل السياسي ونحن لا نريد أن نكرس داخل الحزب ثقافة الصيد بالكركارة وان تعتمد فيه على صداقاتك الشخصية أو على أفراد العائلة، ليصبحوا أعضاء داخل حزب، فشروط العضوية واضحة، واعتقد انه بالاعتماد على هذه المقاييس فان كفة الميزان ستميل لصالح حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد لأمينه العام الرفيق زياد لخضر.

• اختيار الطرفان الموعد نفسه لعقد مؤتمره فهل هذا يتنزل في إطار استعراض للقوة؟

-خروج منجي الرحوي، كان والحزب يعد للمؤتمر الثاني، وقبل أن يطرد من الحزب كان في لجنة الإعداد للمؤتمر. ويبدو انه اليوم دخل في ردود الفعل والسباق مع الحزب والدليل انه بمجرد علمه لموعد عقد الحزب اختار نفس التاريخ لما يسميه مؤتمره. له ذلك، نحن غادرنا منطق ردود الفعل، مجموعة منجي الرحوي حرة وتتحمل مسؤوليتها.

• ما هي القضايا ذات الأولية التي سيأخذها الحزب على عاتقه بعد المؤتمر؟

الأولوية الأولى للحزب، هي استعادة الحركة الاجتماعية اليسارية في تونس لبريقها، عبر إحداث توازن مع السلطة التي تستفرد اليوم بالسلطة السياسية.

هناك أزمة واختلال في موازين القوى، هناك سلطة بصدد تمرير خياراتها بشكل سريع ومنفرد دون أي كابح وهي مسالة خطيرة على المجتمع والفعل السياسي وخطيرة على الحقوق وعلى اقتصاد البلاد وبذلك من أولوياتها ستكون مسالة استنهاض مختلف القوى، الحركة الاحتجاجية والنقابية والحركة النسوية ومزيد الانخراط في معركة حرية الإعلام وحرية التعبير وحرية التنظم وحرية الفعل السياسي. وأنا اعتبر اليوم أن مجرد انجاز مؤتمر وذهاب الأحزاب في عقد مؤتمراتها هو حركة نضالية وفعل نضالي وسط خطاب وجو من الشعبوية المقيتة التي تريد قتل كل مظاهر التنظم السياسي والنقابي والجمعياتي والتي هي مكسب لم تعطيه لا سلطة ولا أجندات أجنبية، هو مكسب ثورة التونسيين والشباب الثائر ودماء الشهداء الزكية ومسار طويل للحركة الحقوقية في تونس. ومن واجبنا تأمينها والدفاع عنها. هذا فضلا عن القضايا التنظيمية والفكرية التي يروم حزبنا أن يكون مساهما في إنتاج أدب سياسي وفكر سياسي جديد للازمة التي يعيشها اليسار، نقدها ومراجعة الأفكار اليسارية لتكون ابنة عصرها بتغيرات اجتماعية واقتصادية بعيدا عن محاولات تمييعها والذهاب بها نحو اليمنية.

• ما هو موقف حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" من المحاكمات؟

-حسب اعتقادي هناك نوعين من المحاكمات، محاكمة حركة النهضة وقياداتها على جرائمها طوال العشرية السوداء، نحن حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" مع هذه المحاكمات. وخاصة في قضايا الاغتيال وفي قضايا الجهاز السري، التي بذلنا فيها جهدا كبيرت وهيئة الدفاع قدمت مجهودا جبارا لتبيان قرائن أن راشد الغنوشي وجزء من قيادات حركة النهضة متورطين في جرائم كبيرة متعلقة بأمن تونس والتسفير والتمويلات المشبوهة، ونحن ندعوا إلى التركيز في هذه المحاكمات، وليس مجرد محاسبة شكلية لأشخاص. وذلك أولا للخروج من مربع الإفلات من العقاب ثم حتى لا يتم السماح أي من كان أن يفعل ما فعلت حركة النهضة، فضلا على أن الصحفيين وعموم التونسيين والحقوقيين من حقهم معرفة كيف ارتكبت هذه الجرائم ولماذا ارتكبت.

وأن هناك تصفية حسابات سياسية على مستوى القضاء، فهذه شبهات موجودة، وصمت القضاء بدل إنارة الرأي العام هذه مسؤولية السلطة السياسية. مع العلم أني شخصيا اعتبر أن كل من تورط مع حركة النهضة أنا أجد حرجا كبيرا في الدفاع عنه. لذلك المسؤولية محمولة على الطرفين من تورط في الجرائم وعلى السلطة السياسية التي تغرق هذه القضايا في الضبابية والتعتيم الإعلامي والتوظيف القضائي.

• التهديدات التي تواجهها حرية التعبير؟

-اليوم الحلقة الكبرى التي أقدمت عليها السلطة الحالية هو التشريع لهذه التهديدات، عبر المرسوم 54، أين ثبت مخاوف كبيرة داخل نفوس الإعلاميين والصحفيين وأصحاب الرأي والمدونين، وكان عنوانا كبيرا مهددا لحرية الصحافة والإعلام. ونحن كحزب انحيازنا الكبير لحرية التعبير والرأي والصحافة التي هي أداة أساسية للرقابة، وانحيازنا لقيمة الحرية نفسها انحياز مطلق وغير مشروط وبياناتنا نددت بهذا القانون وكنا في مختلف التحركات التي نادت بسحبه. ونعتبر أن ضرب حرية الصحافة وحرية التعبير هي مسالة ميكانيكية، وهو البيان الذي تريد السلطة أن تصدره بأنها تريد تمرير توجهها السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الظلام. وهو ما يقع في كل المشاريع الاستبدادية، أين يتم فيها إطفاء كاشفات الضوء والتي هي حرية الصحافة وحرية التعبير والرأي. وهي مسالة يجب الحذر منها لأنها ستكون القوس الأخير الذي يغلق في علاقة بمكتسبات الحرية في البلاد.

• ماذا عن قضايا الهجرة ؟

-ايطاليا اليمينية اليوم كان لها الجميل، أن تكشف ماذا يرتب في البحر الأبيض المتوسط وماذا يرتب في بلادنا، فكل التصريحات الايطالية تدفع نحو مطلب وحيد وهي أن تتحول تونس إلى حارس وشرطي داخل البحر المتوسط ويردون أن تنخرط في هذا المشروع اللا إنساني والذي يضرب حرية التنقل والذي يصعد في منسوب الميولات العنصرية والتي تم نبشها مؤخرا. واليوم نضال الأحرار التونسيين، سياسيين وإعلاميين وجمعيات، يجب أن تتصدى إلى هذا المنحى الخطير فلسنا مستعدين لتحويل بلادنا إلى محتشد لتعذيب البشر وقمعهم في حقهم في التنقل مقابل هبات وطاعة لأجندات حكومات يمينية أوروبية عنصرية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أيمن العلوي القيادي في حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" لـ"الصباح":  القيادة الحالية لم تسط على اسم الحزب والخلافات الرفاقية لا يمكن إسقاطها في وحل التقاضي

 

- الأمين العام زياد لخضر ورفاقه في المكتب السياسي تركيبة منبثقة عن المؤتمر الأول للحزب

- لم يسجل تاريخ التيار الوطني الديمقراطي الذي امتد على 50 سنة، أن هناك مجموعة تكتب بشكل رسمي مواقف منحازة للسلطة السياسية وخياراتها

-في حال قررت السلطة السياسية أن تلعب لعبة النار وتفاضل بين الأحزاب السياسية حسب ولائها فذلك سيكون وساما على صدرنا

 - المؤتمر أمامه 3 تحديات، تنظيمي ومضموني ومسالة التحالفات القادمة

-أنا لا اطرح نفسي للأمانة العامة لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد

تونس- الصباح

المؤتمر الثاني لحزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" يأتي في سياق داخلي حزبي وسياق عام سياسي ذو خصوصية، فهو مؤتمر سيتزامن مع أشغال مؤتمر موازي لحزب منجي الرحوي الذي انشق منذ فترة ليست بالطويلة عنه وفي سياق عام يتسم بتراجع واضح لدور المعارضة والأحزاب السياسية خارج السلطة، بضرب واضح للحريات والحقوق. في هذا السياق الخاص والعام، كان لـ"الصباح" حوار مع القيادي في حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" أيمن العلوي، أين قدم تفاصيل تحالفاتهم المنتظرة وفرضيات إيجاد أرضية تلاقي مع المنشقين من عدمه، فضلا عن تحديات الحزب وأهدافه خلال الفترة القادمة ومواقف الحزب من عدد من القضايا الحقوقية التي أثارت جدلا، وفيما يلي نص الحوار.

أجرت الحوار : ريم سوودي

• كيف تقيمون كأحد الأطراف الانقسام الحاصل صلب حزب "الوطنيون الديمقراطيون"، مخلفات هذا التوجه في سياق عام يهدد تواجد الأحزاب ويرتكز على دعوى التجميع والوحدة؟

- الانقسام الذي شهده حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد له تاريخه ولم يطرأ كمستجد، لأن وجهات النظر كانت متباعدة بين غالبية المنحازين لخط الحزب، الخط الاجتماعي اليساري وفي معارضته للسلطة وللسلط القائمة في تونس وخياراتها السياسية، ومجموعة كانت لها مواقف وأراء غير ذلك. وبوادر الخلاف بدأت تنشأ منذ المؤتمر الأول للحزب في 2016 وتصاعد هذا الخلاف مع كل محطة تطرح فيها تحويرات وزارية أو طبيعة العلاقة مع السلطة القائمة، كان هناك مجموعة أبرز وجوهها منجي الرحوي، في 2016 مع يوسف الشاهد من اجل منصب وزاري واصدر آنذاك الحزب بيانا قال خلاله انه ليس ملزما بهذا الموقف، تواصل هذا السلوك واتخاذ مواقف مغايرة لمواقف الغالبية داخل الحزب ووصل الخلاف إلى مداه بعيد محطة 25 جويلية 2021 وتكثف تحديدا خلال المشاركة في الحوار الوطني الذي كان الحزب رافضا للمشاركة فيه. وعلى ذلك الأساس تمت القطيعة مع منجي الرحوي ومجموعته التي لم تنضبط لقرار الحزب.

وبمغادرة هذه المجموعة للحزب، نواصل العمل وعملية الفرز السياسي والانحياز للمواقف التي تأسس عليها الحزب ونحن نتجه اليوم إلى مؤتمرنا الثاني يومي 29 و30 افريل الجاري الذي سيكون مناسبة لإصدار مضامين تحين خطه السياسي وتثبيته وتقدم وثائق سياسية تبين وجهة نظر الحزب من الواقع السياسي التونسي وما يطرحه من مهام نضالية وما يطرحه من قضايا فكرية وسياسية تخص الواقع التونسي.

• الخلاف بين الشقين أو الطرفين عندما طفا على السطح كان في شكل عدائي أثر بشكل واضح على الطرف السياسي الوطني الديمقراطي؟

-عدائي، هذا أمر مردود على أصحابه، فنحن داخل الحزب لم نمارس أي سلوك عدائي شخصي أو عاطفي، نحن نعتبر أنفسنا مارسنا سلوكا سياسيا حازما تقتضيه الأوضاع السياسية داخل الحزب، ويقتضيه الحد الأدنى من العمل المنظم لان الحزب ينبني على التقاء ذوات حرة قائمة على الانسجام في الممارسة السياسية والموقف السياسي، ندير الخلافات عندما تكون قابلة للإدارة وهذا ما صبرنا عليه تمسكا بوحدة الحزب ووفائنا للمعاناة التي واجهها المناضلون داخل الحزب ولشهيد الحزب شكري بلعيد. وعندما وصل الأمر إلى تناقض سياسي واليوم بمتابعة مواقف حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" ومواقف مجموعة منجي الرحوي والتي تصدر في بيانات، لم يسجل تاريخ التيار الوطني الديمقراطي الذي امتد على 50 سنة، أن هناك مجموعة تكتب بشكل رسمي مواقف منحازة للسلطة السياسية وخياراتها، ربما كان هناك أفراد من هذا التيار ذهبوا إلى السلطة وتولوا مناصب وكانت لهم أفكار مختلفة عنه أما أن تكون هناك مجموعة سياسية تصدر بيانات بمواقف توالي السلطة السياسية وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية المناقضة تماما لما يطرحه الحزب هذا أمر عجيب ومستحدث في تيار الديمقراطيين الوطنيين وخيرنا الانقسام. ربما كان لذلك الانقسام ثمنا موجعا على المستوى التنظيمي ولم يكن بالقرار المريح، لكن في موازنتنا بين ثمن الحفاظ على استقلالية الحزب والخط السياسي للحزب والانقسام اخترنا الخيار الأول. فالعمل السياسي كما هو فعل مناضل في الحاضر هو تسجيل موقف في التاريخ وفي وفائنا لمبادئنا ولهذا التيار الذي آخر ما قدمه الشهيد شكري بلعيد لكنه قدم سابقا الشهداء فتحي فلاح وحمادي زلوز والفاضل ساسي وكمال السبعي، في مناهضة السلطة الرجعية في تونس ومناهضة قمعها وسياساتها النيوليبرالية.. وقيادة الحزب مؤتمنة على أن لا تخونه في هذه المرحلة من تاريخ تونس.

• مستوى قرب شق منجي الرحوي من السلطة وتبنيه لتوجهاتها ودفاعه عن قراراتها يجعله أكثر حظوة ويرجح أنه بعد المؤتمرين المنتظرين اللذين سيتم عقدهما في التاريخ نفسه أن يقع الاعتراف به على حساب حزبكم.. ما هو موقفكم من ذلك وكيف ستتعاملون مع هذا الطرح؟

-في الحقيقة هذا السؤال طرح علينا في أكثر من مناسبة وتعلق بالواجهة أو بالجانب القانوني لهذا الخلاف، وكان قرارنا داخل حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد"، بان الخلافات الرفاقية والخلافات النضالية لا يمكن إسقاطها في وحل التقاضي، نحن نؤكد على أن الخلاف الحاصل هو خلاف سياسي خرج إلى العلن، نتطارح أفكارنا ونتطارح مواقفنا أمام مناضلي الوطنيين الديمقراطيين وعلى الملإ وأمام الإعلام وفي المساحة اليسارية وأمام المواطنين التونسيين، لأننا نعتبر أن هذا الخلاف سيكون خلافا خلاقا وسيضع كل طرف أمام مسؤولية مواقفه ومسؤوليته التاريخية. وفي حال قررت السلطة السياسية أن تلعب، لعبة النار في التورط في اختراق الأحزاب السياسية والمفاضلة بينها حسب ولائها، فذلك سيكون وساما على صدرنا ومسالة لن تقلقنا البتة لأن موقفنا واضح ضد هذه السلطة وضد خيارتها وليس لدينا النية مطلقا للتقرب لها أو التنازل على مواقفنا مقابل مكتسبات إجرائية بسيطة.

• ألن تكون هذه الخطوة مهددة لتواجدكم الحزبي السياسي ومشروعيتكم القانونية وتجبركم على تغيير تسمية الحزب؟

-نحن نعتبر على المستوى القانوني الصرف، المسالة محسومة، فالقيادة الحالية لم تقم بالسطو على اسم الحزب والأمين العام زياد لخضر ورفاقه في المكتب السياسي واللجنة المركزية الهيكل القيادي الأول للحزب، جميعها منبثقة عن المؤتمر الأول للحزب والذي دارت أحداثه في ظروف عادية قانونية تنضبط للقانون المنظم للأحزاب. ونحن نعقد اليوم المؤتمر الثاني بتأخير نسبي وهو أمر عادي في الساحة السياسية وفي الظروف التي مرت بها البلاد، ولا نرى إن هناك مأزق أو إشكال قانوني بالنسبة لنا، إلا في صورة ما أرادت السلطة أن تكون طرفا في هذا الصراع.

• ما هي إمكانيات التقارب أو الصلح بينكم وبين الطرف الآخر المختلف عنكم والعودة إلى توحيد حزب الوطنيين الديمقراطيين؟

 -التقارب أو التصالح على المستوى الذاتي، فأريد التوضيح أننا لا نطرح المسالة ابعد من هذا، فنحن في خلاف سياسي، وعلى الأرجح هو خلاف تفسده الجوانب العاطفية الذاتية، عشنا محطات كثيرة وتابعتم كإعلاميين خروج أفراد من هذه المجموعة مارسوا بشكل فردي لا يحترم القرار الجماعي ولا يحترم أسس الخط السياسي، وكانت الضاغطة علينا باستمرار هو الحفاظ على وحدة الحزب والرفاقية والعلاقات الإنسانية وحرج حزب اغتيل أمينه العام ومسؤولية الحفاظ على دمه وعلى هذا الحزب الوليد، لكن إذا أصبح الثمن ميوعة خط الحزب وضرب أسسه وهويته التاريخية والفكرية يصبح الخيار حتى وان كان صعبا، هو الحسم السياسي والفكري والتنظيمي.

• وما هو برنامجكم في علاقة بالتقارب مع بقية مكونات العائلة اليسارية وتحقيق حلم الشهيد شكري بلعيد بتكوين الحزب اليساري الكبير؟

-مسالة العائلة السياسية اليوم أصبح يشوبها غموض وضبابية كبيرة، فعتاة الخيارات الليبرالية اليوم يفصحون شفاهيا عن تبنيهم لأطروحات يسارية في لحظات الأزمات الاجتماعية الكبرى.

وبخصوص وجهة نظرنا في التحالفات الجديدة، نريد أن تغادر المنطق الكلاسيكي، نتحالف على أساس المهام النضالية المطروحة، هناك اليوم في تونس مأزق اجتماعي ومأزق سياسية ومأزق في الدفاع على الحريات والتنظم والتصدي لإملاءات صندوق النقد الدولي وتجويع التونسيين، تحديات في الحركة النقابية وتحديات في الحركة النسوية وفي الحركة الطلابية، واعتقد أن تقارباتنا وتحالفاتنا، ستكون بمرونة وديناميكية أن نلتقي على أساس المهام النضالية الواضحة التي يمكن أن تسهل العمل أكثر منه تحالفات كلاسيكية سبق وأن سجلت في الفترات السابقة والتي كشفت الأيام أنها تحالفات هشة لم تبن على أسس نضالية صلبة.

والحزب اليوم يذهب إلى المؤتمر بتصور جديد للنضال، فالنضال الاجتماعي والنضال الحقوقي أصبح متفرعا، هناك مناضلين في القضية البيئية التي تعتبر من أهم القضايا ولها بعد وجذور يسارية، هناك منظمات وجمعيات وحركات ومناضلات في القضية النسوية من وجهة نظرها التقدمية والحاملة على لوائها التصدي لاضطهاد المرأة وتفقيرها، الحركة الاجتماعية المتنوعة في نضالها على مستوى المعطلين عن العمل والفلاحين الفقراء.. كل هذا الشتات يرى الحزب انه أن الأوان لتجميعه وتحويله إلى قوة مناضلة تكبح جماح الخيارات اليمينية والنيوليبرالية في تونس والعربدة البوليسية والتوجه نحو قمع الشباب في الأحياء الشعبية وملاعب الرياضة، وحرية التعبير وكل الناشطين، من صحفيين ومدونين وأصحاب رأي.. كلها قضايا عملية النضال المجزأة ضدها تفقدها النجاعة وتمنعها من تحقيق أهداف كبيرة. وتناولها في عمق تنظيمي.. ونحن نطرح أنفسنا في إطار هذه الديناميكية وفاء لانحياز الحزب إلى خيارات غالبية التونسيين بقضاياه الديمقراطية التقدمية.

• ما هي التحديات التي تعتبرونها كحزب وكمناضلين مطروحة اليوم أمامكم في ظل التغيرات السياسية الحاصلة؟

-المؤتمر أمامه 3 تحديات، تحد أول مضموني، فليس هناك مؤتمر حزب يحترم نفسه لا ينتج لوائح سياسية تخص اللحظة القائمة في تونس وتطرح بوضوح نظرته للسلطة السياسية ونظرته للواقع بتناقضاته ويطرح البدائل النضالية لذلك.

هناك تحد في المهام المباشرة التي سينطلق في العمل عليها الحزب وتهم التحالفات التي سبق وتحدثت عنها، ملف الاجندا السياسية للواقع الذي يحمل ملامح الانغلاق السياسي وغيوم الممارسة الميالة للاستبداد. وبالتالي سيكون للحزب اجندا للنضال وللمحطات النضالية التي سيخوضها.

والتحدي الثالث هو تحد تنظيمي، يهدف إلى تعزيز نوعية الأداء داخل الحزب وداخل هياكله وطرح مستقبل الحزب نفسه، وطريقة تنظيمه وتعاطيه مع مناضليه وطريقة إدارته لخلافاته، حتى لا يسقط من جديد في سابق الأخطاء التي وقع فيها. واعتقد أن هذه التحديات الثلاثة إذا اشتغل عليها المؤتمر بجدية ستكون علامة من علامات نجاحه.

• حسب ما يتم تناقله من أخبار حول الترشحات لن يحمل المؤتمر الثاني للحزب تغييرا كبيرا أو تجديدا في علاقة بالقيادة الحزبية الحالية؟

-خلال انتخابات المؤتمر الأول السابق تقريبا 90% من التركيبة كانت جديدة ولم تقد الحزب خلال فترته الانتقالية أو التأسيسية، لجنة مركزية جديدة، وهذا ميلنا في علاقة بالحزب، لكن دون تعسف على الواقع من يرى في نفسه القدرة على المواصلة.. نقر انه واقع يحتاج إلى تجديد في الوجوه ونقر أن الواقع لا يحتمل تأبيد الأفراد وهو أمر محل استنفار وامتعاض من الأجيال الجديدة ويرفضه العمل السياسي وفكرة تكريس التداول على السلطة وتكسير ثقافة الفرد المنقذ والطائفة المنقذة.

تقديم الترشحات متواصل وما يمكن أن أؤكده هو تواجد ميل عام في المؤتمر لتجديد كبير داخل هياكل الحزب ومكتبه السياسي ومستوى اللجنة المركزية. التي ستختار الأمين العام ويمكن أن يتم التوجه نحو التجديد للرفيق زياد لخضر أو يتم التجديد في منصب الأمانة العامة.

• هل يطرح أيمن العلوي نفسه كقيادة أولى في الحزب ومنصب الأمين العام؟

-ليس لي رغبة في ذلك ولا أحبذ أن أكون رقم واحد في الحزب، في مساري السياسي داخل الحزب كنت اطرح نفسي في المواقع التي أرى أني قادر على التواجد فيها، انضبط على الدوام لقرار الغالبية، أنا مناضل داخل الحزب في مشروعه، وأنا لا اطرح نفسي للأمانة العامة لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد.

• في الخلاف الذي كان بين شقي الحزب المختلفين برز وطفا أساسا، حجم كل منهما فأيهما كان قادرا في خياراته وخطه على استمالة مناضلي الحزب أكثر من غيره؟

-قبل أن أجيب على السؤال بالتفصيل أريد الإشارة إلى أن مسالة الأحجام في السياسة، هي مسالة ظرفية جدا ولا أدل على ذلك ما وقع خلال العشرية السابقة للأحزاب التي كانت تطرح نفسها على أنها أحزاب جماهرية، على غرار حزب المؤتمر من اجل الجمهورية أين ذلك الحزب وحزب التكتل وحتى حزب النهضة وما كان يعتبر التنظيم الأعتى في تونس انظري إلى قدراته التعبوية كيف أصبحت.. إذن فهي مسالة لا يعتد بها، ونحن في حزب نحمل فكرة ومشروعا ونريد أن تصبح تلك الفكرة والمشروع جماهرية وليس الحزب، ولو أنه لدينا هدف هو أن يصبح طرح حزب الوطنيين الديمقراطيين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والمجتمعي، يكون متبن من غالبية المواطنين التونسيين.

ومن ناحية العدد ليس لي العدد الدقيق، ولكن ما أؤكده هو أن المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب وعموم المناضلين في الجهات حاسمين أمرهم لفائدة حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الوفي للخط الوطني الديمقراطي ضد ذلك السلوك الانشقاقي التصفوي الذي يأتيه منجي الرحوي ومجموعته وأدل على ذلك النتيجة التي كانت لمنجي الرحوي خلال المؤتمر الأول للحزب وصعد تقريبا الوحيد في المؤتمر بخياراته وتوجهاته، والعدد سيثبته الافتتاح وسيثبته المؤتمر.

وأنا شخصيا العديد ممن أراهم حول منجي الرحوي لا اعرفهم واستغرب ادعاءهم الانتماء لحزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد"، وهذا إشكال أخلاقي في العمل السياسي ونحن لا نريد أن نكرس داخل الحزب ثقافة الصيد بالكركارة وان تعتمد فيه على صداقاتك الشخصية أو على أفراد العائلة، ليصبحوا أعضاء داخل حزب، فشروط العضوية واضحة، واعتقد انه بالاعتماد على هذه المقاييس فان كفة الميزان ستميل لصالح حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد لأمينه العام الرفيق زياد لخضر.

• اختيار الطرفان الموعد نفسه لعقد مؤتمره فهل هذا يتنزل في إطار استعراض للقوة؟

-خروج منجي الرحوي، كان والحزب يعد للمؤتمر الثاني، وقبل أن يطرد من الحزب كان في لجنة الإعداد للمؤتمر. ويبدو انه اليوم دخل في ردود الفعل والسباق مع الحزب والدليل انه بمجرد علمه لموعد عقد الحزب اختار نفس التاريخ لما يسميه مؤتمره. له ذلك، نحن غادرنا منطق ردود الفعل، مجموعة منجي الرحوي حرة وتتحمل مسؤوليتها.

• ما هي القضايا ذات الأولية التي سيأخذها الحزب على عاتقه بعد المؤتمر؟

الأولوية الأولى للحزب، هي استعادة الحركة الاجتماعية اليسارية في تونس لبريقها، عبر إحداث توازن مع السلطة التي تستفرد اليوم بالسلطة السياسية.

هناك أزمة واختلال في موازين القوى، هناك سلطة بصدد تمرير خياراتها بشكل سريع ومنفرد دون أي كابح وهي مسالة خطيرة على المجتمع والفعل السياسي وخطيرة على الحقوق وعلى اقتصاد البلاد وبذلك من أولوياتها ستكون مسالة استنهاض مختلف القوى، الحركة الاحتجاجية والنقابية والحركة النسوية ومزيد الانخراط في معركة حرية الإعلام وحرية التعبير وحرية التنظم وحرية الفعل السياسي. وأنا اعتبر اليوم أن مجرد انجاز مؤتمر وذهاب الأحزاب في عقد مؤتمراتها هو حركة نضالية وفعل نضالي وسط خطاب وجو من الشعبوية المقيتة التي تريد قتل كل مظاهر التنظم السياسي والنقابي والجمعياتي والتي هي مكسب لم تعطيه لا سلطة ولا أجندات أجنبية، هو مكسب ثورة التونسيين والشباب الثائر ودماء الشهداء الزكية ومسار طويل للحركة الحقوقية في تونس. ومن واجبنا تأمينها والدفاع عنها. هذا فضلا عن القضايا التنظيمية والفكرية التي يروم حزبنا أن يكون مساهما في إنتاج أدب سياسي وفكر سياسي جديد للازمة التي يعيشها اليسار، نقدها ومراجعة الأفكار اليسارية لتكون ابنة عصرها بتغيرات اجتماعية واقتصادية بعيدا عن محاولات تمييعها والذهاب بها نحو اليمنية.

• ما هو موقف حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" من المحاكمات؟

-حسب اعتقادي هناك نوعين من المحاكمات، محاكمة حركة النهضة وقياداتها على جرائمها طوال العشرية السوداء، نحن حزب "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" مع هذه المحاكمات. وخاصة في قضايا الاغتيال وفي قضايا الجهاز السري، التي بذلنا فيها جهدا كبيرت وهيئة الدفاع قدمت مجهودا جبارا لتبيان قرائن أن راشد الغنوشي وجزء من قيادات حركة النهضة متورطين في جرائم كبيرة متعلقة بأمن تونس والتسفير والتمويلات المشبوهة، ونحن ندعوا إلى التركيز في هذه المحاكمات، وليس مجرد محاسبة شكلية لأشخاص. وذلك أولا للخروج من مربع الإفلات من العقاب ثم حتى لا يتم السماح أي من كان أن يفعل ما فعلت حركة النهضة، فضلا على أن الصحفيين وعموم التونسيين والحقوقيين من حقهم معرفة كيف ارتكبت هذه الجرائم ولماذا ارتكبت.

وأن هناك تصفية حسابات سياسية على مستوى القضاء، فهذه شبهات موجودة، وصمت القضاء بدل إنارة الرأي العام هذه مسؤولية السلطة السياسية. مع العلم أني شخصيا اعتبر أن كل من تورط مع حركة النهضة أنا أجد حرجا كبيرا في الدفاع عنه. لذلك المسؤولية محمولة على الطرفين من تورط في الجرائم وعلى السلطة السياسية التي تغرق هذه القضايا في الضبابية والتعتيم الإعلامي والتوظيف القضائي.

• التهديدات التي تواجهها حرية التعبير؟

-اليوم الحلقة الكبرى التي أقدمت عليها السلطة الحالية هو التشريع لهذه التهديدات، عبر المرسوم 54، أين ثبت مخاوف كبيرة داخل نفوس الإعلاميين والصحفيين وأصحاب الرأي والمدونين، وكان عنوانا كبيرا مهددا لحرية الصحافة والإعلام. ونحن كحزب انحيازنا الكبير لحرية التعبير والرأي والصحافة التي هي أداة أساسية للرقابة، وانحيازنا لقيمة الحرية نفسها انحياز مطلق وغير مشروط وبياناتنا نددت بهذا القانون وكنا في مختلف التحركات التي نادت بسحبه. ونعتبر أن ضرب حرية الصحافة وحرية التعبير هي مسالة ميكانيكية، وهو البيان الذي تريد السلطة أن تصدره بأنها تريد تمرير توجهها السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الظلام. وهو ما يقع في كل المشاريع الاستبدادية، أين يتم فيها إطفاء كاشفات الضوء والتي هي حرية الصحافة وحرية التعبير والرأي. وهي مسالة يجب الحذر منها لأنها ستكون القوس الأخير الذي يغلق في علاقة بمكتسبات الحرية في البلاد.

• ماذا عن قضايا الهجرة ؟

-ايطاليا اليمينية اليوم كان لها الجميل، أن تكشف ماذا يرتب في البحر الأبيض المتوسط وماذا يرتب في بلادنا، فكل التصريحات الايطالية تدفع نحو مطلب وحيد وهي أن تتحول تونس إلى حارس وشرطي داخل البحر المتوسط ويردون أن تنخرط في هذا المشروع اللا إنساني والذي يضرب حرية التنقل والذي يصعد في منسوب الميولات العنصرية والتي تم نبشها مؤخرا. واليوم نضال الأحرار التونسيين، سياسيين وإعلاميين وجمعيات، يجب أن تتصدى إلى هذا المنحى الخطير فلسنا مستعدين لتحويل بلادنا إلى محتشد لتعذيب البشر وقمعهم في حقهم في التنقل مقابل هبات وطاعة لأجندات حكومات يمينية أوروبية عنصرية.