إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. مصطفى بن جعفر !.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

    خيبة الأمل هي شعور بعدم الرضا لأن شخصًا ما أو شيئا ما لم يرق إلى مستوى آمالنا أو توقعاتنا.

   عندما نكون غير سعداء لأن آمالنا وتوقعاتنا لم تتحقق، فإننا نشعر بالحزن أو خيبة الأمل.

    لن يكون هناك نقص في التجارب والأمثلة لتوضيح هذه الفكرة القائلة بأن السياسة بطبيعتها مخيّبة لآمال الكثيرين منا .

   ضمنها تولد حتما حالات فشل وعجز وخيبة أمل، خاصة عندما تهدف إلى تغيير حالة الأشياء القائمة. عندها ستكون هناك مأساة في السياسة، أي استحالة تقليص الفجوة بين المثالي والواقع على الرغم من أنها لا تستطيع الاستغناء عن توقع ما ليس بعد في شكل مشروع .

   عندئذٍ ستكون الهزيمة هي المظهر الحتمي لهذا التشويه بين التوقع المتحمس للتغيير والموافقة على نتيجة أقل بكثير دائمًا مما كان مأمولا .

   وبما أن السياسة هي شأن جماعي، يمكن لكل منا عندئذ أن ينسب مسؤولية الفشل إلى أولئك الذين لديهم السلطة، والذين يتخذون القرارات، أو "السياسيون" المسؤولون أو حتى النخب التي بقيت معزولة عن الشعب .

    من هنا يتأتى الشعور بالخيانة الذي يؤدي إلى الامتناع والغضب والاستسلام والرغبة في الانسحاب لكي لا نقول نهاية حياة سياسية ..

    تُحسب له في مسيرة السنوات الأخيرة، ثلاثة من اخطر المحطات المواقف، تمايز فيها هو بالذات شخصيا عن بقية رموز النخب السياسية لما بعد 14 جانفي، وهي التالية:

 - كان أول من انتصر لفكرة القطيعة والإقصاء مع رموز النظام السابق بعد استقالته من منصب وزير الصحة ضمن حكومة وحدة وطنية برئاسة محمد الغنوشي اعتراضا على وجود وزراء من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي.

 - أكثر من دافع عن تحالفه مع حركة النهضة والالتقاء معها في ما يسمى بحكومة "الترويكا" رغم خلفيته اليسارية الاشتراكية، وبرر ذلك بمصلحة تونس وتجاوز مرحلة من أصعب المراحل التاريخية في البلاد.

 - مبالغته في وصف دستور 2014 بأنه "أحسن دستور في العالم" الأمر الذي خالفه فيه تماما صانعه ومؤسّسه الأستاذ عياض بن عاشور مقرّا في حوار صحفي تاريخي مع مجلة "جون أفريك" بضعفه، بل إن الأستاذ أمين محفوظ اتجه إلى أبعد من ذلك بالقول انَه كان دستور "النهضة".

 رغم كلّ هذه التضحيات والتنازلات التي ما فتئ يقدّمها مصطفى بن جعفر فانّه لم يلاق ما كان يأمل ويطمح إليه بالصعود إلى كرسي حكم الدولة، ففي اللحظة الحاسمة وعندما تمّ تطارح الأمر في جلسة سرية جمعت رؤوس تحالف الحكم "الترويكا" لاقتسام "كعكة تونس" حسم من بيده الأمر رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي المسالة لصالح رئيس حزب المؤتمر منصف المرزوقي ليكون أول رئيس للبلاد بعد سقوط النظام السابق .

لم يثبت رئيس المجلس التأسيسي السابق على هيكل سياسي واحد انتمى وارتبط به، من "الحزب الاشتراكي الدستوري" فترة شبابه، إلى المشاركة مع احمد المستيري وآخرين في تأسيس "حركة الديمقراطيين الاشتراكيين"، لينسحب منها بعد خلاف مع ذلك المناضل الوطني محمد مواعدة ليتجه إلى فضاء سياسي يؤسّس له "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات "...

 توارى فجأة مصطفى بن جعفر عن المشهد السياسي، دون أن يمهّد لذلك أو يصرح عن رغبته في التقاعد، كأنه إعلان فشل رؤية وطرح ونهاية تجربة مريرة.

    بان واضحا أن الخطأ في البرمجيات التي تمّ وضعها برغبة إضفاء طابع شخصي على سياسات لم تنتج إلا أوهام وأضغاث أحلام، مع تعزيزات كبيرة لاحتكار السلطة بموقف مقابل سلبية المواطنين ليتوقّفوا عند حقيقة مرّة في أن الشأن العام نشاط حكر لا يخص إلا من يصادر أحلامهم.

 

 

 

حكاياتهم .. مصطفى بن جعفر !.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

    خيبة الأمل هي شعور بعدم الرضا لأن شخصًا ما أو شيئا ما لم يرق إلى مستوى آمالنا أو توقعاتنا.

   عندما نكون غير سعداء لأن آمالنا وتوقعاتنا لم تتحقق، فإننا نشعر بالحزن أو خيبة الأمل.

    لن يكون هناك نقص في التجارب والأمثلة لتوضيح هذه الفكرة القائلة بأن السياسة بطبيعتها مخيّبة لآمال الكثيرين منا .

   ضمنها تولد حتما حالات فشل وعجز وخيبة أمل، خاصة عندما تهدف إلى تغيير حالة الأشياء القائمة. عندها ستكون هناك مأساة في السياسة، أي استحالة تقليص الفجوة بين المثالي والواقع على الرغم من أنها لا تستطيع الاستغناء عن توقع ما ليس بعد في شكل مشروع .

   عندئذٍ ستكون الهزيمة هي المظهر الحتمي لهذا التشويه بين التوقع المتحمس للتغيير والموافقة على نتيجة أقل بكثير دائمًا مما كان مأمولا .

   وبما أن السياسة هي شأن جماعي، يمكن لكل منا عندئذ أن ينسب مسؤولية الفشل إلى أولئك الذين لديهم السلطة، والذين يتخذون القرارات، أو "السياسيون" المسؤولون أو حتى النخب التي بقيت معزولة عن الشعب .

    من هنا يتأتى الشعور بالخيانة الذي يؤدي إلى الامتناع والغضب والاستسلام والرغبة في الانسحاب لكي لا نقول نهاية حياة سياسية ..

    تُحسب له في مسيرة السنوات الأخيرة، ثلاثة من اخطر المحطات المواقف، تمايز فيها هو بالذات شخصيا عن بقية رموز النخب السياسية لما بعد 14 جانفي، وهي التالية:

 - كان أول من انتصر لفكرة القطيعة والإقصاء مع رموز النظام السابق بعد استقالته من منصب وزير الصحة ضمن حكومة وحدة وطنية برئاسة محمد الغنوشي اعتراضا على وجود وزراء من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي.

 - أكثر من دافع عن تحالفه مع حركة النهضة والالتقاء معها في ما يسمى بحكومة "الترويكا" رغم خلفيته اليسارية الاشتراكية، وبرر ذلك بمصلحة تونس وتجاوز مرحلة من أصعب المراحل التاريخية في البلاد.

 - مبالغته في وصف دستور 2014 بأنه "أحسن دستور في العالم" الأمر الذي خالفه فيه تماما صانعه ومؤسّسه الأستاذ عياض بن عاشور مقرّا في حوار صحفي تاريخي مع مجلة "جون أفريك" بضعفه، بل إن الأستاذ أمين محفوظ اتجه إلى أبعد من ذلك بالقول انَه كان دستور "النهضة".

 رغم كلّ هذه التضحيات والتنازلات التي ما فتئ يقدّمها مصطفى بن جعفر فانّه لم يلاق ما كان يأمل ويطمح إليه بالصعود إلى كرسي حكم الدولة، ففي اللحظة الحاسمة وعندما تمّ تطارح الأمر في جلسة سرية جمعت رؤوس تحالف الحكم "الترويكا" لاقتسام "كعكة تونس" حسم من بيده الأمر رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي المسالة لصالح رئيس حزب المؤتمر منصف المرزوقي ليكون أول رئيس للبلاد بعد سقوط النظام السابق .

لم يثبت رئيس المجلس التأسيسي السابق على هيكل سياسي واحد انتمى وارتبط به، من "الحزب الاشتراكي الدستوري" فترة شبابه، إلى المشاركة مع احمد المستيري وآخرين في تأسيس "حركة الديمقراطيين الاشتراكيين"، لينسحب منها بعد خلاف مع ذلك المناضل الوطني محمد مواعدة ليتجه إلى فضاء سياسي يؤسّس له "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات "...

 توارى فجأة مصطفى بن جعفر عن المشهد السياسي، دون أن يمهّد لذلك أو يصرح عن رغبته في التقاعد، كأنه إعلان فشل رؤية وطرح ونهاية تجربة مريرة.

    بان واضحا أن الخطأ في البرمجيات التي تمّ وضعها برغبة إضفاء طابع شخصي على سياسات لم تنتج إلا أوهام وأضغاث أحلام، مع تعزيزات كبيرة لاحتكار السلطة بموقف مقابل سلبية المواطنين ليتوقّفوا عند حقيقة مرّة في أن الشأن العام نشاط حكر لا يخص إلا من يصادر أحلامهم.