إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ورقة اقتصادية | صادراتنا تتعافى ولكن ...

 

تونس-الصباح

كشفت الأرقام الرسمية للمعهد الوطني للإحصاء مؤخرا تحسنا ملحوظا للصادرات التونسية بعد قفزها إلى أكثر من 15 مليار دينار، محققة فائضا مع أوروبا خلال الربع الأول من العام الجاري، مما حسن في نسق الميزان التجاري لتونس، والفضل يعود بالأساس الى زيادة الصادرات بقطاعات الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس والجلود، هذه القطاعات التي تأثرت بشكل درامي زمن الأزمة الوبائية وصل بها الأمر الى غلق الآلاف من المعامل والمصانع التابعة لها وأحالت الكثير من عمالها على البطالة..

وبالرغم من مجهودات الحكومات المتعاقبة لتخفيف الضغوطات المالية عن هذه القطاعات، إلا أنها لم تحتو حجم الأزمة التي حلت بها آنذاك، وبعودتها اليوم لتسجل أرقاما إيجابية ساهمت في التقليص من حجم العجز الحاصل بالميزان التجاري، له العديد من المبررات أهمها أن هذه القطاعات استطاعت أن تعول على نفسها لتجاوز الصعوبات التي مرت بها لأكثر من ثلاث سنوات، فضلا عن صمود الصناعة التونسية التي مازالت تحظى بثقة الأسواق الخارجية ..

لكن هذا التعافي وكل المبررات المرتبطة به لا يمكن أن يحجب حقيقة معاناة هذه القطاعات ذات القيمة المضافة خاصة في ما يتعلق بأهميتها في توفير العملة الصعبة، وهي التي مازالت تشكو من عقبات هيكلية ولوجستية، أبرزها على مستوى النقل الجوي والبري وتأمين وتمويل الصادرات وتباطؤ الإجراءات الديوانية وغياب التنافسية الحقيقية، باعتبارها أسبابا مباشرة تؤثر سلبا على قدرات تونس التصديرية وبالتالي ضعف تواجدها في الأسواق الخارجية الواعدة..

كذلك لا يمكن للدولة اليوم، على أهمية تعافي قطاع التصدير، أن تتغافل عن قطاع التوريد باعتباره أبرز أسباب اختلال كل التوازنات المالية للبلاد، والسيطرة عليه والحد من نزيف التوريد العشوائي، ليرتفع القطاع بنسبة 5.5٪ خلال الربع الأول من السنة الجارية ويصل إلى 19.4 مليار دينار بسبب الارتفاع المتزايد لواردات البلاد من الطاقة في ظل تباطؤ إنتاج الفسفاط..

ولئن كانت قطاعات التصدير قد عولت على نفسها بنسبة اكبر من تدخل الدولة في الآونة الأخيرة، حتى تتعافى وتحقق أرقاما ايجابية، فمن الأجدر أن تهتم الدولة بالمقابل بقطاع التوريد وألا تتركه بين أيدي اللوبيات التي استعصت على عصا القانون لسنوات طويلة، بالمضي قدما نحو سن إجراءات ردعية تحد من النزيف العشوائي للتوريد.

وفاء بن محمد

 

 

 

 

ورقة اقتصادية | صادراتنا تتعافى ولكن ...

 

تونس-الصباح

كشفت الأرقام الرسمية للمعهد الوطني للإحصاء مؤخرا تحسنا ملحوظا للصادرات التونسية بعد قفزها إلى أكثر من 15 مليار دينار، محققة فائضا مع أوروبا خلال الربع الأول من العام الجاري، مما حسن في نسق الميزان التجاري لتونس، والفضل يعود بالأساس الى زيادة الصادرات بقطاعات الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس والجلود، هذه القطاعات التي تأثرت بشكل درامي زمن الأزمة الوبائية وصل بها الأمر الى غلق الآلاف من المعامل والمصانع التابعة لها وأحالت الكثير من عمالها على البطالة..

وبالرغم من مجهودات الحكومات المتعاقبة لتخفيف الضغوطات المالية عن هذه القطاعات، إلا أنها لم تحتو حجم الأزمة التي حلت بها آنذاك، وبعودتها اليوم لتسجل أرقاما إيجابية ساهمت في التقليص من حجم العجز الحاصل بالميزان التجاري، له العديد من المبررات أهمها أن هذه القطاعات استطاعت أن تعول على نفسها لتجاوز الصعوبات التي مرت بها لأكثر من ثلاث سنوات، فضلا عن صمود الصناعة التونسية التي مازالت تحظى بثقة الأسواق الخارجية ..

لكن هذا التعافي وكل المبررات المرتبطة به لا يمكن أن يحجب حقيقة معاناة هذه القطاعات ذات القيمة المضافة خاصة في ما يتعلق بأهميتها في توفير العملة الصعبة، وهي التي مازالت تشكو من عقبات هيكلية ولوجستية، أبرزها على مستوى النقل الجوي والبري وتأمين وتمويل الصادرات وتباطؤ الإجراءات الديوانية وغياب التنافسية الحقيقية، باعتبارها أسبابا مباشرة تؤثر سلبا على قدرات تونس التصديرية وبالتالي ضعف تواجدها في الأسواق الخارجية الواعدة..

كذلك لا يمكن للدولة اليوم، على أهمية تعافي قطاع التصدير، أن تتغافل عن قطاع التوريد باعتباره أبرز أسباب اختلال كل التوازنات المالية للبلاد، والسيطرة عليه والحد من نزيف التوريد العشوائي، ليرتفع القطاع بنسبة 5.5٪ خلال الربع الأول من السنة الجارية ويصل إلى 19.4 مليار دينار بسبب الارتفاع المتزايد لواردات البلاد من الطاقة في ظل تباطؤ إنتاج الفسفاط..

ولئن كانت قطاعات التصدير قد عولت على نفسها بنسبة اكبر من تدخل الدولة في الآونة الأخيرة، حتى تتعافى وتحقق أرقاما ايجابية، فمن الأجدر أن تهتم الدولة بالمقابل بقطاع التوريد وألا تتركه بين أيدي اللوبيات التي استعصت على عصا القانون لسنوات طويلة، بالمضي قدما نحو سن إجراءات ردعية تحد من النزيف العشوائي للتوريد.

وفاء بن محمد