إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من يسرّع الصفقة ولفائدة من؟ .. إشكاليات ونقاط استفهام تحوم حول تفويت تونس في شركة "ماتل" الموريتانية

 

تونس-الصباح

عاد الحديث مجددا هذه الأيام عن اعتزام السلطات التونسية التفويت قريبا في أسهمها بشركة "ماتل" للاتصالات، صاحبة أول رخصة للهاتف النقال في موريتانيا والتي تنقسم ملكيتها بين "اتصالات تونس" بنسبة 51 % ورجلي الأعمال الموريتانيين محمد ولد بوعماتو (69 سنة)، وبشير الحسن (57 سنة) بنسبة 24,5 % لكل منهما.

شريكا "اتصالات تونس" في "ماتل" هما محمد ولد بوعماتو رجل الأعمال المعروف والأكثر تأثيرا في الاقتصاد الموريتاني وهو ورئيس مجموعة Bouamatou SA (BSA)، أما بشير الحسن فينحدر من عائلة كبيرة لها حضور قوي وفاعل في المشهد السياسي الموريتاني وفي عالم الأعمال وخصوصا قطاعات التأمين والصيد البحري والاتصالات والإعمار، بالإضافة إلى تمثيله لعلامات تجارية عالمية.

وتعتبر شركة "ماتل" أول شركة اتصال للهاتف الجوال في موريتانيا حيث تأسست عام 2000 بمبادرة تونسية- موريتانية وتمتلك أكثر من 30 في المائة من حصة السوق في موريتانيا، خلف شركة "موريتل" التابعة لاتصالات المغرب التي استحوذت على البنية التحتية الأساسية بشكل كامل إثر استلامها شبكة التوصيلات الأرضية في عموم البلاد، عن هيئة البريد والمواصلات التي كانت تديرها.

ومنذ 2011 تقريبا، بدأت تونس تفكر في التفويت في أسهمها في شركة الاتصالات الموريتانية بمرافقة BNP ومؤخرا بواسطة البنك التونسي CAP BANK Tunisie والإماراتي  MFC Dubai  وهو ما أشعل المنافسة بين عدد من المشغلين الدوليين الراغبين في الفوز بالصفقة وأبرزهم "اورونج" الفرنسية التي تقدمت سنتي 2012 ثم 2022  بعرضين في الغرض دون جدوى رغم أهمية العرض المقدم والذي كان بقيمة 100 مليون يورو.

وقد تخلت "اتصالات تونس" عن التفويت في أسهم "ماتل" عام 2014 وقررت إعادة الاستثمار في فرعها الموريتاني وجعله قادرا على المنافسة مرة أخرى.

وفي 2021 استعادت "ماتل" عافيتها المالية بعد الصعوبات التي كانت قد واجهتها في السنوات السابقة وتجاوزت الشركة الموريتانية أهدافها المسطرة، وبذلك استقطبت العديد من المستثمرين وباتت قيمتها تفوق الـ100 مليون دولار.

وسجلت شركة الاتصالات الموريتانية-التونسية، نموًا في حصتها السوقية، وزيادة كبيرة في حجم أعمالها، مع نتيجة صافية مكنتها من العودة إلى اللون الأخضر في عام 2021. وتجاوزت نتائج الشركة التوقعات الأولية في ظل التحسن الكبير في المؤشرات المالية للشركة، وحصتها في السوق بعد نجاح خطة التعافي التي تم طرحها سنة 2019، إضافة إلى تطوير خدمة الإنترنت عبر النطاق العريض للأجهزة المحمولة وتحسين جودة الخدمات ككل إثر قرار اتصالات تونس تعيين الياس بن ساسي في عام 2019 رئيسا تنفيذيا لشركة "ماتل" في موريتانيا خلفا للفرنسي Dominique Saint-Jean حتى يتمكن من رفع القيمة السوقية للشركة، وتحسين أدائها على مستوى خدمات الاتصال بشتى أنواعها وهو ما تحقق.

هذا التطور والنمو، جعلا مجلس إدارة "اتصالات تونس" يصوت مجددا في 20 جانفي 2022 على بيع حصة تونس في "ماتل". وهو ما جعل عديد عروض الاستحواذ تصل الحكومة التونسية أهمها من مجموعة Axian الملغاشية التي قدمت عرضا بقيمة 100 مليون دولار الى جانب تعبير "سوناتيل" فرع شركة "أورونج" في السنغال عن تمسكها بالصفقة والدخول مجددا في المنافسة. وقد تم رفض عرض Axian العملاق الإفريقي في مجال الاتصالات من قبل BSA  وذلك في جانفي 2022.

الاستحواذ على أسهم اتصالات تونس كان كذلك محل اهتمام شركة"Telecel"  ومقره موريشيوس والمملكة المتحدة والتي ادعت في أفريل 2022 استحواذها رسميا على الشركة الموريتانية التونسية للاتصالات "ماتل" وتم الإعلان عن ذلك رسميا من قبل وسائل الإعلام وحتى الشركاء، قبل التراجع عن الصفقة بعد أشهر وبالتحديد في شهر جويلية من سنة 2022 لأسباب لم يفصح عنها.

يذكر أن مجموعة  "Telecel"المختصة في الاتصالات والتي تركز نشاطها على إفريقيا قد بدأت مؤخرا في إطلاق عدة مشاريع استثمارية في مجال الاتصال بعدة دول إفريقية مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وغانا مؤخرا.

 

شركة رابحة وفي نمو مطردّ.. فلم التفويت؟

عودة المؤشرات الخضراء للشركة، جعل السلطات التونسية تقرر مجددا الموافقة على بيع جميع أسهم "اتصالات تونس" في الشركة الموريتانية وهو ما جعل مجموعةAxian  الإفريقية المستقرة في مدغشقر والناشطة في عديد المجالات منها الاتصالات، تقدم أيضًا عرضا بقيمة 100 مليون يورو للاستحواذ على أسهم "اتصالات تونس" ولكنها خططت أيضًا للاستحواذ على الأسهم المملوكة لمحمد ولد بوعماتو وبشير الحسن.

بالإضافة إلى مجموعة  Axian، فان أسهم اتصالات تونس أسالت كذلك لعاب عديد المشغلين الآخرين منهم المشغل المغربي Inwi، والمشغل الفرنسي "أورونج" الذي تم استبعاده مرة أخرى ليتم في البداية القبول بعرض مجموعة Telecel  في 4 أفريل 2022 وتم توقيع اتفاقية بين "اتصالات تونس" وتليكوم BSA وComatel شركتي محمد ولد بوعماتو وبشير مولاي الحسن  للمصادقة على صفقة التفويت في بيع شركة ماتيل لـTelecel. قبل الإعلان رسميا عن إبطال الصفقة في شهر جويلية من سنة 2022 لأسباب لم يفصح عنها.

بين الاقتصاد والسياسة

الى جانب صراع الشركات العملاقة على الفوز بأسهم "اتصالات تونس" في الشركة الموريتانية، فإن احد الشريكين الموريتانيين طمع كذلك في الصفقة لأسباب اقتصادية واستثمارية خاصة بعد تطور الشركة واستعادتها لعافيتها، وكذلك لأسباب تنافسية بين الشخصيتين حيث رأى ولد بوعماتو في الصفقة فرصة لاستعادة بعض قوته ونفوذه الاقتصادي الذي فقده خلال السنوات العشر التي قضاها في المنفى، عندما تدهورت علاقاته مع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز.

ففي عام 2010 لجأ ولد بوعماتو إلى مدينة مراكش المغربية، وكان حينها أغنى رجل في موريتانيا، ليغادرها في نهاية الأمر نحو بروكسيل بناءً على طلب المغرب. وخلال تلك الفترة، باع ولد بوعماتو بعض مصالحه في موريتانيا، لا سيما في قطاع الأسمنت، مستنكرًا قسوة السلطة ضده، وموجها في نفس الوقت جزءا من ثروته لتأجيج حرب إعلامية ضد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وكذلك الدخول في معركة مع شريكه في "ماتل" الذي بقي في نواكشوط وتجنب غضب الرئيس ليعود ولد بوعماتو إلى نواكشوط في عام 2020 وبموافقة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لتنطلق المعركة على "ماتل" حيث ركز ولد بوعماتو جهوده لشراء أسهم شركة "اتصالات تونس" ؛ أما بشير الحسن فقد هددّ بالتوجه إلى التحكيم في حال التلاعب بالصفقة ومنحها الى غريمه.

هذا الوضع سبب بعض الإحراج لشركة "اتصالات تونس"، فالطرفان لا يترددان في الضغط ليتمكن كل واحد منهما من فرض وجهة نظره. وبقيت السلطة التونسية تمتنع عن التدخل في صراع مساهمي شركة "ماتل"، إلا أنه ومنذ نهاية عام 2022، وبالاتفاق مع شركة "اتصالات تونس"، تم استبعاد ولد الحسن ومنح شركات ولد بوعماتو عديد الامتيازات أهمها جميع عقود التأمين.

 

من له المصلحة؟

هذا الانحياز وهذا الصراع جعل نقاط استفهام عديدة تطرح حول الموقف التونسي ومن له المصلحة في الدخول في صراع بين الشريكين ونصرة إحداهما عن الأخرى والتسريع في التفويت في الأسهم التونسية لولد بوعماتو رغم ما يمكن أن ينجر عن العملية من تبعات قانونية وحتى مالية باعتبار الظروف المالية التي يمر بها الطرف المرشح للفوز بالصفقة.

وإذا كانت "اتصالات تونس" ترغب في التخلص من أسهمها في شركة ناجحة بعد القلق من صراع شريكيها، فلماذا لم تجبر ولد بوعماتو على القبول بعديد صفقات البيع السابقة التي وحسب مصادر إعلامية تم إفشالها من قبله.

كذلك لماذا لم تلتزم اتصالات تونس بتوصيات بنوك الأعمال التي درست الصفقة والتي تم خلاص أتعابها من قبل الطرف التونسي.. ولماذا ترغب "اتصالات تونس" في التفويت في أسهمها بسعر مقدم لها منذ 2021 رغم ان نتائج الشركة سنة 2022 وافاق سنة 2023 مميزة وواعدة وتظهر ارتفاعا هاما في قيمة الشركة.

وإذا كانت اتصالات تونس في حاجة الى السيولة من اجل الاستثمار في تونس وتطوير خدماتها فلماذا تقبل بصفقة على أقساط حسب مصادر إعلامية، أبرزها مجلة "جون افريك" التي خصصت مقالا كاملا وتحليلا للملف، يمكن أن يكون ختامها التقاضي وتعطيل العملية ووقف التطور والنمو الحاصل في "ماتل".. جملة من الأسئلة تطرح مع أهم سؤال وهو أي دور لوزارة تكنولوجيات الاتصال في الملف؟ وأي دور للوزارة في تحديد وفرض مصالح الدولة التونسية وتجنيبها الخسائر وحتى أزمة ديبلوماسية ممكنة مع موريتانيا التي كانت تونس أول من اعترف باستقلالها والتي مثلت شركة "ماتل" ابرز الشراكات الاقتصادية بين البلدين. ولماذا حرمان اتصالات تونس المؤسسة الوطنية العريقة من أرباح أخرى سوى بمواصلة الاستثمار في الشركة الموريتانية التي تطورت أرقامها في السنتين الأخيرتين بشكل إيجابي أو إرجاء الصفقة خاصة أن عديد المستثمرين الآخرين الأوروبيين والخليجيين أبدوا اهتمامهم بالدخول في المنافسة وبأرقام أكبر؟

إن الخوف كل الخوف من أن تكون المصالح التونسية ومصالح دافع الأداءات مهددة ويؤول الملف إلى الحال الذي آلت إليه قضية البنك الفرنسي التونسي والتي وصفت بفضيحة القرن والذي تسبب للدولة التونسية في خسائر رهيبة قاربت1 مليار دولار يطالب بها الخصم إضافة إلى 200  مليار مصاريف التقاضي ونفس الشيء بالنسبة لملف "موريتانيا آر وايز" التي أفلست وهي اليوم محل شكوى دولية من قبل بوعماتو نفسه وهو الطرف الشريك في المؤسسة مع الخطوط التونسية.

سفيان رجب

من يسرّع الصفقة ولفائدة من؟ .. إشكاليات ونقاط استفهام تحوم حول تفويت تونس في شركة "ماتل" الموريتانية

 

تونس-الصباح

عاد الحديث مجددا هذه الأيام عن اعتزام السلطات التونسية التفويت قريبا في أسهمها بشركة "ماتل" للاتصالات، صاحبة أول رخصة للهاتف النقال في موريتانيا والتي تنقسم ملكيتها بين "اتصالات تونس" بنسبة 51 % ورجلي الأعمال الموريتانيين محمد ولد بوعماتو (69 سنة)، وبشير الحسن (57 سنة) بنسبة 24,5 % لكل منهما.

شريكا "اتصالات تونس" في "ماتل" هما محمد ولد بوعماتو رجل الأعمال المعروف والأكثر تأثيرا في الاقتصاد الموريتاني وهو ورئيس مجموعة Bouamatou SA (BSA)، أما بشير الحسن فينحدر من عائلة كبيرة لها حضور قوي وفاعل في المشهد السياسي الموريتاني وفي عالم الأعمال وخصوصا قطاعات التأمين والصيد البحري والاتصالات والإعمار، بالإضافة إلى تمثيله لعلامات تجارية عالمية.

وتعتبر شركة "ماتل" أول شركة اتصال للهاتف الجوال في موريتانيا حيث تأسست عام 2000 بمبادرة تونسية- موريتانية وتمتلك أكثر من 30 في المائة من حصة السوق في موريتانيا، خلف شركة "موريتل" التابعة لاتصالات المغرب التي استحوذت على البنية التحتية الأساسية بشكل كامل إثر استلامها شبكة التوصيلات الأرضية في عموم البلاد، عن هيئة البريد والمواصلات التي كانت تديرها.

ومنذ 2011 تقريبا، بدأت تونس تفكر في التفويت في أسهمها في شركة الاتصالات الموريتانية بمرافقة BNP ومؤخرا بواسطة البنك التونسي CAP BANK Tunisie والإماراتي  MFC Dubai  وهو ما أشعل المنافسة بين عدد من المشغلين الدوليين الراغبين في الفوز بالصفقة وأبرزهم "اورونج" الفرنسية التي تقدمت سنتي 2012 ثم 2022  بعرضين في الغرض دون جدوى رغم أهمية العرض المقدم والذي كان بقيمة 100 مليون يورو.

وقد تخلت "اتصالات تونس" عن التفويت في أسهم "ماتل" عام 2014 وقررت إعادة الاستثمار في فرعها الموريتاني وجعله قادرا على المنافسة مرة أخرى.

وفي 2021 استعادت "ماتل" عافيتها المالية بعد الصعوبات التي كانت قد واجهتها في السنوات السابقة وتجاوزت الشركة الموريتانية أهدافها المسطرة، وبذلك استقطبت العديد من المستثمرين وباتت قيمتها تفوق الـ100 مليون دولار.

وسجلت شركة الاتصالات الموريتانية-التونسية، نموًا في حصتها السوقية، وزيادة كبيرة في حجم أعمالها، مع نتيجة صافية مكنتها من العودة إلى اللون الأخضر في عام 2021. وتجاوزت نتائج الشركة التوقعات الأولية في ظل التحسن الكبير في المؤشرات المالية للشركة، وحصتها في السوق بعد نجاح خطة التعافي التي تم طرحها سنة 2019، إضافة إلى تطوير خدمة الإنترنت عبر النطاق العريض للأجهزة المحمولة وتحسين جودة الخدمات ككل إثر قرار اتصالات تونس تعيين الياس بن ساسي في عام 2019 رئيسا تنفيذيا لشركة "ماتل" في موريتانيا خلفا للفرنسي Dominique Saint-Jean حتى يتمكن من رفع القيمة السوقية للشركة، وتحسين أدائها على مستوى خدمات الاتصال بشتى أنواعها وهو ما تحقق.

هذا التطور والنمو، جعلا مجلس إدارة "اتصالات تونس" يصوت مجددا في 20 جانفي 2022 على بيع حصة تونس في "ماتل". وهو ما جعل عديد عروض الاستحواذ تصل الحكومة التونسية أهمها من مجموعة Axian الملغاشية التي قدمت عرضا بقيمة 100 مليون دولار الى جانب تعبير "سوناتيل" فرع شركة "أورونج" في السنغال عن تمسكها بالصفقة والدخول مجددا في المنافسة. وقد تم رفض عرض Axian العملاق الإفريقي في مجال الاتصالات من قبل BSA  وذلك في جانفي 2022.

الاستحواذ على أسهم اتصالات تونس كان كذلك محل اهتمام شركة"Telecel"  ومقره موريشيوس والمملكة المتحدة والتي ادعت في أفريل 2022 استحواذها رسميا على الشركة الموريتانية التونسية للاتصالات "ماتل" وتم الإعلان عن ذلك رسميا من قبل وسائل الإعلام وحتى الشركاء، قبل التراجع عن الصفقة بعد أشهر وبالتحديد في شهر جويلية من سنة 2022 لأسباب لم يفصح عنها.

يذكر أن مجموعة  "Telecel"المختصة في الاتصالات والتي تركز نشاطها على إفريقيا قد بدأت مؤخرا في إطلاق عدة مشاريع استثمارية في مجال الاتصال بعدة دول إفريقية مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وغانا مؤخرا.

 

شركة رابحة وفي نمو مطردّ.. فلم التفويت؟

عودة المؤشرات الخضراء للشركة، جعل السلطات التونسية تقرر مجددا الموافقة على بيع جميع أسهم "اتصالات تونس" في الشركة الموريتانية وهو ما جعل مجموعةAxian  الإفريقية المستقرة في مدغشقر والناشطة في عديد المجالات منها الاتصالات، تقدم أيضًا عرضا بقيمة 100 مليون يورو للاستحواذ على أسهم "اتصالات تونس" ولكنها خططت أيضًا للاستحواذ على الأسهم المملوكة لمحمد ولد بوعماتو وبشير الحسن.

بالإضافة إلى مجموعة  Axian، فان أسهم اتصالات تونس أسالت كذلك لعاب عديد المشغلين الآخرين منهم المشغل المغربي Inwi، والمشغل الفرنسي "أورونج" الذي تم استبعاده مرة أخرى ليتم في البداية القبول بعرض مجموعة Telecel  في 4 أفريل 2022 وتم توقيع اتفاقية بين "اتصالات تونس" وتليكوم BSA وComatel شركتي محمد ولد بوعماتو وبشير مولاي الحسن  للمصادقة على صفقة التفويت في بيع شركة ماتيل لـTelecel. قبل الإعلان رسميا عن إبطال الصفقة في شهر جويلية من سنة 2022 لأسباب لم يفصح عنها.

بين الاقتصاد والسياسة

الى جانب صراع الشركات العملاقة على الفوز بأسهم "اتصالات تونس" في الشركة الموريتانية، فإن احد الشريكين الموريتانيين طمع كذلك في الصفقة لأسباب اقتصادية واستثمارية خاصة بعد تطور الشركة واستعادتها لعافيتها، وكذلك لأسباب تنافسية بين الشخصيتين حيث رأى ولد بوعماتو في الصفقة فرصة لاستعادة بعض قوته ونفوذه الاقتصادي الذي فقده خلال السنوات العشر التي قضاها في المنفى، عندما تدهورت علاقاته مع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز.

ففي عام 2010 لجأ ولد بوعماتو إلى مدينة مراكش المغربية، وكان حينها أغنى رجل في موريتانيا، ليغادرها في نهاية الأمر نحو بروكسيل بناءً على طلب المغرب. وخلال تلك الفترة، باع ولد بوعماتو بعض مصالحه في موريتانيا، لا سيما في قطاع الأسمنت، مستنكرًا قسوة السلطة ضده، وموجها في نفس الوقت جزءا من ثروته لتأجيج حرب إعلامية ضد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وكذلك الدخول في معركة مع شريكه في "ماتل" الذي بقي في نواكشوط وتجنب غضب الرئيس ليعود ولد بوعماتو إلى نواكشوط في عام 2020 وبموافقة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لتنطلق المعركة على "ماتل" حيث ركز ولد بوعماتو جهوده لشراء أسهم شركة "اتصالات تونس" ؛ أما بشير الحسن فقد هددّ بالتوجه إلى التحكيم في حال التلاعب بالصفقة ومنحها الى غريمه.

هذا الوضع سبب بعض الإحراج لشركة "اتصالات تونس"، فالطرفان لا يترددان في الضغط ليتمكن كل واحد منهما من فرض وجهة نظره. وبقيت السلطة التونسية تمتنع عن التدخل في صراع مساهمي شركة "ماتل"، إلا أنه ومنذ نهاية عام 2022، وبالاتفاق مع شركة "اتصالات تونس"، تم استبعاد ولد الحسن ومنح شركات ولد بوعماتو عديد الامتيازات أهمها جميع عقود التأمين.

 

من له المصلحة؟

هذا الانحياز وهذا الصراع جعل نقاط استفهام عديدة تطرح حول الموقف التونسي ومن له المصلحة في الدخول في صراع بين الشريكين ونصرة إحداهما عن الأخرى والتسريع في التفويت في الأسهم التونسية لولد بوعماتو رغم ما يمكن أن ينجر عن العملية من تبعات قانونية وحتى مالية باعتبار الظروف المالية التي يمر بها الطرف المرشح للفوز بالصفقة.

وإذا كانت "اتصالات تونس" ترغب في التخلص من أسهمها في شركة ناجحة بعد القلق من صراع شريكيها، فلماذا لم تجبر ولد بوعماتو على القبول بعديد صفقات البيع السابقة التي وحسب مصادر إعلامية تم إفشالها من قبله.

كذلك لماذا لم تلتزم اتصالات تونس بتوصيات بنوك الأعمال التي درست الصفقة والتي تم خلاص أتعابها من قبل الطرف التونسي.. ولماذا ترغب "اتصالات تونس" في التفويت في أسهمها بسعر مقدم لها منذ 2021 رغم ان نتائج الشركة سنة 2022 وافاق سنة 2023 مميزة وواعدة وتظهر ارتفاعا هاما في قيمة الشركة.

وإذا كانت اتصالات تونس في حاجة الى السيولة من اجل الاستثمار في تونس وتطوير خدماتها فلماذا تقبل بصفقة على أقساط حسب مصادر إعلامية، أبرزها مجلة "جون افريك" التي خصصت مقالا كاملا وتحليلا للملف، يمكن أن يكون ختامها التقاضي وتعطيل العملية ووقف التطور والنمو الحاصل في "ماتل".. جملة من الأسئلة تطرح مع أهم سؤال وهو أي دور لوزارة تكنولوجيات الاتصال في الملف؟ وأي دور للوزارة في تحديد وفرض مصالح الدولة التونسية وتجنيبها الخسائر وحتى أزمة ديبلوماسية ممكنة مع موريتانيا التي كانت تونس أول من اعترف باستقلالها والتي مثلت شركة "ماتل" ابرز الشراكات الاقتصادية بين البلدين. ولماذا حرمان اتصالات تونس المؤسسة الوطنية العريقة من أرباح أخرى سوى بمواصلة الاستثمار في الشركة الموريتانية التي تطورت أرقامها في السنتين الأخيرتين بشكل إيجابي أو إرجاء الصفقة خاصة أن عديد المستثمرين الآخرين الأوروبيين والخليجيين أبدوا اهتمامهم بالدخول في المنافسة وبأرقام أكبر؟

إن الخوف كل الخوف من أن تكون المصالح التونسية ومصالح دافع الأداءات مهددة ويؤول الملف إلى الحال الذي آلت إليه قضية البنك الفرنسي التونسي والتي وصفت بفضيحة القرن والذي تسبب للدولة التونسية في خسائر رهيبة قاربت1 مليار دولار يطالب بها الخصم إضافة إلى 200  مليار مصاريف التقاضي ونفس الشيء بالنسبة لملف "موريتانيا آر وايز" التي أفلست وهي اليوم محل شكوى دولية من قبل بوعماتو نفسه وهو الطرف الشريك في المؤسسة مع الخطوط التونسية.

سفيان رجب

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews