بالفعل يمكن رؤية أشياء أخرى بشكل أوضح من خلال عين العقل لا عين القلب.
غالبًا ما تُرى لحظات "السياسة" عبر التاريخ أثناء الثورات، حيث يقرر غالبية المواطنين إعادة كتابة قواعد مجتمعهم وإنشائها من جديد، قد يبرز ويصعد في مقدّمة الفاعلين من لم يكن يرتقبه أحد..
إن السياسة ليست "وظيفة" مثل أي وظيفة أخرى، إنها تنطوي على تعريض النفس باستمرار لاحتمالات الخيبة والفشل.
الهزيمة في السياسة نأخذها بكل قوة، بغض النظر عن مدى استعدادنا لها، إنها تضرب مثل صفعة رهيبة.
نقاط استفهام كثيرة حامت ولا تزال تحوم حول شخصية السيد الحبيب الجملي، هذا التكنوقراط القادم من بعيد ليصعد فجأة كمرشح وفي لحظة فارقة من مسار تونس السياسي لمنصب رئيس حكومة
رغم غيابه، عن دوائر الحكم والسلطة، فالرجل لايزال حاضرا ناشطا في عالم السياسة الافتراضي، صفحته على "السوشيال ميديا" لا تخلو من مواقف وتدوينات يعلنها، كما لا يرفض دعوة توجه إليه لحوار أو تصريح تلفزيوني أو إذاعي، فكأن الرجل انقطع به حلم لطالما راوده، ولاتزال في القلب رغبة فيه .
لمّا صعد أو إن شئتم ظهر اسم الجملي في البداية اهتمّ التونسيون بمظهر الرجل ولباسه وطبيعة شخصيته وتصرفاته، غاب عنهم أن للرجل تقدير موقف خاص من الشأن السياسي الوطني .
الغريب أن حركة "النهضة" هي التي جاءت به من هذا البعيد المخفي لا يعلمه إلا صاحب الأمر فيها، يتهم الجملي اليوم نفس الحركة أي النهضة بأنها تقف وراء استبعاده وسقوطه من هذا المنصب وتولّي مسؤولية رئاسة الحكومة !!.
كشف ذلك بنفسه عندما صرح:"لأنني لم أخضع لاملاءات الأحزاب ولم أتنازل لأي طرف بما في ذلك حركة النهضة سقطت الحكومة التي شكلتها، حركة النهضة لم تقبل بحكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب".
لكن لا ينكر الجملي انّه مرشّح فعلا من كانت تعدّ اكبر قوة سياسية بالبلاد، مفيدا:"أنا مستقل تماما على الأحزاب واختياري من طرف حركة النهضة كان موضوعيا ."!
من المفارقة كذلك في علاقة الجملي بالأحزاب ذلك الاعتراف المفاجئ الذي أعلنه كأنه "رمي وردة" تجاه العدوة اللدودة للإسلام السياسي رئيسة الحزب الدستوري الحر بالإقرار بما هو موصول ببرنامج حكومته، إن عرضها أمام البرلمان، من بين 97 تدخلا للنواب لم يتطرق أحد منهم إلى برنامج الحكومة المقترح، عدا عبير موسي التي قالت إنني اعتمدت نقاطا من برنامجها وهو صحيح لأني كنت منفتحا على كل البرامج ."!
يكشف الجملي أسرارا أخرى من طرائف تشكيلة الحكومة التي قدمها يومها، والتي كان من ضمنها طارق ذياب قال بخصوصه، إن رئيس الدولة رفض اسمه متهما إياه بأنه غير مستقلّ !. يكشف كذلك إن النهضة أرادت بين 8 و9 حقائب وزارية كانوا كلهم في حكومة الفخفاخ .
لم يرغب الجملي أن يُغيّبَ عن الشأن السياسي الوطني، ليتحيّن لحظة قرارات 25 جويلية 2021، ليطرح أسابيع فقط بعد إقصاء "النهضة" من الحكم نهائيا منذ 2011 ولأول مرة، ما اسماها بـ"الخطوط العريضة لمبادرة وطنية تهدف إلى إخراج البلاد من أزمتها الرّاهنة" وهي بمثابة "خريطة طريق" يضعها أمام من أصبح ماسكا بكلّ دواليب الحكم والدولة رئيس الجمهورية، لكن لم تلق هذه المبادرة أي تجاوب أو صدى.!
كما الطريف فيها طرح ملحق "ورقة" بمثابة تصوّر لـ"الخصال المطلوبة في رئيس الحكومة المقبلة" من بينها أن يكون صاحب "شخصية كاريزماتية وشجاعة وحزم وقدرة على التواصل البناء الناجح مع كافة الأطراف (الداخلية والخارجية) وفي مقدمتها جماهير الشعب الغاضبة من قياداتها السابقة"!!.
نحن أنفسنا فقط بمجموع إخفاقاتنا أسوأ خطأ ليس في الفشل ولكن في عدم القدرة على التغلب على هذا الفشل فهو ليس عدم النجاح.. أو الوصول إلى الهدف، بل أساسا جهل أسباب عدم هذا النجاح.
يبقى المهم في النهاية ألاّ يسلب المرء ثقته في نفسه. !
يرويها: أبو بكر الصغير
بالفعل يمكن رؤية أشياء أخرى بشكل أوضح من خلال عين العقل لا عين القلب.
غالبًا ما تُرى لحظات "السياسة" عبر التاريخ أثناء الثورات، حيث يقرر غالبية المواطنين إعادة كتابة قواعد مجتمعهم وإنشائها من جديد، قد يبرز ويصعد في مقدّمة الفاعلين من لم يكن يرتقبه أحد..
إن السياسة ليست "وظيفة" مثل أي وظيفة أخرى، إنها تنطوي على تعريض النفس باستمرار لاحتمالات الخيبة والفشل.
الهزيمة في السياسة نأخذها بكل قوة، بغض النظر عن مدى استعدادنا لها، إنها تضرب مثل صفعة رهيبة.
نقاط استفهام كثيرة حامت ولا تزال تحوم حول شخصية السيد الحبيب الجملي، هذا التكنوقراط القادم من بعيد ليصعد فجأة كمرشح وفي لحظة فارقة من مسار تونس السياسي لمنصب رئيس حكومة
رغم غيابه، عن دوائر الحكم والسلطة، فالرجل لايزال حاضرا ناشطا في عالم السياسة الافتراضي، صفحته على "السوشيال ميديا" لا تخلو من مواقف وتدوينات يعلنها، كما لا يرفض دعوة توجه إليه لحوار أو تصريح تلفزيوني أو إذاعي، فكأن الرجل انقطع به حلم لطالما راوده، ولاتزال في القلب رغبة فيه .
لمّا صعد أو إن شئتم ظهر اسم الجملي في البداية اهتمّ التونسيون بمظهر الرجل ولباسه وطبيعة شخصيته وتصرفاته، غاب عنهم أن للرجل تقدير موقف خاص من الشأن السياسي الوطني .
الغريب أن حركة "النهضة" هي التي جاءت به من هذا البعيد المخفي لا يعلمه إلا صاحب الأمر فيها، يتهم الجملي اليوم نفس الحركة أي النهضة بأنها تقف وراء استبعاده وسقوطه من هذا المنصب وتولّي مسؤولية رئاسة الحكومة !!.
كشف ذلك بنفسه عندما صرح:"لأنني لم أخضع لاملاءات الأحزاب ولم أتنازل لأي طرف بما في ذلك حركة النهضة سقطت الحكومة التي شكلتها، حركة النهضة لم تقبل بحكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب".
لكن لا ينكر الجملي انّه مرشّح فعلا من كانت تعدّ اكبر قوة سياسية بالبلاد، مفيدا:"أنا مستقل تماما على الأحزاب واختياري من طرف حركة النهضة كان موضوعيا ."!
من المفارقة كذلك في علاقة الجملي بالأحزاب ذلك الاعتراف المفاجئ الذي أعلنه كأنه "رمي وردة" تجاه العدوة اللدودة للإسلام السياسي رئيسة الحزب الدستوري الحر بالإقرار بما هو موصول ببرنامج حكومته، إن عرضها أمام البرلمان، من بين 97 تدخلا للنواب لم يتطرق أحد منهم إلى برنامج الحكومة المقترح، عدا عبير موسي التي قالت إنني اعتمدت نقاطا من برنامجها وهو صحيح لأني كنت منفتحا على كل البرامج ."!
يكشف الجملي أسرارا أخرى من طرائف تشكيلة الحكومة التي قدمها يومها، والتي كان من ضمنها طارق ذياب قال بخصوصه، إن رئيس الدولة رفض اسمه متهما إياه بأنه غير مستقلّ !. يكشف كذلك إن النهضة أرادت بين 8 و9 حقائب وزارية كانوا كلهم في حكومة الفخفاخ .
لم يرغب الجملي أن يُغيّبَ عن الشأن السياسي الوطني، ليتحيّن لحظة قرارات 25 جويلية 2021، ليطرح أسابيع فقط بعد إقصاء "النهضة" من الحكم نهائيا منذ 2011 ولأول مرة، ما اسماها بـ"الخطوط العريضة لمبادرة وطنية تهدف إلى إخراج البلاد من أزمتها الرّاهنة" وهي بمثابة "خريطة طريق" يضعها أمام من أصبح ماسكا بكلّ دواليب الحكم والدولة رئيس الجمهورية، لكن لم تلق هذه المبادرة أي تجاوب أو صدى.!
كما الطريف فيها طرح ملحق "ورقة" بمثابة تصوّر لـ"الخصال المطلوبة في رئيس الحكومة المقبلة" من بينها أن يكون صاحب "شخصية كاريزماتية وشجاعة وحزم وقدرة على التواصل البناء الناجح مع كافة الأطراف (الداخلية والخارجية) وفي مقدمتها جماهير الشعب الغاضبة من قياداتها السابقة"!!.
نحن أنفسنا فقط بمجموع إخفاقاتنا أسوأ خطأ ليس في الفشل ولكن في عدم القدرة على التغلب على هذا الفشل فهو ليس عدم النجاح.. أو الوصول إلى الهدف، بل أساسا جهل أسباب عدم هذا النجاح.
يبقى المهم في النهاية ألاّ يسلب المرء ثقته في نفسه. !