إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين سردية المظلومية وتحمل المسؤولية.. أين تتموقع حركة النهضة الآن؟

 

الحركة حكمت وارتكبت أخطاء وأصبحت المهمة صعبة أمام الشرخ المجتمعي

 تونس – الصباح

بعد الملاحقة القضائية وسلسلة الاعتقالات في صفوف المعارضة الوطنية وعدد من قيادات "الصف الأول من حركة النهضة" وأبرزهم رئيس الحركة راشد الغنوشي وفي ظل الجدل القائم حول تداخل السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، برز معطى جديد في علاقة بتفاعل الشارع التونسي مع المستجدات.

هذا المفهوم الجديد يطرح اكثر من سؤال في علاقة بوجود نوع من التطبيع مع ما يوصف بـ" الاعتقالات السياسية"؟ وهل وكيف ستخرج النهضة من سردية المظلومية الى تحمل المسؤولية الاخلاقية.

وقد اعتبر البعض أن حركة النهضة اعتمدت في وصولها إلى الحكم على سردية المظلومية والطهورية من ناحية والالتزام الحزبي من ناحية أخرى وبذلك تمكنت من الوصول إلى الحكم وتصدر المشهد السياسي في 2011 ليستمر وجودها في الحكم لـ 10 سنوات متتالية إلى حدود 25 جويلية 2021.

النهضة.. وخسارة الموارد الأدبية

الأستاذ في علم الاجتماع ومدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مهدي مبروك يستبعد إعادة إنتاج نفس سردية المظلومية التي ارتبطت بعمليات الإقصاء والاجتثاث التي مورست تجاه مؤسسي حركة النهضة وقياداتها زمن بن علي لأنه يعد أن تجربة الحكم أو المشاركة في الحكم خلال السنوات الماضية خسرت الحركة مواردها الأدبية والأخلاقية التي كانت أسس لبناء المظلومية سابقا.

واعتبر مبروك إن بناء المظلومية في سياق التسعينات يختلف تماما عن الأمر الآن، فقبل ذلك كانت حركة النهضة مضطهدة ولم تمارس تجربة الحكم مباشرة فكان لها من الطهورية والعذرية السياسية التي كانت من أسباب وجود سردية المظلومية.

وشدد الأستاذ في علم الاجتماع على أن السياقات أصبحت مختلفة لان الحركة حكمت وارتكبت أخطاء وأصبحت المهمة صعبة أمام الشرخ المجتمعي وتشرذم النخب بالإضافة إلى سلسلة الاستقالات الداخلية التي تواجهها حركة النهضة.

وكانت حركة النهضة قد أقرت بالمسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في تونس، بالاشتراك مع الأحزاب التي تقاسمت معها الحكم، كما أبدت استعدادها للتقييم الجدي والموضوعي وإجراء مراجعات عميقة.

وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت مساء الاثنين 17 أفريل 2023، لأعوان وحدة مكافحة الإرهاب ببوشوشة بإيقاف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.

وجاء قرار إيقاف الغنوشي للتحقيق معه على خلفية تسريب مقطع فيديو لمحادثة جمعت بينه وبين قيادات من جبهة الخلاص الوطني، اعتبر في فحواها أنّ إبعاد الإسلام السياسي في تونس مشروع لحرب أهلية.

ويعد اعتقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي جزءا من موجة اعتقالات شملت عددا من الوجوه السياسية المعارضة لرئيس الدولة قيس سعيد.

كما تم في 18 من شهر افريل الماضي كل مقرات حركة النهضة وحظرت عقد الاجتماعات فيها وأغلقت الشرطة كذلك مقر جبهة الخلاص الوطني.

النشأة والتأسيس

حركة النهضة تشكلت في افريل 1972 بشكل سري باسم الجماعة الإسلامية، وشارك في تأسيسها جامعيون وحقوقيون، لكن الحركة تعرضت للتضييق والملاحقات والاعتقالات في مراحل متعددة منذ نشأتها، كان آخرها الحملة الواسعة التي شنها نظام بن علي عليها عام 1991 مما دفع قياداتها وكوادرها إلى الهجرة من البلاد.

ففي 1981، تم اعتقال العشرات من قيادييها ومنتسبيها، وحكم بالسجن 11 عاما بحق رئيسها الغنوشي والقيادي صالح كركر، و10 سنوات سجنا بحق مورو، وأحكام مختلفة بحق بقية الأعضاء.

وإثر أحداث ثورة الخبز في جانفي 1984، تم الإفراج على منتسبي حركة الاتجاه الإسلامي في أوت 1984.

وبعد انطلاق الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 وسقوط نظام زين العابدين بن علي يوم 14 جانفي 2011، تم الاعتراف القانوني بالحركة كحزب سياسي، وتصدرت المشهد وباتت من أبرز القوى السياسية في الساحة التونسية.

 وفي نفس السياق قال الناشط السياسي مهدي عبد الجواد انه في زمن بن علي كانت هناك مواجهة شاملة بينه وبين الاتجاه الإسلامي آنذاك لكن في الوقت الراهن المستهدف من المتابعات القضائية ليس حركة النهضة كحزب بل بعض قياداتها وذلك بعد تجربة من الحكم تتحمل فيها حركة النهضة جزءا من المسؤولية.

وأكد عبد الجواد أن الرأي العام لم يعد يؤمن بالمظلومية لكن هناك اختلاف في كيفية المحاسبة ليس للنهضة فقط بل لكل شركائها في الحكم في الفترة السابقة سواء أحزاب أو الاتحاد العام التونسي للشغل أو غيرها ممن تحملوا مسؤولية خلال العشر سنوات الفارطة.

جهاد الكلبوسي  

 بين سردية المظلومية وتحمل المسؤولية..  أين تتموقع حركة النهضة الآن؟

 

الحركة حكمت وارتكبت أخطاء وأصبحت المهمة صعبة أمام الشرخ المجتمعي

 تونس – الصباح

بعد الملاحقة القضائية وسلسلة الاعتقالات في صفوف المعارضة الوطنية وعدد من قيادات "الصف الأول من حركة النهضة" وأبرزهم رئيس الحركة راشد الغنوشي وفي ظل الجدل القائم حول تداخل السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، برز معطى جديد في علاقة بتفاعل الشارع التونسي مع المستجدات.

هذا المفهوم الجديد يطرح اكثر من سؤال في علاقة بوجود نوع من التطبيع مع ما يوصف بـ" الاعتقالات السياسية"؟ وهل وكيف ستخرج النهضة من سردية المظلومية الى تحمل المسؤولية الاخلاقية.

وقد اعتبر البعض أن حركة النهضة اعتمدت في وصولها إلى الحكم على سردية المظلومية والطهورية من ناحية والالتزام الحزبي من ناحية أخرى وبذلك تمكنت من الوصول إلى الحكم وتصدر المشهد السياسي في 2011 ليستمر وجودها في الحكم لـ 10 سنوات متتالية إلى حدود 25 جويلية 2021.

النهضة.. وخسارة الموارد الأدبية

الأستاذ في علم الاجتماع ومدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مهدي مبروك يستبعد إعادة إنتاج نفس سردية المظلومية التي ارتبطت بعمليات الإقصاء والاجتثاث التي مورست تجاه مؤسسي حركة النهضة وقياداتها زمن بن علي لأنه يعد أن تجربة الحكم أو المشاركة في الحكم خلال السنوات الماضية خسرت الحركة مواردها الأدبية والأخلاقية التي كانت أسس لبناء المظلومية سابقا.

واعتبر مبروك إن بناء المظلومية في سياق التسعينات يختلف تماما عن الأمر الآن، فقبل ذلك كانت حركة النهضة مضطهدة ولم تمارس تجربة الحكم مباشرة فكان لها من الطهورية والعذرية السياسية التي كانت من أسباب وجود سردية المظلومية.

وشدد الأستاذ في علم الاجتماع على أن السياقات أصبحت مختلفة لان الحركة حكمت وارتكبت أخطاء وأصبحت المهمة صعبة أمام الشرخ المجتمعي وتشرذم النخب بالإضافة إلى سلسلة الاستقالات الداخلية التي تواجهها حركة النهضة.

وكانت حركة النهضة قد أقرت بالمسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في تونس، بالاشتراك مع الأحزاب التي تقاسمت معها الحكم، كما أبدت استعدادها للتقييم الجدي والموضوعي وإجراء مراجعات عميقة.

وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت مساء الاثنين 17 أفريل 2023، لأعوان وحدة مكافحة الإرهاب ببوشوشة بإيقاف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.

وجاء قرار إيقاف الغنوشي للتحقيق معه على خلفية تسريب مقطع فيديو لمحادثة جمعت بينه وبين قيادات من جبهة الخلاص الوطني، اعتبر في فحواها أنّ إبعاد الإسلام السياسي في تونس مشروع لحرب أهلية.

ويعد اعتقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي جزءا من موجة اعتقالات شملت عددا من الوجوه السياسية المعارضة لرئيس الدولة قيس سعيد.

كما تم في 18 من شهر افريل الماضي كل مقرات حركة النهضة وحظرت عقد الاجتماعات فيها وأغلقت الشرطة كذلك مقر جبهة الخلاص الوطني.

النشأة والتأسيس

حركة النهضة تشكلت في افريل 1972 بشكل سري باسم الجماعة الإسلامية، وشارك في تأسيسها جامعيون وحقوقيون، لكن الحركة تعرضت للتضييق والملاحقات والاعتقالات في مراحل متعددة منذ نشأتها، كان آخرها الحملة الواسعة التي شنها نظام بن علي عليها عام 1991 مما دفع قياداتها وكوادرها إلى الهجرة من البلاد.

ففي 1981، تم اعتقال العشرات من قيادييها ومنتسبيها، وحكم بالسجن 11 عاما بحق رئيسها الغنوشي والقيادي صالح كركر، و10 سنوات سجنا بحق مورو، وأحكام مختلفة بحق بقية الأعضاء.

وإثر أحداث ثورة الخبز في جانفي 1984، تم الإفراج على منتسبي حركة الاتجاه الإسلامي في أوت 1984.

وبعد انطلاق الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 وسقوط نظام زين العابدين بن علي يوم 14 جانفي 2011، تم الاعتراف القانوني بالحركة كحزب سياسي، وتصدرت المشهد وباتت من أبرز القوى السياسية في الساحة التونسية.

 وفي نفس السياق قال الناشط السياسي مهدي عبد الجواد انه في زمن بن علي كانت هناك مواجهة شاملة بينه وبين الاتجاه الإسلامي آنذاك لكن في الوقت الراهن المستهدف من المتابعات القضائية ليس حركة النهضة كحزب بل بعض قياداتها وذلك بعد تجربة من الحكم تتحمل فيها حركة النهضة جزءا من المسؤولية.

وأكد عبد الجواد أن الرأي العام لم يعد يؤمن بالمظلومية لكن هناك اختلاف في كيفية المحاسبة ليس للنهضة فقط بل لكل شركائها في الحكم في الفترة السابقة سواء أحزاب أو الاتحاد العام التونسي للشغل أو غيرها ممن تحملوا مسؤولية خلال العشر سنوات الفارطة.

جهاد الكلبوسي