عندما تبادر سلطة الاحتلال وتعلن رئاسة حكومة ناتنياهو رغبتها واستعدادها لاستضافة محادثات بين البرهان وحميدتي القائدين العسكريين المتناحرين اللذين عبثا بالسودان وجعلا منه ساحة غارقة في دماء أبنائها فان في ذلك ما يكفي لإعلان تحلل الجسد العربي وتحوله الى مجرد قطع غيار آدمية.. وربما لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا أن مصطلح قطع الغيار الآدمية وعلى قسوته وما يحتمله من تأويلات سلبية قد لا يكفي لنقل الصورة على حقيقتها.. طبعا ندرك جيدا أن سلطات تل أبيب أبعد من أن تعمل من أجل فرصة للسلام بين السودانيين بل إننا لا نستبعد دورا إسرائيليا خفيا وراء تأجيج الفتنة فليس سرا أن إسرائيل كانت ولا تزال اكبر مستفيد من كل الانقسامات والأزمات والصراعات والحروب الأهلية العربية العربية بما في ذلك الانقسامات الفلسطينية الفلسطينية.. ولا يمكن لأي وساطة إسرائيلية أن تجلب للسودان أو غير السودان مقدار ذرة من السلام.. وهذا ليس انسياقا وراء نظرية المؤامرة والشماعة التي تتحمل كل المآسي والمحن ولكن الحقيقة أيضا أن في هذه الدعوة الخبيثة التي أطلقتها إسرائيل محاولة لا تخفى على مراقب للترويج لا لعلاقات إسرائيل مع السودان وتحديدا مع البرهان رئيس المجلس العسكري وحميدتي قائد قوات الدعم السريع فحسب ولكن ايضا وهذا الأهم للترويج لدى الرأي العام الدولي أن هذا الكيان , الذي يحتل الأرض ويقتل الأطفال والنساء ويستبيح المقدسات, وسيط مهم وبدعم من واشنطن لتحقيق السلام الموءود في بلد عربي يقتل أبناؤه بعضهم البعض ولا يجدون في الجامعة العربية ولا في أي بلد عربي أو إفريقي صوتا حكيما يحتكمون إليه بإمكانه حقن الدماء وتجنيب الشعب السوداني مزيد المآسي والجروح الدامية ..المثير أن الخارجية الإسرائيلية تزعم أنها اتصلت بالطرفين وأنها تهدف الى اتفاقيات تسمح بوضع حد للعنف والحرب في السودان "ليس سرا أن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين زار الخرطوم قبل نحو ثلاثة أشهر وأنه يسعى لاستمالة الطرفين البرهان وحميدتي للمضي قدما نحو اتفاق التطبيع المعلق وهو بهذه الخطوة يسعى ايضا للحفاظ على جسور التواصل مع الجانبين تحسبا لما يمكن أن تؤول إليه نتائج المعارك الميدانية فيخرج من المشهد بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها خاصة وان الشعب السوداني وبرغم حالة تأبيد الأزمات التي يعرفها منذ عقود يرفض بشدة هذا التطبيع المجاني ويقف لأصحابه بالمرصاد.. لا خلاف أن للإسرائيليين ما يكفي من الدهاء للتسلل بين شقوق كل خلاف يمكن ان يحدث بين العرب لفرض موطئ قدم لهم والاستفادة من حالة الضياع والفراغ التي يمكن ان تحصل ...
لا احد اليوم بإمكانه أن يتكهن بما يمكن أن تؤول إليه الحرب الدائرة شمال السودان وهي حرب حقيقية شاملة وليست مجرد اشتباكات بين جماعات مسلحة والموجهات قائمة بين جيشين يمتلكان من العتاد والسلاح والقوات البشرية ما يمكن أن يمدد أمد المعارك الى حين استنزاف وإنهاك الجميع.. وها أن الحرب الروسية في أوكرانيا دخلت عامها الثاني على التوالي دون أدنى مؤشرات عن قرب موعد توقف القصف والرصاص.. والأمر ينسحب على المشهد الراهن في السودان حيث يمكن ان تمتد الحرب كسابقاتها سنوات أو عقود طالما توفرت الإمدادات من السلاح وكل أسباب الخراب والدمار ..
ولاشك أنه بمجرد انتهاء عمليات إجلاء الأجانب من ديبلوماسيين وموظفين فان المعارك قد تتخذ وجهة مختلفة وتتحول الى حرب عرقية مدمرة.. لقد أظهرت عمليات إجلاء الأجانب من السودان أنه عندما يفرض المجتمع الدولي قراره فانه يتمكن من تحقيق أهدافه فقد أمكن إجلاء الراغبين في مغادرة السودان دون حدوث ما يمس سلامة هؤلاء ورضخ كل من حميدتي والبرهان الى مطالب المجتمع الدولي والتزموا بالهدنة المؤقتة ولوالى حين وهذا ما يعكس مجددا نفاق المجتمع الدولي وانسياقه الى لعبة المصالح لا غير..وقناعتنا أن المجتمع الدولي قبل اللعبة وقام بالتنسيق مع الجانبين لضمان خروج الأجانب سالمين وأمنهم من الموت وجعل سماسرة الحرب يقبلون صاغرين هذا الأمر.. في المقابل تستمر مخاوف السودانيين على وقع أزيز الرصاص وأصوات القنابل وشح الأغذية والأدوية ومختلف الاحتياجات اليومية.. إلا انه وكعادته فان الشعب السوداني لا تنضب مخازن معنوياته المرتفعة وهو الذي يصر على إخراج أجمل ما فيه خلال المحن ليرفع صوته ما أمكن رافضا منطق الحرب وما تحمله من خراب ودمار وضياع للأجيال ...
الواقع أن هناك حقائق لا تقبل التشكيك بان في السودان اجتمعت كل الأسباب التي تعزز أطماع الخارج وتدفع للتكالب عليه فجغرافيا السودان، كما هو تاريخه وحضارته، صنعت أهميّته ومكانته ودوره الاستثنائي على المستويين الإقليمي والدولي، فالسودان يقع على ساحل البحر الأحمر بامتداد يبلغ نحو ثماني مائة كيلومتر وهذا الساحل الطويل يجعله منطق إستراتيجية استثنائية في الأنشطة التجارية ولكن أيضا كحلقة وصل بين ساحله وبين الساحل الشرقي للمحيط الأطلسي، وهو بذلك يربط بين السودان وبين دول غرب أفريقا وكل القارة الإفريقية بما يعني أن أنظار العالم تتطلع الى ما سيؤول إليه المشهد في السودان.. وفي انتظار ما ستحمله الساعات القادمة وعلى أمل ان تنتصر إرادة السلام ويستعيد أهل السودان حقهم في الكرامة والحرية في تقرير المصير وانتخاب سلطة مدنية تقوم على المواطنة وإعلاء شان المواطن السوداني وتفضي بعودة الجيش الى الثكنات فقد يكون في آخر الأخبار المسجلة أمس باستعداد المملكة السعودية لاحتضان لقاء يجمع البرهان وحميدتي ما يمكن أن يساعد على سحب البساط أمام المتلهفين على الحرب ولجم حسابات تل أبيب وإكرام أهل السودان وتجنيبهم الأسوأ وخروج ربما العرب من دائرة قطع الغيار الآدمية المستفزة ..
اسيا العتروس
عندما تبادر سلطة الاحتلال وتعلن رئاسة حكومة ناتنياهو رغبتها واستعدادها لاستضافة محادثات بين البرهان وحميدتي القائدين العسكريين المتناحرين اللذين عبثا بالسودان وجعلا منه ساحة غارقة في دماء أبنائها فان في ذلك ما يكفي لإعلان تحلل الجسد العربي وتحوله الى مجرد قطع غيار آدمية.. وربما لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا أن مصطلح قطع الغيار الآدمية وعلى قسوته وما يحتمله من تأويلات سلبية قد لا يكفي لنقل الصورة على حقيقتها.. طبعا ندرك جيدا أن سلطات تل أبيب أبعد من أن تعمل من أجل فرصة للسلام بين السودانيين بل إننا لا نستبعد دورا إسرائيليا خفيا وراء تأجيج الفتنة فليس سرا أن إسرائيل كانت ولا تزال اكبر مستفيد من كل الانقسامات والأزمات والصراعات والحروب الأهلية العربية العربية بما في ذلك الانقسامات الفلسطينية الفلسطينية.. ولا يمكن لأي وساطة إسرائيلية أن تجلب للسودان أو غير السودان مقدار ذرة من السلام.. وهذا ليس انسياقا وراء نظرية المؤامرة والشماعة التي تتحمل كل المآسي والمحن ولكن الحقيقة أيضا أن في هذه الدعوة الخبيثة التي أطلقتها إسرائيل محاولة لا تخفى على مراقب للترويج لا لعلاقات إسرائيل مع السودان وتحديدا مع البرهان رئيس المجلس العسكري وحميدتي قائد قوات الدعم السريع فحسب ولكن ايضا وهذا الأهم للترويج لدى الرأي العام الدولي أن هذا الكيان , الذي يحتل الأرض ويقتل الأطفال والنساء ويستبيح المقدسات, وسيط مهم وبدعم من واشنطن لتحقيق السلام الموءود في بلد عربي يقتل أبناؤه بعضهم البعض ولا يجدون في الجامعة العربية ولا في أي بلد عربي أو إفريقي صوتا حكيما يحتكمون إليه بإمكانه حقن الدماء وتجنيب الشعب السوداني مزيد المآسي والجروح الدامية ..المثير أن الخارجية الإسرائيلية تزعم أنها اتصلت بالطرفين وأنها تهدف الى اتفاقيات تسمح بوضع حد للعنف والحرب في السودان "ليس سرا أن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين زار الخرطوم قبل نحو ثلاثة أشهر وأنه يسعى لاستمالة الطرفين البرهان وحميدتي للمضي قدما نحو اتفاق التطبيع المعلق وهو بهذه الخطوة يسعى ايضا للحفاظ على جسور التواصل مع الجانبين تحسبا لما يمكن أن تؤول إليه نتائج المعارك الميدانية فيخرج من المشهد بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها خاصة وان الشعب السوداني وبرغم حالة تأبيد الأزمات التي يعرفها منذ عقود يرفض بشدة هذا التطبيع المجاني ويقف لأصحابه بالمرصاد.. لا خلاف أن للإسرائيليين ما يكفي من الدهاء للتسلل بين شقوق كل خلاف يمكن ان يحدث بين العرب لفرض موطئ قدم لهم والاستفادة من حالة الضياع والفراغ التي يمكن ان تحصل ...
لا احد اليوم بإمكانه أن يتكهن بما يمكن أن تؤول إليه الحرب الدائرة شمال السودان وهي حرب حقيقية شاملة وليست مجرد اشتباكات بين جماعات مسلحة والموجهات قائمة بين جيشين يمتلكان من العتاد والسلاح والقوات البشرية ما يمكن أن يمدد أمد المعارك الى حين استنزاف وإنهاك الجميع.. وها أن الحرب الروسية في أوكرانيا دخلت عامها الثاني على التوالي دون أدنى مؤشرات عن قرب موعد توقف القصف والرصاص.. والأمر ينسحب على المشهد الراهن في السودان حيث يمكن ان تمتد الحرب كسابقاتها سنوات أو عقود طالما توفرت الإمدادات من السلاح وكل أسباب الخراب والدمار ..
ولاشك أنه بمجرد انتهاء عمليات إجلاء الأجانب من ديبلوماسيين وموظفين فان المعارك قد تتخذ وجهة مختلفة وتتحول الى حرب عرقية مدمرة.. لقد أظهرت عمليات إجلاء الأجانب من السودان أنه عندما يفرض المجتمع الدولي قراره فانه يتمكن من تحقيق أهدافه فقد أمكن إجلاء الراغبين في مغادرة السودان دون حدوث ما يمس سلامة هؤلاء ورضخ كل من حميدتي والبرهان الى مطالب المجتمع الدولي والتزموا بالهدنة المؤقتة ولوالى حين وهذا ما يعكس مجددا نفاق المجتمع الدولي وانسياقه الى لعبة المصالح لا غير..وقناعتنا أن المجتمع الدولي قبل اللعبة وقام بالتنسيق مع الجانبين لضمان خروج الأجانب سالمين وأمنهم من الموت وجعل سماسرة الحرب يقبلون صاغرين هذا الأمر.. في المقابل تستمر مخاوف السودانيين على وقع أزيز الرصاص وأصوات القنابل وشح الأغذية والأدوية ومختلف الاحتياجات اليومية.. إلا انه وكعادته فان الشعب السوداني لا تنضب مخازن معنوياته المرتفعة وهو الذي يصر على إخراج أجمل ما فيه خلال المحن ليرفع صوته ما أمكن رافضا منطق الحرب وما تحمله من خراب ودمار وضياع للأجيال ...
الواقع أن هناك حقائق لا تقبل التشكيك بان في السودان اجتمعت كل الأسباب التي تعزز أطماع الخارج وتدفع للتكالب عليه فجغرافيا السودان، كما هو تاريخه وحضارته، صنعت أهميّته ومكانته ودوره الاستثنائي على المستويين الإقليمي والدولي، فالسودان يقع على ساحل البحر الأحمر بامتداد يبلغ نحو ثماني مائة كيلومتر وهذا الساحل الطويل يجعله منطق إستراتيجية استثنائية في الأنشطة التجارية ولكن أيضا كحلقة وصل بين ساحله وبين الساحل الشرقي للمحيط الأطلسي، وهو بذلك يربط بين السودان وبين دول غرب أفريقا وكل القارة الإفريقية بما يعني أن أنظار العالم تتطلع الى ما سيؤول إليه المشهد في السودان.. وفي انتظار ما ستحمله الساعات القادمة وعلى أمل ان تنتصر إرادة السلام ويستعيد أهل السودان حقهم في الكرامة والحرية في تقرير المصير وانتخاب سلطة مدنية تقوم على المواطنة وإعلاء شان المواطن السوداني وتفضي بعودة الجيش الى الثكنات فقد يكون في آخر الأخبار المسجلة أمس باستعداد المملكة السعودية لاحتضان لقاء يجمع البرهان وحميدتي ما يمكن أن يساعد على سحب البساط أمام المتلهفين على الحرب ولجم حسابات تل أبيب وإكرام أهل السودان وتجنيبهم الأسوأ وخروج ربما العرب من دائرة قطع الغيار الآدمية المستفزة ..