تسجيل الدولة لفائض في ميزانيتها خلال الشهرين الأوليين من السنة الجارية بقيمة تناهز الـ677 مليون دينار، لا يعد سابقة في تنفيذ الميزانيات من قبل، حيث سجلت تونس في العديد من المرات فائضا محققا –يكون ذلك في الأشهر الأولى من كل سنة تقريبا- لتتغير النتائج كليا في بقية الأشهر، وتنتهي السنة على عجز واسع بسبب ارتفاع المصاريف العمومية وثقل أعباء التعهدات المالية خاصة الخارجية منها التي تستنزف باستمرار موارد الموازنة العامة للدولة...
كما لا يعتبر تسجيل الدولة لفائض في ميزانيتها العمومية انجازا اقتصاديا كبيرا يستدعي الكثير من الاهتمام، بالنظر الى حقيقة نسق نشاط القطاعات الاقتصادية المتباطئ وفي الكثير منها شبه معطلة، بل إن "مؤشر الفائض" يعكس فقط نجاح الدولة في تعبئة مواردها الذاتية المتأتية في أكثر من 70 بالمائة من الجباية، وفشلها بالمقابل في خلق الثروة الحقيقية ذات القيمة المضافة مع تعطل مصادرها في قطاعات الفسفاط والسياحة والخدمات وتوقف كلي للاستثمار ...
وهذا التفسير التقني لـ"مؤشر الفائض" المسجل في تنفيذ نتائج الميزانية العامة، يبعث على الكثير من المخاوف من مواصلة الدولة استهداف المواطن والشركات في تعبئتها للموارد،- باعتبارها الخطة الأسهل والأسلم- لتهجر بالمقابل خطط التنمية والاستثمار التي من شأنها خلق الثروة في البلاد، وتقع في شراك معادلة مختلة بين الربح والخسارة، وهو ما يفسر العجز المتواصل بالميزانية العمومية لسنوات متتالية ومع كل الحكومات المتعاقبة دون الوقوف عند أهمية تعديل هذه المعادلة الفاشلة.
والى اليوم، مازالت الدولة تعول على مواردها الذاتية المتأتية بالأساس من الجباية وهذا ما أظهرته نتائج تنفيذ الميزانية في ما يتعلق بأبرز أسباب "مؤشر الفائض"، التي تعود الى تحسن الاستخلاص بعد تسجيل زيادة في العائدات الجبائية بـ12.7 بالمائة أي بقيمة 6 مليار دينار، دون أن تفكر في إيجاد مصادر جديدة وبديلة ولا حتى التفكير في تطوير مردودية المصادر التقليدية المدرة للتمويلات والتي على رأسها الاستثمار، وبالتالي فان تسجيل الميزانية العمومية لفائض، يحيلنا مباشرة الى أن الدولة تحيد عن دورها المحوري في التنمية والاستثمار في البلاد..
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
تسجيل الدولة لفائض في ميزانيتها خلال الشهرين الأوليين من السنة الجارية بقيمة تناهز الـ677 مليون دينار، لا يعد سابقة في تنفيذ الميزانيات من قبل، حيث سجلت تونس في العديد من المرات فائضا محققا –يكون ذلك في الأشهر الأولى من كل سنة تقريبا- لتتغير النتائج كليا في بقية الأشهر، وتنتهي السنة على عجز واسع بسبب ارتفاع المصاريف العمومية وثقل أعباء التعهدات المالية خاصة الخارجية منها التي تستنزف باستمرار موارد الموازنة العامة للدولة...
كما لا يعتبر تسجيل الدولة لفائض في ميزانيتها العمومية انجازا اقتصاديا كبيرا يستدعي الكثير من الاهتمام، بالنظر الى حقيقة نسق نشاط القطاعات الاقتصادية المتباطئ وفي الكثير منها شبه معطلة، بل إن "مؤشر الفائض" يعكس فقط نجاح الدولة في تعبئة مواردها الذاتية المتأتية في أكثر من 70 بالمائة من الجباية، وفشلها بالمقابل في خلق الثروة الحقيقية ذات القيمة المضافة مع تعطل مصادرها في قطاعات الفسفاط والسياحة والخدمات وتوقف كلي للاستثمار ...
وهذا التفسير التقني لـ"مؤشر الفائض" المسجل في تنفيذ نتائج الميزانية العامة، يبعث على الكثير من المخاوف من مواصلة الدولة استهداف المواطن والشركات في تعبئتها للموارد،- باعتبارها الخطة الأسهل والأسلم- لتهجر بالمقابل خطط التنمية والاستثمار التي من شأنها خلق الثروة في البلاد، وتقع في شراك معادلة مختلة بين الربح والخسارة، وهو ما يفسر العجز المتواصل بالميزانية العمومية لسنوات متتالية ومع كل الحكومات المتعاقبة دون الوقوف عند أهمية تعديل هذه المعادلة الفاشلة.
والى اليوم، مازالت الدولة تعول على مواردها الذاتية المتأتية بالأساس من الجباية وهذا ما أظهرته نتائج تنفيذ الميزانية في ما يتعلق بأبرز أسباب "مؤشر الفائض"، التي تعود الى تحسن الاستخلاص بعد تسجيل زيادة في العائدات الجبائية بـ12.7 بالمائة أي بقيمة 6 مليار دينار، دون أن تفكر في إيجاد مصادر جديدة وبديلة ولا حتى التفكير في تطوير مردودية المصادر التقليدية المدرة للتمويلات والتي على رأسها الاستثمار، وبالتالي فان تسجيل الميزانية العمومية لفائض، يحيلنا مباشرة الى أن الدولة تحيد عن دورها المحوري في التنمية والاستثمار في البلاد..