مكتب البرلمان ولجانه القارة أرشيفات ستجد عشرات مشاريع القوانين والمبادرات التشريعية التي بقيت بعد غلق مقر المجلس في 25 جويلية 2021 في الرفوف
تونس-الصباح
عقد مجلس نواب الشعب جلسته الافتتاحية يوم الاثنين 13 مارس الماضي ومن المنتظر أن يعقد يوم الثلاثاء القادم أولى جلساته العامة للنظر في مشروع نظامه الداخلي، وبالمصادقة على هذا المشروع سيقع تركيز مختلف هياكل المجلس ليشرع إثرها مباشرة في ممارسة وظيفته التشريعية التي خولها له الدستور، وسيجد مكتب المجلس ولجانه القارة أرشيفات عشرات مشاريع القوانين والمبادرات التشريعية التي بقيت بعد غلق مقر المجلس في 25 جويلية 2021 في الرفوف، وهو ما يتطلب إجرائيا غربلتها.
ففي ما مضى كان المجلس في بداية كل مدة نيابية وكل دورة يضبط قائمة تفصيلية في عناوين مشاريع القوانين والمبادرات التشريعية وتواريخ إيداعها بالمجلس وبيان جهة المبادرة سواء كانت الحكومة أو رئاسة الجمهورية أو النواب مع تبيان مآل كل واحد منها بعد الإيداع لكي يعرف النواب والصحفيون وممثلو المجتمع المدني إن كان مشروع القانون أو المبادرة التشريعية من أنظار مكتب المجلس أو هي من أنظار اللجنة التشريعية أو محالة على الجلسة العامة أم أنه قد تم سحبها، كما كان مكتب المجلس أو رئيس المجلس يعقدان في بداية المدة النيابية أو بعيد منح الثقة للحكومة اجتماعات تنسيقية مع رئيس الحكومة من أجل ضبط الأولويات التشريعية، وعلى أساسها تقع دعوة اللجان إلى استعجال النظر في مشاريع القوانين التي ترغب الحكومة في تمريرها، كما كانت الحكومة تقوم في بداية كل مدة نيابية بسحب بعض المشاريع المودعة في وقت سابق في المجلس إما بهدف تعديلها وتقديمها لاحقا في شكل مشاريع قوانين جديدة أو لأنها استغنت عنها ولم تعد ترغب في تمريرها لأنها لا تنسجم مع توجهاتها أو مع البرنامج الذي تم عرضه على المجلس في جلسة التصويت على طلب منح الثقة للحكومة..
أما في ما يتعلق بكيفية التعاطي مع مقترحات القوانين القديمة المقدمة من النواب فيمكن التذكير بأنه سبق لمكتب مجلس نواب الشعب في بداية الدورة النيابية 2019ـ 2020 برئاسة راشد الغنوشي أن اعتبرها في حكم المعدوم لأنه لم يعد هناك وجود لأصحابها وذلك بالنظر إلى التغييرات التي طرأت على تركيبة المجلس النيابي إثر الانتخابات التشريعية، أي أن المكتب قرر وقتها قبر مقترحات القوانين التي قدمها نواب المجلس الذي ترأسه محمد الناصر خلال المدة النيابية 2014ـ 2019، وقد جوبه هذا الإجراء بانتقادات لاذعة ولكنه في النهاية لم يمنع بعض النواب من تبيني عدة مبادرات قديمة وتعديلها والإمضاء عليها وإيداعها رسميا من جديد لتأخذ مجراها ومنها على سبيل الذكر لا الحصر المبادرة الرامية إلى وضع حد لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وخاصة المبادرة المثيرة للجدل والمتعلقة بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إذ قدم المبادرة في المدة النيابية الأولى نواب كتلة الجبهة الشعبية وفي المدة النيابية الثانية نواب حركة الشعب، واليوم بعد عودة حزب الوطد وحركة الشعب إلى البرلمان الجديد من المنتظر أن يقع نفض الغبار على هذه المبادرة خاصة وأن الكتل البرلمانية التي تصدت لها في ما مضى لم يعد لها وجود في المشهد النيابي كما أن رئيس الجمهورية نفسه سبق وأن قال إن التطبيع خيانة عظمى وهو ما يفترض منطقيا موافقته على ختمها وإصدارها بعد مصادقة المجلس عليها.
وللتذكير فقد تضمن مقترح القانون الذي بقي في الرفوف ثمانية فصول وحسب الفصل الأول يقصد بالتطبيع إقامة علاقات طبيعية مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل وأجهزتها ومواطنيها. ويُقصد بإسرائيل: الكيان الصهيوني المحتل والغاصب للأراضي الفلسطينية وللجولان ومزارع شبعا وبمقتضى الفصل الثاني يُعدّ مرتكبا لجريمة التطبيع مع إسرائيل كل من قام أو شارك أو حاول ارتكاب أحد الأفعال التالية:
-عمليات الاتجار والتعاقد والتعاون والمبادلات والتحويلات بكلّ أنواعها التجارية والصناعية والحرفية والمهنية والخدمية والثقافية والعلمية بمقابل أو دونه بصفة عرضية أو متواترة وبشكل مباشر أو عبر وساطة من قبل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين من ذوي الجنسية التونسية مهما كان مقرّ إقامتهم والأشخاص الطبيعيين والمعنويين من ذوي الجنسية التونسية مهما كان مقرّ إقامتهم والأشخاص الطبيعيين والمعنويين المقيمين بالجمهورية التونسية سواء كانت إقامته مؤقتة أو دائمة مع كل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين لهم علاقة مهما كانت طبيعتها مع مؤسسات إسرائيل الحكومية وغير الحكومية العمومية أو الخاصة،
-المشاركة بأي شكل من الأشكال في الأنشطة والفعاليات والتظاهرات والملتقيات والمعارض والمسابقات بأنواعها السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والفنية والرياضية التي تُقام على الإقليم الذي تحتلّه وتتحكّم فيه سلطات إسرائيل أو تلك التي تُشارك في تنظيمها إحدى مؤسسات إسرائيل الحكومية وغير الحكومية سواء كانت عمومية أو خاصة من الذوات الطبيعية أو المعنوية خارج إسرائيل.
وحسب ما ورد في الفصل الثالث من المبادرة التشريعية تعتبر المحاولة في جريمة التطبيع مع إسرائيل مُوجبة للعقاب طبقا لمقتضيات الفصل 59 من المجلة الجزائية. وجاء في الفصل الرابع أنه يعد مشاركا في جريمة التطبيع مع إسرائيل وتنطبق عليه مقتضيات أحكام الفصل 32 من المجلة الجزائية كل من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في المساعدة في ارتكاب الأفعال الواردة بالفصل الثاني أعلاه أما الفصل الخامس فيُعاقب بموجبه مُرتكب جريمة التطبيع مع إسرائيل بالسجن لمدّة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات وبغرامة تتراوح بين عشرة آلاف دينار ومائة ألف دينار. ويجوز للمحكمة بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المذكورة أن تحكم على المدانين بأحد العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل 5 من المجلة الجزائية. ونص الفصل السادس على أن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس يختص دون سواه بإثارة الدعوى العمومية وممارستها في الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون. ولوكلاء الجمهورية لدى بقية المحاكم الابتدائية الإذن بالقيام بالأبحاث الأولية المتأكدة لقصد مُعاينة الجرائم وجمع أدلتها والكشف عن مرتكبيها ويتولون الإعلامات الاختيارية والشكايات والمحاضر والتصاريح المُحرّرة بشأنها ويستنطقون ذي الشبهة بصفة إجمالية بمجرد مثوله أمامهم ويأذنون بوضعه على ذمة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس مع التقارير والمحاضر والأشياء المحجوزة لكشف الحقيقة. وحسب الفصل السابع تختصّ المحكمة الابتدائية بتونس دون سواها من المحاكم العدلية والعسكرية بالنظر في الجرائم المنصوص عليها في قانون تجريم التطبيع، أما الفصل الثامن والأخير فنص على إسقاط التتبّع في تلك الجرائم بمرور ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها وعلى إسقاط العقاب المحكوم به بعد مضي عشرة أعوام من تاريخ صدور الحكم.
القانون الانتخابي
وإضافة إلى مقترح تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني هناك عدد كبير من المشاريع والمبادرات التشريعية الموجودة المعلقة ويمكن الإطلاع عليها من خلال مقررات مكتب المجلس المنحل.. ولعل آخر هذه المشاريع تلك التي قرر المكتب قبيل غلق مقر المجلس وتجميد نشاطه عقد جلسة عامة يوم الثلاثاء 27 جويلية 2021 للنظر فيها، وهي تتمثل في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة إنتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بسقدود" ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة إنتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية ببرج بورقيبة"، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة إنتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بمزونة"، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة انتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بتوزر"، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة انتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بالمتبسطة".
وبالتوازي مع الجلسة العامة كان من المقرر قبل غلق مقر البرلمان تنظيم اجتماع أخير للجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية للمصادقة على تقريرها النهائي حول مقترح القانون الأساسي المتعلق بتعديل القانون الانتخابي في اتجاه اعتماد عتبة انتخابية في الانتخابات التشريعية، وتغيير شروط الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية ومراجعة أحكام تنظيم الحملة الانتخابية ومراقبتها و نظام الاقتراع المعتمد لانتخاب أعضاء المجالس المحلية، كما نقحت اللجنة الفصول المتعلقة بالنزاع الانتخابي ومصادر التمويل والالتزامات المحمولة على المترشحين والقائمات المترشحة والاستفتاء والتزكيات في الانتخابات الرئاسية والجرائم الانتخابية لكنها لم تتجرأ على المساس بالفصول المتصلة بتقسيم الدوائر وضبط عدد مقاعدها وفي النهاية لم يقع عرض المشروع المذكور على جلسة عامة وبقي حبرا على ورق.
أما لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية فإنها تعهدت بدراسة مشروع القانون الأساسي عدد 45 لسنة 2021 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ الصحية ولكنها لم تستكمل النظر فيه، وفي المقابل أنهت لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي يوم الجمعة 16 جويلية 2021 النظر في مشروع القانون التوجيهي المتعلق بالفنان والمهن الفنية، وهذا المشروع ظل يراوح مكانه منذ سنة 2017 وقد انتظره الفانون طويلا ولكن بعد مصادقة اللجنة البرلمانية عليه برمته لم يقع عرضه على جلسة عامة، وحدد المشروع المبادئ التي يقوم عليها تنظيم المهن الفنية خاصة حرية التعبير الفني والثقافي وتشجيع الصناعات الثقافية كما اهتم بمسألة التأجير العادل للفنان و كرس الحماية الاجتماعية له وأخضع الحصول على البطاقة المهنية لشرط الممارسة الفنية.
مجلة المياه
ومن بين مشاريع القوانين الثقيلة التي بقيت أرشيفاتها في رفوف المجلس مشروع القانون الأساسي عدد 66 لسنة 2019 المتعلق بإصدار مجلة المياه الذي تم تمريره على الجلسة العامة لكن الجلسة صوتت يوم 15 جويلية 2021 على إرجاء النظر فيه وذلك بعد استكمال النقاش العام وعرض تقرير لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة في أجواء مشحونة غلب عليها آن ذاك صراخ رئيس كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وصياح نائبات كتلة حركة النهضة إذ أن إحداهن هجمت على موسي وشتمتها وافتكت منها هاتفها الجوال في محاولة لمنعها من البث المباشر لما يحدث داخل قاعة الجلسة . وليست كتلة الحزب الدستوري الحر فقط من طالبت بتأجيل البت في مشروع مجلة المياه ووصفته بالخطير، بل كان هناك ضغط كبير من قبل المجتمع المدني، ويذكر في هذا السياق أن المرصد التونسي للمياه أصدر بيانا طالب من خلاله المجلس بإرجاء الجلسة العامة نظرا لما تضمنه المشروع من نقائص ومخاطر تهدد استدامة الموارد المائية وحوكمتها الرشيدة في ظل أزمة عطش حقيقية تعيشها أغلب جهات الجمهورية، ودعا إلى تنظيم استشارة وطنية واسعة تهدف إلى تعميق النظر في الإستراتجية الوطنية للمياه وعبر عن انزعاجه الشديد من التضارب الموجود في المشروع في علاقة بأدوار السلط المتداخلة في قطاع المياه. ومباشرة بعد التصويت على إرجاء النظر في مشروع مجلة المياه قامت الحكومة بسحبه ثم عملت وزارة الفلاحة على تعديله دون أن تفتح باب الاستشارة أمام المجتمع المدني وهو ما سيجعل مهمة المجلس النيابي الجديد بمناسبة النظر لاحقا في مشروع مجلة المياه صعبة خاصة في ظل تفاقم أزمة المياه وتزايد مخاوف التونسيين من العطش.
سعيدة بوهلال
مكتب البرلمان ولجانه القارة أرشيفات ستجد عشرات مشاريع القوانين والمبادرات التشريعية التي بقيت بعد غلق مقر المجلس في 25 جويلية 2021 في الرفوف
تونس-الصباح
عقد مجلس نواب الشعب جلسته الافتتاحية يوم الاثنين 13 مارس الماضي ومن المنتظر أن يعقد يوم الثلاثاء القادم أولى جلساته العامة للنظر في مشروع نظامه الداخلي، وبالمصادقة على هذا المشروع سيقع تركيز مختلف هياكل المجلس ليشرع إثرها مباشرة في ممارسة وظيفته التشريعية التي خولها له الدستور، وسيجد مكتب المجلس ولجانه القارة أرشيفات عشرات مشاريع القوانين والمبادرات التشريعية التي بقيت بعد غلق مقر المجلس في 25 جويلية 2021 في الرفوف، وهو ما يتطلب إجرائيا غربلتها.
ففي ما مضى كان المجلس في بداية كل مدة نيابية وكل دورة يضبط قائمة تفصيلية في عناوين مشاريع القوانين والمبادرات التشريعية وتواريخ إيداعها بالمجلس وبيان جهة المبادرة سواء كانت الحكومة أو رئاسة الجمهورية أو النواب مع تبيان مآل كل واحد منها بعد الإيداع لكي يعرف النواب والصحفيون وممثلو المجتمع المدني إن كان مشروع القانون أو المبادرة التشريعية من أنظار مكتب المجلس أو هي من أنظار اللجنة التشريعية أو محالة على الجلسة العامة أم أنه قد تم سحبها، كما كان مكتب المجلس أو رئيس المجلس يعقدان في بداية المدة النيابية أو بعيد منح الثقة للحكومة اجتماعات تنسيقية مع رئيس الحكومة من أجل ضبط الأولويات التشريعية، وعلى أساسها تقع دعوة اللجان إلى استعجال النظر في مشاريع القوانين التي ترغب الحكومة في تمريرها، كما كانت الحكومة تقوم في بداية كل مدة نيابية بسحب بعض المشاريع المودعة في وقت سابق في المجلس إما بهدف تعديلها وتقديمها لاحقا في شكل مشاريع قوانين جديدة أو لأنها استغنت عنها ولم تعد ترغب في تمريرها لأنها لا تنسجم مع توجهاتها أو مع البرنامج الذي تم عرضه على المجلس في جلسة التصويت على طلب منح الثقة للحكومة..
أما في ما يتعلق بكيفية التعاطي مع مقترحات القوانين القديمة المقدمة من النواب فيمكن التذكير بأنه سبق لمكتب مجلس نواب الشعب في بداية الدورة النيابية 2019ـ 2020 برئاسة راشد الغنوشي أن اعتبرها في حكم المعدوم لأنه لم يعد هناك وجود لأصحابها وذلك بالنظر إلى التغييرات التي طرأت على تركيبة المجلس النيابي إثر الانتخابات التشريعية، أي أن المكتب قرر وقتها قبر مقترحات القوانين التي قدمها نواب المجلس الذي ترأسه محمد الناصر خلال المدة النيابية 2014ـ 2019، وقد جوبه هذا الإجراء بانتقادات لاذعة ولكنه في النهاية لم يمنع بعض النواب من تبيني عدة مبادرات قديمة وتعديلها والإمضاء عليها وإيداعها رسميا من جديد لتأخذ مجراها ومنها على سبيل الذكر لا الحصر المبادرة الرامية إلى وضع حد لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وخاصة المبادرة المثيرة للجدل والمتعلقة بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إذ قدم المبادرة في المدة النيابية الأولى نواب كتلة الجبهة الشعبية وفي المدة النيابية الثانية نواب حركة الشعب، واليوم بعد عودة حزب الوطد وحركة الشعب إلى البرلمان الجديد من المنتظر أن يقع نفض الغبار على هذه المبادرة خاصة وأن الكتل البرلمانية التي تصدت لها في ما مضى لم يعد لها وجود في المشهد النيابي كما أن رئيس الجمهورية نفسه سبق وأن قال إن التطبيع خيانة عظمى وهو ما يفترض منطقيا موافقته على ختمها وإصدارها بعد مصادقة المجلس عليها.
وللتذكير فقد تضمن مقترح القانون الذي بقي في الرفوف ثمانية فصول وحسب الفصل الأول يقصد بالتطبيع إقامة علاقات طبيعية مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل وأجهزتها ومواطنيها. ويُقصد بإسرائيل: الكيان الصهيوني المحتل والغاصب للأراضي الفلسطينية وللجولان ومزارع شبعا وبمقتضى الفصل الثاني يُعدّ مرتكبا لجريمة التطبيع مع إسرائيل كل من قام أو شارك أو حاول ارتكاب أحد الأفعال التالية:
-عمليات الاتجار والتعاقد والتعاون والمبادلات والتحويلات بكلّ أنواعها التجارية والصناعية والحرفية والمهنية والخدمية والثقافية والعلمية بمقابل أو دونه بصفة عرضية أو متواترة وبشكل مباشر أو عبر وساطة من قبل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين من ذوي الجنسية التونسية مهما كان مقرّ إقامتهم والأشخاص الطبيعيين والمعنويين من ذوي الجنسية التونسية مهما كان مقرّ إقامتهم والأشخاص الطبيعيين والمعنويين المقيمين بالجمهورية التونسية سواء كانت إقامته مؤقتة أو دائمة مع كل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين لهم علاقة مهما كانت طبيعتها مع مؤسسات إسرائيل الحكومية وغير الحكومية العمومية أو الخاصة،
-المشاركة بأي شكل من الأشكال في الأنشطة والفعاليات والتظاهرات والملتقيات والمعارض والمسابقات بأنواعها السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والفنية والرياضية التي تُقام على الإقليم الذي تحتلّه وتتحكّم فيه سلطات إسرائيل أو تلك التي تُشارك في تنظيمها إحدى مؤسسات إسرائيل الحكومية وغير الحكومية سواء كانت عمومية أو خاصة من الذوات الطبيعية أو المعنوية خارج إسرائيل.
وحسب ما ورد في الفصل الثالث من المبادرة التشريعية تعتبر المحاولة في جريمة التطبيع مع إسرائيل مُوجبة للعقاب طبقا لمقتضيات الفصل 59 من المجلة الجزائية. وجاء في الفصل الرابع أنه يعد مشاركا في جريمة التطبيع مع إسرائيل وتنطبق عليه مقتضيات أحكام الفصل 32 من المجلة الجزائية كل من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في المساعدة في ارتكاب الأفعال الواردة بالفصل الثاني أعلاه أما الفصل الخامس فيُعاقب بموجبه مُرتكب جريمة التطبيع مع إسرائيل بالسجن لمدّة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات وبغرامة تتراوح بين عشرة آلاف دينار ومائة ألف دينار. ويجوز للمحكمة بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المذكورة أن تحكم على المدانين بأحد العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل 5 من المجلة الجزائية. ونص الفصل السادس على أن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس يختص دون سواه بإثارة الدعوى العمومية وممارستها في الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون. ولوكلاء الجمهورية لدى بقية المحاكم الابتدائية الإذن بالقيام بالأبحاث الأولية المتأكدة لقصد مُعاينة الجرائم وجمع أدلتها والكشف عن مرتكبيها ويتولون الإعلامات الاختيارية والشكايات والمحاضر والتصاريح المُحرّرة بشأنها ويستنطقون ذي الشبهة بصفة إجمالية بمجرد مثوله أمامهم ويأذنون بوضعه على ذمة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس مع التقارير والمحاضر والأشياء المحجوزة لكشف الحقيقة. وحسب الفصل السابع تختصّ المحكمة الابتدائية بتونس دون سواها من المحاكم العدلية والعسكرية بالنظر في الجرائم المنصوص عليها في قانون تجريم التطبيع، أما الفصل الثامن والأخير فنص على إسقاط التتبّع في تلك الجرائم بمرور ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها وعلى إسقاط العقاب المحكوم به بعد مضي عشرة أعوام من تاريخ صدور الحكم.
القانون الانتخابي
وإضافة إلى مقترح تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني هناك عدد كبير من المشاريع والمبادرات التشريعية الموجودة المعلقة ويمكن الإطلاع عليها من خلال مقررات مكتب المجلس المنحل.. ولعل آخر هذه المشاريع تلك التي قرر المكتب قبيل غلق مقر المجلس وتجميد نشاطه عقد جلسة عامة يوم الثلاثاء 27 جويلية 2021 للنظر فيها، وهي تتمثل في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة إنتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بسقدود" ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة إنتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية ببرج بورقيبة"، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة إنتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بمزونة"، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة انتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بتوزر"، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية لزمة انتاج الكهرباء واتفاقية إشغال الموقع وملاحقهما "للمحطة الفولطاضوئية بالمتبسطة".
وبالتوازي مع الجلسة العامة كان من المقرر قبل غلق مقر البرلمان تنظيم اجتماع أخير للجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية للمصادقة على تقريرها النهائي حول مقترح القانون الأساسي المتعلق بتعديل القانون الانتخابي في اتجاه اعتماد عتبة انتخابية في الانتخابات التشريعية، وتغيير شروط الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية ومراجعة أحكام تنظيم الحملة الانتخابية ومراقبتها و نظام الاقتراع المعتمد لانتخاب أعضاء المجالس المحلية، كما نقحت اللجنة الفصول المتعلقة بالنزاع الانتخابي ومصادر التمويل والالتزامات المحمولة على المترشحين والقائمات المترشحة والاستفتاء والتزكيات في الانتخابات الرئاسية والجرائم الانتخابية لكنها لم تتجرأ على المساس بالفصول المتصلة بتقسيم الدوائر وضبط عدد مقاعدها وفي النهاية لم يقع عرض المشروع المذكور على جلسة عامة وبقي حبرا على ورق.
أما لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية فإنها تعهدت بدراسة مشروع القانون الأساسي عدد 45 لسنة 2021 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ الصحية ولكنها لم تستكمل النظر فيه، وفي المقابل أنهت لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي يوم الجمعة 16 جويلية 2021 النظر في مشروع القانون التوجيهي المتعلق بالفنان والمهن الفنية، وهذا المشروع ظل يراوح مكانه منذ سنة 2017 وقد انتظره الفانون طويلا ولكن بعد مصادقة اللجنة البرلمانية عليه برمته لم يقع عرضه على جلسة عامة، وحدد المشروع المبادئ التي يقوم عليها تنظيم المهن الفنية خاصة حرية التعبير الفني والثقافي وتشجيع الصناعات الثقافية كما اهتم بمسألة التأجير العادل للفنان و كرس الحماية الاجتماعية له وأخضع الحصول على البطاقة المهنية لشرط الممارسة الفنية.
مجلة المياه
ومن بين مشاريع القوانين الثقيلة التي بقيت أرشيفاتها في رفوف المجلس مشروع القانون الأساسي عدد 66 لسنة 2019 المتعلق بإصدار مجلة المياه الذي تم تمريره على الجلسة العامة لكن الجلسة صوتت يوم 15 جويلية 2021 على إرجاء النظر فيه وذلك بعد استكمال النقاش العام وعرض تقرير لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة في أجواء مشحونة غلب عليها آن ذاك صراخ رئيس كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وصياح نائبات كتلة حركة النهضة إذ أن إحداهن هجمت على موسي وشتمتها وافتكت منها هاتفها الجوال في محاولة لمنعها من البث المباشر لما يحدث داخل قاعة الجلسة . وليست كتلة الحزب الدستوري الحر فقط من طالبت بتأجيل البت في مشروع مجلة المياه ووصفته بالخطير، بل كان هناك ضغط كبير من قبل المجتمع المدني، ويذكر في هذا السياق أن المرصد التونسي للمياه أصدر بيانا طالب من خلاله المجلس بإرجاء الجلسة العامة نظرا لما تضمنه المشروع من نقائص ومخاطر تهدد استدامة الموارد المائية وحوكمتها الرشيدة في ظل أزمة عطش حقيقية تعيشها أغلب جهات الجمهورية، ودعا إلى تنظيم استشارة وطنية واسعة تهدف إلى تعميق النظر في الإستراتجية الوطنية للمياه وعبر عن انزعاجه الشديد من التضارب الموجود في المشروع في علاقة بأدوار السلط المتداخلة في قطاع المياه. ومباشرة بعد التصويت على إرجاء النظر في مشروع مجلة المياه قامت الحكومة بسحبه ثم عملت وزارة الفلاحة على تعديله دون أن تفتح باب الاستشارة أمام المجتمع المدني وهو ما سيجعل مهمة المجلس النيابي الجديد بمناسبة النظر لاحقا في مشروع مجلة المياه صعبة خاصة في ظل تفاقم أزمة المياه وتزايد مخاوف التونسيين من العطش.