أطلقت العديد من الجمعيات في الضاحية الجنوبية للعاصمة مبادرات بيئية بهدف النهوض بالجهة وديمومة نظافتها، بالتعاون مع بلديات المكان. لكن بعد أكثر من خمس سنوات على الانتخابات البلدية، ما تزال المواقف على حالها من قبل ساكني منطقة بلدية بومهل، بين من يتذمر من تقصير البلدية في تحسين الوضع البيئي المتردي ومن كثرة الفضلات، وبين من يحمّل المسؤولية لبعض المواطنين في انتشار ظاهرة تكدس الفضلات والتأخر في عملية رفعها.
أحدثت بلدية بومهل البساتين بموجب الأمر عدد 852-1991 المؤرخ في 3 ماي 1991 على مساحة جملية تقدر ب2198 هكتارا، وقد كان مجالها الترابي تابعا لبلدية حمام الأنف بالنسبة لبومهل، ولبلدية الزهراء بالنسبة للبساتين، ويبلغ عدد سكانها حسب آخر إحصاء (سنة 2014) أكثر من 40 ألف ساكن.
فضلات تحتل المنطقة
لا تعتبر بلدية بومهل منطقة ذات كثافة سكنية عالية مقارنة بمناطق بلدية أخرى في ولايات مجاورة، لكن، ورغم هذه الميزة إلا أن العديد من المواقع فيها تحتلها الفضلات.
تقول نجوى شبوح القاطنة بمدينة بومهل:"المواطن هو المسؤول بدرجة أولى على نظافة محيطه، يعد الحي الذي أقطنه نظيفا نسبيا، لكني لاحظت تقصيرا لافتا من البلدية في ما يتعلق برفع الفضلات، حيث عاينت في الفترة الأخيرة أن البلدية لم تقم بدورها في هذا المجال كما يجب ما أدى إلى تراكم الفضلات."
وتضيف شبوح:" أزمة الأعشاب الطفيلية وفضلات البناء لا تقل أهمية عن الفضلات المنزلية، وأعتبر السبب الرئيسي لهذا الإشكال ضعف المراقبة أو انعدامها أحيانا."
بعد معاينتنا للمنطقة البلدية، لاحظنا أن الحي السكني بالخليج يحوز النصيب الأكبر من تكدس النفايات المنزلية الملقاة هناك وهناك، يمنة ويسرة، تحوم حولها الكلاب والقطط، وامتدت حتى إلى أراضي خضراء تحولت إلى مكبات تنبعث منها روائح كريهة، ومصدر إزعاج للساكنين، عوض أن تكون مصدرا للراحة والهدوء. فإلى أي مدى يمكن تحميل البلدية مسؤولية التقصير في القيام بدورها في نظافة المنطقة، وما حقيقة تورط بعض المواطنين ومساهمتهم في تفشي ظاهرة تكدس الفضلات بسبب عدم احترام التراتيب المنظمة لإخراجها وتعمدهم إلقاء الفضلات المنزلية وحتى فضلات البناء بطرق عشوائية ومخالفة للقوانين.؟
تقول رئيسة جمعية النهوض بثقافة البيئة ببومهل ألفة المؤدب، بأن المشكلة الأساسية تكمن في أن البلدية غير ملتزمة بتوقيت رفع الفضلات، علاوة على عدم توفيرها للحاويات .
وعبّرت المؤدب عن قلقها من غياب برامج تهدف إلى تشريك المواطنين في إدارة الشأن المحلي، كإيجاد حلول وتصورات لتثمين النفايات وإعادة تدويرها، وتثمين المياه والطاقة..، كما أكدت على ضرورة تطبيق القانون، وردع أي شخص يخالف القانون سواء عند إلقاء الفضلات في غير وقتها أو في مكان غير مخصصة له، علاوة على ضرورة تسييج الأراضي البيضاء حتى لا تصبح مصبات عشوائية."
توجهنا لمنطقة حي المهرجان، حيث يقطن شمس الدين البجاوي (ناشط بالمجتمع المدني وباحث في القانون)، فقد كانت له وجهة نظر مختلفة، إذ أكد على أن المنطقة "كانت رائدة في مجال النظافة، لكن تراكم النفايات فيها يعود لعدة أسباب منها ضعف الإمكانيات المتوفرة لدى البلدية مثل الشاحنات الضاغطة المخصصة لرفع الفضلات.
وحمّل البجاوي مسؤولية تردي الوضع البيئي في المنطقة إلى المواطن"الذي يلقي بفضلات البناء دون التنسيق مع البلدية ودون احترام الإجراءات الإدارية." ولاحظ أن التلوث في بلدية بومهل ليس لافتا مقارنة ببقية البلديات المجاورة.
إمكانيات ضعيفة
أشار كاتب عام بلدية بومهل السيد أسامة المساكني أن"المنطقة تشهد توسعا شبه يومي، من خلال كثرة الأحياء غير المنتظمة دون تراخيص ما جعل البلدية عاجزة عن القيام بواجبها، كما أنها تعاني من ضعف الإمكانيات، فمنذ 10 سنوات لم يتم انتداب أي عون وذلك لأن الميزانية غير كافية لسد الشغورات."
وانتقد المساكني سلوك بعض المواطنين، لأنهم لا يحترمون مواعيد إخراج الفضلات المنزلية، وقال"لا يوجد فرق بين الأحياء الشعبية وبين الأحياء المنتظمة في بلدية بومهل، لكن المناطق المنتظمة كحي هواء الطلق، درجة الوعي البيئي فيها مرتفعة مقارنة بالأحياء الشعبية، فالمواطن يضع الفضلات في الحاويات، مع احترام توقيت الرفع من قبل شاحنات البلدية."
وكشف أنه سيتم مستقبلا مضاعفة عدد الحاويات مع اعتماد نقاط لتجميع الفضلات بالاتفاق مع المواطنين، كما سيتم تفعيل جهاز التراتيب البلدية لتحرير مخالفات ضد المواطنين المخالفين للقانون.
يحدد نظام تقييم أداء البلديات طريقة احتساب مقدار المساعدة السنوية غير الموظفة على أساس صيغة شفافة وموضوعية ومنصفة ومشروطة بتقييم الأداء وباحترام الخمس شروط الدنيا المستوجبة. ويتم تقييم أداء البلديات حسب مقاييس باستعمال نظام إسناد أعداد يغطي ثلاثة ميادين: تحسين الخدمات المسداة والمشاركة والشفافية وتحسين الموارد.
يجب على البلدية الحصول على عدد يساوي أو يفوق 50 نقطة من حساب 100 نقطة في إطار تقييم الأداء المنجز من قبل هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية للانتفاع بجزء من المساعدة السنوية غير الموظفة.
وبالرجوع إلى آخر تقييم نجد أن أغلب البلديات متحصلة على عدد يفوق الستين، وتحصلت بلدية بومهل على تقييم يساوي 63 من مجموع 100 نقطة.
وتحتل تونس المركز 96 في مؤشر الأداء البيئي لعام 2022 من بين 180 بلدا مصنفا متراجعة ب25 مرتبة مقارنة بسنة 2020، حيث كانت تحتل المرتبة 71 دوليا، وجاءت تونس في تصنيف 2022 في المركز الخامس عربيا و13 إفريقيا، وتعتبر تونس حسب معطيات تحصلنا عليها من منظمة "إتلاف إرثنا" الدولة الثالثة على الصعيد الإفريقي من حيث التلوث البيئي.
ويؤكد الخبير الدولي في البيئة د.عادل الهنتاتي أن "تقييم الأداء البلدي يعتمد على مدى جدية خدمات البلدية في تأمين النظافة كجمع النفايات، تهيئة المناطق الخضراء، وكيفية التعامل مع الكوارث كالفيضانات، إضافة إلى تحسين الطرقات والبنية التحتية."
وقال "البلدية تتحصل على أرقام إيجابية حسب بذل العناية والمحاولة لا حسب النتيجة المحققة في حيث أن مؤشر الأداء البيئي الصادر عن جهات دولية يقييم نتيجة الجهد المبذول وما تحققه البلديات على أرض الواقع ."
وأضاف أن " تعتبر تونس من البلدان الملوثة نسبيا، لأن الجهد موجود لكن الكلفة أكثر من الميزانية السنوية، فعلى سبيل المثال يتم جمع النفايات دون انتقائها وفرزها، فالفضلات المنزلية تختلط بالفضلات الصناعية والطبية أحيانا ما يشكل خطرا بيئيا محدقا."
وفاء الطرابلسي: (في إطار برنامج مراسلون)
أطلقت العديد من الجمعيات في الضاحية الجنوبية للعاصمة مبادرات بيئية بهدف النهوض بالجهة وديمومة نظافتها، بالتعاون مع بلديات المكان. لكن بعد أكثر من خمس سنوات على الانتخابات البلدية، ما تزال المواقف على حالها من قبل ساكني منطقة بلدية بومهل، بين من يتذمر من تقصير البلدية في تحسين الوضع البيئي المتردي ومن كثرة الفضلات، وبين من يحمّل المسؤولية لبعض المواطنين في انتشار ظاهرة تكدس الفضلات والتأخر في عملية رفعها.
أحدثت بلدية بومهل البساتين بموجب الأمر عدد 852-1991 المؤرخ في 3 ماي 1991 على مساحة جملية تقدر ب2198 هكتارا، وقد كان مجالها الترابي تابعا لبلدية حمام الأنف بالنسبة لبومهل، ولبلدية الزهراء بالنسبة للبساتين، ويبلغ عدد سكانها حسب آخر إحصاء (سنة 2014) أكثر من 40 ألف ساكن.
فضلات تحتل المنطقة
لا تعتبر بلدية بومهل منطقة ذات كثافة سكنية عالية مقارنة بمناطق بلدية أخرى في ولايات مجاورة، لكن، ورغم هذه الميزة إلا أن العديد من المواقع فيها تحتلها الفضلات.
تقول نجوى شبوح القاطنة بمدينة بومهل:"المواطن هو المسؤول بدرجة أولى على نظافة محيطه، يعد الحي الذي أقطنه نظيفا نسبيا، لكني لاحظت تقصيرا لافتا من البلدية في ما يتعلق برفع الفضلات، حيث عاينت في الفترة الأخيرة أن البلدية لم تقم بدورها في هذا المجال كما يجب ما أدى إلى تراكم الفضلات."
وتضيف شبوح:" أزمة الأعشاب الطفيلية وفضلات البناء لا تقل أهمية عن الفضلات المنزلية، وأعتبر السبب الرئيسي لهذا الإشكال ضعف المراقبة أو انعدامها أحيانا."
بعد معاينتنا للمنطقة البلدية، لاحظنا أن الحي السكني بالخليج يحوز النصيب الأكبر من تكدس النفايات المنزلية الملقاة هناك وهناك، يمنة ويسرة، تحوم حولها الكلاب والقطط، وامتدت حتى إلى أراضي خضراء تحولت إلى مكبات تنبعث منها روائح كريهة، ومصدر إزعاج للساكنين، عوض أن تكون مصدرا للراحة والهدوء. فإلى أي مدى يمكن تحميل البلدية مسؤولية التقصير في القيام بدورها في نظافة المنطقة، وما حقيقة تورط بعض المواطنين ومساهمتهم في تفشي ظاهرة تكدس الفضلات بسبب عدم احترام التراتيب المنظمة لإخراجها وتعمدهم إلقاء الفضلات المنزلية وحتى فضلات البناء بطرق عشوائية ومخالفة للقوانين.؟
تقول رئيسة جمعية النهوض بثقافة البيئة ببومهل ألفة المؤدب، بأن المشكلة الأساسية تكمن في أن البلدية غير ملتزمة بتوقيت رفع الفضلات، علاوة على عدم توفيرها للحاويات .
وعبّرت المؤدب عن قلقها من غياب برامج تهدف إلى تشريك المواطنين في إدارة الشأن المحلي، كإيجاد حلول وتصورات لتثمين النفايات وإعادة تدويرها، وتثمين المياه والطاقة..، كما أكدت على ضرورة تطبيق القانون، وردع أي شخص يخالف القانون سواء عند إلقاء الفضلات في غير وقتها أو في مكان غير مخصصة له، علاوة على ضرورة تسييج الأراضي البيضاء حتى لا تصبح مصبات عشوائية."
توجهنا لمنطقة حي المهرجان، حيث يقطن شمس الدين البجاوي (ناشط بالمجتمع المدني وباحث في القانون)، فقد كانت له وجهة نظر مختلفة، إذ أكد على أن المنطقة "كانت رائدة في مجال النظافة، لكن تراكم النفايات فيها يعود لعدة أسباب منها ضعف الإمكانيات المتوفرة لدى البلدية مثل الشاحنات الضاغطة المخصصة لرفع الفضلات.
وحمّل البجاوي مسؤولية تردي الوضع البيئي في المنطقة إلى المواطن"الذي يلقي بفضلات البناء دون التنسيق مع البلدية ودون احترام الإجراءات الإدارية." ولاحظ أن التلوث في بلدية بومهل ليس لافتا مقارنة ببقية البلديات المجاورة.
إمكانيات ضعيفة
أشار كاتب عام بلدية بومهل السيد أسامة المساكني أن"المنطقة تشهد توسعا شبه يومي، من خلال كثرة الأحياء غير المنتظمة دون تراخيص ما جعل البلدية عاجزة عن القيام بواجبها، كما أنها تعاني من ضعف الإمكانيات، فمنذ 10 سنوات لم يتم انتداب أي عون وذلك لأن الميزانية غير كافية لسد الشغورات."
وانتقد المساكني سلوك بعض المواطنين، لأنهم لا يحترمون مواعيد إخراج الفضلات المنزلية، وقال"لا يوجد فرق بين الأحياء الشعبية وبين الأحياء المنتظمة في بلدية بومهل، لكن المناطق المنتظمة كحي هواء الطلق، درجة الوعي البيئي فيها مرتفعة مقارنة بالأحياء الشعبية، فالمواطن يضع الفضلات في الحاويات، مع احترام توقيت الرفع من قبل شاحنات البلدية."
وكشف أنه سيتم مستقبلا مضاعفة عدد الحاويات مع اعتماد نقاط لتجميع الفضلات بالاتفاق مع المواطنين، كما سيتم تفعيل جهاز التراتيب البلدية لتحرير مخالفات ضد المواطنين المخالفين للقانون.
يحدد نظام تقييم أداء البلديات طريقة احتساب مقدار المساعدة السنوية غير الموظفة على أساس صيغة شفافة وموضوعية ومنصفة ومشروطة بتقييم الأداء وباحترام الخمس شروط الدنيا المستوجبة. ويتم تقييم أداء البلديات حسب مقاييس باستعمال نظام إسناد أعداد يغطي ثلاثة ميادين: تحسين الخدمات المسداة والمشاركة والشفافية وتحسين الموارد.
يجب على البلدية الحصول على عدد يساوي أو يفوق 50 نقطة من حساب 100 نقطة في إطار تقييم الأداء المنجز من قبل هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية للانتفاع بجزء من المساعدة السنوية غير الموظفة.
وبالرجوع إلى آخر تقييم نجد أن أغلب البلديات متحصلة على عدد يفوق الستين، وتحصلت بلدية بومهل على تقييم يساوي 63 من مجموع 100 نقطة.
وتحتل تونس المركز 96 في مؤشر الأداء البيئي لعام 2022 من بين 180 بلدا مصنفا متراجعة ب25 مرتبة مقارنة بسنة 2020، حيث كانت تحتل المرتبة 71 دوليا، وجاءت تونس في تصنيف 2022 في المركز الخامس عربيا و13 إفريقيا، وتعتبر تونس حسب معطيات تحصلنا عليها من منظمة "إتلاف إرثنا" الدولة الثالثة على الصعيد الإفريقي من حيث التلوث البيئي.
ويؤكد الخبير الدولي في البيئة د.عادل الهنتاتي أن "تقييم الأداء البلدي يعتمد على مدى جدية خدمات البلدية في تأمين النظافة كجمع النفايات، تهيئة المناطق الخضراء، وكيفية التعامل مع الكوارث كالفيضانات، إضافة إلى تحسين الطرقات والبنية التحتية."
وقال "البلدية تتحصل على أرقام إيجابية حسب بذل العناية والمحاولة لا حسب النتيجة المحققة في حيث أن مؤشر الأداء البيئي الصادر عن جهات دولية يقييم نتيجة الجهد المبذول وما تحققه البلديات على أرض الواقع ."
وأضاف أن " تعتبر تونس من البلدان الملوثة نسبيا، لأن الجهد موجود لكن الكلفة أكثر من الميزانية السنوية، فعلى سبيل المثال يتم جمع النفايات دون انتقائها وفرزها، فالفضلات المنزلية تختلط بالفضلات الصناعية والطبية أحيانا ما يشكل خطرا بيئيا محدقا."