بعد يوم واحد من إعلان السفير الأمريكي بتونس جوي هود عن استعداد بلاده إرسال بواخر قمح إلى تونس لمساعدتها لتخطي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، كشفت أمس وزارة الشؤون الخارجية في بلاغ لها نشرته بمواقعها على صفحة التواصل الاجتماعي "فايس بوك" عن تلقي الوزير نبيل عمّار لاتصال هاتفي من نظيره الروسي، سيرغي لافروف.
واكتفى بلاغ الخارجية، بالإشارة إلى أن المكالمة تناولت “تهنئة” لافروف لعمّار بمنصبه الجديد، و"علاقات الصداقة العريقة بين البلدين القائمة على الاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة".
كما تبادل "الطرفان الرأي حول أهمية المواقف المتوازنة والمسؤولة في عالم يشهد تغيرات عميقة وسريعة."، فضلا عن التطرق إلى "إلى أهم الاستحقاقات الثنائية القادمة وسبل تطوير التعاون الثنائي في شتى المجالات. كما تشاورا حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
بدورها، كشفت الخارجية الروسية بأن الوزيرين اتفقا على “تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية المشتركة”، كما أكدا أهمية “تسوية جميع النزاعات القائمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالطرق السياسية والدبلوماسية وفق مبادئ القانون الدولي”.
تجدر الإشارة إلى أن توقيت المحادثة الهاتفية يحمل دلالات عميقة، على اعتبار أنها تأتي في وقت تشهد فيه تونس صعوبات في تأمين موارد مالية خارجية ضرورية لسد عجز توازنات المالية العمومية، وانسدادا في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل اتفاق لتمويل إصلاحات هيكلية.
كما تأتي المحادثة الروسية التونسية، في وقت صعدت فيه الدبلوماسية الأوربية والأمريكية تحركاتها خاصة في الفترة الأخيرة مركزة اهتمامها على تونس، وبرز أيضا خلالها الطرف الإيطالي في صورة المدافع الشرس عن مصالح تونس الاقتصادية، بالتوازي مع تواصل الضغوطات على السلطات التونسية من أجل القبول لا لفقط بشروط صندوق النقد الدولي بل أيضا ربما بتقديم تنازلات لها أبعاد جيوسياسية وإستراتيجية تدخل في إطار علاقاتها الدولية مع التحالف الروسي الصيني..
وجاء الاهتمام الأوربي الأمريكي على تونس في الفترة الأخيرة، بسبب تخوفها من إمكانية توجه تونس في النهاية شرقا بحثا عن تحالفات اقتصادية جديدة في ظل انسداد قنوات الحلول التقليدية مع شركائها الأوربيين وحتى من دول صديقة وشقيقة.
علما أن تونس كانت تستعد لاستقبال زيارة رسمية لوزير الخارجية الروسي قبل أسابيع في إطار جولة افريقية قام بها لافروف، لكن الزيارة لم تتم لأسباب غير معلومة..
يذكر أن السفير الأمريكي بتونس، جوي هود، كان قد كشف أول أمس الخميس في حوار صحفي، أن بلاه تنوي إرسال بواخر قمح إلى تونس، فضلا عن تقديم دعم مادي بهدف “تخفيف آثار الغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد التونسي”. وذلك بعد أيام من تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده مستعدة لنقل الحبوب والأسمدة للدول الإفريقية مجاناً.
وعّبر السفير الأمريكي عن تفاؤله إثر إطلاعه على خطة الإصلاح الاقتصادي التونسية، مؤكدا في حال مضت الحكومة في تنفيذ هذه الخطة سيكون هناك عائد اقتصادي جيد جدا.. وأضاف في حوار مع راديو "اكسبريس أف أم"، أن المساعدات الأمريكية الموجهة إلى تونس تم تعديلها، وكشف أنه سيتم خلال الفترة القادمة إرسال بواخر محملة بالقمح إلى تونس بتمويل أمريكي..
وكان الرئيس الروسي فالديمير بوتين أعلن في وقت سابق هذا الشهر بأن روسيا، حال ما قررت عدم تجديد صفقة الحبوب، مستعدة لإرسال الحبوب إلى أفريقيا مجانا.
تخوفات من تقارب تونسي روسي
وفي علاقة، بتخوف الأوربي الأمريكي من تقارب محتمل بين تونس وروسيا، كان وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، قد أكد في تصريحات صحفية على ضرورة عدم ارتكاب خطأ التخلي عن تونس وقال:"الكل يتحرك، دعونا لا نرتكب خطأ ترك تونس للإخوان المسلمين، الاتحاد الأوروبي يتحرك أيضا" .وأضاف تاياني أن "فرنسا تراقب باهتمام بالغ المشكلة وذلك على إثر اللقاء الذي جمع بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء جورجيا ميلوني"، وفق ما نقلت وكالة نوفا للأنباء.
وتابع "نحن نؤيد التوصل إلى حل وسط، أي تقديم دعم أولي لأن التونسيين يجادلون بأنه بدون المال لا يمكنهم تنفيذ الإصلاحات" وتساءل بالقول "ماذا سنفعل إذا لم يتدخل الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد الدولي وتدخلت الصين أو روسيا؟" مؤكدا على ضرورة وضع إستراتيجية عالمية.
وأكد في نفس السياق على الحاجة "إلى تدخل استراتيجي لأفريقيا، فالتغير المناخي يدمر الزراعة في العديد من البلدان وإذا لم نتدخل بنوع من خطة مارشال، فسنضطر دائمًا لمواجهة حالات الطوارئ".
تنسيق أوروبي أمريكي
وفي سياق متصل، وفي إطار التنسيق الأوروبي الأمريكي الايطالي، لمساعدة تونس ماليا بدعوى حماية اقتصادها من انهيار وشيك، كشفت الحكومة الايطالية عن سعيها الضغط عل صندوق النقد الدولي من اجل منح قسط مالي عاجل لفائدة تونس لتجاوز الظرف الاقتصادي الصعب.
ووفقا لما أوردته وكالة نوفا للأنباء، قال وزير الخارجية الايطالي أنطونير تاياني في تصريحات تلفزية، إن "إيطاليا بصدد دفع صندوق النقد الدولي نحو إسناد تونس القسط الأول على الأقل من التمويل أي ما يعادل 300 مليون دولار".
وبحسب تاياني، تشكو تونس "أزمة مالية شديدة"، مضيفًا "نحن إيطاليا نبذل قصارى جهدنا لمنع أزمة من شأنها أن تتسبب في مزيد من الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار في جميع أنحاء شمال إفريقيا" مشددا على ضرورة "إنقاذ تونس بسرعة".
وكشف أنه تحدث مع نظيره الأمريكي، أنتوني بلينكين "لمشاركة إستراتيجية تسمح للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالتحرك".
وتزامنت تصريحات تاياني، وتصريحات السفير الأمريكي، مع رفع وكالة التصنيف السيادي ''فيتش رايتنغ'' ترقيم الإصدارات الرقاعية طويلة المدى لتونس بالعملة الأجنبية والمحلية من ccc إلى ccc+ بعد تصحيح الترقيم الصادر في ديسمبر 2022.
ويعني ذلك عمليا أن الوكالة تعتبر أن قدرة تونس على الإيفاء بالتزاماتها في الأسواق الرقاعية المالية قد تحسنت داخليا وخارجيا في ظل ورود معطيات جديدة في هذا الخصوص. ويتم في هذه الأسواق بشكل عام تداول سندات أو رقاع تمثل دينا على الدولة لدى مجموعة كبرى من المكتتبين..
وفي هذا الإطار، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد جراية أن التطور الإيجابي في مواقف البنك الدولي والمانحين الدوليين تجاه تونس، مرتبط بعديد التغيرات الجيوبوليتيكية بالنسبة للاقتصاد العالمي وبالأساس ما يتداول حول إمكانية إنشاء مجموعة البريكس بنكا ينافس المانحين التقليديين.
وقال أمس في تصريح لراديو "موزاييك":"يوجد تغيرات متسارعة في علاقة بالتوازنات السياسية والاقتصادية الدولية وبالأساس مجموعة البريكس (تكتل سياسي اقتصادي يضم الصين والبرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا) وما يُتداول من أخبار بشأن وجود اتفاق على إنشاء البريكس بنكا سيكون منافسا لصندوق النقد والبنك الدولي مما قد يجعل الحلفاء يغيرون مواقفهم ونظرتهم إلى تونس".
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
بعد يوم واحد من إعلان السفير الأمريكي بتونس جوي هود عن استعداد بلاده إرسال بواخر قمح إلى تونس لمساعدتها لتخطي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، كشفت أمس وزارة الشؤون الخارجية في بلاغ لها نشرته بمواقعها على صفحة التواصل الاجتماعي "فايس بوك" عن تلقي الوزير نبيل عمّار لاتصال هاتفي من نظيره الروسي، سيرغي لافروف.
واكتفى بلاغ الخارجية، بالإشارة إلى أن المكالمة تناولت “تهنئة” لافروف لعمّار بمنصبه الجديد، و"علاقات الصداقة العريقة بين البلدين القائمة على الاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة".
كما تبادل "الطرفان الرأي حول أهمية المواقف المتوازنة والمسؤولة في عالم يشهد تغيرات عميقة وسريعة."، فضلا عن التطرق إلى "إلى أهم الاستحقاقات الثنائية القادمة وسبل تطوير التعاون الثنائي في شتى المجالات. كما تشاورا حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
بدورها، كشفت الخارجية الروسية بأن الوزيرين اتفقا على “تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية المشتركة”، كما أكدا أهمية “تسوية جميع النزاعات القائمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالطرق السياسية والدبلوماسية وفق مبادئ القانون الدولي”.
تجدر الإشارة إلى أن توقيت المحادثة الهاتفية يحمل دلالات عميقة، على اعتبار أنها تأتي في وقت تشهد فيه تونس صعوبات في تأمين موارد مالية خارجية ضرورية لسد عجز توازنات المالية العمومية، وانسدادا في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل اتفاق لتمويل إصلاحات هيكلية.
كما تأتي المحادثة الروسية التونسية، في وقت صعدت فيه الدبلوماسية الأوربية والأمريكية تحركاتها خاصة في الفترة الأخيرة مركزة اهتمامها على تونس، وبرز أيضا خلالها الطرف الإيطالي في صورة المدافع الشرس عن مصالح تونس الاقتصادية، بالتوازي مع تواصل الضغوطات على السلطات التونسية من أجل القبول لا لفقط بشروط صندوق النقد الدولي بل أيضا ربما بتقديم تنازلات لها أبعاد جيوسياسية وإستراتيجية تدخل في إطار علاقاتها الدولية مع التحالف الروسي الصيني..
وجاء الاهتمام الأوربي الأمريكي على تونس في الفترة الأخيرة، بسبب تخوفها من إمكانية توجه تونس في النهاية شرقا بحثا عن تحالفات اقتصادية جديدة في ظل انسداد قنوات الحلول التقليدية مع شركائها الأوربيين وحتى من دول صديقة وشقيقة.
علما أن تونس كانت تستعد لاستقبال زيارة رسمية لوزير الخارجية الروسي قبل أسابيع في إطار جولة افريقية قام بها لافروف، لكن الزيارة لم تتم لأسباب غير معلومة..
يذكر أن السفير الأمريكي بتونس، جوي هود، كان قد كشف أول أمس الخميس في حوار صحفي، أن بلاه تنوي إرسال بواخر قمح إلى تونس، فضلا عن تقديم دعم مادي بهدف “تخفيف آثار الغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد التونسي”. وذلك بعد أيام من تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده مستعدة لنقل الحبوب والأسمدة للدول الإفريقية مجاناً.
وعّبر السفير الأمريكي عن تفاؤله إثر إطلاعه على خطة الإصلاح الاقتصادي التونسية، مؤكدا في حال مضت الحكومة في تنفيذ هذه الخطة سيكون هناك عائد اقتصادي جيد جدا.. وأضاف في حوار مع راديو "اكسبريس أف أم"، أن المساعدات الأمريكية الموجهة إلى تونس تم تعديلها، وكشف أنه سيتم خلال الفترة القادمة إرسال بواخر محملة بالقمح إلى تونس بتمويل أمريكي..
وكان الرئيس الروسي فالديمير بوتين أعلن في وقت سابق هذا الشهر بأن روسيا، حال ما قررت عدم تجديد صفقة الحبوب، مستعدة لإرسال الحبوب إلى أفريقيا مجانا.
تخوفات من تقارب تونسي روسي
وفي علاقة، بتخوف الأوربي الأمريكي من تقارب محتمل بين تونس وروسيا، كان وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، قد أكد في تصريحات صحفية على ضرورة عدم ارتكاب خطأ التخلي عن تونس وقال:"الكل يتحرك، دعونا لا نرتكب خطأ ترك تونس للإخوان المسلمين، الاتحاد الأوروبي يتحرك أيضا" .وأضاف تاياني أن "فرنسا تراقب باهتمام بالغ المشكلة وذلك على إثر اللقاء الذي جمع بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء جورجيا ميلوني"، وفق ما نقلت وكالة نوفا للأنباء.
وتابع "نحن نؤيد التوصل إلى حل وسط، أي تقديم دعم أولي لأن التونسيين يجادلون بأنه بدون المال لا يمكنهم تنفيذ الإصلاحات" وتساءل بالقول "ماذا سنفعل إذا لم يتدخل الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد الدولي وتدخلت الصين أو روسيا؟" مؤكدا على ضرورة وضع إستراتيجية عالمية.
وأكد في نفس السياق على الحاجة "إلى تدخل استراتيجي لأفريقيا، فالتغير المناخي يدمر الزراعة في العديد من البلدان وإذا لم نتدخل بنوع من خطة مارشال، فسنضطر دائمًا لمواجهة حالات الطوارئ".
تنسيق أوروبي أمريكي
وفي سياق متصل، وفي إطار التنسيق الأوروبي الأمريكي الايطالي، لمساعدة تونس ماليا بدعوى حماية اقتصادها من انهيار وشيك، كشفت الحكومة الايطالية عن سعيها الضغط عل صندوق النقد الدولي من اجل منح قسط مالي عاجل لفائدة تونس لتجاوز الظرف الاقتصادي الصعب.
ووفقا لما أوردته وكالة نوفا للأنباء، قال وزير الخارجية الايطالي أنطونير تاياني في تصريحات تلفزية، إن "إيطاليا بصدد دفع صندوق النقد الدولي نحو إسناد تونس القسط الأول على الأقل من التمويل أي ما يعادل 300 مليون دولار".
وبحسب تاياني، تشكو تونس "أزمة مالية شديدة"، مضيفًا "نحن إيطاليا نبذل قصارى جهدنا لمنع أزمة من شأنها أن تتسبب في مزيد من الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار في جميع أنحاء شمال إفريقيا" مشددا على ضرورة "إنقاذ تونس بسرعة".
وكشف أنه تحدث مع نظيره الأمريكي، أنتوني بلينكين "لمشاركة إستراتيجية تسمح للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالتحرك".
وتزامنت تصريحات تاياني، وتصريحات السفير الأمريكي، مع رفع وكالة التصنيف السيادي ''فيتش رايتنغ'' ترقيم الإصدارات الرقاعية طويلة المدى لتونس بالعملة الأجنبية والمحلية من ccc إلى ccc+ بعد تصحيح الترقيم الصادر في ديسمبر 2022.
ويعني ذلك عمليا أن الوكالة تعتبر أن قدرة تونس على الإيفاء بالتزاماتها في الأسواق الرقاعية المالية قد تحسنت داخليا وخارجيا في ظل ورود معطيات جديدة في هذا الخصوص. ويتم في هذه الأسواق بشكل عام تداول سندات أو رقاع تمثل دينا على الدولة لدى مجموعة كبرى من المكتتبين..
وفي هذا الإطار، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد جراية أن التطور الإيجابي في مواقف البنك الدولي والمانحين الدوليين تجاه تونس، مرتبط بعديد التغيرات الجيوبوليتيكية بالنسبة للاقتصاد العالمي وبالأساس ما يتداول حول إمكانية إنشاء مجموعة البريكس بنكا ينافس المانحين التقليديين.
وقال أمس في تصريح لراديو "موزاييك":"يوجد تغيرات متسارعة في علاقة بالتوازنات السياسية والاقتصادية الدولية وبالأساس مجموعة البريكس (تكتل سياسي اقتصادي يضم الصين والبرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا) وما يُتداول من أخبار بشأن وجود اتفاق على إنشاء البريكس بنكا سيكون منافسا لصندوق النقد والبنك الدولي مما قد يجعل الحلفاء يغيرون مواقفهم ونظرتهم إلى تونس".