إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اليوم تنتهي الحملة الانتخابية للدورة الثانية.. غياب المقاربة الحقوقية في البرامج.. وهروب من الخوض في القضايا الخلافية

 

تونس- الصباح

تنتهي الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية هذا اليوم على الساعة منتصف الليل، وكانت هذه الحملة انطلقت يوم 16 جانفي الجاري وشارك فيها 262 مترشحا يتوزعون على 132 دائرة بمعدل مترشحين اثنين عن كل دائرة.

 وبالعودة إلى قاعدة البيانات التي وضعتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للتعريف بالمترشحين وببرامجهم الانتخابية، يمكن الإشارة إلى أن الوعود التي قدمها الكثير منهم  اكتست بعدا محليا من قبيل حلحلة المشاريع المعطلة في جهاتهم وتحسين الخدمات الصحية وتقريب المرفق العام من المواطن وتوفير النقل العمومي وصيانة المؤسسات التربوية والطرقات ومد المسالك الفلاحية والربط بشبكات الماء والكهرباء والتطهير وغيرها، وهو ما سبق أن لاحظته بعض الجمعيات المختصة في مراقبة الانتخابات منذ الحملة الانتخابية للدورة الأولى. ولكن هذا لا ينفي أن هناك من المترشحين من ركزوا في برامجهم الانتخابية بدرجة أولى على قضايا وطنية حارقة من قبيل معالجة مشاكل المالية العمومية والمديونية والبطالة والفقر والأمية وندرة الموارد المائية والعجز الطاقي وغيرها من المشاكل التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى التسريع في إصلاح المؤسسات العمومية وإعادة هيكلتها لكي تستعيد عافيتها وتكون قاطرة للتنمية، واعتبار القطاع الفلاحي أهم قطاع استراتجي في البلاد يجب على الدولة أن تخصص له موارد كبيرة في إطار ميزانية الدولة لدعمه والنهوض به وحلحلة الصعوبات التي تواجهه نظرا لقدرته على ضمان الأمن الغذائي، ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة ودفع التصدير واقتحام اسواق جديدة خاصة منها العمق الافريقي الاستثمار في المعرفة والرقمنة والذكاء الاصطناعي فضلا عن استعادة مكانة المدارس والجامعات العمومية كمصعد اجتماعي من خلال إجراء إصلاح تربوي شامل، ومنح الاهتمام اللازم لقطاع التكوين المهني حتى يكون بوابة للتشغيل في الداخل وحتى في الخارج وتحويل تونس إلى وجهة عالمية للسياحة البيئية وتثمين التراث المادي واللامادي لجميع الجهات ولكل شبر من تراب الجمهورية وتسويقه بأساليب مبتكرة.   

ففي قراءة للبرامج الانتخابية للمترشحين للدورة الثانية، أشارت علا بن نجمة رئيسة "مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية" إلى غياب تام للمقاربة الحقوقية في هذه البرامج، ولاحظت تهرب المترشحين بشكل واضح للعيان من الخوض في قضايا الساعة ولعل أهمها معركة استقلالية القضاء ومعركة الحريات وما يمثله المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال من مخاطر.

 وأضافت بن نجمة في تصريح لـ "الصباح" أن المرصد يشارك في مراقبة الحملة في جميع الدوائر الانتخابية، وأول ما أمكن للملاحظين تسجيله هو أن الحملة في الدورة الثانية كانت باهتة جدا بل كانت خالية تماما من الحماس سواء تعلق الأمر بالمترشحين في حد ذاتهم أو بالمواطنين، فالمواطنين لا يهتمون ببرامج المترشحين الانتخابية ولا يحضرون أنشطتهم الدعائية، وحتى إن كان هناك حضور فهو في أغلب الأحيان يقتصر على أقاربهم وبعض العابرين صدفة.

وأشارت رئيسة مرصد شاهد إلى أنه في ما يتعلق بالوعود الانتخابية للمترشحين للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية، فإنه سبق للمرصد أن نبه منذ صدور المرسوم الانتخابي عدد 55  منتصف شهر سبتمبر الماضي أن الانتخابات التشريعية هذه المرة لن تكون انتخابات لمجلس نيابي تشريعي وإنما ستكون انتخابات محلية جهوية، وهو ما أكدته لاحقا الوعود التي قدمها المترشحون لانتخابات 17 ديسمبر،  فالسواد الأعظم من المترشحين تراوحت وعودهم الانتخابية بين المحلي والجهوي، وتمثلت بالخصوص في مد شبكة الطرقات وفك العزلة عن الارياف وترميم مدارس ابتدائية وبناء مستشفيات أما المسألة الوطنية الجامعة والملفات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى فهي غائبة بصفة كلية.

ولاحظت بن نجمة أن هناك كثيرا من الوعود الانتخابية المتصلة بالعمل البلدي ومن المفروض أنها من اختصاصات المجالس البلدية وفقا لأحكام مجلة الجماعات المحلية وليست من اختصاصات مجلس نواب الشعب.

تداعيات نظام الاقتراع

كما أشارت علا بن نجمة رئيسة مرصد شاهد إلى أن هناك مترشحين من تطرقوا في برامجهم الانتخابية إلى مسائل وطنية خاصة في علاقة بنسبة البطالة وكيفية التقليص في هذه النسبة، ولكن عدد هؤلاء صغير جدا، وهم حتى إن تمكنوا من الفوز في الانتخابات فلن يكون باستطاعتهم تحقيق تلك الوعود، وقالت إنه يجب ألا ننسى أنه تم تغيير نظام الاقتراع وأصبحت الانتخابات التشريعية في تونس تتم وفق نظام اقتراع على الأفراد عوضا عن نظام الاقتراع على القائمات، والملاحظ أن نظام الاقتراع على الأفراد بشكل عام ليس سلبيا لكنه لا يناسب الواقع الموجود في تونس، وفسرت بن نجمة أن الحياة السياسية في تونس قائمة على الأحزاب وليس على الأفراد وكل حزب لديه رؤية اقتصادية واجتماعية للبلاد من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، ولكن منذ 2011 لم تتمكن الأحزاب من تطبيق رؤاها وبرامجها لأسباب عديدة، واليوم بالدستور الجديد وخلافا لما يعتقده البعض فإن الوضع لن يكون أفضل مما مضى خاصة في ظل الانتكاسة كبيرة للديمقراطية.   

  وخلصت علا بن نجمة إلى أن المواطن التونسي لم يكن مهتما بالحملة الانتخابية للدورة الثانية للانتخابات التشريعية، وتدل هذه اللامبالاة حسب رأيها عن وجود مؤشر على اتساع الهوة بين الفاعل السياسي وبين الناخب وهو أمر خطير للغاية كان مرصد شاهد قد حذر منه منذ صدور الدستور، لأن هذا الدستور جعل المجلس النيابي يتصرف في الحدود التي يريدها رئيس الجمهورية وفي المجالات التي يضبطها رئيس الجمهورية وبالتالي لا مجال لحرية المبادرة وللتنافس بين الأحزاب.. وأضافت أن آلية سحب الوكالة التي سلطت على رقاب نواب الشعب تجعل المترشح للانتخابات يخشى من طرح قضايا كبرى ومسائل خلافية في برامجه الإنتخابية، ولاحظت أن هناك من المترشحين من رفضوا خلال المناظرات التلفزية الإجابة عن أسئلة تتعلق بالحقوق والحريات والمساواة، وهناك مترشحين امتنعوا حتى عن حضور المناظرات، فالهيئة العليا المستقلة للانتخابات اشترطت في المناظرة حضور المترشحين الاثنين عن نفس الدائرة الانتخابية وهو ما أدى إلى تعذر تنظيم العديد من المناظرات بسبب رفض أحد المترشحين حضورها وربما يعود سبب الرفض إلى خشية المترشح من تغلب منافسه عليه. وبينت رئيسة المرصد أنه كان من الأفضل أن تحصل المناظرات بين المترشحين بشكل عام وليس بين مترشحين اثنين في دائرة انتخابية فبهذا الشرط الذي وضعته الهيئة تم حرمان الناخبين من التعرف أكثر على المترشحين للدورة الثانية للانتخابات التشريعية.

سعيدة بوهلال   

اليوم تنتهي الحملة الانتخابية للدورة الثانية..  غياب المقاربة الحقوقية في البرامج.. وهروب من الخوض في القضايا الخلافية

 

تونس- الصباح

تنتهي الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية هذا اليوم على الساعة منتصف الليل، وكانت هذه الحملة انطلقت يوم 16 جانفي الجاري وشارك فيها 262 مترشحا يتوزعون على 132 دائرة بمعدل مترشحين اثنين عن كل دائرة.

 وبالعودة إلى قاعدة البيانات التي وضعتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للتعريف بالمترشحين وببرامجهم الانتخابية، يمكن الإشارة إلى أن الوعود التي قدمها الكثير منهم  اكتست بعدا محليا من قبيل حلحلة المشاريع المعطلة في جهاتهم وتحسين الخدمات الصحية وتقريب المرفق العام من المواطن وتوفير النقل العمومي وصيانة المؤسسات التربوية والطرقات ومد المسالك الفلاحية والربط بشبكات الماء والكهرباء والتطهير وغيرها، وهو ما سبق أن لاحظته بعض الجمعيات المختصة في مراقبة الانتخابات منذ الحملة الانتخابية للدورة الأولى. ولكن هذا لا ينفي أن هناك من المترشحين من ركزوا في برامجهم الانتخابية بدرجة أولى على قضايا وطنية حارقة من قبيل معالجة مشاكل المالية العمومية والمديونية والبطالة والفقر والأمية وندرة الموارد المائية والعجز الطاقي وغيرها من المشاكل التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى التسريع في إصلاح المؤسسات العمومية وإعادة هيكلتها لكي تستعيد عافيتها وتكون قاطرة للتنمية، واعتبار القطاع الفلاحي أهم قطاع استراتجي في البلاد يجب على الدولة أن تخصص له موارد كبيرة في إطار ميزانية الدولة لدعمه والنهوض به وحلحلة الصعوبات التي تواجهه نظرا لقدرته على ضمان الأمن الغذائي، ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة ودفع التصدير واقتحام اسواق جديدة خاصة منها العمق الافريقي الاستثمار في المعرفة والرقمنة والذكاء الاصطناعي فضلا عن استعادة مكانة المدارس والجامعات العمومية كمصعد اجتماعي من خلال إجراء إصلاح تربوي شامل، ومنح الاهتمام اللازم لقطاع التكوين المهني حتى يكون بوابة للتشغيل في الداخل وحتى في الخارج وتحويل تونس إلى وجهة عالمية للسياحة البيئية وتثمين التراث المادي واللامادي لجميع الجهات ولكل شبر من تراب الجمهورية وتسويقه بأساليب مبتكرة.   

ففي قراءة للبرامج الانتخابية للمترشحين للدورة الثانية، أشارت علا بن نجمة رئيسة "مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية" إلى غياب تام للمقاربة الحقوقية في هذه البرامج، ولاحظت تهرب المترشحين بشكل واضح للعيان من الخوض في قضايا الساعة ولعل أهمها معركة استقلالية القضاء ومعركة الحريات وما يمثله المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال من مخاطر.

 وأضافت بن نجمة في تصريح لـ "الصباح" أن المرصد يشارك في مراقبة الحملة في جميع الدوائر الانتخابية، وأول ما أمكن للملاحظين تسجيله هو أن الحملة في الدورة الثانية كانت باهتة جدا بل كانت خالية تماما من الحماس سواء تعلق الأمر بالمترشحين في حد ذاتهم أو بالمواطنين، فالمواطنين لا يهتمون ببرامج المترشحين الانتخابية ولا يحضرون أنشطتهم الدعائية، وحتى إن كان هناك حضور فهو في أغلب الأحيان يقتصر على أقاربهم وبعض العابرين صدفة.

وأشارت رئيسة مرصد شاهد إلى أنه في ما يتعلق بالوعود الانتخابية للمترشحين للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية، فإنه سبق للمرصد أن نبه منذ صدور المرسوم الانتخابي عدد 55  منتصف شهر سبتمبر الماضي أن الانتخابات التشريعية هذه المرة لن تكون انتخابات لمجلس نيابي تشريعي وإنما ستكون انتخابات محلية جهوية، وهو ما أكدته لاحقا الوعود التي قدمها المترشحون لانتخابات 17 ديسمبر،  فالسواد الأعظم من المترشحين تراوحت وعودهم الانتخابية بين المحلي والجهوي، وتمثلت بالخصوص في مد شبكة الطرقات وفك العزلة عن الارياف وترميم مدارس ابتدائية وبناء مستشفيات أما المسألة الوطنية الجامعة والملفات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى فهي غائبة بصفة كلية.

ولاحظت بن نجمة أن هناك كثيرا من الوعود الانتخابية المتصلة بالعمل البلدي ومن المفروض أنها من اختصاصات المجالس البلدية وفقا لأحكام مجلة الجماعات المحلية وليست من اختصاصات مجلس نواب الشعب.

تداعيات نظام الاقتراع

كما أشارت علا بن نجمة رئيسة مرصد شاهد إلى أن هناك مترشحين من تطرقوا في برامجهم الانتخابية إلى مسائل وطنية خاصة في علاقة بنسبة البطالة وكيفية التقليص في هذه النسبة، ولكن عدد هؤلاء صغير جدا، وهم حتى إن تمكنوا من الفوز في الانتخابات فلن يكون باستطاعتهم تحقيق تلك الوعود، وقالت إنه يجب ألا ننسى أنه تم تغيير نظام الاقتراع وأصبحت الانتخابات التشريعية في تونس تتم وفق نظام اقتراع على الأفراد عوضا عن نظام الاقتراع على القائمات، والملاحظ أن نظام الاقتراع على الأفراد بشكل عام ليس سلبيا لكنه لا يناسب الواقع الموجود في تونس، وفسرت بن نجمة أن الحياة السياسية في تونس قائمة على الأحزاب وليس على الأفراد وكل حزب لديه رؤية اقتصادية واجتماعية للبلاد من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، ولكن منذ 2011 لم تتمكن الأحزاب من تطبيق رؤاها وبرامجها لأسباب عديدة، واليوم بالدستور الجديد وخلافا لما يعتقده البعض فإن الوضع لن يكون أفضل مما مضى خاصة في ظل الانتكاسة كبيرة للديمقراطية.   

  وخلصت علا بن نجمة إلى أن المواطن التونسي لم يكن مهتما بالحملة الانتخابية للدورة الثانية للانتخابات التشريعية، وتدل هذه اللامبالاة حسب رأيها عن وجود مؤشر على اتساع الهوة بين الفاعل السياسي وبين الناخب وهو أمر خطير للغاية كان مرصد شاهد قد حذر منه منذ صدور الدستور، لأن هذا الدستور جعل المجلس النيابي يتصرف في الحدود التي يريدها رئيس الجمهورية وفي المجالات التي يضبطها رئيس الجمهورية وبالتالي لا مجال لحرية المبادرة وللتنافس بين الأحزاب.. وأضافت أن آلية سحب الوكالة التي سلطت على رقاب نواب الشعب تجعل المترشح للانتخابات يخشى من طرح قضايا كبرى ومسائل خلافية في برامجه الإنتخابية، ولاحظت أن هناك من المترشحين من رفضوا خلال المناظرات التلفزية الإجابة عن أسئلة تتعلق بالحقوق والحريات والمساواة، وهناك مترشحين امتنعوا حتى عن حضور المناظرات، فالهيئة العليا المستقلة للانتخابات اشترطت في المناظرة حضور المترشحين الاثنين عن نفس الدائرة الانتخابية وهو ما أدى إلى تعذر تنظيم العديد من المناظرات بسبب رفض أحد المترشحين حضورها وربما يعود سبب الرفض إلى خشية المترشح من تغلب منافسه عليه. وبينت رئيسة المرصد أنه كان من الأفضل أن تحصل المناظرات بين المترشحين بشكل عام وليس بين مترشحين اثنين في دائرة انتخابية فبهذا الشرط الذي وضعته الهيئة تم حرمان الناخبين من التعرف أكثر على المترشحين للدورة الثانية للانتخابات التشريعية.

سعيدة بوهلال