قبل شهرين على استقبال شهر رمضان، تشهد الأسواق في تونس نقصا فادحا في عديد المواد الأساسية، الأمر الذي أرهق عموم التونسيين خاصة مع استمرار هذه الحالة لأشهر مع تسجيل شح في عديد المواد الغذائية ما دفع بالبعض إلى الحديث عن إيجاد حلول لتغيير العادات الاستهلاكية في ظل تفشي ندرة المواد الأساسية.
ووسط تزايد المخاوف من غياب ابرز المواد وخاصة المدعمة منها مثل السكر والحليب، يبقى السؤال المطروح ماذا أعدت الدولة لشهر رمضان من مخزون استراتيجي؟ وكيف سيتم مجابهة نقص عديد المواد؟
أزمة السكر تعود إلى الواجهة منذ يومين بعد توقف عملية الإنتاج مجددا بمصنع السكر في باجة، وذلك منذ يوم الإثنين الفارط، وفق ما أكده الكاتب العام للنقابة الأساسية بالمصنع حيث أفاد أن توقف الإنتاج تزامن مع انطلاق عملية الصيانة الدورية للآلات والمعدات.
وحسب تصريحات كاتب عام النقابة الأساسية لمصنع السكر بباجة فأن المصنع قام بتكرير 52 ألف طن من السكر تم ضخها في الأسواق من طرف الديوان التونسي للتجارة وذلك منذ استئناف العمل يوم 7 أكتوبر الماضي، وأشار إلى أنه لم يتحدد بعد تاريخ عودة المصنع للإنتاج مجددا، وذلك في ضوء عدم ضبط تاريخ محدد لتوريد السكر الخام من الخارج.
وللاستفسار أكثر حول الموضوع اتصلت "الصباح" بالرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة الياس بن عمار أكثر من مرة لكن لم نتحصل عليه رغم المحاولات المتكررة بعد التنسيق مع المكلف بالإعلام بوزارة التجارة.
ولا يقتصر الشح على مادة السكر فحسب، بل أن الظفر بكيس قهوة أصبح بمثابة الحلم بالنسبة للتونسي الذي يقضي تقريبا ساعات في التنقل بين الفضاءات التجارية بحثا عن حاجياته من اغلب المواد الغذائية الأساسية التي يتواصل فقدانها لأشهر متتالية.
وبالنسبة لمادة القهوة فقد علّق الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة، إلياس بن عامر، في تصريح سابق له قائلا إن "مخزوننا من مادّة القهوة كان يغطّي شهرا ونصفا من استهلاكنا الوطني، وأحيانا يغطّي حدود شهريْن كامليْن، لكن اليوم أصبح المخزون لا يكفي سوى 15 يوما فقط".
كما أكد من جانبه أنيس خرباش مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لـ"الصباح" أن اكبر أزمة أرهقت التونسيين هي أزمة الحليب التي ستشهد نقصا بحوالي مليون لتر يوميا خلال طيلة شهر رمضان، مشير إلى أن الإنتاج اليومي هو مليون و200 ألف لتر في المقابل تصل ذروة الاستهلاك خلال شهر رمضان إلى 2 مليون و200 ألف لتر في اليوم.
وأفاد مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن أزمة الحليب تعمقت أكثر نتيجة فقدان أكثر من 30 بالمائة من القطيع وكذلك بسبب ارتفاع كلف الإنتاج نتيجة غلاء أسعار الأعلاف التي شهدت 3 زيادات خلال شهري ديسمبر وجانفي 2023 وبذلك فقد نتج عن ذلك ارتفاع في كلفة إنتاج اللتر الواحد لتصل إلى دينار و800 مليم.
وقال خرباش "في ظل غياب الدولة وغلاء أسعار الأعلاف وشح المياه مع التفريط في قطيع الأبقار فقد نشهد انهيارا كاملا لمنظومة الحليب في تونس، مع العلم أن وزارة التجارة أطلقت استشارة في شهر ديسمبر 2022 لتوريد الحليب فتبين أن كلفة اللتر الواحد ستصل إلى 3400 مليم لذلك على الدولة دعم الفلاح على مستوى الإنتاج من خلال وضع إستراتيجية لاستعمال المياه المعالجة لإنتاج الأعلاف الخضراء".
نذكّر بأن الاتّحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، طالب "بإقرار زيادة عاجلة في سعر قبول الحليب عند الفلاح لا تقلّ عن 800 مليم في اللتر الواحد مع تدخّل الدولة لدعم المواد العلفيّة الموردة (فيتورة الصوجا وحبوب الذرة) التي شهدت أسعارها ارتفاعا قياسيا".
ونبّه في بيان سابق له إلى ما وصفها "بالوضعية الخطيرة التي بلغتها منظومة تربية الماشية والألبان نتيجة تواصل وتصاعد نزيف الخسائر في صفوف المربين بصفة يوميّة"، مؤكّدا "اضطرار العديد منهم إلى التوقّف عن النشاط والتفريط في قطيعهم الذي يمثل ثروة وطنية لا بدّ من حمايتها والمحافظة عليها".
وأشار اتّحاد الفلاحة، إلى "النقص الفادح في كميات الأعلاف المدعمة والتي لا تتجاوز في أحسن الحالات 40 بالمائة من حاجيات الجهات".
وأكّد أنّ نقص الأعلاف، يمثّل خطرا إضافيا على منظومة تربيّة الماشيّة التي تستوعب 80 بالمائة من صغار الفلاحين الذين يعتمدون بصفة تكاد تكون كلية على الأعلاف المدعمة".
أما الخضروات فقد أفاد محدثنا انه على مستوى البطاطا والبصل سيتم تسجيل نقص في الإنتاج وسيتم توفير الحاجيات من الطماطم والفلفل حسب المساحات المزروعة، وبالنسبة للخضر الورقية فتبقى مرتبطة بالتساقطات.
أما بالنسبة لمخزون البيض لشهر رمضان، قال خرباش انه يتم إنتاج 150 مليون بيضة يوميا وهو مخزون يكفي للاستهلاك في الزمن العادي، لكن في شهر رمضان يصل معدل الاستهلاك إلى180 مليون بيضة وعلى هذا الأساس تم الانطلاق في تكوين مخزون تعديلي بـ30 مليون بيضة لتلبية حاجيات المستهلك خلال شهر رمضان.
وبخصوص اللحوم البيضاء، أفاد بأنّه من المنتظر أن يتجاوز الإنتاج الـ10 بالمائة على الأقل لحاجة السوق في شهر رمضان. أما بالنسبة اللحوم الحمراء (العلوش) قال خرباش انه تم تسجيل نقص بـ20 بالمائة في الزمن العادي وقد يصل هذا النقص إلى 30 بالمائة خلال شهر رمضان، أما اللحم (البقري) سيتم توفير الحاجيات اللازمة.
من جانبه أفاد فوزي الزياني خبير في السياسات الفلاحية انه لن يكون هناك مخزون احتياطي خلال شهر رمضان، وأنه تتردد حاليا معلومات تتعلق بتوجه الدولة للاحتفاظ بكميات الحليب القادمة في شكل إعانة من القطر الليبي لتعديل السوق خلال شهر رمضان.
وحسب الزياني فانه لا يوجد خيار أمام وزارة التجارة غير الالتجاء إلى التوريد لتوفير الحاجيات من الحليب، مؤكدا أن هناك توجها نحو إقرار أو تكريس ثقافة الندرة في عديد المواد وليس الحليب فقط وسيتواصل هذا الوضع لأكثر من سنة في حال لم يتم إصلاح منظومات الإنتاج وخاصة الحليب.
جهاد الكلبوسي
كيف ستجابه الحكومة أزمة نقص المواد الأساسية؟
تونس – الصباح
قبل شهرين على استقبال شهر رمضان، تشهد الأسواق في تونس نقصا فادحا في عديد المواد الأساسية، الأمر الذي أرهق عموم التونسيين خاصة مع استمرار هذه الحالة لأشهر مع تسجيل شح في عديد المواد الغذائية ما دفع بالبعض إلى الحديث عن إيجاد حلول لتغيير العادات الاستهلاكية في ظل تفشي ندرة المواد الأساسية.
ووسط تزايد المخاوف من غياب ابرز المواد وخاصة المدعمة منها مثل السكر والحليب، يبقى السؤال المطروح ماذا أعدت الدولة لشهر رمضان من مخزون استراتيجي؟ وكيف سيتم مجابهة نقص عديد المواد؟
أزمة السكر تعود إلى الواجهة منذ يومين بعد توقف عملية الإنتاج مجددا بمصنع السكر في باجة، وذلك منذ يوم الإثنين الفارط، وفق ما أكده الكاتب العام للنقابة الأساسية بالمصنع حيث أفاد أن توقف الإنتاج تزامن مع انطلاق عملية الصيانة الدورية للآلات والمعدات.
وحسب تصريحات كاتب عام النقابة الأساسية لمصنع السكر بباجة فأن المصنع قام بتكرير 52 ألف طن من السكر تم ضخها في الأسواق من طرف الديوان التونسي للتجارة وذلك منذ استئناف العمل يوم 7 أكتوبر الماضي، وأشار إلى أنه لم يتحدد بعد تاريخ عودة المصنع للإنتاج مجددا، وذلك في ضوء عدم ضبط تاريخ محدد لتوريد السكر الخام من الخارج.
وللاستفسار أكثر حول الموضوع اتصلت "الصباح" بالرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة الياس بن عمار أكثر من مرة لكن لم نتحصل عليه رغم المحاولات المتكررة بعد التنسيق مع المكلف بالإعلام بوزارة التجارة.
ولا يقتصر الشح على مادة السكر فحسب، بل أن الظفر بكيس قهوة أصبح بمثابة الحلم بالنسبة للتونسي الذي يقضي تقريبا ساعات في التنقل بين الفضاءات التجارية بحثا عن حاجياته من اغلب المواد الغذائية الأساسية التي يتواصل فقدانها لأشهر متتالية.
وبالنسبة لمادة القهوة فقد علّق الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة، إلياس بن عامر، في تصريح سابق له قائلا إن "مخزوننا من مادّة القهوة كان يغطّي شهرا ونصفا من استهلاكنا الوطني، وأحيانا يغطّي حدود شهريْن كامليْن، لكن اليوم أصبح المخزون لا يكفي سوى 15 يوما فقط".
كما أكد من جانبه أنيس خرباش مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لـ"الصباح" أن اكبر أزمة أرهقت التونسيين هي أزمة الحليب التي ستشهد نقصا بحوالي مليون لتر يوميا خلال طيلة شهر رمضان، مشير إلى أن الإنتاج اليومي هو مليون و200 ألف لتر في المقابل تصل ذروة الاستهلاك خلال شهر رمضان إلى 2 مليون و200 ألف لتر في اليوم.
وأفاد مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن أزمة الحليب تعمقت أكثر نتيجة فقدان أكثر من 30 بالمائة من القطيع وكذلك بسبب ارتفاع كلف الإنتاج نتيجة غلاء أسعار الأعلاف التي شهدت 3 زيادات خلال شهري ديسمبر وجانفي 2023 وبذلك فقد نتج عن ذلك ارتفاع في كلفة إنتاج اللتر الواحد لتصل إلى دينار و800 مليم.
وقال خرباش "في ظل غياب الدولة وغلاء أسعار الأعلاف وشح المياه مع التفريط في قطيع الأبقار فقد نشهد انهيارا كاملا لمنظومة الحليب في تونس، مع العلم أن وزارة التجارة أطلقت استشارة في شهر ديسمبر 2022 لتوريد الحليب فتبين أن كلفة اللتر الواحد ستصل إلى 3400 مليم لذلك على الدولة دعم الفلاح على مستوى الإنتاج من خلال وضع إستراتيجية لاستعمال المياه المعالجة لإنتاج الأعلاف الخضراء".
نذكّر بأن الاتّحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، طالب "بإقرار زيادة عاجلة في سعر قبول الحليب عند الفلاح لا تقلّ عن 800 مليم في اللتر الواحد مع تدخّل الدولة لدعم المواد العلفيّة الموردة (فيتورة الصوجا وحبوب الذرة) التي شهدت أسعارها ارتفاعا قياسيا".
ونبّه في بيان سابق له إلى ما وصفها "بالوضعية الخطيرة التي بلغتها منظومة تربية الماشية والألبان نتيجة تواصل وتصاعد نزيف الخسائر في صفوف المربين بصفة يوميّة"، مؤكّدا "اضطرار العديد منهم إلى التوقّف عن النشاط والتفريط في قطيعهم الذي يمثل ثروة وطنية لا بدّ من حمايتها والمحافظة عليها".
وأشار اتّحاد الفلاحة، إلى "النقص الفادح في كميات الأعلاف المدعمة والتي لا تتجاوز في أحسن الحالات 40 بالمائة من حاجيات الجهات".
وأكّد أنّ نقص الأعلاف، يمثّل خطرا إضافيا على منظومة تربيّة الماشيّة التي تستوعب 80 بالمائة من صغار الفلاحين الذين يعتمدون بصفة تكاد تكون كلية على الأعلاف المدعمة".
أما الخضروات فقد أفاد محدثنا انه على مستوى البطاطا والبصل سيتم تسجيل نقص في الإنتاج وسيتم توفير الحاجيات من الطماطم والفلفل حسب المساحات المزروعة، وبالنسبة للخضر الورقية فتبقى مرتبطة بالتساقطات.
أما بالنسبة لمخزون البيض لشهر رمضان، قال خرباش انه يتم إنتاج 150 مليون بيضة يوميا وهو مخزون يكفي للاستهلاك في الزمن العادي، لكن في شهر رمضان يصل معدل الاستهلاك إلى180 مليون بيضة وعلى هذا الأساس تم الانطلاق في تكوين مخزون تعديلي بـ30 مليون بيضة لتلبية حاجيات المستهلك خلال شهر رمضان.
وبخصوص اللحوم البيضاء، أفاد بأنّه من المنتظر أن يتجاوز الإنتاج الـ10 بالمائة على الأقل لحاجة السوق في شهر رمضان. أما بالنسبة اللحوم الحمراء (العلوش) قال خرباش انه تم تسجيل نقص بـ20 بالمائة في الزمن العادي وقد يصل هذا النقص إلى 30 بالمائة خلال شهر رمضان، أما اللحم (البقري) سيتم توفير الحاجيات اللازمة.
من جانبه أفاد فوزي الزياني خبير في السياسات الفلاحية انه لن يكون هناك مخزون احتياطي خلال شهر رمضان، وأنه تتردد حاليا معلومات تتعلق بتوجه الدولة للاحتفاظ بكميات الحليب القادمة في شكل إعانة من القطر الليبي لتعديل السوق خلال شهر رمضان.
وحسب الزياني فانه لا يوجد خيار أمام وزارة التجارة غير الالتجاء إلى التوريد لتوفير الحاجيات من الحليب، مؤكدا أن هناك توجها نحو إقرار أو تكريس ثقافة الندرة في عديد المواد وليس الحليب فقط وسيتواصل هذا الوضع لأكثر من سنة في حال لم يتم إصلاح منظومات الإنتاج وخاصة الحليب.