إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيس المرصد التونسي للتعليم: النظام التأديبي المدرسي لم يعد مواكبا للعصر.. و يحتاج إلى المراجعة

 

  • تونس: الصباح

أثار خبر عودة نور عمار تلميذة الأستاذ الممثل مهذب الرميلي إلى مقاعد الدراسة في معهد جديد طيلة اليومين الماضيين ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تماما كما حصل في شهر ديسمبر الماضي عندما تم طردها من معهد الفنون بالعمران، حيث تباينت مرة أخرى مواقف رواد هذه المواقع بين متعاطفين مع التلميذة وبين مؤيدين لقرار مجلس التأديب، ولكن الأهم من ذلك حسب ما يراه مصطفى الفرشيشي رئيس المرصد التونسي للتعليم ورئيس الجمعية الوطنية للأولياء والمربين  أن هذه الواقعة فتحت باب النقاش من جديد حول النظام التأديبي المدرسي المعتمد في تونس منذ سنة 1991 ومدى مواكبته للمتغيرات التي تشهدها المدرسة العمومية. 

وقال الفرشيشي إن النظام التأديبي المدرسي في حاجة إلى المراجعة سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون، وفسر أن هذا النص اتخذ شكل منشور تم إصداره سنة 1991 من قبل وزير التربية الراحل محمد الشرفي وكان ذلك في ظرف زمني معين ولكن اليوم تغير الوضع وبموجب تطور المنظومة القانونية والحقوقية أضحى من الضروري إصدار نص جديد يتخذ شكل أمر رئاسي أو مرسوم أو قانون.

وأضاف أن النظام التأديبي المدرسي كان منذ سنوات عديدة محل طعن أمام المحكمة الإدارية، وبين محدثنا أنه كان مواكبا عن كثب لقضية تم رفعها لهذه المحكمة قبل سنوات وتعلقت عريضة الطعن بقرار صدر عن مجلس التربية في إحدى المؤسسات التربوية في حق أحد التلاميذ وتمثل في الطرد مدة أربعة أيام لارتكاب محاولة غش، وتعلقت عريضة الطعن بتركيبة مجلس التربية وبقرار الإحالة ودورية انتخاب أعضاء المجلس والجهة التي تمثل الولي في المجلس والمسائل الإجرائية، وأشار إلى أنه رغم المبررات التي تم تقديمها من قبل المؤسسة التربوية ورغم الثقل الذي نزلت به وزارة التربية بمستشاريها وقتها فإن المحكمة الإدارية قضت بإلغاء قرار مجلس التربية، وساهم ذلك القرار في تطوير فقه القضاء الإداري التونسي، بل أصبح مرجعا من المراجع التي تدرس في المدرسة القومية للإدارة، إذ أن المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفي الأصل، وكان من المفروض منذ ذلك الوقت أي منذ بداية الألفية الثانية تغيير النظام التأديبي المدرسي لكن هذا لم يحدث رغم الضغط الذي مارسه المجتمع المدني في الكثير من المناسبات..

حوار مجتمعي

وأشار مصطفى الفرشيشي إلى أنه حان الوقت لفتح باب الحوار بصفة جدية حول مدى الحاجة إلى نظام تأديبي جديد في المؤسسات التربوية التونسية، نظام يواكب العصر ويستفيد من التجارب المقارنة التي فيها منظومات تربوية ناجحة، ولاحظ أن النظام الحالي يقوم على الزجر ولا يراعي الخصوصيات النفسية للطفل والمراهق، ولا يستجيب لمتطلبات المرحلة ولا يأخذ بعين الاعتبار الفوارق في السن بين تلميذ السابعة أساسي وتلميذ البكالوريا، وفسر أنه من المفروض أن تكون هناك إجراءات خصوصية تنطبق على مرحلة التعليم الابتدائي وإجراءات خصوصية تنطبق على مرحلة التعليم الاعدادي وإجراءات خصوصية تنطبق على مرحلة التعليم الثانوي أي أنه يتعين مراعاة فارق السن، كما يجب حسب قوله تمكين التلميذ من إحضار من يدافع عنه في مجلس التربية وأن لا يقتصر الأمر على أستاذ القسم إذ يمكن أن يحضر جلسة المجلس أساتذة آخرين يختارهم التلميذ للدفاع عنه.

وبين رئيس الجمعية الوطنية للأولياء والمربين أنه لا بد من مراجعة الجوانب الاجرائية في اتجاه ضمان أن تكون الإجراءات التأديبية سليمة. ودعا إلى التمديد في آجال إعلام الولي بانعقاد مجلس التربية وإلى التنويع في تركيبة هذا المجلس.

ويذكر في هذا السياق أن مجلس التربية وفق ما نص عليه المنشور المتعلق بالنظام التأديبي يتكون من أعضاء قارّين وأعضاء منتخبين وأعضاء استشاريين . أما الأعضاء القارون فهم  :مدير المؤسسة التربوية وهو رئيس المجلس، الناظر بالنسبة إلى المعاهد الموجودة بها خطّة ناظر، القيّم العام للقسم الخارجي وهو مقرر الجلسة إذا كان بالمعهد أكثر من قيّم عام واحد فإن المدير يستدعي أحدهما حسب الحالات، القيّم العام للقسم الداخلي اذا ارتكبت المخالفة بالمبيت .أما الاعضاء المنتخبون فيبلغ عددهم خمسة اساتذة يقع انتخابهم حسب الترتيب في أوّل السنة الدراسية من قبل زملائهم في المدرسة الثانويّة اثنان رسميّان ونائب واحد ويشترط في المترشحين أن يكونوا مترسمين ومباشرين للتدريس بالمعهد أو المدرسة منذ سنة على الأقل إلاّ أنّ شرط الأقدميّة بالمؤسسة التربويّة لا ينطبق على المدارس المحدثة. وبالنسبة إلى الاعضاء الاستشاريين فهم  استاذ من قسم التلميذ وولى ممثل عن منظمة التربية والأسرة من غير الاعوان الاداريين بالمعهد  وقيم يعينه مدير المعهد. هذا وتجدر الإشارة إلى ان تركيبة مجلس التربية في المدرسة الاعدادية تختلف عما هي عليه في المعهد الثانوي إذ يبلغ عدد الأساتذة المنتخبين في المدرسة الاعدادية ثلاثة.

تشريك الوزارات المعنية

وأشار مصطفى الفرشيشي إلى أن مراجعة النظام التأديبي المدرسي يجب ألا تتم بجرة قلم أو أن تكون في ورشات مغلقة بل من الضروري حسب رأيه تشريك المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات مهتمة بالشأن التربوي وبحقوق الطفل، كما يجب على وزارة التربية فتح المجال أمام الوزارات الأخرى للمشاركة وإبداء الرأي وخاصة الوزارات المعنية بالطفولة والشباب والرياضة والشؤون الدينية وعليها فتح المجال أيضا أمام المختصين في علم نفس الطفل والمراهق وعلم الاجتماع والطب النفسي والطب المدرسي..

ولكن في انتظار مراجعة النظام التأديبي وإصدار نص جديد،  بين محدثنا أنه توجد حاجة ملحة وأكيدة ومستعجلة لتفعيل خلايا الإنصات لأن هذه الأطر قادرة على التوقي من الكثير من المشاكل التي يمكن أن تحدث داخل المؤسسات التربوية، ويجب حسب قوله تدعيم هذه الخلايا بأخصائي نفساني وطبيب مدرسي.

وخلص محدثنا إلى أن النظام التأديبي المدرسي المعتمد حاليا فيه الكثير من الثغرات والكثير من الهراء وهو يطبق بشكل مختلف من مؤسسة تربوية إلى مؤسسة أخرى فكل مؤسسة تطبقه وفق اجتهاداتها، والمطلوب إيجاد نص جديد واضح يراعي حقوق وواجبات الجميع.

وللتذكير في هذا الصدد نص النظام التأديبي على أن تضافر الجهود يجعل كل نظام تأديبي مجرّد نظام احتياطي لا يقع اللجوء إليه إلا عند الحاجة الماسّة، وبعد استنفاد كلّ الوسائل التربويّة العادية الملائمة. ومهما يكن من أمر فإنّ الهدف منه إنّما هو الاصلاح والإرشاد والحثّ على احترام الآداب العامّة داخل المؤسسة التربوية وخارجها مع انتهاج التدرّج في الاجراءات التأديبيّة فلا تعامل المخالفة المرتكبة لأول مرّة كما تعامل المخالفات المتكرّرة التي تنمّ عن إصرار على الخطأ، واعتبارا للطبيعة التربويّة للعقاب المدرسي. فإنّه يمنع إسناد أيّة عقوبة محجّرة: العقوبة البدنيّة – الكلمة الجارحة – التهديد اللفظي – الحط من العدد – الإقصاء عن الدرس إلاّ إذا أصبح وجود التلميذ يحول دون مواصلة الدرس بصفة طبيعيّة. وفي هذه الحالة يطلب الأستاذ من القيّم العام سحب التلميذ من قاعة الدّرس ثمّ يقوم قبل مغادرته المعهد بتحرير تقرير مفصّل في هذا الصدد يسلّم إلى الإدارة ويبقى هذا الإجراء استثنائيا.

وينقسم النظام التأديبي في تونس إلى قسمين أولهما نظام المذاكرة التكميلية كإجراء تربوي يهدف من ناحية إلى حفز التلميذ على احترام توقيت الدرس ومن ناحية أخرى إلى توفير فرصة تدارك تمكّنه من انجاز عمل مدرسي تقاعس عن القيام به، أما النظام الثاني فهو نظام المحافظة على آداب السلوك إذ تترتب عن الخروج عن آداب السلوك عقوبات تتراوح بين الإنذار والرفت المؤقت من يوم إلى ثلاثة أيام ويقررها مدير المؤسسة التربويّة، وعقوبات يتراوح الرّفت فيها بين 4 أيام و15 يوما أو الطرد النهائي من المعهد ويقرّرها مجلس التربية أو مجلس التأديب، وعقوبات تتمثّل في الطرد النهائي من جميع المعاهد والمدارس الثانويّة العموميّة ويقترحها مجلس التربية أو مجلس التأديب، ولكن في هذه الحالة تبقى السلطة التقديرية لوزير التربية فالقرار النهائي يعود للوزير.

ويذكر في هذا السياق أن وزير التربية فتحي السلاوتي قال في تصريح سابق على خلفية قرار مجلس التربية بمعهد العمران طرد التلميذة نور عمار إنه لم يمض ولن يمضي على أي قرار طرد نهائي لتلميذ من جميع المعاهد، علما وأن الوزارة شرعت مؤخرا في القيام باستشارة داخل المؤسسات التربوية حول النظام التأديبي المدرسي، والسؤال المطروح هو هل ستتخلى الوزارة عن الصبغة الزجرية وستذهب في ترجيح كفة العقوبات البديلة عن عقوبتي الطرد من المؤسسة التربوية والطرد النهائي من جميع المدارس والمعاهد العمومية أم أنها ستبقي على تلك العقوبات التي تسببت في تشريد مئات الآلاف من التلاميذ والإلقاء بهم في عالم الإجرام وتجارة المخدرات والتهريب وقوارب الموت.

سعيدة بوهلال

رئيس المرصد التونسي للتعليم:  النظام التأديبي المدرسي لم يعد مواكبا للعصر.. و يحتاج إلى المراجعة

 

  • تونس: الصباح

أثار خبر عودة نور عمار تلميذة الأستاذ الممثل مهذب الرميلي إلى مقاعد الدراسة في معهد جديد طيلة اليومين الماضيين ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تماما كما حصل في شهر ديسمبر الماضي عندما تم طردها من معهد الفنون بالعمران، حيث تباينت مرة أخرى مواقف رواد هذه المواقع بين متعاطفين مع التلميذة وبين مؤيدين لقرار مجلس التأديب، ولكن الأهم من ذلك حسب ما يراه مصطفى الفرشيشي رئيس المرصد التونسي للتعليم ورئيس الجمعية الوطنية للأولياء والمربين  أن هذه الواقعة فتحت باب النقاش من جديد حول النظام التأديبي المدرسي المعتمد في تونس منذ سنة 1991 ومدى مواكبته للمتغيرات التي تشهدها المدرسة العمومية. 

وقال الفرشيشي إن النظام التأديبي المدرسي في حاجة إلى المراجعة سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون، وفسر أن هذا النص اتخذ شكل منشور تم إصداره سنة 1991 من قبل وزير التربية الراحل محمد الشرفي وكان ذلك في ظرف زمني معين ولكن اليوم تغير الوضع وبموجب تطور المنظومة القانونية والحقوقية أضحى من الضروري إصدار نص جديد يتخذ شكل أمر رئاسي أو مرسوم أو قانون.

وأضاف أن النظام التأديبي المدرسي كان منذ سنوات عديدة محل طعن أمام المحكمة الإدارية، وبين محدثنا أنه كان مواكبا عن كثب لقضية تم رفعها لهذه المحكمة قبل سنوات وتعلقت عريضة الطعن بقرار صدر عن مجلس التربية في إحدى المؤسسات التربوية في حق أحد التلاميذ وتمثل في الطرد مدة أربعة أيام لارتكاب محاولة غش، وتعلقت عريضة الطعن بتركيبة مجلس التربية وبقرار الإحالة ودورية انتخاب أعضاء المجلس والجهة التي تمثل الولي في المجلس والمسائل الإجرائية، وأشار إلى أنه رغم المبررات التي تم تقديمها من قبل المؤسسة التربوية ورغم الثقل الذي نزلت به وزارة التربية بمستشاريها وقتها فإن المحكمة الإدارية قضت بإلغاء قرار مجلس التربية، وساهم ذلك القرار في تطوير فقه القضاء الإداري التونسي، بل أصبح مرجعا من المراجع التي تدرس في المدرسة القومية للإدارة، إذ أن المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفي الأصل، وكان من المفروض منذ ذلك الوقت أي منذ بداية الألفية الثانية تغيير النظام التأديبي المدرسي لكن هذا لم يحدث رغم الضغط الذي مارسه المجتمع المدني في الكثير من المناسبات..

حوار مجتمعي

وأشار مصطفى الفرشيشي إلى أنه حان الوقت لفتح باب الحوار بصفة جدية حول مدى الحاجة إلى نظام تأديبي جديد في المؤسسات التربوية التونسية، نظام يواكب العصر ويستفيد من التجارب المقارنة التي فيها منظومات تربوية ناجحة، ولاحظ أن النظام الحالي يقوم على الزجر ولا يراعي الخصوصيات النفسية للطفل والمراهق، ولا يستجيب لمتطلبات المرحلة ولا يأخذ بعين الاعتبار الفوارق في السن بين تلميذ السابعة أساسي وتلميذ البكالوريا، وفسر أنه من المفروض أن تكون هناك إجراءات خصوصية تنطبق على مرحلة التعليم الابتدائي وإجراءات خصوصية تنطبق على مرحلة التعليم الاعدادي وإجراءات خصوصية تنطبق على مرحلة التعليم الثانوي أي أنه يتعين مراعاة فارق السن، كما يجب حسب قوله تمكين التلميذ من إحضار من يدافع عنه في مجلس التربية وأن لا يقتصر الأمر على أستاذ القسم إذ يمكن أن يحضر جلسة المجلس أساتذة آخرين يختارهم التلميذ للدفاع عنه.

وبين رئيس الجمعية الوطنية للأولياء والمربين أنه لا بد من مراجعة الجوانب الاجرائية في اتجاه ضمان أن تكون الإجراءات التأديبية سليمة. ودعا إلى التمديد في آجال إعلام الولي بانعقاد مجلس التربية وإلى التنويع في تركيبة هذا المجلس.

ويذكر في هذا السياق أن مجلس التربية وفق ما نص عليه المنشور المتعلق بالنظام التأديبي يتكون من أعضاء قارّين وأعضاء منتخبين وأعضاء استشاريين . أما الأعضاء القارون فهم  :مدير المؤسسة التربوية وهو رئيس المجلس، الناظر بالنسبة إلى المعاهد الموجودة بها خطّة ناظر، القيّم العام للقسم الخارجي وهو مقرر الجلسة إذا كان بالمعهد أكثر من قيّم عام واحد فإن المدير يستدعي أحدهما حسب الحالات، القيّم العام للقسم الداخلي اذا ارتكبت المخالفة بالمبيت .أما الاعضاء المنتخبون فيبلغ عددهم خمسة اساتذة يقع انتخابهم حسب الترتيب في أوّل السنة الدراسية من قبل زملائهم في المدرسة الثانويّة اثنان رسميّان ونائب واحد ويشترط في المترشحين أن يكونوا مترسمين ومباشرين للتدريس بالمعهد أو المدرسة منذ سنة على الأقل إلاّ أنّ شرط الأقدميّة بالمؤسسة التربويّة لا ينطبق على المدارس المحدثة. وبالنسبة إلى الاعضاء الاستشاريين فهم  استاذ من قسم التلميذ وولى ممثل عن منظمة التربية والأسرة من غير الاعوان الاداريين بالمعهد  وقيم يعينه مدير المعهد. هذا وتجدر الإشارة إلى ان تركيبة مجلس التربية في المدرسة الاعدادية تختلف عما هي عليه في المعهد الثانوي إذ يبلغ عدد الأساتذة المنتخبين في المدرسة الاعدادية ثلاثة.

تشريك الوزارات المعنية

وأشار مصطفى الفرشيشي إلى أن مراجعة النظام التأديبي المدرسي يجب ألا تتم بجرة قلم أو أن تكون في ورشات مغلقة بل من الضروري حسب رأيه تشريك المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات مهتمة بالشأن التربوي وبحقوق الطفل، كما يجب على وزارة التربية فتح المجال أمام الوزارات الأخرى للمشاركة وإبداء الرأي وخاصة الوزارات المعنية بالطفولة والشباب والرياضة والشؤون الدينية وعليها فتح المجال أيضا أمام المختصين في علم نفس الطفل والمراهق وعلم الاجتماع والطب النفسي والطب المدرسي..

ولكن في انتظار مراجعة النظام التأديبي وإصدار نص جديد،  بين محدثنا أنه توجد حاجة ملحة وأكيدة ومستعجلة لتفعيل خلايا الإنصات لأن هذه الأطر قادرة على التوقي من الكثير من المشاكل التي يمكن أن تحدث داخل المؤسسات التربوية، ويجب حسب قوله تدعيم هذه الخلايا بأخصائي نفساني وطبيب مدرسي.

وخلص محدثنا إلى أن النظام التأديبي المدرسي المعتمد حاليا فيه الكثير من الثغرات والكثير من الهراء وهو يطبق بشكل مختلف من مؤسسة تربوية إلى مؤسسة أخرى فكل مؤسسة تطبقه وفق اجتهاداتها، والمطلوب إيجاد نص جديد واضح يراعي حقوق وواجبات الجميع.

وللتذكير في هذا الصدد نص النظام التأديبي على أن تضافر الجهود يجعل كل نظام تأديبي مجرّد نظام احتياطي لا يقع اللجوء إليه إلا عند الحاجة الماسّة، وبعد استنفاد كلّ الوسائل التربويّة العادية الملائمة. ومهما يكن من أمر فإنّ الهدف منه إنّما هو الاصلاح والإرشاد والحثّ على احترام الآداب العامّة داخل المؤسسة التربوية وخارجها مع انتهاج التدرّج في الاجراءات التأديبيّة فلا تعامل المخالفة المرتكبة لأول مرّة كما تعامل المخالفات المتكرّرة التي تنمّ عن إصرار على الخطأ، واعتبارا للطبيعة التربويّة للعقاب المدرسي. فإنّه يمنع إسناد أيّة عقوبة محجّرة: العقوبة البدنيّة – الكلمة الجارحة – التهديد اللفظي – الحط من العدد – الإقصاء عن الدرس إلاّ إذا أصبح وجود التلميذ يحول دون مواصلة الدرس بصفة طبيعيّة. وفي هذه الحالة يطلب الأستاذ من القيّم العام سحب التلميذ من قاعة الدّرس ثمّ يقوم قبل مغادرته المعهد بتحرير تقرير مفصّل في هذا الصدد يسلّم إلى الإدارة ويبقى هذا الإجراء استثنائيا.

وينقسم النظام التأديبي في تونس إلى قسمين أولهما نظام المذاكرة التكميلية كإجراء تربوي يهدف من ناحية إلى حفز التلميذ على احترام توقيت الدرس ومن ناحية أخرى إلى توفير فرصة تدارك تمكّنه من انجاز عمل مدرسي تقاعس عن القيام به، أما النظام الثاني فهو نظام المحافظة على آداب السلوك إذ تترتب عن الخروج عن آداب السلوك عقوبات تتراوح بين الإنذار والرفت المؤقت من يوم إلى ثلاثة أيام ويقررها مدير المؤسسة التربويّة، وعقوبات يتراوح الرّفت فيها بين 4 أيام و15 يوما أو الطرد النهائي من المعهد ويقرّرها مجلس التربية أو مجلس التأديب، وعقوبات تتمثّل في الطرد النهائي من جميع المعاهد والمدارس الثانويّة العموميّة ويقترحها مجلس التربية أو مجلس التأديب، ولكن في هذه الحالة تبقى السلطة التقديرية لوزير التربية فالقرار النهائي يعود للوزير.

ويذكر في هذا السياق أن وزير التربية فتحي السلاوتي قال في تصريح سابق على خلفية قرار مجلس التربية بمعهد العمران طرد التلميذة نور عمار إنه لم يمض ولن يمضي على أي قرار طرد نهائي لتلميذ من جميع المعاهد، علما وأن الوزارة شرعت مؤخرا في القيام باستشارة داخل المؤسسات التربوية حول النظام التأديبي المدرسي، والسؤال المطروح هو هل ستتخلى الوزارة عن الصبغة الزجرية وستذهب في ترجيح كفة العقوبات البديلة عن عقوبتي الطرد من المؤسسة التربوية والطرد النهائي من جميع المدارس والمعاهد العمومية أم أنها ستبقي على تلك العقوبات التي تسببت في تشريد مئات الآلاف من التلاميذ والإلقاء بهم في عالم الإجرام وتجارة المخدرات والتهريب وقوارب الموت.

سعيدة بوهلال