إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محافظ البنك المركزي يعلن ويحذر.. مجلة صرف جديدة.. والتضخم سيصل إلى 11 %

 

  • الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ضروري
  • تونس تحتاج إلى 1.7 مليار دولار وهذه ابرز أسباب تأجيل اتفاق الصندوق
  • 80 % من البنوك المركزية في العالم رفعت في نسبة الفائدة
  • دفع الإنتاج في الفسفاط ورفع كل إشكاليات الموانئ من أبرز الحلول لرفع النمو

 

تونس-الصباح

في متابعة لقرارات اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي التي انعقد مؤخرا، استعرض محافظ البنك المركزي، مروان العباسي أسباب اتخاذ هذه القرارات والتي على رأسها قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ 75 نقطة أساسية لتصل إلى 8 بالمائة، كان ذلك خلال ندوة صحفية بمشاركة أعضاء المجلس وخبراء البنك المركزي تم تنظيمها أمس بمقر البنك بالعاصمة.

ومن ابرز الأسباب المباشرة التي دفعت البنك المركزي إلى الترفيع في نسبة الفائدة المديرية، أوضح العباسي أن ارتفاع نسبة التضخم المستمر يعد السبب الأبرز والتي من المنتظر أن  تصل خلال سنة 2023 إلى حدود  11 بالمائة، بعد أن أنهت سنة 2022 على نسبة تلامس الـ 9.8% وهي النسبة الأعلى في تاريخ تونس منذ أكثر من 3 عقود.

الترفيع في نسبة الفائدة ضروري لاحتواء التضخم

 

كما اكد العباسي ان قرار البنك المركزي الترفيع بـ 75 نقطة اساسية في نسبة الفائدة يعد امرا ضروريا بهدف احتواء معدلات التضخم المرتفعة، خاصة ان هذه العملية ابدت نجاعتها سابقا، مضيفا ان قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية التجأ اليه البنك خلال سنة 2018 للتحكم في نسبة التضخم بالترفيع ثلاث مرات في سنة ونصف ونجحت العملية وتم التحكم في الارتفاع المتزايد في معدلات  التضخم بعد سنة فقط.

كما لفت العباسي إلى إمكانية التخفيض في  نسبة الفائدة المديرية في الفترة القادمة في حال تغير الوضع الاقتصادي العالمي نحو الافضل بما سيكون له تأثير ايجابي على الوضع الاقتصادي المحلي، مشيرا إلى أن 80 بالمائة من جملة 200 بنك مركزي في العالم اقروا الترفيع في نسبة الفائدة المديرية وهو أمر طبيعي للتحكم في معدلات التضخم وهذا ما اعتمدته اليوم تونس لأنها ليست بمنأى عن التغيرات العالمية.

من جهة ثانية، استعرض العباسي جملة المشاريع التي أطلقها البنك وشهدت تقدما هاما ولعل أبرزها قانون مجلة الصرف الجديدة الذي أعده البنك بالاستناد الى مراجعات وتعديلات هامة، مشيرا إلى انه قد تم إيداعه لدى رئاسة الحكومة للنظر فيه وإبداء موقفها من القانون ليتم العمل به في اقرب الآجال.

قانون الصرف الجديد في اتجاه تحرير كلي للدينار

وكشف العباسي، عن ابرز ملامح القانون الجديد للصرف والمتمثلة بالأساس في تعديلات ستسمح وبصفة تدريجية بالتحرير الكلي للدينار التونسي، فضلا عن مساهمة القانون في تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المبادرة واقتحام الأسواق  الخارجية، مضيفا أن  القانون سيعمل على تجاوز العوائق التي تجابهها المؤسسات وقطاع الأعمال في ما يخص المعاملات بالعملة الأجنبية.

كما قدم العباسي بعض التوجهات العامة لقانون الصرف الجديد خلال الندوة تتعلق بجملة من الإصلاحات الهيكلية التي شملت مراجعة الاجال وتبسيط الاجراءات المتعلقة بفتح حسابات بالعملة الأجنبية بالنسبة للمستثمرين، فضلا عن السماح وفق شروط للوسطاء المرخص لهم المقيمين باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات ..، حسب تعبيره.

واوضح المحافظ في ذات السياق ان اجراءات قانون الصرف الجديد ستسمح بتحرير التحويلات  المالية العائدة بعنوان التخلي عن الطلبيات وإرجاع السلع في حالة عدم استكمال عمليات التصدير، فضلا عن إلغاء رصيد التحويلات المالية جراء خطأ أو عدم توفر بالحساب البنكي أو إشكال في عملية الدفع الالكتروني...

كما سيتم العمل على إقرار حوافز لفائدة المستثمرين قصد إيداع مدخرات ومداخيلهم لدى البنوك التونسية وكذلك استقطاب القطاع غير المنظم نحو مسالك التمويل الرسمية. وسيتضمن الإطار التشريعي الجديد للصرف تشجيعات لفائدة البنوك من أجل استقطاب موارد الادخار والتحويلات بالعملة وفق شروط تفاضلية موحدة.
وهذه التوجهات العامة التي اعلن العباسي عن بعضها وبصورة مقتضبة، جاءت  في الميزان الاقتصادي لسنة 2023 وينتظر أن ينطلق العمل بها خلال هذه السنة،  واكد العباسي في هذا السياق ان قانون الصرف الجديد يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال عموما، مشيرا إلى
هذا القانون بالمقابل لن يفضي إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
واستعرض المحافظ ابرز ملامح الوضع الاقتصادي الذي تردت اليه البلاد في الآونة الأخيرة، معتبرا انه وضع صعب اذ تجمع فيه العديد من الوضعيات بدءا بالعجز المزدوج او ما يعرف  بعجز الميزان التجاري والعجز الجاري في ذات الوقت مقابل نسب نمو ضعيفة.

نسب النمو ضعيفة ودفع الإنتاج الحل

واعتبر العباسي ان عودة الانتاج في عدد من القطاعات سيغير في المشهد الاقتصادي نحو الافضل، خاصة في قطاع الفسفاط الذي عرف تراجعا ملحوظا ليصل اليوم الى حدود 3.6 مليون طن بعد ان كان قبل 10 سنوات يناهز الانتاج 8 مليون طن سنويا، مبينا ان ذلك من ابرز الاسباب التي ادت الى تراجع نسبة النمو وكبدت الدولة خسائر كبيرة مما اضطرها الى الاستيراد، حسب تعبيره.

وفي هذا السياق، اعتبر العباسي ان نسبة النمو المحددة في قانون المالية لسنة 2023  بـ 1.8 بالمائة مازالت ضعيفة مما يتطلب دفع الاستثمار والقطاعات الإستراتيجية على غرار السياحة والفسفاط، معتبرا أن القطاع الفلاحي الذي يمثل لوحده 8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ويصل إلى11 بالمائة مع دمجه للصناعات الغذائية يعرف هو الاخر العديد من الإشكاليات والصعوبات العميقة على رأسها اليوم التغيرات المناخية..

وفي ما يخص المالية العمومية التي تعاني هي الأخرى من صعوبات، فقد ابرز العباسي أن عجز الميزانية العمومية سيكون تم ضبطه في قانون المالية للسنة المنقضية 2022 بـ 7.5 بالمائة وفي حدود الـ 8.7 بالمائة  كنسبة العجز الجاري، مشيرا الى انه وبفضل المجهودات للتحكم فيها لم ترتفع وبقيت في مستوى التوقعات.

بالمقابل، نبه العباسي من امكانية تأزم المالية العمومية في قادم الايام في حال عدم التوصل الى اتفاق جدي مع صندوق النقد الدولي، واكد العباسي في هذا السياق على اهمية هذا الاتفاق في فتح الابواب امام الدولة للاقتراض بصفة ثنائية وهو التحدي الاكبر لتعبئة موارد جديدة الذي يواجه الحكومة خلال هذه السنة، حسب تعبيره.

قرض الصندوق مهم للاقتراض الثنائي وهذه أسباب تأجيل الاتفاق

وفي هذا الخصوص، قال محافظ البنك المركزي، مروان العباسي إن تونس تحتاج الى حوالي 1.7 مليار دولار،  وهي تقريبا نفس قيمة الفجوة التي خلفتها التغيرات العالمية الأخيرة والتي على راسها الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا الى ان ذلك تطلب تزايد في الطلب على الاستيراد خاصة على المواد البترولية.

وافاد العباسي بان ابرز اسباب تاجيل موعد انعقاد اجتماع بين تونس وصندوق النقد الدولي والذي كان مقررا يوم 19 من شهر ديسمبر المنقضي، تتمثل في عدم استكمال عدد من القوانين عل غرار قانون المالية لسنة 2023 وقانون مجلة الصرف وقانون الوظيفة العمومية.
ويذكر أنه تم يوم الأربعاء الـ 14 من ديسمبر 2022، حذف الاجتماع المخصص للنظر في ملف تونس للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من جدول أعمال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وذلك بعد برمجته ليوم 19 ديسمبر المنقضي، دون أن يدرجها في جدول أعماله حتى يوم 22 ديسمبر 2022.

وكانت تونس قد توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد بشأن حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية بما في ذلك خفض دعم المواد الغذائية والطاقة وإصلاح الشركات العمومية.
والاتفاق على مستوى الخبراء خاص بالأساس بحزمة مدتها 48 شهرا من خلال مرفق الصندوق الموسع للتمويل لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي والمساواة الضريبية وإدخال الإصلاحات التي من شأنها تعزيز النمو وخلق فرص العمل.

وكانت وزيرة المالية سهام نمصية، قد أكدت مؤخرا أن الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي لم يتم إلغاءه بل وقع تأجيله إلى حين إتمام بعض الإجراءات الضرورية للتوصل إلى اتفاق نهائي، من بينها إصدار قانون المالية لسنة 2023 والقانون المتعلق بمساهمات الدولة في المؤسسات العمومية. ورجحت الوزيرة إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي مع الصندوق بداية سنة 2023.
كما أوضحت الوزيرة في ذات السياق أن تأخر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم يكن له تأثير على احترام الدولة لتعهداتها منها بالخصوص تأمين خلاص الأجور وتخصيص أموال للدعم وسداد كل الأقساط المبرمجة للقروض الخارجية في آجالها وذلك في إطار تواصل الدولة واحترام التزاماتها تجاه المانحين الدوليين..
وفي نفس الإطار، أكد مسؤول  من البنك المركزي التونسي أنه سيتم الاتفاق على موعد جديد لإدراج النقطة المتعلقة بالمصادقة على تسهيل الصندوق الممدد لفائدة تونس، بجدول أعمال مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، بعد التشاور بين الطرفين، خلال الأيام المقبلة"، بهدف "منح السلطات التونسيّة متسعا من الوقت لوضع اللمسات الأخيرة لمتطلبات برنامج الإصلاحات، الذّي قدمته لهيكل التمويل الدولي".

ومن جهته، أكد محافظ البنك المركزي انه لم يتم سحب ملف تونس من جدول اعمال صندوق النقد بل ان الأمر ارتبط وقتها بجملة من العوامل غير المهيأة لعقد الاجتماع والتي أبرزها عدم استكمال الحكومة لإرساء قوانينها عل غرار قانون المالية وقانون الوظيفة العمومية، مؤكدا بالمقابل ان تونس لم تقبل الإمضاء على اتفاق خبراء الصندوق في شهر جويلية المنقضي حتى تتجنب السيناريو اللبناني..

وأفاد العباسي في هذا الإطار بان الحكومة حددت أولوياتها قبل الاتفاق مع صندوق النقد سابقا من ذلك استكملت اتفاقها مع الاتحاد العام التونسي للشغل حول الزيادات في الأجور، مؤكدا ان تونس نجحت في التوصل لاتفاق خبراء منتصف شهر أكتوبر من السنة المنقضية في انتظار إعادة جدولة موعد للحسم نهائيا في ملفها في اقرب الآجال.

وفاء بن محمد

محافظ البنك المركزي يعلن ويحذر..   مجلة صرف جديدة.. والتضخم سيصل إلى 11 %

 

  • الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ضروري
  • تونس تحتاج إلى 1.7 مليار دولار وهذه ابرز أسباب تأجيل اتفاق الصندوق
  • 80 % من البنوك المركزية في العالم رفعت في نسبة الفائدة
  • دفع الإنتاج في الفسفاط ورفع كل إشكاليات الموانئ من أبرز الحلول لرفع النمو

 

تونس-الصباح

في متابعة لقرارات اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي التي انعقد مؤخرا، استعرض محافظ البنك المركزي، مروان العباسي أسباب اتخاذ هذه القرارات والتي على رأسها قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ 75 نقطة أساسية لتصل إلى 8 بالمائة، كان ذلك خلال ندوة صحفية بمشاركة أعضاء المجلس وخبراء البنك المركزي تم تنظيمها أمس بمقر البنك بالعاصمة.

ومن ابرز الأسباب المباشرة التي دفعت البنك المركزي إلى الترفيع في نسبة الفائدة المديرية، أوضح العباسي أن ارتفاع نسبة التضخم المستمر يعد السبب الأبرز والتي من المنتظر أن  تصل خلال سنة 2023 إلى حدود  11 بالمائة، بعد أن أنهت سنة 2022 على نسبة تلامس الـ 9.8% وهي النسبة الأعلى في تاريخ تونس منذ أكثر من 3 عقود.

الترفيع في نسبة الفائدة ضروري لاحتواء التضخم

 

كما اكد العباسي ان قرار البنك المركزي الترفيع بـ 75 نقطة اساسية في نسبة الفائدة يعد امرا ضروريا بهدف احتواء معدلات التضخم المرتفعة، خاصة ان هذه العملية ابدت نجاعتها سابقا، مضيفا ان قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية التجأ اليه البنك خلال سنة 2018 للتحكم في نسبة التضخم بالترفيع ثلاث مرات في سنة ونصف ونجحت العملية وتم التحكم في الارتفاع المتزايد في معدلات  التضخم بعد سنة فقط.

كما لفت العباسي إلى إمكانية التخفيض في  نسبة الفائدة المديرية في الفترة القادمة في حال تغير الوضع الاقتصادي العالمي نحو الافضل بما سيكون له تأثير ايجابي على الوضع الاقتصادي المحلي، مشيرا إلى أن 80 بالمائة من جملة 200 بنك مركزي في العالم اقروا الترفيع في نسبة الفائدة المديرية وهو أمر طبيعي للتحكم في معدلات التضخم وهذا ما اعتمدته اليوم تونس لأنها ليست بمنأى عن التغيرات العالمية.

من جهة ثانية، استعرض العباسي جملة المشاريع التي أطلقها البنك وشهدت تقدما هاما ولعل أبرزها قانون مجلة الصرف الجديدة الذي أعده البنك بالاستناد الى مراجعات وتعديلات هامة، مشيرا إلى انه قد تم إيداعه لدى رئاسة الحكومة للنظر فيه وإبداء موقفها من القانون ليتم العمل به في اقرب الآجال.

قانون الصرف الجديد في اتجاه تحرير كلي للدينار

وكشف العباسي، عن ابرز ملامح القانون الجديد للصرف والمتمثلة بالأساس في تعديلات ستسمح وبصفة تدريجية بالتحرير الكلي للدينار التونسي، فضلا عن مساهمة القانون في تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المبادرة واقتحام الأسواق  الخارجية، مضيفا أن  القانون سيعمل على تجاوز العوائق التي تجابهها المؤسسات وقطاع الأعمال في ما يخص المعاملات بالعملة الأجنبية.

كما قدم العباسي بعض التوجهات العامة لقانون الصرف الجديد خلال الندوة تتعلق بجملة من الإصلاحات الهيكلية التي شملت مراجعة الاجال وتبسيط الاجراءات المتعلقة بفتح حسابات بالعملة الأجنبية بالنسبة للمستثمرين، فضلا عن السماح وفق شروط للوسطاء المرخص لهم المقيمين باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات ..، حسب تعبيره.

واوضح المحافظ في ذات السياق ان اجراءات قانون الصرف الجديد ستسمح بتحرير التحويلات  المالية العائدة بعنوان التخلي عن الطلبيات وإرجاع السلع في حالة عدم استكمال عمليات التصدير، فضلا عن إلغاء رصيد التحويلات المالية جراء خطأ أو عدم توفر بالحساب البنكي أو إشكال في عملية الدفع الالكتروني...

كما سيتم العمل على إقرار حوافز لفائدة المستثمرين قصد إيداع مدخرات ومداخيلهم لدى البنوك التونسية وكذلك استقطاب القطاع غير المنظم نحو مسالك التمويل الرسمية. وسيتضمن الإطار التشريعي الجديد للصرف تشجيعات لفائدة البنوك من أجل استقطاب موارد الادخار والتحويلات بالعملة وفق شروط تفاضلية موحدة.
وهذه التوجهات العامة التي اعلن العباسي عن بعضها وبصورة مقتضبة، جاءت  في الميزان الاقتصادي لسنة 2023 وينتظر أن ينطلق العمل بها خلال هذه السنة،  واكد العباسي في هذا السياق ان قانون الصرف الجديد يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال عموما، مشيرا إلى
هذا القانون بالمقابل لن يفضي إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
واستعرض المحافظ ابرز ملامح الوضع الاقتصادي الذي تردت اليه البلاد في الآونة الأخيرة، معتبرا انه وضع صعب اذ تجمع فيه العديد من الوضعيات بدءا بالعجز المزدوج او ما يعرف  بعجز الميزان التجاري والعجز الجاري في ذات الوقت مقابل نسب نمو ضعيفة.

نسب النمو ضعيفة ودفع الإنتاج الحل

واعتبر العباسي ان عودة الانتاج في عدد من القطاعات سيغير في المشهد الاقتصادي نحو الافضل، خاصة في قطاع الفسفاط الذي عرف تراجعا ملحوظا ليصل اليوم الى حدود 3.6 مليون طن بعد ان كان قبل 10 سنوات يناهز الانتاج 8 مليون طن سنويا، مبينا ان ذلك من ابرز الاسباب التي ادت الى تراجع نسبة النمو وكبدت الدولة خسائر كبيرة مما اضطرها الى الاستيراد، حسب تعبيره.

وفي هذا السياق، اعتبر العباسي ان نسبة النمو المحددة في قانون المالية لسنة 2023  بـ 1.8 بالمائة مازالت ضعيفة مما يتطلب دفع الاستثمار والقطاعات الإستراتيجية على غرار السياحة والفسفاط، معتبرا أن القطاع الفلاحي الذي يمثل لوحده 8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ويصل إلى11 بالمائة مع دمجه للصناعات الغذائية يعرف هو الاخر العديد من الإشكاليات والصعوبات العميقة على رأسها اليوم التغيرات المناخية..

وفي ما يخص المالية العمومية التي تعاني هي الأخرى من صعوبات، فقد ابرز العباسي أن عجز الميزانية العمومية سيكون تم ضبطه في قانون المالية للسنة المنقضية 2022 بـ 7.5 بالمائة وفي حدود الـ 8.7 بالمائة  كنسبة العجز الجاري، مشيرا الى انه وبفضل المجهودات للتحكم فيها لم ترتفع وبقيت في مستوى التوقعات.

بالمقابل، نبه العباسي من امكانية تأزم المالية العمومية في قادم الايام في حال عدم التوصل الى اتفاق جدي مع صندوق النقد الدولي، واكد العباسي في هذا السياق على اهمية هذا الاتفاق في فتح الابواب امام الدولة للاقتراض بصفة ثنائية وهو التحدي الاكبر لتعبئة موارد جديدة الذي يواجه الحكومة خلال هذه السنة، حسب تعبيره.

قرض الصندوق مهم للاقتراض الثنائي وهذه أسباب تأجيل الاتفاق

وفي هذا الخصوص، قال محافظ البنك المركزي، مروان العباسي إن تونس تحتاج الى حوالي 1.7 مليار دولار،  وهي تقريبا نفس قيمة الفجوة التي خلفتها التغيرات العالمية الأخيرة والتي على راسها الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا الى ان ذلك تطلب تزايد في الطلب على الاستيراد خاصة على المواد البترولية.

وافاد العباسي بان ابرز اسباب تاجيل موعد انعقاد اجتماع بين تونس وصندوق النقد الدولي والذي كان مقررا يوم 19 من شهر ديسمبر المنقضي، تتمثل في عدم استكمال عدد من القوانين عل غرار قانون المالية لسنة 2023 وقانون مجلة الصرف وقانون الوظيفة العمومية.
ويذكر أنه تم يوم الأربعاء الـ 14 من ديسمبر 2022، حذف الاجتماع المخصص للنظر في ملف تونس للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من جدول أعمال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وذلك بعد برمجته ليوم 19 ديسمبر المنقضي، دون أن يدرجها في جدول أعماله حتى يوم 22 ديسمبر 2022.

وكانت تونس قد توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد بشأن حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية بما في ذلك خفض دعم المواد الغذائية والطاقة وإصلاح الشركات العمومية.
والاتفاق على مستوى الخبراء خاص بالأساس بحزمة مدتها 48 شهرا من خلال مرفق الصندوق الموسع للتمويل لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي والمساواة الضريبية وإدخال الإصلاحات التي من شأنها تعزيز النمو وخلق فرص العمل.

وكانت وزيرة المالية سهام نمصية، قد أكدت مؤخرا أن الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي لم يتم إلغاءه بل وقع تأجيله إلى حين إتمام بعض الإجراءات الضرورية للتوصل إلى اتفاق نهائي، من بينها إصدار قانون المالية لسنة 2023 والقانون المتعلق بمساهمات الدولة في المؤسسات العمومية. ورجحت الوزيرة إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي مع الصندوق بداية سنة 2023.
كما أوضحت الوزيرة في ذات السياق أن تأخر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم يكن له تأثير على احترام الدولة لتعهداتها منها بالخصوص تأمين خلاص الأجور وتخصيص أموال للدعم وسداد كل الأقساط المبرمجة للقروض الخارجية في آجالها وذلك في إطار تواصل الدولة واحترام التزاماتها تجاه المانحين الدوليين..
وفي نفس الإطار، أكد مسؤول  من البنك المركزي التونسي أنه سيتم الاتفاق على موعد جديد لإدراج النقطة المتعلقة بالمصادقة على تسهيل الصندوق الممدد لفائدة تونس، بجدول أعمال مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، بعد التشاور بين الطرفين، خلال الأيام المقبلة"، بهدف "منح السلطات التونسيّة متسعا من الوقت لوضع اللمسات الأخيرة لمتطلبات برنامج الإصلاحات، الذّي قدمته لهيكل التمويل الدولي".

ومن جهته، أكد محافظ البنك المركزي انه لم يتم سحب ملف تونس من جدول اعمال صندوق النقد بل ان الأمر ارتبط وقتها بجملة من العوامل غير المهيأة لعقد الاجتماع والتي أبرزها عدم استكمال الحكومة لإرساء قوانينها عل غرار قانون المالية وقانون الوظيفة العمومية، مؤكدا بالمقابل ان تونس لم تقبل الإمضاء على اتفاق خبراء الصندوق في شهر جويلية المنقضي حتى تتجنب السيناريو اللبناني..

وأفاد العباسي في هذا الإطار بان الحكومة حددت أولوياتها قبل الاتفاق مع صندوق النقد سابقا من ذلك استكملت اتفاقها مع الاتحاد العام التونسي للشغل حول الزيادات في الأجور، مؤكدا ان تونس نجحت في التوصل لاتفاق خبراء منتصف شهر أكتوبر من السنة المنقضية في انتظار إعادة جدولة موعد للحسم نهائيا في ملفها في اقرب الآجال.

وفاء بن محمد