إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سيّدي الرئيس .. دون الفضح والمحاسبة يتضاعف الشّعور بالخيبة وتتبخّر الآمال

بقلم:مصدّق الشّريف

*إنّ صور التّحيل على الشعب التّونسيّ والامعان في تجويعه قد جعلت حياته نكدا وعيشه تعسا
سيّدي رئيس الجمهوريّة، إنّ ما أتيت عليه في خطابك الأخير، بتاريخ الأربعاء 28 ديسمبر 2022، وفي خطابات أخرى، سواء قبل يوم 25 جويلية 2021 أو بعده، وعموما، منذ تسلّمت مقاليد حكم البلاد سنة 2019، يتمحور أساسا حول الحديث عن الذين عبثوا بأموال الدولة وخيراتها ومقدّراتها أو الذين اتخذوا من الإعلام مصدرا للاسترزاق ولو على حساب أمن بلادهم وسيادتها فماتت ضمائرهم وسقطت هممهم إلى قاع القاع أمام الأموال المكدّسة...
ولكن اعلم، سيّدي الرّئيس، وأنت سيّد العارفين، أن كلّ ما قلته في خطبك وما صرّحت به في زياراتك الميدانيّة من قبيل عبث بعضهم بمصلحة البلاد ومتاجرة بعضهم الآخر بقوت الشعب يعلمه جميع النّاس. إنّ قلب الشّعب التّونسيّ "معبّي" منذ سنة 1956 مرورا بتاريخ 7 نوفمبر 1987 وصولا إلى سنة 2011. وإلاّ لماذا تقوم الانتفاضة تلو الانتفاضة وسرعان ما تخمدها السّلطة الحاكمة في المهد بشتّى وسائل القمع التي تصل إلى حدّ إطلاق الرّصاص الحيّ على المتظاهرين والمحتجّين؟ولماذا زُجّ بالآلاف في المعتقلات وأذاقهم الجلاّدون أبشع أنواع التعذيب حتّى قضى بعضهم نحبه في غياهب السّجون وخرج بعضهم الآخر منها معاقا أو مصابا بداء عضال؟لقد بقي يوم الخميس الأسود بتاريخ 26 جانفي 1978في ذاكرة التّونسيّين والتّونسيّات حيث سقط مئات الضّحايا في الشّوارع وأصيب آلاف الجرحى. ولم ينس هؤلاء أحداث الخبزة التي قامت سنة 1984 التي قامت من أجل الدّفاع عن الحقّ في العيش الكريم والتّصدي للسّماسرة والمستكرشين. ومازال الشعب التونسيّ يذكر أحداث الحوض المنجمي وما أدراك ما أحداث الحوض المنجمي في بداية الألفية والبطولات النّضالية التي خاضها الأهالي هناك من أجل الدّفاع عن الأرض والحرية والكرامة الوطنية. ولم تتبدّد بقيّة المحطّات النّضالية المشهودة إلى حدود تاريخ 17 ديسمبر 2010، عند اندلاع الشرارة الأولى للثّورة، من الأذهان إذ فاض الكأس المليء ظلما وحيفا وكذبا يزيّنه كثير من الإعلاميّين والإعلاميّات لإقناع التّونسييّن والتّونسيّات بأنّ السّماء صافية والعصافير تزقزق...ولكن الثّورة اُغتصبت من أيادي الوطنيّين والوطنيّات الأحرار وسُرقت ليستحوذ عليها المتهافتون على السّلطة فهي عندهم غاية المنى ومن أجلها يتحالفون مع القوى الاستعمارية وحتّى مع الشّيطان في الدّاخل وفي الخارج...
سيّدي رئيس الجمهوريّة، اعلم أنّ الشّعب التّونسي يعلم علم اليقين أنّ الخروقات والتّجاوزات مستفحلة في كلّ الادارات التونسية وأنّه أصبح مقتنعا بأن لا سبيل إلى أن ينال المستضعفون حقوقهم بعد أن أصبحت المحاباة والرشاوى الحاكمة في سير الملفّات والمعاملات. إنّ المواطن يعي جيّدا أن كلّ أنواع المواد الاستهلاكية موجودة وهو يرى بأمّ عينيه كيف يتّخذ المحتكرون طرقا غير قانونية لبيعها بأثمان مرتفعة أو لتهريبها خارج البلاد. سيدي الرّئيس اعلم أنّ هذا كلّه هو حديث أغلب الشّعب التونسي في البيوت والمقاهي والسّاحات وحتّى في وسائل الاعلام.
ما ذكرته، سيّدي الرّئيس، يعرف التّونسيّون أكثر منه بكثير. وإلاّ لماذا خرجوا إلى الشّوارع يوم 25 جويلية2021؟ ولماذا تنفّسوا الصّعداء ليلتها وباتوا مطمئنين منشرحي الصّدور؟ لأنّ بصيص الأمل عاد إليهم وأحسّواأنّ ساعة المحاسبة قد دقّت وتيقّنوا أنّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه فرفعوا شعار المحاسبة وطالبوا بالمحاكمات العادلة وحلموا أن ينال المجرمون القتلة المتاجرون ببلادهم وبأرواح أبنائهم جزاءهم وأن تعود الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة.
 سيدي رئيس الدولة،إنّ صور التّحيل على الشعب التّونسيّ والامعان في تجويعه قد جعلت حياته نكدا وعيشه تعسا. التّونسيّون والتّونسيّات يعلمون أنّهم ضحايا. وهم يعرفون من خرّب تونس وقوّض مؤسسات الدّولة. ولكنّ الفرق بينك وبينهم أنهم لا يستطيعون فعل شيء. لا يستطيعون الانتصار لحقهم لأنّهم عزّل وضعفاء في حين أنّك المكلّف بحماية الدستور وتطبيق فصوله وبقيّة القوانين. لديك كل صلاحيّات المحاسبة وليس لك أن تتراخى أو تتباطأ قيد أنملة. ستبقى أحوال البلاد على ما هي عليه دون فضح ومحاسبة. وستتيح الفرصة تلو الأخرى لحماية المجرمين وظلم هذا الشّعب المغدور به دون محاكمات عادلة. 
سيّدي الرّئيس، لو تتقدّم خطوة في اتّجاه المحاسبة والمحاكمة العادلة يتقدّم شعبك ملايين الخطوات ويملأ الشّوارع والسّاحات بهتافات تدعم مسار الدّفاع عن البلاد من الذين أجرموا في حقها. رجاؤنا أن تفضح كلّ المخربين في كلّ القطاعات والمنظّمات والأحزاب والجمعيّات دون استثناء. ما عدا هذا، سيّدي الرئيس، فإنّ شعبك يزداد بؤسا لاسيّما حين يسمع أنّ الذين ظلموه وأكلوا لحمه وشربوا من دمه قد أفلتوا من العدالة ويراهم في الحرير يرفلون وفي الرّغد يعيشون بلا رقيب ولا حسيب.
سيّدي رئيس الجمهوريّة، يكاد اليأس يقتل التّونسيّين والتّونسيّات من خيبة الظّنّ التي استولت عليهم بعد أن خرجوا على بكرة أبيهم يوم 25 جويلية 2021 وكأنّه يوم ميلادهم الجديد.
 
سيّدي الرئيس .. دون الفضح والمحاسبة يتضاعف الشّعور بالخيبة وتتبخّر الآمال

بقلم:مصدّق الشّريف

*إنّ صور التّحيل على الشعب التّونسيّ والامعان في تجويعه قد جعلت حياته نكدا وعيشه تعسا
سيّدي رئيس الجمهوريّة، إنّ ما أتيت عليه في خطابك الأخير، بتاريخ الأربعاء 28 ديسمبر 2022، وفي خطابات أخرى، سواء قبل يوم 25 جويلية 2021 أو بعده، وعموما، منذ تسلّمت مقاليد حكم البلاد سنة 2019، يتمحور أساسا حول الحديث عن الذين عبثوا بأموال الدولة وخيراتها ومقدّراتها أو الذين اتخذوا من الإعلام مصدرا للاسترزاق ولو على حساب أمن بلادهم وسيادتها فماتت ضمائرهم وسقطت هممهم إلى قاع القاع أمام الأموال المكدّسة...
ولكن اعلم، سيّدي الرّئيس، وأنت سيّد العارفين، أن كلّ ما قلته في خطبك وما صرّحت به في زياراتك الميدانيّة من قبيل عبث بعضهم بمصلحة البلاد ومتاجرة بعضهم الآخر بقوت الشعب يعلمه جميع النّاس. إنّ قلب الشّعب التّونسيّ "معبّي" منذ سنة 1956 مرورا بتاريخ 7 نوفمبر 1987 وصولا إلى سنة 2011. وإلاّ لماذا تقوم الانتفاضة تلو الانتفاضة وسرعان ما تخمدها السّلطة الحاكمة في المهد بشتّى وسائل القمع التي تصل إلى حدّ إطلاق الرّصاص الحيّ على المتظاهرين والمحتجّين؟ولماذا زُجّ بالآلاف في المعتقلات وأذاقهم الجلاّدون أبشع أنواع التعذيب حتّى قضى بعضهم نحبه في غياهب السّجون وخرج بعضهم الآخر منها معاقا أو مصابا بداء عضال؟لقد بقي يوم الخميس الأسود بتاريخ 26 جانفي 1978في ذاكرة التّونسيّين والتّونسيّات حيث سقط مئات الضّحايا في الشّوارع وأصيب آلاف الجرحى. ولم ينس هؤلاء أحداث الخبزة التي قامت سنة 1984 التي قامت من أجل الدّفاع عن الحقّ في العيش الكريم والتّصدي للسّماسرة والمستكرشين. ومازال الشعب التونسيّ يذكر أحداث الحوض المنجمي وما أدراك ما أحداث الحوض المنجمي في بداية الألفية والبطولات النّضالية التي خاضها الأهالي هناك من أجل الدّفاع عن الأرض والحرية والكرامة الوطنية. ولم تتبدّد بقيّة المحطّات النّضالية المشهودة إلى حدود تاريخ 17 ديسمبر 2010، عند اندلاع الشرارة الأولى للثّورة، من الأذهان إذ فاض الكأس المليء ظلما وحيفا وكذبا يزيّنه كثير من الإعلاميّين والإعلاميّات لإقناع التّونسييّن والتّونسيّات بأنّ السّماء صافية والعصافير تزقزق...ولكن الثّورة اُغتصبت من أيادي الوطنيّين والوطنيّات الأحرار وسُرقت ليستحوذ عليها المتهافتون على السّلطة فهي عندهم غاية المنى ومن أجلها يتحالفون مع القوى الاستعمارية وحتّى مع الشّيطان في الدّاخل وفي الخارج...
سيّدي رئيس الجمهوريّة، اعلم أنّ الشّعب التّونسي يعلم علم اليقين أنّ الخروقات والتّجاوزات مستفحلة في كلّ الادارات التونسية وأنّه أصبح مقتنعا بأن لا سبيل إلى أن ينال المستضعفون حقوقهم بعد أن أصبحت المحاباة والرشاوى الحاكمة في سير الملفّات والمعاملات. إنّ المواطن يعي جيّدا أن كلّ أنواع المواد الاستهلاكية موجودة وهو يرى بأمّ عينيه كيف يتّخذ المحتكرون طرقا غير قانونية لبيعها بأثمان مرتفعة أو لتهريبها خارج البلاد. سيدي الرّئيس اعلم أنّ هذا كلّه هو حديث أغلب الشّعب التونسي في البيوت والمقاهي والسّاحات وحتّى في وسائل الاعلام.
ما ذكرته، سيّدي الرّئيس، يعرف التّونسيّون أكثر منه بكثير. وإلاّ لماذا خرجوا إلى الشّوارع يوم 25 جويلية2021؟ ولماذا تنفّسوا الصّعداء ليلتها وباتوا مطمئنين منشرحي الصّدور؟ لأنّ بصيص الأمل عاد إليهم وأحسّواأنّ ساعة المحاسبة قد دقّت وتيقّنوا أنّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه فرفعوا شعار المحاسبة وطالبوا بالمحاكمات العادلة وحلموا أن ينال المجرمون القتلة المتاجرون ببلادهم وبأرواح أبنائهم جزاءهم وأن تعود الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة.
 سيدي رئيس الدولة،إنّ صور التّحيل على الشعب التّونسيّ والامعان في تجويعه قد جعلت حياته نكدا وعيشه تعسا. التّونسيّون والتّونسيّات يعلمون أنّهم ضحايا. وهم يعرفون من خرّب تونس وقوّض مؤسسات الدّولة. ولكنّ الفرق بينك وبينهم أنهم لا يستطيعون فعل شيء. لا يستطيعون الانتصار لحقهم لأنّهم عزّل وضعفاء في حين أنّك المكلّف بحماية الدستور وتطبيق فصوله وبقيّة القوانين. لديك كل صلاحيّات المحاسبة وليس لك أن تتراخى أو تتباطأ قيد أنملة. ستبقى أحوال البلاد على ما هي عليه دون فضح ومحاسبة. وستتيح الفرصة تلو الأخرى لحماية المجرمين وظلم هذا الشّعب المغدور به دون محاكمات عادلة. 
سيّدي الرّئيس، لو تتقدّم خطوة في اتّجاه المحاسبة والمحاكمة العادلة يتقدّم شعبك ملايين الخطوات ويملأ الشّوارع والسّاحات بهتافات تدعم مسار الدّفاع عن البلاد من الذين أجرموا في حقها. رجاؤنا أن تفضح كلّ المخربين في كلّ القطاعات والمنظّمات والأحزاب والجمعيّات دون استثناء. ما عدا هذا، سيّدي الرئيس، فإنّ شعبك يزداد بؤسا لاسيّما حين يسمع أنّ الذين ظلموه وأكلوا لحمه وشربوا من دمه قد أفلتوا من العدالة ويراهم في الحرير يرفلون وفي الرّغد يعيشون بلا رقيب ولا حسيب.
سيّدي رئيس الجمهوريّة، يكاد اليأس يقتل التّونسيّين والتّونسيّات من خيبة الظّنّ التي استولت عليهم بعد أن خرجوا على بكرة أبيهم يوم 25 جويلية 2021 وكأنّه يوم ميلادهم الجديد.