انطلقت أمس، رسميا، الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية بالخارج لتتواصل الى غاية يوم 13 ديسمبر المقبل وفق الآجال التي ضبطتها وأعلنتها الهيئة العليا للانتخابات ..
إلا أن هذه الانطلاقة لا تخلو من الغرابة ومن أشياء لم يسبق حصولها في كل العمليات الانتخابية السابقة التي شهدتها تونس، بعد الثورة، حيث ولأوّل مرة، ووفق الترشحات المعلن عنها من قبل هيئة الانتخابات، هناك سبعة دوائر انتخابية غياب كامل للمترشحين من جملة عشرة دوائر انتخابية في الخارج، في حين ترشّح مرشّح وحيد عن كل من دائرة فرنسا 2 وفرنسا 3 وإيطاليا وهو ما يعني ضمنيا فوزا آليا ومؤكدا دون منافسة ودون اقتراع وضمان مقعد بالبرلمان القادم لهؤلاء المترشحين الثلاثة، وفق ما ينصّ عليه القانون الانتخابي .
في حين لم يتقدّم في كل من دائرة فرنسا 1 وألمانيا وبقية الدول الأوروبية والأمريكيتين والدول العربية وآسيا وأستراليا وإفريقيا أي مرشح رغم قرار التمديد الذي اتخذته الهيئة في وقت سابق، بثلاثة أيام إضافية في آجال قبول الترشحات .
ويبرر البعض غياب الترشّحات بتغيير نظام الاقتراع من اقتراع على القائمات الى اقتراع على الأفراد وفق ما نصّ عليه المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، والصادر في 15 سبتمبر الماضي والذي اعتمد طريقة جديدة في انتخاب أعضاء البرلمان لم تكن موجودة من قبل وفي كل البرلمانات السابقة، ولم يكتف المرسوم 55 بتغيير طريقة الاقتراع بل غيّر أيضا في شروط الترشّح واشترط على المترشحين، جمع 400 تزكية من الناخبين وباعتماد طريقة التناصف بين النساء والرجال، كما يشترط أن لا تقل نسبة المزكين من الشباب دون سنّ 35 سنة عن 25 بالمائة من جملة المزكين، وهو ما اعتبره الكثير ممن كانوا ينوون الترشّح شروطا تعجيزية خاصة بالنسبة للدوائر الانتخابية في الخارج وهي دوائر يمتد بعضها جغرافيا على أكثر من دولة ولا يمكن بأي شكل من الأشكال جمع كل هؤلاء المزكين ولا احترام شرط السنّ بسهولة، وان لم تعترف هيئة الانتخابات بذلك!
وهيئة الانتخابات ليست وحدها التي لم تعترف بعجز الإطار التشريعي الجديد للانتخابات على استيعاب الرهانات الانتخابية التي يبدو أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد عند صياغته للمرسوم 55 لم يضع في اعتباره الكثير من المعطيات خاصة بالنسبة للدوائر الانتخابية الموجودة بالخارج والتي لها خصوصية خاصة في علاقة بجمع التزكيات.. حيث واصلت الهيئة من خلال رئيسها فاروق بوعسكر تجاهل أسباب عدم الترشّح وتقديم أسباب رفض بعض الملفات، حيث قال بوعسكر انّ أسباب رفض بعض الملفات تراوحت ما بين أنّ المزكّي مسجّل بدائرة انتخابية مختلفة عن الدائرة الانتخابية للمترشح وهناك حوالي 28542 تزكية مرفوضة لهذا السبب أو أن المزكّي قام بتزكية أكثر من مترشّح واحد وهو ما كان سببا لرفض 3276 تزكية بسبب ذلك.. بالإضافة الى وجود اخلالات أخرى تتعلق أساسا بعدم تطابق الاسم واللقب مع عدد بطاقة الهويّة، ووجود إشكالية في التوقيع ووثيقة تزكية فارغة إضافة إلى تزكيّة المترشّح لنفسه في عدد من الحالات.
مقعد في البرلمان.. بالمجان !
وفق المرسوم الجديد عدد 55 المنظم للانتخابات والاستفتاء فان المترشحين للدوائر التي شهدت ترشحا وحيدا، هم في غنى عن الحملة الانتخابية لان فوزهم بمعقد في المجلس المقبل مضمون لغياب المنافسة مع أي مترشح آخر.. ويكفي ترشحهم لضمان مقعد في البرلمان القادم بالمجان ودون مجهود يذكر، ودون منافسة أو حتى نقاش حول برامجهم الانتخابية والتي ستبقى مجرّد حبر على ورقة الترشّح لا يناقشون حولها ولا يُساءلون بشأنها! وهذا يعتبر من عيوب التمشّي الديمقراطي ومن تشوّهاته، فالانتخابات لا تعني شيئا دون تنافس ودون برامج متنافسة بينها لاختيار الأفضل والأجدر .
وحسب نفس القانون الانتخابي الذي أبان فشله في مرحلة الترشّح وسيتأكد هذا الفشل أكثر في مرحلتي الاقتراع وما بعد الإعلان عن النتائج فان السبع شغورات التي تعاني منها دوائر انتخابية في الخارج فان هناك انتخابات جزئية ستنظم بعد إعلان سد الشغور من قبل البرلمان الجديد في هذه الدوائر.. وهذا أيضا يعدّ ترقيعا ديمقراطيا غير محمود ويعطي صورة سيئة على التجربة الانتخابية ككل، خاصة وأن لا شيء يضمن بعد انتخاب البرلمان الجديد ان تنجح هذه الانتخابات الجزئية وسيتقدم مرشحون لتلك الدوائر بنفس شروط الترشّح .
هذا ويذكر أنه وحسب هيئة الانتخابات فإنّ الحملة الانتخابية في الدّاخل تنطلق يوم 25 نوفمبر الحالي ويكون يوم 14 ديسمبر القادم يوم الصمت الانتخابي في الخارج و16 ديسمبر في الداخل ثمّ تليها أيام الاقتراع لتكون 15 و16 و17 ديسمبر في الخارج ويوم 17 ديسمبر داخل حدود الوطن.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
انطلقت أمس، رسميا، الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية بالخارج لتتواصل الى غاية يوم 13 ديسمبر المقبل وفق الآجال التي ضبطتها وأعلنتها الهيئة العليا للانتخابات ..
إلا أن هذه الانطلاقة لا تخلو من الغرابة ومن أشياء لم يسبق حصولها في كل العمليات الانتخابية السابقة التي شهدتها تونس، بعد الثورة، حيث ولأوّل مرة، ووفق الترشحات المعلن عنها من قبل هيئة الانتخابات، هناك سبعة دوائر انتخابية غياب كامل للمترشحين من جملة عشرة دوائر انتخابية في الخارج، في حين ترشّح مرشّح وحيد عن كل من دائرة فرنسا 2 وفرنسا 3 وإيطاليا وهو ما يعني ضمنيا فوزا آليا ومؤكدا دون منافسة ودون اقتراع وضمان مقعد بالبرلمان القادم لهؤلاء المترشحين الثلاثة، وفق ما ينصّ عليه القانون الانتخابي .
في حين لم يتقدّم في كل من دائرة فرنسا 1 وألمانيا وبقية الدول الأوروبية والأمريكيتين والدول العربية وآسيا وأستراليا وإفريقيا أي مرشح رغم قرار التمديد الذي اتخذته الهيئة في وقت سابق، بثلاثة أيام إضافية في آجال قبول الترشحات .
ويبرر البعض غياب الترشّحات بتغيير نظام الاقتراع من اقتراع على القائمات الى اقتراع على الأفراد وفق ما نصّ عليه المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، والصادر في 15 سبتمبر الماضي والذي اعتمد طريقة جديدة في انتخاب أعضاء البرلمان لم تكن موجودة من قبل وفي كل البرلمانات السابقة، ولم يكتف المرسوم 55 بتغيير طريقة الاقتراع بل غيّر أيضا في شروط الترشّح واشترط على المترشحين، جمع 400 تزكية من الناخبين وباعتماد طريقة التناصف بين النساء والرجال، كما يشترط أن لا تقل نسبة المزكين من الشباب دون سنّ 35 سنة عن 25 بالمائة من جملة المزكين، وهو ما اعتبره الكثير ممن كانوا ينوون الترشّح شروطا تعجيزية خاصة بالنسبة للدوائر الانتخابية في الخارج وهي دوائر يمتد بعضها جغرافيا على أكثر من دولة ولا يمكن بأي شكل من الأشكال جمع كل هؤلاء المزكين ولا احترام شرط السنّ بسهولة، وان لم تعترف هيئة الانتخابات بذلك!
وهيئة الانتخابات ليست وحدها التي لم تعترف بعجز الإطار التشريعي الجديد للانتخابات على استيعاب الرهانات الانتخابية التي يبدو أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد عند صياغته للمرسوم 55 لم يضع في اعتباره الكثير من المعطيات خاصة بالنسبة للدوائر الانتخابية الموجودة بالخارج والتي لها خصوصية خاصة في علاقة بجمع التزكيات.. حيث واصلت الهيئة من خلال رئيسها فاروق بوعسكر تجاهل أسباب عدم الترشّح وتقديم أسباب رفض بعض الملفات، حيث قال بوعسكر انّ أسباب رفض بعض الملفات تراوحت ما بين أنّ المزكّي مسجّل بدائرة انتخابية مختلفة عن الدائرة الانتخابية للمترشح وهناك حوالي 28542 تزكية مرفوضة لهذا السبب أو أن المزكّي قام بتزكية أكثر من مترشّح واحد وهو ما كان سببا لرفض 3276 تزكية بسبب ذلك.. بالإضافة الى وجود اخلالات أخرى تتعلق أساسا بعدم تطابق الاسم واللقب مع عدد بطاقة الهويّة، ووجود إشكالية في التوقيع ووثيقة تزكية فارغة إضافة إلى تزكيّة المترشّح لنفسه في عدد من الحالات.
مقعد في البرلمان.. بالمجان !
وفق المرسوم الجديد عدد 55 المنظم للانتخابات والاستفتاء فان المترشحين للدوائر التي شهدت ترشحا وحيدا، هم في غنى عن الحملة الانتخابية لان فوزهم بمعقد في المجلس المقبل مضمون لغياب المنافسة مع أي مترشح آخر.. ويكفي ترشحهم لضمان مقعد في البرلمان القادم بالمجان ودون مجهود يذكر، ودون منافسة أو حتى نقاش حول برامجهم الانتخابية والتي ستبقى مجرّد حبر على ورقة الترشّح لا يناقشون حولها ولا يُساءلون بشأنها! وهذا يعتبر من عيوب التمشّي الديمقراطي ومن تشوّهاته، فالانتخابات لا تعني شيئا دون تنافس ودون برامج متنافسة بينها لاختيار الأفضل والأجدر .
وحسب نفس القانون الانتخابي الذي أبان فشله في مرحلة الترشّح وسيتأكد هذا الفشل أكثر في مرحلتي الاقتراع وما بعد الإعلان عن النتائج فان السبع شغورات التي تعاني منها دوائر انتخابية في الخارج فان هناك انتخابات جزئية ستنظم بعد إعلان سد الشغور من قبل البرلمان الجديد في هذه الدوائر.. وهذا أيضا يعدّ ترقيعا ديمقراطيا غير محمود ويعطي صورة سيئة على التجربة الانتخابية ككل، خاصة وأن لا شيء يضمن بعد انتخاب البرلمان الجديد ان تنجح هذه الانتخابات الجزئية وسيتقدم مرشحون لتلك الدوائر بنفس شروط الترشّح .
هذا ويذكر أنه وحسب هيئة الانتخابات فإنّ الحملة الانتخابية في الدّاخل تنطلق يوم 25 نوفمبر الحالي ويكون يوم 14 ديسمبر القادم يوم الصمت الانتخابي في الخارج و16 ديسمبر في الداخل ثمّ تليها أيام الاقتراع لتكون 15 و16 و17 ديسمبر في الخارج ويوم 17 ديسمبر داخل حدود الوطن.