إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس وشرق آسيا... فرص استثمار معطلة وديبلوماسية عاجزة

 

 

بقلم:هشام الحاجي

يبدو التكرار أحيانا أفضل سبيل للتأكيد على أهمية أمرما وعلى ضرورة إعادة النظر في كيفية التعاطي معه. ذلك أن عدم الانتباه لبعض الأخطاء غالبا ما يفرض في المقابل لفت النظر إلى تداعياتها خاصة في السياق الحالي الذي تمر به تونس والذي يتمثل في وضع اقتصادي يتدهور يوما بعد يوم وفي ضبابية في الرؤية لن تزيد الوضع الا تعقيدا وهو ما يمثل تهديدا جديا للاستقرار .

وضعية مماثلة تفرض ديبلوماسية نشيطة تنطلق من ثوابت وقيم واضحة وتكون قادرة على المبادرة وتوسيع دائرة الأصدقاء والتقليص إلى أبعد الحدود من دائرة الخصوم. ولا شك أن التوليفة الإيجابية بين مكاسب وثوابت الديبلوماسية التونسية ومتطلبات السياق العالمي من شأنها أن تحدد أرضية تحرك الديبلومسية التونسية وهي أرضية قوامها مناهضة الأنظمة العنصرية والتي تنتهك بشكل منهجي حقوق الإنسان وقواعد العلاقات السلمية بين الدول وأيضا نسج علاقات متنوعة ومتعددة مع كل الدول وفي كل القارات واتخاذ مبادرات من شأنها لفت النظر إلى أهمية القيم الأخلاقية في العلاقات الدولية. وإذا كان الوضع لا يسمح ، إلى حد كبير، لتونس بأن تقدم مبادرات تهم الفضاء الأوروبي فإن المجال يبقى مفتوحا أمامها لتلعب دورا في فضاءات جغرافية أخرى من أهمها فضاء شرق آسيا الذي تربط دوله علاقات صداقة متينة بتونس والذي يشهد تطورا اقتصاديا لافتا يمكن الاستفادة منه خاصة وان "النمور الآسيوية" انطلقت في رحلة التقدم والتطور من ظروف شبيهة بالظروف التي تعيشها تونس حاليا وأنها أيضا تتعامل مع تونس دون خلفية استعمارية ودون رواسب متأتية من هيمنة عقد المركزية الأوروبية.

وتعتبر كوريا الجنوبية نموذجا لما يمكن أن تقوم عليه التعاون بين تونس والدول التي تحرص على علاقات متطورة مع بلادنا. عانى الشعب الكوري من الاستعمار الياباني وأيضا من حرب بين جنوبه وشماله استنزفت قواه وانهكت طاقاته. ولكن ذلك لم يمنعه من التحول إلى رقم مهم ومؤثر في الإقتصاد العالمي. ومما يلفت الانتباه في ما يتعلق بالعلاقات بين تونس وكوريا الجنوبية أن العلاقات بينهما قد كانت من بين رهانات باني الدولة التونسية الحديثة الحبيب بورقيبة وأن جمهورية كوريا الجنوبية قد أظهرت في أهم المناسبات حرصا واضحا على تطويرها وعلى مساعدة الشعب التونسي ويكفي التذكير هنا بالوقفة الكورية مع الشعب التونسي في مواجهة وباء الكوفيد. وحاليا تواجه كوريا الجنوبية تهديدا جديا لأمنها واستقرارها من جارها الشمالي الذي يخضع لسطوة نظام معزول ومارق عن كل قواعد التعايش السلمي وأسس العلاقات الدولية. هذا التهديد المتصاعد يحتاح إلى مبادرات من شأنها أن تكون تضامنا معنويا مع الشعب الكوري الصديق ورسالة إلى العالم تؤكد أن تونس تحسن رد الجميل وتدرك أهمية علاقات الصداقة بين الشعوب وأنها تحاكم إلى قيم نبيلة تلتزم بها في العلاقات الدولية وهو ما من شأنه أن يجعل منها لاعبا في المشهد العالمي وأن ينعكس إيجابيا على قدرتها على جذب الاستثمارات وعلى أن تكون نقطة تواصل بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.

*اعلامي وناشط سياسي

 

 

 

 

 تونس وشرق آسيا... فرص استثمار معطلة وديبلوماسية عاجزة

 

 

بقلم:هشام الحاجي

يبدو التكرار أحيانا أفضل سبيل للتأكيد على أهمية أمرما وعلى ضرورة إعادة النظر في كيفية التعاطي معه. ذلك أن عدم الانتباه لبعض الأخطاء غالبا ما يفرض في المقابل لفت النظر إلى تداعياتها خاصة في السياق الحالي الذي تمر به تونس والذي يتمثل في وضع اقتصادي يتدهور يوما بعد يوم وفي ضبابية في الرؤية لن تزيد الوضع الا تعقيدا وهو ما يمثل تهديدا جديا للاستقرار .

وضعية مماثلة تفرض ديبلوماسية نشيطة تنطلق من ثوابت وقيم واضحة وتكون قادرة على المبادرة وتوسيع دائرة الأصدقاء والتقليص إلى أبعد الحدود من دائرة الخصوم. ولا شك أن التوليفة الإيجابية بين مكاسب وثوابت الديبلوماسية التونسية ومتطلبات السياق العالمي من شأنها أن تحدد أرضية تحرك الديبلومسية التونسية وهي أرضية قوامها مناهضة الأنظمة العنصرية والتي تنتهك بشكل منهجي حقوق الإنسان وقواعد العلاقات السلمية بين الدول وأيضا نسج علاقات متنوعة ومتعددة مع كل الدول وفي كل القارات واتخاذ مبادرات من شأنها لفت النظر إلى أهمية القيم الأخلاقية في العلاقات الدولية. وإذا كان الوضع لا يسمح ، إلى حد كبير، لتونس بأن تقدم مبادرات تهم الفضاء الأوروبي فإن المجال يبقى مفتوحا أمامها لتلعب دورا في فضاءات جغرافية أخرى من أهمها فضاء شرق آسيا الذي تربط دوله علاقات صداقة متينة بتونس والذي يشهد تطورا اقتصاديا لافتا يمكن الاستفادة منه خاصة وان "النمور الآسيوية" انطلقت في رحلة التقدم والتطور من ظروف شبيهة بالظروف التي تعيشها تونس حاليا وأنها أيضا تتعامل مع تونس دون خلفية استعمارية ودون رواسب متأتية من هيمنة عقد المركزية الأوروبية.

وتعتبر كوريا الجنوبية نموذجا لما يمكن أن تقوم عليه التعاون بين تونس والدول التي تحرص على علاقات متطورة مع بلادنا. عانى الشعب الكوري من الاستعمار الياباني وأيضا من حرب بين جنوبه وشماله استنزفت قواه وانهكت طاقاته. ولكن ذلك لم يمنعه من التحول إلى رقم مهم ومؤثر في الإقتصاد العالمي. ومما يلفت الانتباه في ما يتعلق بالعلاقات بين تونس وكوريا الجنوبية أن العلاقات بينهما قد كانت من بين رهانات باني الدولة التونسية الحديثة الحبيب بورقيبة وأن جمهورية كوريا الجنوبية قد أظهرت في أهم المناسبات حرصا واضحا على تطويرها وعلى مساعدة الشعب التونسي ويكفي التذكير هنا بالوقفة الكورية مع الشعب التونسي في مواجهة وباء الكوفيد. وحاليا تواجه كوريا الجنوبية تهديدا جديا لأمنها واستقرارها من جارها الشمالي الذي يخضع لسطوة نظام معزول ومارق عن كل قواعد التعايش السلمي وأسس العلاقات الدولية. هذا التهديد المتصاعد يحتاح إلى مبادرات من شأنها أن تكون تضامنا معنويا مع الشعب الكوري الصديق ورسالة إلى العالم تؤكد أن تونس تحسن رد الجميل وتدرك أهمية علاقات الصداقة بين الشعوب وأنها تحاكم إلى قيم نبيلة تلتزم بها في العلاقات الدولية وهو ما من شأنه أن يجعل منها لاعبا في المشهد العالمي وأن ينعكس إيجابيا على قدرتها على جذب الاستثمارات وعلى أن تكون نقطة تواصل بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.

*اعلامي وناشط سياسي