نظم أمس الائتلاف المدني لمنظمات المجتمع المدني أمس، وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي للتنديد بتواصل ظاهرة الإفلات من العقاب. انتهت بمسيرة نحو وزارة الداخلية في تنصيص إلى أن أعوان الأمن والمؤسسة الأمنية هي الأكثر اعتداء على الصحفيين والمعنيين أكثر من غيرهم بملف الإفلات من العقاب أمام القضاء.
وتأتي الوقفة الاحتجاجية في إطار فعاليات احتفاء النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حرية الصحافة والتعبير وعن الحقوق والحريات، باليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين. واختار المشاركون فيها أن تكون أكثر شمولا وتتناول مختلف المعنيين بظاهرة الإفلات من العقاب ومن أبرزهم الصحفيون والناشطون والناشطات والنساء المعنفات ومجتمع الميم والعابرون والعبارات والفاعلون الاجتماعيون. كما سجلت المسيرة والوقفة حضور لصور لجملة الذين توفوا خلال السنوات الأخيرة على يد رجال أمن ومازال القضاء لم يفصل فيها القضاء إلى حد اليوم والتي يعود عدد منها إلى العشر سنوات الماضية ومنها كريم السياري الذي توفي في تينجة ولاية بنزرت بعد إيقافه من قبل فرقة أعوان الحرس ووليد دنقير توفي في احد مراكز امن تونس العاصمة وأحلام الدلهومي وانس الدلهومي اللتان توفيتا في حادثة إطلاق نار من قبل أعوان امن في القصرين وعمر العبيدي محب النادي الإفريقي الذي توفي غرقا في حادثة دفع من قبل أعوان امن في وادي مليان وأيوب بن فرج الذي توفي في احد مراكز ولاية المهدية...
وفي عرض للأرقام والإحصائيات العاكسة لحدة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تفيد أرقام وحدة رصد الانتهاكات بالنقابة الوطنية للصحفيين أين سجلت نحو الـ1000 اعتداء على الصحفيين والصحفيات خلال الخمس سنوات الماضية، مع التأكيد على أن حجم الاعتداءات وطبقا للأرقام المسجلة سنويا قد عرف تصاعدا واضحا من سنة إلى أخرى.
ويمكن القول أن أرقام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" كانت الأكثر تعبيرا على حدة وحجم ظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، أين تذكر انه ما بين 2006 و2020، وعلى امتداد ستة عشر سنة، تم قتل أكثر من 1200 صحفي في جميع أنحاء العالم أثناء أداء عملهم وواجباتهم في نقل الأخبار وتقديم المعلومة للجمهور، ويقول مرصد اليونسكو أن القتلة افلت منهم 9 من أصل كل 10 حالات.
وتقول منظمة اليونسكو في الوقت الذي يصنف القتل كأكثر أشكال الرقابة على وسائل الإعلام تطرفاً، فإن الصحفيين يتعرضون كذلك لتهديدات لا حصر لها تتراوح بين الاختطاف والتعذيب والاعتداءات الجسدية الأخرى إلى المضايقات، ولا سيما في المجال الرقمي. وتتسبب التهديدات بالعنف والاعتداء على الصحفيين على وجه الخصوص في تكوين مناخ من الخوف لدى الإعلاميين والصحفيين، مما يعيق التداول الحر للمعلومات والآراء والأفكار لجميع المواطنين. وتتأثر الصحفيات بشكل خاص بالتهديدات والاعتداءات، ولا سيما على الإنترنات. ويفيد استطلاع قامت به منظمة اليونسكو أن 73% من الصحفيات اللاتي شملهن الاستطلاع قد قالت إنهن تعرضن عبر الإنترنت للتهديد والترهيب والإهانة فيما يتعلق بعملهن.
وفي كثير من الحالات، لا يقع اعتماد تحقيق سليم في التهديدات بالعنف والاعتداء على الصحفيين، كما يشجع الإفلات من العقاب مرتكبي الجرائم على اعتداءات وأعمال قتل أكثر قسوة، فضلا عما يمكن أن يكون لذلك من أثر مروّع في المجتمع. ويساور اليونسكو القلق من إلحاق ظاهرة الإفلات من العقاب أضرارا بمجتمعات بأكملها بالتستر على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد والجرائم.
تواصل الإفلات من العقاب في الجرائم المستهدفة للصحفيين، يعكس في الغالب وجود سياسة عامة قضائية مبنية على الإفلات من العقاب والتي يكون من خلالها الأمن والمسؤولون الحكوميون والمتنفذون المستفيد الأول من الظاهرة.
وتونس لا تستثنى من هذه القاعدة فمعضلة الإفلات من العقاب تشمل الصحفيين بدرجة واضحة كما تنسحب بنفس الحدة على قضايا العنف المسلط على النساء أين تذكر جمعية "أصوات نساء" أنه يتم تقديم معدل 3000 شكوى شهريا إلى مراكز الشرطة من قبل النساء المعنفات متصل باعتداءات على النساء كما تقول أرقام وزارة المرأة أن أكثر من نصف النساء في تونس يتعرضن للعنف في الوسط الأسري وحوالي 90 % منهن يتعرضن للعنف في الفضاء العام مثل الشوارع ووسائل النقل ومواقع العمل. وحتى بعد صدور القانون عدد 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء بقيت متابعة الجناة محدودة ومن جملة قضايا العنف المرفوعة تم حسب تقرير لجمعية النساء الديمقراطيات اعتماد القانون عدد 58 في قضية واحدة يتيمة الأمر الذي فاقم ظاهرة الإفلات من العقاب. وتم الفصل في نسبة ضعيفة للغاية في قضايا العنف المسلط على النساء والتي لم تتجاوز إلى غاية 2021 الـ 0.5% من جملة القضايا المرفوعة.
وتجدر الإشارة في السياق ذاته إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت يوم 2 نوفمبر عن اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في قرارها 68/163 الذي حثت الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب الحالية وقد اختير التاريخ احتفالا باغتيال صحفيين فرنسيين في مالي في 2 نوفمبر 2013 .
ويدين هذا القرار التاريخي جميع الهجمات والعنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام. وتحث أيضا الدول الأعضاء على بذل قصارى جهدها لمنع العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام، وكفالة المساءلة، وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام إلى العدالة، وضمان حصول الضحايا على سبل الإنصاف المناسبة. وتطلب كذلك الدول أن تعمل على تهيئة بيئة آمنة وتمكين الصحفيين من أداء عملهم بصورة مستقلة ودون تدخل.
ريم سوودي
تونس الصباح
نظم أمس الائتلاف المدني لمنظمات المجتمع المدني أمس، وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي للتنديد بتواصل ظاهرة الإفلات من العقاب. انتهت بمسيرة نحو وزارة الداخلية في تنصيص إلى أن أعوان الأمن والمؤسسة الأمنية هي الأكثر اعتداء على الصحفيين والمعنيين أكثر من غيرهم بملف الإفلات من العقاب أمام القضاء.
وتأتي الوقفة الاحتجاجية في إطار فعاليات احتفاء النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حرية الصحافة والتعبير وعن الحقوق والحريات، باليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين. واختار المشاركون فيها أن تكون أكثر شمولا وتتناول مختلف المعنيين بظاهرة الإفلات من العقاب ومن أبرزهم الصحفيون والناشطون والناشطات والنساء المعنفات ومجتمع الميم والعابرون والعبارات والفاعلون الاجتماعيون. كما سجلت المسيرة والوقفة حضور لصور لجملة الذين توفوا خلال السنوات الأخيرة على يد رجال أمن ومازال القضاء لم يفصل فيها القضاء إلى حد اليوم والتي يعود عدد منها إلى العشر سنوات الماضية ومنها كريم السياري الذي توفي في تينجة ولاية بنزرت بعد إيقافه من قبل فرقة أعوان الحرس ووليد دنقير توفي في احد مراكز امن تونس العاصمة وأحلام الدلهومي وانس الدلهومي اللتان توفيتا في حادثة إطلاق نار من قبل أعوان امن في القصرين وعمر العبيدي محب النادي الإفريقي الذي توفي غرقا في حادثة دفع من قبل أعوان امن في وادي مليان وأيوب بن فرج الذي توفي في احد مراكز ولاية المهدية...
وفي عرض للأرقام والإحصائيات العاكسة لحدة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تفيد أرقام وحدة رصد الانتهاكات بالنقابة الوطنية للصحفيين أين سجلت نحو الـ1000 اعتداء على الصحفيين والصحفيات خلال الخمس سنوات الماضية، مع التأكيد على أن حجم الاعتداءات وطبقا للأرقام المسجلة سنويا قد عرف تصاعدا واضحا من سنة إلى أخرى.
ويمكن القول أن أرقام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" كانت الأكثر تعبيرا على حدة وحجم ظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، أين تذكر انه ما بين 2006 و2020، وعلى امتداد ستة عشر سنة، تم قتل أكثر من 1200 صحفي في جميع أنحاء العالم أثناء أداء عملهم وواجباتهم في نقل الأخبار وتقديم المعلومة للجمهور، ويقول مرصد اليونسكو أن القتلة افلت منهم 9 من أصل كل 10 حالات.
وتقول منظمة اليونسكو في الوقت الذي يصنف القتل كأكثر أشكال الرقابة على وسائل الإعلام تطرفاً، فإن الصحفيين يتعرضون كذلك لتهديدات لا حصر لها تتراوح بين الاختطاف والتعذيب والاعتداءات الجسدية الأخرى إلى المضايقات، ولا سيما في المجال الرقمي. وتتسبب التهديدات بالعنف والاعتداء على الصحفيين على وجه الخصوص في تكوين مناخ من الخوف لدى الإعلاميين والصحفيين، مما يعيق التداول الحر للمعلومات والآراء والأفكار لجميع المواطنين. وتتأثر الصحفيات بشكل خاص بالتهديدات والاعتداءات، ولا سيما على الإنترنات. ويفيد استطلاع قامت به منظمة اليونسكو أن 73% من الصحفيات اللاتي شملهن الاستطلاع قد قالت إنهن تعرضن عبر الإنترنت للتهديد والترهيب والإهانة فيما يتعلق بعملهن.
وفي كثير من الحالات، لا يقع اعتماد تحقيق سليم في التهديدات بالعنف والاعتداء على الصحفيين، كما يشجع الإفلات من العقاب مرتكبي الجرائم على اعتداءات وأعمال قتل أكثر قسوة، فضلا عما يمكن أن يكون لذلك من أثر مروّع في المجتمع. ويساور اليونسكو القلق من إلحاق ظاهرة الإفلات من العقاب أضرارا بمجتمعات بأكملها بالتستر على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد والجرائم.
تواصل الإفلات من العقاب في الجرائم المستهدفة للصحفيين، يعكس في الغالب وجود سياسة عامة قضائية مبنية على الإفلات من العقاب والتي يكون من خلالها الأمن والمسؤولون الحكوميون والمتنفذون المستفيد الأول من الظاهرة.
وتونس لا تستثنى من هذه القاعدة فمعضلة الإفلات من العقاب تشمل الصحفيين بدرجة واضحة كما تنسحب بنفس الحدة على قضايا العنف المسلط على النساء أين تذكر جمعية "أصوات نساء" أنه يتم تقديم معدل 3000 شكوى شهريا إلى مراكز الشرطة من قبل النساء المعنفات متصل باعتداءات على النساء كما تقول أرقام وزارة المرأة أن أكثر من نصف النساء في تونس يتعرضن للعنف في الوسط الأسري وحوالي 90 % منهن يتعرضن للعنف في الفضاء العام مثل الشوارع ووسائل النقل ومواقع العمل. وحتى بعد صدور القانون عدد 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء بقيت متابعة الجناة محدودة ومن جملة قضايا العنف المرفوعة تم حسب تقرير لجمعية النساء الديمقراطيات اعتماد القانون عدد 58 في قضية واحدة يتيمة الأمر الذي فاقم ظاهرة الإفلات من العقاب. وتم الفصل في نسبة ضعيفة للغاية في قضايا العنف المسلط على النساء والتي لم تتجاوز إلى غاية 2021 الـ 0.5% من جملة القضايا المرفوعة.
وتجدر الإشارة في السياق ذاته إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت يوم 2 نوفمبر عن اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في قرارها 68/163 الذي حثت الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب الحالية وقد اختير التاريخ احتفالا باغتيال صحفيين فرنسيين في مالي في 2 نوفمبر 2013 .
ويدين هذا القرار التاريخي جميع الهجمات والعنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام. وتحث أيضا الدول الأعضاء على بذل قصارى جهدها لمنع العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام، وكفالة المساءلة، وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام إلى العدالة، وضمان حصول الضحايا على سبل الإنصاف المناسبة. وتطلب كذلك الدول أن تعمل على تهيئة بيئة آمنة وتمكين الصحفيين من أداء عملهم بصورة مستقلة ودون تدخل.