إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صلاح الدين الجورشي لـ"الصباح": هيئة حقوق الإنسان في تونس في حالة موت سريري

تونس- الصباح

بعد تعيين رئيسها توفيق شرف الدين وزيرا للداخلية بقيت الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية منذ 11 أكتوبر الماضي بلا رئيس، وحتى بقية أعضائها فإن أغلبهم لم يعد لديهم أي اتصال بها، وهناك منهم من نسي أنه عضو فيها لأنه لم تقع دعوته منذ فترة طويلة إلى أي جلسة أو نشاط يذكر، وهم لا يعرفون ما هو مصير هذه الهيئة في ظل تواصل الشغور في منصب الرئاسة وخاصة في ظل الدستور الجديد الذي ألغاها تماما، فمقرها مازال مفتوحا وفيه أعوان يشتغلون حتى أن جهازها التنفيذي وإدارتها اجتهدوا وحلوا محل مجلس الهيئة في إعداد التقرير الذي تم رفعه موفى شهر مارس الماضي إلى مجلس حقوق الإنسان الراجع بالنظر إلى منظمة الأمم المتحدة وذلك استعدادا للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في تونس الذي سيقام الشهر المقبل في جينيف..

صلاح الدين الجورشي عضو مجلس الهيئة قال إن الهيئة فقدت مبررات وجودها من قبل رئيس الدولة، ولم تعد هناك أية استشارة لها وللأعضاء الموجودين بها وبالتالي فإنها أصبحت في حقيقة الأمر خارج الزمان والمكان. وذكر أنه لم يصدر أي قرار إلى حد الآن بحلها ولكنها ليست فاعلة، وأضاف في تصريح لـ "الصباح" أنه حسب ما لديه من معلومات، وبما أنه عضو في الهيئة، فإنه لا يوجد تواصل لأعضاء مجلس الهيئة مع الهيئة إذ لا تصلهم دعوات من قبلها فهي على حد وصفه في حالة موت سريري إلى أن يأتي قرار فوقي يقضي بحلها لأنها لم تعد تعتمد بأي شكل من الأشكال خلافا لما كان عليه الأمر في السابق.

وفسر الجورشي إلى أنه بعد أن كان هناك توجه نحو تركيز هيئة حقوق الإنسان الدستورية تم إثر 25 جويلية التخلي عن هذه الهيئة وعن ملف الهيئات الدستورية بشكل عام لأن رئيس الجمهورية يعتقد أن هذا الملف جاء ضمن مسار الانتقال الديمقراطي وهو الذي لا يعترف به ويعتبره مناورة، وذكر أن مصير هيئة حقوق الإنسان مثله مثل مصير هيئات أخرى أصبح تقريبا واضحا للعيان، ألا وهو إلغاء هذه الهيئات في انتظار صدور قرارات رئاسية في الغرض، كما أشار الجورشي إلى أن السؤال المطروح اليوم هو هل سينظر البرلمان القادم في ملف الهيئات ومنها هيئة حقوق الإنسان والحال أن اهتمامه سينصب بالأساس على المسائل المحلية، ولاحظ أنه ليست هناك رؤية واضحة حول الهيئات، وذكر أن الهيئات والمنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان في تونس جاءت في سياق عالمي وقد حافظت على وجودها رغم الصعوبات، لكن عمليا ما بقي قائم الذات من هذه الشبكة الواسعة إلا القليل، فالأوليات تتغير وعلاقة رئيس الجمهورية بهذه الشبكة الواسعة من الهيئات ومنظمات المجتمع المدني تنبني على اعتقاد مفاده أن الأجسام الوسيطة تقوم على تمثيلية خاطئة ومشوهة للشعب.

هكذا إذن بقيت هيئة حقوق الإنسان التي ناضل من أجلها الكثير من التونسيين معلقة لأنه مهما كانت محاولات الإدارة في ملأ الفراغ الناجم عن حالة الشغور فإن بقاء مجلس الهيئة المتكون بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 13 لسنة 2016 المؤرخ في 16 فيفري 2016 في حالة عطالة أمر يثير الاستغراب بالنظر إلى الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان التي تم رصدها من قبل المجتمع المدني سواء خلال جائحة كورونا أو في ظل سريان التدابير الاستثنائية.

أين مجلس الهيئة؟

بالعودة إلى الأمر عدد 13 لسنة 2016 نجد أن الهيئة تتركب من شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة في ميدان حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفي مقدمتهم عبد الرحمان الهذيلي الذي أفادنا بدوره أنه لم تعد لديه أية صلة بالهيئة منذ سنوات. كما نجد في التركيبة كل من سعيدة العكرمي وسعاد التريكي وصلاح الدين الجورشي وسلسبيل القليبي ومنية بن جميع وشكري المبخوت ومصطفى التليلي وأميرة اليحياوي وحبيبة بن رمضان ورامي الصالحي وسفيان بالحاج محمد وسالم الفوراتي وفاخر المجدوب وعبد الكريم العلاقي، وتتركب الهيئة أيضا من ممثلين عن السلطة التشريعية وممثلين عن العديد من الوزارات، إلى جانب أعضاء ممثلين عن المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وهم فتحية حيزم عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومنذر الشارني عن الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب وسناء بن عاشور عن جمعية بيتي والمولدي الجندوبي عن الاتحاد العام التونسي للشغل وحامد الأميم عن الهيئة الوطنية للمحامين وروضة القرافي عن جمعية القضاة التونسيين وسفيان العرابي عن نقابة القضاة التونسيين وعائدة الهيشري عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وسليمة بن خذر عن رابطة الناخبات التونسيات والبشير بوجدي عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وذاكر العلوي عن الرابطة التونسية للمواطنة وسهير الفوراتي عن جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية..

وكان قد تم إحداث الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في ظرفية حساسة في عهد الرئيس المخلوع الراحل زين العابدين بن علي وتم ذلك بمقتضى القانون عدد 37 لسنة 2008 المؤرخ في 16 جوان 2008 المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأتاح هذا القانون لرئيس الهيئة وليس لبقية الأعضاء القيام دون سابق إعلام بزيارات إلى المؤسسات السجنية والإصلاحية ومراكز الإيقاف ومراكز إيواء أو ملاحظة الأطفال والهياكل الاجتماعية المهتمة بذوي الاحتياجات الخصوصية وذلك للتثبت من مدى تطبيق التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما يمكن لرئيس الهيئة وبتكليف خاص من رئيس الجمهورية القيام بمهام بحث وتقصّي الحقائق حول المسائل ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية ثم يرفع تقارير بشأنها إلى رئيس الجمهورية.. ونص نفس القانون على أن هذه الهيئة هي هيئة وطنية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي وتهدف إلى النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها وترسيخ قيمها ونشر ثقافتها والإسهام في ضمان ممارستها. وتتولّى في هذا الإطار مساعدة رئيس الجمهورية على تعزيز حقوق الإنسان وتقوم بإبداء الرأي فيما يستشيرها فيه رئيس الجمهورية مع إمكانية التعهد التلقائي بأيّة مسألة تتعلّق بدعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها، ولفت الانتباه إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان كما تقوم بتقديم الاقتراحات لرئيس الجمهورية بهدف دعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية على الصعيدين الوطني والدولي بما في ذلك تلك التي تتعلّق بضمان مطابقة التشريعات الوطنية والممارسات لمقتضيات المواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو ملاءمتها له.

وإضافة إلى ذلك فإن الهيئة تتولى قبول العرائض والشكايات حول المسائل المتصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والنظر فيها والاستماع عند الاقتضاء إلى أصحابها وإحالتها إلى الجهات المختصّة للتعهّد بها وتقوم أيضا بإنجاز البحوث والدراسات في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية وبالمساهمة في إعداد مشاريع التقارير التي تقدّمها تونس إلى هيئات ولجان الأمم المتّحدة وكذلك إلى الهيئات والمؤسسات الإقليمية وإبداء الرأي في هذا الشأن إلى جانب متابعة الملاحظات والتوصيات الصادرة عن هيئات ولجان الأمم المتحدة وعن الهيئات والمؤسسات الإقليمية لدى مناقشة تقارير تونس التي يتمّ رفعها لها وتقديم مقترحات للاستفادة منها فضلا عن المساهمة في نشر ثقافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفي إعداد الخطط والبرامج المتعلّقة بالتربية على حقوق الإنسان.

 إلغاء الهيئات الدستورية

قبل تعيين توفيق شرف الدين رئيسا للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ترأس هذه الهيئة خلال الفترة الممتدة من 9جويلية 2015 إلى 31 مارس 2021 توفيق بودربالة الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق التي تم إحداثها بعد الثورة. وتولى بودربالة تسليم المهام إلى توفيق شرف الدين بصفته رئيسا جديدا لهيئة حقوق الإنسان بداية من 1 أفريل 2021 وأثار تعيين شرف الدين على رأس الهيئة وقتها جدلا في الأوساط الحقوقية لأنه لم يسبق أن اضطلع وزير داخلية سابق برئاسة هيئة وطنية تعنى بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولكن سرعان ما عاد شرف الدين إلى وزارة الداخلية تاركا شغورا في رئاسة هذه الهيئة التي كان المجتمع المدني يتطلع إلى تحويلها إلى هيئة دستورية تتولى مراقبة مدى احترام حقوق الإنسان، وتقوم بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وتطويرها وتضطلع بمهام تحقيقية، خاصة وأن العديد من المنظمات الحقوقية ساهمت في بلورة القانون الأساسي لهذه الهيئة كهيئة دستورية.

وكان مجلس نواب الشعب صادق على القانون الأساسي المتعلق بهيئة حقوق الإنسان في جلسة عامة تم عقدها يوم 16 أكتوبر 2018 وظل الحقوقيون ينتظرون طويلا قبل انطلاق اللجنة الانتخابية البرلمانية في مسار انتخاب مجلس الهيئة، إذ انطلق هذا المسار بداية من يوم 15 جانفي 2019 لكنه تعطل عديد المرات نظرا لعدم توفر ترشحات في اختصاصي علم النفس وحماية الطفولة، ويتركب مجلس الهيئة من تسعة أعضاء في اختصاصات قاض إداري، وقاض عدلي، ومحام ومختص في علم النفس ومختص في حماية الطفولة ومختص في المجال الاقتصادي ومختص في المجال الاجتماعي إلى جانب عضوين يمثلان منظمات وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، وقبل تعليق اختصاصاته بما فيها الاختصاصات الانتخابية لم يتوصل البرلمان إلى انتخاب كامل أعضاء مجلس هيئة حقوق الإنسان، ثم جاء الدستور الجديد ليلغي جميع الهيئات الدستورية باستثناء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ولعل السؤال الحارق الذي يؤرق الناشطين في المجتمع المدني هو هل سيتم التخلي عن هذه الهيئات تماما ومنها هيئة حقوق الإنسان أم أنه سيتم الإبقاء عليها، وبعد الانتخابات التشريعية يقوم مجلس نواب الشعب بتعديل القوانين المتعلقة بها لأن هذه الهيئات لم تعد هيئات دستورية.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

صلاح الدين الجورشي لـ"الصباح": هيئة حقوق الإنسان في تونس في حالة موت سريري

تونس- الصباح

بعد تعيين رئيسها توفيق شرف الدين وزيرا للداخلية بقيت الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية منذ 11 أكتوبر الماضي بلا رئيس، وحتى بقية أعضائها فإن أغلبهم لم يعد لديهم أي اتصال بها، وهناك منهم من نسي أنه عضو فيها لأنه لم تقع دعوته منذ فترة طويلة إلى أي جلسة أو نشاط يذكر، وهم لا يعرفون ما هو مصير هذه الهيئة في ظل تواصل الشغور في منصب الرئاسة وخاصة في ظل الدستور الجديد الذي ألغاها تماما، فمقرها مازال مفتوحا وفيه أعوان يشتغلون حتى أن جهازها التنفيذي وإدارتها اجتهدوا وحلوا محل مجلس الهيئة في إعداد التقرير الذي تم رفعه موفى شهر مارس الماضي إلى مجلس حقوق الإنسان الراجع بالنظر إلى منظمة الأمم المتحدة وذلك استعدادا للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في تونس الذي سيقام الشهر المقبل في جينيف..

صلاح الدين الجورشي عضو مجلس الهيئة قال إن الهيئة فقدت مبررات وجودها من قبل رئيس الدولة، ولم تعد هناك أية استشارة لها وللأعضاء الموجودين بها وبالتالي فإنها أصبحت في حقيقة الأمر خارج الزمان والمكان. وذكر أنه لم يصدر أي قرار إلى حد الآن بحلها ولكنها ليست فاعلة، وأضاف في تصريح لـ "الصباح" أنه حسب ما لديه من معلومات، وبما أنه عضو في الهيئة، فإنه لا يوجد تواصل لأعضاء مجلس الهيئة مع الهيئة إذ لا تصلهم دعوات من قبلها فهي على حد وصفه في حالة موت سريري إلى أن يأتي قرار فوقي يقضي بحلها لأنها لم تعد تعتمد بأي شكل من الأشكال خلافا لما كان عليه الأمر في السابق.

وفسر الجورشي إلى أنه بعد أن كان هناك توجه نحو تركيز هيئة حقوق الإنسان الدستورية تم إثر 25 جويلية التخلي عن هذه الهيئة وعن ملف الهيئات الدستورية بشكل عام لأن رئيس الجمهورية يعتقد أن هذا الملف جاء ضمن مسار الانتقال الديمقراطي وهو الذي لا يعترف به ويعتبره مناورة، وذكر أن مصير هيئة حقوق الإنسان مثله مثل مصير هيئات أخرى أصبح تقريبا واضحا للعيان، ألا وهو إلغاء هذه الهيئات في انتظار صدور قرارات رئاسية في الغرض، كما أشار الجورشي إلى أن السؤال المطروح اليوم هو هل سينظر البرلمان القادم في ملف الهيئات ومنها هيئة حقوق الإنسان والحال أن اهتمامه سينصب بالأساس على المسائل المحلية، ولاحظ أنه ليست هناك رؤية واضحة حول الهيئات، وذكر أن الهيئات والمنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان في تونس جاءت في سياق عالمي وقد حافظت على وجودها رغم الصعوبات، لكن عمليا ما بقي قائم الذات من هذه الشبكة الواسعة إلا القليل، فالأوليات تتغير وعلاقة رئيس الجمهورية بهذه الشبكة الواسعة من الهيئات ومنظمات المجتمع المدني تنبني على اعتقاد مفاده أن الأجسام الوسيطة تقوم على تمثيلية خاطئة ومشوهة للشعب.

هكذا إذن بقيت هيئة حقوق الإنسان التي ناضل من أجلها الكثير من التونسيين معلقة لأنه مهما كانت محاولات الإدارة في ملأ الفراغ الناجم عن حالة الشغور فإن بقاء مجلس الهيئة المتكون بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 13 لسنة 2016 المؤرخ في 16 فيفري 2016 في حالة عطالة أمر يثير الاستغراب بالنظر إلى الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان التي تم رصدها من قبل المجتمع المدني سواء خلال جائحة كورونا أو في ظل سريان التدابير الاستثنائية.

أين مجلس الهيئة؟

بالعودة إلى الأمر عدد 13 لسنة 2016 نجد أن الهيئة تتركب من شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة في ميدان حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفي مقدمتهم عبد الرحمان الهذيلي الذي أفادنا بدوره أنه لم تعد لديه أية صلة بالهيئة منذ سنوات. كما نجد في التركيبة كل من سعيدة العكرمي وسعاد التريكي وصلاح الدين الجورشي وسلسبيل القليبي ومنية بن جميع وشكري المبخوت ومصطفى التليلي وأميرة اليحياوي وحبيبة بن رمضان ورامي الصالحي وسفيان بالحاج محمد وسالم الفوراتي وفاخر المجدوب وعبد الكريم العلاقي، وتتركب الهيئة أيضا من ممثلين عن السلطة التشريعية وممثلين عن العديد من الوزارات، إلى جانب أعضاء ممثلين عن المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وهم فتحية حيزم عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومنذر الشارني عن الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب وسناء بن عاشور عن جمعية بيتي والمولدي الجندوبي عن الاتحاد العام التونسي للشغل وحامد الأميم عن الهيئة الوطنية للمحامين وروضة القرافي عن جمعية القضاة التونسيين وسفيان العرابي عن نقابة القضاة التونسيين وعائدة الهيشري عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وسليمة بن خذر عن رابطة الناخبات التونسيات والبشير بوجدي عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وذاكر العلوي عن الرابطة التونسية للمواطنة وسهير الفوراتي عن جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية..

وكان قد تم إحداث الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في ظرفية حساسة في عهد الرئيس المخلوع الراحل زين العابدين بن علي وتم ذلك بمقتضى القانون عدد 37 لسنة 2008 المؤرخ في 16 جوان 2008 المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأتاح هذا القانون لرئيس الهيئة وليس لبقية الأعضاء القيام دون سابق إعلام بزيارات إلى المؤسسات السجنية والإصلاحية ومراكز الإيقاف ومراكز إيواء أو ملاحظة الأطفال والهياكل الاجتماعية المهتمة بذوي الاحتياجات الخصوصية وذلك للتثبت من مدى تطبيق التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما يمكن لرئيس الهيئة وبتكليف خاص من رئيس الجمهورية القيام بمهام بحث وتقصّي الحقائق حول المسائل ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية ثم يرفع تقارير بشأنها إلى رئيس الجمهورية.. ونص نفس القانون على أن هذه الهيئة هي هيئة وطنية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي وتهدف إلى النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها وترسيخ قيمها ونشر ثقافتها والإسهام في ضمان ممارستها. وتتولّى في هذا الإطار مساعدة رئيس الجمهورية على تعزيز حقوق الإنسان وتقوم بإبداء الرأي فيما يستشيرها فيه رئيس الجمهورية مع إمكانية التعهد التلقائي بأيّة مسألة تتعلّق بدعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها، ولفت الانتباه إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان كما تقوم بتقديم الاقتراحات لرئيس الجمهورية بهدف دعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية على الصعيدين الوطني والدولي بما في ذلك تلك التي تتعلّق بضمان مطابقة التشريعات الوطنية والممارسات لمقتضيات المواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو ملاءمتها له.

وإضافة إلى ذلك فإن الهيئة تتولى قبول العرائض والشكايات حول المسائل المتصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والنظر فيها والاستماع عند الاقتضاء إلى أصحابها وإحالتها إلى الجهات المختصّة للتعهّد بها وتقوم أيضا بإنجاز البحوث والدراسات في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية وبالمساهمة في إعداد مشاريع التقارير التي تقدّمها تونس إلى هيئات ولجان الأمم المتّحدة وكذلك إلى الهيئات والمؤسسات الإقليمية وإبداء الرأي في هذا الشأن إلى جانب متابعة الملاحظات والتوصيات الصادرة عن هيئات ولجان الأمم المتحدة وعن الهيئات والمؤسسات الإقليمية لدى مناقشة تقارير تونس التي يتمّ رفعها لها وتقديم مقترحات للاستفادة منها فضلا عن المساهمة في نشر ثقافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفي إعداد الخطط والبرامج المتعلّقة بالتربية على حقوق الإنسان.

 إلغاء الهيئات الدستورية

قبل تعيين توفيق شرف الدين رئيسا للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ترأس هذه الهيئة خلال الفترة الممتدة من 9جويلية 2015 إلى 31 مارس 2021 توفيق بودربالة الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق التي تم إحداثها بعد الثورة. وتولى بودربالة تسليم المهام إلى توفيق شرف الدين بصفته رئيسا جديدا لهيئة حقوق الإنسان بداية من 1 أفريل 2021 وأثار تعيين شرف الدين على رأس الهيئة وقتها جدلا في الأوساط الحقوقية لأنه لم يسبق أن اضطلع وزير داخلية سابق برئاسة هيئة وطنية تعنى بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولكن سرعان ما عاد شرف الدين إلى وزارة الداخلية تاركا شغورا في رئاسة هذه الهيئة التي كان المجتمع المدني يتطلع إلى تحويلها إلى هيئة دستورية تتولى مراقبة مدى احترام حقوق الإنسان، وتقوم بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وتطويرها وتضطلع بمهام تحقيقية، خاصة وأن العديد من المنظمات الحقوقية ساهمت في بلورة القانون الأساسي لهذه الهيئة كهيئة دستورية.

وكان مجلس نواب الشعب صادق على القانون الأساسي المتعلق بهيئة حقوق الإنسان في جلسة عامة تم عقدها يوم 16 أكتوبر 2018 وظل الحقوقيون ينتظرون طويلا قبل انطلاق اللجنة الانتخابية البرلمانية في مسار انتخاب مجلس الهيئة، إذ انطلق هذا المسار بداية من يوم 15 جانفي 2019 لكنه تعطل عديد المرات نظرا لعدم توفر ترشحات في اختصاصي علم النفس وحماية الطفولة، ويتركب مجلس الهيئة من تسعة أعضاء في اختصاصات قاض إداري، وقاض عدلي، ومحام ومختص في علم النفس ومختص في حماية الطفولة ومختص في المجال الاقتصادي ومختص في المجال الاجتماعي إلى جانب عضوين يمثلان منظمات وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، وقبل تعليق اختصاصاته بما فيها الاختصاصات الانتخابية لم يتوصل البرلمان إلى انتخاب كامل أعضاء مجلس هيئة حقوق الإنسان، ثم جاء الدستور الجديد ليلغي جميع الهيئات الدستورية باستثناء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ولعل السؤال الحارق الذي يؤرق الناشطين في المجتمع المدني هو هل سيتم التخلي عن هذه الهيئات تماما ومنها هيئة حقوق الإنسان أم أنه سيتم الإبقاء عليها، وبعد الانتخابات التشريعية يقوم مجلس نواب الشعب بتعديل القوانين المتعلقة بها لأن هذه الهيئات لم تعد هيئات دستورية.

سعيدة بوهلال