إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في قضية "براكة الساحل" .. عسكريان سابقان يتحدثان عن مرارة التعذيب..التضييقات والهرسلة

تونس- الصباح

نظرت امس الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس  فيما عرف بقضية براكة الساحل التي تضرر منها 244 عسكريا والتي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وضمت لائحة الاتهام 15 متهما بينهم الرئيس الراحل بن علي وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح وعدة قيادات أمنية وجهت اليهم تهم التعذيب والايقاف التعسفي والقاء القبض على شخص واحتجازه دون اذن قضائي صاحبه العنف والتهديد  والمشاركة في ذلك.

وفي جلسة امس لم يحضر المنسوب إليه الانتهاك عبدالله القلال ومحمد علي القنزوعي وعزالدين جنيح وعبد الرحمان القاسمي وأربعة متهمين آخرين وكان قد تم تحجير السفر عليهم كما لم يحضر بقية المتهمين وقد سبق استنطاقهم في جلسات سابقة.

وقد استمعت المحكمة أمس إلى شهادة ضابط  بالجيش ذكر بأنه درس في الأكاديمية من سنة 1981 إلى سنة 1985  وتخرج برتبة ملازم أول في اختصاص الأسلحة المضادة للطيران وبالتوازي مع ذلك قام بتربص في الولايات المتحدة الأمريكية حول مضادات الطيران ثم عاد إلى تونس ودرب لمدة عام بمدرسة ضباط الصف ببنزرت ثم التحق للعمل بثكنة بوفيشة للتدريب  في اختصاصه كضابط إلى حدود حصول واقعة براكة الساحل.

وأضاف الشاهد بأنه خلال شهر ماي 1991 دعاه الامر للحضور لديه وساله ما اذا كان يصلي فاجابه بأنه يؤدي فريضة الصلاة فاعلمه بضرورة التوجه إلى الأمن العسكري وذلك ما تم بالفعل حيث تم نقله إلى الأمن العسكري دون ان يراوده الشك في خصوص ذلك باعتبارهم تعودوا القيام بتدريبات هناك وغيرها .

تعذيب وقضية ملفقة

وأضاف بأنه تم نقله يومها إلى " دار  الباهي الادغم" المقر التابع لوزارة الدفاع حيث قضى ليلته هناك أين وجد مجموعة من الضباط هناك كان يعرف البعض منهم  وقد سأله احد العسكريين الذي كان  يرتدي زيا مدنيا عن سبب تواجده هناك فاعلمه بأنه لا يعرف السبب واثر ذلك تم نقله إلى وزارة الداخلية أين طرحوا عليه عديد الأسئلة المتعلقة بصلاته وانتمائاته الحزبية، واكد الشاهد بأنه استغرب طرح مثل هذه الأسئلة عليه لأنه طيلة مسيرته كان يعمل فحسب وكان يزور عائلته كل أسبوعين وليس له اية اشكاليات أخرى.

وأضاف الشاهد بأنه تم نزع ملابسه بالعنف إلى أن بقي عاريا  وقاموا بضربه بواسطة خرطوم بلاستيكي وتحت وطأة التعذيب  الشديد الذي تعرض له اضطر لذكر  اسماء ضباط لا علاقة لهم بالموضوع حيث تم سؤاله عن الضباط الذين يعرفهم والمكان الذي يجتمعون فيه، وأضاف بأنه تم جمع جميع الضباط في زنزانة واحدة لفبركة القضية ولكي يعترف الجميع بوقائع لا أساس لها من الصحة تحت التعذيب والضرب.

ولاحظ الشاهد بأنه تراجع في تلك الأقوال لكنه  التقى في الأثناء بمقر وزارة الداخلية بالمنسوب اليه الانتهاك عز الدين جنيح الذي ما ان تم اعلامه  بتراجع الشاهد في أقواله حتى تم  اخضاع الشاهد لتعذيب مرير لم يتحمله ودفعه  للإمضاء على محضر يتضمن اعترافات غير صحيحة ومن شدة التعذيب لم يعد يقوى على المشي على ساقيه وقد تمت محاكمته دون أي ضمانات واعترف بوقائع غير موجودة  وحكم بثلاث سنوات سجنا قضاها ثم غادر السجن وخضع للمراقبة الإدارية والتضييقات والمداهمات وتواصل الأمر إلى حدود اندلاع الثورة.

حرق بالسجائر

كما استمعت المحكمة امس إلى شهادة عريف اول سابق تابع للشرطة العسكرية والذي ذكر في شهادته بانه التحق بالجيش الوطني منذ سنة 1981 وقد عمل بثكنة تطاوين برتبة عريف ثم  أصبح عريفا أول تابع للشرطة العسكرية، وأضاف بأنه سنة 1991 زمن الواقعة كان في عطلة  لمدة عشرة أيام وقد قدم اعوان الشرطة العسكرية بجندوبة إلى منزله وتم اعلامه بوجوب الالتحاق بالعمل بالعوينة نظرا لنقص في الجنود فاستجاب للامر وتم نقله لاحدى ثكنات الجيش بجندوبة، ثم تم نقله لاحقا لمقر الشرطة العسكرية بجندوبة ومنها الى"دار الباهي الادغم" أين قضى ليلته هناك.

وأضاف الشاهد بأنه تم نقله لاحقا إلى مقر وزارة الداخلية وتم سؤاله عن مدى مواظبته على أداء الصلاة وعلاقته بالاحزاب والجمعيات وقد تعرض في الأثناء إلى شتى أنواع التعذيب المرير بمقر وزارة الداخلية وتم حرق جهازه التناسلي ومناطق حساسة من جسده بواسطة الحرق بالسجائر.

وتعد قضية «براكة الساحل» من أبرز القضايا التي شهدت عمليات تعذيب ممنهجة وفظيعة وعددا كبيرا من المتضررين من العسكريين ففي 22 ماي 1991 قال وزير الداخلية عبد الله القلال في ندوة صحفية أنه تم اكتشاف مؤامرة كانت تحاك للانقلاب على نظام"بن علي" واتهم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتحضير للانقلاب العسكري واختراق المؤسسة العسكرية هذا التلاعب المحاك من قبل أجهزة أمن الدولة استطاع أن يقنع الرأي العام وفي هذا الاطار تم ايقاف العسكريين زورا وتم اقتيادهم إلى وزارة الداخلية أين خضعوا الى شتى انواع التعذيب بعد ذلك تم إطلاق سراح 151 منهم بينما اقتيد 93 آخرين للمحكمة أين حكم عليهم بأحكام تراوحت بين ثلاث سنوات  و16 سنة سجنا.

من جهة أخرى خسر كل المتهمين مناصبهم في الجيش ولم يعودوا يتمتعون بحقوقهم القانونية.

هرسلة

نفذت العملية من قبل وزير الداخلية عبد الله القلال ووزير الدفاع الوطني حينها فأما الأول فقد تحمل مسؤوليته القانونية في الاستعمال الممنهج للتعذيب ضد العسكريين والثاني تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية.

وفي 23 جوان1991 استقبل القلال وفدا من كبار الضباط من بين الذين وقع توقيفهم وتعذيبهم وقدم لهم اعتذاراته واعترف لهم ببراءتهم وذلك بحضور ممثلي وزارة الدفاع ومن بينهم المدير العام للقضاء العسكري والمدير العام للأمن العسكري الا أنه حتى بعد إعلان براءتهم لم يسمح للعسكرين بالرجوع لمناصبهم في صفوف الجيش وذلك بأمر خاص من بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة دستوريا ولمدة عقدين شهد العسكريون هرسلة متواصلة من قبل قوات الأمن وتم منعهم كذلك من العمل والسفر وأشياء أخرى أثناء هذه المدة وتم الاحتفاظ بهذه القضية تحت جدار من الصمت من قبل النظام.

وفي سنة 2011 اثر اندلاع الثورة تم إنشاء جمعية «إنصاف قدماء العسكريين» من قبل عدة ضباط متقاعدين والذين تضرروا في قضية"براكة الساحل" وأخذت هذه الجمعية على عاتقها الدفاع عن قضيتهم لدى المؤسسة العسكرية من أجل تحقيق إعادة التأهيل الرسمي للضحايا واسترداد جميع حقوقهم مع تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بهم وعملت أيضا على إيصال قضيتهم حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.

فاطمة الجلاصي

في قضية "براكة الساحل" .. عسكريان سابقان يتحدثان عن مرارة التعذيب..التضييقات والهرسلة

تونس- الصباح

نظرت امس الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس  فيما عرف بقضية براكة الساحل التي تضرر منها 244 عسكريا والتي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وضمت لائحة الاتهام 15 متهما بينهم الرئيس الراحل بن علي وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح وعدة قيادات أمنية وجهت اليهم تهم التعذيب والايقاف التعسفي والقاء القبض على شخص واحتجازه دون اذن قضائي صاحبه العنف والتهديد  والمشاركة في ذلك.

وفي جلسة امس لم يحضر المنسوب إليه الانتهاك عبدالله القلال ومحمد علي القنزوعي وعزالدين جنيح وعبد الرحمان القاسمي وأربعة متهمين آخرين وكان قد تم تحجير السفر عليهم كما لم يحضر بقية المتهمين وقد سبق استنطاقهم في جلسات سابقة.

وقد استمعت المحكمة أمس إلى شهادة ضابط  بالجيش ذكر بأنه درس في الأكاديمية من سنة 1981 إلى سنة 1985  وتخرج برتبة ملازم أول في اختصاص الأسلحة المضادة للطيران وبالتوازي مع ذلك قام بتربص في الولايات المتحدة الأمريكية حول مضادات الطيران ثم عاد إلى تونس ودرب لمدة عام بمدرسة ضباط الصف ببنزرت ثم التحق للعمل بثكنة بوفيشة للتدريب  في اختصاصه كضابط إلى حدود حصول واقعة براكة الساحل.

وأضاف الشاهد بأنه خلال شهر ماي 1991 دعاه الامر للحضور لديه وساله ما اذا كان يصلي فاجابه بأنه يؤدي فريضة الصلاة فاعلمه بضرورة التوجه إلى الأمن العسكري وذلك ما تم بالفعل حيث تم نقله إلى الأمن العسكري دون ان يراوده الشك في خصوص ذلك باعتبارهم تعودوا القيام بتدريبات هناك وغيرها .

تعذيب وقضية ملفقة

وأضاف بأنه تم نقله يومها إلى " دار  الباهي الادغم" المقر التابع لوزارة الدفاع حيث قضى ليلته هناك أين وجد مجموعة من الضباط هناك كان يعرف البعض منهم  وقد سأله احد العسكريين الذي كان  يرتدي زيا مدنيا عن سبب تواجده هناك فاعلمه بأنه لا يعرف السبب واثر ذلك تم نقله إلى وزارة الداخلية أين طرحوا عليه عديد الأسئلة المتعلقة بصلاته وانتمائاته الحزبية، واكد الشاهد بأنه استغرب طرح مثل هذه الأسئلة عليه لأنه طيلة مسيرته كان يعمل فحسب وكان يزور عائلته كل أسبوعين وليس له اية اشكاليات أخرى.

وأضاف الشاهد بأنه تم نزع ملابسه بالعنف إلى أن بقي عاريا  وقاموا بضربه بواسطة خرطوم بلاستيكي وتحت وطأة التعذيب  الشديد الذي تعرض له اضطر لذكر  اسماء ضباط لا علاقة لهم بالموضوع حيث تم سؤاله عن الضباط الذين يعرفهم والمكان الذي يجتمعون فيه، وأضاف بأنه تم جمع جميع الضباط في زنزانة واحدة لفبركة القضية ولكي يعترف الجميع بوقائع لا أساس لها من الصحة تحت التعذيب والضرب.

ولاحظ الشاهد بأنه تراجع في تلك الأقوال لكنه  التقى في الأثناء بمقر وزارة الداخلية بالمنسوب اليه الانتهاك عز الدين جنيح الذي ما ان تم اعلامه  بتراجع الشاهد في أقواله حتى تم  اخضاع الشاهد لتعذيب مرير لم يتحمله ودفعه  للإمضاء على محضر يتضمن اعترافات غير صحيحة ومن شدة التعذيب لم يعد يقوى على المشي على ساقيه وقد تمت محاكمته دون أي ضمانات واعترف بوقائع غير موجودة  وحكم بثلاث سنوات سجنا قضاها ثم غادر السجن وخضع للمراقبة الإدارية والتضييقات والمداهمات وتواصل الأمر إلى حدود اندلاع الثورة.

حرق بالسجائر

كما استمعت المحكمة امس إلى شهادة عريف اول سابق تابع للشرطة العسكرية والذي ذكر في شهادته بانه التحق بالجيش الوطني منذ سنة 1981 وقد عمل بثكنة تطاوين برتبة عريف ثم  أصبح عريفا أول تابع للشرطة العسكرية، وأضاف بأنه سنة 1991 زمن الواقعة كان في عطلة  لمدة عشرة أيام وقد قدم اعوان الشرطة العسكرية بجندوبة إلى منزله وتم اعلامه بوجوب الالتحاق بالعمل بالعوينة نظرا لنقص في الجنود فاستجاب للامر وتم نقله لاحدى ثكنات الجيش بجندوبة، ثم تم نقله لاحقا لمقر الشرطة العسكرية بجندوبة ومنها الى"دار الباهي الادغم" أين قضى ليلته هناك.

وأضاف الشاهد بأنه تم نقله لاحقا إلى مقر وزارة الداخلية وتم سؤاله عن مدى مواظبته على أداء الصلاة وعلاقته بالاحزاب والجمعيات وقد تعرض في الأثناء إلى شتى أنواع التعذيب المرير بمقر وزارة الداخلية وتم حرق جهازه التناسلي ومناطق حساسة من جسده بواسطة الحرق بالسجائر.

وتعد قضية «براكة الساحل» من أبرز القضايا التي شهدت عمليات تعذيب ممنهجة وفظيعة وعددا كبيرا من المتضررين من العسكريين ففي 22 ماي 1991 قال وزير الداخلية عبد الله القلال في ندوة صحفية أنه تم اكتشاف مؤامرة كانت تحاك للانقلاب على نظام"بن علي" واتهم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتحضير للانقلاب العسكري واختراق المؤسسة العسكرية هذا التلاعب المحاك من قبل أجهزة أمن الدولة استطاع أن يقنع الرأي العام وفي هذا الاطار تم ايقاف العسكريين زورا وتم اقتيادهم إلى وزارة الداخلية أين خضعوا الى شتى انواع التعذيب بعد ذلك تم إطلاق سراح 151 منهم بينما اقتيد 93 آخرين للمحكمة أين حكم عليهم بأحكام تراوحت بين ثلاث سنوات  و16 سنة سجنا.

من جهة أخرى خسر كل المتهمين مناصبهم في الجيش ولم يعودوا يتمتعون بحقوقهم القانونية.

هرسلة

نفذت العملية من قبل وزير الداخلية عبد الله القلال ووزير الدفاع الوطني حينها فأما الأول فقد تحمل مسؤوليته القانونية في الاستعمال الممنهج للتعذيب ضد العسكريين والثاني تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية.

وفي 23 جوان1991 استقبل القلال وفدا من كبار الضباط من بين الذين وقع توقيفهم وتعذيبهم وقدم لهم اعتذاراته واعترف لهم ببراءتهم وذلك بحضور ممثلي وزارة الدفاع ومن بينهم المدير العام للقضاء العسكري والمدير العام للأمن العسكري الا أنه حتى بعد إعلان براءتهم لم يسمح للعسكرين بالرجوع لمناصبهم في صفوف الجيش وذلك بأمر خاص من بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة دستوريا ولمدة عقدين شهد العسكريون هرسلة متواصلة من قبل قوات الأمن وتم منعهم كذلك من العمل والسفر وأشياء أخرى أثناء هذه المدة وتم الاحتفاظ بهذه القضية تحت جدار من الصمت من قبل النظام.

وفي سنة 2011 اثر اندلاع الثورة تم إنشاء جمعية «إنصاف قدماء العسكريين» من قبل عدة ضباط متقاعدين والذين تضرروا في قضية"براكة الساحل" وأخذت هذه الجمعية على عاتقها الدفاع عن قضيتهم لدى المؤسسة العسكرية من أجل تحقيق إعادة التأهيل الرسمي للضحايا واسترداد جميع حقوقهم مع تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بهم وعملت أيضا على إيصال قضيتهم حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.

فاطمة الجلاصي