قطعا ليست هي الصدفة التي حولت تاريخ إحياء ذكرى إعلان الجمهورية إلى منعرجات فارقة في مسار البلاد سيذكرها التاريخ للأجيال القادمة ما في ذلك شك.
فعلى امتداد السنوات الأخيرة اقترنت هذه الذكرى وهذا التاريخ بأحداث وحوادث كبرى كان لها ما قبلها وما بعدها واليوم أيضا تقترن الذكرى 65 لعيد إعلان الجمهورية في 25 جويلية 1957 مع حدث فارق بتنظيم الاستفتاء على دستور جديد للبلاد.
وباستثناء حادثة تزامن وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي مع ذكرى يوم الاستفتاء، إيمانا بأن الموت مقيد بآجال لا تقدم ولا تؤخر ساعة، فإن بقية الأحداث الفارقة التي عرفتها البلاد على امتداد العشر سنوات الأخيرة قد اقترنت بقضاء أو قدر أو بتدبير محكم، مع يوم ذكرى الجمهورية بدءا باغتيال الشهيد محمد البراهمي مرورا بإعلان التدابير الاستثنائية وصولا لتنظيم الاستفتاء على الدستور.
الذكرى الحدث
مثل 25 جويلة 2013 تاريخ اغتيال الشهيد محمد البراهمي، المنعرج الأبرز في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.
والمتأمل اليوم في مسار البلاد منذ ذلك الحدث إلى اليوم يزداد يقينا أن العقل المدبر لاختيار توقيت الاغتيال لم يكن بريئا بل لعله كان محاولة أولى لاغتيال مسار بأكمله نجحت في بعض أهدافها لكنها فشلت في وأد تجربة الانتقال في تونس إلى حين.
ويتذكر الجميع تسارع الأحداث مباشرة اثر اغتيال البراهمي بإعلان تعليق أعمال المجلس التأسيسي والدعوة لاعتصام الرحيل أمامه بباردو في 26 جويلية 2013 للمطالبة بحل المجلس التأسيسي وإسقاط حكومة علي العريض وإنهاء العهدة الرئاسية للرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي. لتنطلق اثر ذلك تجربة التوافق بقيادة الباجي قائد السبسي الذي نجح في الصعود إلى كرسي الرئاسة.
يعود مرة أخرى تاريخ ذكرى الجمهورية ليثبت نفسه في تاريخ تونس الحديث بوفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في 25 جويلية 2019 وإعلان حالة الشغور في الرئاسة لتنتصر مرة أخرى لغة التوافق بإعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى موعد 15 سبتمبر بعد أن كان مقررا حينها في 17 نوفمبر وذلك احتراما للدستور الذي ينص على أن يكون لتونس رئيس جديد في غضون ثلاثة أشهر.
وقد أدى رئيس البرلمان التونسي، محمد الناصر، اليمين الدستورية كرئيس مؤقت لتونس مباشرة بعد إعلان رئاسة الجمهورية وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي.
سعيد وذكرى الجمهورية
ارتبطت، أو أريد لها أن ترتبط، ذكرى الجمهورية بشخص الرئيس قيس سعيد فحادثة وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وتقديم موعد الانتخابات الرئاسية مع كل ما كان يتخلل الساحة السياسية والبرلمانية من أحداث حينها من رفض للتوقيع على تنقيح القانون الانتخابي وملابسات إيقاف رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، كان لها تأثير بشكل أو بآخر على وصول سعيد إلى قصر قرطاج في 23 أكتوبر 2019 بعد فوزه في الانتخابات.
ومنذ ذلك حول الرئيس قيس سعيد ذكرى الجمهورية إلى موعد قار مع التأسيس الجديد الذي اختاره لتونس حيث اختار في 25 جويلية 2021 تفعيل التدابير الاستثنائية وحل البرلمان وإقالة حكومة المشيشي.
ثم أعلن الرئيس قيس سعيد في ديسمبر الفارط عن اختياره مرة أخرى موعد 25 جويلية الموافق ليوم غد الاثنين لإجراء استفتاء على الدستور الجديد وسط حالة من الانقسام السياسي بين مؤيد ورافض ومقاطع.
وتعليقا منه على اختيار ذكرى 25 جويلية لإجراء الاستفتاء كتب أستاذ التاريخ المعاصر والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي في تدوينة على حسابه بـ"الفايسبوك" يبدو أن اختيار يوم 25 جويلية، تاريخ الإعلان عن الجمهورية، لإجراء الاستفتاء على دستور رئيس الجمهورية قيس سعيّد كان محسوبا بدقة وغاياته متعددة على طريقة ضرب عصفورين بحجر واحد.. إرضاء للبعض و"إغضابا" للبعض الآخر.. ما قد يضاعف من التفرقة بين التونسيين.. ومهما كان الأمر سيظل تاريخ الإعلان عن الجمهورية يوما خالدا في تاريخ البلاد وفي "الذاكرة الجمعية" للشعب التونسي..".
م.ي
تونس-الصباح
قطعا ليست هي الصدفة التي حولت تاريخ إحياء ذكرى إعلان الجمهورية إلى منعرجات فارقة في مسار البلاد سيذكرها التاريخ للأجيال القادمة ما في ذلك شك.
فعلى امتداد السنوات الأخيرة اقترنت هذه الذكرى وهذا التاريخ بأحداث وحوادث كبرى كان لها ما قبلها وما بعدها واليوم أيضا تقترن الذكرى 65 لعيد إعلان الجمهورية في 25 جويلية 1957 مع حدث فارق بتنظيم الاستفتاء على دستور جديد للبلاد.
وباستثناء حادثة تزامن وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي مع ذكرى يوم الاستفتاء، إيمانا بأن الموت مقيد بآجال لا تقدم ولا تؤخر ساعة، فإن بقية الأحداث الفارقة التي عرفتها البلاد على امتداد العشر سنوات الأخيرة قد اقترنت بقضاء أو قدر أو بتدبير محكم، مع يوم ذكرى الجمهورية بدءا باغتيال الشهيد محمد البراهمي مرورا بإعلان التدابير الاستثنائية وصولا لتنظيم الاستفتاء على الدستور.
الذكرى الحدث
مثل 25 جويلة 2013 تاريخ اغتيال الشهيد محمد البراهمي، المنعرج الأبرز في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.
والمتأمل اليوم في مسار البلاد منذ ذلك الحدث إلى اليوم يزداد يقينا أن العقل المدبر لاختيار توقيت الاغتيال لم يكن بريئا بل لعله كان محاولة أولى لاغتيال مسار بأكمله نجحت في بعض أهدافها لكنها فشلت في وأد تجربة الانتقال في تونس إلى حين.
ويتذكر الجميع تسارع الأحداث مباشرة اثر اغتيال البراهمي بإعلان تعليق أعمال المجلس التأسيسي والدعوة لاعتصام الرحيل أمامه بباردو في 26 جويلية 2013 للمطالبة بحل المجلس التأسيسي وإسقاط حكومة علي العريض وإنهاء العهدة الرئاسية للرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي. لتنطلق اثر ذلك تجربة التوافق بقيادة الباجي قائد السبسي الذي نجح في الصعود إلى كرسي الرئاسة.
يعود مرة أخرى تاريخ ذكرى الجمهورية ليثبت نفسه في تاريخ تونس الحديث بوفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في 25 جويلية 2019 وإعلان حالة الشغور في الرئاسة لتنتصر مرة أخرى لغة التوافق بإعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى موعد 15 سبتمبر بعد أن كان مقررا حينها في 17 نوفمبر وذلك احتراما للدستور الذي ينص على أن يكون لتونس رئيس جديد في غضون ثلاثة أشهر.
وقد أدى رئيس البرلمان التونسي، محمد الناصر، اليمين الدستورية كرئيس مؤقت لتونس مباشرة بعد إعلان رئاسة الجمهورية وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي.
سعيد وذكرى الجمهورية
ارتبطت، أو أريد لها أن ترتبط، ذكرى الجمهورية بشخص الرئيس قيس سعيد فحادثة وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وتقديم موعد الانتخابات الرئاسية مع كل ما كان يتخلل الساحة السياسية والبرلمانية من أحداث حينها من رفض للتوقيع على تنقيح القانون الانتخابي وملابسات إيقاف رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، كان لها تأثير بشكل أو بآخر على وصول سعيد إلى قصر قرطاج في 23 أكتوبر 2019 بعد فوزه في الانتخابات.
ومنذ ذلك حول الرئيس قيس سعيد ذكرى الجمهورية إلى موعد قار مع التأسيس الجديد الذي اختاره لتونس حيث اختار في 25 جويلية 2021 تفعيل التدابير الاستثنائية وحل البرلمان وإقالة حكومة المشيشي.
ثم أعلن الرئيس قيس سعيد في ديسمبر الفارط عن اختياره مرة أخرى موعد 25 جويلية الموافق ليوم غد الاثنين لإجراء استفتاء على الدستور الجديد وسط حالة من الانقسام السياسي بين مؤيد ورافض ومقاطع.
وتعليقا منه على اختيار ذكرى 25 جويلية لإجراء الاستفتاء كتب أستاذ التاريخ المعاصر والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي في تدوينة على حسابه بـ"الفايسبوك" يبدو أن اختيار يوم 25 جويلية، تاريخ الإعلان عن الجمهورية، لإجراء الاستفتاء على دستور رئيس الجمهورية قيس سعيّد كان محسوبا بدقة وغاياته متعددة على طريقة ضرب عصفورين بحجر واحد.. إرضاء للبعض و"إغضابا" للبعض الآخر.. ما قد يضاعف من التفرقة بين التونسيين.. ومهما كان الأمر سيظل تاريخ الإعلان عن الجمهورية يوما خالدا في تاريخ البلاد وفي "الذاكرة الجمعية" للشعب التونسي..".