إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل ترفع تونس مجددا في اسعار المحروقات للحد من استنزاف الميزانية ؟

 

 

 تونس مصنفة في المرتبة 26 عالميا من حيث الدول الارخص سعرا في بيع المحروقات!

تونس- الصباح

تستعد دول عربية كبرى منتجة للنفط لاعلان زيادات جديدة في أسعار المحروقات، خاصة بعد ان تجاوزت اسعار العقود الآجلة تسليم سبتمبر للنفط الخام والمزيج برنت 2.5%، ليستقر سعر النفط برنت بتاريخ امس عند مستوى 104 دولارات للبرميل، بينما يتم تداول النفط الخام قريباً من مستوى 101 دولار للبرميل.

واعلنت مصر، امس، في خطوة وصفت بالضرورية رفع اسعار البنزين ، فيما تستعد باقي الدول العربية تباعا، الاعلان عن زيادات جديدة في اسعار المحروقات، في ظل تواصل ارتفاع اسعار النفط عالميا ، واستمرار تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية على منطقة اوروبا وباقي دول العالم، علما وان هذه الدول تملك موارد نفطية ضخمة ، في حين تعتمد تونس على الاسواق الخارجية للحصول على احتياجاتها من النفط.

وفي ظل الازمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ، بسبب الظروف الاقتصادية العالمية ، بات من الضروري تعديل اسعار المحروقات مجددا، وهو امر غير مستبعد خلال الايام القليلة القادمة ، خصوصا وان التقديرات الاولية الصادرة عن قانون المالية لسنة 2022 كشفت ان متطلبات تونس التمويلية الاجمالية ناهزت 20 مليار دينار لهذا العام ، فيما اعلنت وزيرة المالية في تصريح لـ"الصباح" ، ان سعر برميل النفط في حدود 100 دولار ، سيكلف ميزانية الدولة خسائر اضافية بقيمة 4 مليار دينار.

استنزاف الميزانية

كما أعلن محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي ، مؤخرا، من صفاقس، أن الحاجة الإضافية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية على الميزانية العامة للدولة تقدر بنحو 5 مليارات دينار ، مشددا على ان هذه الوضعية تحتم المرور الى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج جديد يوفر لخزينة الدولة احتياجاتها المالية للفترة القادمة.

وقال العباسي أنه في مثل هذا الوضع الصعب الذي تمر به البلاد ، الذي يتسم بالحاجة إلى زيادة التمويل من الدولة والفاعلين الاقتصاديين ، فإن إبرام برنامج تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي يصبح حتميا بالنسبة لتونس.

وحددت وزارة الاقتصاد والتخطيط، مؤخرا، تكاليف الحرب الاوكرانية-الروسية، على ميزانية الدولة ، والتي من المتوقع ان تفوق 4 مليار دينار ، ناتحة عن الزيادات في اسعار النفط والحبوب ، ما دفع بالوزارة الى تكثيف المشاورات مع الشركاء الماليين لتونس في الخارج، والبحث عن موارد مالية جديدة للتخفيف من وطاة الازمة على الاقتصاد التونسي والميزانية العامة للبلاد التونسية التي تواجه عجزا متواصلا باكثر من 20 مليار دينار

زيادة جديدة مرتقبة

وحسب سياسة التعديل الشهري لأسعار المحروقات فان الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن ، قد تقدم على الزيادة في أسعار عدد من المواد البترولية للمرة الخامسة على التوالي وذلك في غضون ايام قليلة ، وتأتي فرضية الزيادة المرتقبة في أسعار عدد من المواد البترولية في ظل زيادات متتالية عالمية أرهقت ميزانية عديد الدول.

وكانت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم ، قد بادرت مؤخرا، بتوظيف زيادات جديدة في أسعار بيع المحروقات للعموم تتراوح بين 100 و75 مليما للتر الواحد، وهي زيادات اثارت حنق المواطنين وخلفت موجة من الاحتقان والاستنكار لسياسات الدولة في قطاع المحروقات، علما وان هذه الزيادات اخذت نسقا تصاعديا من شهر الى آخر ، وأثرت على العديد من القطاعات والمستهلكين بشكل عام، وحسب وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، فقد تم الترفيع في نسبة التعديل الشهري لسعر بيع المحروقات والمواد البترولية للعموم، إلى 5 بالمائة بالترفيع أو بالتخفيض عوضا عن 1.5 بالمائة، من سعر البيع المعمول به منذ آخر تعديل وذلك في إطار آلية التعديل الدوري والآلي لأسعار المحروقات.

وسجلت تونس منذ 20 أفريل 2021 زيادة رسمية في أسعار عدد من المواد البترولية التي دخلت حيز التطبيق الفعلي، وفي 14 افريل 2022، اعلنت وزارتا "الصناعة" و"التجارة " عن تعديل أسعار بعض المواد البترولية ، وأفضى التعديل إلى رفع سعر لتر البنزين الرفيع الخالي من الرصاص الى 2330 مليم اللتر أي بزيادة 110مليم اللتر والغازوال بدون كبريت الى 2010 مليم اللتر أي بزيادة 95 مليما اللتر والغازوال العادي الى 1790 مليما اللتر أي بزيادة 85 مليم اللتر والبنزين الخالي من الرصاص " الممتاز " الى 2600 مليم اللتر أي بزيادة 240 مليم اللتر.

وتم رفع سعر لتر الغازوال بدون كبريت " الممتاز" الى 2310 مليم اللتر، أي بزيادة 210 مليم اللتر، في حين تم الابقاء على نفس أسعار مواد غاز البترول المسيل وبترول الإنارة الموجهة للاستهلاك المنزلي

تونس الارخص عالميا في سعر البنزين !

ويشار الى ان تونس حلت مؤخرا في المرتبة 26 عالميا من حيث الدول الارخص سعرا في بيع المحروقات، وذلك وفق "global petrol prices" ، حيث بلغ معدل سعر لتر البنزين في تونس 0.768 دولار ، في حين تجاوز لتر البنزين في دول منتجة للنفط مثل الامارات 1.097 دولارا.

كما حذرت وكالة التصنيف الامريكية " فيتش رايتنغ" في احدث تقربر لها ، من ان تونس ليست بمعزل عن مخاطر ارتفاع اسعار النفط في العالم والتي ستؤثر بشكل مباشر على تنامي عجز الميزانية، خاصة وانها تعد من بين البلدان التي مازالت تدعم المحروقات وعدة قطاعات في الطاقة، الامر الذي يرفع من حجم احتياجاتها التمويلية.

ونشرت وكالة التصنيف "فيتش راتينغ" تقريراً يقيّم فيه تأثير ارتفاع أسعار النفط على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي من شانه ان يؤثر على ترقيمها السيادي مستقبلا، وتفترض الوكالة أن أسعار النفط ستواصل صعودها ، وسترهق ميزانية عديد الدول ، ومن بينها تونس.

وبالنسبة لغالبية البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، فإن أسعار الكهرباء أقل من مستويات التكلفة الفعلية ، على الرغم من أن الدول تسعى إلى زيادة التعريفات على المدى المتوسط. ولفتت الوكالة الى ان دعم قطاعات الطاقة يساهم بشكل كبير في عجز الميزانية، وتراكم الديون في الأردن ولبنان وتونس.

وظلت أسعار الكهرباء للمستهلكين مستقرة في 2020-2021 في المغرب وتونس، لكنها ارتفعت في مصر والأردن ولبنان. وتؤكد وكالة فيتش أن منظومة دعم المحروقات ارتفعت بشكل كبير في المنطقة ، وترى أن الأسعار تتكيف مع تقلبات سوق النفط العالمية ، على الرغم من أنها تخضع لقرارات لجنة تعديل الأسعار في معظم البلدان ولسقف تعديل شهري محدود في تونس، كما اشارت الوكالة الى ان ارتفاع أسعار النفط كان له تأثير كبير على الأسعار بشكل عام وأدى إلى تضخم أسعار النقل بشكل خاص.

وسيؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى توسيع عجز الحساب الجاري لصافي مستوردي الطاقة ، ولا سيما الأردن ولبنان والمغرب وتونس ، وسيكون حجم الواردات محدودًا بسبب تراجع احتياطيات النقد الأجنبي ، ونقص التمويل الخارجي وانهيار الاقتصاد ، وفقًا لتقرير فيتش للتصنيفات الائتمانية.

 

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 هل ترفع تونس مجددا في اسعار المحروقات للحد من استنزاف الميزانية ؟

 

 

 تونس مصنفة في المرتبة 26 عالميا من حيث الدول الارخص سعرا في بيع المحروقات!

تونس- الصباح

تستعد دول عربية كبرى منتجة للنفط لاعلان زيادات جديدة في أسعار المحروقات، خاصة بعد ان تجاوزت اسعار العقود الآجلة تسليم سبتمبر للنفط الخام والمزيج برنت 2.5%، ليستقر سعر النفط برنت بتاريخ امس عند مستوى 104 دولارات للبرميل، بينما يتم تداول النفط الخام قريباً من مستوى 101 دولار للبرميل.

واعلنت مصر، امس، في خطوة وصفت بالضرورية رفع اسعار البنزين ، فيما تستعد باقي الدول العربية تباعا، الاعلان عن زيادات جديدة في اسعار المحروقات، في ظل تواصل ارتفاع اسعار النفط عالميا ، واستمرار تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية على منطقة اوروبا وباقي دول العالم، علما وان هذه الدول تملك موارد نفطية ضخمة ، في حين تعتمد تونس على الاسواق الخارجية للحصول على احتياجاتها من النفط.

وفي ظل الازمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ، بسبب الظروف الاقتصادية العالمية ، بات من الضروري تعديل اسعار المحروقات مجددا، وهو امر غير مستبعد خلال الايام القليلة القادمة ، خصوصا وان التقديرات الاولية الصادرة عن قانون المالية لسنة 2022 كشفت ان متطلبات تونس التمويلية الاجمالية ناهزت 20 مليار دينار لهذا العام ، فيما اعلنت وزيرة المالية في تصريح لـ"الصباح" ، ان سعر برميل النفط في حدود 100 دولار ، سيكلف ميزانية الدولة خسائر اضافية بقيمة 4 مليار دينار.

استنزاف الميزانية

كما أعلن محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي ، مؤخرا، من صفاقس، أن الحاجة الإضافية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية على الميزانية العامة للدولة تقدر بنحو 5 مليارات دينار ، مشددا على ان هذه الوضعية تحتم المرور الى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج جديد يوفر لخزينة الدولة احتياجاتها المالية للفترة القادمة.

وقال العباسي أنه في مثل هذا الوضع الصعب الذي تمر به البلاد ، الذي يتسم بالحاجة إلى زيادة التمويل من الدولة والفاعلين الاقتصاديين ، فإن إبرام برنامج تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي يصبح حتميا بالنسبة لتونس.

وحددت وزارة الاقتصاد والتخطيط، مؤخرا، تكاليف الحرب الاوكرانية-الروسية، على ميزانية الدولة ، والتي من المتوقع ان تفوق 4 مليار دينار ، ناتحة عن الزيادات في اسعار النفط والحبوب ، ما دفع بالوزارة الى تكثيف المشاورات مع الشركاء الماليين لتونس في الخارج، والبحث عن موارد مالية جديدة للتخفيف من وطاة الازمة على الاقتصاد التونسي والميزانية العامة للبلاد التونسية التي تواجه عجزا متواصلا باكثر من 20 مليار دينار

زيادة جديدة مرتقبة

وحسب سياسة التعديل الشهري لأسعار المحروقات فان الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن ، قد تقدم على الزيادة في أسعار عدد من المواد البترولية للمرة الخامسة على التوالي وذلك في غضون ايام قليلة ، وتأتي فرضية الزيادة المرتقبة في أسعار عدد من المواد البترولية في ظل زيادات متتالية عالمية أرهقت ميزانية عديد الدول.

وكانت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم ، قد بادرت مؤخرا، بتوظيف زيادات جديدة في أسعار بيع المحروقات للعموم تتراوح بين 100 و75 مليما للتر الواحد، وهي زيادات اثارت حنق المواطنين وخلفت موجة من الاحتقان والاستنكار لسياسات الدولة في قطاع المحروقات، علما وان هذه الزيادات اخذت نسقا تصاعديا من شهر الى آخر ، وأثرت على العديد من القطاعات والمستهلكين بشكل عام، وحسب وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، فقد تم الترفيع في نسبة التعديل الشهري لسعر بيع المحروقات والمواد البترولية للعموم، إلى 5 بالمائة بالترفيع أو بالتخفيض عوضا عن 1.5 بالمائة، من سعر البيع المعمول به منذ آخر تعديل وذلك في إطار آلية التعديل الدوري والآلي لأسعار المحروقات.

وسجلت تونس منذ 20 أفريل 2021 زيادة رسمية في أسعار عدد من المواد البترولية التي دخلت حيز التطبيق الفعلي، وفي 14 افريل 2022، اعلنت وزارتا "الصناعة" و"التجارة " عن تعديل أسعار بعض المواد البترولية ، وأفضى التعديل إلى رفع سعر لتر البنزين الرفيع الخالي من الرصاص الى 2330 مليم اللتر أي بزيادة 110مليم اللتر والغازوال بدون كبريت الى 2010 مليم اللتر أي بزيادة 95 مليما اللتر والغازوال العادي الى 1790 مليما اللتر أي بزيادة 85 مليم اللتر والبنزين الخالي من الرصاص " الممتاز " الى 2600 مليم اللتر أي بزيادة 240 مليم اللتر.

وتم رفع سعر لتر الغازوال بدون كبريت " الممتاز" الى 2310 مليم اللتر، أي بزيادة 210 مليم اللتر، في حين تم الابقاء على نفس أسعار مواد غاز البترول المسيل وبترول الإنارة الموجهة للاستهلاك المنزلي

تونس الارخص عالميا في سعر البنزين !

ويشار الى ان تونس حلت مؤخرا في المرتبة 26 عالميا من حيث الدول الارخص سعرا في بيع المحروقات، وذلك وفق "global petrol prices" ، حيث بلغ معدل سعر لتر البنزين في تونس 0.768 دولار ، في حين تجاوز لتر البنزين في دول منتجة للنفط مثل الامارات 1.097 دولارا.

كما حذرت وكالة التصنيف الامريكية " فيتش رايتنغ" في احدث تقربر لها ، من ان تونس ليست بمعزل عن مخاطر ارتفاع اسعار النفط في العالم والتي ستؤثر بشكل مباشر على تنامي عجز الميزانية، خاصة وانها تعد من بين البلدان التي مازالت تدعم المحروقات وعدة قطاعات في الطاقة، الامر الذي يرفع من حجم احتياجاتها التمويلية.

ونشرت وكالة التصنيف "فيتش راتينغ" تقريراً يقيّم فيه تأثير ارتفاع أسعار النفط على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي من شانه ان يؤثر على ترقيمها السيادي مستقبلا، وتفترض الوكالة أن أسعار النفط ستواصل صعودها ، وسترهق ميزانية عديد الدول ، ومن بينها تونس.

وبالنسبة لغالبية البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، فإن أسعار الكهرباء أقل من مستويات التكلفة الفعلية ، على الرغم من أن الدول تسعى إلى زيادة التعريفات على المدى المتوسط. ولفتت الوكالة الى ان دعم قطاعات الطاقة يساهم بشكل كبير في عجز الميزانية، وتراكم الديون في الأردن ولبنان وتونس.

وظلت أسعار الكهرباء للمستهلكين مستقرة في 2020-2021 في المغرب وتونس، لكنها ارتفعت في مصر والأردن ولبنان. وتؤكد وكالة فيتش أن منظومة دعم المحروقات ارتفعت بشكل كبير في المنطقة ، وترى أن الأسعار تتكيف مع تقلبات سوق النفط العالمية ، على الرغم من أنها تخضع لقرارات لجنة تعديل الأسعار في معظم البلدان ولسقف تعديل شهري محدود في تونس، كما اشارت الوكالة الى ان ارتفاع أسعار النفط كان له تأثير كبير على الأسعار بشكل عام وأدى إلى تضخم أسعار النقل بشكل خاص.

وسيؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى توسيع عجز الحساب الجاري لصافي مستوردي الطاقة ، ولا سيما الأردن ولبنان والمغرب وتونس ، وسيكون حجم الواردات محدودًا بسبب تراجع احتياطيات النقد الأجنبي ، ونقص التمويل الخارجي وانهيار الاقتصاد ، وفقًا لتقرير فيتش للتصنيفات الائتمانية.

 

سفيان المهداوي