◄ دعوات لتوفير التمويلات اللازمة لمشاريع البنية التحتية
بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط ناقش أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضاء مجلس نواب الشعب سمير عبد الحفيظ أمس خلال جلستهم العامة المشتركة بقصر باردو مهمة الاقتصاد والتخطيط بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، وطالبوا بالخصوص بتوضيح الرؤية عبر التخطيط الاستراتيجي وحسن التنسيق بين جميع الوزارات والهياكل المعنية بالتنمية والاستثمار في شتى القطاعات من أجل تثمين نقاط قوة الاقتصاد الوطني من ناحية ومن ناحية أخرى لمعالجة نقاط الضعف عبر وضع خارطة طريق واضحة لما يجب القيام به من تدخلات على المستوى الإجرائي وعلى مستوى توفير التمويلات وعلى المستوى التشريعي ولما يجب إنجازه من مشاريع مع تحديد آجال انطلاقها وآجال استكمالها بمنتهى الدقة والالتزام باحترام المواعيد لإعادة ثقة المواطن في الدولة. فالمواطن حسب قولهم مل من الوعود وكثرة الانتظار ويريد أن يلمس منجزات حقيقية تحسن ظروف عيشه.
ودعا العديد منهم إلى إنصاف المناطق المحرومة لعقود طويلة وفك العزلة عن متساكنيها عبر دعم البنية التحتية وتقريب خدمات المرفق العام من نقل وصحة وتعليم، وأكدوا على ضرورة التوزيع العادل للاستثمار بين مختلف الجهات وهناك منهم من أشار إلى أن سياسة التمييز الإيجابي التي تم اعتمادها بعد الثورة أضرت كثيرا بجهته. وتحدث النواب عن العوائق التي تواجه المستثمرين وأكدوا على ضرورة الإحاطة بهم ودعم المؤسسات التي تعاني من صعوبات للمحافظة على ديمومتها وعلى مواطن الشغل فيها خاصة الصغرى منها والمتوسطة، وتنشيط المناطق الصناعية وهناك من أشار إلى تصحر أغلب المناطق الصناعية الكائنة بالجهات الداخلية، وجددوا الدعوة للتسريع في مراجعة النصوص القانونية ذات العلاقة بالاستثمار والحد من تشتت الهياكل المتداخلة في هذا المجال وتنقيح كراسات الشروط، كما أكدوا على ضرورة دعم الشركات الناشئة والانخراط في الثورة الصناعية الرابعة وتوظيف الذكاء الاصطناعي للنهوض بالاقتصاد الوطني على أن يكون أداة تحرر علمي واستقلالية فكرية لا أداة لصناعة التخلف ولتكريس العبودية الرقمية وهيمنة الرأسمالية المتوحشة، وتم خلال الجلسة تقديم الكثير من المقترحات للوزير منها على سبيل الذكر إحداث ديوان وطني للتنمية تشرف عليه المؤسسة العسكرية وبعث هيئة وطنية للتخطيط الاقتصادي ومعهد لتقييم السياسات العمومية ومجلس وطني للاستثمار والتعاون الدولي وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك واقترح إحداث وزارة للتخطيط الاستراتيجي.
وتطرق عديد النواب إلى مشروع مخطط التنمية 2026ـ 2030 وألقوا باللائمة على وزارة الاقتصاد والتخطيط متهمين إدارتها بوضع اليد على هذا المخطط في حين استعرض أغلب النواب النقائص التي تعاني منها جهاتهم وطالبوا بإنجاز الكثير من المشاريع وتوفير التمويلات اللازمة.
رفض الإملاءات
رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة بين خلال افتتاح الجلسة أن النظر في مهمة الاقتصاد والتخطيط لسنة 2026 يدفع لاستحضار المكانة الهامة لهذه الوزارة المحورية وذات الطابع الأفقي والتي يرتقب منها أن تلعب دورا حاسما في رسم ملامح تونس الغد، التي يتطلع إليها الجميع والتي تجعل من الخيارات التي تم إتباعها منذ 25 جويلية 2021 مرجعا لكل الإصلاحات الكبرى والمخططات والاستراتيجيات التنموية. ولاحظ أنه في هذا السياق فهو يجدد التأكيد على الحرص على تجسيد هذه الخيارات على أرض الواقع من خلال التكريس الفعلي لمبدأ التعويل على الذات ورفض كل الإملاءات والإسقاطات ووضع الإجراءات والنصوص التي تكفل تلك الخيارات الوطنية في كل معانيها، والتي تضمن حسب قوله الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة وتدعيمه في إطار فكر مجدد يرمي أساسا إلى ضمان التوازن بين الجهات والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع فئات المجتمع ويهدف على وجه الخصوص إلى جعل الإنسان ركيزة لكل الإصلاحات وغاية محورية للخطط والبرامج المستقبلي. وعبر بودربالة عن تعويله على وزارة الاقتصاد والتخطيط للنهوض بالاقتصاد الوطني وبمقومات التنمية العادلة والشاملة والمستدامة من خلال وضع السياسات الإستشرافية التي ينتظر منها أن تغير من الواقع المعيش للتونسيين والتونسيات بجميع فئاتهم وفي جميع ربوع البلاد نحو الأفضل. وفسر أن كل جهد في هذا المنحي يجب أن ينطلق من ضبط محكم للتقديرات الاقتصادية ومتابعة جدية وتشخيص الواقع لتطورات الظرف الاقتصادي وتفاعل مرن ومحكم مع المتغيرات الجيواستراتيجية حتى يتم إعداد مختلف البرامج والسياسات العمومية في إطار مخططات التنموية خماسية وموازين اقتصادية سنوية مدروسة ومعلومة الأهداف وقابلة للتنفيذ وللقيس والتقييم. وعبر عن استعداد الوظيفة التشريعية التي يعهد لها بالنظر في مشروع مخطط التنمية بناء على الفصل 77 من الدستور أن تكون في الموعد ومواصلة التعاون البناء مع الوظيفة التنفيذية من خلال القيام بكل ما تستوجيه الدراسة المعمقة والمستفيضة لكل ما سيتم عرضه بالجدية المعهودة وبروح المسؤولية من أجل تحقيق النقلة النوعية المنشودة لتونس وللشعب.
العدالة المجالية
في حين أشار رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي إلى أن الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مهمة وزارة الاقتصاد والتخطيط هي فرصة هامة للتأكيد على دور الوزارة الريادي في تعزيز مسار التنمية في تونس وضمان اتخاذ قرارات اقتصادية واجتماعية تعكس تطلعات المواطنين في كل الجهات، وأكد على الدور الفاعل للمجالس المنتخبة محليا وجهويا وإقليميا في صياغة مشروع مخطط التنمية 2026ـ 2030، إذ تمثل هذه المجالس حسب قوله الأداة الأهم لترجمة احتياجات المواطنين إلى أولويات تنموية واقعية قابلة للتنفيذ، ويعتبر أن مشاركة هذه المجالس في إعداد المخطط هو التزام حقيقي بمبدأ المشاركة الشعبية الواسعة في صناعة القرار ترنو إلى أن تكون التنمية شاملة ومتوازنة مع مراعاة خصوصيات الجهات وإمكانياتها وهو ما يعزز فرص البرامج التنموية على المستوى المحلي والجهوي والوطني. ولاحظ رئيس المجلس أن مخطط التنمية كأول تجربة وطنية تكرس إرادة الشعب بمختلف فئاته وجهاته من خلال اعتماد منهجية تصاعدية تبدأ من المجالس المحلية مرورا بالمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم ووصولا إلى المستوى الوطني ستظل تعبير صادق لسياسة تنموية جديدة تتطلع إلى تحقيق العدالة والتوازن بين الجهات. وأضاف أنه في إطار هذه المنهجية فإن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يؤكد على ضرورة التركيز على تعزيز البعد الاجتماعي والاقتصادي والعدالة المجالية عبر دعم الفئات الهشة وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية مع تكريس التمكين الاقتصادي للفئات الضعيفة بما يحقق العدالة الاجتماعية الفعلية المنشودة. وبين أن المجلس يشدد أيضا على تعزيز الموارد الذاتية للدولة والاعتماد على السياسة الاقتصادية من خلال الحد من الجباية وإدماج الاقتصاد الموازي وتنويع مصادر التمويل بما يضمن استقلال القرار الاقتصادي على المستوى الوطني والجهوي وأشار إلى ضرورة دعم التشغيل والمبادرات الاقتصادية المحلية عبر دفع فرص العمل وخاصة للشباب المعطل وتشجيع المبادرات الخاصة والمشاريع الصغرى ضمن برامج تقديرية وجهوية وربط الاستثمار العمومي بالاستثمار الخاص لتسريع النمو الاقتصادي ودعم البرامج التنموية على المستوى الجهوي والإقليمي بما يحقق العدالة في توزيع المشاريع والفرص. وأكد الدربالي في مداخلته على أهمية التحول الرقمي للإدارة العمومية لتسهيل الخدمات وتحسين جودتها وتعزيز الشفافية وتطوير الترابط بين مختلف مستويات الإدارة بما يرفع من نجاعة الأداء ويعزز علاقة المواطن بالدولة. وبين أنه مع انطلاق مناقشة مهمة وزارة الاقتصاد والتخطيط فهو يأمل أن تكون الجلسة مناسبة لتعزيز مسار الحوار المشترك بين الوزارة وممثلي الشعب من أجل بلورة خيارات تنموية شاملة تحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وتضع تونس على مسار التقدم والازدهار.
حذف التراخيص
أما رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بمجلس نواب الشعب صابر الجلاصي فأشار لدى تقديمه لتقرير مشترك مع لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مهمة وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى أن المهمة تهم وزارة من المفروض أن تكون في أوج التخطيط بنجاعة لكل القطاعات السياحية والفلاحية والتنمية والاقتصاد والبيئة والبنية التحتية والمشاريع الكبرى، وبين أن تونس تعيش فترة مهمة وحساسة رفعت فيها شعارات عدة على غرار التعويل على الذات، ودعم الدور الاجتماعي للدولة، وفق خيارات سياسية من المفروض أن تبني على إثرها إستراتيجية واضحة ومتناغمة بين متطلبات المواطن وأداء الحكومة. وفسر أنه يجب العمل أكثر على التنمية المندمجة واستكمال جميع المشاريع المبرمجة في إطار برنامج التنمية 2026ـ 2030، وأن تكون التنمية الحضرية محورا أساسيا يراعي تكافؤ الفرص بين الجهات. وأكد على دور الاستثمار الخاص وتحسين مناخ الأعمال وبين أنه تم تقديم نسبة النمو المأمول لكن تلك النسبة لا يمكن تحقيقها إلا بتشجيع الاستثمار وهذا لا يحصل إلا بإصلاحات جذرية على مستوى الإجراءات وحذف التراخيص ومستوى الإجراءات الإدارية ومرافقة المستثمرين وطرح مقاربة تشريعية مثل تنقيح مجلة الاستثمار واستقطاب المستثمرين. ولاحظ رئيس اللجنة أنه يجب العمل على التوزيع الجيد والمحكم لمكاتب النهوض بالاستثمار الخارجي الموجودة في الخارج والتركيز على الوجهات الإفريقية والبلدان الصاعدة لأن تونس تمتلك من الثروات الطبيعية والفلاحية ما يجعلها تتصدر المراتب الأولى في بعض المنتجات وخلص إلى أن كل ما أسلف ذكره لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل والإرادة السياسية. وتطرق رئيس اللجنة إلى البرنامج الجهوي للتنمية وبين أنه يجب دعمه ودعم بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة في ظل رؤية إستراتيجية واضحة وأوصى العمل على تحقيق انتعاش المؤسسات مشيرا إلى الصعوبات التي توجه هذه المؤسسات. ولدى حديثه عن موضوع الإحصاء، وأشار الجلاصي إلى أهمية المعلومة الإحصائية ورفع جودة الإحصائيات وحسن توظيفها. كما تطرق إلى ملف التعاون الدولي مشيرا إلى أنه لا بد من رسم خارطة اقتصادية تنبني على رؤية إستراتيجية واضحة المعالم. وفي علاقة بالتخطيط أكد رئيس اللجنة على أهمية وزارة الاقتصاد والتخطيط في هذا المجال وأشار إلى وجود رهانات عديدة تنتظر النواب من أجل رسم سياسات الدولة وتوجهاتها الإستراتيجية لتتم ترجمتها على أرض الواقع من خلال العمل على رفع التحديات التنموية.
في حين أشار رئيس لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو إلى أن مهمة الاقتصاد والتخطيط هي عقل الدولة لذلك فإن تقييم النواب لا يقتصر على مناقشة ميزانية المهمة بل يتعداه إلى مساءلة حول جودة التخطيط ذاته، ولاحظ قروضا هيكليا في دورات التخطيط السابقة يتمثل في ضعف التقييم المرحلي للميزان الاقتصادي المعتمد. وفسر أن التقييم المرحلي المعلن والمفصل شرط لا غنى عنه لتحقيق ثلاثة أهداف وطنية هي ضمان الواقعية حيث يقع تحديد نقاط التعطيل وبحث حلول لتلافيها في المستقبل، وتوجيه الموارد لان التقييم يمكن معرفة المؤشرات الحقيقية لنجاعة الأداء وحسن توجيه الإعتمادات المستقبلية، ثم تجسيد الرؤية الجديدة خاصة في ظل التحول نحو نظام الأقاليم الخمسة الذي يتطلب إحصاء ما تم إنجازه وما تم إهماله في كل إقليم. ويرى رئيس اللجنة أن التقييم المرحلي هو الأداة الوحيدة التي تربط الخطط بالعدالة الترابية وتجعل التخطيط القادم يستجيب لحاجيات المواطن.
النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم أكرم بن سالم أشار إلى أهمية وزارة الاقتصاد والتخطيط في الدولة التونسية وتأثيرها على حياة المواطنين في دولة اقتصادها يعاني من صعوبات كبيرة وتسير نحو المجهول دون إستراتيجية أو خطة واضحة في أي قطاع. وذكر أنه عندما قرأ كتاب ميزانية الوزارة عثر فيه على استراتجيات وخطط لا تحصى ولا تعد ومصطلحات فنية من قبيل دفع الاستثمار وتوفير مناخ الاستثمار وتحسين نجاعة الأداء وغيرها.
وتطرق النائب إثر ذلك إلى مسائل تهم جهة المهدية وتساءل عن إستراتيجية وزارة الاقتصاد والتخطيط لتنمية الفلاحة والسياحة والتجارة في هذه الجهة خاصة أن أبناء الجهة هاجروا من البلاد وهم يساهمون بالتحويلات التي يقومون بها بقسط كبير من عائدات العملة الصعبة التي تحتاجها البلاد للبلاد.
خرق الدستور
وفي نفس السياق أشارت النائبة عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم نورس الهيشري إلى أنها ككل مرة تجد نفسها مجبرة للخوض في فلسفة مشروع البناء القاعدي الذي انبثق عنه المجلس الوطني للجهات والأقاليم والتذكير بدور المجالس المنتخبة وما الذي نص عليه الدستور وما الذي نص عليه القانون وما الذي نصت عليه المراسيم.
ولاحظت الهيشري أن أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم تعبوا كثيرا واجتهدوا وسهروا الليالي من أجل إعداد مقترحات نابعة من إرادة الشعب التونسي إذ أنهم استمعوا للمواطنين في المقاهي وفي اجتماعات قاموا بها للغرض واستمعوا إلى المنظمات والجمعيات رغبة في أن يكون المخطط نابع من الشعب التونسي لكن بعد ذلك التعب اعتمدت وزارة الاقتصاد والتخطيط رؤيتها ورؤية الإدارة. وتحدثت الهيشري عن جهتها نابل التي بقيت فيها التنمية مجمدة لأكثر من عشر سنوات جراء اعتماد سياسة التمييز الايجابي ومازالت المشاريع إلى اليوم معطلة ولا توجد مشاريع جديدة وتساءلت إلى متى ستتواصل نفس السياسة المتبعة حيال ولاية نابل؟.
وتحدث عضو مجلس نواب الشعب رياض بلال عن مشروع تهذيب الطريق المحلية 857 الرابطة بين صيادة والبقالطة بولاية المنستير مرورا بطلبلة فهذا المشروع حسب قوله تحول إلى مثال مؤسف لغياب التنسيق بين الوزارات واستعرض الأسئلة الكتابية التي سبق له أن طرحها على وزير الاقتصاد والتخطيط ووزيرة المالية حول هذا المشروع والأجوبة التي وردت آخرها تضمن تأكيد على وجود المشروع في المخطط لكن دون توفر الموارد المالية اللازمة للتنفيذ في الوقت الراهن وتساءل كيف أن لمشروع جاهز ضمن الدراسات ومبرمج في المخطط ورغم ذلك لم يتحرك أنملة منذ عقد وأكد أن هذا الطريق لم يعد متدهورا فقط بل أصبح يمثل خطرا على مستعمليه وعائقا أمام الحركة الاقتصادية وأضاف أن التعطيل لم يعد مقبولا خاصة وأن الحكومة تتحدث عن العدالة الجهوية ودعم البنية الأساسية وتحسين ظروف التنقل. وطلب بلال من الوزير تحديد آجال ملزمة لتوفير الاعتمادات والمرور إلى التنفيذ وقال إن هذا الطريق لم يعد مجرد مشروع معطل بل أصبح اختبارا حقيقيا لقدرة الحكومة والبرلمان على تحويل الوعود إلى وقائع والخطط إلى انجازات.
محدودية الاستثمار
وتساءل النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد علي البحروني عن الأسس المعتمدة من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط في توزيع الاستثمار الجهوي وبين أن ولاية القيروان هي الولاية الوحيدة التي ينقصها دائما الاستثمار والتي لا يتم منحها الموارد المطلوبة حيث تم تخصيص 50 مليون دينار فقط لهذه الولاية فأي مشاريع يمكن إنجازها أو بنية تحتية يمكن إصلاحها بهذا المبلغ.
كراسات الشروط
وقالت النائبة هدى الجلاصي إن تونس تواجه تحديات اقتصادية عميقة تتجلى أساسا في ضعف المنوال الاقتصادي وغياب التكامل بين مختلف القطاعات المنتجة. وذكرت أن غياب سياسة واضحة لتنويع الاقتصاد حال دون تحقيق التوازن الجهوي، كما أن ضعف الاستثمار الموجه نحو الابتكار والتجديد ونقص الإطار القانوني الداعم للمبادرة الخاصة أدى حسب رأيها إلى تراجع نسق انجاز المشاريع وارتفاع نسب البطالة بين الشباب من أصحاب الكفاءات، ولاحظت النائبة أن الإطار التشريعي للشركات الناشئة يشهد تعقيدات من شأنها أن تربك الشباب المبادر ببعثها. ولمجابهة هذه المشاكل ترى الجلاصي أنه لا بد من إعادة النظر في كراسات الشروط ونبهت الوزير إلى أن من أبرز مكامن هذا الخلل فيما يتعلق بالشركات الناشئة والعناقيد الاقتصادية هو أن مفهوم العنقود الاقتصادي مازال غامضا من حيث التعريف القانوني وشروط التكوين والتسيير إلى جانب غياب التنسيق بين الدولة والقطاع الخاص لإنشاء تجمعات اقتصادية متخصصة. وأضافت أنه من غير المقبول أن يبقى تصنيف العناقيد الاقتصادية إلى حد الآن مثل الجمعيات فهي لا تتمتع بأي إطار قانوني خاص بها. وأكدت النائبة على أهمية المجالس المحلية المنتخبة كشريك اقتصادي في البناء الوطني ولتحقيق هذا التحول البنيوي لابد حسب قولها من تغيير دور المجالس المحلية من مجرد هيكل منتخب منعزل بسبب مركزية مقيتة إلى فاعل اقتصادي وشريك أساسي في التنمية. وذكرت أنه من هذا المنطلق يجب اعتبار المجالس المحلية والجهوية والإقليمية بالتنسيق مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم شريكة اقتصادية فعلية في علمية البناء والتشييد عبر تمكينها من الصلاحيات القانونية والمالية والتخطيطية اللازمة للمشاركة في إعداد سياسات تنموية ومتابعة تنفيذها. وأوضحت أنه لا بد من تعزيز الشفافية وتوضيح الرؤية الاقتصادية في المرحلة القادمة.
إنصاف العمادات
وقالت النائبة فوزية الناوي إنها لن تتحدث عن المشاريع المعطلة وغيرها من المسائل وإنما عن مخطط التنمية 2026ـ 2030 وطالبت وزير الاقتصاد والتخطيط بإيجاد آلية تسمح بتمرير مقترحات بعض المناطق وإلا فإن المخطط المنتظر لن يكون عادلا ولن ينصف كل العمادات والحال أن مبدأ الإنصاف هو الهدف الأساسي من هذا المخطط. وفسرت أن المقترحات التي تم تقديمها من قبل أعضاء المجالس المحلية رفعت للمجالس الجهوية وتولت هذه المجالس الجهوية اختيار البعض منها والتخلي عن البعض الآخر وأضافت مشاريع أخرى، ونفس الشيء بالنسبة إلى مقترحات المجالس الجهوية التي تم رفعها إلى مجالس الأقاليم فإن مجالس الأقاليم اختارت بعض من تلك المشاريع وتخلت عن أخرى واقترحت مشاريع أخرى غير قابلة للانجاز. وتساءلت كيف سيتم التدارك في هذه المرحلة وطلبت من الوزير منح أهمية اللازمة إلى هذا الموضوع من أجل إنصاف جميع العمادات لأن جميع المواطنين لديهم الأمل في تحسين أوضاع عماداتهم أو على الأقل تلبية الحاجيات الأساسية وعبرت عن رغبتها في إنجاح المخطط وفي أن يجد كل مواطن فيه نفسه.
وثمن النائب مروان زيان دور المديرين الجهويين للتنمية الذين كانوا سندا للمجالس المحلية في إعداد مخطط التنمية وقاموا بالعديد من الزيارات لمرافقة هذه المجالس كما تم تكوين المجالس الجهوية حول إعداد المخطط وعبر عن أمله في تحقيق النجاح المأمول. وذكر أن وزارة الاقتصاد والتخطيط معروفة بأنها وزارة القروض بامتياز لكن لا بد من وضع خطة واضحة لتنفيذ المشاريع الكبرى التي يتم تمويلها بالقروض. وتساءل إن كان قد تم تخصيص قرض للعناية بالبيئة والشريط الساحلي ففي بن عروس هناك تدهور كبير للوضع البيئي على الشريط الساحلي وطالب بتخصيص قرض لتهيئة الشريط الساحلي لان الوضع الحالي بات يحرم المواطن من التمتع بالبحر.
سعيدة بوهلال
◄ دعوات لتوفير التمويلات اللازمة لمشاريع البنية التحتية
بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط ناقش أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضاء مجلس نواب الشعب سمير عبد الحفيظ أمس خلال جلستهم العامة المشتركة بقصر باردو مهمة الاقتصاد والتخطيط بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، وطالبوا بالخصوص بتوضيح الرؤية عبر التخطيط الاستراتيجي وحسن التنسيق بين جميع الوزارات والهياكل المعنية بالتنمية والاستثمار في شتى القطاعات من أجل تثمين نقاط قوة الاقتصاد الوطني من ناحية ومن ناحية أخرى لمعالجة نقاط الضعف عبر وضع خارطة طريق واضحة لما يجب القيام به من تدخلات على المستوى الإجرائي وعلى مستوى توفير التمويلات وعلى المستوى التشريعي ولما يجب إنجازه من مشاريع مع تحديد آجال انطلاقها وآجال استكمالها بمنتهى الدقة والالتزام باحترام المواعيد لإعادة ثقة المواطن في الدولة. فالمواطن حسب قولهم مل من الوعود وكثرة الانتظار ويريد أن يلمس منجزات حقيقية تحسن ظروف عيشه.
ودعا العديد منهم إلى إنصاف المناطق المحرومة لعقود طويلة وفك العزلة عن متساكنيها عبر دعم البنية التحتية وتقريب خدمات المرفق العام من نقل وصحة وتعليم، وأكدوا على ضرورة التوزيع العادل للاستثمار بين مختلف الجهات وهناك منهم من أشار إلى أن سياسة التمييز الإيجابي التي تم اعتمادها بعد الثورة أضرت كثيرا بجهته. وتحدث النواب عن العوائق التي تواجه المستثمرين وأكدوا على ضرورة الإحاطة بهم ودعم المؤسسات التي تعاني من صعوبات للمحافظة على ديمومتها وعلى مواطن الشغل فيها خاصة الصغرى منها والمتوسطة، وتنشيط المناطق الصناعية وهناك من أشار إلى تصحر أغلب المناطق الصناعية الكائنة بالجهات الداخلية، وجددوا الدعوة للتسريع في مراجعة النصوص القانونية ذات العلاقة بالاستثمار والحد من تشتت الهياكل المتداخلة في هذا المجال وتنقيح كراسات الشروط، كما أكدوا على ضرورة دعم الشركات الناشئة والانخراط في الثورة الصناعية الرابعة وتوظيف الذكاء الاصطناعي للنهوض بالاقتصاد الوطني على أن يكون أداة تحرر علمي واستقلالية فكرية لا أداة لصناعة التخلف ولتكريس العبودية الرقمية وهيمنة الرأسمالية المتوحشة، وتم خلال الجلسة تقديم الكثير من المقترحات للوزير منها على سبيل الذكر إحداث ديوان وطني للتنمية تشرف عليه المؤسسة العسكرية وبعث هيئة وطنية للتخطيط الاقتصادي ومعهد لتقييم السياسات العمومية ومجلس وطني للاستثمار والتعاون الدولي وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك واقترح إحداث وزارة للتخطيط الاستراتيجي.
وتطرق عديد النواب إلى مشروع مخطط التنمية 2026ـ 2030 وألقوا باللائمة على وزارة الاقتصاد والتخطيط متهمين إدارتها بوضع اليد على هذا المخطط في حين استعرض أغلب النواب النقائص التي تعاني منها جهاتهم وطالبوا بإنجاز الكثير من المشاريع وتوفير التمويلات اللازمة.
رفض الإملاءات
رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة بين خلال افتتاح الجلسة أن النظر في مهمة الاقتصاد والتخطيط لسنة 2026 يدفع لاستحضار المكانة الهامة لهذه الوزارة المحورية وذات الطابع الأفقي والتي يرتقب منها أن تلعب دورا حاسما في رسم ملامح تونس الغد، التي يتطلع إليها الجميع والتي تجعل من الخيارات التي تم إتباعها منذ 25 جويلية 2021 مرجعا لكل الإصلاحات الكبرى والمخططات والاستراتيجيات التنموية. ولاحظ أنه في هذا السياق فهو يجدد التأكيد على الحرص على تجسيد هذه الخيارات على أرض الواقع من خلال التكريس الفعلي لمبدأ التعويل على الذات ورفض كل الإملاءات والإسقاطات ووضع الإجراءات والنصوص التي تكفل تلك الخيارات الوطنية في كل معانيها، والتي تضمن حسب قوله الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة وتدعيمه في إطار فكر مجدد يرمي أساسا إلى ضمان التوازن بين الجهات والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع فئات المجتمع ويهدف على وجه الخصوص إلى جعل الإنسان ركيزة لكل الإصلاحات وغاية محورية للخطط والبرامج المستقبلي. وعبر بودربالة عن تعويله على وزارة الاقتصاد والتخطيط للنهوض بالاقتصاد الوطني وبمقومات التنمية العادلة والشاملة والمستدامة من خلال وضع السياسات الإستشرافية التي ينتظر منها أن تغير من الواقع المعيش للتونسيين والتونسيات بجميع فئاتهم وفي جميع ربوع البلاد نحو الأفضل. وفسر أن كل جهد في هذا المنحي يجب أن ينطلق من ضبط محكم للتقديرات الاقتصادية ومتابعة جدية وتشخيص الواقع لتطورات الظرف الاقتصادي وتفاعل مرن ومحكم مع المتغيرات الجيواستراتيجية حتى يتم إعداد مختلف البرامج والسياسات العمومية في إطار مخططات التنموية خماسية وموازين اقتصادية سنوية مدروسة ومعلومة الأهداف وقابلة للتنفيذ وللقيس والتقييم. وعبر عن استعداد الوظيفة التشريعية التي يعهد لها بالنظر في مشروع مخطط التنمية بناء على الفصل 77 من الدستور أن تكون في الموعد ومواصلة التعاون البناء مع الوظيفة التنفيذية من خلال القيام بكل ما تستوجيه الدراسة المعمقة والمستفيضة لكل ما سيتم عرضه بالجدية المعهودة وبروح المسؤولية من أجل تحقيق النقلة النوعية المنشودة لتونس وللشعب.
العدالة المجالية
في حين أشار رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي إلى أن الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مهمة وزارة الاقتصاد والتخطيط هي فرصة هامة للتأكيد على دور الوزارة الريادي في تعزيز مسار التنمية في تونس وضمان اتخاذ قرارات اقتصادية واجتماعية تعكس تطلعات المواطنين في كل الجهات، وأكد على الدور الفاعل للمجالس المنتخبة محليا وجهويا وإقليميا في صياغة مشروع مخطط التنمية 2026ـ 2030، إذ تمثل هذه المجالس حسب قوله الأداة الأهم لترجمة احتياجات المواطنين إلى أولويات تنموية واقعية قابلة للتنفيذ، ويعتبر أن مشاركة هذه المجالس في إعداد المخطط هو التزام حقيقي بمبدأ المشاركة الشعبية الواسعة في صناعة القرار ترنو إلى أن تكون التنمية شاملة ومتوازنة مع مراعاة خصوصيات الجهات وإمكانياتها وهو ما يعزز فرص البرامج التنموية على المستوى المحلي والجهوي والوطني. ولاحظ رئيس المجلس أن مخطط التنمية كأول تجربة وطنية تكرس إرادة الشعب بمختلف فئاته وجهاته من خلال اعتماد منهجية تصاعدية تبدأ من المجالس المحلية مرورا بالمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم ووصولا إلى المستوى الوطني ستظل تعبير صادق لسياسة تنموية جديدة تتطلع إلى تحقيق العدالة والتوازن بين الجهات. وأضاف أنه في إطار هذه المنهجية فإن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يؤكد على ضرورة التركيز على تعزيز البعد الاجتماعي والاقتصادي والعدالة المجالية عبر دعم الفئات الهشة وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية مع تكريس التمكين الاقتصادي للفئات الضعيفة بما يحقق العدالة الاجتماعية الفعلية المنشودة. وبين أن المجلس يشدد أيضا على تعزيز الموارد الذاتية للدولة والاعتماد على السياسة الاقتصادية من خلال الحد من الجباية وإدماج الاقتصاد الموازي وتنويع مصادر التمويل بما يضمن استقلال القرار الاقتصادي على المستوى الوطني والجهوي وأشار إلى ضرورة دعم التشغيل والمبادرات الاقتصادية المحلية عبر دفع فرص العمل وخاصة للشباب المعطل وتشجيع المبادرات الخاصة والمشاريع الصغرى ضمن برامج تقديرية وجهوية وربط الاستثمار العمومي بالاستثمار الخاص لتسريع النمو الاقتصادي ودعم البرامج التنموية على المستوى الجهوي والإقليمي بما يحقق العدالة في توزيع المشاريع والفرص. وأكد الدربالي في مداخلته على أهمية التحول الرقمي للإدارة العمومية لتسهيل الخدمات وتحسين جودتها وتعزيز الشفافية وتطوير الترابط بين مختلف مستويات الإدارة بما يرفع من نجاعة الأداء ويعزز علاقة المواطن بالدولة. وبين أنه مع انطلاق مناقشة مهمة وزارة الاقتصاد والتخطيط فهو يأمل أن تكون الجلسة مناسبة لتعزيز مسار الحوار المشترك بين الوزارة وممثلي الشعب من أجل بلورة خيارات تنموية شاملة تحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وتضع تونس على مسار التقدم والازدهار.
حذف التراخيص
أما رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بمجلس نواب الشعب صابر الجلاصي فأشار لدى تقديمه لتقرير مشترك مع لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مهمة وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى أن المهمة تهم وزارة من المفروض أن تكون في أوج التخطيط بنجاعة لكل القطاعات السياحية والفلاحية والتنمية والاقتصاد والبيئة والبنية التحتية والمشاريع الكبرى، وبين أن تونس تعيش فترة مهمة وحساسة رفعت فيها شعارات عدة على غرار التعويل على الذات، ودعم الدور الاجتماعي للدولة، وفق خيارات سياسية من المفروض أن تبني على إثرها إستراتيجية واضحة ومتناغمة بين متطلبات المواطن وأداء الحكومة. وفسر أنه يجب العمل أكثر على التنمية المندمجة واستكمال جميع المشاريع المبرمجة في إطار برنامج التنمية 2026ـ 2030، وأن تكون التنمية الحضرية محورا أساسيا يراعي تكافؤ الفرص بين الجهات. وأكد على دور الاستثمار الخاص وتحسين مناخ الأعمال وبين أنه تم تقديم نسبة النمو المأمول لكن تلك النسبة لا يمكن تحقيقها إلا بتشجيع الاستثمار وهذا لا يحصل إلا بإصلاحات جذرية على مستوى الإجراءات وحذف التراخيص ومستوى الإجراءات الإدارية ومرافقة المستثمرين وطرح مقاربة تشريعية مثل تنقيح مجلة الاستثمار واستقطاب المستثمرين. ولاحظ رئيس اللجنة أنه يجب العمل على التوزيع الجيد والمحكم لمكاتب النهوض بالاستثمار الخارجي الموجودة في الخارج والتركيز على الوجهات الإفريقية والبلدان الصاعدة لأن تونس تمتلك من الثروات الطبيعية والفلاحية ما يجعلها تتصدر المراتب الأولى في بعض المنتجات وخلص إلى أن كل ما أسلف ذكره لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل والإرادة السياسية. وتطرق رئيس اللجنة إلى البرنامج الجهوي للتنمية وبين أنه يجب دعمه ودعم بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة في ظل رؤية إستراتيجية واضحة وأوصى العمل على تحقيق انتعاش المؤسسات مشيرا إلى الصعوبات التي توجه هذه المؤسسات. ولدى حديثه عن موضوع الإحصاء، وأشار الجلاصي إلى أهمية المعلومة الإحصائية ورفع جودة الإحصائيات وحسن توظيفها. كما تطرق إلى ملف التعاون الدولي مشيرا إلى أنه لا بد من رسم خارطة اقتصادية تنبني على رؤية إستراتيجية واضحة المعالم. وفي علاقة بالتخطيط أكد رئيس اللجنة على أهمية وزارة الاقتصاد والتخطيط في هذا المجال وأشار إلى وجود رهانات عديدة تنتظر النواب من أجل رسم سياسات الدولة وتوجهاتها الإستراتيجية لتتم ترجمتها على أرض الواقع من خلال العمل على رفع التحديات التنموية.
في حين أشار رئيس لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو إلى أن مهمة الاقتصاد والتخطيط هي عقل الدولة لذلك فإن تقييم النواب لا يقتصر على مناقشة ميزانية المهمة بل يتعداه إلى مساءلة حول جودة التخطيط ذاته، ولاحظ قروضا هيكليا في دورات التخطيط السابقة يتمثل في ضعف التقييم المرحلي للميزان الاقتصادي المعتمد. وفسر أن التقييم المرحلي المعلن والمفصل شرط لا غنى عنه لتحقيق ثلاثة أهداف وطنية هي ضمان الواقعية حيث يقع تحديد نقاط التعطيل وبحث حلول لتلافيها في المستقبل، وتوجيه الموارد لان التقييم يمكن معرفة المؤشرات الحقيقية لنجاعة الأداء وحسن توجيه الإعتمادات المستقبلية، ثم تجسيد الرؤية الجديدة خاصة في ظل التحول نحو نظام الأقاليم الخمسة الذي يتطلب إحصاء ما تم إنجازه وما تم إهماله في كل إقليم. ويرى رئيس اللجنة أن التقييم المرحلي هو الأداة الوحيدة التي تربط الخطط بالعدالة الترابية وتجعل التخطيط القادم يستجيب لحاجيات المواطن.
النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم أكرم بن سالم أشار إلى أهمية وزارة الاقتصاد والتخطيط في الدولة التونسية وتأثيرها على حياة المواطنين في دولة اقتصادها يعاني من صعوبات كبيرة وتسير نحو المجهول دون إستراتيجية أو خطة واضحة في أي قطاع. وذكر أنه عندما قرأ كتاب ميزانية الوزارة عثر فيه على استراتجيات وخطط لا تحصى ولا تعد ومصطلحات فنية من قبيل دفع الاستثمار وتوفير مناخ الاستثمار وتحسين نجاعة الأداء وغيرها.
وتطرق النائب إثر ذلك إلى مسائل تهم جهة المهدية وتساءل عن إستراتيجية وزارة الاقتصاد والتخطيط لتنمية الفلاحة والسياحة والتجارة في هذه الجهة خاصة أن أبناء الجهة هاجروا من البلاد وهم يساهمون بالتحويلات التي يقومون بها بقسط كبير من عائدات العملة الصعبة التي تحتاجها البلاد للبلاد.
خرق الدستور
وفي نفس السياق أشارت النائبة عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم نورس الهيشري إلى أنها ككل مرة تجد نفسها مجبرة للخوض في فلسفة مشروع البناء القاعدي الذي انبثق عنه المجلس الوطني للجهات والأقاليم والتذكير بدور المجالس المنتخبة وما الذي نص عليه الدستور وما الذي نص عليه القانون وما الذي نصت عليه المراسيم.
ولاحظت الهيشري أن أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم تعبوا كثيرا واجتهدوا وسهروا الليالي من أجل إعداد مقترحات نابعة من إرادة الشعب التونسي إذ أنهم استمعوا للمواطنين في المقاهي وفي اجتماعات قاموا بها للغرض واستمعوا إلى المنظمات والجمعيات رغبة في أن يكون المخطط نابع من الشعب التونسي لكن بعد ذلك التعب اعتمدت وزارة الاقتصاد والتخطيط رؤيتها ورؤية الإدارة. وتحدثت الهيشري عن جهتها نابل التي بقيت فيها التنمية مجمدة لأكثر من عشر سنوات جراء اعتماد سياسة التمييز الايجابي ومازالت المشاريع إلى اليوم معطلة ولا توجد مشاريع جديدة وتساءلت إلى متى ستتواصل نفس السياسة المتبعة حيال ولاية نابل؟.
وتحدث عضو مجلس نواب الشعب رياض بلال عن مشروع تهذيب الطريق المحلية 857 الرابطة بين صيادة والبقالطة بولاية المنستير مرورا بطلبلة فهذا المشروع حسب قوله تحول إلى مثال مؤسف لغياب التنسيق بين الوزارات واستعرض الأسئلة الكتابية التي سبق له أن طرحها على وزير الاقتصاد والتخطيط ووزيرة المالية حول هذا المشروع والأجوبة التي وردت آخرها تضمن تأكيد على وجود المشروع في المخطط لكن دون توفر الموارد المالية اللازمة للتنفيذ في الوقت الراهن وتساءل كيف أن لمشروع جاهز ضمن الدراسات ومبرمج في المخطط ورغم ذلك لم يتحرك أنملة منذ عقد وأكد أن هذا الطريق لم يعد متدهورا فقط بل أصبح يمثل خطرا على مستعمليه وعائقا أمام الحركة الاقتصادية وأضاف أن التعطيل لم يعد مقبولا خاصة وأن الحكومة تتحدث عن العدالة الجهوية ودعم البنية الأساسية وتحسين ظروف التنقل. وطلب بلال من الوزير تحديد آجال ملزمة لتوفير الاعتمادات والمرور إلى التنفيذ وقال إن هذا الطريق لم يعد مجرد مشروع معطل بل أصبح اختبارا حقيقيا لقدرة الحكومة والبرلمان على تحويل الوعود إلى وقائع والخطط إلى انجازات.
محدودية الاستثمار
وتساءل النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد علي البحروني عن الأسس المعتمدة من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط في توزيع الاستثمار الجهوي وبين أن ولاية القيروان هي الولاية الوحيدة التي ينقصها دائما الاستثمار والتي لا يتم منحها الموارد المطلوبة حيث تم تخصيص 50 مليون دينار فقط لهذه الولاية فأي مشاريع يمكن إنجازها أو بنية تحتية يمكن إصلاحها بهذا المبلغ.
كراسات الشروط
وقالت النائبة هدى الجلاصي إن تونس تواجه تحديات اقتصادية عميقة تتجلى أساسا في ضعف المنوال الاقتصادي وغياب التكامل بين مختلف القطاعات المنتجة. وذكرت أن غياب سياسة واضحة لتنويع الاقتصاد حال دون تحقيق التوازن الجهوي، كما أن ضعف الاستثمار الموجه نحو الابتكار والتجديد ونقص الإطار القانوني الداعم للمبادرة الخاصة أدى حسب رأيها إلى تراجع نسق انجاز المشاريع وارتفاع نسب البطالة بين الشباب من أصحاب الكفاءات، ولاحظت النائبة أن الإطار التشريعي للشركات الناشئة يشهد تعقيدات من شأنها أن تربك الشباب المبادر ببعثها. ولمجابهة هذه المشاكل ترى الجلاصي أنه لا بد من إعادة النظر في كراسات الشروط ونبهت الوزير إلى أن من أبرز مكامن هذا الخلل فيما يتعلق بالشركات الناشئة والعناقيد الاقتصادية هو أن مفهوم العنقود الاقتصادي مازال غامضا من حيث التعريف القانوني وشروط التكوين والتسيير إلى جانب غياب التنسيق بين الدولة والقطاع الخاص لإنشاء تجمعات اقتصادية متخصصة. وأضافت أنه من غير المقبول أن يبقى تصنيف العناقيد الاقتصادية إلى حد الآن مثل الجمعيات فهي لا تتمتع بأي إطار قانوني خاص بها. وأكدت النائبة على أهمية المجالس المحلية المنتخبة كشريك اقتصادي في البناء الوطني ولتحقيق هذا التحول البنيوي لابد حسب قولها من تغيير دور المجالس المحلية من مجرد هيكل منتخب منعزل بسبب مركزية مقيتة إلى فاعل اقتصادي وشريك أساسي في التنمية. وذكرت أنه من هذا المنطلق يجب اعتبار المجالس المحلية والجهوية والإقليمية بالتنسيق مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم شريكة اقتصادية فعلية في علمية البناء والتشييد عبر تمكينها من الصلاحيات القانونية والمالية والتخطيطية اللازمة للمشاركة في إعداد سياسات تنموية ومتابعة تنفيذها. وأوضحت أنه لا بد من تعزيز الشفافية وتوضيح الرؤية الاقتصادية في المرحلة القادمة.
إنصاف العمادات
وقالت النائبة فوزية الناوي إنها لن تتحدث عن المشاريع المعطلة وغيرها من المسائل وإنما عن مخطط التنمية 2026ـ 2030 وطالبت وزير الاقتصاد والتخطيط بإيجاد آلية تسمح بتمرير مقترحات بعض المناطق وإلا فإن المخطط المنتظر لن يكون عادلا ولن ينصف كل العمادات والحال أن مبدأ الإنصاف هو الهدف الأساسي من هذا المخطط. وفسرت أن المقترحات التي تم تقديمها من قبل أعضاء المجالس المحلية رفعت للمجالس الجهوية وتولت هذه المجالس الجهوية اختيار البعض منها والتخلي عن البعض الآخر وأضافت مشاريع أخرى، ونفس الشيء بالنسبة إلى مقترحات المجالس الجهوية التي تم رفعها إلى مجالس الأقاليم فإن مجالس الأقاليم اختارت بعض من تلك المشاريع وتخلت عن أخرى واقترحت مشاريع أخرى غير قابلة للانجاز. وتساءلت كيف سيتم التدارك في هذه المرحلة وطلبت من الوزير منح أهمية اللازمة إلى هذا الموضوع من أجل إنصاف جميع العمادات لأن جميع المواطنين لديهم الأمل في تحسين أوضاع عماداتهم أو على الأقل تلبية الحاجيات الأساسية وعبرت عن رغبتها في إنجاح المخطط وفي أن يجد كل مواطن فيه نفسه.
وثمن النائب مروان زيان دور المديرين الجهويين للتنمية الذين كانوا سندا للمجالس المحلية في إعداد مخطط التنمية وقاموا بالعديد من الزيارات لمرافقة هذه المجالس كما تم تكوين المجالس الجهوية حول إعداد المخطط وعبر عن أمله في تحقيق النجاح المأمول. وذكر أن وزارة الاقتصاد والتخطيط معروفة بأنها وزارة القروض بامتياز لكن لا بد من وضع خطة واضحة لتنفيذ المشاريع الكبرى التي يتم تمويلها بالقروض. وتساءل إن كان قد تم تخصيص قرض للعناية بالبيئة والشريط الساحلي ففي بن عروس هناك تدهور كبير للوضع البيئي على الشريط الساحلي وطالب بتخصيص قرض لتهيئة الشريط الساحلي لان الوضع الحالي بات يحرم المواطن من التمتع بالبحر.