إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل تواصل استفحال أزمته الداخلية.. اتحاد الشغل يستعد لمؤتمره وسط الخلافات والانقسامات

من المؤكد أن المؤتمر القادم للاتحاد العام التونسي للشغل، المنتظر عقده أيام 25 و26 و27 مارس 2026، لن يكون شبيها بسابقيه من المؤتمرات التي شهدتها المنظمة الشغيلة منذ تأسيسها.

فإلى جانب كونه مؤتمرا استثنائيا من حيث سياق انعقاده، حيث يأتي بعد مسار طويل من الخلافات والانقسامات الداخلية التي طالت مختلف مكونات المنظمة، بما في ذلك المكتب التنفيذي، فإنه أيضا المؤتمر الأول من نوعه الذي يُعقد قبل موعده. وهو ما يعتبره البعض فاقدا للشرعية القانونية، باعتبار أن النظام الداخلي والقانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل لا ينصان في أي من فصولهما على عقد مؤتمر استثنائي قبل موعده إلا في حالتين: استقالة 8 أعضاء من المكتب التنفيذي أو سحب ثقة ثلثي أعضاء المجلس الوطني من المكتب التنفيذي، والذين يُقدّر عددهم بنحو 400 عضو.

وهذان الشرطان لم يتحققا في الفترة الماضية. ويبدو أن الدعوة خلال الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة في 25 سبتمبر الماضي جاءت من أجل تحصين المؤتمر، من خلال طلب استشارة قانونية لتفادي أي طارئ، من المنتظر أن يُكشف عنه من قبل الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، في الأيام القادمة.

ويُعدّ المؤتمر أعلى سلطة تقريرية في المنظمة، ويُنتظر أن يُشكّل محطة فاصلة في تاريخها المعاصر، نظرا إلى حجم التحديات المطروحة أمام الحركة النقابية، سواء من الجانب الاجتماعي أو الاقتصادي، بالنظر إلى وضعية العمال، أو من حيث المشاركة في الشأن العام.

خلافات داخلية ومؤتمرات جهوية مفصلية

يصعب التنبؤ بما ستشهده المرحلة القادمة، أو تحديد ملامح التوازنات داخل المؤتمر المرتقب، خاصّةً أن الخلافات الداخلية ما زالت قائمة، وتشمل حتى مبدأ عقد المؤتمر نفسه. إذ لا يزال إلى حدّ اليوم عدد من الأعضاء والمؤتمرين متمسكين بموعد المؤتمر الرسمي في بداية سنة 2027، معتبرين أنه لا يوجد ما يستدعي تقديمه، وفق قراءتهم للمرحلة.

ويأتي هذا في وقت تتزامن فيه فترة الإعداد للمؤتمر «الاستثنائي» مع انطلاق المؤتمرات الجهوية للاتحادات، التي سيكون لها دور كبير في تحديد الصورة النهائية للمؤتمرين في المؤتمر الوطني.

ويتوقّع المتابعون أن تكون الأشهر الثلاثة القادمة ساخنة، حيث تم تحديد موعد مؤتمر الاتحاد الجهوي بصفاقس ليومي 11 و12 جانفي 2026، وسيكون بذلك أول المؤتمرات الجهوية قبل المؤتمر الوطني، بما يحمله من رمزية وثقل تنظيمي داخل الاتحاد، علما بأنه لا يُتوقع أن يثير خلافات كبيرة، إذ أن تركيبته معروفة ولن تحمل مفاجآت.

في المقابل، ينتظر أن يُحدد خلال شهر مارس 2026 موعد مؤتمر الاتحاد الجهوي بتونس، وهو الأكبر من حيث عدد المؤتمرين، ويُعدّ مؤتمرًا خلافيًا بامتياز، نظرا لحدة الانقسامات التي تطغى على أجوائه. وينسحب نفس التوتر على عدد من مؤتمرات الجامعات التي ستُجرى انتخاباتها قبل انعقاد المؤتمر العام للاتحاد.

جدل قانوني حول المؤتمر

في حديثه لـ«الصباح»، فنّد سفيان الأسود، المختص في الشأن النقابي، اعتبار المؤتمر القادم «استثنائيًا»، موضحا أن الفصل 19 من النظام الداخلي للاتحاد يُجيز للهيئة الإدارية الوطنية الدعوة إلى عقد المؤتمر قبل 6 أشهر من موعده الأصلي، وهو ما يجعل تاريخ 25 و26 و27 مارس 2026 قانونيًا لعقد مؤتمر عادي، تمت المصادقة عليه بالإجماع من قبل الهيئة الإدارية، وهي أعلى سلطة داخل الاتحاد، دون تسجيل أي اعتراض من أي طرف.

وأضاف الأسود أن ما يُعرف بـ«مجموعة العشرة» سبق أن أصدرت بيانا دعت فيه، في ظل الأزمة التي عاشها المكتب التنفيذي، إلى عقد مؤتمر خلال جانفي 2026.

وأشار إلى أن مختلف المؤشرات داخل الاتحاد تؤكد منذ فترة أن التعجيل بعقد المؤتمر أمر لا مفر منه، نتيجة تعطل العمل الجماعي داخل المركزية النقابية، وصعوبة عقد اجتماعات بين الأطراف المتصارعة، مما أدى إلى شلل في الأداء.

كما ذكّر بأن المجلس الوطني المنعقد في المنستير السنة الماضية شهد إقرارا جماعيا بالأخطاء، بما في ذلك من الأمين العام نور الدين الطبوبي، خاصة في ما يتعلق بتعديل النظام الأساسي.

صمت قيادي وتحفظ معارض

في الوقت الراهن، يتجنب أعضاء المكتب التنفيذي، سواء من مجموعة العشرة أو من مجموعة الخمسة (التي اصبحت أربعة نظرا لوفاة الأمين العام المساعد منعم عميرة)، الإدلاء بتصريحات أو اتخاذ مواقف واضحة بشأن المؤتمر وتحديات إنجاحه.

في المقابل، عبّر الكافي بن منصور، عن مجموعة المعارضة النقابية، عن استيائه من السياق العام الذي يتم فيه التحضير للمؤتمر. واعتبر أن ما يحصل هو فصل جديد من الانقلاب على قانون المنظمة، مؤكدا أن المؤتمر لا تتوفر فيه لا صفة «العادي» ولا «الاستثنائي»، مشددا على أن الأشخاص الذين أشرفوا على المؤتمرات السابقة، وكانوا -بحسب تعبيره– «مصدرًا للإقصاء والعقاب والخلاف»، هم أنفسهم من يشرفون اليوم على التحضير للمؤتمر.

وأضاف أن الاتحاد لم يشهد إلى اليوم مصالحة شاملة ولا تصحيحًا للمسار، تبدأ باستقالة من فقدوا الشرعية، وتنتهي برفع اليد عن الهياكل وتركيبة المؤتمرات وكواليس تنظيمها.

واعتبر أن ما يحصل حاليا قد يمثل ترميما ظاهريا للخلافات القائمة، لكنه في الواقع قد يكون بداية غير سلمية لمرحلة جديدة، قد تتّسم بخلافات أشدّ.

ريم سوودي

في ظل تواصل استفحال أزمته الداخلية..   اتحاد الشغل يستعد لمؤتمره وسط الخلافات والانقسامات

من المؤكد أن المؤتمر القادم للاتحاد العام التونسي للشغل، المنتظر عقده أيام 25 و26 و27 مارس 2026، لن يكون شبيها بسابقيه من المؤتمرات التي شهدتها المنظمة الشغيلة منذ تأسيسها.

فإلى جانب كونه مؤتمرا استثنائيا من حيث سياق انعقاده، حيث يأتي بعد مسار طويل من الخلافات والانقسامات الداخلية التي طالت مختلف مكونات المنظمة، بما في ذلك المكتب التنفيذي، فإنه أيضا المؤتمر الأول من نوعه الذي يُعقد قبل موعده. وهو ما يعتبره البعض فاقدا للشرعية القانونية، باعتبار أن النظام الداخلي والقانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل لا ينصان في أي من فصولهما على عقد مؤتمر استثنائي قبل موعده إلا في حالتين: استقالة 8 أعضاء من المكتب التنفيذي أو سحب ثقة ثلثي أعضاء المجلس الوطني من المكتب التنفيذي، والذين يُقدّر عددهم بنحو 400 عضو.

وهذان الشرطان لم يتحققا في الفترة الماضية. ويبدو أن الدعوة خلال الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة في 25 سبتمبر الماضي جاءت من أجل تحصين المؤتمر، من خلال طلب استشارة قانونية لتفادي أي طارئ، من المنتظر أن يُكشف عنه من قبل الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، في الأيام القادمة.

ويُعدّ المؤتمر أعلى سلطة تقريرية في المنظمة، ويُنتظر أن يُشكّل محطة فاصلة في تاريخها المعاصر، نظرا إلى حجم التحديات المطروحة أمام الحركة النقابية، سواء من الجانب الاجتماعي أو الاقتصادي، بالنظر إلى وضعية العمال، أو من حيث المشاركة في الشأن العام.

خلافات داخلية ومؤتمرات جهوية مفصلية

يصعب التنبؤ بما ستشهده المرحلة القادمة، أو تحديد ملامح التوازنات داخل المؤتمر المرتقب، خاصّةً أن الخلافات الداخلية ما زالت قائمة، وتشمل حتى مبدأ عقد المؤتمر نفسه. إذ لا يزال إلى حدّ اليوم عدد من الأعضاء والمؤتمرين متمسكين بموعد المؤتمر الرسمي في بداية سنة 2027، معتبرين أنه لا يوجد ما يستدعي تقديمه، وفق قراءتهم للمرحلة.

ويأتي هذا في وقت تتزامن فيه فترة الإعداد للمؤتمر «الاستثنائي» مع انطلاق المؤتمرات الجهوية للاتحادات، التي سيكون لها دور كبير في تحديد الصورة النهائية للمؤتمرين في المؤتمر الوطني.

ويتوقّع المتابعون أن تكون الأشهر الثلاثة القادمة ساخنة، حيث تم تحديد موعد مؤتمر الاتحاد الجهوي بصفاقس ليومي 11 و12 جانفي 2026، وسيكون بذلك أول المؤتمرات الجهوية قبل المؤتمر الوطني، بما يحمله من رمزية وثقل تنظيمي داخل الاتحاد، علما بأنه لا يُتوقع أن يثير خلافات كبيرة، إذ أن تركيبته معروفة ولن تحمل مفاجآت.

في المقابل، ينتظر أن يُحدد خلال شهر مارس 2026 موعد مؤتمر الاتحاد الجهوي بتونس، وهو الأكبر من حيث عدد المؤتمرين، ويُعدّ مؤتمرًا خلافيًا بامتياز، نظرا لحدة الانقسامات التي تطغى على أجوائه. وينسحب نفس التوتر على عدد من مؤتمرات الجامعات التي ستُجرى انتخاباتها قبل انعقاد المؤتمر العام للاتحاد.

جدل قانوني حول المؤتمر

في حديثه لـ«الصباح»، فنّد سفيان الأسود، المختص في الشأن النقابي، اعتبار المؤتمر القادم «استثنائيًا»، موضحا أن الفصل 19 من النظام الداخلي للاتحاد يُجيز للهيئة الإدارية الوطنية الدعوة إلى عقد المؤتمر قبل 6 أشهر من موعده الأصلي، وهو ما يجعل تاريخ 25 و26 و27 مارس 2026 قانونيًا لعقد مؤتمر عادي، تمت المصادقة عليه بالإجماع من قبل الهيئة الإدارية، وهي أعلى سلطة داخل الاتحاد، دون تسجيل أي اعتراض من أي طرف.

وأضاف الأسود أن ما يُعرف بـ«مجموعة العشرة» سبق أن أصدرت بيانا دعت فيه، في ظل الأزمة التي عاشها المكتب التنفيذي، إلى عقد مؤتمر خلال جانفي 2026.

وأشار إلى أن مختلف المؤشرات داخل الاتحاد تؤكد منذ فترة أن التعجيل بعقد المؤتمر أمر لا مفر منه، نتيجة تعطل العمل الجماعي داخل المركزية النقابية، وصعوبة عقد اجتماعات بين الأطراف المتصارعة، مما أدى إلى شلل في الأداء.

كما ذكّر بأن المجلس الوطني المنعقد في المنستير السنة الماضية شهد إقرارا جماعيا بالأخطاء، بما في ذلك من الأمين العام نور الدين الطبوبي، خاصة في ما يتعلق بتعديل النظام الأساسي.

صمت قيادي وتحفظ معارض

في الوقت الراهن، يتجنب أعضاء المكتب التنفيذي، سواء من مجموعة العشرة أو من مجموعة الخمسة (التي اصبحت أربعة نظرا لوفاة الأمين العام المساعد منعم عميرة)، الإدلاء بتصريحات أو اتخاذ مواقف واضحة بشأن المؤتمر وتحديات إنجاحه.

في المقابل، عبّر الكافي بن منصور، عن مجموعة المعارضة النقابية، عن استيائه من السياق العام الذي يتم فيه التحضير للمؤتمر. واعتبر أن ما يحصل هو فصل جديد من الانقلاب على قانون المنظمة، مؤكدا أن المؤتمر لا تتوفر فيه لا صفة «العادي» ولا «الاستثنائي»، مشددا على أن الأشخاص الذين أشرفوا على المؤتمرات السابقة، وكانوا -بحسب تعبيره– «مصدرًا للإقصاء والعقاب والخلاف»، هم أنفسهم من يشرفون اليوم على التحضير للمؤتمر.

وأضاف أن الاتحاد لم يشهد إلى اليوم مصالحة شاملة ولا تصحيحًا للمسار، تبدأ باستقالة من فقدوا الشرعية، وتنتهي برفع اليد عن الهياكل وتركيبة المؤتمرات وكواليس تنظيمها.

واعتبر أن ما يحصل حاليا قد يمثل ترميما ظاهريا للخلافات القائمة، لكنه في الواقع قد يكون بداية غير سلمية لمرحلة جديدة، قد تتّسم بخلافات أشدّ.

ريم سوودي