المنصف ذويب لـ«الصباح»: «برج الرومي» فيلم عن ماهية الحرية لا عن اليسار التونسي.. وهذا ما كلفني
مقالات الصباح
*لم يعد «الوان مان شو» يستهويني، والتدريس وتعليم فن الصورة شغفي الحالي
*«يا سلطان المدينة».. «برج الرومي».. أعمال للذاكرة، ودافعي المجد لا الثراء
* أنا المسرحي الذي اقتحم عالم السينما من النافذة.. وأرفض أن أكون تقليدا لتجارب الغير
* قدمت دروسا لـ6 آلاف تلميذ في 300 مدرسة عبر مشروع «ألف فيلم وفيلم»
يبحث المنصف ذويب عن شكل جديد للمسرح الذي يرغب في العودة من خلاله إلى الركح، ويقول في حديثه لـ»الصباح»: «لم يعد يستهويني «الوان مان شو» أو يرضيني... حاليا أنا في مرحلة القراءات وأسعى إلى طريق جديد. قدّمت تجارب فخور بها في زمن هوجمت فيه لتقديمي هذا النوع من الفن، حتى أنه قيل عن أعمالي الدرجة صفر من المسرح، ثم أصبحت تقليدا في المشهد الفني التونسي. كانت مرحلة تحديات مع لمين النهدي («المكي وزكية» و»في هاك السردكو نريشو») ووجيهة الجندوبي («مدام كنزة»)، وحققت كل تجاربي نجاحا في هذا النمط، ولئن كانت بتفاوت، إلا أنها لوّنت مرحلة مهمة في مساري الفني، وأعتقد أن خياراتي اليوم أصبحت مختلفة».
وعن المنصف ذويب رجل المسرح والكاتب والعرائسي والسينمائي المتمرّس، والذي خاض تجربة فنية جامعة لكل الفنون، وإمكانية تقديمه لعمل فرجوي ضخم، نفى ضيف «الصباح» هذه الإمكانية، مشدّدا على أن هذا الشكل الفني أجاده الراحل الفاضل الجزيري، وكان النموذج المقلَّد من الكثيرين على غراره في «الوان مان شو»، لذلك يفضّل أن يقترح منجزا فنيا يشبهه ويعكس تحدياته الخاصة، على أن يكون نسخة من تجارب فنية أخرى.
تدريس فن الصورة
وفي السياق، تابع المنصف ذويب قائلا: «التدريس في هذه المرحلة يحفزني فكريا وفنيا، وذلك بعد عملي مع وزارة التربية والمركز الوطني للسينما والصورة على امتداد ثلاث سنوات على مشروع «ألف فيلم وفيلم»، وهو عبارة عن دروس لتعليم فن الصورة. نتج عن هذه المبادرة الفنية التعليمية تكوين أطفال من سن السادسة إلى 12 سنة في 300 مدرسة، واستفاد من هذه التجربة خلال سنوات المشروع 6 آلاف تلميذ».
وأقرّ المنصف ذويب برغبته في العودة لمواصلة هذه المبادرة في المدارس التونسية، خاصة وأن فترة الكوفيد كانت سببا في انقطاعها، لكن أمله كبير في استقرار الإدارة والعمل على دعم هذه النوعية من المشاريع الفنية التعليمية، خاصة وأن النموذج الذي قدّمه سابقا اعتمدته المملكة العربية السعودية في مدارسها، وأصبح مثالا يُحتذى به في تعليم الأطفال.
العودة للسينما والتحديات
وعن عودته مؤخرا للفن السابع بفيلم «برج الرومي»، أوضح المنصف ذويب في لقائه مع «الصباح» أنه لم يغب، ولكن بين كل مسرحية ومسرحية يقدّم فيلما، وهذا هو معدله الخاص، قائلا: «مسيرتي مراوحة بين المسرح والسينما، أنجز مسرحية كل 10 سنوات، وبين كل فيلم وفيلم تقريبا مسرحية. أنا ابن المسرح الذي اقتحم عالم السينما من النافذة، لم أدرس السينما، ومن الأول رفضني أهل الفن السابع، وتعلمت وأنا أصنع أفلامي».
ويضيف المنصف ذويب في حديثه عن بداياته في السينما ومرحلة «الرفض والانتقاد»: «لا تعنيني العائدات المالية بقدر أن يظل الفيلم في الذاكرة. في فيلم «يا سلطان المدينة» كنت مستفَزا للأفكار البالية والكلاسيكية في سنوات التسعينيات، وتم انتقادي ومهاجمة الفيلم، وبعد ذلك رُشّح ضمن أفضل عشرة أفلام تونسية، ونفس الشيء يحدث مع كل أعمالي، ومنها «التلفزة جاية» ومؤخرا «برج الرومي». بالنسبة لي هناك فرق بين الشهرة والمجد، كما هو الفرق بين المال والثروة. حين أردت تقديم كوميديا وعمل يجذب الجمهور كان فيلم «التلفزة جاية»، وحين كان هدفي الذاكرة أقدمت على تجربة «برج الرومي» رغم وعيي بتحديات التجربة».
«برج الرومي» وماهية الحرية
وأفاد المنصف ذويب «الصباح» أن ما أسماه «هجمة اليسار» على فيلم «برج الرومي» خلال عروضه بأيام قرطاج السينمائية 2024 كانت متوقعة، خاصة من الكاتب عز الدين الحزقي صاحب رواية «نظارات أمي»، التي اقتُبس منها الفيلم. وتابع محدثنا مفسّرا وجهة نظره: «مؤلف الكتاب كان يتوقع أن الفيلم عن حياته وسرديته، ولكن من وجهة نظري الخاصة كان الخائن هو البطل. ففي فيلمي أردت تقديم صورة عن ذاك المغيَّب في سرديات اليساريين، والذي لم تُكتب عنه إلا أسطر قليلة. «برج الرومي» ليس فيلما عن اليسار التونسي، هو فيلم عن ماهية الحرية. إنه فيلم عن السجن المبنى والسجن الكبير في العقل، ومن هنا قرأت الكثير من كتب أدب السجون لليساريين التونسيين، منها «سارق الطماطم» للصادق بن مهني، و»كريستال» لجلبار النقاش، وكتابات فتحي بالحاج يحي».
وعن دافعه الأساسي لتقديم الفيلم، أرجع المنصف ذويب جوهر الحكاية لمشاعر الحنين وتجربته الذاتية، خاصة بعد أن تحدث عز الدين الحزقي في روايته عن نوادي السينما في صفاقس وذكره في ورقات الرواية. ومع صدور قرابة 12 كتابا بين سنتي 2011 و2012 وانطلاق ألسن اليساريين في الحديث بعد صمت 40 سنة، كانت فكرة تقديم فيلم «برج الرومي» من وجهة نظره الخاصة، قائلا في السياق: «في معظم هذه السرديات اليسارية، التعذيب مقياس للنضال، وكل الكتابات تتعلق بمدة السجن، ومن صمد أكثر ومن تكلم فهو خائن. شخصيا أرفض هذا التبويب. هناك من جسده لا يتحمل، ولكنه صاحب أفكار. أنا يساري، ولكن أعتبر اليسار التونسي والعربي في العموم انقرض بسبب أخطائه وزعاماته وانقساماته. وأعتقد أن وجهة نظري التي عكست معاناة العائلات والأمهات والزوجات، في واحد من الخطوط الدرامية الأساسية في الفيلم، وتركيزي على وجهة نظر الخائن كخيار فني، كانت وراء حملة اليسار على الفيلم».
الفيلم على منصة رقمية
وأعرب المنصف ذويب عن رضائه النسبي على الفيلم، لذلك اختار طرحه على منصة رقمية تونسية قبل عرضه في قاعات السينما، حتى يشاهده الجميع في تونس وخارجها من أبناء الجاليات التونسية ومن الجيل الشاب الذي لا يعرف الكثير من ورقات مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد، مستدركا قوله إن الإمكانيات المالية فرضت قيودا معيّنة على فترة التصوير، ولو مُنح دعما أكبر لأضاف مشاهد كانت ستثري العمل. وأشار في هذا الإطار إلى أن «برج الرومي» لم يتحصل إلا على الدعم العمومي، فكل صناديق المنح رفضت موضوع الفيلم، وكشف المنصف ذويب أنه دفع ما تبقى من أجور الممثلين في الشهر المنقضي، وأنه باع منزله لتسديد تكاليف الفيلم، وفق تأكيده.
وبالعودة إلى تصوير «برج الرومي» والكاستينغ، تحدث المنصف ذويب لـ«الصباح» عن اختياره لسجن فرنسي قديم بمنطقة جوڨار لأحداث فيلمه، خاصة وأن إدارات السجون رفضت التصوير في الزنزانات لثلاثة أسابيع، فكان الخيار سجنًا قديما يتماشى مع الفترة الزمنية والسياق التاريخي للعمل. وكان كاستينغ العمل جيدا بالنسبة له، صحيح بتفاوت حسب قوله، ولكنه راض عن خياراته، ومنها اختياره لناجية الورغي، جمال المداني، فاطمة بن سعيدان، والسجناء الثلاثة عشر، والذي لم يكن حسب المنصف ذويب اختياره للرقم 13 في الفيلم اعتباطيا، معتبرا أن رسائل «برج الرومي» وإسقاطاته ستتضح أكثر مع مشاهدة الفيلم عن مسافة، كما حدث مع مختلف تجاربه التي ظلت في الذاكرة.
وعمّا يُقال إن فيلم «برج الرومي» كان وراء تقديم عبد الحميد بوشناق (واحد من أبطال فيلمه) لمسلسل «رڨوج»، أوضح المنصف ذويب أن المكان أثار إعجاب عبد الحميد بوشناق، ومن خلاله اشتغل على مسلسله الأخير، واستعان بعدد من أبطال «برج الرومي».
التلفزيون والتجربة «اليتيمة»
وقد دار الحديث مع ضيف «الصباح» عن تجربته اليتيمة في التلفزيون التونسي بعنوان «طلاق إنشاء» وغيابه عن المشهد الدرامي عموما، فبيّن المنصف ذويب «أنه التقى السنة المنقضية المدير العام للتلفزة التونسية شكري بن نصير، وعرض عليه تقديم عمل للتلفزة، فكان مشروعه «محامي الطلاق»، غير أن السلسلة تأجلت. مشيرا في الإطار إلى السياق الإنتاجي لـ«طلاق إنشاء»، والذي كان بمبادرة من عبد الرؤوف الباسطي حين كان مديرا عاما للتلفزة التونسية، وأنه كان قد قرر بالتعاون مع سعاد بن سليمان تقديم مجموعة من مشاريع «تلي فيلم»، وهي أعمال لسينمائيين تُعرض في التلفزيون، لكن المبادرة لم تتجاوز الأربعة مشاريع وتم التخلي عنها».
وشدّد المنصف ذويب في ختام لقائه مع «الصباح» على أنه يعمل منذ خمسين سنة في القطاع الفني والثقافي، ولم يندم على تجاربه جميعها، من مسرح العرائس إلى السينما، مرورا بالتعليم والتلفزة والكتابة، ما عدا تجربته في إطار الاحتفالات بصفاقس عاصمة للثقافة العربية، لأسباب تجاوزت خياراته وفق تأكيده، قائلا في هذا السياق: «أؤمن بالفشل كمعلم، والفشل صريح ولا يجامل، وأحسن رفيق للفنان هو فشله، لأنه دافع للتطوير والتغيير، وبالتالي النجاح».
حاورته : نجلاء قموع
*لم يعد «الوان مان شو» يستهويني، والتدريس وتعليم فن الصورة شغفي الحالي
*«يا سلطان المدينة».. «برج الرومي».. أعمال للذاكرة، ودافعي المجد لا الثراء
* أنا المسرحي الذي اقتحم عالم السينما من النافذة.. وأرفض أن أكون تقليدا لتجارب الغير
* قدمت دروسا لـ6 آلاف تلميذ في 300 مدرسة عبر مشروع «ألف فيلم وفيلم»
يبحث المنصف ذويب عن شكل جديد للمسرح الذي يرغب في العودة من خلاله إلى الركح، ويقول في حديثه لـ»الصباح»: «لم يعد يستهويني «الوان مان شو» أو يرضيني... حاليا أنا في مرحلة القراءات وأسعى إلى طريق جديد. قدّمت تجارب فخور بها في زمن هوجمت فيه لتقديمي هذا النوع من الفن، حتى أنه قيل عن أعمالي الدرجة صفر من المسرح، ثم أصبحت تقليدا في المشهد الفني التونسي. كانت مرحلة تحديات مع لمين النهدي («المكي وزكية» و»في هاك السردكو نريشو») ووجيهة الجندوبي («مدام كنزة»)، وحققت كل تجاربي نجاحا في هذا النمط، ولئن كانت بتفاوت، إلا أنها لوّنت مرحلة مهمة في مساري الفني، وأعتقد أن خياراتي اليوم أصبحت مختلفة».
وعن المنصف ذويب رجل المسرح والكاتب والعرائسي والسينمائي المتمرّس، والذي خاض تجربة فنية جامعة لكل الفنون، وإمكانية تقديمه لعمل فرجوي ضخم، نفى ضيف «الصباح» هذه الإمكانية، مشدّدا على أن هذا الشكل الفني أجاده الراحل الفاضل الجزيري، وكان النموذج المقلَّد من الكثيرين على غراره في «الوان مان شو»، لذلك يفضّل أن يقترح منجزا فنيا يشبهه ويعكس تحدياته الخاصة، على أن يكون نسخة من تجارب فنية أخرى.
تدريس فن الصورة
وفي السياق، تابع المنصف ذويب قائلا: «التدريس في هذه المرحلة يحفزني فكريا وفنيا، وذلك بعد عملي مع وزارة التربية والمركز الوطني للسينما والصورة على امتداد ثلاث سنوات على مشروع «ألف فيلم وفيلم»، وهو عبارة عن دروس لتعليم فن الصورة. نتج عن هذه المبادرة الفنية التعليمية تكوين أطفال من سن السادسة إلى 12 سنة في 300 مدرسة، واستفاد من هذه التجربة خلال سنوات المشروع 6 آلاف تلميذ».
وأقرّ المنصف ذويب برغبته في العودة لمواصلة هذه المبادرة في المدارس التونسية، خاصة وأن فترة الكوفيد كانت سببا في انقطاعها، لكن أمله كبير في استقرار الإدارة والعمل على دعم هذه النوعية من المشاريع الفنية التعليمية، خاصة وأن النموذج الذي قدّمه سابقا اعتمدته المملكة العربية السعودية في مدارسها، وأصبح مثالا يُحتذى به في تعليم الأطفال.
العودة للسينما والتحديات
وعن عودته مؤخرا للفن السابع بفيلم «برج الرومي»، أوضح المنصف ذويب في لقائه مع «الصباح» أنه لم يغب، ولكن بين كل مسرحية ومسرحية يقدّم فيلما، وهذا هو معدله الخاص، قائلا: «مسيرتي مراوحة بين المسرح والسينما، أنجز مسرحية كل 10 سنوات، وبين كل فيلم وفيلم تقريبا مسرحية. أنا ابن المسرح الذي اقتحم عالم السينما من النافذة، لم أدرس السينما، ومن الأول رفضني أهل الفن السابع، وتعلمت وأنا أصنع أفلامي».
ويضيف المنصف ذويب في حديثه عن بداياته في السينما ومرحلة «الرفض والانتقاد»: «لا تعنيني العائدات المالية بقدر أن يظل الفيلم في الذاكرة. في فيلم «يا سلطان المدينة» كنت مستفَزا للأفكار البالية والكلاسيكية في سنوات التسعينيات، وتم انتقادي ومهاجمة الفيلم، وبعد ذلك رُشّح ضمن أفضل عشرة أفلام تونسية، ونفس الشيء يحدث مع كل أعمالي، ومنها «التلفزة جاية» ومؤخرا «برج الرومي». بالنسبة لي هناك فرق بين الشهرة والمجد، كما هو الفرق بين المال والثروة. حين أردت تقديم كوميديا وعمل يجذب الجمهور كان فيلم «التلفزة جاية»، وحين كان هدفي الذاكرة أقدمت على تجربة «برج الرومي» رغم وعيي بتحديات التجربة».
«برج الرومي» وماهية الحرية
وأفاد المنصف ذويب «الصباح» أن ما أسماه «هجمة اليسار» على فيلم «برج الرومي» خلال عروضه بأيام قرطاج السينمائية 2024 كانت متوقعة، خاصة من الكاتب عز الدين الحزقي صاحب رواية «نظارات أمي»، التي اقتُبس منها الفيلم. وتابع محدثنا مفسّرا وجهة نظره: «مؤلف الكتاب كان يتوقع أن الفيلم عن حياته وسرديته، ولكن من وجهة نظري الخاصة كان الخائن هو البطل. ففي فيلمي أردت تقديم صورة عن ذاك المغيَّب في سرديات اليساريين، والذي لم تُكتب عنه إلا أسطر قليلة. «برج الرومي» ليس فيلما عن اليسار التونسي، هو فيلم عن ماهية الحرية. إنه فيلم عن السجن المبنى والسجن الكبير في العقل، ومن هنا قرأت الكثير من كتب أدب السجون لليساريين التونسيين، منها «سارق الطماطم» للصادق بن مهني، و»كريستال» لجلبار النقاش، وكتابات فتحي بالحاج يحي».
وعن دافعه الأساسي لتقديم الفيلم، أرجع المنصف ذويب جوهر الحكاية لمشاعر الحنين وتجربته الذاتية، خاصة بعد أن تحدث عز الدين الحزقي في روايته عن نوادي السينما في صفاقس وذكره في ورقات الرواية. ومع صدور قرابة 12 كتابا بين سنتي 2011 و2012 وانطلاق ألسن اليساريين في الحديث بعد صمت 40 سنة، كانت فكرة تقديم فيلم «برج الرومي» من وجهة نظره الخاصة، قائلا في السياق: «في معظم هذه السرديات اليسارية، التعذيب مقياس للنضال، وكل الكتابات تتعلق بمدة السجن، ومن صمد أكثر ومن تكلم فهو خائن. شخصيا أرفض هذا التبويب. هناك من جسده لا يتحمل، ولكنه صاحب أفكار. أنا يساري، ولكن أعتبر اليسار التونسي والعربي في العموم انقرض بسبب أخطائه وزعاماته وانقساماته. وأعتقد أن وجهة نظري التي عكست معاناة العائلات والأمهات والزوجات، في واحد من الخطوط الدرامية الأساسية في الفيلم، وتركيزي على وجهة نظر الخائن كخيار فني، كانت وراء حملة اليسار على الفيلم».
الفيلم على منصة رقمية
وأعرب المنصف ذويب عن رضائه النسبي على الفيلم، لذلك اختار طرحه على منصة رقمية تونسية قبل عرضه في قاعات السينما، حتى يشاهده الجميع في تونس وخارجها من أبناء الجاليات التونسية ومن الجيل الشاب الذي لا يعرف الكثير من ورقات مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد، مستدركا قوله إن الإمكانيات المالية فرضت قيودا معيّنة على فترة التصوير، ولو مُنح دعما أكبر لأضاف مشاهد كانت ستثري العمل. وأشار في هذا الإطار إلى أن «برج الرومي» لم يتحصل إلا على الدعم العمومي، فكل صناديق المنح رفضت موضوع الفيلم، وكشف المنصف ذويب أنه دفع ما تبقى من أجور الممثلين في الشهر المنقضي، وأنه باع منزله لتسديد تكاليف الفيلم، وفق تأكيده.
وبالعودة إلى تصوير «برج الرومي» والكاستينغ، تحدث المنصف ذويب لـ«الصباح» عن اختياره لسجن فرنسي قديم بمنطقة جوڨار لأحداث فيلمه، خاصة وأن إدارات السجون رفضت التصوير في الزنزانات لثلاثة أسابيع، فكان الخيار سجنًا قديما يتماشى مع الفترة الزمنية والسياق التاريخي للعمل. وكان كاستينغ العمل جيدا بالنسبة له، صحيح بتفاوت حسب قوله، ولكنه راض عن خياراته، ومنها اختياره لناجية الورغي، جمال المداني، فاطمة بن سعيدان، والسجناء الثلاثة عشر، والذي لم يكن حسب المنصف ذويب اختياره للرقم 13 في الفيلم اعتباطيا، معتبرا أن رسائل «برج الرومي» وإسقاطاته ستتضح أكثر مع مشاهدة الفيلم عن مسافة، كما حدث مع مختلف تجاربه التي ظلت في الذاكرة.
وعمّا يُقال إن فيلم «برج الرومي» كان وراء تقديم عبد الحميد بوشناق (واحد من أبطال فيلمه) لمسلسل «رڨوج»، أوضح المنصف ذويب أن المكان أثار إعجاب عبد الحميد بوشناق، ومن خلاله اشتغل على مسلسله الأخير، واستعان بعدد من أبطال «برج الرومي».
التلفزيون والتجربة «اليتيمة»
وقد دار الحديث مع ضيف «الصباح» عن تجربته اليتيمة في التلفزيون التونسي بعنوان «طلاق إنشاء» وغيابه عن المشهد الدرامي عموما، فبيّن المنصف ذويب «أنه التقى السنة المنقضية المدير العام للتلفزة التونسية شكري بن نصير، وعرض عليه تقديم عمل للتلفزة، فكان مشروعه «محامي الطلاق»، غير أن السلسلة تأجلت. مشيرا في الإطار إلى السياق الإنتاجي لـ«طلاق إنشاء»، والذي كان بمبادرة من عبد الرؤوف الباسطي حين كان مديرا عاما للتلفزة التونسية، وأنه كان قد قرر بالتعاون مع سعاد بن سليمان تقديم مجموعة من مشاريع «تلي فيلم»، وهي أعمال لسينمائيين تُعرض في التلفزيون، لكن المبادرة لم تتجاوز الأربعة مشاريع وتم التخلي عنها».
وشدّد المنصف ذويب في ختام لقائه مع «الصباح» على أنه يعمل منذ خمسين سنة في القطاع الفني والثقافي، ولم يندم على تجاربه جميعها، من مسرح العرائس إلى السينما، مرورا بالتعليم والتلفزة والكتابة، ما عدا تجربته في إطار الاحتفالات بصفاقس عاصمة للثقافة العربية، لأسباب تجاوزت خياراته وفق تأكيده، قائلا في هذا السياق: «أؤمن بالفشل كمعلم، والفشل صريح ولا يجامل، وأحسن رفيق للفنان هو فشله، لأنه دافع للتطوير والتغيير، وبالتالي النجاح».
حاورته : نجلاء قموع