تحوّل صناعي واعد بحلول سنة 2030.. تونس تراهن على الصناعات التحويلية وبلوغ 7 % من الناتج المحلي
مقالات الصباح
* 80 مؤسسة و20 ألف فرصة عمل...
* مناطق صناعية جديدة في المغيرة وسوسة وسليمان لتصنيع مكونات الطائرات
* تونس تتهيأ لتكون منصة إقليمية في الصناعات المتقدمة بفضل كفاءاتها الشابة
* 8 آلاف وظيفة جديدة في الصناعات المتخصصة بحلول 2030
* ميثاق التنافسية.. خطة وطنية لتوطين التكنولوجيا وجذب الاستثمارات الأجنبية
في خطوة إستراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانتها الصناعية وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، تتجه تونس نحو تطوير الصناعات التحويلية لتبلغ حصتها 7 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مقابل 3.5 % في سنة 2023، إلى جانب مضاعفة قيمة الصادرات لتصل إلى 4 مليارات دينار في أفق 2030، مقارنة بـ 3 مليارات دينار في 2023، وذلك وفق ما أعلنته وزارة الصناعة والمناجم والطاقة في إطار رؤيتها الجديدة للنهوض بالقطاع الصناعي وتدعيم تنافسيته.
هذا التوجه يأتي في سياق وطني يسعى إلى إعادة هيكلة النسيج الصناعي وتنويع مصادر الدخل، خصوصا في ظل التحولات العالمية في مجال التصنيع والابتكار، حيث باتت الصناعات التحويلية ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي وخلق الثروة ومواطن الشغل.
صناعة مكونات الطائرات.. قطاع واعد في صعود
من بين القطاعات التي تراهن عليها تونس ضمن خطتها للنهوض بالصناعات التحويلية، يبرز قطاع صناعة مكونات الطائرات كأحد أهم المجالات الواعدة التي تشهد توسعا ملحوظا في السنوات الأخيرة.
توجد في تونس 80 مؤسسة تنشط في هذا القطاع الحيوي، وتوفر نحو 20 ألف فرصة عمل مباشرة، مما يجعله أحد أبرز المجالات المولدة للتشغيل عالي المهارة في البلاد.
ويمثل قطاع الصناعات الميكانيكية، وخاصة صناعة مكونات السيارات والطائرات، يمثل رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، إذ يساهم بما نسبته 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، محققًا نسبة نمو سنوي تصل إلى 8 %، وهو ما يعكس الديناميكية الكبيرة التي يشهدها هذا القطاع رغم التحديات العالمية.
ميثاق التنافسية... رؤية وطنية لتطوير القطاع
وفي إطار سعي الدولة إلى تعزيز موقع تونس كوجهة صناعية تنافسية في شمال إفريقيا والمتوسط، أطلقت وزارة الصناعة ميثاق التنافسية لصناعة مكونات الطائرات، الذي يعد جزءًا من الرؤية الوطنية لتطوير الصناعات التحويلية والابتكار الصناعي.
ويهدف هذا الميثاق إلى تحفيز الاستثمارات الصناعية، وتطوير الكفاءات التقنية المحلية، وتمكين تونس من التحول إلى منصة إقليمية لتصنيع مكونات الطائرات وتصديرها إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.
ولا يقتصر هذا الميثاق فقط على تحسين مؤشرات النمو الاقتصادي، بل يندرج ضمن مقاربة شاملة تسعى إلى تحسين تنافسية المؤسسات الصناعية التونسية من خلال تحديث أساليب الإنتاج، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم الابتكار الصناعي والتكنولوجي.
مناطق صناعية متكاملة لخدمة التصنيع الجوي
ولتحقيق هذه الأهداف الطموحة، تم إنشاء مناطق صناعية متخصصة في تصنيع مكونات الطائرات في المغيرة، وسوسة، وسليمان، وهي مناطق تم تجهيزها بأحدث البنى التحتية الصناعية والتقنية لتستجيب لمتطلبات الشركات العالمية العاملة في المجال الجوي.
وتُعد هذه المناطق جزءًا من المنظومة الوطنية للصناعات التحويلية، التي تسعى إلى خلق بيئة متكاملة للإنتاج والتصدير، وتوفير الخدمات اللوجستية والتقنية اللازمة للمؤسسات الصناعية.
هذه المناطق تمثل نموذجًا لتوجه تونس نحو تجميع الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، والتي تتطلب يد عاملة مؤهلة وتكنولوجيا متقدمة، ما يساهم في رفع القدرة التنافسية للمنتج الصناعي التونسي على المستوى الدولي.
أهداف إستراتيجية وآفاق واعدة
ميثاق التنافسية لصناعة مكونات الطائرات حدد جملة من الأهداف الإستراتيجية التي تمتد إلى عام 2030، في مقدمتها مضاعفة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 7 %، ورفع قيمة الصادرات إلى 4 مليارات دينار.
كما يسعى الميثاق إلى خلق 8 آلاف وظيفة جديدة متخصصة في الصناعات المتقدمة، وهو ما يمثل رهانا مهمًا لتشغيل الكفاءات التونسية الشابة، خصوصًا خريجي الهندسة والتكنولوجيا.
وتعمل وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، على تفعيل الدراسة الوطنية للنهوض بالصناعة والابتكار، التي تهدف إلى تطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتحسين جودة الإنتاج الصناعي، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصناعات الميكانيكية والكهربائية والجوية.
الصناعات التحويلية… قاطرة التنمية الصناعية
وتعتبر الصناعات التحويلية اليوم قاطرة الاقتصاد الوطني ومحركا رئيسيا للتنمية المستدامة في تونس. فهي تشمل مجموعة واسعة من المجالات، من الصناعات الميكانيكية والكهربائية إلى الصناعات الغذائية والكيميائية والنسيجية، وتتميز بقدرتها على تحويل المواد الأولية إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية.
وتسعى الدولة من خلال دعم هذا القطاع إلى تنويع القاعدة الإنتاجية الوطنية، وتقليص التبعية للمواد الخام والمنتجات المستوردة، إضافة إلى تعزيز موقع تونس في سلاسل الإنتاج العالمية. ويُنتظر أن تسهم التحفيزات الجبائية والاستثمارية التي تعمل الوزارة على تفعيلها في جذب المزيد من المستثمرين المحليين والدوليين نحو القطاعات التحويلية.
الابتكار والتكوين... ركيزتان أساسيّتان للنجاح
وتولي وزارة الصناعة أهمية خاصة لعنصري الابتكار والتكوين المهني باعتبارهما عنصرين حاسمين في تطوير الصناعات التحويلية. فالتحول الصناعي الذي تسعى تونس إلى تحقيقه يتطلب نقل التكنولوجيا الحديثة وتطوير مهارات اليد العاملة، بما يتماشى مع متطلبات الصناعة العالمية الرابعة (Industry 4.0)، التي تعتمد على الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وتعمل الدولة بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحث على تطوير برامج تكوين متخصصة في مجالات الطيران والميكانيك الدقيقة والإلكترونيات الصناعية، بما يضمن توفر الكفاءات القادرة على قيادة هذا التحول الصناعي الطموح.
نحو تموقع تونس كمنصة إقليمية في الصناعات المتقدمة
ومن خلال ميثاق التنافسية الجديد، تضع تونس نفسها على طريق التحول إلى مركز إقليمي للصناعات المتقدمة في إفريقيا والمتوسط، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، واتفاقياتها التجارية الواسعة، وكفاءة مواردها البشرية.
ومع التوجه نحو زيادة حصة الصناعات التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي إلى 7 % ورفع الصادرات إلى 4 مليارات دينار، يبدو أن تونس عازمة على إعادة رسم ملامح اقتصادها الصناعي خلال السنوات القادمة، بما يضمن تحقيق النمو المستدام، وخلق فرص عمل نوعية، وتعزيز مكانتها في سلاسل القيمة العالمية.
وبناءً على هذا التوجه، يمكن القول إنّ رهان تونس على الصناعات التحويلية، اليوم، ليس مجرد خيار اقتصادي، بل هو خطة إستراتيجية لبناء اقتصاد متنوع وقادر على المنافسة، يعكس إرادة وطنية في تحويل التحديات إلى فرص، والمضي نحو مستقبل صناعي واعد يقوم على الابتكار والكفاءة والشراكة.
سفيان المهداوي
* 80 مؤسسة و20 ألف فرصة عمل...
* مناطق صناعية جديدة في المغيرة وسوسة وسليمان لتصنيع مكونات الطائرات
* تونس تتهيأ لتكون منصة إقليمية في الصناعات المتقدمة بفضل كفاءاتها الشابة
* 8 آلاف وظيفة جديدة في الصناعات المتخصصة بحلول 2030
* ميثاق التنافسية.. خطة وطنية لتوطين التكنولوجيا وجذب الاستثمارات الأجنبية
في خطوة إستراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانتها الصناعية وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، تتجه تونس نحو تطوير الصناعات التحويلية لتبلغ حصتها 7 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مقابل 3.5 % في سنة 2023، إلى جانب مضاعفة قيمة الصادرات لتصل إلى 4 مليارات دينار في أفق 2030، مقارنة بـ 3 مليارات دينار في 2023، وذلك وفق ما أعلنته وزارة الصناعة والمناجم والطاقة في إطار رؤيتها الجديدة للنهوض بالقطاع الصناعي وتدعيم تنافسيته.
هذا التوجه يأتي في سياق وطني يسعى إلى إعادة هيكلة النسيج الصناعي وتنويع مصادر الدخل، خصوصا في ظل التحولات العالمية في مجال التصنيع والابتكار، حيث باتت الصناعات التحويلية ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي وخلق الثروة ومواطن الشغل.
صناعة مكونات الطائرات.. قطاع واعد في صعود
من بين القطاعات التي تراهن عليها تونس ضمن خطتها للنهوض بالصناعات التحويلية، يبرز قطاع صناعة مكونات الطائرات كأحد أهم المجالات الواعدة التي تشهد توسعا ملحوظا في السنوات الأخيرة.
توجد في تونس 80 مؤسسة تنشط في هذا القطاع الحيوي، وتوفر نحو 20 ألف فرصة عمل مباشرة، مما يجعله أحد أبرز المجالات المولدة للتشغيل عالي المهارة في البلاد.
ويمثل قطاع الصناعات الميكانيكية، وخاصة صناعة مكونات السيارات والطائرات، يمثل رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، إذ يساهم بما نسبته 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، محققًا نسبة نمو سنوي تصل إلى 8 %، وهو ما يعكس الديناميكية الكبيرة التي يشهدها هذا القطاع رغم التحديات العالمية.
ميثاق التنافسية... رؤية وطنية لتطوير القطاع
وفي إطار سعي الدولة إلى تعزيز موقع تونس كوجهة صناعية تنافسية في شمال إفريقيا والمتوسط، أطلقت وزارة الصناعة ميثاق التنافسية لصناعة مكونات الطائرات، الذي يعد جزءًا من الرؤية الوطنية لتطوير الصناعات التحويلية والابتكار الصناعي.
ويهدف هذا الميثاق إلى تحفيز الاستثمارات الصناعية، وتطوير الكفاءات التقنية المحلية، وتمكين تونس من التحول إلى منصة إقليمية لتصنيع مكونات الطائرات وتصديرها إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.
ولا يقتصر هذا الميثاق فقط على تحسين مؤشرات النمو الاقتصادي، بل يندرج ضمن مقاربة شاملة تسعى إلى تحسين تنافسية المؤسسات الصناعية التونسية من خلال تحديث أساليب الإنتاج، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم الابتكار الصناعي والتكنولوجي.
مناطق صناعية متكاملة لخدمة التصنيع الجوي
ولتحقيق هذه الأهداف الطموحة، تم إنشاء مناطق صناعية متخصصة في تصنيع مكونات الطائرات في المغيرة، وسوسة، وسليمان، وهي مناطق تم تجهيزها بأحدث البنى التحتية الصناعية والتقنية لتستجيب لمتطلبات الشركات العالمية العاملة في المجال الجوي.
وتُعد هذه المناطق جزءًا من المنظومة الوطنية للصناعات التحويلية، التي تسعى إلى خلق بيئة متكاملة للإنتاج والتصدير، وتوفير الخدمات اللوجستية والتقنية اللازمة للمؤسسات الصناعية.
هذه المناطق تمثل نموذجًا لتوجه تونس نحو تجميع الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، والتي تتطلب يد عاملة مؤهلة وتكنولوجيا متقدمة، ما يساهم في رفع القدرة التنافسية للمنتج الصناعي التونسي على المستوى الدولي.
أهداف إستراتيجية وآفاق واعدة
ميثاق التنافسية لصناعة مكونات الطائرات حدد جملة من الأهداف الإستراتيجية التي تمتد إلى عام 2030، في مقدمتها مضاعفة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 7 %، ورفع قيمة الصادرات إلى 4 مليارات دينار.
كما يسعى الميثاق إلى خلق 8 آلاف وظيفة جديدة متخصصة في الصناعات المتقدمة، وهو ما يمثل رهانا مهمًا لتشغيل الكفاءات التونسية الشابة، خصوصًا خريجي الهندسة والتكنولوجيا.
وتعمل وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، على تفعيل الدراسة الوطنية للنهوض بالصناعة والابتكار، التي تهدف إلى تطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتحسين جودة الإنتاج الصناعي، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصناعات الميكانيكية والكهربائية والجوية.
الصناعات التحويلية… قاطرة التنمية الصناعية
وتعتبر الصناعات التحويلية اليوم قاطرة الاقتصاد الوطني ومحركا رئيسيا للتنمية المستدامة في تونس. فهي تشمل مجموعة واسعة من المجالات، من الصناعات الميكانيكية والكهربائية إلى الصناعات الغذائية والكيميائية والنسيجية، وتتميز بقدرتها على تحويل المواد الأولية إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية.
وتسعى الدولة من خلال دعم هذا القطاع إلى تنويع القاعدة الإنتاجية الوطنية، وتقليص التبعية للمواد الخام والمنتجات المستوردة، إضافة إلى تعزيز موقع تونس في سلاسل الإنتاج العالمية. ويُنتظر أن تسهم التحفيزات الجبائية والاستثمارية التي تعمل الوزارة على تفعيلها في جذب المزيد من المستثمرين المحليين والدوليين نحو القطاعات التحويلية.
الابتكار والتكوين... ركيزتان أساسيّتان للنجاح
وتولي وزارة الصناعة أهمية خاصة لعنصري الابتكار والتكوين المهني باعتبارهما عنصرين حاسمين في تطوير الصناعات التحويلية. فالتحول الصناعي الذي تسعى تونس إلى تحقيقه يتطلب نقل التكنولوجيا الحديثة وتطوير مهارات اليد العاملة، بما يتماشى مع متطلبات الصناعة العالمية الرابعة (Industry 4.0)، التي تعتمد على الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وتعمل الدولة بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحث على تطوير برامج تكوين متخصصة في مجالات الطيران والميكانيك الدقيقة والإلكترونيات الصناعية، بما يضمن توفر الكفاءات القادرة على قيادة هذا التحول الصناعي الطموح.
نحو تموقع تونس كمنصة إقليمية في الصناعات المتقدمة
ومن خلال ميثاق التنافسية الجديد، تضع تونس نفسها على طريق التحول إلى مركز إقليمي للصناعات المتقدمة في إفريقيا والمتوسط، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، واتفاقياتها التجارية الواسعة، وكفاءة مواردها البشرية.
ومع التوجه نحو زيادة حصة الصناعات التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي إلى 7 % ورفع الصادرات إلى 4 مليارات دينار، يبدو أن تونس عازمة على إعادة رسم ملامح اقتصادها الصناعي خلال السنوات القادمة، بما يضمن تحقيق النمو المستدام، وخلق فرص عمل نوعية، وتعزيز مكانتها في سلاسل القيمة العالمية.
وبناءً على هذا التوجه، يمكن القول إنّ رهان تونس على الصناعات التحويلية، اليوم، ليس مجرد خيار اقتصادي، بل هو خطة إستراتيجية لبناء اقتصاد متنوع وقادر على المنافسة، يعكس إرادة وطنية في تحويل التحديات إلى فرص، والمضي نحو مستقبل صناعي واعد يقوم على الابتكار والكفاءة والشراكة.
سفيان المهداوي