إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

شدد عليها رئيس الجمهورية.. مقاومة الفساد معركة المرحلة

يتصدر اليوم ملف مكافحة الفساد سلّم أولويات الدولة، بعد أن أصبح هذا الملف حجر الأساس في خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي ما انفك يؤكد في مختلف لقاءاته وتصريحاته عزمه على اقتلاع الفساد ومحاربته بكل حزم، مؤكّدا أن لا تهاون مع أي شبكة أو لوبي يحاول العبث بمصالح المواطنين، بما يعكس إرادة جدية للقضاء على هذا «الأخطبوط» واجتثاثه من جذوره، حمايةً لمصالح البلاد والعباد.

مؤخرا، وفي أكثر من محطة أو لقاء رسمي ترأسه رئيس الدولة قيس سعيّد، كان موضوع مقاومة الفساد حاضرا بقوة، باعتباره أولا العائق الأكبر أمام الإقلاع المنشود في أكثر من مجال، وثانيا المفتاح الحقيقي لأي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي. ومن خلال هذه المواقف المتكررة لأعلى هرم في الدولة، يتأكّد أن تونس دخلت بالفعل مرحلة جديدة، عنوانها الأبرز: لا إصلاح ولا تقدم دون مكافحة جادة للفساد والقضاء على دابره في كل المجالات.

خطاب رئيس الجمهورية يعكس، أن هناك إرادة سياسية صلبة للقضاء على الفساد بكل أشكاله. فقد شدّد في أكثر من مناسبة على أن شبكات الفساد والتهرب الجبائي عطّلت مشاريع الدولة وأثقلت كاهل المواطن، وأنّ مواجهة هذه الشبكات شرط أساسي لاستعادة الدولة لفاعليتها. وهذه الرسالة المباشرة تعبّر عن توجه استراتيجي يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.

تفكيك المنظومة

فالمجالس الوزارية الأخيرة كشفت بوضوح أن رئيس الجمهورية يعتبر أن لا معنى لأي إصلاح مالي أو اجتماعي إذا لم يُرافقه تفكيك لهذه المنظومة التي تغلغلت في الإدارة، وعطلت سير عدد من المشاريع بالنسق المطلوب. فرئيس الدولة، حين يطالب بثورة إدارية وبثورة تشريعية جديدة تتلاءم مع مقتضيات المرحلة، فإنه يدرك جيدا أن الفساد ما يزال متغلغلا في عدد من المرافق العمومية، وأن هناك لوبيات تحاول الإضرار بمصالح الشعب، وإبقاء «دار لقمان» على ما هي عليه.

ومن هذا المنطلق، فإن إرادته الجدية في تطهير المرفق العمومي لا تعبّر فقط عن موقف سياسي، بل عن رؤية عملية تهدف إلى إعادة بناء الإدارة على أسس من الشفافية والنزاهة والنجاعة، تقطع مع كل أشكال الفساد ومظاهره.

وفي هذا السياق، يشير ملاحظون إلى أن تجربة السنوات الماضية أظهرت أن البارونات قادرة على تعطيل مشاريع كبرى، إمّا عبر إجراءات بيروقراطية متعمدة، أو عبر شبكات نفوذ واسعة النطاق، لتكون النتيجة كالتالي: مشاريع معلقة، فرص عمل ضائعة، وتنمية جهوية متأخرة.

ولهذا، بات تحرير المشاريع الكبرى من قبضة هذه الشبكات أولوية وطنية يكرّسها رئيس الدولة في أكثر من مناسبة، مشدّدًا على أن الاستثمار لا يمكن أن يزدهر في بيئة تتحكم فيها المصالح الضيقة، ولا تنمية يمكن أن تتحقق في ظلّ شبكات تقتات من تعطيل الدولة، داعيًا إلى الضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه التلاعب بمصالح الشعب.

قدرات ذاتية ورؤية وطنية

من جانب آخر، جدير بالذكر أن أبرز ما يميّز توجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد في معركة الدولة التي يقودها ضد الفساد هو إيمانه العميق بقدرات تونس الذاتية. فهو يؤكد دائمًا أن موارد البلاد موجودة، لكنها منهوبة أو مهدورة جراء تغلغل الفساد. لذلك فإن استعادة هذه الموارد عبر المحاسبة الصارمة هي الخطوة الأولى لبناء اقتصاد قوي ومستقل، بعيد عن الارتهان للإملاءات الخارجية.

وهو طرح يعكس فلسفة رئيس الجمهورية، الذي يؤمن بـ«الذات الوطنية» وقدرتها على نحت غدٍ أفضل. فالرهان على القدرات الذاتية لا يعني الانغلاق، بل يعني أن الإصلاح يبدأ من الداخل: من استعادة ثقة المواطن، ومن غلق كل قنوات النهب قبل البحث عن قروض أو دعم خارجي.

ولعل الملفت للانتباه في هذه المعركة هو حرص رئيس الدولة في كل مرة على الربط بين مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية. فالمال المنهوب هو مال الشعب، واسترجاعه يعني مباشرة تحسين الخدمات العمومية، وتوفير فرص العمل، وتحسين البنية التحتية في المناطق الداخلية.

ومن هنا، تصبح مكافحة الفساد ليست مجرد سياسة دولة، بل مشروعًا وطنيًا جامعًا لإعادة بناء الثقة بين الدولة ومؤسساتها والمواطن.

وفي هذا الاتجاه، يشدّد رئيس الدولة مرارًا وتكرارا على أن معركة مكافحة الفساد ليست مجرد حملة تطهير إداري، بل هي معركة من أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل إعادة توزيع الثروة على نحو عادل، عبر ضمان أن تصل الخدمات إلى مستحقيها دون وساطة أو محسوبية.

إرادة سياسية واضحة

وفي هذا الإطار، يُستشف من إصرار رئيس الدولة على المضي قدما في الحرب على الفساد دون هوادة أن تونس دخلت مرحلة جديدة عنوانها الأبرز: القطيعة مع الفساد.

فالإرادة السياسية واضحة وملموسة؛ إنها معركة من أجل الدولة، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل مستقبل الأجيال القادمة. وبقدر ما هي معركة شاقة تتطلب تضافر جميع الجهود، فإنها أيضا معركة أمل وبناء، تُعيد إلى التونسيين الثقة في أن وطنهم قادر على النهوض بقدراته الذاتية إذا ما كُسرت قيود الفساد وكُبّلت جميع منافذه.

فجميع اللقاءات الرسمية والمجالس الوزارية التي أشرف عليها رئيس الجمهورية – سواء تعلّق الأمر بمشاريع قوانين المالية أو بإصلاحات قطاعية – أعاد خلالها التأكيد على أن المعركة ضد الفساد هي معركة الدولة بأكملها.

وتعكس سلسلة هذه اللقاءات رسائل واضحة إلى الداخل والخارج، بأن تونس ماضية بجدية في هذا الخيار، وأن هناك قيادة واعية بأن التقدم لا يتحقق إلا بقطع دابر الفساد، وأن استعادة الدولة لسلطتها وهيبتها تبدأ من هنا: من تفكيك الشبكات وكل اللوبيات حتى لا تتحول إلى «دولة موازية» تتحكم في الموارد وفي مصالح البلاد والعباد.

وما تأكيد رئيس الدولة في أكثر من مناسبة على أن المسؤول لا يجب أن يغتر بالمنصب، وإنما يجب أن يكون في مستوى المرحلة، وخاصة منسجمًا مع خياراتها وتوجهاتها التي تقوم على خدمة الشعب ومراعاة مصالحه، خير دليل على أن الحرب على الفساد تتطلب ترسانة متكاملة من الأدوات والآليات، بدءا من قوانين وتشريعات جديدة، وصولا إلى اختيار أشخاص أكفاء في المناصب، يتمتعون بالنزاهة والكفاءة والروح الوطنية، وقادرين خاصة على ترجمة الإرادة السياسية إلى إجراءات ملموسة تعزّز الشفافية وتقطع الطريق أمام شبكات الفساد.

معركة طويلة.. لكنها ضرورية

في هذا الخضم، قد يشير كثيرون إلى أن مكافحة الفساد معركة طويلة الأمد ومعقدة، وهذا صحيح. لكن المؤكد أنه، في ظل وجود إرادة سياسية واضحة وملموسة تعززها سياسات التطهير والإصلاح في مختلف المجالات، يمكن للمجهود الوطني أن يثمر.

فهذه الإرادة، المترجمة إلى خطوات عملية ومتابعات ميدانية حثيثة، تجعل من الممكن تحويل هذا التحدي الكبير إلى نجاح وطني ملموس، خاصة أن كل مقومات النجاح موجودة: إرادة، وعزم، وثبات.

منال الحرزي

شدد عليها رئيس الجمهورية..   مقاومة الفساد معركة المرحلة

يتصدر اليوم ملف مكافحة الفساد سلّم أولويات الدولة، بعد أن أصبح هذا الملف حجر الأساس في خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي ما انفك يؤكد في مختلف لقاءاته وتصريحاته عزمه على اقتلاع الفساد ومحاربته بكل حزم، مؤكّدا أن لا تهاون مع أي شبكة أو لوبي يحاول العبث بمصالح المواطنين، بما يعكس إرادة جدية للقضاء على هذا «الأخطبوط» واجتثاثه من جذوره، حمايةً لمصالح البلاد والعباد.

مؤخرا، وفي أكثر من محطة أو لقاء رسمي ترأسه رئيس الدولة قيس سعيّد، كان موضوع مقاومة الفساد حاضرا بقوة، باعتباره أولا العائق الأكبر أمام الإقلاع المنشود في أكثر من مجال، وثانيا المفتاح الحقيقي لأي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي. ومن خلال هذه المواقف المتكررة لأعلى هرم في الدولة، يتأكّد أن تونس دخلت بالفعل مرحلة جديدة، عنوانها الأبرز: لا إصلاح ولا تقدم دون مكافحة جادة للفساد والقضاء على دابره في كل المجالات.

خطاب رئيس الجمهورية يعكس، أن هناك إرادة سياسية صلبة للقضاء على الفساد بكل أشكاله. فقد شدّد في أكثر من مناسبة على أن شبكات الفساد والتهرب الجبائي عطّلت مشاريع الدولة وأثقلت كاهل المواطن، وأنّ مواجهة هذه الشبكات شرط أساسي لاستعادة الدولة لفاعليتها. وهذه الرسالة المباشرة تعبّر عن توجه استراتيجي يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.

تفكيك المنظومة

فالمجالس الوزارية الأخيرة كشفت بوضوح أن رئيس الجمهورية يعتبر أن لا معنى لأي إصلاح مالي أو اجتماعي إذا لم يُرافقه تفكيك لهذه المنظومة التي تغلغلت في الإدارة، وعطلت سير عدد من المشاريع بالنسق المطلوب. فرئيس الدولة، حين يطالب بثورة إدارية وبثورة تشريعية جديدة تتلاءم مع مقتضيات المرحلة، فإنه يدرك جيدا أن الفساد ما يزال متغلغلا في عدد من المرافق العمومية، وأن هناك لوبيات تحاول الإضرار بمصالح الشعب، وإبقاء «دار لقمان» على ما هي عليه.

ومن هذا المنطلق، فإن إرادته الجدية في تطهير المرفق العمومي لا تعبّر فقط عن موقف سياسي، بل عن رؤية عملية تهدف إلى إعادة بناء الإدارة على أسس من الشفافية والنزاهة والنجاعة، تقطع مع كل أشكال الفساد ومظاهره.

وفي هذا السياق، يشير ملاحظون إلى أن تجربة السنوات الماضية أظهرت أن البارونات قادرة على تعطيل مشاريع كبرى، إمّا عبر إجراءات بيروقراطية متعمدة، أو عبر شبكات نفوذ واسعة النطاق، لتكون النتيجة كالتالي: مشاريع معلقة، فرص عمل ضائعة، وتنمية جهوية متأخرة.

ولهذا، بات تحرير المشاريع الكبرى من قبضة هذه الشبكات أولوية وطنية يكرّسها رئيس الدولة في أكثر من مناسبة، مشدّدًا على أن الاستثمار لا يمكن أن يزدهر في بيئة تتحكم فيها المصالح الضيقة، ولا تنمية يمكن أن تتحقق في ظلّ شبكات تقتات من تعطيل الدولة، داعيًا إلى الضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه التلاعب بمصالح الشعب.

قدرات ذاتية ورؤية وطنية

من جانب آخر، جدير بالذكر أن أبرز ما يميّز توجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد في معركة الدولة التي يقودها ضد الفساد هو إيمانه العميق بقدرات تونس الذاتية. فهو يؤكد دائمًا أن موارد البلاد موجودة، لكنها منهوبة أو مهدورة جراء تغلغل الفساد. لذلك فإن استعادة هذه الموارد عبر المحاسبة الصارمة هي الخطوة الأولى لبناء اقتصاد قوي ومستقل، بعيد عن الارتهان للإملاءات الخارجية.

وهو طرح يعكس فلسفة رئيس الجمهورية، الذي يؤمن بـ«الذات الوطنية» وقدرتها على نحت غدٍ أفضل. فالرهان على القدرات الذاتية لا يعني الانغلاق، بل يعني أن الإصلاح يبدأ من الداخل: من استعادة ثقة المواطن، ومن غلق كل قنوات النهب قبل البحث عن قروض أو دعم خارجي.

ولعل الملفت للانتباه في هذه المعركة هو حرص رئيس الدولة في كل مرة على الربط بين مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية. فالمال المنهوب هو مال الشعب، واسترجاعه يعني مباشرة تحسين الخدمات العمومية، وتوفير فرص العمل، وتحسين البنية التحتية في المناطق الداخلية.

ومن هنا، تصبح مكافحة الفساد ليست مجرد سياسة دولة، بل مشروعًا وطنيًا جامعًا لإعادة بناء الثقة بين الدولة ومؤسساتها والمواطن.

وفي هذا الاتجاه، يشدّد رئيس الدولة مرارًا وتكرارا على أن معركة مكافحة الفساد ليست مجرد حملة تطهير إداري، بل هي معركة من أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل إعادة توزيع الثروة على نحو عادل، عبر ضمان أن تصل الخدمات إلى مستحقيها دون وساطة أو محسوبية.

إرادة سياسية واضحة

وفي هذا الإطار، يُستشف من إصرار رئيس الدولة على المضي قدما في الحرب على الفساد دون هوادة أن تونس دخلت مرحلة جديدة عنوانها الأبرز: القطيعة مع الفساد.

فالإرادة السياسية واضحة وملموسة؛ إنها معركة من أجل الدولة، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل مستقبل الأجيال القادمة. وبقدر ما هي معركة شاقة تتطلب تضافر جميع الجهود، فإنها أيضا معركة أمل وبناء، تُعيد إلى التونسيين الثقة في أن وطنهم قادر على النهوض بقدراته الذاتية إذا ما كُسرت قيود الفساد وكُبّلت جميع منافذه.

فجميع اللقاءات الرسمية والمجالس الوزارية التي أشرف عليها رئيس الجمهورية – سواء تعلّق الأمر بمشاريع قوانين المالية أو بإصلاحات قطاعية – أعاد خلالها التأكيد على أن المعركة ضد الفساد هي معركة الدولة بأكملها.

وتعكس سلسلة هذه اللقاءات رسائل واضحة إلى الداخل والخارج، بأن تونس ماضية بجدية في هذا الخيار، وأن هناك قيادة واعية بأن التقدم لا يتحقق إلا بقطع دابر الفساد، وأن استعادة الدولة لسلطتها وهيبتها تبدأ من هنا: من تفكيك الشبكات وكل اللوبيات حتى لا تتحول إلى «دولة موازية» تتحكم في الموارد وفي مصالح البلاد والعباد.

وما تأكيد رئيس الدولة في أكثر من مناسبة على أن المسؤول لا يجب أن يغتر بالمنصب، وإنما يجب أن يكون في مستوى المرحلة، وخاصة منسجمًا مع خياراتها وتوجهاتها التي تقوم على خدمة الشعب ومراعاة مصالحه، خير دليل على أن الحرب على الفساد تتطلب ترسانة متكاملة من الأدوات والآليات، بدءا من قوانين وتشريعات جديدة، وصولا إلى اختيار أشخاص أكفاء في المناصب، يتمتعون بالنزاهة والكفاءة والروح الوطنية، وقادرين خاصة على ترجمة الإرادة السياسية إلى إجراءات ملموسة تعزّز الشفافية وتقطع الطريق أمام شبكات الفساد.

معركة طويلة.. لكنها ضرورية

في هذا الخضم، قد يشير كثيرون إلى أن مكافحة الفساد معركة طويلة الأمد ومعقدة، وهذا صحيح. لكن المؤكد أنه، في ظل وجود إرادة سياسية واضحة وملموسة تعززها سياسات التطهير والإصلاح في مختلف المجالات، يمكن للمجهود الوطني أن يثمر.

فهذه الإرادة، المترجمة إلى خطوات عملية ومتابعات ميدانية حثيثة، تجعل من الممكن تحويل هذا التحدي الكبير إلى نجاح وطني ملموس، خاصة أن كل مقومات النجاح موجودة: إرادة، وعزم، وثبات.

منال الحرزي