إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

3 مليارات دولار سنويا.. خطة حكومية لتحويله إلى رافعة اقتصادية.. الفسفاط من أزمة في الإنتاج إلى طموح 14 مليون طن

أفاد المعهد الوطني للإحصاء في نشرته لشهر سبتمبر 2025 بأن صادرات الفسفاط ومشتقاته ارتفعت بنسبة 11,9 بالمائة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من 2024. هذه النسبة عكست تحسنا ملحوظا في نسق الإنتاج التجاري الذي بدأ ينتعش بعد سنوات من الركود. فقد سجلت شركة فسفاط قفصة ارتفاعا في الإنتاج بنحو 18 بالمائة خلال الربع الأول وحده، وهو ما ساعد على احترام العقود مع الشركاء الدوليين وزيادة تدفقات العملة الصعبة نحو الخزينة العامة.

هذا التحسن يكتسي أهمية خاصة إذا ما قورن بالفترة 2011–2019 التي شهدت خلالها تونس انهيارا في مستوى إنتاجها وصادراتها نتيجة الإضرابات الاجتماعية والتراجع الاستثماري. وبينما كان الإنتاج في حدود ثمانية ملايين طن قبل 2011، لم يتجاوز في بعض السنوات ثلاثة ملايين طن. عودة المؤشرات إلى منحى تصاعدي اليوم تعتبر بداية مسار جديد لقطاع ظل يمثل تاريخيا أحد أعمدة الاقتصاد التونسي.

احتياطي معتبر وترتيب عالمي

ويضع المسح الجيولوجي الأمريكي (USGS) تونس ضمن البلدان العشرة الأولى عالميا من حيث احتياطيات الفسفاط. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن المخزون التونسي يبلغ نحو 3,1 مليارات طن، ما يمنح البلاد موقعا استراتيجيا رغم تفوق المغرب باحتياطي ضخم يتجاوز 50 مليار طن. ورغم أن تونس لا تنافس من حيث الحجم، فإنها تحتفظ بميزة نسبية تتمثل في نوعية الخام وقربها من الأسواق الأوروبية والمتوسطية، فضلا عن جودة مادة الفسفاط والتي تستجيب للمعايير الدولية.

ويؤكد التقرير الأمريكي أن منطقة شمال إفريقيا مجتمعة تظل بمثابة «الخزان العالمي» للفسفاط، وأن لتونس نصيبا مهما في هذه الثروة. هذا الاعتراف يعزز من ثقة المستثمرين الأجانب ويمنح للبلاد موقعا تفاوضيا أفضل في استقطاب شراكات طويلة الأمد في مجال استخراج ومعالجة الفسفاط.

من الركود إلى طموح 14 مليون طن

وأعلنت الحكومة التونسية، مؤخرا، عن خطة واضحة للفترة 2025–2030 تهدف إلى رفع الإنتاج تدريجيا حتى بلوغ 14 مليون طن سنويا بحلول نهاية العقد. هذا الهدف الطموح يعادل أكثر من أربعة أضعاف ما حققته البلاد في 2024، لكنه يعكس إرادة سياسية واضحة لاستعادة مكانة تونس كفاعل رئيسي في سوق الفسفاط العالمية. وتقوم هذه الإستراتيجية على جملة من المحاور المترابطة تشمل إعادة تأهيل المناجم الحالية وتوسيع استغلال الأحواض المنجمية، تحديث منظومة النقل عبر إعادة تهيئة خطوط السكك الحديدية وتجهيز الموانئ البحرية لتقليص كلفة الشحن، إضافة إلى التوسع في الصناعات الكيميائية المرتبطة بالفسفاط مثل إنتاج الحامض الفسفوري والأسمدة المركبة. كما تراهن الدولة على تعزيز الشراكات مع مستثمرين أجانب لنقل التكنولوجيا وتوسيع منافذ التصدير.

استثمارات خارجية تعيد تشكيل المشهد

الاهتمام الدولي بالفسفاط التونسي بدأ يترجم عمليا، مؤخرا، من خلال مشاريع استثمارية جديدة. فقد أبدت شركات صينية وهندية رغبتها في تمويل وحدات استخراج ومعالجة، إلى جانب إعادة تأهيل مواقع قديمة في قفصة والمتلوي. كما منحت الحكومة تراخيص استكشاف في بعض المناطق الشمالية التي لم يتم استغلالها بعد على نطاق واسع.

هذه الاستثمارات من شأنها أن تفتح لتونس أفقا جديدا، ليس فقط على مستوى الإنتاج الخام، بل أيضا في مجال التحويل الصناعي. غير أن نجاحها يتطلب إطارا قانونيا شفافا يضمن للدولة نصيبا عادلا من العائدات ويضمن للمجتمعات المحلية حصة ملموسة من التنمية. فالتجارب السابقة أظهرت أن غياب الشفافية في إدارة الثروات الطبيعية يؤدي إلى احتجاجات اجتماعية تعرقل النشاط وتُفقد البلاد ثقة المستثمرين.

تضاعف الإنتاج ...

التقارير المحلية تشير بوضوح إلى أن الإنتاج تضاعف مقارنة بسنوات الركود. ففي سنة 2024 بلغ الإنتاج حوالي ثلاثة ملايين طن، بعد أن كان في حدود 2,9 مليون طن في 2023، ليواصل نسقه التصاعدي في 2025. هذا التعافي لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة إصلاحات في البنية التحتية للنقل، وتحسن العلاقة بين شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي، إضافة إلى استقرار نسبي في الأوضاع الاجتماعية داخل الحوض المنجمي.

تضاعف الإنتاج يعكس قدرة القطاع على النهوض مجددا متى توفرت الظروف الملائمة. وهو ما يعطي للحكومة دليلا عمليا على أن خطتها لبلوغ 14 مليون طن ليست مجرد حلم بعيد، بل هدف قابل للتحقيق إذا استمرت وتيرة النمو الحالية واستُقطبت الاستثمارات المطلوبة.

ويشهد العالم اليوم طلبا متزايدا على الأسمدة بسبب الضغوط السكانية والحاجة المتزايدة لتكثيف الإنتاج الغذائي. الحرب في أوكرانيا، وما صاحبها من اضطراب في سلاسل التوريد، جعلت الدول المستوردة أكثر حرصا على تنويع مصادرها.

في هذا السياق، تمثل تونس موردا متوسط الحجم لكنه استراتيجي لقربه من أوروبا وقدرته على التصدير بسرعة وبكلفة أقل مقارنة ببعض المنافسين البعيدين جغرافيا.

الأسواق المستهدفة بالنسبة إلى تونس لا تقتصر على أوروبا فقط، بل تمتد إلى إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان الشرق الأوسط وحتى آسيا. ومع تحسن نسق الإنتاج، يمكن للبلاد أن توسع دائرة زبائنها وتستعيد مكانتها في الأسواق التي فقدتها خلال سنوات الركود.

التكنولوجيا والابتكار في خدمة الفسفاط

إلى جانب الطفرة في الإنتاج والتصدير، برزت خلال الأشهر الأخيرة مؤشرات إيجابية على مستوى إدماج التكنولوجيا الحديثة في استغلال الفسفاط. فقد شرعت شركة فسفاط قفصة بالتعاون مع شركاء أجانب في إدخال تقنيات رقمية لمراقبة الإنتاج وجودة الخام في مختلف المواقع المنجمية، وهو ما سمح بتقليص الكلفة التشغيلية وتحسين مردودية الحقول. كما يجري العمل على مشاريع لوجستية تعتمد أنظمة ذكية في النقل والتخزين، بما يحد من الخسائر ويرفع من قدرة البلاد على احترام آجال التسليم للأسواق العالمية.

هذه الطفرة التكنولوجية تعكس انتقال القطاع تدريجيا من أساليب تقليدية مرهقة إلى مقاربة عصرية أكثر كفاءة واستدامة. وإذا ما تواصل هذا المسار، فإن تونس لن تكتفي بزيادة حجم صادراتها فقط، بل ستعزز أيضا تنافسيتها من حيث النوعية والكلفة في سوق عالمية شديدة التنافسية.

مردودية مرتقبة للاقتصاد الوطني

تحقيق الأهداف المرسومة من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في المالية العمومية. إذ تشير تقديرات خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، إلى أن بلوغ إنتاج 14 مليون طن سنويا قد يدر على تونس عائدات تتجاوز ثلاثة مليارات دولار سنويا إذا تم تصدير جزء كبير منه في شكل منتجات محولة. هذه العائدات يمكن أن تساهم في تقليص عجز الميزان التجاري، وتعزيز الاحتياطي من العملة الصعبة، وتوفير موارد إضافية لتمويل الاستثمار العمومي.

إضافة إلى ذلك، فإن خلق قيمة مضافة من خلال الصناعات الكيميائية سيُضاعف من مردودية القطاع، ويوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ما يساهم في تخفيف الضغط الاجتماعي في المناطق الداخلية.

آفاق القطاع

القطاع اليوم يقف عند مفترق طرق. فإما أن يتحول إلى قصة نجاح حقيقية تدعم النمو وتفتح أبواب التنمية العادلة، أو أن يعيد إنتاج نفس الأزمات التي عرقلت مساره في العقد الماضي. نجاح تونس في هذا المسار يقتضي الموازنة بين الطموحات الاقتصادية والاعتبارات البيئية والاجتماعية، وإرساء شراكات متوازنة مع المستثمرين الأجانب، وضمان مشاركة فعلية للمجتمعات المحلية في عائدات هذه الثروة.

وفي عالم يزداد فيه الطلب على الأسمدة، قد يمثل الفسفاط التونسي ورقة قوة نادرة إذا ما أُحسن استغلالها. وفي حال تحقيق هذه الأهداف، فإن تونس ستجد نفسها من جديد في موقع استراتيجي ضمن سوق عالمية متعطشة، وهو ما يجعل من هذا القطاع رافعة محتملة لإنعاش الاقتصاد الوطني في السنوات القادمة.

سفيان المهداوي

3 مليارات دولار سنويا.. خطة حكومية لتحويله إلى رافعة اقتصادية..   الفسفاط من أزمة في الإنتاج إلى طموح 14 مليون طن

أفاد المعهد الوطني للإحصاء في نشرته لشهر سبتمبر 2025 بأن صادرات الفسفاط ومشتقاته ارتفعت بنسبة 11,9 بالمائة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من 2024. هذه النسبة عكست تحسنا ملحوظا في نسق الإنتاج التجاري الذي بدأ ينتعش بعد سنوات من الركود. فقد سجلت شركة فسفاط قفصة ارتفاعا في الإنتاج بنحو 18 بالمائة خلال الربع الأول وحده، وهو ما ساعد على احترام العقود مع الشركاء الدوليين وزيادة تدفقات العملة الصعبة نحو الخزينة العامة.

هذا التحسن يكتسي أهمية خاصة إذا ما قورن بالفترة 2011–2019 التي شهدت خلالها تونس انهيارا في مستوى إنتاجها وصادراتها نتيجة الإضرابات الاجتماعية والتراجع الاستثماري. وبينما كان الإنتاج في حدود ثمانية ملايين طن قبل 2011، لم يتجاوز في بعض السنوات ثلاثة ملايين طن. عودة المؤشرات إلى منحى تصاعدي اليوم تعتبر بداية مسار جديد لقطاع ظل يمثل تاريخيا أحد أعمدة الاقتصاد التونسي.

احتياطي معتبر وترتيب عالمي

ويضع المسح الجيولوجي الأمريكي (USGS) تونس ضمن البلدان العشرة الأولى عالميا من حيث احتياطيات الفسفاط. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن المخزون التونسي يبلغ نحو 3,1 مليارات طن، ما يمنح البلاد موقعا استراتيجيا رغم تفوق المغرب باحتياطي ضخم يتجاوز 50 مليار طن. ورغم أن تونس لا تنافس من حيث الحجم، فإنها تحتفظ بميزة نسبية تتمثل في نوعية الخام وقربها من الأسواق الأوروبية والمتوسطية، فضلا عن جودة مادة الفسفاط والتي تستجيب للمعايير الدولية.

ويؤكد التقرير الأمريكي أن منطقة شمال إفريقيا مجتمعة تظل بمثابة «الخزان العالمي» للفسفاط، وأن لتونس نصيبا مهما في هذه الثروة. هذا الاعتراف يعزز من ثقة المستثمرين الأجانب ويمنح للبلاد موقعا تفاوضيا أفضل في استقطاب شراكات طويلة الأمد في مجال استخراج ومعالجة الفسفاط.

من الركود إلى طموح 14 مليون طن

وأعلنت الحكومة التونسية، مؤخرا، عن خطة واضحة للفترة 2025–2030 تهدف إلى رفع الإنتاج تدريجيا حتى بلوغ 14 مليون طن سنويا بحلول نهاية العقد. هذا الهدف الطموح يعادل أكثر من أربعة أضعاف ما حققته البلاد في 2024، لكنه يعكس إرادة سياسية واضحة لاستعادة مكانة تونس كفاعل رئيسي في سوق الفسفاط العالمية. وتقوم هذه الإستراتيجية على جملة من المحاور المترابطة تشمل إعادة تأهيل المناجم الحالية وتوسيع استغلال الأحواض المنجمية، تحديث منظومة النقل عبر إعادة تهيئة خطوط السكك الحديدية وتجهيز الموانئ البحرية لتقليص كلفة الشحن، إضافة إلى التوسع في الصناعات الكيميائية المرتبطة بالفسفاط مثل إنتاج الحامض الفسفوري والأسمدة المركبة. كما تراهن الدولة على تعزيز الشراكات مع مستثمرين أجانب لنقل التكنولوجيا وتوسيع منافذ التصدير.

استثمارات خارجية تعيد تشكيل المشهد

الاهتمام الدولي بالفسفاط التونسي بدأ يترجم عمليا، مؤخرا، من خلال مشاريع استثمارية جديدة. فقد أبدت شركات صينية وهندية رغبتها في تمويل وحدات استخراج ومعالجة، إلى جانب إعادة تأهيل مواقع قديمة في قفصة والمتلوي. كما منحت الحكومة تراخيص استكشاف في بعض المناطق الشمالية التي لم يتم استغلالها بعد على نطاق واسع.

هذه الاستثمارات من شأنها أن تفتح لتونس أفقا جديدا، ليس فقط على مستوى الإنتاج الخام، بل أيضا في مجال التحويل الصناعي. غير أن نجاحها يتطلب إطارا قانونيا شفافا يضمن للدولة نصيبا عادلا من العائدات ويضمن للمجتمعات المحلية حصة ملموسة من التنمية. فالتجارب السابقة أظهرت أن غياب الشفافية في إدارة الثروات الطبيعية يؤدي إلى احتجاجات اجتماعية تعرقل النشاط وتُفقد البلاد ثقة المستثمرين.

تضاعف الإنتاج ...

التقارير المحلية تشير بوضوح إلى أن الإنتاج تضاعف مقارنة بسنوات الركود. ففي سنة 2024 بلغ الإنتاج حوالي ثلاثة ملايين طن، بعد أن كان في حدود 2,9 مليون طن في 2023، ليواصل نسقه التصاعدي في 2025. هذا التعافي لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة إصلاحات في البنية التحتية للنقل، وتحسن العلاقة بين شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي، إضافة إلى استقرار نسبي في الأوضاع الاجتماعية داخل الحوض المنجمي.

تضاعف الإنتاج يعكس قدرة القطاع على النهوض مجددا متى توفرت الظروف الملائمة. وهو ما يعطي للحكومة دليلا عمليا على أن خطتها لبلوغ 14 مليون طن ليست مجرد حلم بعيد، بل هدف قابل للتحقيق إذا استمرت وتيرة النمو الحالية واستُقطبت الاستثمارات المطلوبة.

ويشهد العالم اليوم طلبا متزايدا على الأسمدة بسبب الضغوط السكانية والحاجة المتزايدة لتكثيف الإنتاج الغذائي. الحرب في أوكرانيا، وما صاحبها من اضطراب في سلاسل التوريد، جعلت الدول المستوردة أكثر حرصا على تنويع مصادرها.

في هذا السياق، تمثل تونس موردا متوسط الحجم لكنه استراتيجي لقربه من أوروبا وقدرته على التصدير بسرعة وبكلفة أقل مقارنة ببعض المنافسين البعيدين جغرافيا.

الأسواق المستهدفة بالنسبة إلى تونس لا تقتصر على أوروبا فقط، بل تمتد إلى إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان الشرق الأوسط وحتى آسيا. ومع تحسن نسق الإنتاج، يمكن للبلاد أن توسع دائرة زبائنها وتستعيد مكانتها في الأسواق التي فقدتها خلال سنوات الركود.

التكنولوجيا والابتكار في خدمة الفسفاط

إلى جانب الطفرة في الإنتاج والتصدير، برزت خلال الأشهر الأخيرة مؤشرات إيجابية على مستوى إدماج التكنولوجيا الحديثة في استغلال الفسفاط. فقد شرعت شركة فسفاط قفصة بالتعاون مع شركاء أجانب في إدخال تقنيات رقمية لمراقبة الإنتاج وجودة الخام في مختلف المواقع المنجمية، وهو ما سمح بتقليص الكلفة التشغيلية وتحسين مردودية الحقول. كما يجري العمل على مشاريع لوجستية تعتمد أنظمة ذكية في النقل والتخزين، بما يحد من الخسائر ويرفع من قدرة البلاد على احترام آجال التسليم للأسواق العالمية.

هذه الطفرة التكنولوجية تعكس انتقال القطاع تدريجيا من أساليب تقليدية مرهقة إلى مقاربة عصرية أكثر كفاءة واستدامة. وإذا ما تواصل هذا المسار، فإن تونس لن تكتفي بزيادة حجم صادراتها فقط، بل ستعزز أيضا تنافسيتها من حيث النوعية والكلفة في سوق عالمية شديدة التنافسية.

مردودية مرتقبة للاقتصاد الوطني

تحقيق الأهداف المرسومة من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في المالية العمومية. إذ تشير تقديرات خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، إلى أن بلوغ إنتاج 14 مليون طن سنويا قد يدر على تونس عائدات تتجاوز ثلاثة مليارات دولار سنويا إذا تم تصدير جزء كبير منه في شكل منتجات محولة. هذه العائدات يمكن أن تساهم في تقليص عجز الميزان التجاري، وتعزيز الاحتياطي من العملة الصعبة، وتوفير موارد إضافية لتمويل الاستثمار العمومي.

إضافة إلى ذلك، فإن خلق قيمة مضافة من خلال الصناعات الكيميائية سيُضاعف من مردودية القطاع، ويوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ما يساهم في تخفيف الضغط الاجتماعي في المناطق الداخلية.

آفاق القطاع

القطاع اليوم يقف عند مفترق طرق. فإما أن يتحول إلى قصة نجاح حقيقية تدعم النمو وتفتح أبواب التنمية العادلة، أو أن يعيد إنتاج نفس الأزمات التي عرقلت مساره في العقد الماضي. نجاح تونس في هذا المسار يقتضي الموازنة بين الطموحات الاقتصادية والاعتبارات البيئية والاجتماعية، وإرساء شراكات متوازنة مع المستثمرين الأجانب، وضمان مشاركة فعلية للمجتمعات المحلية في عائدات هذه الثروة.

وفي عالم يزداد فيه الطلب على الأسمدة، قد يمثل الفسفاط التونسي ورقة قوة نادرة إذا ما أُحسن استغلالها. وفي حال تحقيق هذه الأهداف، فإن تونس ستجد نفسها من جديد في موقع استراتيجي ضمن سوق عالمية متعطشة، وهو ما يجعل من هذا القطاع رافعة محتملة لإنعاش الاقتصاد الوطني في السنوات القادمة.

سفيان المهداوي