تشهد تونس، على غرار العديد من دول العالم، آثارا متزايدة للتغيرات المناخية التي ألقت بظلالها على مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. فقد أصبح المناخ في السنوات الأخيرة أكثر تقلبا، إذ ازدادت حدّة موجات الحرّ والجفاف، مقابل تراجع كميات التساقطات السنوية بشكل ملحوظ، مما أثّر بشكل مباشر على الموارد المائية والزراعية التي تُعدّ ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني. وقد أدّى هذا الوضع المناخي غير المستقر إلى مخاوف من مزيد تراجع منسوب السدود، ونقص في المياه الصالحة للشرب والري، الأمر الذي عمّق التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها البلاد.
ومع بداية الموسم الحالي، جاءت بعض التساقطات الأخيرة في عدد من ولايات الجمهورية لتمنح أملًا متجددًا بعد فترة طويلة من الانتظار. إذ استبشر الفلاحون بهذه الأمطار التي من شأنها إنعاش وتحسين الأراضي الزراعية، وتخفيف الضغط على الموارد المائية.
ويعلّق الفلاحون آمالًا كبيرة على هذا «الغيث النافع» لتجاوز شبح العطش والجفاف الذي طبع السنوات الماضية، خاصةً مع ما عرفته البلاد من نقص حاد في المخزونات المائية.
وفي هذا السياق، قالت نسرين شحاتة، رئيسة المنتدى الوطني للتأقلم مع التغيرات المناخية، في تصريح لـ«الصباح»، إنه وفقًا للمعطيات المتوفرة منذ سنة 2000، فقد تم تسجيل تغيّرات واضحة في المواسم، مما أثّر سلبًا على الزراعات، معتبرةً أن التأخير في المواسم الزراعية بات أمرًا مقلقًا.
وأوضحت «الفترة الحالية تُعدّ بداية فصل الخريف، وهي من أكثر الفترات التي تشهد عادةً نزول كميات من الأمطار، نظرًا لتطابقها مع بداية الموسم الفلاحي، وهو ما يتماشى مع الزراعات الكبرى مثل القمح والشعير والبقوليات».
وأكدت أن نزول الأمطار خلال هذه الفترة يُعدّ مهمًا جدًا، مضيفةً: «من المتوقع تسجيل تساقطات في أغلب ولايات الجمهورية، وهناك بشائر جيّدة بشأن هذه الأمطار التي من شأنها أن تنعش الفلاحة وتُدخل التفاؤل لدى الفلاحين استعدادًا للموسم الزراعي القادم».
وحذّرت من أن الخطر يكمن في احتمال نزول كميات كبيرة من الأمطار دفعة واحدة، موضحة أن الوضع يتطلّب تساقطات «متسلسلة وغير غزيرة»، خاصةً وأن الأراضي في هذه الفترة تكون «متعطشة للماء»، مما يجعلها غير قادرة على امتصاص كميات كبيرة دفعة واحدة، وهو ما قد يؤدي إلى سيلان المياه وانجراف التربة، لا سيما التربة الغنية بالمواد العضوية.
وعن وضعية التساقطات في تونس، أكدت نسرين شحاتة أنه «رغم وجود تحسّن وبشائر إيجابية في المدة الأخيرة، فإن الوضع لا يزال متوسطًا وغير مريح، كما أن خطر الجفاف لا يزال قائمًا».
وأضافت أن الإشكال الرئيسي في تونس يتمثل في ارتفاع استهلاك المياه مقارنة بالاحتياجات الفعلية، ما يستدعي ضرورة ترشيد الاستهلاك، مشددة على أن «تحقيق التأقلم مع التغيرات المناخية اليوم لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة، ويجب العمل على حلول بعيدة المدى، وأولها تغطية الأراضي بالزراعات التي تُسهم في خزن المياه في جوف الأرض».
وأشارت إلى أن «الزراعات الكبرى، سواء البعلية أو السقوية، تُساعد على ترشيد استهلاك المياه، كما ينبغي إعادة تصنيف الخارطة الزراعية حسب الكميات المتوفرة من المياه، والاعتماد على الزراعات التي لا تستهلك كميات كبيرة من المياه، والعمل على تعميم هذه المعطيات ضمن برامج الإرشاد الفلاحي والتطبيقي».
وفي ختام تصريحها، شددت نسرين شحاتة على أن «التكيف مع التغيرات المناخية أصبح إجباريًا في تونس، وليس اختياريًا».
وفي سياق متصل، تشير توقعات خبراء في المناخ الى أن البلاد ستشهد بداية من يوم الأربعاء القادم نزول أمطار، ستتواصل إلى غاية يوم الجمعة، وقد تمتدّ إلى نهاية الأسبوع القادم، نتيجةً لوصول منخفض جوي نشيط على الحوض الغربي للمتوسط، كما ستسجل البلاد انخفاضًا طفيفًا في درجات الحرارة.
وتشير التوقعات إلى أن تركيز التساقطات سيكون أساسًا في الشمال والوسط، وبفاعلية أقلّ في ولايات الجنوب، كما أن الأمطار ستكون عامةً متفرقة، وفي شكل محاور متقطعة، وقد تكون ذات طابع رعدي.
ويعتبر تسجيل نزول الأمطار خلال هذه الفترة من السنة إيجابيًا بالنسبة للفلاحة»، داعيًا إلى الاستفادة من هذه الظروف المناخية.
وبالتوازي، وفي ظل ما تشهده تونس من تغيّرات مناخية وتقلبات في التساقطات المطرية، يُعدّ هذا الوضع مؤشرًا واضحًا على ضرورة تعزيز الوعي الجماعي، والعمل المشترك من أجل حماية الموارد الطبيعية، وضمان مستقبل الأجيال القادمة.
ويُذكر أن المرصد الوطني للفلاحة كان قد كشف، منذ أيام قليلة، عن الوضعية المائية خلال الموسم الفلاحي 2025-2026، حيث بلغت كميات الأمطار بكامل البلاد التونسية 3.7 ملم خلال الفترة الممتدة من 1 إلى 15 سبتمبر 2025، وقد سُجّلت أهم الكميات في جهة الوسط الغربي (12.3 ملم) والشمال الغربي (10.1 ملم).
أما المخزون الجملي للسدود فقد بلغ 679.6 مليون متر مكعب، مقابل 537.6 مليون متر مكعب خلال نفس الفترة من السنة الماضية، أي بزيادة تُقدّر بـ26 %. فيما بلغ المعدل لنفس اليوم خلال السنوات الثلاث الأخيرة 625.8 مليون متر مكعب.
ويتوزع المخزون العام للسدود كما يلي 91.9 % في الشمال 6.3 % في الوسط 1.8 % في الوطن القبلي.
وقد بلغت نسبة امتلاء السدود 28.7 %، وسجّل كل من سد سيدي سالم وسد سيدي البراق نسبة امتلاء بلغت 41.6 % و23.3 % على التوالي.
أما الإيرادات الجملية للسدود إلى غاية يوم 15 سبتمبر الجاري، فقد بلغت حوالي 7.7 مليون متر مكعب، مسجلة بذلك تراجعًا بنسبة 68 % مقارنة بالإيرادات المسجلة خلال نفس الفترة من السنة الماضية (241 مليون متر مكعب)، وتراجعًا يُقدّر بـ81.4 % مقارنة بمعدل نفس الفترة (41.4 مليون متر مكعب).
وتتوزع هذه الإيرادات كما يلي: 75.3 %في الشمال 23.4 %في الوسط 1.3 %في الوطن القبلي.
أميرة الدريدي
تشهد تونس، على غرار العديد من دول العالم، آثارا متزايدة للتغيرات المناخية التي ألقت بظلالها على مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. فقد أصبح المناخ في السنوات الأخيرة أكثر تقلبا، إذ ازدادت حدّة موجات الحرّ والجفاف، مقابل تراجع كميات التساقطات السنوية بشكل ملحوظ، مما أثّر بشكل مباشر على الموارد المائية والزراعية التي تُعدّ ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني. وقد أدّى هذا الوضع المناخي غير المستقر إلى مخاوف من مزيد تراجع منسوب السدود، ونقص في المياه الصالحة للشرب والري، الأمر الذي عمّق التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها البلاد.
ومع بداية الموسم الحالي، جاءت بعض التساقطات الأخيرة في عدد من ولايات الجمهورية لتمنح أملًا متجددًا بعد فترة طويلة من الانتظار. إذ استبشر الفلاحون بهذه الأمطار التي من شأنها إنعاش وتحسين الأراضي الزراعية، وتخفيف الضغط على الموارد المائية.
ويعلّق الفلاحون آمالًا كبيرة على هذا «الغيث النافع» لتجاوز شبح العطش والجفاف الذي طبع السنوات الماضية، خاصةً مع ما عرفته البلاد من نقص حاد في المخزونات المائية.
وفي هذا السياق، قالت نسرين شحاتة، رئيسة المنتدى الوطني للتأقلم مع التغيرات المناخية، في تصريح لـ«الصباح»، إنه وفقًا للمعطيات المتوفرة منذ سنة 2000، فقد تم تسجيل تغيّرات واضحة في المواسم، مما أثّر سلبًا على الزراعات، معتبرةً أن التأخير في المواسم الزراعية بات أمرًا مقلقًا.
وأوضحت «الفترة الحالية تُعدّ بداية فصل الخريف، وهي من أكثر الفترات التي تشهد عادةً نزول كميات من الأمطار، نظرًا لتطابقها مع بداية الموسم الفلاحي، وهو ما يتماشى مع الزراعات الكبرى مثل القمح والشعير والبقوليات».
وأكدت أن نزول الأمطار خلال هذه الفترة يُعدّ مهمًا جدًا، مضيفةً: «من المتوقع تسجيل تساقطات في أغلب ولايات الجمهورية، وهناك بشائر جيّدة بشأن هذه الأمطار التي من شأنها أن تنعش الفلاحة وتُدخل التفاؤل لدى الفلاحين استعدادًا للموسم الزراعي القادم».
وحذّرت من أن الخطر يكمن في احتمال نزول كميات كبيرة من الأمطار دفعة واحدة، موضحة أن الوضع يتطلّب تساقطات «متسلسلة وغير غزيرة»، خاصةً وأن الأراضي في هذه الفترة تكون «متعطشة للماء»، مما يجعلها غير قادرة على امتصاص كميات كبيرة دفعة واحدة، وهو ما قد يؤدي إلى سيلان المياه وانجراف التربة، لا سيما التربة الغنية بالمواد العضوية.
وعن وضعية التساقطات في تونس، أكدت نسرين شحاتة أنه «رغم وجود تحسّن وبشائر إيجابية في المدة الأخيرة، فإن الوضع لا يزال متوسطًا وغير مريح، كما أن خطر الجفاف لا يزال قائمًا».
وأضافت أن الإشكال الرئيسي في تونس يتمثل في ارتفاع استهلاك المياه مقارنة بالاحتياجات الفعلية، ما يستدعي ضرورة ترشيد الاستهلاك، مشددة على أن «تحقيق التأقلم مع التغيرات المناخية اليوم لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة، ويجب العمل على حلول بعيدة المدى، وأولها تغطية الأراضي بالزراعات التي تُسهم في خزن المياه في جوف الأرض».
وأشارت إلى أن «الزراعات الكبرى، سواء البعلية أو السقوية، تُساعد على ترشيد استهلاك المياه، كما ينبغي إعادة تصنيف الخارطة الزراعية حسب الكميات المتوفرة من المياه، والاعتماد على الزراعات التي لا تستهلك كميات كبيرة من المياه، والعمل على تعميم هذه المعطيات ضمن برامج الإرشاد الفلاحي والتطبيقي».
وفي ختام تصريحها، شددت نسرين شحاتة على أن «التكيف مع التغيرات المناخية أصبح إجباريًا في تونس، وليس اختياريًا».
وفي سياق متصل، تشير توقعات خبراء في المناخ الى أن البلاد ستشهد بداية من يوم الأربعاء القادم نزول أمطار، ستتواصل إلى غاية يوم الجمعة، وقد تمتدّ إلى نهاية الأسبوع القادم، نتيجةً لوصول منخفض جوي نشيط على الحوض الغربي للمتوسط، كما ستسجل البلاد انخفاضًا طفيفًا في درجات الحرارة.
وتشير التوقعات إلى أن تركيز التساقطات سيكون أساسًا في الشمال والوسط، وبفاعلية أقلّ في ولايات الجنوب، كما أن الأمطار ستكون عامةً متفرقة، وفي شكل محاور متقطعة، وقد تكون ذات طابع رعدي.
ويعتبر تسجيل نزول الأمطار خلال هذه الفترة من السنة إيجابيًا بالنسبة للفلاحة»، داعيًا إلى الاستفادة من هذه الظروف المناخية.
وبالتوازي، وفي ظل ما تشهده تونس من تغيّرات مناخية وتقلبات في التساقطات المطرية، يُعدّ هذا الوضع مؤشرًا واضحًا على ضرورة تعزيز الوعي الجماعي، والعمل المشترك من أجل حماية الموارد الطبيعية، وضمان مستقبل الأجيال القادمة.
ويُذكر أن المرصد الوطني للفلاحة كان قد كشف، منذ أيام قليلة، عن الوضعية المائية خلال الموسم الفلاحي 2025-2026، حيث بلغت كميات الأمطار بكامل البلاد التونسية 3.7 ملم خلال الفترة الممتدة من 1 إلى 15 سبتمبر 2025، وقد سُجّلت أهم الكميات في جهة الوسط الغربي (12.3 ملم) والشمال الغربي (10.1 ملم).
أما المخزون الجملي للسدود فقد بلغ 679.6 مليون متر مكعب، مقابل 537.6 مليون متر مكعب خلال نفس الفترة من السنة الماضية، أي بزيادة تُقدّر بـ26 %. فيما بلغ المعدل لنفس اليوم خلال السنوات الثلاث الأخيرة 625.8 مليون متر مكعب.
ويتوزع المخزون العام للسدود كما يلي 91.9 % في الشمال 6.3 % في الوسط 1.8 % في الوطن القبلي.
وقد بلغت نسبة امتلاء السدود 28.7 %، وسجّل كل من سد سيدي سالم وسد سيدي البراق نسبة امتلاء بلغت 41.6 % و23.3 % على التوالي.
أما الإيرادات الجملية للسدود إلى غاية يوم 15 سبتمبر الجاري، فقد بلغت حوالي 7.7 مليون متر مكعب، مسجلة بذلك تراجعًا بنسبة 68 % مقارنة بالإيرادات المسجلة خلال نفس الفترة من السنة الماضية (241 مليون متر مكعب)، وتراجعًا يُقدّر بـ81.4 % مقارنة بمعدل نفس الفترة (41.4 مليون متر مكعب).
وتتوزع هذه الإيرادات كما يلي: 75.3 %في الشمال 23.4 %في الوسط 1.3 %في الوطن القبلي.