إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لتعزيز البحث والتكوين الطبي وتبادل الخبرات.. الدبلوماسية الصحية خيار استراتيجي

تسعى تونس اليوم إلى إعادة تموقعها إقليميا ودوليا من خلال مقاربة جديدة، تجعل من الصحة إحدى ركائز سياستها الخارجية. فالانفتاح على التجارب العالمية في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا الطبية لا يخدم فقط تطوير المنظومة الوطنية، بل يعزّز أيضًا صورة تونس كفاعل إقليمي قادر على المبادرة وإرساء الشراكات.

ضمن هذا التوجّه، جاءت زيارة وزير الصحة مصطفى الفرجاني إلى كوريا الجنوبية لمواكبة فعاليات قمة «وورد بيو سميت»، في خطوة تعكس ملامح دبلوماسية صحية نشيطة وفاعلة في طور التشكّل.

في هذا الإطار، ثمّن مهتمّون بالشأن الصحي هذه الزيارة، مشيرين إلى أنها تمثّل محطة محورية نحو إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة بين تونس وبلد متقدّم في مجال التكنولوجيا الطبية والبحث العلمي وتبادل الخبرات، معتبرين أن مثل هذه المبادرات من شأنها أن تعزّز قدرات المنظومة الصحية العمومية، سواء من حيث التكوين أو إدخال تقنيات علاجية وبحثية متطوّرة، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدّمة في المرفق العمومي.

منصة إقليمية

وفي هذا الجانب، تجدر الإشارة إلى أن مشاركة وزير الصحة في القمّة المذكورة قد أتاحت فرصة الاطلاع على منظومة متقدّمة للتكوين في البيوتكنولوجيا، إلى جانب بحث سبل الاستفادة من النموذج الكوري في بناء مركز تونسي معتمد دوليًا لتكوين الكفاءات في التكنولوجيا الحيوية، وهو ما يجعل من هذه الزيارة أرضية لشراكة استراتيجية مع كوريا الجنوبية، من شأنها أن تجعل من تونس منصة إقليمية للتكنولوجيا الصحية ومركز إشعاع للابتكار الطبي في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، وفق ما ورد في الصفحة الرسمية لوزارة الصحة.

وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة من التحركات التي يقودها وزير الصحة على الصعيد الدولي، إذ سبق له أن زار عددًا من الدول لبحث سبل التعاون في مجالات تكوين الكفاءات وتطوير البحث العلمي الطبي. ويؤكد هذا التوجّه أنّ الدبلوماسية الصحية أصبحت خيارا استراتيجيا لوزارة الصحة، يهدف إلى استقطاب الخبرات الدولية وتوظيفها في خدمة المنظومة العمومية ودعم مكانة تونس إقليميا.

وفي هذا السياق، يشير عديد الملاحظين إلى أن أهمية الزيارة الأخيرة لوزير الصحة لا تقتصر على بعدها العلمي والتقني، بل تتجاوزها إلى ترسيخ صورة تونس كفاعل قادر على الانتقال من موقع المستفيد من الخبرات الدولية إلى شريك إقليمي في نقل المعرفة والابتكار.

إذ من المنتظر أن تسهم الشراكة مع الجانب الكوري في تكوين فريق تونسي متعدد الاختصاصات من مهندسين وصيادلة وتقنيين، بما من شأنه أن يضع تونس على مسار جديد نحو الريادة في إفريقيا ومنطقة المتوسط.

وبالتوازي مع زيارات العمل، فإن اللقاءات الرسمية التي يعقدها وزير الصحة مع ممثلي البعثات الدبلوماسية في تونس، على غرار استقباله في شهر أوت الماضي سفير الأردن بتونس، تهدف جميعها إلى تعزيز تبادل الخبرات، وتطوير الخدمات الاستشفائية أو التعاون الرقمي، بما يجعل من تونس جسرًا هامًا للتعاون الصحي وتبادل المعارف والخبرات على مستوى القارة الإفريقية والدول العربية والأوروبية.

نحو رؤية استراتيجية

فالدفع في اتجاه تعزيز التعاون الدولي في المجال الطبي، والعمل على تطوير العلاقات مع المؤسسات البحثية الأوروبية، إلى جانب الانخراط في مبادرات الأمن الصحي العالمي، ودعم الشراكات جنوب-جنوب في إفريقيا، يعكس رؤية متكاملة تقوم على جعل الصحة جزءًا أساسيًا من السياسة الخارجية التونسية.

ويرى ملاحظون أن تبنّي الدبلوماسية الصحية لا يقتصر على تحسين صورة تونس في الخارج، بل يُساهم مباشرة في دعم المنظومة الصحية الوطنية، من خلال إدخال تقنيات جديدة، وتطوير التكوين المستمر، وتعزيز البحث العلمي، لتتحوّل بذلك الشراكات الدولية من مجرّد علاقات ثنائية إلى رافعة حقيقية للتنمية الوطنية.

آفاق مفتوحة

وبالعودة إلى زيارة العمل التي أدّاها وزير الصحة إلى سيول وما تمخّضت عنه من آفاق تعاون، فإنها تأتي لتؤكد أن القطاع الصحي – في خضم التحديات الراهنة – لم يعد مجرد قطاع اجتماعي داخلي، بل بات ورقة استراتيجية في السياسة الدولية.

ومع انخراط تونس في هذا المسار، من خلال إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيّد سنة 2025 سنة للعمل المتعدد الأطراف، فإنّها بذلك تضع أسسًا متينة لدبلوماسية صحية قادرة على جعل تونس مركز إشعاع طبي وتكنولوجي في المنطقة.

منال حرزي

لتعزيز البحث والتكوين الطبي وتبادل الخبرات..   الدبلوماسية الصحية خيار استراتيجي

تسعى تونس اليوم إلى إعادة تموقعها إقليميا ودوليا من خلال مقاربة جديدة، تجعل من الصحة إحدى ركائز سياستها الخارجية. فالانفتاح على التجارب العالمية في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا الطبية لا يخدم فقط تطوير المنظومة الوطنية، بل يعزّز أيضًا صورة تونس كفاعل إقليمي قادر على المبادرة وإرساء الشراكات.

ضمن هذا التوجّه، جاءت زيارة وزير الصحة مصطفى الفرجاني إلى كوريا الجنوبية لمواكبة فعاليات قمة «وورد بيو سميت»، في خطوة تعكس ملامح دبلوماسية صحية نشيطة وفاعلة في طور التشكّل.

في هذا الإطار، ثمّن مهتمّون بالشأن الصحي هذه الزيارة، مشيرين إلى أنها تمثّل محطة محورية نحو إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة بين تونس وبلد متقدّم في مجال التكنولوجيا الطبية والبحث العلمي وتبادل الخبرات، معتبرين أن مثل هذه المبادرات من شأنها أن تعزّز قدرات المنظومة الصحية العمومية، سواء من حيث التكوين أو إدخال تقنيات علاجية وبحثية متطوّرة، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدّمة في المرفق العمومي.

منصة إقليمية

وفي هذا الجانب، تجدر الإشارة إلى أن مشاركة وزير الصحة في القمّة المذكورة قد أتاحت فرصة الاطلاع على منظومة متقدّمة للتكوين في البيوتكنولوجيا، إلى جانب بحث سبل الاستفادة من النموذج الكوري في بناء مركز تونسي معتمد دوليًا لتكوين الكفاءات في التكنولوجيا الحيوية، وهو ما يجعل من هذه الزيارة أرضية لشراكة استراتيجية مع كوريا الجنوبية، من شأنها أن تجعل من تونس منصة إقليمية للتكنولوجيا الصحية ومركز إشعاع للابتكار الطبي في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، وفق ما ورد في الصفحة الرسمية لوزارة الصحة.

وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة من التحركات التي يقودها وزير الصحة على الصعيد الدولي، إذ سبق له أن زار عددًا من الدول لبحث سبل التعاون في مجالات تكوين الكفاءات وتطوير البحث العلمي الطبي. ويؤكد هذا التوجّه أنّ الدبلوماسية الصحية أصبحت خيارا استراتيجيا لوزارة الصحة، يهدف إلى استقطاب الخبرات الدولية وتوظيفها في خدمة المنظومة العمومية ودعم مكانة تونس إقليميا.

وفي هذا السياق، يشير عديد الملاحظين إلى أن أهمية الزيارة الأخيرة لوزير الصحة لا تقتصر على بعدها العلمي والتقني، بل تتجاوزها إلى ترسيخ صورة تونس كفاعل قادر على الانتقال من موقع المستفيد من الخبرات الدولية إلى شريك إقليمي في نقل المعرفة والابتكار.

إذ من المنتظر أن تسهم الشراكة مع الجانب الكوري في تكوين فريق تونسي متعدد الاختصاصات من مهندسين وصيادلة وتقنيين، بما من شأنه أن يضع تونس على مسار جديد نحو الريادة في إفريقيا ومنطقة المتوسط.

وبالتوازي مع زيارات العمل، فإن اللقاءات الرسمية التي يعقدها وزير الصحة مع ممثلي البعثات الدبلوماسية في تونس، على غرار استقباله في شهر أوت الماضي سفير الأردن بتونس، تهدف جميعها إلى تعزيز تبادل الخبرات، وتطوير الخدمات الاستشفائية أو التعاون الرقمي، بما يجعل من تونس جسرًا هامًا للتعاون الصحي وتبادل المعارف والخبرات على مستوى القارة الإفريقية والدول العربية والأوروبية.

نحو رؤية استراتيجية

فالدفع في اتجاه تعزيز التعاون الدولي في المجال الطبي، والعمل على تطوير العلاقات مع المؤسسات البحثية الأوروبية، إلى جانب الانخراط في مبادرات الأمن الصحي العالمي، ودعم الشراكات جنوب-جنوب في إفريقيا، يعكس رؤية متكاملة تقوم على جعل الصحة جزءًا أساسيًا من السياسة الخارجية التونسية.

ويرى ملاحظون أن تبنّي الدبلوماسية الصحية لا يقتصر على تحسين صورة تونس في الخارج، بل يُساهم مباشرة في دعم المنظومة الصحية الوطنية، من خلال إدخال تقنيات جديدة، وتطوير التكوين المستمر، وتعزيز البحث العلمي، لتتحوّل بذلك الشراكات الدولية من مجرّد علاقات ثنائية إلى رافعة حقيقية للتنمية الوطنية.

آفاق مفتوحة

وبالعودة إلى زيارة العمل التي أدّاها وزير الصحة إلى سيول وما تمخّضت عنه من آفاق تعاون، فإنها تأتي لتؤكد أن القطاع الصحي – في خضم التحديات الراهنة – لم يعد مجرد قطاع اجتماعي داخلي، بل بات ورقة استراتيجية في السياسة الدولية.

ومع انخراط تونس في هذا المسار، من خلال إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيّد سنة 2025 سنة للعمل المتعدد الأطراف، فإنّها بذلك تضع أسسًا متينة لدبلوماسية صحية قادرة على جعل تونس مركز إشعاع طبي وتكنولوجي في المنطقة.

منال حرزي