دعا الناصر الشنوفي، النائب بلجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، إلى فتح باب الحوار تحت قبة البرلمان حول التعليم الخاص في تونس بجميع مراحله، وأضاف في تصريح لـ«الصباح» أن التشريعات المنظمة لهذا القطاع في حاجة إلى المراجعة والتعديل، في اتجاه ضمان مزيد من الجودة والنجاعة.
وقال النائب إن تطوّر المجتمع في كامل أنحاء العالم يقوم أساسا على جودة التعليم، وذكر أن تونس ليست بمنأى عن ذلك، إذ كان التعليم منذ الاستقلال في صدارة أولويات الفرد والأسرة والمجتمع. وأضاف أن التغيرات الديموغرافية التي عرفتها البلاد أدت إلى حدوث ضغط كبير على المرفق العمومي للتعليم، وبدأ عدد المنقطعين عن الدراسة لأسباب عديدة يزداد من سنة إلى أخرى، وذكر أنه، إلى جانب التكوين المهني، تمثّل الحل الذي اختارته الدولة لمعالجة مشكل الانقطاع المدرسي في فتح المجال أمام القطاع الخاص حتى يُعاضد جهودها ويساهم مع بقية مكونات المجتمع في إنقاذ المتسربين من المنظومة العمومية للتعليم، وتمكينهم من فرصة أخرى لمواصلة التحصيل العلمي، بما يمكنهم من تحسين مستوياتهم الدراسية، والإلمام بلغات أجنبية، وضمان فرص أكبر للحصول على موطن شغل.
وبيّن الشنوفي أن الدولة وفّرت تشجيعات هامة للقطاع الخاص لفتح مؤسسات تربوية في مختلف المستويات الدراسية، سواء تعلّق الأمر بالتعليم الابتدائي أو التعليم الإعدادي أو التعليم الثانوي، لكن عند تقييم نتاج المؤسسات التربوية الخاصة يمكن ملاحظة وجود فرق كبير بينها، فهناك مؤسسات ساهمت في توفير تعليم عالي الجودة وتفوّقت من حيث النتائج المسجّلة في الامتحانات الوطنية حتى على المؤسسات التربوية العمومية، وأصبحت تحظى بإشعاع كبير على مستوى كامل الجمهورية، وفي المقابل هناك مؤسسات أخرى لا تبذل المجهودات المطلوبة لتحسين جودة التعليم، من حيث انتداب مدرسين تتوفّر فيهم الكفاءة اللازمة، وكذلك من حيث توفير الظروف الملائمة للتدريس.
أهمية الرقابة
ويرى النائب بلجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، الناصر الشنوفي، أنه توجد حاجة ملحة لفرض احترام الشروط المنصوص عليها بالتشريع المنظّم لبعث المؤسسات التربوية الخاصة، وذلك من أجل ضمان حق التلميذ في الحصول على تعليم جيد من ناحية، وحق باعث المؤسسة التربوية الخاصة من ناحية أخرى، ولا يتم ذلك، حسب قوله، إلا من خلال قيام الدولة بوظيفتها الرقابية. وذكر أنه يجب على الدولة أن تكون حازمة في فرض تطبيق القانون من قبل الجميع، فبهذه الكيفية يمكن تجويد التعليم الخاص وتطويره والارتقاء به.
كما أشار النائب إلى ضرورة منح الجانب التشريعي الأهمية القصوى، لأن القانون، في نهاية الأمر، هو ضمانة لحقوق الجميع من أفراد ومؤسسات، وذكر أنه لا بد من تطوير الإطار التشريعي المنظّم للتعليم الخاص بجميع مستوياته.
وقال الشنوفي إنه يتعيّن على لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة أن تستأنف، خلال الدورة النيابية القادمة، التي ستنطلق، حسب قوله، في غضون شهر أكتوبر المقبل، النظر في مقترح القانون المعروض على أنظارها والمتعلّق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها، وذكر أنه يعتقد أن دراسة هذه المبادرة التشريعية، التي تقدم بها مجموعة من النواب، ليست مشروطة بتركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم.
وللتذكير، في هذا السياق، فقد تم تسجيل اختلاف في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة بخصوص هذه المبادرة، إذ جاء في محضر جلسة عقدتها اللجنة في ماي الماضي أن بعض النواب دعوا إلى ضرورة إرجاء النظر في مقترح القانون المعروض، إلى حين تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم، باعتباره الهيكل المعني بمسألة الإصلاح التربوي، في حين اعتبر شق آخر من النواب أنه يمكن مواصلة النظر في مقترح هذا القانون وتجويد صياغته من ناحية الشكل والمضمون. وبعد التداول، قررت اللجنة مواصلة النظر في هذا المقترح المتعلق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها.
وجاء في وثيقة شرح أسباب مقترح القانون المذكور، أن عدد تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية الخاصة يبلغ حوالي 250 ألف تلميذ، وبيّنوا أن التعليم الخاص في تونس ما زال يخضع لأحكام الأمر عدد 468 لسنة 2008 المؤرخ في 22 فيفري 2008، وهو أمر تم وضعه على مقاس باعثة خاصة، وتم من خلاله التضييق على الباعثين الجدد من خلال وضع شروط مجحفة، من بينها عدم الجمع بين أكثر من مرحلتين متتاليتين، وعدم بعث أكثر من مؤسسة. كما منح نفس الأمر امتيازات لباعث مؤسسة التعليم الخاص، على غرار تَكفُّل الدولة بنسبة 25 بالمائة من كلفة المشروع ومن أجور المدرسين لمدة عشر سنوات، إضافة إلى عدد من الامتيازات الجبائية والديوانية الواردة في الفصل 46 منه.
وأراد أصحاب المبادرة التشريعية، من خلال مقترح القانون المعروض على اللجنة، حذف الأمر عدد 468 لسنة 2008، وتعويضه بقانون، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى التعليم العالي الخاص، بما يساهم في ضمان العدل بين الباعثين، والتشجيع على الاستثمار في هذا القطاع، ودعم المالية العمومية، والحد من البطالة، ودعم المنافسة النزيهة من أجل تحقيق تعليم عالي الجودة يعود بالنفع على الأجيال وعلى البلاد.
وتم تقديم هذه المبادرة التشريعية من قبل 43 نائبًا، في مقدمتهم هشام حسني، وهي تتضمن 52 فصلًا تم توزيعها على خمسة أبواب، وهي: باب الأحكام العامة، وباب الشروط والمواصفات المتعلقة بالمؤسسات التربوية الخاصة، وباب الشروط المتعلقة بالأعوان والمدرسين، وباب العلاقة بين المؤسسة التربوية الخاصة والتلاميذ والأولياء، وباب التغييرات وإنهاء نشاط المؤسسات التربوية الخاصة والعقوبات.
وكانت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة قد استمعت خلال الدورة النيابية الماضية إلى النواب أصحاب هذه المبادرة، وحسب بلاغ صادر عنها، فقد أكد هؤلاء على أهمية قطاع التعليم الخاص كرافد اقتصادي واجتماعي، يوفّر عددًا من مواطن الشغل ويدعم الموارد المالية العمومية.
وأشاروا إلى أن هذا القطاع يستوعب 250 ألف تلميذ بين مدارس ابتدائية وإعدادية ومعاهد ثانوية، ويساهم في تخفيف الأعباء على ميزانية الدولة في إنشاء المؤسسات التربوية وتوفير حاجياتها من قاعات تدريس وإطار تربوي.
واعتبر أصحاب المبادرة أن الأمر عدد 486 لسنة 2008 المؤرخ في 22 فيفري 2008 قد ضيّق من شروط بعث المؤسسات التربوية الخاصة، أما مقترح القانون المعروض فيضمن العدل بين الباعثين ويشجّع على الاستثمار ويعزّز المنافسة النزيهة من أجل تعليم ذي جودة عالية.
وبخصوص العقوبات المنصوص عليها بالباب السادس، تمّت الإشارة إلى ضرورة إعفاء مدير المؤسسة الخاصة من أي عقوبات، مع تحميل المسؤولية للباعث في صورة وجود مخالفات.
وخلال النقاش، اعتبر بعض النواب أنه لا يمكن تنقيح أمر بمقتضى قانون، ولاحظوا أن هذه المبادرة التشريعية تم إغراقها بتفاصيل تدخل في مجال اختصاصات السلطة الترتيبية، والحال أن القانون جُعل لكي ينظّم المبادئ العامة، كما نص عليه الفصل 75 من الدستور.
وأثار النواب عديد الإشكاليات المتعلّقة، خاصة، بالتضارب في أحكام فصول مقترح القانون بين التفرّغ الكامل لمدير المؤسسة للتسيير وإمكانية التدريس بنفس المؤسسة، وتسقيف السن بالنسبة إلى مديري المؤسسات الخاصة في حدود 70 سنة، فضلًا عن غياب إحصائيات دقيقة تمكّن من معرفة عدد المستفيدين من الامتيازات المذكورة بمقترح القانون حتى تتوصّل اللجنة إلى تشخيص واقعي للتعليم الخاص.
كما تمّ طرح تساؤلات تتعلّق بمدى قيام وزارة الإشراف بدورها في مراقبة المؤسسات التربوية الخاصة على مستوى الرقابة البيداغوجية وسلامة بنايات المؤسسات ومطابقتها للشروط القانونية، واستفسر أعضاء اللجنة عن مدى التثبت من استيفاء الشروط المنصوص عليها في الأمر المذكور لدى تسليم الرخص، وأشار آخرون إلى وجود عديد التجاوزات التي يمكن أن تمسّ من مصداقية الشهائد التي تمنحها هذه المؤسسات.
وأبدى أصحاب المبادرة استعدادهم للتفاعل الإيجابي مع الملاحظات المقدّمة من طرف أعضاء اللجنة من أجل مزيد تجويد هذه المبادرة وبلورة نص تشريعي توافقي يمكّن من النهوض بهذا القطاع.
وقررت اللجنة، في نهاية الجلسة، مواصلة النظر في مقترح القانون والاستماع إلى وزير التربية.
إصلاح التعليم
وفي هذا السياق، دعا الناصر الشنوفي، عضو لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، إلى تنظيم جلسة الاستماع إلى وزير التربية في مفتتح الدورة النيابية القادمة، وطالب بعقد جلسات استماع تحت قبة البرلمان إلى مختلف الأطراف المعنية بالتعليم الخاص، لأن الحوار الذي يتم داخل اللجان، حسب رأيه، مهم للغاية في تجويد صياغة النصوص القانونية، حتى وإن كانت مشاريع القوانين أو المبادرات التشريعية خلافية.
وقال إنّه بفضل الحوار يمكن التوصل إلى صيغة توافقية تحظى بموافقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب.
وأشار إلى أنه سبق للجنة أن نظرت في مبادرة تشريعية تهم التعليم العالي الخاص واستكملت دراستها، وسيتم عرضها على المجلس الأعلى للتربية والتعليم لإبداء الرأي فيها.
وخلص النائب الناصر الشنوفي إلى أنه على لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة منح أولوية قصوى لملف إصلاح التعليم، لأنه في غياب الإصلاح لا يمكن النهوض بالمجتمع، وذكر أنه لا أحد يمكنه أن ينكر الأزمة التي تعيشها المدرسة التونسية، سواء على مستوى التكوين أو النتائج أو الصعوبات.
وبيّن أن معالجة هذه الأزمة لا يمكن أن تتم بجرة قلم، بل تتطلب من الدولة توجيه بوصلتها ومنح الأولوية المطلقة لإصلاح التعليم إصلاحًا شاملًا، سواء من حيث مراجعة الزمن المدرسي أو البرامج أو مناهج التدريس أو تكوين الإطار التربوي أو العناية بالفضاءات المخصصة للتدريس أو توظيف التكنولوجيات الحديثة في التعلم، والأهم من ذلك: إحياء شغف المجتمع التونسي وتعزيز اهتمامه بالتربية والتعليم.
وعبّر الشنوفي عن أمله في أن يقع تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم في أقرب الآجال، وفي أن تستكمل اللجنة خلال الدورة النيابية القادمة دراسة مختلف المبادرات التشريعية المعروضة عليها، منها مقترح القانون المتعلق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها.
سعيدة بوهلال
دعا الناصر الشنوفي، النائب بلجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، إلى فتح باب الحوار تحت قبة البرلمان حول التعليم الخاص في تونس بجميع مراحله، وأضاف في تصريح لـ«الصباح» أن التشريعات المنظمة لهذا القطاع في حاجة إلى المراجعة والتعديل، في اتجاه ضمان مزيد من الجودة والنجاعة.
وقال النائب إن تطوّر المجتمع في كامل أنحاء العالم يقوم أساسا على جودة التعليم، وذكر أن تونس ليست بمنأى عن ذلك، إذ كان التعليم منذ الاستقلال في صدارة أولويات الفرد والأسرة والمجتمع. وأضاف أن التغيرات الديموغرافية التي عرفتها البلاد أدت إلى حدوث ضغط كبير على المرفق العمومي للتعليم، وبدأ عدد المنقطعين عن الدراسة لأسباب عديدة يزداد من سنة إلى أخرى، وذكر أنه، إلى جانب التكوين المهني، تمثّل الحل الذي اختارته الدولة لمعالجة مشكل الانقطاع المدرسي في فتح المجال أمام القطاع الخاص حتى يُعاضد جهودها ويساهم مع بقية مكونات المجتمع في إنقاذ المتسربين من المنظومة العمومية للتعليم، وتمكينهم من فرصة أخرى لمواصلة التحصيل العلمي، بما يمكنهم من تحسين مستوياتهم الدراسية، والإلمام بلغات أجنبية، وضمان فرص أكبر للحصول على موطن شغل.
وبيّن الشنوفي أن الدولة وفّرت تشجيعات هامة للقطاع الخاص لفتح مؤسسات تربوية في مختلف المستويات الدراسية، سواء تعلّق الأمر بالتعليم الابتدائي أو التعليم الإعدادي أو التعليم الثانوي، لكن عند تقييم نتاج المؤسسات التربوية الخاصة يمكن ملاحظة وجود فرق كبير بينها، فهناك مؤسسات ساهمت في توفير تعليم عالي الجودة وتفوّقت من حيث النتائج المسجّلة في الامتحانات الوطنية حتى على المؤسسات التربوية العمومية، وأصبحت تحظى بإشعاع كبير على مستوى كامل الجمهورية، وفي المقابل هناك مؤسسات أخرى لا تبذل المجهودات المطلوبة لتحسين جودة التعليم، من حيث انتداب مدرسين تتوفّر فيهم الكفاءة اللازمة، وكذلك من حيث توفير الظروف الملائمة للتدريس.
أهمية الرقابة
ويرى النائب بلجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، الناصر الشنوفي، أنه توجد حاجة ملحة لفرض احترام الشروط المنصوص عليها بالتشريع المنظّم لبعث المؤسسات التربوية الخاصة، وذلك من أجل ضمان حق التلميذ في الحصول على تعليم جيد من ناحية، وحق باعث المؤسسة التربوية الخاصة من ناحية أخرى، ولا يتم ذلك، حسب قوله، إلا من خلال قيام الدولة بوظيفتها الرقابية. وذكر أنه يجب على الدولة أن تكون حازمة في فرض تطبيق القانون من قبل الجميع، فبهذه الكيفية يمكن تجويد التعليم الخاص وتطويره والارتقاء به.
كما أشار النائب إلى ضرورة منح الجانب التشريعي الأهمية القصوى، لأن القانون، في نهاية الأمر، هو ضمانة لحقوق الجميع من أفراد ومؤسسات، وذكر أنه لا بد من تطوير الإطار التشريعي المنظّم للتعليم الخاص بجميع مستوياته.
وقال الشنوفي إنه يتعيّن على لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة أن تستأنف، خلال الدورة النيابية القادمة، التي ستنطلق، حسب قوله، في غضون شهر أكتوبر المقبل، النظر في مقترح القانون المعروض على أنظارها والمتعلّق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها، وذكر أنه يعتقد أن دراسة هذه المبادرة التشريعية، التي تقدم بها مجموعة من النواب، ليست مشروطة بتركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم.
وللتذكير، في هذا السياق، فقد تم تسجيل اختلاف في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة بخصوص هذه المبادرة، إذ جاء في محضر جلسة عقدتها اللجنة في ماي الماضي أن بعض النواب دعوا إلى ضرورة إرجاء النظر في مقترح القانون المعروض، إلى حين تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم، باعتباره الهيكل المعني بمسألة الإصلاح التربوي، في حين اعتبر شق آخر من النواب أنه يمكن مواصلة النظر في مقترح هذا القانون وتجويد صياغته من ناحية الشكل والمضمون. وبعد التداول، قررت اللجنة مواصلة النظر في هذا المقترح المتعلق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها.
وجاء في وثيقة شرح أسباب مقترح القانون المذكور، أن عدد تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية الخاصة يبلغ حوالي 250 ألف تلميذ، وبيّنوا أن التعليم الخاص في تونس ما زال يخضع لأحكام الأمر عدد 468 لسنة 2008 المؤرخ في 22 فيفري 2008، وهو أمر تم وضعه على مقاس باعثة خاصة، وتم من خلاله التضييق على الباعثين الجدد من خلال وضع شروط مجحفة، من بينها عدم الجمع بين أكثر من مرحلتين متتاليتين، وعدم بعث أكثر من مؤسسة. كما منح نفس الأمر امتيازات لباعث مؤسسة التعليم الخاص، على غرار تَكفُّل الدولة بنسبة 25 بالمائة من كلفة المشروع ومن أجور المدرسين لمدة عشر سنوات، إضافة إلى عدد من الامتيازات الجبائية والديوانية الواردة في الفصل 46 منه.
وأراد أصحاب المبادرة التشريعية، من خلال مقترح القانون المعروض على اللجنة، حذف الأمر عدد 468 لسنة 2008، وتعويضه بقانون، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى التعليم العالي الخاص، بما يساهم في ضمان العدل بين الباعثين، والتشجيع على الاستثمار في هذا القطاع، ودعم المالية العمومية، والحد من البطالة، ودعم المنافسة النزيهة من أجل تحقيق تعليم عالي الجودة يعود بالنفع على الأجيال وعلى البلاد.
وتم تقديم هذه المبادرة التشريعية من قبل 43 نائبًا، في مقدمتهم هشام حسني، وهي تتضمن 52 فصلًا تم توزيعها على خمسة أبواب، وهي: باب الأحكام العامة، وباب الشروط والمواصفات المتعلقة بالمؤسسات التربوية الخاصة، وباب الشروط المتعلقة بالأعوان والمدرسين، وباب العلاقة بين المؤسسة التربوية الخاصة والتلاميذ والأولياء، وباب التغييرات وإنهاء نشاط المؤسسات التربوية الخاصة والعقوبات.
وكانت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة قد استمعت خلال الدورة النيابية الماضية إلى النواب أصحاب هذه المبادرة، وحسب بلاغ صادر عنها، فقد أكد هؤلاء على أهمية قطاع التعليم الخاص كرافد اقتصادي واجتماعي، يوفّر عددًا من مواطن الشغل ويدعم الموارد المالية العمومية.
وأشاروا إلى أن هذا القطاع يستوعب 250 ألف تلميذ بين مدارس ابتدائية وإعدادية ومعاهد ثانوية، ويساهم في تخفيف الأعباء على ميزانية الدولة في إنشاء المؤسسات التربوية وتوفير حاجياتها من قاعات تدريس وإطار تربوي.
واعتبر أصحاب المبادرة أن الأمر عدد 486 لسنة 2008 المؤرخ في 22 فيفري 2008 قد ضيّق من شروط بعث المؤسسات التربوية الخاصة، أما مقترح القانون المعروض فيضمن العدل بين الباعثين ويشجّع على الاستثمار ويعزّز المنافسة النزيهة من أجل تعليم ذي جودة عالية.
وبخصوص العقوبات المنصوص عليها بالباب السادس، تمّت الإشارة إلى ضرورة إعفاء مدير المؤسسة الخاصة من أي عقوبات، مع تحميل المسؤولية للباعث في صورة وجود مخالفات.
وخلال النقاش، اعتبر بعض النواب أنه لا يمكن تنقيح أمر بمقتضى قانون، ولاحظوا أن هذه المبادرة التشريعية تم إغراقها بتفاصيل تدخل في مجال اختصاصات السلطة الترتيبية، والحال أن القانون جُعل لكي ينظّم المبادئ العامة، كما نص عليه الفصل 75 من الدستور.
وأثار النواب عديد الإشكاليات المتعلّقة، خاصة، بالتضارب في أحكام فصول مقترح القانون بين التفرّغ الكامل لمدير المؤسسة للتسيير وإمكانية التدريس بنفس المؤسسة، وتسقيف السن بالنسبة إلى مديري المؤسسات الخاصة في حدود 70 سنة، فضلًا عن غياب إحصائيات دقيقة تمكّن من معرفة عدد المستفيدين من الامتيازات المذكورة بمقترح القانون حتى تتوصّل اللجنة إلى تشخيص واقعي للتعليم الخاص.
كما تمّ طرح تساؤلات تتعلّق بمدى قيام وزارة الإشراف بدورها في مراقبة المؤسسات التربوية الخاصة على مستوى الرقابة البيداغوجية وسلامة بنايات المؤسسات ومطابقتها للشروط القانونية، واستفسر أعضاء اللجنة عن مدى التثبت من استيفاء الشروط المنصوص عليها في الأمر المذكور لدى تسليم الرخص، وأشار آخرون إلى وجود عديد التجاوزات التي يمكن أن تمسّ من مصداقية الشهائد التي تمنحها هذه المؤسسات.
وأبدى أصحاب المبادرة استعدادهم للتفاعل الإيجابي مع الملاحظات المقدّمة من طرف أعضاء اللجنة من أجل مزيد تجويد هذه المبادرة وبلورة نص تشريعي توافقي يمكّن من النهوض بهذا القطاع.
وقررت اللجنة، في نهاية الجلسة، مواصلة النظر في مقترح القانون والاستماع إلى وزير التربية.
إصلاح التعليم
وفي هذا السياق، دعا الناصر الشنوفي، عضو لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، إلى تنظيم جلسة الاستماع إلى وزير التربية في مفتتح الدورة النيابية القادمة، وطالب بعقد جلسات استماع تحت قبة البرلمان إلى مختلف الأطراف المعنية بالتعليم الخاص، لأن الحوار الذي يتم داخل اللجان، حسب رأيه، مهم للغاية في تجويد صياغة النصوص القانونية، حتى وإن كانت مشاريع القوانين أو المبادرات التشريعية خلافية.
وقال إنّه بفضل الحوار يمكن التوصل إلى صيغة توافقية تحظى بموافقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب.
وأشار إلى أنه سبق للجنة أن نظرت في مبادرة تشريعية تهم التعليم العالي الخاص واستكملت دراستها، وسيتم عرضها على المجلس الأعلى للتربية والتعليم لإبداء الرأي فيها.
وخلص النائب الناصر الشنوفي إلى أنه على لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة منح أولوية قصوى لملف إصلاح التعليم، لأنه في غياب الإصلاح لا يمكن النهوض بالمجتمع، وذكر أنه لا أحد يمكنه أن ينكر الأزمة التي تعيشها المدرسة التونسية، سواء على مستوى التكوين أو النتائج أو الصعوبات.
وبيّن أن معالجة هذه الأزمة لا يمكن أن تتم بجرة قلم، بل تتطلب من الدولة توجيه بوصلتها ومنح الأولوية المطلقة لإصلاح التعليم إصلاحًا شاملًا، سواء من حيث مراجعة الزمن المدرسي أو البرامج أو مناهج التدريس أو تكوين الإطار التربوي أو العناية بالفضاءات المخصصة للتدريس أو توظيف التكنولوجيات الحديثة في التعلم، والأهم من ذلك: إحياء شغف المجتمع التونسي وتعزيز اهتمامه بالتربية والتعليم.
وعبّر الشنوفي عن أمله في أن يقع تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم في أقرب الآجال، وفي أن تستكمل اللجنة خلال الدورة النيابية القادمة دراسة مختلف المبادرات التشريعية المعروضة عليها، منها مقترح القانون المتعلق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها.