إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

شدد عليها رئيس الجمهورية لتكريس دولة القانون .. الكفاءة وتطوير آليات الرقابة والمحاسبة والشفافية

 تعيش بلادنا اليوم على وقع تحديات عديدة في مسار تكريس دولة القانون كخط ومنهج أساسيين في الجمهورية الجديدة وما تتطلبه من إصلاحات ومراجعات وقرارات وإجراءات عملية، تكون في تشديد الرقابة وفرض تطبيق القانون ومحاسبة المتخاذلين والتصدي لـ»اللوبيات» وممارسات الفساد، خيارات جدّية لإنجاح هذه السياسة التي يراهن من خلالها رئيس الجمهورية قيس سعيد لإعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها بعد حالة التشتت والتشرذم والفساد التي نخرتها خلال سنوات ما بعد ثورة 2011. إذ لطالما شدد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة تشديد الرقابة والتصدي لكل ممارسات ومظاهر الفساد التي تعمل على الحيلولة دون تحقيق الإصلاحات المطلوبة في مؤسسات الجمهورية الجديدة.

ففي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى مشروع قانون المالية لسنة 2026 والحسم في برامج التنمية الخاصة بالسنوات الخمس المقبلة الذي انطلق المجلس الوطني للجهات والأقاليم والمجالس الجهوية في الاشتغال عليه منذ أشهر مع الجهات المعنية، وغيرها من المواعيد الأخرى الهامة والحاسمة، توجه سلطة الإشراف سياستها العملية نحو تكريس الإصلاحات المطلوبة والممكنة في التشريعات والقوانين والإدارة والهياكل للمضي في مسار المحاسبة وفرض دولة القانون والعدالة الاجتماعية.  

ويذكر أن رئيس الدولة سبق أن شدد في لقائه مؤخرا مع رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري على أنه «لا نيّة على الإطلاق لتصفية حسابات مع أيّ جهة كانت»، لافتا إلى أنه «لا مجال في المقابل للتراجع عن المحاسبة ولا تردّد في استرجاع أيّ ملّيم هو من حقّ الشّعب التونسي كما أنه لا مجال لأن يحلّ أحد محلّ الدّولة لا في الانخراط غير الإرادي ولا في التمويل غير الطوعي».

وهذا يتطلب ضرورة، بعد نجاح سياسة الدولة بقيادة رئيس الجمهورية في تحديد دورها ومهامها واختزالها في مؤسسات وعبر منظومة قوانين واضحة المعالم والأهداف، بما يعيد للدولة اعتبارها ويمكن من تكريس سيادتها. وقد كان لمراجعة التشريعات والقوانين المنظمة لسير العمل دوره في هذا المسار الإصلاحي، رغم البطء في تنفيذ متطلباته الإصلاحية.   

 في سياق متصل أوضح رئيس الدولة «أنّ للدّولة قوانينها ومؤسّساتها وأن الشّعب التونسي يُقدّم كلّ يوم دروسا تاريخيّة في إجهاض كلّ المحاولات اليائسة لفلول الردّة ولمن تحالف معها في الدّاخل والخارج على السّواء».

فرهان سلطة الإشراف على إدراك مرحلة متقدمة في مسار الإصلاحات في الدولة سواء في المستوى البشري عبر منح الثقة للكفاءات القادرة على تحقيق الإقلاع والنجاح في الإدارة والتسيير أو في مستوى القرارات والإجراءات الكفيلة بترجيح كفة الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية والتنموية، خاصة أن الكل علم أن الإدارة التونسية لم تتخلص بعد من مخلفات إغراقها بتعيينات وانتدابات خارج الآليات المعمول بها في الغرض خلال السنوات الأولى لما بعد الثورة وأغلبها كانت انتدابات لا تتوفر على الشروط والكفاءة المطلوبة، فضلا عن المحسوبية الحزبية والسياسية التي كانت فاصلة في أغلب تلك الانتدابات.

وقد شبه رئيس الجمهورية مسألة إعادة هيكلة عديد الإدارات والعمل على مراجعة التعيينات فيها بـ«معركة التحرر الوطني»، حيث شكلت الشهائد العلمية المدلسة وعدم توفر الكفاءة المطلوبة وتراخي البعض في القيام بالمهام الإدارية والخدمات الموكولة إليهم وغياب الانضباط من المسائل التي تطالب عديد الجهات بأخذها بعين الاعتبار في المسار الإصلاحي للإدارة، خاصة أن ذلك يتزامن مع قرار أعلى هرم السلطة بتسوية ملفات آلاف من الدكاترة والباحثين المعطلين عن العمل على اعتبار أن الدولة في أمس الحاجة إلى الكفاءات التي تؤمن بالعمل وتراهن على تطوره ونجاعته وجدواه.  

لذلك تنكب جهود المجالس المحلية والجهوية والنواب في غرفتي البرلمان ومختلف الوزارات وممثلي الهياكل المحلية والجهوية والوطنية على وضع البرامج والمخططات الضرورية، وفق أسس علمية وحسب ما تتطلبه استحقاقات وتحديات المرحلة وكل جهة.

فأجهزة الدولة مطالبة اليوم بالعمل ومضاعفة الجهود ومنح الثقة للكفاءات القادرة على النجاح في كسب التحدي وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وقوانينها وبرامجها ومخططاتها، والقطع مع سياسة الفوضى والعشوائية والتداخل التي لطالما عانت منها الدولة وكانت عاملا لتراجع دورها و«ضعفها» مقابل تغول اللوبيات والفساد والتخاذل.

وهذا لا يمكن تحقيقه وإدراكه إلا عبر فرض سيادة القانون ووضع آليات رقابة ومحاسبة متطورة وناجعة وشفافة على نحو يكون جميع التونسيين سواسية أمام القانون وأجهزة الدولة وخدماتها وفق مبدأ تكافؤ الفرص والكفاءة والعدالة الاجتماعية التي يعتبرها رئيس الجمهورية عنوانا كبيرا في الجمهورية الجديدة التي تعمل السلطتين التنفيذية والتشريعية على تكريسها في تناغم وانسجام هادف. وقد كان السعي لتوسيع الرقمنة وتطوير الخدمات الإدارية وتعميم الذكاء الاصطناعي في إطار تطوير جميع الخدمات وضمان الشفافية ووضع حد لمسارات الفساد من العوامل التي تحسب للدولة.  

فالدولة اليوم في سباق من أجل نيل ثقة المواطن، وذلك لا يتحقق عبر البيانات أو المطالب والدعوات وإنما يتجسد في الخدمات والبرامج التي تقدمها أجهزة الدولة وإداراتها للمواطن،   وهي في حاجة إلى تطوير أدواتها وآليات عملها في مستوى الإدارة والمراقبة والمحاسبة وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص على اعتبار أن ذلك يعد من أبرز شروط فرض السيادة الوطنية وتكريس دولة القانون التي تكون بالمرصاد للفساد والإفلات من العقاب. 

نزيهة الغضباني

شدد عليها رئيس الجمهورية لتكريس دولة القانون ..   الكفاءة وتطوير آليات الرقابة والمحاسبة والشفافية

 تعيش بلادنا اليوم على وقع تحديات عديدة في مسار تكريس دولة القانون كخط ومنهج أساسيين في الجمهورية الجديدة وما تتطلبه من إصلاحات ومراجعات وقرارات وإجراءات عملية، تكون في تشديد الرقابة وفرض تطبيق القانون ومحاسبة المتخاذلين والتصدي لـ»اللوبيات» وممارسات الفساد، خيارات جدّية لإنجاح هذه السياسة التي يراهن من خلالها رئيس الجمهورية قيس سعيد لإعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها بعد حالة التشتت والتشرذم والفساد التي نخرتها خلال سنوات ما بعد ثورة 2011. إذ لطالما شدد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة تشديد الرقابة والتصدي لكل ممارسات ومظاهر الفساد التي تعمل على الحيلولة دون تحقيق الإصلاحات المطلوبة في مؤسسات الجمهورية الجديدة.

ففي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى مشروع قانون المالية لسنة 2026 والحسم في برامج التنمية الخاصة بالسنوات الخمس المقبلة الذي انطلق المجلس الوطني للجهات والأقاليم والمجالس الجهوية في الاشتغال عليه منذ أشهر مع الجهات المعنية، وغيرها من المواعيد الأخرى الهامة والحاسمة، توجه سلطة الإشراف سياستها العملية نحو تكريس الإصلاحات المطلوبة والممكنة في التشريعات والقوانين والإدارة والهياكل للمضي في مسار المحاسبة وفرض دولة القانون والعدالة الاجتماعية.  

ويذكر أن رئيس الدولة سبق أن شدد في لقائه مؤخرا مع رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري على أنه «لا نيّة على الإطلاق لتصفية حسابات مع أيّ جهة كانت»، لافتا إلى أنه «لا مجال في المقابل للتراجع عن المحاسبة ولا تردّد في استرجاع أيّ ملّيم هو من حقّ الشّعب التونسي كما أنه لا مجال لأن يحلّ أحد محلّ الدّولة لا في الانخراط غير الإرادي ولا في التمويل غير الطوعي».

وهذا يتطلب ضرورة، بعد نجاح سياسة الدولة بقيادة رئيس الجمهورية في تحديد دورها ومهامها واختزالها في مؤسسات وعبر منظومة قوانين واضحة المعالم والأهداف، بما يعيد للدولة اعتبارها ويمكن من تكريس سيادتها. وقد كان لمراجعة التشريعات والقوانين المنظمة لسير العمل دوره في هذا المسار الإصلاحي، رغم البطء في تنفيذ متطلباته الإصلاحية.   

 في سياق متصل أوضح رئيس الدولة «أنّ للدّولة قوانينها ومؤسّساتها وأن الشّعب التونسي يُقدّم كلّ يوم دروسا تاريخيّة في إجهاض كلّ المحاولات اليائسة لفلول الردّة ولمن تحالف معها في الدّاخل والخارج على السّواء».

فرهان سلطة الإشراف على إدراك مرحلة متقدمة في مسار الإصلاحات في الدولة سواء في المستوى البشري عبر منح الثقة للكفاءات القادرة على تحقيق الإقلاع والنجاح في الإدارة والتسيير أو في مستوى القرارات والإجراءات الكفيلة بترجيح كفة الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية والتنموية، خاصة أن الكل علم أن الإدارة التونسية لم تتخلص بعد من مخلفات إغراقها بتعيينات وانتدابات خارج الآليات المعمول بها في الغرض خلال السنوات الأولى لما بعد الثورة وأغلبها كانت انتدابات لا تتوفر على الشروط والكفاءة المطلوبة، فضلا عن المحسوبية الحزبية والسياسية التي كانت فاصلة في أغلب تلك الانتدابات.

وقد شبه رئيس الجمهورية مسألة إعادة هيكلة عديد الإدارات والعمل على مراجعة التعيينات فيها بـ«معركة التحرر الوطني»، حيث شكلت الشهائد العلمية المدلسة وعدم توفر الكفاءة المطلوبة وتراخي البعض في القيام بالمهام الإدارية والخدمات الموكولة إليهم وغياب الانضباط من المسائل التي تطالب عديد الجهات بأخذها بعين الاعتبار في المسار الإصلاحي للإدارة، خاصة أن ذلك يتزامن مع قرار أعلى هرم السلطة بتسوية ملفات آلاف من الدكاترة والباحثين المعطلين عن العمل على اعتبار أن الدولة في أمس الحاجة إلى الكفاءات التي تؤمن بالعمل وتراهن على تطوره ونجاعته وجدواه.  

لذلك تنكب جهود المجالس المحلية والجهوية والنواب في غرفتي البرلمان ومختلف الوزارات وممثلي الهياكل المحلية والجهوية والوطنية على وضع البرامج والمخططات الضرورية، وفق أسس علمية وحسب ما تتطلبه استحقاقات وتحديات المرحلة وكل جهة.

فأجهزة الدولة مطالبة اليوم بالعمل ومضاعفة الجهود ومنح الثقة للكفاءات القادرة على النجاح في كسب التحدي وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وقوانينها وبرامجها ومخططاتها، والقطع مع سياسة الفوضى والعشوائية والتداخل التي لطالما عانت منها الدولة وكانت عاملا لتراجع دورها و«ضعفها» مقابل تغول اللوبيات والفساد والتخاذل.

وهذا لا يمكن تحقيقه وإدراكه إلا عبر فرض سيادة القانون ووضع آليات رقابة ومحاسبة متطورة وناجعة وشفافة على نحو يكون جميع التونسيين سواسية أمام القانون وأجهزة الدولة وخدماتها وفق مبدأ تكافؤ الفرص والكفاءة والعدالة الاجتماعية التي يعتبرها رئيس الجمهورية عنوانا كبيرا في الجمهورية الجديدة التي تعمل السلطتين التنفيذية والتشريعية على تكريسها في تناغم وانسجام هادف. وقد كان السعي لتوسيع الرقمنة وتطوير الخدمات الإدارية وتعميم الذكاء الاصطناعي في إطار تطوير جميع الخدمات وضمان الشفافية ووضع حد لمسارات الفساد من العوامل التي تحسب للدولة.  

فالدولة اليوم في سباق من أجل نيل ثقة المواطن، وذلك لا يتحقق عبر البيانات أو المطالب والدعوات وإنما يتجسد في الخدمات والبرامج التي تقدمها أجهزة الدولة وإداراتها للمواطن،   وهي في حاجة إلى تطوير أدواتها وآليات عملها في مستوى الإدارة والمراقبة والمحاسبة وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص على اعتبار أن ذلك يعد من أبرز شروط فرض السيادة الوطنية وتكريس دولة القانون التي تكون بالمرصاد للفساد والإفلات من العقاب. 

نزيهة الغضباني