من مسرح قرطاج العريق كانت البداية، وها هي بعد ثمانية وعشرين عاماً تعود إليه لتكتب فصلاً جديداً في حكايتها الفنية، وتمنح جمهورها أمسية طربية تليق بمجد هذا الركح وتاريخه. مساء 21 أوت 2025، اختتمت الفنانة الإماراتية أحلام فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، لتعيد وصل الحلم بالمكان الذي كان شاهداً على انطلاقتها الأولى.
وقفت أمام جمهورها بعفوية وصدق لتقول: «لقرطاج مكانة خاصة في نفسي، بدايتي من هنا، من هذا المسرح انطلقت، وحتى إن تغيّر الجمهور فهو يبقى محباً للطرب»، كلمات تختزل وفاء فنانة تدرك قيمة المنصة التي منحتها الاعتراف العربي قبل عقود. اختارت «أحلام» أن تكون انطلاقة سهرتها، وقبل صعودها على الركح، بعرض شريط فيديو قصير عرّفت من خلاله بنفسها وببداياتها الفنية، ومختلف المسارح التي صعدت عليها للغناء، لتُثني على الملحن الراحل أنور عبد الله، وهو أول من «وثق وآمن وراهن على نجاح موهبتها»، فقدمت معه الكثير من الأعمال التي اعتبرتها من الأعمال الخالدة في مسيرتها الفنية، وفق ما قالته.
لم تصعد الفنانة الإماراتية مباشرة على الركح بعد ذلك، إذ كانت هناك وصلة موسيقية لأغنية أم كلثوم «ألف ليلة وليلة»، وهي انطلاقة بلمسة خاصة من فريق الإعداد والمشرفين عليها، ورغم أنها كانت مطولة مما ترك الجمهور في فترة انتظار مشوّقة جداً لصعود «أحلام» للغناء، فإن هذا الانتظار رافقته أجواء التفاعل مع العزف، زادتها أضواء الركح جمالية، بالإضافة إلى أضواء الأساور الخاصة بمثل هذه التظاهرات، والتي وُزعت على الجمهور كهدية من ضيفة تونس.
كلّ ما نشرته «أحلام» على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، منذ أن تمّ الإعلان عن اختيارها لإقامة سهرة اختتام مهرجان قرطاج الدولي في دورته الـ 59، إلى حين وصولها إلى تونس، إلى تفاصيل البروفات، إلى مختلف الفيديوهات التي عبّرت فيها عن اشتياقها إلى صعود قرطاج، وإلى تونس، وإلى الجمهور التونسي، كان مجسّداً فعلياً على الركح؛ من نبرة الصوت المرتعشة من فرحة التواجد أمام الآلاف من الحضور، إلى الثناء والتذكير المتواصل بأن «ذلك الركح المهيب» قد كان له الفضل لما وصلت إليه اليوم من تألق ونجاح.
فركح قرطاج، أول ركح تصعد عليه للغناء منذ 28 سنة، والجمهور التونسي كان أول جمهور عربي آمن بموهبتها.
بحديثها، وتحركها على المسرح، ومحاولة إرضاء كل ما يُطلب منها، كسرت الفنانة الإماراتية تلك الصورة النمطية التي رُسمت عنها بوصمها بالفنانة «المغرورة» أو «المتعالية»، فكان التواضع، والخجل أحياناً، والخوف والرهبة الممزوجان بفرح اللقاء أحياناً أخرى، سمة هذه السهرة. وتفاخرها بأنها ابنة الإمارات واعتزازها بوطنها لم يغيبا عن الأجواء أيضاً.
تواصلت السهرة على مدى ثلاث ساعات، تخللتها فترات من التوقف، إما لتعديل الآلات الموسيقية أو لإشكاليات تقنية في معدات الصوت، تمّ معالجتها ببعض من الحكمة والهدوء، وبحديث «أحلام» للجمهور ومداعبة مشاعره، ليكون التفاعل بالتصفيق وتعالي الأصوات بالزغاريد بمختلف أرجاء المدارج.
لقد وفّقت «أحلام» في تلبية طلبات جمهورها، الذي ردّد أغلب أغانيها معها، فغنّت على مدى ثلاث ساعات من قديمها وجديدها بقيادة المايسترو وليد فايد. وتنوّعت المقامات والإيقاعات لتشمل أغنيات «مثير»، «بطلنا نحب»، «ما يصح إلا الصحيح»، «تدري ليش أزعل عليك»، «عايش حياتك»، «ليه مضايق» و»رأس قمة» وغيرها، في اختيار يكشف شغفها بالتجديد وتمسكها بالأصالة. ومع أن الليلة كانت بطعم خليجي، فإن الوفاء أعادها إلى الذاكرة التونسية حين قدمت أغنية «عل المقياس»، التي كانت مفتاح نجاحها في أول ظهور لها بقرطاج، عندما نصحها الإعلامي الراحل نجيب الخطاب بأدائها قبل ثمانية وعشرين عاماً.
أعادت أحلام أداءها بشغف البداية، ترافقها لوحة راقصة للفرقة الوطنية للفنون الشعبية بمسرح أوبرا تونس، فتعالت الزغاريد، وكتبت المشهدية الاحتفالية لحظة حب نادرة، جعلتها ترقص على المسرح للحظات أثارت فيها تفاعل الجمهور من جديد. وبدت العديد من حركاتها وتفاعلاتها تلقائية، جعلتها تصنع لحظات إنسانية عفوية، من بينها صعود طفل صغير طلب أغنية «ما أريد»، فشاركها الغناء على ركح قرطاج وسط تصفيق الجمهور.
ليلة اختتام مهرجان قرطاج الدولي لم تكن عادية، بل كانت لوحة مكتملة الألوان، خطّتها أحلام بالحب والوفاء والاعتراف بفضل المكان والجمهور. ومع إسدال الستار على الدورة التاسعة والخمسين، تواصل الفنانة الإماراتية رحلتها في تونس، ليس فقط كصوت طربي عابر للمسافات، بل كسفيرة للثقافة والسياحة للبلاد، صحبة فريقها.
ايمان عبد اللطيف
من مسرح قرطاج العريق كانت البداية، وها هي بعد ثمانية وعشرين عاماً تعود إليه لتكتب فصلاً جديداً في حكايتها الفنية، وتمنح جمهورها أمسية طربية تليق بمجد هذا الركح وتاريخه. مساء 21 أوت 2025، اختتمت الفنانة الإماراتية أحلام فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، لتعيد وصل الحلم بالمكان الذي كان شاهداً على انطلاقتها الأولى.
وقفت أمام جمهورها بعفوية وصدق لتقول: «لقرطاج مكانة خاصة في نفسي، بدايتي من هنا، من هذا المسرح انطلقت، وحتى إن تغيّر الجمهور فهو يبقى محباً للطرب»، كلمات تختزل وفاء فنانة تدرك قيمة المنصة التي منحتها الاعتراف العربي قبل عقود. اختارت «أحلام» أن تكون انطلاقة سهرتها، وقبل صعودها على الركح، بعرض شريط فيديو قصير عرّفت من خلاله بنفسها وببداياتها الفنية، ومختلف المسارح التي صعدت عليها للغناء، لتُثني على الملحن الراحل أنور عبد الله، وهو أول من «وثق وآمن وراهن على نجاح موهبتها»، فقدمت معه الكثير من الأعمال التي اعتبرتها من الأعمال الخالدة في مسيرتها الفنية، وفق ما قالته.
لم تصعد الفنانة الإماراتية مباشرة على الركح بعد ذلك، إذ كانت هناك وصلة موسيقية لأغنية أم كلثوم «ألف ليلة وليلة»، وهي انطلاقة بلمسة خاصة من فريق الإعداد والمشرفين عليها، ورغم أنها كانت مطولة مما ترك الجمهور في فترة انتظار مشوّقة جداً لصعود «أحلام» للغناء، فإن هذا الانتظار رافقته أجواء التفاعل مع العزف، زادتها أضواء الركح جمالية، بالإضافة إلى أضواء الأساور الخاصة بمثل هذه التظاهرات، والتي وُزعت على الجمهور كهدية من ضيفة تونس.
كلّ ما نشرته «أحلام» على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، منذ أن تمّ الإعلان عن اختيارها لإقامة سهرة اختتام مهرجان قرطاج الدولي في دورته الـ 59، إلى حين وصولها إلى تونس، إلى تفاصيل البروفات، إلى مختلف الفيديوهات التي عبّرت فيها عن اشتياقها إلى صعود قرطاج، وإلى تونس، وإلى الجمهور التونسي، كان مجسّداً فعلياً على الركح؛ من نبرة الصوت المرتعشة من فرحة التواجد أمام الآلاف من الحضور، إلى الثناء والتذكير المتواصل بأن «ذلك الركح المهيب» قد كان له الفضل لما وصلت إليه اليوم من تألق ونجاح.
فركح قرطاج، أول ركح تصعد عليه للغناء منذ 28 سنة، والجمهور التونسي كان أول جمهور عربي آمن بموهبتها.
بحديثها، وتحركها على المسرح، ومحاولة إرضاء كل ما يُطلب منها، كسرت الفنانة الإماراتية تلك الصورة النمطية التي رُسمت عنها بوصمها بالفنانة «المغرورة» أو «المتعالية»، فكان التواضع، والخجل أحياناً، والخوف والرهبة الممزوجان بفرح اللقاء أحياناً أخرى، سمة هذه السهرة. وتفاخرها بأنها ابنة الإمارات واعتزازها بوطنها لم يغيبا عن الأجواء أيضاً.
تواصلت السهرة على مدى ثلاث ساعات، تخللتها فترات من التوقف، إما لتعديل الآلات الموسيقية أو لإشكاليات تقنية في معدات الصوت، تمّ معالجتها ببعض من الحكمة والهدوء، وبحديث «أحلام» للجمهور ومداعبة مشاعره، ليكون التفاعل بالتصفيق وتعالي الأصوات بالزغاريد بمختلف أرجاء المدارج.
لقد وفّقت «أحلام» في تلبية طلبات جمهورها، الذي ردّد أغلب أغانيها معها، فغنّت على مدى ثلاث ساعات من قديمها وجديدها بقيادة المايسترو وليد فايد. وتنوّعت المقامات والإيقاعات لتشمل أغنيات «مثير»، «بطلنا نحب»، «ما يصح إلا الصحيح»، «تدري ليش أزعل عليك»، «عايش حياتك»، «ليه مضايق» و»رأس قمة» وغيرها، في اختيار يكشف شغفها بالتجديد وتمسكها بالأصالة. ومع أن الليلة كانت بطعم خليجي، فإن الوفاء أعادها إلى الذاكرة التونسية حين قدمت أغنية «عل المقياس»، التي كانت مفتاح نجاحها في أول ظهور لها بقرطاج، عندما نصحها الإعلامي الراحل نجيب الخطاب بأدائها قبل ثمانية وعشرين عاماً.
أعادت أحلام أداءها بشغف البداية، ترافقها لوحة راقصة للفرقة الوطنية للفنون الشعبية بمسرح أوبرا تونس، فتعالت الزغاريد، وكتبت المشهدية الاحتفالية لحظة حب نادرة، جعلتها ترقص على المسرح للحظات أثارت فيها تفاعل الجمهور من جديد. وبدت العديد من حركاتها وتفاعلاتها تلقائية، جعلتها تصنع لحظات إنسانية عفوية، من بينها صعود طفل صغير طلب أغنية «ما أريد»، فشاركها الغناء على ركح قرطاج وسط تصفيق الجمهور.
ليلة اختتام مهرجان قرطاج الدولي لم تكن عادية، بل كانت لوحة مكتملة الألوان، خطّتها أحلام بالحب والوفاء والاعتراف بفضل المكان والجمهور. ومع إسدال الستار على الدورة التاسعة والخمسين، تواصل الفنانة الإماراتية رحلتها في تونس، ليس فقط كصوت طربي عابر للمسافات، بل كسفيرة للثقافة والسياحة للبلاد، صحبة فريقها.