شهد الاقتصاد التونسي خلال النصف الأول من سنة 2025 تطورا ملحوظا تمثل في تحقيق نسبة نمو بلغت 2.4 %، وفقا للبيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. هذا المؤشر الإيجابي لم يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل انعكس بشكل مباشر على سوق الشغل، حيث تم توفير قرابة 40 ألف وظيفة جديدة، مما ساهم في تقليص نسبة البطالة. يعكس هذا التحسن بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي، خاصة بعد سنوات من التحديات التي واجهتها البلاد.
اعتبر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، في تصريح لـ«الصباح»، أمس، أن هذه النتائج تحمل في طياتها رسائل طمأنة للمواطنين والمستثمرين. وفسر الشكندالي هذا التحسن بانتعاش الاستثمار العمومي والخاص، إلى جانب النمو الملحوظ في بعض القطاعات الحيوية مثل قطاع الفسفاط، الذي سجل نموا بنسبة 39.5 %، وقطاع البناء والأشغال، الذي حقق نموا قدره 9.8 %. هذه القطاعات لعبت دورا أساسيا في استعادة زخم المشاريع العمومية المتوقفة وتعزيز فرص العمل.
وأشار الشكندالي إلى أن البيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء تعكس انفراجة حقيقية في سوق الشغل خلال الثلاثي الثاني من السنة، وهو ما يؤكد أن الاقتصاد التونسي بدأ يستعيد جزءا من قوته. كما لفت إلى أن استمرار هذا الزخم قد يساهم في تعزيز الاستثمارات مستقبلا، خاصة مع ارتفاع ثقة المستثمرين في قدرة البلاد على تجاوز التحديات الاقتصادية.
انتعاشة سوق الشغل وتراجع البطالة
ومن أبرز المؤشرات الإيجابية التي رافقت ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي، حسب الشكندالي، هو التأثير المباشر على سوق الشغل. فقد تم توفير حوالي 39900 وظيفة جديدة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025. هذه الأرقام توضح أن الاقتصاد التونسي قد بدأ في خلق فرص حقيقية للعمل بفضل تحسن أداء القطاعات الإنتاجية. وقد انعكس هذا التحسن أيضا على مستوى البطالة، حيث شهدت نسبتها تراجعا بفضل المشاريع الجديدة التي أطلقتها الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص. وبحسب الخبراء، فإن هذا التراجع في البطالة يعكس تحسنا في التوازنات المالية الكبرى للدولة، وهو أمر ضروري لدفع عجلة النمو الاقتصادي.
نمو القطاعات الاقتصادية.. محرك رئيسي للتعافي
وأظهرت البيانات أن القطاعات الاقتصادية الحيوية كانت العامل الأساسي وراء هذا النمو، منها قطاع الفسفاط والمناجم، الذي سجل نموًا بنسبة 39.5 %، وكان من أكثر القطاعات مساهمة في تحسين الاقتصاد التونسي. هذا النمو يعكس استعادة القطاع لعافيته بعد سنوات من التراجع والإضرابات.
كذلك، شهد قطاع البناء والتشييد نموا بنسبة 9.8 %، وهو ما يدل على انتعاش المشاريع العمومية والخاصة، خاصة في مجالات البنية التحتية والإسكان. هذه المشاريع ساهمت بشكل كبير في خلق فرص عمل جديدة وساهمت في تحسين ظروف المعيشة للعديد من الأسر التونسية.
أما الأنشطة الصناعية، فقد سجلت زيادة بنسبة 3.4 %، مدفوعة بنمو الصناعات الكيميائية بنسبة 10.1 %، والصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 9.6 %. هذه الطفرة تعكس دور القطاع الصناعي في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الصادرات.
ارتفاع الطلب الداخلي ودوره في دعم الاقتصاد
أحد العوامل الرئيسية وراء هذا النمو كان ارتفاع الطلب الداخلي، الذي يشمل نفقات الاستهلاك والاستثمارات. فقد سجل الطلب الداخلي ارتفاعًا بنسبة 3.3 %، مما ساهم بإضافة 3.59 نقطة مئوية إلى نسبة النمو الإجمالي. هذا الارتفاع يعكس تحسنا في قدرة المواطنين على الإنفاق، وهو مؤشر إيجابي على استعادة الثقة في الاقتصاد.
انعكاسات إيجابية على المالية العامة للدولة
ويرى الخبير الاقتصادي معز حديدان، في تصريح لـ«الصباح»، أمس، أن ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي يعكس تحسنا في التوازنات المالية الكبرى للدولة. ومع تراجع البطالة وزيادة فرص العمل، من المتوقع أن ترتفع المداخيل الجبائية للدولة بفضل زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة. هذا التحسن في الإيرادات سيمنح الحكومة قدرة أكبر على تمويل مشاريعها العمومية وتقليص العجز المالي.
كما أشار حديدان إلى أن هذه النتائج الإيجابية قد تسهم في تعزيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية، خاصة مع استقرار المؤشرات الاقتصادية وتحسن المناخ العام للأعمال. وأضاف أن هذه الأرقام ستظهر انعكاساتها الإيجابية بشكل أوضح على المدى القريب، لكنها تتطلب جهودًا إضافية لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
تحسين القدرة الشرائية.. تحدّ مستقبلي
رغم التحسن الملحوظ في المؤشرات الاقتصادية، لا يزال التحدي الأكبر يتمثل في تحسين القدرة الشرائية للتونسيين، حيث يرى الخبراء أن محدودية الدخل قد تحول دون شعور المواطنين بالفوائد الكاملة لهذا الانتعاش الاقتصادي. لذلك، فإن تحسين الأجور وزيادة الدخل هما خطوتان أساسيتان يجب اتخاذهما لضمان استفادة الجميع من هذه التحولات الإيجابية. كما أن تحسين مستوى المعيشة للمواطنين سيعزز من الثقة في الاقتصاد ويحفز الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما يدعم الطلب الداخلي ويعزز النمو الاقتصادي بشكل مستدام. هذا يتطلب من الحكومة وضع سياسات اقتصادية واجتماعية تعزز من عدالة توزيع الثروات وتقلص من الفجوة بين الفئات الاجتماعية.
نحو اقتصاد أكثر استدامة
وتشير المؤشرات الحالية إلى أن الاقتصاد التونسي يسير على الطريق الصحيح نحو التعافي. لكن لتحقيق استدامة هذا النمو، يشدد خبراء الاقتصاد على ضرورة التركيز على عدة محاور رئيسية:
أولا: يجب تعزيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية مثل الفلاحة والصناعة والتكنولوجيا، لما لها من إمكانيات كبيرة لخلق فرص عمل ودعم الاقتصاد المحلي.
ثانيا: ينبغي تحسين البنية التحتية لجذب المزيد من الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية. فالاستثمار في مشاريع البنية التحتية لا يعزز فقط من النمو، بل يخلق أيضًا بيئة ملائمة للأعمال ويشجع على الابتكار.
ثالثا: يتعين على الحكومة تحسين السياسات الضريبية لتشجيع الشركات على التوسع، إلى جانب تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والنقل لتعزيز جودة الحياة وزيادة إنتاجية القوى العاملة.
بداية جديدة للاقتصاد التونسي
إن تحقيق نسبة نمو بلغت 2.4 % خلال النصف الأول من سنة 2025 هو مؤشر إيجابي يعكس بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي في تونس. هذا التحسن لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة لجهود كبيرة في دعم القطاعات الإنتاجية وتنفيذ مشاريع عمومية جديدة. ومع توفير حوالي 40 ألف فرصة عمل جديدة، وتقليص نسبة البطالة من 15.7 % إلى 15.3 %، يبدو أن سوق الشغل في تونس بدأ يستعيد عافيته.
لكن لتحقيق استدامة هذا النمو، يجب التركيز على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتعزيز الاستثمارات، ودعم القطاعات الإنتاجية.
وحسب خبراء الاقتصاد، فإن من أبرز الأولويات في المرحلة القادمة هو دفع التشغيل بشكل مستدام، خاصة بعد خلق حوالي 40 ألف وظيفة جديدة خلال الثلاثي الثاني من السنة. هذا العدد يعكس تحسنا ملموسا في سوق الشغل، لكنه يظل غير كاف بالنظر إلى حجم التحديات، لا سيما ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والخريجين الجدد.
على هذا الأساس، يشدد خبراء الاقتصاد على ضرورة أن تركز السياسات الاقتصادية المقبلة على تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز القطاعات القادرة على خلق فرص عمل إضافية، مثل التكنولوجيا، والخدمات، والصناعات التحويلية. كما أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليص البطالة، نظرا لدورها المحوري في تشغيل الشباب ودفع عجلة الاقتصاد المحلي.
إلى جانب ذلك، تبقى آفاق الاقتصاد التونسي مرتبطة بقدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة تُسهم في تحسين كفاءة القطاعات الإنتاجية، وتعزيز التصدير، وجذب الاستثمارات الخارجية. كما أن تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتوفير بيئة اجتماعية مستقرة سيُعززان من ثقة الشعب في الاقتصاد ويدعمان الاستهلاك المحلي.
المؤشرات الحالية تبعث على التفاؤل، لكنها تتطلب مواصلة العمل الجاد والبناء على ما تحقق، لضمان أن يكون هذا النمو أساسا لنقلة نوعية في الاقتصاد التونسي، حيث يصبح التشغيل المستدام ركيزة أساسية لتحقيق تطلعات التونسيين نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.
سفيان المهداوي
شهد الاقتصاد التونسي خلال النصف الأول من سنة 2025 تطورا ملحوظا تمثل في تحقيق نسبة نمو بلغت 2.4 %، وفقا للبيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. هذا المؤشر الإيجابي لم يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل انعكس بشكل مباشر على سوق الشغل، حيث تم توفير قرابة 40 ألف وظيفة جديدة، مما ساهم في تقليص نسبة البطالة. يعكس هذا التحسن بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي، خاصة بعد سنوات من التحديات التي واجهتها البلاد.
اعتبر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، في تصريح لـ«الصباح»، أمس، أن هذه النتائج تحمل في طياتها رسائل طمأنة للمواطنين والمستثمرين. وفسر الشكندالي هذا التحسن بانتعاش الاستثمار العمومي والخاص، إلى جانب النمو الملحوظ في بعض القطاعات الحيوية مثل قطاع الفسفاط، الذي سجل نموا بنسبة 39.5 %، وقطاع البناء والأشغال، الذي حقق نموا قدره 9.8 %. هذه القطاعات لعبت دورا أساسيا في استعادة زخم المشاريع العمومية المتوقفة وتعزيز فرص العمل.
وأشار الشكندالي إلى أن البيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء تعكس انفراجة حقيقية في سوق الشغل خلال الثلاثي الثاني من السنة، وهو ما يؤكد أن الاقتصاد التونسي بدأ يستعيد جزءا من قوته. كما لفت إلى أن استمرار هذا الزخم قد يساهم في تعزيز الاستثمارات مستقبلا، خاصة مع ارتفاع ثقة المستثمرين في قدرة البلاد على تجاوز التحديات الاقتصادية.
انتعاشة سوق الشغل وتراجع البطالة
ومن أبرز المؤشرات الإيجابية التي رافقت ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي، حسب الشكندالي، هو التأثير المباشر على سوق الشغل. فقد تم توفير حوالي 39900 وظيفة جديدة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025. هذه الأرقام توضح أن الاقتصاد التونسي قد بدأ في خلق فرص حقيقية للعمل بفضل تحسن أداء القطاعات الإنتاجية. وقد انعكس هذا التحسن أيضا على مستوى البطالة، حيث شهدت نسبتها تراجعا بفضل المشاريع الجديدة التي أطلقتها الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص. وبحسب الخبراء، فإن هذا التراجع في البطالة يعكس تحسنا في التوازنات المالية الكبرى للدولة، وهو أمر ضروري لدفع عجلة النمو الاقتصادي.
نمو القطاعات الاقتصادية.. محرك رئيسي للتعافي
وأظهرت البيانات أن القطاعات الاقتصادية الحيوية كانت العامل الأساسي وراء هذا النمو، منها قطاع الفسفاط والمناجم، الذي سجل نموًا بنسبة 39.5 %، وكان من أكثر القطاعات مساهمة في تحسين الاقتصاد التونسي. هذا النمو يعكس استعادة القطاع لعافيته بعد سنوات من التراجع والإضرابات.
كذلك، شهد قطاع البناء والتشييد نموا بنسبة 9.8 %، وهو ما يدل على انتعاش المشاريع العمومية والخاصة، خاصة في مجالات البنية التحتية والإسكان. هذه المشاريع ساهمت بشكل كبير في خلق فرص عمل جديدة وساهمت في تحسين ظروف المعيشة للعديد من الأسر التونسية.
أما الأنشطة الصناعية، فقد سجلت زيادة بنسبة 3.4 %، مدفوعة بنمو الصناعات الكيميائية بنسبة 10.1 %، والصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 9.6 %. هذه الطفرة تعكس دور القطاع الصناعي في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الصادرات.
ارتفاع الطلب الداخلي ودوره في دعم الاقتصاد
أحد العوامل الرئيسية وراء هذا النمو كان ارتفاع الطلب الداخلي، الذي يشمل نفقات الاستهلاك والاستثمارات. فقد سجل الطلب الداخلي ارتفاعًا بنسبة 3.3 %، مما ساهم بإضافة 3.59 نقطة مئوية إلى نسبة النمو الإجمالي. هذا الارتفاع يعكس تحسنا في قدرة المواطنين على الإنفاق، وهو مؤشر إيجابي على استعادة الثقة في الاقتصاد.
انعكاسات إيجابية على المالية العامة للدولة
ويرى الخبير الاقتصادي معز حديدان، في تصريح لـ«الصباح»، أمس، أن ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي يعكس تحسنا في التوازنات المالية الكبرى للدولة. ومع تراجع البطالة وزيادة فرص العمل، من المتوقع أن ترتفع المداخيل الجبائية للدولة بفضل زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة. هذا التحسن في الإيرادات سيمنح الحكومة قدرة أكبر على تمويل مشاريعها العمومية وتقليص العجز المالي.
كما أشار حديدان إلى أن هذه النتائج الإيجابية قد تسهم في تعزيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية، خاصة مع استقرار المؤشرات الاقتصادية وتحسن المناخ العام للأعمال. وأضاف أن هذه الأرقام ستظهر انعكاساتها الإيجابية بشكل أوضح على المدى القريب، لكنها تتطلب جهودًا إضافية لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
تحسين القدرة الشرائية.. تحدّ مستقبلي
رغم التحسن الملحوظ في المؤشرات الاقتصادية، لا يزال التحدي الأكبر يتمثل في تحسين القدرة الشرائية للتونسيين، حيث يرى الخبراء أن محدودية الدخل قد تحول دون شعور المواطنين بالفوائد الكاملة لهذا الانتعاش الاقتصادي. لذلك، فإن تحسين الأجور وزيادة الدخل هما خطوتان أساسيتان يجب اتخاذهما لضمان استفادة الجميع من هذه التحولات الإيجابية. كما أن تحسين مستوى المعيشة للمواطنين سيعزز من الثقة في الاقتصاد ويحفز الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما يدعم الطلب الداخلي ويعزز النمو الاقتصادي بشكل مستدام. هذا يتطلب من الحكومة وضع سياسات اقتصادية واجتماعية تعزز من عدالة توزيع الثروات وتقلص من الفجوة بين الفئات الاجتماعية.
نحو اقتصاد أكثر استدامة
وتشير المؤشرات الحالية إلى أن الاقتصاد التونسي يسير على الطريق الصحيح نحو التعافي. لكن لتحقيق استدامة هذا النمو، يشدد خبراء الاقتصاد على ضرورة التركيز على عدة محاور رئيسية:
أولا: يجب تعزيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية مثل الفلاحة والصناعة والتكنولوجيا، لما لها من إمكانيات كبيرة لخلق فرص عمل ودعم الاقتصاد المحلي.
ثانيا: ينبغي تحسين البنية التحتية لجذب المزيد من الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية. فالاستثمار في مشاريع البنية التحتية لا يعزز فقط من النمو، بل يخلق أيضًا بيئة ملائمة للأعمال ويشجع على الابتكار.
ثالثا: يتعين على الحكومة تحسين السياسات الضريبية لتشجيع الشركات على التوسع، إلى جانب تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والنقل لتعزيز جودة الحياة وزيادة إنتاجية القوى العاملة.
بداية جديدة للاقتصاد التونسي
إن تحقيق نسبة نمو بلغت 2.4 % خلال النصف الأول من سنة 2025 هو مؤشر إيجابي يعكس بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي في تونس. هذا التحسن لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة لجهود كبيرة في دعم القطاعات الإنتاجية وتنفيذ مشاريع عمومية جديدة. ومع توفير حوالي 40 ألف فرصة عمل جديدة، وتقليص نسبة البطالة من 15.7 % إلى 15.3 %، يبدو أن سوق الشغل في تونس بدأ يستعيد عافيته.
لكن لتحقيق استدامة هذا النمو، يجب التركيز على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتعزيز الاستثمارات، ودعم القطاعات الإنتاجية.
وحسب خبراء الاقتصاد، فإن من أبرز الأولويات في المرحلة القادمة هو دفع التشغيل بشكل مستدام، خاصة بعد خلق حوالي 40 ألف وظيفة جديدة خلال الثلاثي الثاني من السنة. هذا العدد يعكس تحسنا ملموسا في سوق الشغل، لكنه يظل غير كاف بالنظر إلى حجم التحديات، لا سيما ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والخريجين الجدد.
على هذا الأساس، يشدد خبراء الاقتصاد على ضرورة أن تركز السياسات الاقتصادية المقبلة على تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز القطاعات القادرة على خلق فرص عمل إضافية، مثل التكنولوجيا، والخدمات، والصناعات التحويلية. كما أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليص البطالة، نظرا لدورها المحوري في تشغيل الشباب ودفع عجلة الاقتصاد المحلي.
إلى جانب ذلك، تبقى آفاق الاقتصاد التونسي مرتبطة بقدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة تُسهم في تحسين كفاءة القطاعات الإنتاجية، وتعزيز التصدير، وجذب الاستثمارات الخارجية. كما أن تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتوفير بيئة اجتماعية مستقرة سيُعززان من ثقة الشعب في الاقتصاد ويدعمان الاستهلاك المحلي.
المؤشرات الحالية تبعث على التفاؤل، لكنها تتطلب مواصلة العمل الجاد والبناء على ما تحقق، لضمان أن يكون هذا النمو أساسا لنقلة نوعية في الاقتصاد التونسي، حيث يصبح التشغيل المستدام ركيزة أساسية لتحقيق تطلعات التونسيين نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.