- نائب رئيس لجنة التشريع العام لـ«الصباح»: سنعمل على مراجعة مرسوم المحاماة
في خضم الاستعدادات الجارية للجلسة العامة الانتخابية لانتخاب عميد المحامين ومجلس الهيئة الوطنية للمحامين المنتظر عقدها يوم 13 سبتمبر 2025 بمدينة الثقافة بالعاصمة بدعوة من العميد حاتم المزيو، كثر الحديث عن النقائص التي تشوب المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 أوت 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة الصادر منذ 14 سنة، ولتجاوز تلك الثغرات هناك اتجاه لتعديله، حيث أكد صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب أن اللجنة ستنظر خلال الدورة النيابية القادمة في مقترح قانون أساسي جديد لتنظيم مهنة المحاماة.
وأضاف مباركي في تصريح لـ«الصباح» أنه من المنتظر برمجة جلسة هذا الشهر للنظر في قائمة مقترحات القوانين التي أحالها مكتب المجلس إلى اللجنة وهي كثيرة ومنها المقترح المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وذلك لتحديد الأولويات.
وأقر مباركي بوجود حاجة لتنقيح المرسوم 79 سالف الذكر، لكنه أكد في المقابل على ضرورة عدم التسرع في دراسة مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة المحال إلى لجنة التشريع العام، وبين أن اللجنة ستتبع في دراسته نفس المنهجية التي دأبت على اعتمادها بمناسبة النظر في مختلف مشاريع القوانين أو المبادرات التشريعية ومنها على سبيل الذكر مقترح القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 سنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، إذ ستستمع في بداية الأمر إلى النواب الممثلين عن جهة المبادرة.
وتم تقديم المبادرة المتعلقة بتنظيم مهنة المحاماة من قبل نواب ينتمون إلى كتلة الخط الوطني السيادي وكتلة لينتصر الشعب إضافة إلى نواب من غير المنتمين إلى كتل وهم على التوالي عبد السلام الحمروني ومحمد علي وعلي بوزوزية وياسر قوراري والطاهر بن منصور وأحمد سعيداني ويوسف طرشون وبثينة الغانمي وبدر الدين قمودي وألفة المرواني والنوري الجريدي ومحمد ماجدي وعادل بوسالمي وضحى السالمي وثامر مزهود وبوبكر بن يحي وشفيق عز الدين الزعفوري وبلال المشري ومختار عيفاوي.
وإضافة إلى الاستماع إلى جهة المبادرة التشريعية، قال صالح مباركي إن لجنة التشريع العام ستستمع بالضرورة إلى رأي الوظيفة التنفيذية في المبادرة المذكورة وخاصة وزارة العدل ووزارة المالية ورئاسة الحكومة، وستسمع كذلك إلى الهيئة الوطنية للمحامين والهيئة الوطنية لعدول الإشهاد والهيئة الوطنية لعدول التنفيذ وغيرها من الهيئات والجهات المعنية بمقترح القانون، كما يمكن عقد جلسات استماع إلى عدد من الخبراء.
نقاش مستفيض
ويرى صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام أنه مهما اختلفت الآراء بشأن مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة فإن اللجنة مدعوة إلى دراسته وتعديله إن اقتضى الأمر وتقديم تقريرها حوله لتكون الجلسة العامة هي الفيصل. ويتوقع مباركي أن دراسة هذه المبادرة ستستغرق وقتا طويلا وذلك بالنظر إلى أهمية التعديلات التي تضمنتها والتي من المتوقع أن تكون محل نقاش مستفيض. وذكر أن اللجنة على سبيل الذكر كانت قد أمضت في دراسة مقترحين يتعلقان بتعديل الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية دورتين نيابيتين لتتوصل بعد إجهاد كبير إلى تقديم نص حظي بموافقة الجلسة العامة ليصدر هذا القانون في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
قانون أساسي
وبالإطلاع على المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم مهنة المحاماة، يذكر أنها اتخذت شكل قانون أساسي، وأشار أصحابها في وثيقة شرح الأسباب إلى أن السنوات التي مرت على صدور المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة كانت كفيلة بإبراز الحاجة الملحة لتنقيحه خاصة في ظل التحولات التي عرفتها بقية المهن القانونية وتردي الخدمات القضائية وارتفاع عدد المنتسبين للمهنة من القضاة المتقاعدين أو المستقلين مما أثر سلبا على مبدأ تكافؤ الفرص.
وبينوا أن حصاد سنوات تطبيق المرسوم عدد 79 لئن كان يدعو إلى تنقيح هذا المرسوم فإن هذا المطلب ظل محل نقاش واسع في أوساط المحامين باعتباره مطلب دستوري سعت جميع هيئات المحامين المتعاقبة إلى بلورته في مشروع قانون أساسي، وأشاروا إلى أنه بعد مرور 14 سنة صار الإصلاح مطلبا ملحا واستوجب الأمر التعجيل بتنقيح هذا المرسوم للحد من التداعيات الخطيرة على المهنة ضمانا لدورها التعديلي في تحقيق السلم الاجتماعي والنمو الاقتصادي.
وجاء في نفس وثيقة شرح الأسباب أن مشروع القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة يهدف إلى تلافي بعض النقائص التي كشفتها الممارسة من حيث دور المحاماة وأهدافها وتطوير أداء المحامين، وتكريس توحيد المدخل للهيئة، وضمان وحدة المحاماة ونجاعة هياكل تسييرها، وضمان شفافية العلاقة بين المحامي ومنوبه والحقوق المالية لكل منهما.
وبين أصحاب مقترح القانون في هذه الوثيقة المرفقة بمبادرتهم التشريعية أنه من حيث دور المحاماة وأهدافها فقد كشف المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة عن وجود تصور ضيق لدور المحاماة، إذ لئن أولى هذا المرسوم الاهتمام لدور المحاماة في الدفاع عن الحقوق والحريات مكرسا بذلك التصور الكلاسيكي للمحاماة في الدفاع عن الأفراد والذوات المعنوية أمام المحاكم والهيئات التعديلية، فإنه تغافل عن توفير الضمانات القانونية الكفيلة بضمان حق المواطن في التمتع بالدفاع مما يجعله حبيس تصور ضيق لدور المحاماة باعتبارها لا تعدو أن تكون إلا حرفة يمتهن منتسبها الدفاع عن الذوات الطبيعية أو المعنوية أمام المحاكم فيما يطرأ بينهم من نزاعات. وتتجلى مظاهر القصور الذي شاب المرسوم عدد 79 لسنة 2011 حسب قولهم، في أنه خص المحامي بنيابة الأطراف على اختلاف طبيعتهم أمام المحاكم دون أن تتضمن المنظومة التشريعية الآليات القانونية الكفيلة بضمان حق التقاضي وحق الدفاع مما حرم عديد الفئات الاجتماعية من الحق في الاستعانة بمحام. وفسر النواب في نفس الوثيقة أن المشرع الدستوري تفطن لهذا النقص وجاء الفصل 124 من الدستور لينص على أن «حق التقاضي وحق الدفاع مضمونان، وييسر القانون اللجوء إلى القضاء ويكفل لغير القادرين ماليا الإعانة العدلية». وبينوا أن مشروع القانون يندرج في هذا السياق، إذ في ظل التضخم التشريعي وكثرة النصوص القانونية المنظمة للعلاقات الاجتماعية التي أضحى على محترفي العمل القانوني الإلمام بها أصبح من الضروري ضمان حق كل مواطن في الاستعانة بمحامي تكريسا للحق في النفاذ للقضاء، وأوضحوا أنه لم يعد من المقبول أن ترفع نوازل على غاية من التعقيد القانوني أمام القضاء دون تهيئة الدعوى والدفاع بواسطة محامي بحجة أن المبلغ محل النزاع لا يتجاوز سبع آلاف دينار، أو أن تنظر المحاكم في جرائم سالبة للحرية قد تصل عقوبتها لمدة خمس سنوات دون تيسير الدفاع. ويعتبر أصحاب مقترح القانون أن النفاذ للقضاء لا يقدر بالمال المتنازع عليه أو بالتكييف القانوني للجريمة إن كانت جنحة أو جناية، وأشاروا إلى ضرورة ضمان الحق في النفاذ إلى القضاء الذي أضحى من مبادئ حقوق الإنسان وفسروا أن هذا الحق في الأنظمة الديمقراطية هو من الضمانات القانونية لكل مواطن في محاكمة عادلة.
وفي عرضهم لمضامين المبادرة التشريعية، أشار النواب إلى أنه إدراكا لسمو مبدأ الحق في النفاذ للعدالة الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستعانة بالمحامي مهما كانت طبيعة النزاع والقيمة المالية للحقوق المتنازع عليها، اتجه مشروع تنقيح المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة في الفصل 2 جديد إلى التنصيص على أن جميع الدعاوى والطعون والأعمال الولائية والأذون ترفع بواسطة محامي باستثناء قضايا النفقات والطفولة المهددة، تحت طائلة البطلان وأن الاستعانة بمحامي وجوبية في الجنح والجنايات وإذا تعذر على المتهم انتخاب محامي فإن رئيس المحكمة المختصة المنتصب للنظر في الدعوى يحيل الأمر لمكتب الإعانة العدلية لتعيّن له محاميا يتولى الدفاع عنه، وهذا التوجه حسب قول أصحاب المقترح يتطابق مع أحكام الفقرة الثانية من الفصل 108 من الدستور كآلية قانونية لضمان الحق في النفاذ للعدالة والحق في الدفاع.
المحامي المستشار
وأشارت جهة المبادرة في وثيقة شرح الأسباب إلى أن إضافة الحق في النفاذ إلى العدالة كحق دستوري، يحمل على المحاماة واجب النهوض بهذا الحق في إطار توفير شروط المحاكمة العادلة، وفسروا أن تصور المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، لدور المحاماة بقي سجين رؤية تقليدية قائمة على العلاقات التنازعية بين أفراد المجتمع وبالتالي أهمل حقيقة أن المحامي ينهض بدور الفاعل الاقتصادي المؤثر في حوكمة المؤسسات الاقتصادية ونموها والداعم للاستثمار، وبالتالي فمن غير المستساغ في ظل العولمة الاقتصادية واحتداد المنافسة إقصاء المحامي من النشاط الاقتصادي للمؤسسة والحال أنه خبير في مجال ضمان سلامة المعلومة القانوني لجميع أوجه النشاط الاقتصادي، وفسروا أن المشرع التونسي أوجب على صنف الشركات التجارية تعيين مراقب حسابات لكن مهامه بقيت مقتصرة على التحقق من سلامة القوائم المالية للشركة وضمان نزاهتها دون أن يصل دوره إلى حد تحقيق سلامة المعلومة القانونية للشركة من حيث شروط التأسيس ومحررات الشركة من محاضر جلسات وعدم تضارب المصالح واتفاقات بين الشركة ومسيّرها وعقود التعاملات بينها وبين مزوديها وحرفائها، وأوضحوا أن تحقيق سلامة المعلومة القانونية هو جوهر التدقيق القانوني الذي يتطلب تدخل أهل الخبرة من المحامين المؤهلين للتثبت في جميع الجوانب القانونية للشركة وسلامة تعاملاتها وهو ما لا يمكن أن يعهد به لغيرهم من ذوي المهن المحاسباتية أو الجبائية، وفي هذا السياق اقترح أصحاب المبادرة إضافة الفصل الثاني مكرر و2 ثالثا للمرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة بهدف ضمان حوكمة المؤسسات الاقتصادية بما يكفل سلامة مداولتها ومعاملاتها كمهمة من المهام القانونية التي ينهض بها المحامي كفاعل اقتصادي وذلك بتقرير خطة المحامي المستشار للمؤسسة الاقتصادية. كما تم صلب المبادرة تكريس شرط جديد للترسيم بالاستئناف والتعقيب يوجب حضور دورات تكوينية يتم تنظيمها من قبل مجلس هيئة المحامين أو المعهد الأعلى للمحاماة أو بالاشتراك بينهما.
توحيد المدخل للمهنة
ولتكريس توحيد المدخل لمهنة المحاماة أشار أصحاب مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مشروع تنقيح المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة ذهب إلى إلغاء الفقرة الأخيرة من الفصل الثالث أي أن من اختار القضاء لا يمكنه أن يعود بعدها للمحاماة. وبينوا أن المشرّع التونسي حافظ على استثناء وصفوه بالخطير حيث خول لمن باشر القضاء لمدة عشر سنوات ما لم يكن معزولا لأسباب مخلة بالشرف، الالتحاق بمهنة المحاماة مما مكن مئات القضاة خلال العشرية الماضية من الالتحاق بالمحاماة أو الانتصاب بالدائرة الترابية للمحكمة التي كان يشغل فيها خطة قاض وهو ما خلق عديد المظاهر المخلة بشرف المهنة من استجلاب للحرفاء والمتاجرة بالجاه والخطة القضائية وأثر ذلك على مبدأ تكافؤ الفرص خاصة بين المحامين الشبان الملتحقين بالمهنة عن طريق المعهد الأعلى للمحاماة المفتقرين للجاه ولشبكة العلاقات وبين من كانوا يشغلون خطة قضائية.
أما من حيث ضمان وحدة المحاماة فقد اقترح أصحاب المبادرة المحافظة على الفروع الجهوية للمحامين لتأثيرها الايجابي في تقريب الخدمات من المحامين والمتقاضين مقابل الحد من صلاحيات رئيس الفرع الجهوي للمحامين من خلال إنشاء ثلاثة مجالس جهوية: مجلس بإقليم الشمال ومجلس بإقليم الوسط ومجلس بإقليم الجنوب، وتسند لهذه المجالس صلاحيات الإحالة على عدم المباشرة والإحالة على مجلس التأديب وذلك ضمانا لموضوعية القرارات التأديبية وحياديتها وحفاظا على مركزية القرار إذ لا يمكن حسب تعبيرهم إدارة شؤون المحامين برؤوس متعددة.
كما ذهب مقترح القانون إلى العدول عن شرط منع الترشح لخطة عميد المحامين ورئيس الفرع الجهوي ورئيس المجلس الجهوي للمرة الثانية بالنسبة لمن سبق له تحمل المسؤولية. وبين أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب أن مدة نيابية واحدة لا تفي المترشح حقه في تنفيذ برنامجه الانتخابي، وتم من خلال نفس المبادرة تدارك الأخطاء التي شابت المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة في علاقة بإجراءات الطعن، كما تم العمل على مزيد حوكمة صندوق إيداع الأموال المستخلصة أو المقبوضة لفائدة الحرفاء وإقرار وجوبية إيداع جميع الأموال التي يستلمها المحامي في حق حريفة للصندوق بما يمكّن من تلافي الظواهر المخلة بشرف المهنة من قبيل الاستيلاء على أموال الحرفاء وفضلا عن ذلك يضمن هذا التنقيح للمحامي استخلاص أتعابه الاتفاقية أو المسعرة بصورة قانونية ويمكّن الهيئة الوطنية للمحامين من موارد إضافية يمكن تخصيصها لتحسين أوضاع المحامين. وأقر مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة في جانب منه إلغاء الجمع بين جراية التقاعد للمحامين أو أي جراية تقاعد أخرى وذلك لتلافي إثقال كاهل صندوق الحيطة والتقاعد الخاص بالمحامين وكاهل الصناديق الاجتماعية الأخرى.
خمسة فصول
وتضمنت المبادرة التشريعية المعروضة على أنظار لجنة التشريع العام والمتمثلة في مقترح قانون أساسي لتنظيم مهنة المحاماة خمسة فصول، ونص الفصل الأول على إلغاء 48 فصلا من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وتعويضها بفصول جديدة، منها على سبيل الذكر وليس الحصر فصل نص على أن المحاماة مهنة حرة مستقلة تشارك في إقامة العدل وتدافع عن الحريات والحقوق الإنسانية، يتمتع المحامي بجميع الضمانات القانونية التي تكفل حمايته وتمكنه من تأدية مهامه، وفصل آخر نص على أن يختص المحامي دون سواه بنيابة الأطراف على اختلاف طبيعتهم القانونية ومساعدتهم بالنصح والاستشارة وإتمام جميع الإجراءات في حقهم والدفاع عنهم لدى المحاكم وسائر الهيئات القضائية والإدارية والتأديبية والتعديلية وأمام الضابطة العدلية وتحرير عقود تأسيس الشركات أو حلها أو الترفيع أو التخفيض في رأسمالها أو اندماجها أو استيعابها أو انقسامها وعقود إحالة الحصص والأسهم والمساهمة بأصل تجاري في رأس مالها والعقود المتعلقة بإحالة الأصول التجارية وتسويغها ورهنها وعقود الكراء العقاري أو الفلاحي التي تتجاوز مدتها ثلاث سنوات أو التي يبلغ معين كرائها السنوي أكثر من خمسة آلاف دينار.. كما يختص المحامي بتحرير العقود والاتفاقات المتعلقة بالتفويت في العقارات طبق القانون وعقود المساهمات العينية في رأسمال الشركات التجارية، كل ذلك دون المساس بما أجازه القانون لعدول الإشهاد ولمحرري العقود التابعين لإدارة الملكية العقارية. ولا يمكن توكيل غير المحامين برفع الدعاوى أو الطعون أو النيابة والحضور أو تقديم الأعمال الولائية أو المطالب أمام المحاكم. وتعد الأعمال المنجزة من قبل غير من ذكر باطلة بطلانا مطلقا. وتكون الاستعانة بمحام وجوبية في الجنح والجنايت وإذ لم ينتخب المتهم محاميا يحيل الرئيس الأمر لمكتب الإعانة العدلية ليعين له محاميا يتولى الدفاع عنه. كما يتولى المحامي القيام خاصة بمهام التحكيم والوساطة والمصالحة والائتمان والتصفية الرضائية والتعهد بعقود الوكالة وبأعمال التفاوض والمصاحبة والتمثيل لدى المصالح الجبائية والإدارية وبمهام التكوين. ويمكنه تمثيل حرفائه أو الحضور إلى جانبهم في الجلسات العامة أو هياكل التسيير الجماعي، وفق ما تنص عليه العقود التأسيسية للشركات التجارية. كما يجوز للمحامي المرسّم لدى التعقيب القيام بمهام عضوية مجالس الإدارة أو مجالس المراقبة في الشركات التجارية. ويتولى المحامي في إطار اختصاصاته تنفيذ المأموريات المسندة إليه من المحاكم وسائر الهيئات القضائية أو التعديلية. كما يمكن له القيام بمهام الوكيل الرياضي أو وكيل الفنانين أو وكيل الملكية الفكرية أو الصناعية أو مهام التصرف الائتماني طبق التشريع الجاري به العمل. ويتولى المحامي مهر العقود والاتفاقيات التي حررها بإمضائه وختمه ووضع طابع المحاماة عليها ويسمى هذا العقد عقد المحامي ويقع التنصيص فيه وجوبا على أن المحامي أعلم طرفي العقد ببنوده ووضح لهما محتواه والآثار القانونية الناتجة عنه. وللمحامي أن يتنقل خارج مكتبه بكل حرية وإن اقتضى الأمر خارج البلاد التونسية لغاية تنفيذ المهام المبينة أعلاه ما لم يكن ذلك مخالفا لقوانين الدول المعنية.
أما الفصل الثاني من المبادرة التشريعية فقد نص على إلغاء عنوان القسم الأول من الباب الخامس من المرسوم المذكور وتعويضه بالعنوان التالي : في الهيئة الوطنية للمحامين والمجالس الجهوية وفروعها، في حين نص الفصل الثالث على إضافة الفصل 2 مكرر و2 ثالثا إلى القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وهما يتعلقان بالمحامي المستشار وحسب الفصل الرابع يجري العمل ببقية فصول المرسوم عدد 79 التي لا يقع تعديلها بموجب القانون الجديد أما الفصل الأخير فنص على أن تطبق أحكام هذا القانون بداية من تاريخ دخوله حيز التنفيذ وعلى إلغاء جميع النصوص القانونية المخالفة له وعلى أن تستمر هياكل التسيير والتأديب المنتخبة قبل صدوره في مباشرة مهامها إلى حين انتهاء المدة النيابية.
وعلى غرار مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد ومقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي من المنتظر أن يثير مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة جدلا تحت قبة البرلمان وذلك بالنظر إلى مضامينه الرامية إلى إدخال تعديلات جوهرية على المرسوم عدد 79 لسنة 2011 الصادر بعد الثورة.
سعيدة بوهلال
- نائب رئيس لجنة التشريع العام لـ«الصباح»: سنعمل على مراجعة مرسوم المحاماة
في خضم الاستعدادات الجارية للجلسة العامة الانتخابية لانتخاب عميد المحامين ومجلس الهيئة الوطنية للمحامين المنتظر عقدها يوم 13 سبتمبر 2025 بمدينة الثقافة بالعاصمة بدعوة من العميد حاتم المزيو، كثر الحديث عن النقائص التي تشوب المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 أوت 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة الصادر منذ 14 سنة، ولتجاوز تلك الثغرات هناك اتجاه لتعديله، حيث أكد صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب أن اللجنة ستنظر خلال الدورة النيابية القادمة في مقترح قانون أساسي جديد لتنظيم مهنة المحاماة.
وأضاف مباركي في تصريح لـ«الصباح» أنه من المنتظر برمجة جلسة هذا الشهر للنظر في قائمة مقترحات القوانين التي أحالها مكتب المجلس إلى اللجنة وهي كثيرة ومنها المقترح المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وذلك لتحديد الأولويات.
وأقر مباركي بوجود حاجة لتنقيح المرسوم 79 سالف الذكر، لكنه أكد في المقابل على ضرورة عدم التسرع في دراسة مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة المحال إلى لجنة التشريع العام، وبين أن اللجنة ستتبع في دراسته نفس المنهجية التي دأبت على اعتمادها بمناسبة النظر في مختلف مشاريع القوانين أو المبادرات التشريعية ومنها على سبيل الذكر مقترح القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 سنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، إذ ستستمع في بداية الأمر إلى النواب الممثلين عن جهة المبادرة.
وتم تقديم المبادرة المتعلقة بتنظيم مهنة المحاماة من قبل نواب ينتمون إلى كتلة الخط الوطني السيادي وكتلة لينتصر الشعب إضافة إلى نواب من غير المنتمين إلى كتل وهم على التوالي عبد السلام الحمروني ومحمد علي وعلي بوزوزية وياسر قوراري والطاهر بن منصور وأحمد سعيداني ويوسف طرشون وبثينة الغانمي وبدر الدين قمودي وألفة المرواني والنوري الجريدي ومحمد ماجدي وعادل بوسالمي وضحى السالمي وثامر مزهود وبوبكر بن يحي وشفيق عز الدين الزعفوري وبلال المشري ومختار عيفاوي.
وإضافة إلى الاستماع إلى جهة المبادرة التشريعية، قال صالح مباركي إن لجنة التشريع العام ستستمع بالضرورة إلى رأي الوظيفة التنفيذية في المبادرة المذكورة وخاصة وزارة العدل ووزارة المالية ورئاسة الحكومة، وستسمع كذلك إلى الهيئة الوطنية للمحامين والهيئة الوطنية لعدول الإشهاد والهيئة الوطنية لعدول التنفيذ وغيرها من الهيئات والجهات المعنية بمقترح القانون، كما يمكن عقد جلسات استماع إلى عدد من الخبراء.
نقاش مستفيض
ويرى صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام أنه مهما اختلفت الآراء بشأن مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة فإن اللجنة مدعوة إلى دراسته وتعديله إن اقتضى الأمر وتقديم تقريرها حوله لتكون الجلسة العامة هي الفيصل. ويتوقع مباركي أن دراسة هذه المبادرة ستستغرق وقتا طويلا وذلك بالنظر إلى أهمية التعديلات التي تضمنتها والتي من المتوقع أن تكون محل نقاش مستفيض. وذكر أن اللجنة على سبيل الذكر كانت قد أمضت في دراسة مقترحين يتعلقان بتعديل الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية دورتين نيابيتين لتتوصل بعد إجهاد كبير إلى تقديم نص حظي بموافقة الجلسة العامة ليصدر هذا القانون في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
قانون أساسي
وبالإطلاع على المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم مهنة المحاماة، يذكر أنها اتخذت شكل قانون أساسي، وأشار أصحابها في وثيقة شرح الأسباب إلى أن السنوات التي مرت على صدور المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة كانت كفيلة بإبراز الحاجة الملحة لتنقيحه خاصة في ظل التحولات التي عرفتها بقية المهن القانونية وتردي الخدمات القضائية وارتفاع عدد المنتسبين للمهنة من القضاة المتقاعدين أو المستقلين مما أثر سلبا على مبدأ تكافؤ الفرص.
وبينوا أن حصاد سنوات تطبيق المرسوم عدد 79 لئن كان يدعو إلى تنقيح هذا المرسوم فإن هذا المطلب ظل محل نقاش واسع في أوساط المحامين باعتباره مطلب دستوري سعت جميع هيئات المحامين المتعاقبة إلى بلورته في مشروع قانون أساسي، وأشاروا إلى أنه بعد مرور 14 سنة صار الإصلاح مطلبا ملحا واستوجب الأمر التعجيل بتنقيح هذا المرسوم للحد من التداعيات الخطيرة على المهنة ضمانا لدورها التعديلي في تحقيق السلم الاجتماعي والنمو الاقتصادي.
وجاء في نفس وثيقة شرح الأسباب أن مشروع القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة يهدف إلى تلافي بعض النقائص التي كشفتها الممارسة من حيث دور المحاماة وأهدافها وتطوير أداء المحامين، وتكريس توحيد المدخل للهيئة، وضمان وحدة المحاماة ونجاعة هياكل تسييرها، وضمان شفافية العلاقة بين المحامي ومنوبه والحقوق المالية لكل منهما.
وبين أصحاب مقترح القانون في هذه الوثيقة المرفقة بمبادرتهم التشريعية أنه من حيث دور المحاماة وأهدافها فقد كشف المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة عن وجود تصور ضيق لدور المحاماة، إذ لئن أولى هذا المرسوم الاهتمام لدور المحاماة في الدفاع عن الحقوق والحريات مكرسا بذلك التصور الكلاسيكي للمحاماة في الدفاع عن الأفراد والذوات المعنوية أمام المحاكم والهيئات التعديلية، فإنه تغافل عن توفير الضمانات القانونية الكفيلة بضمان حق المواطن في التمتع بالدفاع مما يجعله حبيس تصور ضيق لدور المحاماة باعتبارها لا تعدو أن تكون إلا حرفة يمتهن منتسبها الدفاع عن الذوات الطبيعية أو المعنوية أمام المحاكم فيما يطرأ بينهم من نزاعات. وتتجلى مظاهر القصور الذي شاب المرسوم عدد 79 لسنة 2011 حسب قولهم، في أنه خص المحامي بنيابة الأطراف على اختلاف طبيعتهم أمام المحاكم دون أن تتضمن المنظومة التشريعية الآليات القانونية الكفيلة بضمان حق التقاضي وحق الدفاع مما حرم عديد الفئات الاجتماعية من الحق في الاستعانة بمحام. وفسر النواب في نفس الوثيقة أن المشرع الدستوري تفطن لهذا النقص وجاء الفصل 124 من الدستور لينص على أن «حق التقاضي وحق الدفاع مضمونان، وييسر القانون اللجوء إلى القضاء ويكفل لغير القادرين ماليا الإعانة العدلية». وبينوا أن مشروع القانون يندرج في هذا السياق، إذ في ظل التضخم التشريعي وكثرة النصوص القانونية المنظمة للعلاقات الاجتماعية التي أضحى على محترفي العمل القانوني الإلمام بها أصبح من الضروري ضمان حق كل مواطن في الاستعانة بمحامي تكريسا للحق في النفاذ للقضاء، وأوضحوا أنه لم يعد من المقبول أن ترفع نوازل على غاية من التعقيد القانوني أمام القضاء دون تهيئة الدعوى والدفاع بواسطة محامي بحجة أن المبلغ محل النزاع لا يتجاوز سبع آلاف دينار، أو أن تنظر المحاكم في جرائم سالبة للحرية قد تصل عقوبتها لمدة خمس سنوات دون تيسير الدفاع. ويعتبر أصحاب مقترح القانون أن النفاذ للقضاء لا يقدر بالمال المتنازع عليه أو بالتكييف القانوني للجريمة إن كانت جنحة أو جناية، وأشاروا إلى ضرورة ضمان الحق في النفاذ إلى القضاء الذي أضحى من مبادئ حقوق الإنسان وفسروا أن هذا الحق في الأنظمة الديمقراطية هو من الضمانات القانونية لكل مواطن في محاكمة عادلة.
وفي عرضهم لمضامين المبادرة التشريعية، أشار النواب إلى أنه إدراكا لسمو مبدأ الحق في النفاذ للعدالة الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستعانة بالمحامي مهما كانت طبيعة النزاع والقيمة المالية للحقوق المتنازع عليها، اتجه مشروع تنقيح المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة في الفصل 2 جديد إلى التنصيص على أن جميع الدعاوى والطعون والأعمال الولائية والأذون ترفع بواسطة محامي باستثناء قضايا النفقات والطفولة المهددة، تحت طائلة البطلان وأن الاستعانة بمحامي وجوبية في الجنح والجنايات وإذا تعذر على المتهم انتخاب محامي فإن رئيس المحكمة المختصة المنتصب للنظر في الدعوى يحيل الأمر لمكتب الإعانة العدلية لتعيّن له محاميا يتولى الدفاع عنه، وهذا التوجه حسب قول أصحاب المقترح يتطابق مع أحكام الفقرة الثانية من الفصل 108 من الدستور كآلية قانونية لضمان الحق في النفاذ للعدالة والحق في الدفاع.
المحامي المستشار
وأشارت جهة المبادرة في وثيقة شرح الأسباب إلى أن إضافة الحق في النفاذ إلى العدالة كحق دستوري، يحمل على المحاماة واجب النهوض بهذا الحق في إطار توفير شروط المحاكمة العادلة، وفسروا أن تصور المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، لدور المحاماة بقي سجين رؤية تقليدية قائمة على العلاقات التنازعية بين أفراد المجتمع وبالتالي أهمل حقيقة أن المحامي ينهض بدور الفاعل الاقتصادي المؤثر في حوكمة المؤسسات الاقتصادية ونموها والداعم للاستثمار، وبالتالي فمن غير المستساغ في ظل العولمة الاقتصادية واحتداد المنافسة إقصاء المحامي من النشاط الاقتصادي للمؤسسة والحال أنه خبير في مجال ضمان سلامة المعلومة القانوني لجميع أوجه النشاط الاقتصادي، وفسروا أن المشرع التونسي أوجب على صنف الشركات التجارية تعيين مراقب حسابات لكن مهامه بقيت مقتصرة على التحقق من سلامة القوائم المالية للشركة وضمان نزاهتها دون أن يصل دوره إلى حد تحقيق سلامة المعلومة القانونية للشركة من حيث شروط التأسيس ومحررات الشركة من محاضر جلسات وعدم تضارب المصالح واتفاقات بين الشركة ومسيّرها وعقود التعاملات بينها وبين مزوديها وحرفائها، وأوضحوا أن تحقيق سلامة المعلومة القانونية هو جوهر التدقيق القانوني الذي يتطلب تدخل أهل الخبرة من المحامين المؤهلين للتثبت في جميع الجوانب القانونية للشركة وسلامة تعاملاتها وهو ما لا يمكن أن يعهد به لغيرهم من ذوي المهن المحاسباتية أو الجبائية، وفي هذا السياق اقترح أصحاب المبادرة إضافة الفصل الثاني مكرر و2 ثالثا للمرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة بهدف ضمان حوكمة المؤسسات الاقتصادية بما يكفل سلامة مداولتها ومعاملاتها كمهمة من المهام القانونية التي ينهض بها المحامي كفاعل اقتصادي وذلك بتقرير خطة المحامي المستشار للمؤسسة الاقتصادية. كما تم صلب المبادرة تكريس شرط جديد للترسيم بالاستئناف والتعقيب يوجب حضور دورات تكوينية يتم تنظيمها من قبل مجلس هيئة المحامين أو المعهد الأعلى للمحاماة أو بالاشتراك بينهما.
توحيد المدخل للمهنة
ولتكريس توحيد المدخل لمهنة المحاماة أشار أصحاب مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مشروع تنقيح المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة ذهب إلى إلغاء الفقرة الأخيرة من الفصل الثالث أي أن من اختار القضاء لا يمكنه أن يعود بعدها للمحاماة. وبينوا أن المشرّع التونسي حافظ على استثناء وصفوه بالخطير حيث خول لمن باشر القضاء لمدة عشر سنوات ما لم يكن معزولا لأسباب مخلة بالشرف، الالتحاق بمهنة المحاماة مما مكن مئات القضاة خلال العشرية الماضية من الالتحاق بالمحاماة أو الانتصاب بالدائرة الترابية للمحكمة التي كان يشغل فيها خطة قاض وهو ما خلق عديد المظاهر المخلة بشرف المهنة من استجلاب للحرفاء والمتاجرة بالجاه والخطة القضائية وأثر ذلك على مبدأ تكافؤ الفرص خاصة بين المحامين الشبان الملتحقين بالمهنة عن طريق المعهد الأعلى للمحاماة المفتقرين للجاه ولشبكة العلاقات وبين من كانوا يشغلون خطة قضائية.
أما من حيث ضمان وحدة المحاماة فقد اقترح أصحاب المبادرة المحافظة على الفروع الجهوية للمحامين لتأثيرها الايجابي في تقريب الخدمات من المحامين والمتقاضين مقابل الحد من صلاحيات رئيس الفرع الجهوي للمحامين من خلال إنشاء ثلاثة مجالس جهوية: مجلس بإقليم الشمال ومجلس بإقليم الوسط ومجلس بإقليم الجنوب، وتسند لهذه المجالس صلاحيات الإحالة على عدم المباشرة والإحالة على مجلس التأديب وذلك ضمانا لموضوعية القرارات التأديبية وحياديتها وحفاظا على مركزية القرار إذ لا يمكن حسب تعبيرهم إدارة شؤون المحامين برؤوس متعددة.
كما ذهب مقترح القانون إلى العدول عن شرط منع الترشح لخطة عميد المحامين ورئيس الفرع الجهوي ورئيس المجلس الجهوي للمرة الثانية بالنسبة لمن سبق له تحمل المسؤولية. وبين أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب أن مدة نيابية واحدة لا تفي المترشح حقه في تنفيذ برنامجه الانتخابي، وتم من خلال نفس المبادرة تدارك الأخطاء التي شابت المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة في علاقة بإجراءات الطعن، كما تم العمل على مزيد حوكمة صندوق إيداع الأموال المستخلصة أو المقبوضة لفائدة الحرفاء وإقرار وجوبية إيداع جميع الأموال التي يستلمها المحامي في حق حريفة للصندوق بما يمكّن من تلافي الظواهر المخلة بشرف المهنة من قبيل الاستيلاء على أموال الحرفاء وفضلا عن ذلك يضمن هذا التنقيح للمحامي استخلاص أتعابه الاتفاقية أو المسعرة بصورة قانونية ويمكّن الهيئة الوطنية للمحامين من موارد إضافية يمكن تخصيصها لتحسين أوضاع المحامين. وأقر مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة في جانب منه إلغاء الجمع بين جراية التقاعد للمحامين أو أي جراية تقاعد أخرى وذلك لتلافي إثقال كاهل صندوق الحيطة والتقاعد الخاص بالمحامين وكاهل الصناديق الاجتماعية الأخرى.
خمسة فصول
وتضمنت المبادرة التشريعية المعروضة على أنظار لجنة التشريع العام والمتمثلة في مقترح قانون أساسي لتنظيم مهنة المحاماة خمسة فصول، ونص الفصل الأول على إلغاء 48 فصلا من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وتعويضها بفصول جديدة، منها على سبيل الذكر وليس الحصر فصل نص على أن المحاماة مهنة حرة مستقلة تشارك في إقامة العدل وتدافع عن الحريات والحقوق الإنسانية، يتمتع المحامي بجميع الضمانات القانونية التي تكفل حمايته وتمكنه من تأدية مهامه، وفصل آخر نص على أن يختص المحامي دون سواه بنيابة الأطراف على اختلاف طبيعتهم القانونية ومساعدتهم بالنصح والاستشارة وإتمام جميع الإجراءات في حقهم والدفاع عنهم لدى المحاكم وسائر الهيئات القضائية والإدارية والتأديبية والتعديلية وأمام الضابطة العدلية وتحرير عقود تأسيس الشركات أو حلها أو الترفيع أو التخفيض في رأسمالها أو اندماجها أو استيعابها أو انقسامها وعقود إحالة الحصص والأسهم والمساهمة بأصل تجاري في رأس مالها والعقود المتعلقة بإحالة الأصول التجارية وتسويغها ورهنها وعقود الكراء العقاري أو الفلاحي التي تتجاوز مدتها ثلاث سنوات أو التي يبلغ معين كرائها السنوي أكثر من خمسة آلاف دينار.. كما يختص المحامي بتحرير العقود والاتفاقات المتعلقة بالتفويت في العقارات طبق القانون وعقود المساهمات العينية في رأسمال الشركات التجارية، كل ذلك دون المساس بما أجازه القانون لعدول الإشهاد ولمحرري العقود التابعين لإدارة الملكية العقارية. ولا يمكن توكيل غير المحامين برفع الدعاوى أو الطعون أو النيابة والحضور أو تقديم الأعمال الولائية أو المطالب أمام المحاكم. وتعد الأعمال المنجزة من قبل غير من ذكر باطلة بطلانا مطلقا. وتكون الاستعانة بمحام وجوبية في الجنح والجنايت وإذ لم ينتخب المتهم محاميا يحيل الرئيس الأمر لمكتب الإعانة العدلية ليعين له محاميا يتولى الدفاع عنه. كما يتولى المحامي القيام خاصة بمهام التحكيم والوساطة والمصالحة والائتمان والتصفية الرضائية والتعهد بعقود الوكالة وبأعمال التفاوض والمصاحبة والتمثيل لدى المصالح الجبائية والإدارية وبمهام التكوين. ويمكنه تمثيل حرفائه أو الحضور إلى جانبهم في الجلسات العامة أو هياكل التسيير الجماعي، وفق ما تنص عليه العقود التأسيسية للشركات التجارية. كما يجوز للمحامي المرسّم لدى التعقيب القيام بمهام عضوية مجالس الإدارة أو مجالس المراقبة في الشركات التجارية. ويتولى المحامي في إطار اختصاصاته تنفيذ المأموريات المسندة إليه من المحاكم وسائر الهيئات القضائية أو التعديلية. كما يمكن له القيام بمهام الوكيل الرياضي أو وكيل الفنانين أو وكيل الملكية الفكرية أو الصناعية أو مهام التصرف الائتماني طبق التشريع الجاري به العمل. ويتولى المحامي مهر العقود والاتفاقيات التي حررها بإمضائه وختمه ووضع طابع المحاماة عليها ويسمى هذا العقد عقد المحامي ويقع التنصيص فيه وجوبا على أن المحامي أعلم طرفي العقد ببنوده ووضح لهما محتواه والآثار القانونية الناتجة عنه. وللمحامي أن يتنقل خارج مكتبه بكل حرية وإن اقتضى الأمر خارج البلاد التونسية لغاية تنفيذ المهام المبينة أعلاه ما لم يكن ذلك مخالفا لقوانين الدول المعنية.
أما الفصل الثاني من المبادرة التشريعية فقد نص على إلغاء عنوان القسم الأول من الباب الخامس من المرسوم المذكور وتعويضه بالعنوان التالي : في الهيئة الوطنية للمحامين والمجالس الجهوية وفروعها، في حين نص الفصل الثالث على إضافة الفصل 2 مكرر و2 ثالثا إلى القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وهما يتعلقان بالمحامي المستشار وحسب الفصل الرابع يجري العمل ببقية فصول المرسوم عدد 79 التي لا يقع تعديلها بموجب القانون الجديد أما الفصل الأخير فنص على أن تطبق أحكام هذا القانون بداية من تاريخ دخوله حيز التنفيذ وعلى إلغاء جميع النصوص القانونية المخالفة له وعلى أن تستمر هياكل التسيير والتأديب المنتخبة قبل صدوره في مباشرة مهامها إلى حين انتهاء المدة النيابية.
وعلى غرار مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد ومقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي من المنتظر أن يثير مقترح القانون الأساسي لتنظيم مهنة المحاماة جدلا تحت قبة البرلمان وذلك بالنظر إلى مضامينه الرامية إلى إدخال تعديلات جوهرية على المرسوم عدد 79 لسنة 2011 الصادر بعد الثورة.