إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة لـ«الصباح»: هناك تجاوزات تتنافى مع سياسة الدولة في التعاطي مع ثرواتها ومقدراتها.. والملف معروض على القضاء

لئن أكّد النائب بالبرلمان شكري البحري، بصفته أيضا رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس النواب، أن العمل موجه من أجل تونسة قطاع الطاقة على اعتبار أن برنامج الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة يعد ملفا جوهريا وهاما بالنسبة لتونس، إلا أنه لم ينكر في حديثه لـ»الصباح» ما يعانيه القطاع من هنات وغياب إرادة تنسجم مع هذا التوجه والهدف، وصل بعضها إلى حد التجاوزات التي ترتقي إلى الفساد. مشددا في نفس السياق على أن تونسة قطاع الطاقة مسألة ممكنة التحقيق في ظل ما تزخر به بلادنا من كفاءات من ناحية، ونظرًا لما تتوفر عليه أيضًا من مؤسسات وشركات سواء في القطاعين العام أو الخاص في تونس قادرة على قيادة قاطرة الاستثمار في المجال إلى مصافّ أفضل. ونزل ذلك في إطار العمل على تكريس السيادة الوطنية وتونسة الثروات الوطنية، رغم تأكيده على أن هذا التوجه لا يعكس أن هناك إشكالًا مع الشركات الأجنبية التي تستثمر في المجال في بلادنا.

وهو التوجه الذي تراهن عليه لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة في البرلمان، والذي كان عدم الموافقة على تجديد عقود بترول في العام الماضي بالبرلمان، وفسر ذلك النواب الرافضون لهذه العقود بـ»عدم جدية الشركات الأجنبية في تعاملها مع تونس».

فالملف الطاقي يوفر جزءا من الحل للعجز الطاقي والسيادة الطاقية للبلاد، ويعد أيضا قاطرة للنمو، نظرا للاستثمارات الهامة ذات القيمة المضافة العالية التي يتطلبها، وكذلك يساهم بصفة محورية في خفض بصمة الكربون للصناعة التونسية، وهو شرط أساسي للولوج والتنافسية في التصدير للسوق الأوروبية.

في إطار الدور الرقابي والتشريعي للمجلس، تناول نواب الشعب هذا الملف وتدارسوه لمدة تقارب السنتين، وفق ما أفاد به شكري البحري، من خلال تنظيم العديد من جلسات الاستماع في الغرض، وتوجيه أسئلة كتابية وشفاهية، إضافة إلى تنظيم أيام دراسية ومداخلات في الجلسات العامة.

من خلال هذا العمل المتواصل على الملف على مدى عامين، تم التفطن إلى تجاوزات عديدة وخطيرة تمس من علوية القانون، من مصداقية الدولة ومن مقدرات الشعب. وذلك بعد الوقوف على إثباتات تبين وجود إخلالات قانونية في ملف الطاقات المتجددة تتنافى وتوجهات الدولة اليوم لتكريس السيادة الوطنية ومنح أولوية الاستثمار والعمل لتونس والتونسيين. ليضيف: «لن نقف مكتوفي الأيدي وسنواصل الدفاع بكل الوسائل عن حقوق الشعب التونسي، وسنحمّل المسؤوليات لكل من تسول له نفسه المساس بثرواتنا الوطنية».

باعتبار أن قطاع الطاقات المتجددة في تونس ينظمه قانون عدد 12 لسنة 2015 المؤرخ في 11 ماي 2015 المتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة. وينص القانون في فصله 40 على وجوب إصدار مخطط طاقي في أجل لا يتجاوز 5 سنوات من تاريخ إصدار هذا القانون.

وحدد المشرّع مهلة 5 سنوات لإنجاز المخطط الطاقي، وبما أن هذا القانون دخل حيز التنفيذ سنة 2015، تنتهي مهلة الخمس سنوات سنة 2020.

لكن يرى محدثنا أن سلطة الإشراف لم تتبع الطرق القانونية المعمول بها في هذا الملف بالرجوع إلى اللجنة الخاصة بذلك في البرلمان لتنقيح القانون والإجراءات، بل اختارت القيام بذلك وحدها، معتبراً أن ذلك مخالفًا للقانون.

وتجدر الإشارة إلى أن عددا من نواب مجلس الشعب أعلنوا في بيان صادر في الغرض أمس السبت، اعتزامهم تقديم قضايا لدى المحكمة الابتدائية بتونس، ومحكمة المحاسبات، والمحكمة الإدارية ضد من وصفه النواب بكل من «يثبت تورطه في إضافة عشرة سنوات استغلال للشركات الأجنبية المتحصلة على عقود لزمات المحطات الشمسية دون وجه حق» و»التفريط في رصيد الكربون، الذي هو ملك للشركة التونسية للكهرباء والغاز، لنفس الشركات» و»تعمّد عدم تطبيق القانون في موضوع إصدار مخطط طاقي، وباقي الإجراءات المصاحبة له».

ويذكر النواب في بلاغهم أن 86 نائبا نشروا بيانا في منتصف السنة البرلمانية المنقضية، أي في أفريل الماضي، فصلوا فيه ما اعتبروها «جملة من الإخلالات والتجاوزات في المجال الطاقي»، لكن دون تجاوب من وزارة الصناعة والطاقة والمناجم وفق تعبيرهم، مؤكدين أنهم سيتابعون كل الإجراءات القانونية.

وأفاد النواب في بلاغهم الصادر في الغرض بتوثيقهم العديد من الإخلالات والتجاوزات القانونية التي وصفوها بـ»الخطيرة»، سواء من الناحية الشكلية أو الجوهرية، المتعلقة بملف الطاقات المتجددة في تونس، والتي تشكل انتهاكا صارخا للقانون وإهدارا للمال العام، وفق ما ورد في البلاغ.

في جانب آخر من حديثه عن نفس المسألة، أفاد شكري البحري أنه «أمام تواصل التجاهل المتعمد، وفي غياب تام لأي خطوات للتدارك والإصلاح، ومع الإصرار من الوزارة واستمرارها في هذه التجاوزات التي تتعارض مع القانون ومع التوجهات الكبرى للبلاد وتتضارب مع مصلحة البلاد والمؤسسات العمومية، قررنا تحمل مسؤولياتنا التاريخية أمام شعبنا الذي منحنا ثقته، والتوجه للقضاء، ورفع دعوى أولى لدى المحكمة الابتدائية بتونس ودعوى ثانية لدى محكمة المحاسبات في انتظار دعوة أخرى لدى المحكمة الإدارية ضد كل من يثبت تورطه في تلك التجاوزات، وحفاظا على المصلحة العليا للوطن وحقوق الشعب التونسي».

وتتمثل أبرز هذه التجاوزات التي تم حصرها في إضافة عشرة سنوات استغلال للشركات الأجنبية المتحصلة على عقود لزمات المحطات الشمسية دون وجه حق، والتفريط في رصيد الكربون، الذي هو ملك للشركة التونسية للكهرباء والغاز، لنفس الشركات، وتعمّد عدم تطبيق القانون في موضوع إصدار مخطط طاقي، وباقي الإجراءات المصاحبة له.

وفيما يلي ملخص التجاوزات القانونية التي حددها النواب في علاقة بملف الطاقة بالتفصيل:

التفريط في مقدرات الشعب لصالح شركات خاصة أجنبية

عندما تم نشر طلب العروض الخاص بنظام اللزمات سنة 2018، كانت مدة العقد المقترحة من الوزارة 20 عامًا، ليتحول استغلال المحطة بعد هذه المدة إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز. وعلى هذا الأساس قدم المستثمرون عروضهم المالية.

ولكن بعد أن تم اختيار الشركات، تم تغيير مدة الاستغلال لتصبح 30 عاما، أي تقديم عشر سنوات إنتاج إضافية، ما يعادل 50 ٪ مداخيل إضافية ومرابيح إضافية كانت في الأصل من حق الشركة التونسية للكهرباء والغاز والمجموعة الوطنية. وهذا إخلال كبير بمبدأ المنافسة وتفريط في حق الشعب التونسي.

تم تعليل مطلب التحصل على الامتيازات الإضافية بارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة لجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، غير أن هذه الحجة غير سليمة، إذ في فترة نقاشات المصادقة على هذه التغييرات بين سنة 2023 وسنة 2024، كانت الأسعار قد أصبحت أقل من مستوى فترة تقديم العروض بالنسبة لأكثر السلع تأثيرًا على الكلفة.

التغيير في قواعد اللعبة بصفة لاحقة يؤثر على مصداقية التنافس ويشجع ويكافئ المضاربة، حيث يمكن أن يجد المشارك الجدي الذي قام بدراسة أدق للمخاطر، نفسه خارج المنافسة. وبالتالي كان من الأجدى المرور للتعريفة التالية، بدلا من اتباع أساليب ملتوية لزيادة التسعيرة دون القيام بذلك صراحة.

بهدف التمديد بعشر سنوات إضافية للشركات الأجنبية، ارتكزت الوزارة على الفصل 18 من القانون 23 لسنة 2008 المتعلق بنظام اللزمات، حيث يقنن هذا الفصل عمليات التمديد في فترات الاستغلال في هذا النظام. إلا أن هذا الاستناد خاطئ، بما أن مشاريع اللزمات للطاقة المتجددة موضوع الحديث لا ينطبق عليها أي من النقاط الثلاث الحصرية لزيادة مدة الاستغلال، ولا أيضا الشرط الإضافي حول التوازن المالي.

وبالتالي، فإن زيادة مدة الاستغلال بعشر سنوات هي كلفة كبيرة على حساب المجموعة الوطنية لمصلحة شركات خاصة أجنبية، وهو أيضا ضرب مباشر لمبدأ المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص.

التفويت في رصيد الكربون

يجوز للشركة الأجنبية والشركة التونسية للكهرباء والغاز الاتفاق على آلية تكميلية أو بديلة تهدف إلى تثمين أفضل وتقاسم الأرباح بصفة متساوية. أي أنه مسموح للشركة التونسية للكهرباء والغاز تقاسم الأرباح مع شركة المشروع إن وجدت طريقة تثمين أفضل. وهذا يقتضي البحث عن مختلف حلول التثمين واختيار الأكثر تثمينا من زاوية الشركة الوطنية، وليس الأكثر تثمينا لشركة المشروع.

إلا أن التفويت في رصيد الكربون لم يكن لعدم وجود طريقة تثمين أفضل، وإنما بطلب من الشركة الخاصة الأجنبية لتحسين معدل عائدها الداخلي وزيادة أرباحها.

وبالتالي، يعتبر ذلك تفريطا في رصيد الكربون الذي يعد حقا للشعب التونسي، على حساب العائدات المحتملة وتقاسمها دون وجه حق مع الشركة الأجنبية، مع حرمان اقتصادنا الوطني من تخفيض في بصمته وكثافته الكربونية، مما قد يضر بتنافسيته في التصدير للسوق الأوروبية.

هذا، قطعا، عدا الخسائر المادية التي تكلفها هذه التجاوزات للدولة.

نزيهة الغضباني

 

 

رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة لـ«الصباح»:   هناك تجاوزات تتنافى مع سياسة الدولة في التعاطي مع ثرواتها ومقدراتها.. والملف معروض على القضاء

لئن أكّد النائب بالبرلمان شكري البحري، بصفته أيضا رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس النواب، أن العمل موجه من أجل تونسة قطاع الطاقة على اعتبار أن برنامج الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة يعد ملفا جوهريا وهاما بالنسبة لتونس، إلا أنه لم ينكر في حديثه لـ»الصباح» ما يعانيه القطاع من هنات وغياب إرادة تنسجم مع هذا التوجه والهدف، وصل بعضها إلى حد التجاوزات التي ترتقي إلى الفساد. مشددا في نفس السياق على أن تونسة قطاع الطاقة مسألة ممكنة التحقيق في ظل ما تزخر به بلادنا من كفاءات من ناحية، ونظرًا لما تتوفر عليه أيضًا من مؤسسات وشركات سواء في القطاعين العام أو الخاص في تونس قادرة على قيادة قاطرة الاستثمار في المجال إلى مصافّ أفضل. ونزل ذلك في إطار العمل على تكريس السيادة الوطنية وتونسة الثروات الوطنية، رغم تأكيده على أن هذا التوجه لا يعكس أن هناك إشكالًا مع الشركات الأجنبية التي تستثمر في المجال في بلادنا.

وهو التوجه الذي تراهن عليه لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة في البرلمان، والذي كان عدم الموافقة على تجديد عقود بترول في العام الماضي بالبرلمان، وفسر ذلك النواب الرافضون لهذه العقود بـ»عدم جدية الشركات الأجنبية في تعاملها مع تونس».

فالملف الطاقي يوفر جزءا من الحل للعجز الطاقي والسيادة الطاقية للبلاد، ويعد أيضا قاطرة للنمو، نظرا للاستثمارات الهامة ذات القيمة المضافة العالية التي يتطلبها، وكذلك يساهم بصفة محورية في خفض بصمة الكربون للصناعة التونسية، وهو شرط أساسي للولوج والتنافسية في التصدير للسوق الأوروبية.

في إطار الدور الرقابي والتشريعي للمجلس، تناول نواب الشعب هذا الملف وتدارسوه لمدة تقارب السنتين، وفق ما أفاد به شكري البحري، من خلال تنظيم العديد من جلسات الاستماع في الغرض، وتوجيه أسئلة كتابية وشفاهية، إضافة إلى تنظيم أيام دراسية ومداخلات في الجلسات العامة.

من خلال هذا العمل المتواصل على الملف على مدى عامين، تم التفطن إلى تجاوزات عديدة وخطيرة تمس من علوية القانون، من مصداقية الدولة ومن مقدرات الشعب. وذلك بعد الوقوف على إثباتات تبين وجود إخلالات قانونية في ملف الطاقات المتجددة تتنافى وتوجهات الدولة اليوم لتكريس السيادة الوطنية ومنح أولوية الاستثمار والعمل لتونس والتونسيين. ليضيف: «لن نقف مكتوفي الأيدي وسنواصل الدفاع بكل الوسائل عن حقوق الشعب التونسي، وسنحمّل المسؤوليات لكل من تسول له نفسه المساس بثرواتنا الوطنية».

باعتبار أن قطاع الطاقات المتجددة في تونس ينظمه قانون عدد 12 لسنة 2015 المؤرخ في 11 ماي 2015 المتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة. وينص القانون في فصله 40 على وجوب إصدار مخطط طاقي في أجل لا يتجاوز 5 سنوات من تاريخ إصدار هذا القانون.

وحدد المشرّع مهلة 5 سنوات لإنجاز المخطط الطاقي، وبما أن هذا القانون دخل حيز التنفيذ سنة 2015، تنتهي مهلة الخمس سنوات سنة 2020.

لكن يرى محدثنا أن سلطة الإشراف لم تتبع الطرق القانونية المعمول بها في هذا الملف بالرجوع إلى اللجنة الخاصة بذلك في البرلمان لتنقيح القانون والإجراءات، بل اختارت القيام بذلك وحدها، معتبراً أن ذلك مخالفًا للقانون.

وتجدر الإشارة إلى أن عددا من نواب مجلس الشعب أعلنوا في بيان صادر في الغرض أمس السبت، اعتزامهم تقديم قضايا لدى المحكمة الابتدائية بتونس، ومحكمة المحاسبات، والمحكمة الإدارية ضد من وصفه النواب بكل من «يثبت تورطه في إضافة عشرة سنوات استغلال للشركات الأجنبية المتحصلة على عقود لزمات المحطات الشمسية دون وجه حق» و»التفريط في رصيد الكربون، الذي هو ملك للشركة التونسية للكهرباء والغاز، لنفس الشركات» و»تعمّد عدم تطبيق القانون في موضوع إصدار مخطط طاقي، وباقي الإجراءات المصاحبة له».

ويذكر النواب في بلاغهم أن 86 نائبا نشروا بيانا في منتصف السنة البرلمانية المنقضية، أي في أفريل الماضي، فصلوا فيه ما اعتبروها «جملة من الإخلالات والتجاوزات في المجال الطاقي»، لكن دون تجاوب من وزارة الصناعة والطاقة والمناجم وفق تعبيرهم، مؤكدين أنهم سيتابعون كل الإجراءات القانونية.

وأفاد النواب في بلاغهم الصادر في الغرض بتوثيقهم العديد من الإخلالات والتجاوزات القانونية التي وصفوها بـ»الخطيرة»، سواء من الناحية الشكلية أو الجوهرية، المتعلقة بملف الطاقات المتجددة في تونس، والتي تشكل انتهاكا صارخا للقانون وإهدارا للمال العام، وفق ما ورد في البلاغ.

في جانب آخر من حديثه عن نفس المسألة، أفاد شكري البحري أنه «أمام تواصل التجاهل المتعمد، وفي غياب تام لأي خطوات للتدارك والإصلاح، ومع الإصرار من الوزارة واستمرارها في هذه التجاوزات التي تتعارض مع القانون ومع التوجهات الكبرى للبلاد وتتضارب مع مصلحة البلاد والمؤسسات العمومية، قررنا تحمل مسؤولياتنا التاريخية أمام شعبنا الذي منحنا ثقته، والتوجه للقضاء، ورفع دعوى أولى لدى المحكمة الابتدائية بتونس ودعوى ثانية لدى محكمة المحاسبات في انتظار دعوة أخرى لدى المحكمة الإدارية ضد كل من يثبت تورطه في تلك التجاوزات، وحفاظا على المصلحة العليا للوطن وحقوق الشعب التونسي».

وتتمثل أبرز هذه التجاوزات التي تم حصرها في إضافة عشرة سنوات استغلال للشركات الأجنبية المتحصلة على عقود لزمات المحطات الشمسية دون وجه حق، والتفريط في رصيد الكربون، الذي هو ملك للشركة التونسية للكهرباء والغاز، لنفس الشركات، وتعمّد عدم تطبيق القانون في موضوع إصدار مخطط طاقي، وباقي الإجراءات المصاحبة له.

وفيما يلي ملخص التجاوزات القانونية التي حددها النواب في علاقة بملف الطاقة بالتفصيل:

التفريط في مقدرات الشعب لصالح شركات خاصة أجنبية

عندما تم نشر طلب العروض الخاص بنظام اللزمات سنة 2018، كانت مدة العقد المقترحة من الوزارة 20 عامًا، ليتحول استغلال المحطة بعد هذه المدة إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز. وعلى هذا الأساس قدم المستثمرون عروضهم المالية.

ولكن بعد أن تم اختيار الشركات، تم تغيير مدة الاستغلال لتصبح 30 عاما، أي تقديم عشر سنوات إنتاج إضافية، ما يعادل 50 ٪ مداخيل إضافية ومرابيح إضافية كانت في الأصل من حق الشركة التونسية للكهرباء والغاز والمجموعة الوطنية. وهذا إخلال كبير بمبدأ المنافسة وتفريط في حق الشعب التونسي.

تم تعليل مطلب التحصل على الامتيازات الإضافية بارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة لجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، غير أن هذه الحجة غير سليمة، إذ في فترة نقاشات المصادقة على هذه التغييرات بين سنة 2023 وسنة 2024، كانت الأسعار قد أصبحت أقل من مستوى فترة تقديم العروض بالنسبة لأكثر السلع تأثيرًا على الكلفة.

التغيير في قواعد اللعبة بصفة لاحقة يؤثر على مصداقية التنافس ويشجع ويكافئ المضاربة، حيث يمكن أن يجد المشارك الجدي الذي قام بدراسة أدق للمخاطر، نفسه خارج المنافسة. وبالتالي كان من الأجدى المرور للتعريفة التالية، بدلا من اتباع أساليب ملتوية لزيادة التسعيرة دون القيام بذلك صراحة.

بهدف التمديد بعشر سنوات إضافية للشركات الأجنبية، ارتكزت الوزارة على الفصل 18 من القانون 23 لسنة 2008 المتعلق بنظام اللزمات، حيث يقنن هذا الفصل عمليات التمديد في فترات الاستغلال في هذا النظام. إلا أن هذا الاستناد خاطئ، بما أن مشاريع اللزمات للطاقة المتجددة موضوع الحديث لا ينطبق عليها أي من النقاط الثلاث الحصرية لزيادة مدة الاستغلال، ولا أيضا الشرط الإضافي حول التوازن المالي.

وبالتالي، فإن زيادة مدة الاستغلال بعشر سنوات هي كلفة كبيرة على حساب المجموعة الوطنية لمصلحة شركات خاصة أجنبية، وهو أيضا ضرب مباشر لمبدأ المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص.

التفويت في رصيد الكربون

يجوز للشركة الأجنبية والشركة التونسية للكهرباء والغاز الاتفاق على آلية تكميلية أو بديلة تهدف إلى تثمين أفضل وتقاسم الأرباح بصفة متساوية. أي أنه مسموح للشركة التونسية للكهرباء والغاز تقاسم الأرباح مع شركة المشروع إن وجدت طريقة تثمين أفضل. وهذا يقتضي البحث عن مختلف حلول التثمين واختيار الأكثر تثمينا من زاوية الشركة الوطنية، وليس الأكثر تثمينا لشركة المشروع.

إلا أن التفويت في رصيد الكربون لم يكن لعدم وجود طريقة تثمين أفضل، وإنما بطلب من الشركة الخاصة الأجنبية لتحسين معدل عائدها الداخلي وزيادة أرباحها.

وبالتالي، يعتبر ذلك تفريطا في رصيد الكربون الذي يعد حقا للشعب التونسي، على حساب العائدات المحتملة وتقاسمها دون وجه حق مع الشركة الأجنبية، مع حرمان اقتصادنا الوطني من تخفيض في بصمته وكثافته الكربونية، مما قد يضر بتنافسيته في التصدير للسوق الأوروبية.

هذا، قطعا، عدا الخسائر المادية التي تكلفها هذه التجاوزات للدولة.

نزيهة الغضباني