إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انتعاشة متواصلة وآفاق واعدة.. السياحة التونسية في طريقها نحو تحقيق أرقام قياسية

 

على وقع مؤشرات إيجابية ونسب توافد متصاعدة، تمضي تونس بخطى واثقة نحو تسجيل رقم قياسي جديد في عدد السياح خلال سنة 2025، في خطوة تعكس تعافي القطاع السياحي من تداعيات الأزمات المتلاحقة، واستعادة البلاد لجاذبيتها كوجهة متوسطية واعدة.

المعطيات الأولية الصادرة عن مسؤولي وزارة السياحة تؤكد هذا النسق التصاعدي، حيث تجاوز عدد الوافدين خلال النصف الأول من السنة توقعات المهنيين، وبلغت نسب الحجوزات لموسم الذروة معدلات غير مسبوقة منذ سنوات، مما يفتح الباب أمام تحقيق أرقام قياسية، سواء على مستوى عدد الوافدين أو على مستوى العائدات من العملة الصعبة.

غير أن هذه الانتعاشة لم تكن ظرفية أو عابرة، بل جاءت نتيجة توجّه سياسي واضح عبّر عنه رئيس الجمهورية قيس سعيّد في أكثر من مناسبة، مؤكّدًا أن سنة 2025 يجب أن تكون سنة استثنائية للقطاع السياحي، لا من حيث الأرقام فحسب، بل من حيث جودة الخدمات، وتنوع المنتوج، وفتح آفاق استثمارية جديدة، خصوصًا في المناطق الداخلية والبديلة.

ومنذ بداية سنة 2025، أبدى رئيس الجمهورية اهتمامًا متزايدًا بقطاع السياحة، معتبراً إياه أحد الركائز الأساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتحقيق الإقلاع المنشود. وقد عبّر عن هذا التوجه في عدد من لقاءاته الرسمية مع مسؤولي القطاع، داعيًا إلى «ضرورة تكثيف الجهود لجعل سنة 2025 سنة سياحية بامتياز، تعكس صورة تونس الحقيقية، بما تزخر به من حضارة وموارد طبيعية وثقافية متنوعة».

وفي لقاء آخر جمعه برئيسة الحكومة، شدد رئيس الجمهورية على أن دعم السياحة لا يعني فقط رفع عدد الوافدين، بل يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة تشمل إصلاحات هيكلية، وتحفيز الاستثمارات، وتعزيز البنية التحتية، وتطوير كفاءات العاملين في القطاع، بما يضمن الجودة والتنافسية.

كما أكد رئيس الدولة على ضرورة كسر النمط التقليدي للسياحة التونسية والانفتاح على أسواق جديدة، مع التركيز على السياحة الثقافية، والبيئية، والصحراوية، إلى جانب السياحة العلاجية والتعليمية، بما يضمن تنمية شاملة ومتوازنة تنعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني والتشغيل.

تنسجم رؤية رئيس الجمهورية مع مقاربة تقوم على جعل السياحة قاطرة للتنمية الجهوية ومحركًا للنمو الاقتصادي، وهو ما يفسّر دعمه لإطلاق مشاريع بنية تحتية جديدة، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، وتحسين جودة الاستقبال والخدمات في المؤسسات السياحية. كما أن إصراره على ربط السياحة بالسيادة الوطنية والتنمية المستدامة يعكس توجّهًا استراتيجيًا لتقوية القطاع وفق منطق وطني يحفظ الهوية التونسية ويثمّن المخزون الحضاري والثقافي للبلاد.

تحقيق هذه الأهداف الطموحة يتطلب متابعة دقيقة من أعلى مستوى، إلى جانب تضافر جهود مختلف الأطراف المتدخلة: من هياكل الدولة، إلى المهنيين، مرورًا بالسلطات المحلية والمجتمع المدني، من أجل ضمان موسم سياحي لا يقتصر على الأرقام، بل يؤسس لمفهوم جديد للسياحة التونسية كرافعة للسيادة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي.

ويبدو ان هذه الجهود بدأت تعطي ثمارها، كما تعكسه لغة الأرقام؛ إذ سجل قطاع السياحة في تونس، إلى حدود شهر ماي 2025، مؤشرات إيجابية تعزز الآمال بانتعاشة متواصلة لهذا القطاع الحيوي.

وقد أكد المدير العام للديوان الوطني التونسي للسياحة، محمد مهدي الحلوي، في تصريحات إعلامية، أن الأسواق الأوروبية الكلاسيكية سجّلت نسب تطور تقارب 20 % مقارنة بالسنة الماضية.

وأوضح الحلوي أن السوق الفرنسية سجلت تطورًا بنسبة 12 %، في حين تجاوزت نسبة تطور السوق البريطانية 60 %، إلى جانب مؤشرات مشجعة من السوقين الهولندية والإيطالية.

وأضاف أن الحجوزات الحالية تشير إلى نسبة تطور تتراوح بين 10 % و20 % في القطاع السياحي، مع بروز أسواق جديدة على غرار السوق الصينية والبرازيلية، علمًا بأن عدد الزائرين على المستوى الوطني بلغ 10 ملايين و260 ألف سائح سنة 2024، وكانت أسواق دول الجوار، خاصة السوق الجزائرية التي تجاوزت 3.5 ملايين زائر، والسوق الليبية، من أهم الروافد السياحية.

وقد بلغت عائدات السياحة ومداخيل العمل نحو 6.8 مليار دينار، خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي إلى 20 جوان 2025، وفق المؤشرات النقدية والمالية الصادرة مؤخرًا عن البنك المركزي.

وسجلت العائدات السياحية ارتفاعًا بنسبة 8.5 %، منتقلة من 2.7 مليار دينار في 20 جوان 2024 إلى 3 مليارات دينار حاليًا، فيما زادت عائدات العمل بنسبة 8.4 %، لتناهز 3.7 مليار دينار خلال الفترة ذاتها.

وتُبيّن أغلب المؤشرات الصادرة عن الهياكل المختصة، سواء الوطنية أو الدولية، أن سنة 2025 ستكون من أفضل المواسم السياحية التي عرفتها تونس خلال العقد الأخير، من حيث عدد الوافدين والعائدات ونسب الإشغال في الوحدات الفندقية.

وتؤكد هذه التوقعات المتفائلة أنها ليست رهانات ظرفية، بل نتيجة مباشرة لعمل دؤوب انطلق بتوجيهات رئاسية منذ سنة 2021، حيث حرص رئيس الجمهورية على مدى السنوات الماضية على الدفع نحو مقاربة جديدة في قطاع السياحة، تقوم على التنويع، والعدالة الجهوية، وجودة الخدمات. وقد لعبت هذه التوجيهات دورًا محوريًا في تعبئة الفاعلين في القطاع حول أهداف واضحة، وساهمت في استعادة الثقة بالوجهة التونسية، خصوصًا في الأسواق الأوروبية التقليدية والأسواق الواعدة في إفريقيا وآسيا.

ويُذكر أن رئيسة الحكومة أشرفت يوم 23 أفريل 2025 بقصر الحكومة بالقصبة على مجلس وزاري مضيّق خُصّص للنظر في دفع النشاط السياحي.

وفي افتتاح أعمال هذا المجلس، ثمّنت رئيسة الحكومة التحسن المسجّل في مؤشرات نشاط القطاع السياحي، باعتباره أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، لدوره الحيوي في التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل، ومساهمة الإيرادات السياحية في تعزيز المخزون الاستراتيجي لاحتياطي العملة الصعبة، وذلك تماشياً مع الرؤية التنموية لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، التي تستند إلى الخيارات الوطنية الثابتة، والتعويل على الموارد الذاتية للدولة.

منال حرزي

انتعاشة متواصلة وآفاق واعدة..   السياحة التونسية في طريقها نحو تحقيق أرقام قياسية

 

على وقع مؤشرات إيجابية ونسب توافد متصاعدة، تمضي تونس بخطى واثقة نحو تسجيل رقم قياسي جديد في عدد السياح خلال سنة 2025، في خطوة تعكس تعافي القطاع السياحي من تداعيات الأزمات المتلاحقة، واستعادة البلاد لجاذبيتها كوجهة متوسطية واعدة.

المعطيات الأولية الصادرة عن مسؤولي وزارة السياحة تؤكد هذا النسق التصاعدي، حيث تجاوز عدد الوافدين خلال النصف الأول من السنة توقعات المهنيين، وبلغت نسب الحجوزات لموسم الذروة معدلات غير مسبوقة منذ سنوات، مما يفتح الباب أمام تحقيق أرقام قياسية، سواء على مستوى عدد الوافدين أو على مستوى العائدات من العملة الصعبة.

غير أن هذه الانتعاشة لم تكن ظرفية أو عابرة، بل جاءت نتيجة توجّه سياسي واضح عبّر عنه رئيس الجمهورية قيس سعيّد في أكثر من مناسبة، مؤكّدًا أن سنة 2025 يجب أن تكون سنة استثنائية للقطاع السياحي، لا من حيث الأرقام فحسب، بل من حيث جودة الخدمات، وتنوع المنتوج، وفتح آفاق استثمارية جديدة، خصوصًا في المناطق الداخلية والبديلة.

ومنذ بداية سنة 2025، أبدى رئيس الجمهورية اهتمامًا متزايدًا بقطاع السياحة، معتبراً إياه أحد الركائز الأساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتحقيق الإقلاع المنشود. وقد عبّر عن هذا التوجه في عدد من لقاءاته الرسمية مع مسؤولي القطاع، داعيًا إلى «ضرورة تكثيف الجهود لجعل سنة 2025 سنة سياحية بامتياز، تعكس صورة تونس الحقيقية، بما تزخر به من حضارة وموارد طبيعية وثقافية متنوعة».

وفي لقاء آخر جمعه برئيسة الحكومة، شدد رئيس الجمهورية على أن دعم السياحة لا يعني فقط رفع عدد الوافدين، بل يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة تشمل إصلاحات هيكلية، وتحفيز الاستثمارات، وتعزيز البنية التحتية، وتطوير كفاءات العاملين في القطاع، بما يضمن الجودة والتنافسية.

كما أكد رئيس الدولة على ضرورة كسر النمط التقليدي للسياحة التونسية والانفتاح على أسواق جديدة، مع التركيز على السياحة الثقافية، والبيئية، والصحراوية، إلى جانب السياحة العلاجية والتعليمية، بما يضمن تنمية شاملة ومتوازنة تنعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني والتشغيل.

تنسجم رؤية رئيس الجمهورية مع مقاربة تقوم على جعل السياحة قاطرة للتنمية الجهوية ومحركًا للنمو الاقتصادي، وهو ما يفسّر دعمه لإطلاق مشاريع بنية تحتية جديدة، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، وتحسين جودة الاستقبال والخدمات في المؤسسات السياحية. كما أن إصراره على ربط السياحة بالسيادة الوطنية والتنمية المستدامة يعكس توجّهًا استراتيجيًا لتقوية القطاع وفق منطق وطني يحفظ الهوية التونسية ويثمّن المخزون الحضاري والثقافي للبلاد.

تحقيق هذه الأهداف الطموحة يتطلب متابعة دقيقة من أعلى مستوى، إلى جانب تضافر جهود مختلف الأطراف المتدخلة: من هياكل الدولة، إلى المهنيين، مرورًا بالسلطات المحلية والمجتمع المدني، من أجل ضمان موسم سياحي لا يقتصر على الأرقام، بل يؤسس لمفهوم جديد للسياحة التونسية كرافعة للسيادة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي.

ويبدو ان هذه الجهود بدأت تعطي ثمارها، كما تعكسه لغة الأرقام؛ إذ سجل قطاع السياحة في تونس، إلى حدود شهر ماي 2025، مؤشرات إيجابية تعزز الآمال بانتعاشة متواصلة لهذا القطاع الحيوي.

وقد أكد المدير العام للديوان الوطني التونسي للسياحة، محمد مهدي الحلوي، في تصريحات إعلامية، أن الأسواق الأوروبية الكلاسيكية سجّلت نسب تطور تقارب 20 % مقارنة بالسنة الماضية.

وأوضح الحلوي أن السوق الفرنسية سجلت تطورًا بنسبة 12 %، في حين تجاوزت نسبة تطور السوق البريطانية 60 %، إلى جانب مؤشرات مشجعة من السوقين الهولندية والإيطالية.

وأضاف أن الحجوزات الحالية تشير إلى نسبة تطور تتراوح بين 10 % و20 % في القطاع السياحي، مع بروز أسواق جديدة على غرار السوق الصينية والبرازيلية، علمًا بأن عدد الزائرين على المستوى الوطني بلغ 10 ملايين و260 ألف سائح سنة 2024، وكانت أسواق دول الجوار، خاصة السوق الجزائرية التي تجاوزت 3.5 ملايين زائر، والسوق الليبية، من أهم الروافد السياحية.

وقد بلغت عائدات السياحة ومداخيل العمل نحو 6.8 مليار دينار، خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي إلى 20 جوان 2025، وفق المؤشرات النقدية والمالية الصادرة مؤخرًا عن البنك المركزي.

وسجلت العائدات السياحية ارتفاعًا بنسبة 8.5 %، منتقلة من 2.7 مليار دينار في 20 جوان 2024 إلى 3 مليارات دينار حاليًا، فيما زادت عائدات العمل بنسبة 8.4 %، لتناهز 3.7 مليار دينار خلال الفترة ذاتها.

وتُبيّن أغلب المؤشرات الصادرة عن الهياكل المختصة، سواء الوطنية أو الدولية، أن سنة 2025 ستكون من أفضل المواسم السياحية التي عرفتها تونس خلال العقد الأخير، من حيث عدد الوافدين والعائدات ونسب الإشغال في الوحدات الفندقية.

وتؤكد هذه التوقعات المتفائلة أنها ليست رهانات ظرفية، بل نتيجة مباشرة لعمل دؤوب انطلق بتوجيهات رئاسية منذ سنة 2021، حيث حرص رئيس الجمهورية على مدى السنوات الماضية على الدفع نحو مقاربة جديدة في قطاع السياحة، تقوم على التنويع، والعدالة الجهوية، وجودة الخدمات. وقد لعبت هذه التوجيهات دورًا محوريًا في تعبئة الفاعلين في القطاع حول أهداف واضحة، وساهمت في استعادة الثقة بالوجهة التونسية، خصوصًا في الأسواق الأوروبية التقليدية والأسواق الواعدة في إفريقيا وآسيا.

ويُذكر أن رئيسة الحكومة أشرفت يوم 23 أفريل 2025 بقصر الحكومة بالقصبة على مجلس وزاري مضيّق خُصّص للنظر في دفع النشاط السياحي.

وفي افتتاح أعمال هذا المجلس، ثمّنت رئيسة الحكومة التحسن المسجّل في مؤشرات نشاط القطاع السياحي، باعتباره أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، لدوره الحيوي في التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل، ومساهمة الإيرادات السياحية في تعزيز المخزون الاستراتيجي لاحتياطي العملة الصعبة، وذلك تماشياً مع الرؤية التنموية لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، التي تستند إلى الخيارات الوطنية الثابتة، والتعويل على الموارد الذاتية للدولة.

منال حرزي