إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من‭ ‬بينها‭ ‬غياب‭ ‬مدير‭ ‬فني‭ ‬وكثرة‭ ‬العروض‭ ‬التجارية.. انتقادات‭ ‬عديدة‭ ‬توجه‭ ‬لمهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين

 

❞الموسيقار‭ ‬محمد‭ ‬القرفي‭ ‬مستاء‭ ‬من‭ ‬معلقة‭ ‬عرض‭ ‬الافتتاح‭.. ‬وفلسطين‭ ‬حاضرة‭ ‬عبر‭ ‬عروض‭ ‬لمحمد‭ ‬عساف‭ ‬و«سان‭ ‬لوفان‮»‬‭.. ‬❝

 

في‭ ‬أجواء‭ ‬حملت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التشنج‭ ‬والتوتر‭ ‬للمهرجان،‭ ‬عقدت‭ ‬مساء‭ ‬الخميس،‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية‭ ‬للدورة‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين‭ ‬لمهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ (‬من‭ ‬19‭ ‬جويلية‭ ‬إلى‭ ‬21‭ ‬أوت‭ ‬2025‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬سبقها‭ ‬بأيام‭ ‬جدل‭ ‬متواصل‭ ‬حول‭ ‬برمجة‭ ‬المغنية‭ ‬الفرنسية‭ ‬إيلين‭ ‬سيغارا‭ ‬الداعمة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬واستياء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬التونسيين‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭ ‬خلال‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬البرمجة‭ ‬بغيابهم‭ ‬عن‭ ‬الأفيشات‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تغيير‭ ‬أفيش‭ ‬عرض‭ ‬‮«‬سان‭ ‬لوفان‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬طرحه‭ ‬لرغبة‭ ‬الفنان‭ ‬المذكور‭ ‬في‭ ‬تغييره‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬اللحظات‭ ‬الفارقة‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية،‭ ‬تصريح‭ ‬الموسيقار‭ ‬محمد‭ ‬القرفي‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬فيه‭ ‬إنه‭ ‬مستاء‭ ‬من‭ ‬معلقة‭ ‬عرضه‭ ‬الافتتاحي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تمنح‭ ‬مطربي‭ ‬السهرة‭ ‬مكانتهم‭ ‬المستحقة‭.‬

ولعّل‭ ‬أهم‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬لمهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مهرجان‭ ‬الحمامات‭ ‬الدولي،‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬مدير‭ ‬فني‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬خيارات‭ ‬الدورة‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬أوضحت‭ ‬هند‭ ‬المقراني،‭ ‬المديرة‭ ‬العامة‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬المهرجانات‭ ‬والتظاهرات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية،‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية‭ ‬ليلة‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬الخميس‭ ‬10‭ ‬جويلية،‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬مختصة‭ ‬لم‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تركيبتها،‭ ‬تولت‭ ‬تحديد‭ ‬برمجة‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬2025‭. ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬لهذه‭ ‬اللجنة‭ ‬العمل‭ ‬ضمن‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬في‭ ‬دورتي‭ ‬57‭ ‬و58‭. ‬وتؤكد‭ ‬برمجة‭ ‬الدورة‭ ‬59‭ ‬من‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬أفضل‭ ‬الدورات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البرمجة،‭ ‬فمعظم‭ ‬الخيارات‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬‮«‬الإنتاجات‭ ‬المستهلكة‭ ‬والتجارية‮»‬‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬يلوّن‭ ‬خيارات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية،‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬التنوع‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأنماط‭ ‬الموسيقية‭ ‬والتعبيرات‭ ‬الفنية‭ ‬المعتادة‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬الأعرق‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وواحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المهرجانات‭ ‬الصيفية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭. ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين،‭ ‬تغيب‭ ‬العروض‭ ‬الإفريقية‭ ‬والمغاربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬ذات‭ ‬الخصوصية،‭ ‬ونعتقد‭ ‬أن‭ ‬الخيارات‭ ‬ستكون‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بكفاءات‭ ‬تونسية‭ ‬لها‭ ‬صيت‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬موسيقات‭ ‬العالم‭ ‬والمشاريع‭ ‬الإبداعية‭ ‬البديلة‭ ‬والمغايرة‭. ‬ولدينا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أسماء‭ ‬معروفة‭.‬
وتبدو‭ ‬سيطرة‭ ‬بعض‭ ‬متعهدي‭ ‬الحفلات‭ ‬على‭ ‬برمجة‭ ‬المهرجانات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ملف‭ ‬حارق‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬فتحه،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الوضع‭ ‬يهدد‭ ‬بتفاقم‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مستويات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الصورة‭ ‬الثقافية‭ ‬للبلاد‭.‬
الفنان‭ ‬التونسي،‭ ‬ورغم‭ ‬حضور‭ ‬لطيفة‭ ‬وعودة‭ ‬صوفية‭ ‬صادق‭ ‬وبرمجة‭ ‬بعض‭ ‬العروض،‭ ‬جانب‭ ‬منها‭ ‬أشبه‭ ‬بسهرات‭ ‬‮«‬الأعراس‮»‬،‭ ‬يظل‭ ‬الغائب‭ ‬الأكبر‭ ‬عن‭ ‬مهرجان‭ ‬بلاده‭ ‬الأهم‭. ‬فالمشاريع‭ ‬الموسيقية‭ ‬والإبداعية‭ ‬من‭ ‬موسيقى‭ ‬ومسرح‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الفرجة‭ ‬عديدة،‭ ‬وكان‭ ‬بالإمكان‭ ‬الاجتهاد‭ ‬أكثر‭ ‬وبجدية‭ ‬أكبر‭ ‬لنسج‭ ‬ملامح‭ ‬برمجة‭ ‬تليق‭ ‬بالحراك‭ ‬الفني‭ ‬التونسي،‭ ‬تثمن‭ ‬عمل‭ ‬الكبار‭ ‬وتمنح‭ ‬شباب‭ ‬الإبداع‭ ‬فرصة‭ ‬اعتلاء‭ ‬مسرح‭ ‬قرطاج‭.‬
ميزانية‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتصريح‭ ‬هند‭ ‬المقراني،‭ ‬المديرة‭ ‬العامة‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬المهرجانات‭ ‬والتظاهرات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية،‭ ‬تبلغ‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬دينار‭. ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬مبلغ‭ ‬زهيد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الترفيه‭ ‬–‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الثقافة‭ ‬ومقوماتها‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تمنح‭ ‬عائدات‭ ‬التذاكر‭ ‬والرعاة‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬المهرجان‭ ‬إمكانيات‭ ‬مالية‭ ‬تقي‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬المالي،‭ ‬وهي‭ ‬ميزة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬استثمارها‭ ‬أفضل‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬السياحة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬الفاعلة‭ ‬لمراجعة‭ ‬نوعية‭ ‬العروض‭ ‬واستقطاب‭ ‬أسماء‭ ‬أكثر‭ ‬نجاعة‭ ‬وفعالية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الإشعاع‭ ‬والتجديد،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الأسماء‭ ‬المستهلكة‭ ‬المتكررة‭ ‬كل‭ ‬فترة‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬قرطاج‭.‬
ومن‭ ‬الجيد‭ ‬أن‭ ‬تلامس‭ ‬برمجة‭ ‬قرطاج‭ ‬–‭ ‬ولو‭ ‬نسبيًا‭ ‬–‭ ‬الراهن‭ ‬العربي‭ ‬وتمنح‭ ‬هامشًا‭ ‬لصوت‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬خياراتها،‭ ‬ولكن‭ ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬تقديم‭ ‬عمل‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬المسلوبة‭ ‬يجمع‭ ‬جنسيات‭ ‬عديدة،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬تونسيون‭ ‬وفلسطينيون،‭ ‬ويكون‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬المهرجان‭ (‬في‭ ‬افتتاحه‭ ‬أو‭ ‬اختتامه‭)‬،‭ ‬عوضًا‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬معادلة‭ ‬صعبة‭ ‬بين‭ ‬التجارة‭ ‬والالتزام‭... ‬لا‭ ‬تستقيم‭!?‬
وفي‭ ‬اعتقادنا،‭ ‬عودة‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬لإنتاج‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬ضخم‭ ‬هو‭ ‬الرسالة‭ ‬الأفضل‭ ‬للعالم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬المزري‭.. ‬زمن‭ ‬الصراع‭ ‬والحروب‭ ‬والهوية‭ ‬المفقودة‭.‬
التعلات‭ ‬عديدة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ضيق‭ ‬الوقت،‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الإدارية،‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتلاحقة،‭ ‬لكن‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬المبررات‭ ‬واهية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الحلول‭ ‬ممكنة‭ ‬والتصورات‭ ‬متوفرة‭ ‬والكفاءات‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬أقوى‭ ‬العروض‭ ‬الكبرى‭ ‬موجودة،‭ ‬وسبق‭ ‬لهم‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وخارجها‭. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬التغييرات‭ ‬لن‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬إذا‭ ‬ظلت‭ ‬نفس‭ ‬التوجهات‭ ‬وأساليب‭ ‬التصرف‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي‭ ‬الوطني‭.‬

 نجلاء‭ ‬قموع

من‭ ‬بينها‭ ‬غياب‭ ‬مدير‭ ‬فني‭ ‬وكثرة‭ ‬العروض‭ ‬التجارية..  انتقادات‭ ‬عديدة‭ ‬توجه‭ ‬لمهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين

 

❞الموسيقار‭ ‬محمد‭ ‬القرفي‭ ‬مستاء‭ ‬من‭ ‬معلقة‭ ‬عرض‭ ‬الافتتاح‭.. ‬وفلسطين‭ ‬حاضرة‭ ‬عبر‭ ‬عروض‭ ‬لمحمد‭ ‬عساف‭ ‬و«سان‭ ‬لوفان‮»‬‭.. ‬❝

 

في‭ ‬أجواء‭ ‬حملت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التشنج‭ ‬والتوتر‭ ‬للمهرجان،‭ ‬عقدت‭ ‬مساء‭ ‬الخميس،‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية‭ ‬للدورة‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين‭ ‬لمهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ (‬من‭ ‬19‭ ‬جويلية‭ ‬إلى‭ ‬21‭ ‬أوت‭ ‬2025‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬سبقها‭ ‬بأيام‭ ‬جدل‭ ‬متواصل‭ ‬حول‭ ‬برمجة‭ ‬المغنية‭ ‬الفرنسية‭ ‬إيلين‭ ‬سيغارا‭ ‬الداعمة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬واستياء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬التونسيين‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭ ‬خلال‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬البرمجة‭ ‬بغيابهم‭ ‬عن‭ ‬الأفيشات‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تغيير‭ ‬أفيش‭ ‬عرض‭ ‬‮«‬سان‭ ‬لوفان‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬طرحه‭ ‬لرغبة‭ ‬الفنان‭ ‬المذكور‭ ‬في‭ ‬تغييره‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬اللحظات‭ ‬الفارقة‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية،‭ ‬تصريح‭ ‬الموسيقار‭ ‬محمد‭ ‬القرفي‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬فيه‭ ‬إنه‭ ‬مستاء‭ ‬من‭ ‬معلقة‭ ‬عرضه‭ ‬الافتتاحي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تمنح‭ ‬مطربي‭ ‬السهرة‭ ‬مكانتهم‭ ‬المستحقة‭.‬

ولعّل‭ ‬أهم‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬لمهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مهرجان‭ ‬الحمامات‭ ‬الدولي،‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬مدير‭ ‬فني‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬خيارات‭ ‬الدورة‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬أوضحت‭ ‬هند‭ ‬المقراني،‭ ‬المديرة‭ ‬العامة‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬المهرجانات‭ ‬والتظاهرات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية،‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية‭ ‬ليلة‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬الخميس‭ ‬10‭ ‬جويلية،‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬مختصة‭ ‬لم‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تركيبتها،‭ ‬تولت‭ ‬تحديد‭ ‬برمجة‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬2025‭. ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬لهذه‭ ‬اللجنة‭ ‬العمل‭ ‬ضمن‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬في‭ ‬دورتي‭ ‬57‭ ‬و58‭. ‬وتؤكد‭ ‬برمجة‭ ‬الدورة‭ ‬59‭ ‬من‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬أفضل‭ ‬الدورات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البرمجة،‭ ‬فمعظم‭ ‬الخيارات‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬‮«‬الإنتاجات‭ ‬المستهلكة‭ ‬والتجارية‮»‬‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬يلوّن‭ ‬خيارات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية،‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬التنوع‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأنماط‭ ‬الموسيقية‭ ‬والتعبيرات‭ ‬الفنية‭ ‬المعتادة‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬الأعرق‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وواحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المهرجانات‭ ‬الصيفية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭. ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين،‭ ‬تغيب‭ ‬العروض‭ ‬الإفريقية‭ ‬والمغاربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬ذات‭ ‬الخصوصية،‭ ‬ونعتقد‭ ‬أن‭ ‬الخيارات‭ ‬ستكون‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بكفاءات‭ ‬تونسية‭ ‬لها‭ ‬صيت‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬موسيقات‭ ‬العالم‭ ‬والمشاريع‭ ‬الإبداعية‭ ‬البديلة‭ ‬والمغايرة‭. ‬ولدينا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أسماء‭ ‬معروفة‭.‬
وتبدو‭ ‬سيطرة‭ ‬بعض‭ ‬متعهدي‭ ‬الحفلات‭ ‬على‭ ‬برمجة‭ ‬المهرجانات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ملف‭ ‬حارق‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬فتحه،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الوضع‭ ‬يهدد‭ ‬بتفاقم‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مستويات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الصورة‭ ‬الثقافية‭ ‬للبلاد‭.‬
الفنان‭ ‬التونسي،‭ ‬ورغم‭ ‬حضور‭ ‬لطيفة‭ ‬وعودة‭ ‬صوفية‭ ‬صادق‭ ‬وبرمجة‭ ‬بعض‭ ‬العروض،‭ ‬جانب‭ ‬منها‭ ‬أشبه‭ ‬بسهرات‭ ‬‮«‬الأعراس‮»‬،‭ ‬يظل‭ ‬الغائب‭ ‬الأكبر‭ ‬عن‭ ‬مهرجان‭ ‬بلاده‭ ‬الأهم‭. ‬فالمشاريع‭ ‬الموسيقية‭ ‬والإبداعية‭ ‬من‭ ‬موسيقى‭ ‬ومسرح‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الفرجة‭ ‬عديدة،‭ ‬وكان‭ ‬بالإمكان‭ ‬الاجتهاد‭ ‬أكثر‭ ‬وبجدية‭ ‬أكبر‭ ‬لنسج‭ ‬ملامح‭ ‬برمجة‭ ‬تليق‭ ‬بالحراك‭ ‬الفني‭ ‬التونسي،‭ ‬تثمن‭ ‬عمل‭ ‬الكبار‭ ‬وتمنح‭ ‬شباب‭ ‬الإبداع‭ ‬فرصة‭ ‬اعتلاء‭ ‬مسرح‭ ‬قرطاج‭.‬
ميزانية‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬التاسعة‭ ‬والخمسين،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتصريح‭ ‬هند‭ ‬المقراني،‭ ‬المديرة‭ ‬العامة‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬المهرجانات‭ ‬والتظاهرات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية،‭ ‬تبلغ‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬دينار‭. ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬مبلغ‭ ‬زهيد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الترفيه‭ ‬–‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الثقافة‭ ‬ومقوماتها‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تمنح‭ ‬عائدات‭ ‬التذاكر‭ ‬والرعاة‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬المهرجان‭ ‬إمكانيات‭ ‬مالية‭ ‬تقي‭ ‬قرطاج‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬المالي،‭ ‬وهي‭ ‬ميزة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬استثمارها‭ ‬أفضل‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬السياحة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬الفاعلة‭ ‬لمراجعة‭ ‬نوعية‭ ‬العروض‭ ‬واستقطاب‭ ‬أسماء‭ ‬أكثر‭ ‬نجاعة‭ ‬وفعالية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الإشعاع‭ ‬والتجديد،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الأسماء‭ ‬المستهلكة‭ ‬المتكررة‭ ‬كل‭ ‬فترة‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬قرطاج‭.‬
ومن‭ ‬الجيد‭ ‬أن‭ ‬تلامس‭ ‬برمجة‭ ‬قرطاج‭ ‬–‭ ‬ولو‭ ‬نسبيًا‭ ‬–‭ ‬الراهن‭ ‬العربي‭ ‬وتمنح‭ ‬هامشًا‭ ‬لصوت‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬خياراتها،‭ ‬ولكن‭ ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬تقديم‭ ‬عمل‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬المسلوبة‭ ‬يجمع‭ ‬جنسيات‭ ‬عديدة،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬تونسيون‭ ‬وفلسطينيون،‭ ‬ويكون‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬المهرجان‭ (‬في‭ ‬افتتاحه‭ ‬أو‭ ‬اختتامه‭)‬،‭ ‬عوضًا‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬معادلة‭ ‬صعبة‭ ‬بين‭ ‬التجارة‭ ‬والالتزام‭... ‬لا‭ ‬تستقيم‭!?‬
وفي‭ ‬اعتقادنا،‭ ‬عودة‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬لإنتاج‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬ضخم‭ ‬هو‭ ‬الرسالة‭ ‬الأفضل‭ ‬للعالم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬المزري‭.. ‬زمن‭ ‬الصراع‭ ‬والحروب‭ ‬والهوية‭ ‬المفقودة‭.‬
التعلات‭ ‬عديدة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ضيق‭ ‬الوقت،‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الإدارية،‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتلاحقة،‭ ‬لكن‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬المبررات‭ ‬واهية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الحلول‭ ‬ممكنة‭ ‬والتصورات‭ ‬متوفرة‭ ‬والكفاءات‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬أقوى‭ ‬العروض‭ ‬الكبرى‭ ‬موجودة،‭ ‬وسبق‭ ‬لهم‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وخارجها‭. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬التغييرات‭ ‬لن‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬إذا‭ ‬ظلت‭ ‬نفس‭ ‬التوجهات‭ ‬وأساليب‭ ‬التصرف‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي‭ ‬الوطني‭.‬

 نجلاء‭ ‬قموع