إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قد يكون بديلاً أو مكملاً للصلح الجزائي.. المصادرة المدنية.. مشروع قانون لاستكمال مسار الصلح

 في الجلسة العامة الأخيرة المتعلّقة بالمصادقة على مشروع قانون غلق ميزانية 2021، التي عقدها مجلس نوّاب الشعب بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي، طُرح ملف الصلح الجزائي، واستفسر بعض النواب عن مصير هذا الملف. وفي هذا الخصوص، أكّدت وزيرة المالية أنّ هذا الملف لم يعد من مشمولاتها المباشرة منذ تولّيها منصب وزيرة المالية، وأنّها غير مؤهلة للإدلاء بمعطيات حوله.

وتساؤلات النواب حول ملف الصلح الجزائي ومصيره وعائداته تعبّر كذلك عن تساؤلات المهتمّين بهذا الملف ومتابعيه. فمنذ تسلّم رئيسة اللجنة السابقة لمهامها على رأس وزارة المالية، اختفى تقريبًا ملف الصلح الجزائي من التداول، ولم يعد حاضرًا بالزخم الذي كان عليه. والآن، بعد مضيّ أكثر من ثلاث سنوات على إصدار المرسوم المتعلّق بالصلح الجزائي مع رجال الأعمال المتورّطين في الفساد، فإنّ هذه المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وراهنت عليها الدولة من أجل استرجاع جزء من الأموال المنهوبة، ما زالت تراوح مكانها دون نتائج ملموسة، ودون إعلان عن تسوية أيّ ملف من ملفات الصلح الجزائي بشكل نهائي.

وكلّ هذه الهواجس والتساؤلات عبّر عنها بدوره رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نوّاب الشعب، ياسر القوراري، في تصريح لـ»الصباح»، خاصّةً وأنّ لجنة التشريع العام كان لها دور في تنقيح مرسوم الصلح الجزائي لجعله أكثر نجاعة ومرونة في التطبيق. ولكن، رغم ذلك المجهود التشريعي، فإنّ الأهداف ما زالت في انتظار التحقيق.

الصلح الجزائي والتعويل على الذات

وُلدت مبادرة الصلح الجزائي في سياق رفع خيار «التعويل على الذات» الذي تتبنّاه رئاسة الجمهورية والحكومة، بغية العمل على تحسين الموارد الداخليّة، في ظلّ صعوبات الاقتراض من الخارج والشروط المجحفة. كما اعتُبرت هذه المبادرة حلًّا عمليًّا لتحصيل الأموال المنهوبة من الدولة، ولدفع التنمية ببعض المناطق، والمساهمة في حلحلة الأزمة الاقتصادية الراهنة.

وقد شهد ملف الصلح الجزائي، منذ صدور المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المتعلّق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، على مستوى الإجراءات والقرارات، تطوّرات ومستجدات. لكنه، على مستوى النتائج والمآلات، ما زال يراوح مكانه، رغم التمديد في عمل اللجنة المكلّفة بالصلح الجزائي وتغيير تركيبتها أكثر من مرة.

وحسب المرسوم المنظّم لعمل لجنة الصلح الجزائي قبل تنقيحه، فإنّ عمل اللجنة انتهى في نوفمبر 2023، بعد التمديد لها بستة أشهر. ثم، بعد ذلك، تم تنقيح القانون وتشكيل لجنة جديدة في مارس 2024. ورغم أنّه، في تنقيح القانون، حاول المشرّع تذليل أغلب الصعوبات الإجرائية ومنحها كل الوسائل القانونية للقيام بعملها بشكل ناجز وناجع، إلا أنّه، إلى اليوم، لم تظهر نتائج هذا العمل، ولم يتم الإعلان عن أيّ عائدات حقّقتها اللجنة من العائدات المتوقّعة، والتي قُدّرت في وقت سابق بـ13 مليار دينار.

وكان النائب ياسين مامي قد صرّح في وقت سابق بأنّ لجنة الصلح الجزائي استلمت، خلال فترة تولّيها مهامها من مارس إلى سبتمبر 2024، ما يقارب 370 ملف صلح جزائي، ولم تتمكّن سوى من حسم حوالي 80 ملفًا، بسبب ضيق الوقت والإجراءات.

واليوم، أمام عدم تسجيل تقدّم في هذا الملف كما يجب، تُطرح أسئلة ملحّة حول أسباب تعطّله ومراوحته مكانه دون تقدّم.

وتقوم فكرة الصلح الجزائي على ترتيب المعنيين ترتيبًا تنازليًّا بحسب المبالغ المحكوم بها عليهم، كما يتمّ ترتيب المعتمديات ترتيبًا تنازليًّا من الأكثر فقرًا إلى الأقل فقرًا. ويتعهّد كل محكوم عليه بإنجاز المشاريع التي يطالب بها الأهالي في كل معتمدية (طرق، مؤسسات استشفائية، مؤسسات تربوية)، وذلك تحت إشراف لجان جهوية تتولّى المراقبة والتنسيق، على أن لا يتمّ إبرام الصلح النهائي إلا بعد أن يقدّم المعني بالأمر ما يفيد إنجازه للمشاريع في حدود المبالغ المحكوم بها عليه.

ورغم رهان الدولة وحرص رئاسة الجمهورية على إنجاز مسار الصلح الجزائي، إلا أنّ هناك من يعتبر أنّ الصلح الجزائي قد يمثّل حلًّا نسبيًّا، ولا يمكن أن يعيد الأموال المنهوبة أو يعيد التوازنات المالية للخزينة العامة، أو يحلّ مشاكل البلاد الاقتصادية. ويرى البعض أنّ هذا الصلح كان يمكن أن ينجح في السنوات التي تلت الثورة مباشرة، ولكن اليوم من الصعب أن ينجح لعدّة اعتبارات.

علماً أنّ هناك عددًا من رجال الأعمال ملاحقون قضائيًّا بتهم مختلفة ذات طابع مالي واقتصادي، وبعضهم في السجن، وقبولهم بالصلح الجزائي يُعدّ بمثابة الفرصة الثانية لاستعادة نشاطهم الاقتصادي، على أن يقبلوا بشروط الصلح.

ورغم هذا الحرص الرسمي ومحاولة تذليل كلّ العقبات، إلا أنّه إلى اليوم لم يتمّ الإعلان عن تنفيذ أيّ اتفاق ضمن هذا المسار يمكنه تحقيق عائدات للدولة، وما زالت أغلب الملفات لم تكتمل بعد لتكون جاهزة لإبرام الصلح، رغم كلّ التسهيلات الإجرائية وتعديل مرسوم الصلح الجزائي.

 رئيس لجنة التشريع العام ياسر القوراري لـ«الصباح»: بعض رجال الأعمال عرضوا مبالغ هزيلة جدًّا مقارنة بمقدّرات الشعب التي تورّطوا في نهبها من المال العام

في تصريح لـ«الصباح»، قال رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان، ياسر القوراري، حول ملف الصلح الجزائي ومآلاته اليوم، وما إذا نجح في تحقيق الأهداف المعلّقة على لجنة الصلح الجزائي، إنهم كنواب يحملون نفس الهواجس والتساؤلات، ولكنهم لا يملكون أي معطى دقيق حول مآلات هذا الملف.

وأضاف القوراري: «في بداية 2024، اشتغلت لجنة التشريع العام على مشروع القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022، المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، مع استعجال النظر من الطرف الحكومي، وقد تولّت اللجنة دراسة ومناقشة فصول مشروع القانون والتصويت عليها، وكان من بين التعديلات التي تم اقتراحها في الهيئة عدم حصر عمل لجنة الصلح الجبائي في آجال محدودة ومغلقة، إلا أنّ الحكومة تمسّكت بمبدأ الآجال المحدودة والمغلقة في عمل اللجنة، وعمليًا، كان هذا الإجراء من الإجراءات المعرقلة داخل الهيئة، حيث إن بعض الملفات تم استيفاؤها بعد الآجال، وقد عاينتُ شخصيًا ذلك في بعض الحالات لمعنيين بالصلح الجزائي، حيث عندما أتمّوا جمع المبالغ المستوجبة لإجراء الصلح، صُدموا لاحقًا بانتهاء الآجال.»

وأشار القوراري أيضًا إلى أنّ لجنة التشريع العام من حقها متابعة تنفيذ مشروع قانون قامت بالمصادقة عليه، مضيفًا: «لكن، كما تابع ذلك الجميع، فإن وزيرة المالية لا تملك إجابات على الأسئلة المطروحة، حيث تؤكّد في كل مرة أنها لم تعد رئيسة اللجنة، وأن علاقتها باللجنة انتهت بتقلّدها منصب وزيرة المالية، وهي غير مؤهّلة اليوم للإجابة على كل تساؤلات النواب.. وبالتالي، في غياب طرف يُسأل عن مآل اللجنة ومصير هذا الملف، الذي كان يُراهن عليه ليكون أحد أعمدة سياسة التعويل على الذات، بعيدًا عن الاقتراض الخارجي المكثّف والترفيع في الجباية، الذي استنزف الطبقة المتوسطة.»

وبسؤال رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب عن بعض المزاعم بشأن أنّ بعض رجال الأعمال المعنيين بالصلح الجزائي كان شرطهم مغادرة السجن لإتمام اتفاق الصلح الجزائي، ولكن عدم حصول ذلك أدى إلى فشل بعض ملفات الصلح، أكّد القوراري أنّ ذلك غير صحيح، لأنّ الانخراط في مسار الصلح يضمن مغادرة السجن وفق نص مرسوم الصلح الجزائي، ما إذا لم يكن المعنيّ متورّطًا في قضايا أخرى لا علاقة لها بملف الصلح الجزائي من أساسه.

ويضيف محدّثنا: «ولكن هناك أيضًا قراءة أخرى تشير إلى كون بعض رجال الأعمال عرضوا مبالغ هزيلة جدًا مقارنة بمقدّرات الشعب التي تورّطوا في نهبها من المال العام، وكذلك هناك من رجال الأعمال من طلب تأجيل النظر في ملف الصلح الجزائي إلى ما بعد الانتخابات الماضية، على أمل أن يحدث تغيير سياسي ويفاوض في مناخ سياسي آخر، ولكن ذلك لم يحدث، وظلّت تلك الملفات تراوح مكانها.»

رئيس لجنة التشريع العام، ياسر القوراري، قال أيضًا إنّه اليوم، بلجنة التشريع العام، هناك مقترح مشروع قانون مطروح للمصادرة المدنية، والتي يمكن أن تكون تكملة أو بديلاً للصلح الجزائي، وقد أرجأت اللجنة النظر فيه حتى يتبيّن مصير ملف وأعمال لجنة الصلح الجزائي، قائلًا: «للأسف، اليوم، فيما يتعلّق بملف الصلح الجزائي، نحن ليس لدينا من نخاطبه، رغم أنه من حقّنا كلجنة صادقت على المشروع أن نتابع تنفيذه من طرف الحكومة، لأننا في النهاية نصادق على قوانين لتُنفّذ، والمهم في كل ذلك استرجاع أموال الشعب، وكي لا نفوّت علينا الفرصة أكثر في استرجاع ما نُهب من الشعب، وبالتالي لا بدّ من استكمال مسار الصلح الجزائي.»

منية العرفاوي

   قد يكون بديلاً أو مكملاً للصلح الجزائي..   المصادرة المدنية.. مشروع قانون لاستكمال مسار الصلح

 في الجلسة العامة الأخيرة المتعلّقة بالمصادقة على مشروع قانون غلق ميزانية 2021، التي عقدها مجلس نوّاب الشعب بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي، طُرح ملف الصلح الجزائي، واستفسر بعض النواب عن مصير هذا الملف. وفي هذا الخصوص، أكّدت وزيرة المالية أنّ هذا الملف لم يعد من مشمولاتها المباشرة منذ تولّيها منصب وزيرة المالية، وأنّها غير مؤهلة للإدلاء بمعطيات حوله.

وتساؤلات النواب حول ملف الصلح الجزائي ومصيره وعائداته تعبّر كذلك عن تساؤلات المهتمّين بهذا الملف ومتابعيه. فمنذ تسلّم رئيسة اللجنة السابقة لمهامها على رأس وزارة المالية، اختفى تقريبًا ملف الصلح الجزائي من التداول، ولم يعد حاضرًا بالزخم الذي كان عليه. والآن، بعد مضيّ أكثر من ثلاث سنوات على إصدار المرسوم المتعلّق بالصلح الجزائي مع رجال الأعمال المتورّطين في الفساد، فإنّ هذه المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وراهنت عليها الدولة من أجل استرجاع جزء من الأموال المنهوبة، ما زالت تراوح مكانها دون نتائج ملموسة، ودون إعلان عن تسوية أيّ ملف من ملفات الصلح الجزائي بشكل نهائي.

وكلّ هذه الهواجس والتساؤلات عبّر عنها بدوره رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نوّاب الشعب، ياسر القوراري، في تصريح لـ»الصباح»، خاصّةً وأنّ لجنة التشريع العام كان لها دور في تنقيح مرسوم الصلح الجزائي لجعله أكثر نجاعة ومرونة في التطبيق. ولكن، رغم ذلك المجهود التشريعي، فإنّ الأهداف ما زالت في انتظار التحقيق.

الصلح الجزائي والتعويل على الذات

وُلدت مبادرة الصلح الجزائي في سياق رفع خيار «التعويل على الذات» الذي تتبنّاه رئاسة الجمهورية والحكومة، بغية العمل على تحسين الموارد الداخليّة، في ظلّ صعوبات الاقتراض من الخارج والشروط المجحفة. كما اعتُبرت هذه المبادرة حلًّا عمليًّا لتحصيل الأموال المنهوبة من الدولة، ولدفع التنمية ببعض المناطق، والمساهمة في حلحلة الأزمة الاقتصادية الراهنة.

وقد شهد ملف الصلح الجزائي، منذ صدور المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المتعلّق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، على مستوى الإجراءات والقرارات، تطوّرات ومستجدات. لكنه، على مستوى النتائج والمآلات، ما زال يراوح مكانه، رغم التمديد في عمل اللجنة المكلّفة بالصلح الجزائي وتغيير تركيبتها أكثر من مرة.

وحسب المرسوم المنظّم لعمل لجنة الصلح الجزائي قبل تنقيحه، فإنّ عمل اللجنة انتهى في نوفمبر 2023، بعد التمديد لها بستة أشهر. ثم، بعد ذلك، تم تنقيح القانون وتشكيل لجنة جديدة في مارس 2024. ورغم أنّه، في تنقيح القانون، حاول المشرّع تذليل أغلب الصعوبات الإجرائية ومنحها كل الوسائل القانونية للقيام بعملها بشكل ناجز وناجع، إلا أنّه، إلى اليوم، لم تظهر نتائج هذا العمل، ولم يتم الإعلان عن أيّ عائدات حقّقتها اللجنة من العائدات المتوقّعة، والتي قُدّرت في وقت سابق بـ13 مليار دينار.

وكان النائب ياسين مامي قد صرّح في وقت سابق بأنّ لجنة الصلح الجزائي استلمت، خلال فترة تولّيها مهامها من مارس إلى سبتمبر 2024، ما يقارب 370 ملف صلح جزائي، ولم تتمكّن سوى من حسم حوالي 80 ملفًا، بسبب ضيق الوقت والإجراءات.

واليوم، أمام عدم تسجيل تقدّم في هذا الملف كما يجب، تُطرح أسئلة ملحّة حول أسباب تعطّله ومراوحته مكانه دون تقدّم.

وتقوم فكرة الصلح الجزائي على ترتيب المعنيين ترتيبًا تنازليًّا بحسب المبالغ المحكوم بها عليهم، كما يتمّ ترتيب المعتمديات ترتيبًا تنازليًّا من الأكثر فقرًا إلى الأقل فقرًا. ويتعهّد كل محكوم عليه بإنجاز المشاريع التي يطالب بها الأهالي في كل معتمدية (طرق، مؤسسات استشفائية، مؤسسات تربوية)، وذلك تحت إشراف لجان جهوية تتولّى المراقبة والتنسيق، على أن لا يتمّ إبرام الصلح النهائي إلا بعد أن يقدّم المعني بالأمر ما يفيد إنجازه للمشاريع في حدود المبالغ المحكوم بها عليه.

ورغم رهان الدولة وحرص رئاسة الجمهورية على إنجاز مسار الصلح الجزائي، إلا أنّ هناك من يعتبر أنّ الصلح الجزائي قد يمثّل حلًّا نسبيًّا، ولا يمكن أن يعيد الأموال المنهوبة أو يعيد التوازنات المالية للخزينة العامة، أو يحلّ مشاكل البلاد الاقتصادية. ويرى البعض أنّ هذا الصلح كان يمكن أن ينجح في السنوات التي تلت الثورة مباشرة، ولكن اليوم من الصعب أن ينجح لعدّة اعتبارات.

علماً أنّ هناك عددًا من رجال الأعمال ملاحقون قضائيًّا بتهم مختلفة ذات طابع مالي واقتصادي، وبعضهم في السجن، وقبولهم بالصلح الجزائي يُعدّ بمثابة الفرصة الثانية لاستعادة نشاطهم الاقتصادي، على أن يقبلوا بشروط الصلح.

ورغم هذا الحرص الرسمي ومحاولة تذليل كلّ العقبات، إلا أنّه إلى اليوم لم يتمّ الإعلان عن تنفيذ أيّ اتفاق ضمن هذا المسار يمكنه تحقيق عائدات للدولة، وما زالت أغلب الملفات لم تكتمل بعد لتكون جاهزة لإبرام الصلح، رغم كلّ التسهيلات الإجرائية وتعديل مرسوم الصلح الجزائي.

 رئيس لجنة التشريع العام ياسر القوراري لـ«الصباح»: بعض رجال الأعمال عرضوا مبالغ هزيلة جدًّا مقارنة بمقدّرات الشعب التي تورّطوا في نهبها من المال العام

في تصريح لـ«الصباح»، قال رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان، ياسر القوراري، حول ملف الصلح الجزائي ومآلاته اليوم، وما إذا نجح في تحقيق الأهداف المعلّقة على لجنة الصلح الجزائي، إنهم كنواب يحملون نفس الهواجس والتساؤلات، ولكنهم لا يملكون أي معطى دقيق حول مآلات هذا الملف.

وأضاف القوراري: «في بداية 2024، اشتغلت لجنة التشريع العام على مشروع القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022، المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، مع استعجال النظر من الطرف الحكومي، وقد تولّت اللجنة دراسة ومناقشة فصول مشروع القانون والتصويت عليها، وكان من بين التعديلات التي تم اقتراحها في الهيئة عدم حصر عمل لجنة الصلح الجبائي في آجال محدودة ومغلقة، إلا أنّ الحكومة تمسّكت بمبدأ الآجال المحدودة والمغلقة في عمل اللجنة، وعمليًا، كان هذا الإجراء من الإجراءات المعرقلة داخل الهيئة، حيث إن بعض الملفات تم استيفاؤها بعد الآجال، وقد عاينتُ شخصيًا ذلك في بعض الحالات لمعنيين بالصلح الجزائي، حيث عندما أتمّوا جمع المبالغ المستوجبة لإجراء الصلح، صُدموا لاحقًا بانتهاء الآجال.»

وأشار القوراري أيضًا إلى أنّ لجنة التشريع العام من حقها متابعة تنفيذ مشروع قانون قامت بالمصادقة عليه، مضيفًا: «لكن، كما تابع ذلك الجميع، فإن وزيرة المالية لا تملك إجابات على الأسئلة المطروحة، حيث تؤكّد في كل مرة أنها لم تعد رئيسة اللجنة، وأن علاقتها باللجنة انتهت بتقلّدها منصب وزيرة المالية، وهي غير مؤهّلة اليوم للإجابة على كل تساؤلات النواب.. وبالتالي، في غياب طرف يُسأل عن مآل اللجنة ومصير هذا الملف، الذي كان يُراهن عليه ليكون أحد أعمدة سياسة التعويل على الذات، بعيدًا عن الاقتراض الخارجي المكثّف والترفيع في الجباية، الذي استنزف الطبقة المتوسطة.»

وبسؤال رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب عن بعض المزاعم بشأن أنّ بعض رجال الأعمال المعنيين بالصلح الجزائي كان شرطهم مغادرة السجن لإتمام اتفاق الصلح الجزائي، ولكن عدم حصول ذلك أدى إلى فشل بعض ملفات الصلح، أكّد القوراري أنّ ذلك غير صحيح، لأنّ الانخراط في مسار الصلح يضمن مغادرة السجن وفق نص مرسوم الصلح الجزائي، ما إذا لم يكن المعنيّ متورّطًا في قضايا أخرى لا علاقة لها بملف الصلح الجزائي من أساسه.

ويضيف محدّثنا: «ولكن هناك أيضًا قراءة أخرى تشير إلى كون بعض رجال الأعمال عرضوا مبالغ هزيلة جدًا مقارنة بمقدّرات الشعب التي تورّطوا في نهبها من المال العام، وكذلك هناك من رجال الأعمال من طلب تأجيل النظر في ملف الصلح الجزائي إلى ما بعد الانتخابات الماضية، على أمل أن يحدث تغيير سياسي ويفاوض في مناخ سياسي آخر، ولكن ذلك لم يحدث، وظلّت تلك الملفات تراوح مكانها.»

رئيس لجنة التشريع العام، ياسر القوراري، قال أيضًا إنّه اليوم، بلجنة التشريع العام، هناك مقترح مشروع قانون مطروح للمصادرة المدنية، والتي يمكن أن تكون تكملة أو بديلاً للصلح الجزائي، وقد أرجأت اللجنة النظر فيه حتى يتبيّن مصير ملف وأعمال لجنة الصلح الجزائي، قائلًا: «للأسف، اليوم، فيما يتعلّق بملف الصلح الجزائي، نحن ليس لدينا من نخاطبه، رغم أنه من حقّنا كلجنة صادقت على المشروع أن نتابع تنفيذه من طرف الحكومة، لأننا في النهاية نصادق على قوانين لتُنفّذ، والمهم في كل ذلك استرجاع أموال الشعب، وكي لا نفوّت علينا الفرصة أكثر في استرجاع ما نُهب من الشعب، وبالتالي لا بدّ من استكمال مسار الصلح الجزائي.»

منية العرفاوي