إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رؤية استراتيجية تراعي الأولويات وتقطع مع "المُسكِّنات".. الإصلاح الجذري طريق تونس إلى التعافي..

 

في ظل الإصلاحات التي تعيش على وقعها مختلف القطاعات، تتجه تونس تدريجيًّا نحو التعافي، لا سيما أن الأرقام والمؤشرات الحالية تؤكد نقلة نوعية في عديد المجالات. لكن هذه المؤشرات، وإن عكست بوادر تحسّن، فإنها لا تكفي وحدها ما لم تُعزَّز بإجراءات عملية تُترجم الإرادة السياسية إلى قرارات ملموسة.

وقد شكّل اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، مناسبة لتجديد التأكيد على هذا التوجه، حيث تناول رئيس الدولة في هذا اللقاء عددًا من مشاريع القوانين والأوامر، مؤكدًا أن أولى الأولويات هي تحقيق العدالة الاجتماعية، ودفع الاستثمار، ووضع حدٍّ للفساد، مشدّدًا على أن عديد المرافق العمومية لا يمكن أن تؤدّي دورها على الوجه الأكمل إلا في ظلّ إدارة لا يتردّد المُشرفون عليها في الاستجابة لمطالب المواطنين.

فالثورة التشريعية لا يمكن أن تُحقّق أهدافها إلا في ظلّ ثورة إدارية تُؤدّي بدورها إلى ثورة ثقافية في العقول، تقوم على علاقة ثقة كاملة ومتينة بين الإدارة ومنظوريها.

وأكد رئيس الجمهورية أن التحدّي لن يُقابَل إلا بالتحدّي، وأنّ الشعب التونسي سيُواصل شقّ طريقه، وسيُحبِط كلّ المؤامرات، وكلّ الترتيبات التي تُحاول جيوب الردّة أن تُؤجّج بها الأوضاع، فهؤلاء الذين يحنّون إلى الوراء سقطت عن وجوههم كلّ الأقنعة، بالرغم من أنهم يضعون كلّ يوم قناعًا جديدًا، يعلم الشعب التونسي أنها أقنعة لم تعد تخفى على أحد.

لقاء يحدّد مجددًا بوصلة المرحلة، التي تقوم على أولوية العدالة الاجتماعية، وضرورة تسريع نسق الاستثمار، وفرض الانضباط الإداري، والضرب وفق القانون على بؤر الفساد، بما يكشف عن رؤية استراتيجية لا تقوم فقط على تحسين المؤشرات الاقتصادية، بل تستهدف إعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس الثقة المتبادلة والنجاعة الفعلية.

قطع مع الإصلاحات الترقيعية

وما فتئ رئيس الجمهورية يشدّد على ضرورة أن تكون القطيعة واضحة مع منطق الإصلاحات الترقيعية والمعالجات الظرفية التي لم تعد مجدية، والتي تجاوزتها طبيعة المرحلة، باعتبار أن المسار الجديد ينبني على الإصلاح الجذري، وعلى كشف كل تقصير ومحاسبة المقصّرين، من خلال رؤية سياسية إصلاحية تعكس أن كلّ تأجيل للإصلاح هو ضرب من التواطؤ مع الفشل، وأنّ الحلول يجب أن تكون «وطنية خالصة» تنبع من الإرادة السياسية والشعبية، وتضع حدًّا لنمط اقتصادي واجتماعي بات منذ سنوات عديدة عاجزًا عن تلبية تطلعات التونسيين، بما يعكس رؤية رئيس الجمهورية التي عبّر عنها مرارًا وتكرارًا في عديد المحطات.

هذه الدعوة تؤشّر إلى أن الدولة بصدد الانتقال من منطق «المُسكِّنات» إلى منهج المعالجة الجذرية، وهو ما يتطلب مراجعة شاملة لهيكلة عدد من القطاعات الحساسة والدقيقة، على غرار الصحة، والتعليم، والنقل، والمؤسسات العمومية، والدعم الاجتماعي، مع ضرورة ربط هذه الإصلاحات بآليات جديدة للحوكمة والمحاسبة. وجميع القطاعات السالفة الذكر كانت محل متابعة وإجراءات دقيقة من قبل رئيس الجمهورية.

لا للحلول المستوردة

من جانب آخر، فإن تأكيد رئيس الجمهورية على ضرورة استنباط حلول جذرية يُمثّل في جوهره تأكيدًا على مبدأ السيادة، ورفضًا للوصاية أو التبعية، حيث جاءت تصريحات رئيس الجمهورية لتؤكد أن الحلول لا يمكن أن تكون مستوردة أو مفروضة من الخارج، بل يجب أن تتجذّر في الواقع التونسي وتراعي خصوصياته الاجتماعية والاقتصادية.

فتونس لا تقبل إلا بالتعاون الندّي، مع حرصها الشديد على استقلالية قرارها الوطني.

الجهود والمساعي حثيثة من أجل تحقيق انتظارات الشعب، حيث تُخاض معارك يومية في كل قطاع، وتُرصد فيها الإمكانيات، وتُوظّف فيها الإرادة السياسية لمحاربة الفساد واستعادة ثقة المواطن. فالعمل كما عبر عنه رئيس الجمهورية لا يقف عند حدود المكاتب أو المناسبات، بل تتّجه مباشرة إلى معالجة الأزمات من جذورها، انطلاقًا من الواقع، وليس بناءً على تصورات مفصولة عنه.

وهذه المقاربة تُشكّل تجسيدًا لرؤية تسعى إلى القطع مع البيروقراطية والعجز، وفتح مسارات جديدة للإصلاح الحقيقي عبر خارطة طريق واضحة المعالم، تقوم على إصلاحات جذرية تمسّ كلّ القطاعات، من أجل الاستجابة الفعلية لانتظارات الشعب التونسي.

منال حرزي

رؤية استراتيجية تراعي الأولويات وتقطع مع "المُسكِّنات"..   الإصلاح الجذري طريق تونس إلى التعافي..

 

في ظل الإصلاحات التي تعيش على وقعها مختلف القطاعات، تتجه تونس تدريجيًّا نحو التعافي، لا سيما أن الأرقام والمؤشرات الحالية تؤكد نقلة نوعية في عديد المجالات. لكن هذه المؤشرات، وإن عكست بوادر تحسّن، فإنها لا تكفي وحدها ما لم تُعزَّز بإجراءات عملية تُترجم الإرادة السياسية إلى قرارات ملموسة.

وقد شكّل اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، مناسبة لتجديد التأكيد على هذا التوجه، حيث تناول رئيس الدولة في هذا اللقاء عددًا من مشاريع القوانين والأوامر، مؤكدًا أن أولى الأولويات هي تحقيق العدالة الاجتماعية، ودفع الاستثمار، ووضع حدٍّ للفساد، مشدّدًا على أن عديد المرافق العمومية لا يمكن أن تؤدّي دورها على الوجه الأكمل إلا في ظلّ إدارة لا يتردّد المُشرفون عليها في الاستجابة لمطالب المواطنين.

فالثورة التشريعية لا يمكن أن تُحقّق أهدافها إلا في ظلّ ثورة إدارية تُؤدّي بدورها إلى ثورة ثقافية في العقول، تقوم على علاقة ثقة كاملة ومتينة بين الإدارة ومنظوريها.

وأكد رئيس الجمهورية أن التحدّي لن يُقابَل إلا بالتحدّي، وأنّ الشعب التونسي سيُواصل شقّ طريقه، وسيُحبِط كلّ المؤامرات، وكلّ الترتيبات التي تُحاول جيوب الردّة أن تُؤجّج بها الأوضاع، فهؤلاء الذين يحنّون إلى الوراء سقطت عن وجوههم كلّ الأقنعة، بالرغم من أنهم يضعون كلّ يوم قناعًا جديدًا، يعلم الشعب التونسي أنها أقنعة لم تعد تخفى على أحد.

لقاء يحدّد مجددًا بوصلة المرحلة، التي تقوم على أولوية العدالة الاجتماعية، وضرورة تسريع نسق الاستثمار، وفرض الانضباط الإداري، والضرب وفق القانون على بؤر الفساد، بما يكشف عن رؤية استراتيجية لا تقوم فقط على تحسين المؤشرات الاقتصادية، بل تستهدف إعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس الثقة المتبادلة والنجاعة الفعلية.

قطع مع الإصلاحات الترقيعية

وما فتئ رئيس الجمهورية يشدّد على ضرورة أن تكون القطيعة واضحة مع منطق الإصلاحات الترقيعية والمعالجات الظرفية التي لم تعد مجدية، والتي تجاوزتها طبيعة المرحلة، باعتبار أن المسار الجديد ينبني على الإصلاح الجذري، وعلى كشف كل تقصير ومحاسبة المقصّرين، من خلال رؤية سياسية إصلاحية تعكس أن كلّ تأجيل للإصلاح هو ضرب من التواطؤ مع الفشل، وأنّ الحلول يجب أن تكون «وطنية خالصة» تنبع من الإرادة السياسية والشعبية، وتضع حدًّا لنمط اقتصادي واجتماعي بات منذ سنوات عديدة عاجزًا عن تلبية تطلعات التونسيين، بما يعكس رؤية رئيس الجمهورية التي عبّر عنها مرارًا وتكرارًا في عديد المحطات.

هذه الدعوة تؤشّر إلى أن الدولة بصدد الانتقال من منطق «المُسكِّنات» إلى منهج المعالجة الجذرية، وهو ما يتطلب مراجعة شاملة لهيكلة عدد من القطاعات الحساسة والدقيقة، على غرار الصحة، والتعليم، والنقل، والمؤسسات العمومية، والدعم الاجتماعي، مع ضرورة ربط هذه الإصلاحات بآليات جديدة للحوكمة والمحاسبة. وجميع القطاعات السالفة الذكر كانت محل متابعة وإجراءات دقيقة من قبل رئيس الجمهورية.

لا للحلول المستوردة

من جانب آخر، فإن تأكيد رئيس الجمهورية على ضرورة استنباط حلول جذرية يُمثّل في جوهره تأكيدًا على مبدأ السيادة، ورفضًا للوصاية أو التبعية، حيث جاءت تصريحات رئيس الجمهورية لتؤكد أن الحلول لا يمكن أن تكون مستوردة أو مفروضة من الخارج، بل يجب أن تتجذّر في الواقع التونسي وتراعي خصوصياته الاجتماعية والاقتصادية.

فتونس لا تقبل إلا بالتعاون الندّي، مع حرصها الشديد على استقلالية قرارها الوطني.

الجهود والمساعي حثيثة من أجل تحقيق انتظارات الشعب، حيث تُخاض معارك يومية في كل قطاع، وتُرصد فيها الإمكانيات، وتُوظّف فيها الإرادة السياسية لمحاربة الفساد واستعادة ثقة المواطن. فالعمل كما عبر عنه رئيس الجمهورية لا يقف عند حدود المكاتب أو المناسبات، بل تتّجه مباشرة إلى معالجة الأزمات من جذورها، انطلاقًا من الواقع، وليس بناءً على تصورات مفصولة عنه.

وهذه المقاربة تُشكّل تجسيدًا لرؤية تسعى إلى القطع مع البيروقراطية والعجز، وفتح مسارات جديدة للإصلاح الحقيقي عبر خارطة طريق واضحة المعالم، تقوم على إصلاحات جذرية تمسّ كلّ القطاعات، من أجل الاستجابة الفعلية لانتظارات الشعب التونسي.

منال حرزي