تسجل عديد الأحياء بمدن مختلفة من ولايات الجمهورية، بما فيها العاصمة والمدن الساحلية ومدن الوسط، انتشارا واسعا للبعوض والوشواشة. لتشهد هذه الظاهرة تزايدا أمام ارتفاع درجات الحرارة وما خلفته الأمطار الأخيرة من برك راكدة، إضافة الى انتشار المصبات العشوائية وضعف تدخل البلديات الذي اثر على الوضع البيئي حيث تحولت حواشي الأودية والسباخ والأراضي البيضاء الى فضاءات خطرة وبؤر لتكاثر أنواع مختلفة من الحشرات بما فيها السامة ما شكل مصدر قلق للمواطنين.
وتشهد ولاية القيروان مثلا رغم انطلاقة بلدية المنطقة في المداواة، حسب موقعها الرسمي، منذ شهر مارس، انتشارا غير مسبوق للبعوض، الأمر الذي خلف تخوفات لدى متساكني المنطقة، وخاصة منها المناطق المحاذية للسباخ، من ظهور ما يعرف بـ«الشمانيوزة» والتي تسببها ذبابة الرمل الحاملة للعدوى وهي ذات شكل شبيه بالبعوض وتنتشر في الوسط التونسي والجهة الغربية للبلاد.
كما تعرف الأحياء الجنوبية للعاصمة وتلك المحاذية للشريط الساحلي انتشارا لافتا لـ»الوشواشة» من برج السدرية الى قمرت ونفس الأمر تعيش على وقعه أحياء بالحمامات ونابل المدينة..
وتتسع دائرة القلق من تداعيات لسعات البعوض على الصحة بعد تداول خبر وفاة فتاة في ولاية جندوبة متأثرة بلسعة بعوضة سامة.
وأمام الخطورة التي تحملها بعض الحشرات الوافدة على بلادنا على غرار حشرة «البعوض المتنمّر «moustique tigre»، والتي تعد من أنواع البعوض غير المتوطن بالبلاد والقادر على نقل عديد الأمراض الفيروسية الخطيرة وهو من أنواع البعوض الموجودة ببعض البلدان المتوسطية منها إيطاليا وفرنسا منذ بداية تسعينات القرن الماضي وبالجزائر خلال السنوات الأخيرة وهناك تخوفات من رصد عدد منه في تونس.
وأكدت وزارة الصحة من خلال ومضاتها الإشهارية والتحسيسية على ضرورة التخلّص من المياه الراكدة واستخدام الناموسيات والمواد الطاردة للحشرات لتوفير الحماية من «البعوض» بمختلف أنواعه والأمراض المعدية التي يمكن أن يكون سببا في نقلها.
وقالت الوزارة في منشور توعوي على صفحتها الرسمية على «فايسبوك» إن مخاطر البعوض لا تقتصر على اللسعات فقط بل يمكن أن تكون ناقلة لأمراض فيروسية وأكدت على أهمية تنظّيف الحاويات التي تحتفظ بالماء وأواني الزرع والعجلات القديمة.
ويؤكد الخبير البيئي مهدي العبدلي في تصريح لـ«الصباح»، أن مخاطر انتشار البعوض لم تعد تقتصر على فصل الصيف في ظل التغيرات المناخية التي ساعدت على توطين أصناف من البعوض الغازي والناقل للأمراض من ذلك البعوض الآسيوي الذي تحول إلى أكثر الحشرات الطاغية في السنوات الأخيرة.
وبين العبدلي أن البعوض يعد من أكثر الحشرات الناقلة للأمراض، مشيرا الى أن التحولات المناخية التي تعيشها تونس أصبحت من العوامل الأساسية لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض والتي تشكلّ خطرا كبيرا على الصحة العامة نظرا لقدرتها على نقل أمراض على غرار «الشيكونغونيا» و«حمى الضنك» «الحمى النيلية».
وأوضح أن تواصل هطول الأمطار التي تترافق بموجات من الحرارة يُساعد على فقس البعوض كما تؤدي المياه الراكدة إلى تشكل بحيرات وبرك تمثل فضاءات جديدة لتكاثر البعوض وعدد من الحشرات الأخرى، وتمثل الحاويات المهجورة والدهاليز والأراضي البيضاء التي تتحول الى أماكن لإلقاء الفضلات أيضا أطرا ملائمة لظهور مواقع تكاثر الحشرات في الأوساط الحضرية والريفية على حد السواء.
ويرى الخبير البيئي أن تملص المواطن من مسؤولياته تجاه محيطه والضعف اللوجستي في مكافحة البعوض والحشرات الناقلة للأمراض يؤديان إلى ظهور أمراض قد تكون عواقبها وخيمة على صحة المواطنين إذا لم تتم معالجة الأسباب الجذرية لانتشار الحشرات مبكرا.
ولاحظ العبدلي أن انتشار مستنقعات المياه الراكدة بسبب اهتراء البنية التحتية أصبح يشكل أرضية مناسبة لتكاثر البعوض و«الوشواشة» مشيرا الى أن تدهور الوضع البيئي ومشكلة التصرف في النفايات يفاقمان كذلك من انتشار البعوض.
وشدد على أهمية الحلول الوقائية والاستباقية على غرار جهر الأودية والقيام بالمداواة عند وضع البيض بالإضافة الى اعتماد نظام للتحذير المبكر ورصد الحشرات باستعمال تقنيات الاستشعار عن بعد أو بالمراقبة الجوية لتوقع فترات التكاثر واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
وللإشارة قال عمر النيفر مدير حفظ الصحة والمحيط ببلدية تونس في تصريح سابق لـ«الصباح»، إنه من الصعب القضاء نهائيا على البعوض، وأكد أن البلدية بصدد تسخير كافة إمكانياتها البشرية واللوجستية في إطار جهودها اليومية لمكافحة البعوض، بهدف تقليل أعداده قدر الإمكان خلال أشهر الصائفة.
وأوضح أن فعالية التدخلات في سبخة السيجومي مرتبطة بمستوى المياه فيها، حيث يجب ألا يتجاوز الارتفاع 50 سنتيمترًا. لكن بسبب الأمطار التي شهدتها البلاد مؤخرًا، ارتفع منسوب المياه، مما أثّر سلبًا على نجاعة عمليات المداواة، إلى جانب المياه المصرفة حاليًا في السبخة، والتي كانت تجف سابقًا بشكل طبيعي وهو ما كان يساعد على تحسين نتائج المعالجة.
وأضاف في نفس التصريح، أن التغيرات المناخية ساهمت في تحول الناموس إلى مصدر إزعاج دائم على مدار العام، مما يتطلب تكثيف الجهود وتوسيع نطاق التدخلات. كما أشار إلى ضرورة مراعاة الجوانب البيئية في عمليات المداواة، خاصة تأثير الأدوية على المائدة المائية وعلى الطيور المهاجرة الوافدة على السبخة. مشيرا الى أن بلدية تونس قد قامت بتفريغ ومعالجة حوالي 130 دهليزًا كيميائيًا خلال سنة 2024، وبلغ إجمالي التدخلات في هذا المجال نحو 3500 تدخّل. كما تعتمد البلدية على الرشّ الجوي لمكافحة الناموس، ولا تقتصر تدخلاتها الجوية على العاصمة فقط، بل تشمل سبع ولايات أخرى. وفي عام 2024، نفذت البلدية 215 طلعة جوية، أي ما يعادل 95 ساعة طيران، استُهدفت خلالها مساحة 500 هكتار بولاية تونس وحدها.
ريم سوودي
تسجل عديد الأحياء بمدن مختلفة من ولايات الجمهورية، بما فيها العاصمة والمدن الساحلية ومدن الوسط، انتشارا واسعا للبعوض والوشواشة. لتشهد هذه الظاهرة تزايدا أمام ارتفاع درجات الحرارة وما خلفته الأمطار الأخيرة من برك راكدة، إضافة الى انتشار المصبات العشوائية وضعف تدخل البلديات الذي اثر على الوضع البيئي حيث تحولت حواشي الأودية والسباخ والأراضي البيضاء الى فضاءات خطرة وبؤر لتكاثر أنواع مختلفة من الحشرات بما فيها السامة ما شكل مصدر قلق للمواطنين.
وتشهد ولاية القيروان مثلا رغم انطلاقة بلدية المنطقة في المداواة، حسب موقعها الرسمي، منذ شهر مارس، انتشارا غير مسبوق للبعوض، الأمر الذي خلف تخوفات لدى متساكني المنطقة، وخاصة منها المناطق المحاذية للسباخ، من ظهور ما يعرف بـ«الشمانيوزة» والتي تسببها ذبابة الرمل الحاملة للعدوى وهي ذات شكل شبيه بالبعوض وتنتشر في الوسط التونسي والجهة الغربية للبلاد.
كما تعرف الأحياء الجنوبية للعاصمة وتلك المحاذية للشريط الساحلي انتشارا لافتا لـ»الوشواشة» من برج السدرية الى قمرت ونفس الأمر تعيش على وقعه أحياء بالحمامات ونابل المدينة..
وتتسع دائرة القلق من تداعيات لسعات البعوض على الصحة بعد تداول خبر وفاة فتاة في ولاية جندوبة متأثرة بلسعة بعوضة سامة.
وأمام الخطورة التي تحملها بعض الحشرات الوافدة على بلادنا على غرار حشرة «البعوض المتنمّر «moustique tigre»، والتي تعد من أنواع البعوض غير المتوطن بالبلاد والقادر على نقل عديد الأمراض الفيروسية الخطيرة وهو من أنواع البعوض الموجودة ببعض البلدان المتوسطية منها إيطاليا وفرنسا منذ بداية تسعينات القرن الماضي وبالجزائر خلال السنوات الأخيرة وهناك تخوفات من رصد عدد منه في تونس.
وأكدت وزارة الصحة من خلال ومضاتها الإشهارية والتحسيسية على ضرورة التخلّص من المياه الراكدة واستخدام الناموسيات والمواد الطاردة للحشرات لتوفير الحماية من «البعوض» بمختلف أنواعه والأمراض المعدية التي يمكن أن يكون سببا في نقلها.
وقالت الوزارة في منشور توعوي على صفحتها الرسمية على «فايسبوك» إن مخاطر البعوض لا تقتصر على اللسعات فقط بل يمكن أن تكون ناقلة لأمراض فيروسية وأكدت على أهمية تنظّيف الحاويات التي تحتفظ بالماء وأواني الزرع والعجلات القديمة.
ويؤكد الخبير البيئي مهدي العبدلي في تصريح لـ«الصباح»، أن مخاطر انتشار البعوض لم تعد تقتصر على فصل الصيف في ظل التغيرات المناخية التي ساعدت على توطين أصناف من البعوض الغازي والناقل للأمراض من ذلك البعوض الآسيوي الذي تحول إلى أكثر الحشرات الطاغية في السنوات الأخيرة.
وبين العبدلي أن البعوض يعد من أكثر الحشرات الناقلة للأمراض، مشيرا الى أن التحولات المناخية التي تعيشها تونس أصبحت من العوامل الأساسية لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض والتي تشكلّ خطرا كبيرا على الصحة العامة نظرا لقدرتها على نقل أمراض على غرار «الشيكونغونيا» و«حمى الضنك» «الحمى النيلية».
وأوضح أن تواصل هطول الأمطار التي تترافق بموجات من الحرارة يُساعد على فقس البعوض كما تؤدي المياه الراكدة إلى تشكل بحيرات وبرك تمثل فضاءات جديدة لتكاثر البعوض وعدد من الحشرات الأخرى، وتمثل الحاويات المهجورة والدهاليز والأراضي البيضاء التي تتحول الى أماكن لإلقاء الفضلات أيضا أطرا ملائمة لظهور مواقع تكاثر الحشرات في الأوساط الحضرية والريفية على حد السواء.
ويرى الخبير البيئي أن تملص المواطن من مسؤولياته تجاه محيطه والضعف اللوجستي في مكافحة البعوض والحشرات الناقلة للأمراض يؤديان إلى ظهور أمراض قد تكون عواقبها وخيمة على صحة المواطنين إذا لم تتم معالجة الأسباب الجذرية لانتشار الحشرات مبكرا.
ولاحظ العبدلي أن انتشار مستنقعات المياه الراكدة بسبب اهتراء البنية التحتية أصبح يشكل أرضية مناسبة لتكاثر البعوض و«الوشواشة» مشيرا الى أن تدهور الوضع البيئي ومشكلة التصرف في النفايات يفاقمان كذلك من انتشار البعوض.
وشدد على أهمية الحلول الوقائية والاستباقية على غرار جهر الأودية والقيام بالمداواة عند وضع البيض بالإضافة الى اعتماد نظام للتحذير المبكر ورصد الحشرات باستعمال تقنيات الاستشعار عن بعد أو بالمراقبة الجوية لتوقع فترات التكاثر واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
وللإشارة قال عمر النيفر مدير حفظ الصحة والمحيط ببلدية تونس في تصريح سابق لـ«الصباح»، إنه من الصعب القضاء نهائيا على البعوض، وأكد أن البلدية بصدد تسخير كافة إمكانياتها البشرية واللوجستية في إطار جهودها اليومية لمكافحة البعوض، بهدف تقليل أعداده قدر الإمكان خلال أشهر الصائفة.
وأوضح أن فعالية التدخلات في سبخة السيجومي مرتبطة بمستوى المياه فيها، حيث يجب ألا يتجاوز الارتفاع 50 سنتيمترًا. لكن بسبب الأمطار التي شهدتها البلاد مؤخرًا، ارتفع منسوب المياه، مما أثّر سلبًا على نجاعة عمليات المداواة، إلى جانب المياه المصرفة حاليًا في السبخة، والتي كانت تجف سابقًا بشكل طبيعي وهو ما كان يساعد على تحسين نتائج المعالجة.
وأضاف في نفس التصريح، أن التغيرات المناخية ساهمت في تحول الناموس إلى مصدر إزعاج دائم على مدار العام، مما يتطلب تكثيف الجهود وتوسيع نطاق التدخلات. كما أشار إلى ضرورة مراعاة الجوانب البيئية في عمليات المداواة، خاصة تأثير الأدوية على المائدة المائية وعلى الطيور المهاجرة الوافدة على السبخة. مشيرا الى أن بلدية تونس قد قامت بتفريغ ومعالجة حوالي 130 دهليزًا كيميائيًا خلال سنة 2024، وبلغ إجمالي التدخلات في هذا المجال نحو 3500 تدخّل. كما تعتمد البلدية على الرشّ الجوي لمكافحة الناموس، ولا تقتصر تدخلاتها الجوية على العاصمة فقط، بل تشمل سبع ولايات أخرى. وفي عام 2024، نفذت البلدية 215 طلعة جوية، أي ما يعادل 95 ساعة طيران، استُهدفت خلالها مساحة 500 هكتار بولاية تونس وحدها.