-«الخيل والليل» تجربة ومغامرة.. ولأول مرة أقدم مشروعا كله أغان
-جزء كبير من العرض من الموروث الموسيقي العربي
-هو نسق فيه الكثير من الخيال والإيقاع.. ورسالتنا أن كل هذا الليل سيكون له صباح
-فلسطين في «الخيل والليل».. وستكون في صلب الموضوع.. بقطع النظر عن تمثيلية الفنانين
يختتم عرض «الخيل والليل» الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، يوم الخميس 26 جوان 2025، ويتوقّع أن يكون حاملاً معه شحنة وجدانية وجمالية، تستلهم من بيت شعر خالد للمتنبي، وفيه صورة رمزية للهوية العربية. هو عرض موسيقي بصري من توقيع الفنان الموسيقي كريم ثليبي، وهو يجمع عددًا من الأصوات العربية في توليفة فنية تحتفي بالموروث الموسيقي العربي المشترك، وتتأمّل حاضرًا مثقلًا، وتحمل تطلّعًا نحو غد أكثر حرية. «الخيل والليل» ليس مجرّد عرض احتفالي، بل رؤية فنية تحوّل الركح إلى مساحة للتأمل في الوجدان العربي، حيث تتلاقى الموسيقى بالصورة، والصوت بالرسالة وبالشعر، وتحاكي فلسطين التي دائمًا في القلب. عن هذه التوليفة الفنية والموسيقية، كان اللقاء الذي جمع جريدة «الصباح» بالفنان الموسيقي كريم ثليبي في الحوار التالي:
حاورته: إيمان عبد اللطيف
*عرض «الخيل والليل» سيكون في حفل اختتام الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كيف وُلدت فكرة «الخيل والليل»؟ وما الذي ألهمك لاختيار هذين الرمزين بالتحديد للاشتغال عليهما؟ ولماذا قرّرت العودة إلى رموز تقليدية في الوجدان العربي؟
- عندما عُرض علينا تأثيث حفل اختتام المهرجان، تمّ طرح أسلوب الاختتام بصفة عامة، وما دُرج عليه في سهرات اختتام المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، وهو أنه يتمّ اختيار أغنية رمزية لكل دولة عربية، بشكل يصبح هناك اختتام جمعي بشكل أو بآخر.
وأنا لم أرد أن أقوم باختيارات عشوائية أو انطباعية تجاه الموروث الموسيقي الكبير للدول العربية، بل أردت أن يكون هناك موضوع جامع بينها. وحسب ذلك الموضوع تكون الاختيارات.
فرأيت أن صدر بيت شعر أبي الطيب المتنبي «الخيل والليل والبيداء تعرفني» يمكن أن يكون بيتًا شعريًا تاريخيًا، وفلسفيًا، وفكريًا، وأنثروبولوجيًا، وأيضًا فنيًا وموسيقيًا وشعريًا. فبإمكانه أن يكون جامعًا لكلّ الدول العربية، بما أنه طال ليلها كثيرًا، وبأعباء تاريخها المثقل بالهموم، وبتتالي الهزائم والانقسامات.
ولأنّ الخيل يمكن أن يكون أملنا للغد، وأملًا فيه الانتصار، والعنفوان، والحرية، والانطلاق، والبعد الملائكي، كان الخيار نحو هذا التوجّه.
* إذن أردت أن يكون عملك الفني يمسّ الوجدان العربي؟
- نعم، اخترت موضوعًا يمسّ الوجدان العربي، وتاريخه، وهويته، لأنّ «الخيل» مرتبط بنا، يمثلنا، ويذكّرنا «بقشرتنا»، بثقافتنا، بوعينا، بتاريخنا، بإرثنا، وربما بانتصاراتنا في يوم ما.
* قلت إن «الخيل والليل» تجربة فنية وليست مجرد حفل موسيقي، كيف ذلك؟ وكيف ستُترجم هذه الرؤية على الركح؟
- على الركح، سيكون هناك فنانون مؤدّون، وهم أحمد الرباعي وبهاء الدين، وكلاهما من تونس، ورضوان الأسمر من المغرب، ومنى دندني من موريتانيا، وكريستيا كساب من لبنان، وعبد المجيد إبراهيم من المملكة العربية السعودية، وسهى المصري من اليمن، إلى جانب الأوركسترا بقيادة راسم دمق، مع كورال تحت إشراف مهدي ميموني.
هذه المجموعة ستتنقّل بنا من خلال «ليلها وخيلها» من بلد عربي إلى آخر، ولكن حسب المحور الفني والتفكير.
اخترت أيضًا أبيات شعر من الأدب القديم، ونسق العرض هو نسق فيه الكثير من الخيال والإيقاع، وسنحاول في الآخر إيصال رسالة أن كلّ هذا الليل الذي صبرناه، بالنسبة للبلدان العربية، إن شاء الله، يكون له صباح نرى فيه الحدود غير موجودة.
* يتكوّن العرض من 21 أغنية ومعزوفة. ما هي أبرز التحديات التي واجهتك في تحويل هذه الرؤية البصرية والرمزية إلى لغة موسيقية محسوسة؟
- العمل الفني فيه تحديات دائمًا ، والتحدي الأول هو فهم الموضوع. وأيضًا هناك تحديات في الاختيارات وقراراتها.
هناك تحديات بخصوص الموسيقى، التي يجب أن تضمن توزيعًا موسيقيًا متماسكًا، وأداءً أوركستراليًا متماسكًا، لمختلف اللهجات الموسيقية العربية في مختلف الأغاني.
وهناك تحديات تنفيذ وإنجاز التصوّر، ونجاعة تلك الطرق والوسائل التي سيتمّ عبرها تحقيق هدفنا. ثمّ وعينا أن نطرح سؤالًا جوهريًا، وهو: ماذا ننتظر من العرض؟
أي هناك تحديات نخوضها مع أنفسنا، مع الأشياء التي سنقوم بها، ومع المغامرة التي سنعيشها، والشيء الغامض والتيه الذي نريد أن ننيره ونشعل به ومنه شموعًا.
* هل على هذا الأساس تمّ اختيار البلدان؟
- في كل سنة، يقوم اتحاد إذاعات الدول العربية باختيار البلدان المشاركة، باعتباره لا يمكن تشريك كلّ الدول الأعضاء في عمل واحد. وفي هذه الدورة، سيكون هناك ست دول، وفي الدورة القادمة سيكون هناك دول أخرى.
ثمّ إن العرض مستلهم من الموروث العربي، وبالتالي لا نعتقد أن هناك إشكالًا حول تشريك الفنانين من هذه الدولة أو من الدولة الأخرى.
المهمّ هو أن يؤدّي الجميع بإتقان، وأن يكونوا متمكّنين من إيصال الفكرة العامة للعرض.
* هل كنت تُحبّذ أسماء بعينها في عرض «الخيل والليل»؟
- لا، لا، أنا راضٍ عن هذه الخيارات. فمهما كانت الدول المشاركة، سأكون فخورًا بها، ودون تمييز أيضًا. ما أهتمّ به هو القدرات الصوتية، وفهم المشروع الفني الذي سنقدّمه.
* هل ترى في هذا التناغم الفني بين الأصوات العربية المختلفة نموذجًا للوحدة الثقافية التي نفتقدها سياسيًا؟
- طبعا، ولكن لا نستطيع أن نقول إنه إذا اتّفق هؤلاء الستة فقد حقّقنا خطوة نحو وحدة ثقافية. عندها، كأنّنا نقوم بالتمويه. ولكن هي محاولة، وهي أيضًا وجهة نظر. وليس الغرض أو الهدف من هذه الفكرة إعطاء نموذج. فنحن لا ندّعي في العلم فلسفة.
هي وجهة نظر، نحاول أن تكون فنيًا محترمة ومتماسكة، نحترم من خلالها جمهورنا، الذي يفرض علينا أن نشتغل على هذا العرض والفكرة صباحًا وليلاً.
لذلك، هذا العمل ليس بديلاً، ولا من أجل نمذجة الأعمال. نحن دائمًا أرجلنا على الأرض. فهي، باختصار، فكرة متماسكة فنيًا وتنفيذيًا، لا تُلغي ما سبق، ولا هي ستحرّر أو تطلق تجربة أو تيّارًا.
* كيف سيتم توظيف الجانب البصري في العرض؟ هل هناك مشاهد سينوغرافية أو فيديوهات تُرافق الأداء؟
- اخترنا العمل على جانب بصري يخدم موضوع «الخيل والليل»، تجنّبت أن يكون في حفل اختتام جمعٌ لأغانٍ من مختلف البلدان العربية المشاركة، مع جمعٍ للأماكن التي تميّزها، وفي آخر المطاف، وبشكل خاطئ وفجّ وبيروقراطي، نعتبر أنّنا قمنا بضمان تمثيلية الوطن العربي.
أعتقد أنّنا يجب أن نرتقي عن هذه «الكليشيات»، فبالنسبة لي ليست الفائدة رجع الصدى عن مثل هذه التمثيليات للوطن العربي، كأن يُقال: تمّ تشريك كلّ البلدان، أو تمّ تصوير بلد وآخر، مثل أيّ برنامج ورقي لبعض الأنشطة، الغاية منها تسجيل الحضور.
هذا التفكير لا يعنيني، فـ»الخيل والليل» بالنسبة لي هو موضوع، وبالتالي، كلّ ما سيرافقه هو تابع لهذا الموضوع، سواء كانت أغنية من موريتانيا، أو من السعودية، أو من الكويت، ستخدم الفكرة. نحن انطلقنا بـ»الخيل والليل» من مختلف البلدان.
*ما الرسالة التي تأمل أن تصل إلى الجمهور من خلال هذا العمل؟
- الرسالة التي أريد أن تصل إلى الجمهور هي فلسطين، توريث القضية الفلسطينية لكلّ جيل. الحدود الجغرافية اختنقنا بها. اليوم، الرسالة للمتروكين، «للمغبونيين»، والعرب بصفة عامة.
* الرسالة هي فلسطين، فلماذا لا يوجد في قائمة الفنانين فلسطيني أو فلسطينية؟
- في السنة الماضية، كانت فلسطين ممثلة، فليس هنالك مشكل. وهذه السنة أيضًا، فلسطين حاضرة، والفنانون المشاركون في هذا العرض سيغنون لفلسطين. فالقضية لا نعبّر عنها بتشريك فنان فلسطيني وإكسائه زيًّا خاصًا.
جدّيًا، القضية في دمنا، من الجزائر إلى اليمن، من المغرب إلى السعودية. فلسطين ستكون في «الخيل والليل»، وستكون في صلب الموضوع، بقطع النظر عن تمثيلية الفنانين.
ومع ذلك، حاولنا بصفة استثنائية أن يكون هناك فنانًا فلسطينيًا، ولكن لأسباب لوجستية، تعذّر علينا ذلك. وبالتالي، تبقى القضية الفلسطينية حاضرة مهما كانت التمثيليات، ويُشرّف الفنانين الحاضرين الغناء لها، ومن واجبنا أن نُغني لها.
*ما الذي يمثّله لك هذا العمل فنيًا وشخصيًا؟
- هي تجربة ومغامرة. لأنني، لأوّل مرة، أقوم بمشروع كلّه أغانٍ، قسط كبير منها من الموروث الموسيقي العربي. هي تجربة فيها ترتيب آخر، فيها كتابة أوركسترالية ملحمية، ورؤية أخرى لردّة فعلي مع هذا الموروث: كيف أحزن، أفرح معه، أضحك معه، وكيف أُخرج كمية التصدّع وغبن الأمّة تجاه القضية الفلسطينية.
* هل لديك تخوّف من هذه التجربة؟
- لا، لست متخوّفًا. تخوّفي هو أن لا نصل إلى ما قمنا بالتخطيط له، أو ما وضعناه من أهداف.أمّا أنني أخاف من خوض المغامرة... فلست متخوّفًا.
بل يجب خوضها.
* هل ترى في «الخيل والليل» تجربة قابلة للتجوال عربيًا أو دوليًا؟
- هو عرض خاص بالاختتام.
* أين سيكون كريم ثليبي في هذه الصائفة؟
سأكون حاضرًا في مهرجان قرطاج الدولي بعرض «تخيّل».
-«الخيل والليل» تجربة ومغامرة.. ولأول مرة أقدم مشروعا كله أغان
-جزء كبير من العرض من الموروث الموسيقي العربي
-هو نسق فيه الكثير من الخيال والإيقاع.. ورسالتنا أن كل هذا الليل سيكون له صباح
-فلسطين في «الخيل والليل».. وستكون في صلب الموضوع.. بقطع النظر عن تمثيلية الفنانين
يختتم عرض «الخيل والليل» الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، يوم الخميس 26 جوان 2025، ويتوقّع أن يكون حاملاً معه شحنة وجدانية وجمالية، تستلهم من بيت شعر خالد للمتنبي، وفيه صورة رمزية للهوية العربية. هو عرض موسيقي بصري من توقيع الفنان الموسيقي كريم ثليبي، وهو يجمع عددًا من الأصوات العربية في توليفة فنية تحتفي بالموروث الموسيقي العربي المشترك، وتتأمّل حاضرًا مثقلًا، وتحمل تطلّعًا نحو غد أكثر حرية. «الخيل والليل» ليس مجرّد عرض احتفالي، بل رؤية فنية تحوّل الركح إلى مساحة للتأمل في الوجدان العربي، حيث تتلاقى الموسيقى بالصورة، والصوت بالرسالة وبالشعر، وتحاكي فلسطين التي دائمًا في القلب. عن هذه التوليفة الفنية والموسيقية، كان اللقاء الذي جمع جريدة «الصباح» بالفنان الموسيقي كريم ثليبي في الحوار التالي:
حاورته: إيمان عبد اللطيف
*عرض «الخيل والليل» سيكون في حفل اختتام الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كيف وُلدت فكرة «الخيل والليل»؟ وما الذي ألهمك لاختيار هذين الرمزين بالتحديد للاشتغال عليهما؟ ولماذا قرّرت العودة إلى رموز تقليدية في الوجدان العربي؟
- عندما عُرض علينا تأثيث حفل اختتام المهرجان، تمّ طرح أسلوب الاختتام بصفة عامة، وما دُرج عليه في سهرات اختتام المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، وهو أنه يتمّ اختيار أغنية رمزية لكل دولة عربية، بشكل يصبح هناك اختتام جمعي بشكل أو بآخر.
وأنا لم أرد أن أقوم باختيارات عشوائية أو انطباعية تجاه الموروث الموسيقي الكبير للدول العربية، بل أردت أن يكون هناك موضوع جامع بينها. وحسب ذلك الموضوع تكون الاختيارات.
فرأيت أن صدر بيت شعر أبي الطيب المتنبي «الخيل والليل والبيداء تعرفني» يمكن أن يكون بيتًا شعريًا تاريخيًا، وفلسفيًا، وفكريًا، وأنثروبولوجيًا، وأيضًا فنيًا وموسيقيًا وشعريًا. فبإمكانه أن يكون جامعًا لكلّ الدول العربية، بما أنه طال ليلها كثيرًا، وبأعباء تاريخها المثقل بالهموم، وبتتالي الهزائم والانقسامات.
ولأنّ الخيل يمكن أن يكون أملنا للغد، وأملًا فيه الانتصار، والعنفوان، والحرية، والانطلاق، والبعد الملائكي، كان الخيار نحو هذا التوجّه.
* إذن أردت أن يكون عملك الفني يمسّ الوجدان العربي؟
- نعم، اخترت موضوعًا يمسّ الوجدان العربي، وتاريخه، وهويته، لأنّ «الخيل» مرتبط بنا، يمثلنا، ويذكّرنا «بقشرتنا»، بثقافتنا، بوعينا، بتاريخنا، بإرثنا، وربما بانتصاراتنا في يوم ما.
* قلت إن «الخيل والليل» تجربة فنية وليست مجرد حفل موسيقي، كيف ذلك؟ وكيف ستُترجم هذه الرؤية على الركح؟
- على الركح، سيكون هناك فنانون مؤدّون، وهم أحمد الرباعي وبهاء الدين، وكلاهما من تونس، ورضوان الأسمر من المغرب، ومنى دندني من موريتانيا، وكريستيا كساب من لبنان، وعبد المجيد إبراهيم من المملكة العربية السعودية، وسهى المصري من اليمن، إلى جانب الأوركسترا بقيادة راسم دمق، مع كورال تحت إشراف مهدي ميموني.
هذه المجموعة ستتنقّل بنا من خلال «ليلها وخيلها» من بلد عربي إلى آخر، ولكن حسب المحور الفني والتفكير.
اخترت أيضًا أبيات شعر من الأدب القديم، ونسق العرض هو نسق فيه الكثير من الخيال والإيقاع، وسنحاول في الآخر إيصال رسالة أن كلّ هذا الليل الذي صبرناه، بالنسبة للبلدان العربية، إن شاء الله، يكون له صباح نرى فيه الحدود غير موجودة.
* يتكوّن العرض من 21 أغنية ومعزوفة. ما هي أبرز التحديات التي واجهتك في تحويل هذه الرؤية البصرية والرمزية إلى لغة موسيقية محسوسة؟
- العمل الفني فيه تحديات دائمًا ، والتحدي الأول هو فهم الموضوع. وأيضًا هناك تحديات في الاختيارات وقراراتها.
هناك تحديات بخصوص الموسيقى، التي يجب أن تضمن توزيعًا موسيقيًا متماسكًا، وأداءً أوركستراليًا متماسكًا، لمختلف اللهجات الموسيقية العربية في مختلف الأغاني.
وهناك تحديات تنفيذ وإنجاز التصوّر، ونجاعة تلك الطرق والوسائل التي سيتمّ عبرها تحقيق هدفنا. ثمّ وعينا أن نطرح سؤالًا جوهريًا، وهو: ماذا ننتظر من العرض؟
أي هناك تحديات نخوضها مع أنفسنا، مع الأشياء التي سنقوم بها، ومع المغامرة التي سنعيشها، والشيء الغامض والتيه الذي نريد أن ننيره ونشعل به ومنه شموعًا.
* هل على هذا الأساس تمّ اختيار البلدان؟
- في كل سنة، يقوم اتحاد إذاعات الدول العربية باختيار البلدان المشاركة، باعتباره لا يمكن تشريك كلّ الدول الأعضاء في عمل واحد. وفي هذه الدورة، سيكون هناك ست دول، وفي الدورة القادمة سيكون هناك دول أخرى.
ثمّ إن العرض مستلهم من الموروث العربي، وبالتالي لا نعتقد أن هناك إشكالًا حول تشريك الفنانين من هذه الدولة أو من الدولة الأخرى.
المهمّ هو أن يؤدّي الجميع بإتقان، وأن يكونوا متمكّنين من إيصال الفكرة العامة للعرض.
* هل كنت تُحبّذ أسماء بعينها في عرض «الخيل والليل»؟
- لا، لا، أنا راضٍ عن هذه الخيارات. فمهما كانت الدول المشاركة، سأكون فخورًا بها، ودون تمييز أيضًا. ما أهتمّ به هو القدرات الصوتية، وفهم المشروع الفني الذي سنقدّمه.
* هل ترى في هذا التناغم الفني بين الأصوات العربية المختلفة نموذجًا للوحدة الثقافية التي نفتقدها سياسيًا؟
- طبعا، ولكن لا نستطيع أن نقول إنه إذا اتّفق هؤلاء الستة فقد حقّقنا خطوة نحو وحدة ثقافية. عندها، كأنّنا نقوم بالتمويه. ولكن هي محاولة، وهي أيضًا وجهة نظر. وليس الغرض أو الهدف من هذه الفكرة إعطاء نموذج. فنحن لا ندّعي في العلم فلسفة.
هي وجهة نظر، نحاول أن تكون فنيًا محترمة ومتماسكة، نحترم من خلالها جمهورنا، الذي يفرض علينا أن نشتغل على هذا العرض والفكرة صباحًا وليلاً.
لذلك، هذا العمل ليس بديلاً، ولا من أجل نمذجة الأعمال. نحن دائمًا أرجلنا على الأرض. فهي، باختصار، فكرة متماسكة فنيًا وتنفيذيًا، لا تُلغي ما سبق، ولا هي ستحرّر أو تطلق تجربة أو تيّارًا.
* كيف سيتم توظيف الجانب البصري في العرض؟ هل هناك مشاهد سينوغرافية أو فيديوهات تُرافق الأداء؟
- اخترنا العمل على جانب بصري يخدم موضوع «الخيل والليل»، تجنّبت أن يكون في حفل اختتام جمعٌ لأغانٍ من مختلف البلدان العربية المشاركة، مع جمعٍ للأماكن التي تميّزها، وفي آخر المطاف، وبشكل خاطئ وفجّ وبيروقراطي، نعتبر أنّنا قمنا بضمان تمثيلية الوطن العربي.
أعتقد أنّنا يجب أن نرتقي عن هذه «الكليشيات»، فبالنسبة لي ليست الفائدة رجع الصدى عن مثل هذه التمثيليات للوطن العربي، كأن يُقال: تمّ تشريك كلّ البلدان، أو تمّ تصوير بلد وآخر، مثل أيّ برنامج ورقي لبعض الأنشطة، الغاية منها تسجيل الحضور.
هذا التفكير لا يعنيني، فـ»الخيل والليل» بالنسبة لي هو موضوع، وبالتالي، كلّ ما سيرافقه هو تابع لهذا الموضوع، سواء كانت أغنية من موريتانيا، أو من السعودية، أو من الكويت، ستخدم الفكرة. نحن انطلقنا بـ»الخيل والليل» من مختلف البلدان.
*ما الرسالة التي تأمل أن تصل إلى الجمهور من خلال هذا العمل؟
- الرسالة التي أريد أن تصل إلى الجمهور هي فلسطين، توريث القضية الفلسطينية لكلّ جيل. الحدود الجغرافية اختنقنا بها. اليوم، الرسالة للمتروكين، «للمغبونيين»، والعرب بصفة عامة.
* الرسالة هي فلسطين، فلماذا لا يوجد في قائمة الفنانين فلسطيني أو فلسطينية؟
- في السنة الماضية، كانت فلسطين ممثلة، فليس هنالك مشكل. وهذه السنة أيضًا، فلسطين حاضرة، والفنانون المشاركون في هذا العرض سيغنون لفلسطين. فالقضية لا نعبّر عنها بتشريك فنان فلسطيني وإكسائه زيًّا خاصًا.
جدّيًا، القضية في دمنا، من الجزائر إلى اليمن، من المغرب إلى السعودية. فلسطين ستكون في «الخيل والليل»، وستكون في صلب الموضوع، بقطع النظر عن تمثيلية الفنانين.
ومع ذلك، حاولنا بصفة استثنائية أن يكون هناك فنانًا فلسطينيًا، ولكن لأسباب لوجستية، تعذّر علينا ذلك. وبالتالي، تبقى القضية الفلسطينية حاضرة مهما كانت التمثيليات، ويُشرّف الفنانين الحاضرين الغناء لها، ومن واجبنا أن نُغني لها.
*ما الذي يمثّله لك هذا العمل فنيًا وشخصيًا؟
- هي تجربة ومغامرة. لأنني، لأوّل مرة، أقوم بمشروع كلّه أغانٍ، قسط كبير منها من الموروث الموسيقي العربي. هي تجربة فيها ترتيب آخر، فيها كتابة أوركسترالية ملحمية، ورؤية أخرى لردّة فعلي مع هذا الموروث: كيف أحزن، أفرح معه، أضحك معه، وكيف أُخرج كمية التصدّع وغبن الأمّة تجاه القضية الفلسطينية.
* هل لديك تخوّف من هذه التجربة؟
- لا، لست متخوّفًا. تخوّفي هو أن لا نصل إلى ما قمنا بالتخطيط له، أو ما وضعناه من أهداف.أمّا أنني أخاف من خوض المغامرة... فلست متخوّفًا.
بل يجب خوضها.
* هل ترى في «الخيل والليل» تجربة قابلة للتجوال عربيًا أو دوليًا؟