في يوم دراسي بالأكاديمية البرلمانية.. مقترح قانون العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد يثير الجدل
مقالات الصباح
إلغاء العقوبة السجنية دون تقديم أي ضمانات لاستخلاص الدين يتعارض مع القانون
عدد 41 لسنة 2024
من الضروري جعل الديون المشمولة بقانون العفو لا تسقط بمرور الزمن وعدم استسهال العود
دعوة إلى التثبت من الشيكات المعنية بالعفو حتى لا يقع التسبب في إفلاس تجار وحرفيين صغار..
في انتظار عرضه على أنظار الجلسة عامة لمجلس نواب الشعب، أثار مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد جدلا ساخنا خلال اليوم الدراسي المنعقد أمس بقصر باردو بمبادرة من الأكاديمية البرلمانية، حيث تباينت الآراء حوله بشكل لافت، فهناك من دافعوا عنه بكثير من الحماس مثل النائب حاتم الهواوي، في حين هناك من انتقدوه بشدة مثل النائب يوسف طرشون، ودعا آخرون ومنهم النائب عبد الجليل الهاني إلى فسح المجال أولا لتنفيذ القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وتقييم مختلف الآليات التي جاء بها هذا القانون، وبعد ذلك يتم التدرج رويدا رويدا في إلغاء التجريم، وحتى بقية المشاركين في الندوة من محامين وجامعيين وقضاة فقد اختلفت مواقفهم من المبادرة التشريعية المذكورة.
وتضمنت هذه المبادرة التي تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب في مقدمتهم نزار الصديق ثلاثة فصول، نص الفصل الأول على أن يتمتع بالعفو العام كل من أصدر شيكا لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار أو قام بالاعتراض على خلاصة في غير الحالات المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت في شأنه شهادة في عدم الخلاص قبل 2 فيفري 2025. أما الفصل الثاني فنص على أن لا يمس العفو العام المقرر بمقتضى هذا القانون بحقوق الغير وخاصة بحقوق المستفيد من الشيك ولا يشمل مصاريف الإعلام التي دفعها البنك المسحوب عليه ولا المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستقصاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها. وتبقى الحقوق المدنية للمستفيد قائمة لاستخلاص المبالغ المتعلقة بالشيك كاملة. في حين نص الفصل الثالث على أن يكلف وزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي بتنفيذ أحكام هذا القانون حال نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وتم تدارس مقترح هذا القانون صلب لجنة التشريع العام التي يرأسها ياسر قوراري ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية التي يرأسها محمد أحمد وكان من المبرمج أن يقدم كلاهما في بداية الندوة مداخلة حول المقترح لكنهما لم يحظرا واتضح من خلال النقاش أن اللجنتين وافقتا على تعديله في اتجاه حذف التسقيف المنصوص عليه بالفصل الأول والمقدر بخمسة آلاف دينار، وبالتالي فإن المقترح في صيغته المنتظر عرضها على الجلسة العامة يتعلق بعفو عام يشمل جميع من أصدروا شيكات دون رصيد.
النائب نزار الصديق بين أنه سبق أن تم إصدار عفو في ثلاث مناسبات لكن العفو السابق لم يقع فيه ضمان حق المستفيد في التتبع المدني أما في مقترح القانون المعروض على النقاش فقد تم لأول مرة ضمان هذا الحق، وعبر النائب عن استغرابه من الخوف غير المبرر من العفو الذي أبداه البعض. وذكر أن المقترح يعني المتضررين وليس المتحيلين. وبين الصديق أنه بعد صدور قانون 2024 المتعلق بتنقيح المجلة التجارية وإتمامها لم يتمكن العديد من المشمولين بجريمة الشيك دون رصيد من تسوية وضعياتهم ولهذا السبب تم تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد وكان الهدف من مقترح هذا القانون هو إعادة إدماج الكثير من الناس في الدورة الاقتصادية. وبين أن الدولة نفسها في ظل الوضع الاقتصادي لم تقم بخلاص المزودين وعليها في صورة الحرص على ضمان حق المستفيد أن تقوم بخلاص المزودين.
وفي المقابل قال النائب يوسف طرشون إن مثل هذا المقترح يطرح العديد من الإشكاليات لأنه عندما يتعلق الأمر بالثورة التشريعية التي يتطلع إليها الجميع فيجب الابتعاد عن الشعبوية. وذكر أنه تعرض للسحل والتهديد على مواقع التواصل الاجتماعي لأنه ضد العفو العام. وأضاف أنه إذا كانت حجة من يدافع عن العفو العام هي الرغبة في عدم تجريم الحياة الاقتصادية فهذا كما لو أن الحياة الاقتصادية في تونس يسيرها من يصدرون شيكات دون رصيد. وبين أن إصدار شيك دون رصيد جريمة وتمسك بأن مجلس نواب الشعب لم يأت لتبييض الفساد وبأن المشرع لا يشرع لهذه اللحظة بل يشرع للتاريخ وبأن المشرع لا يشرع تحت وطأة الواقع أو تحت ضغط تنسيقية أغلب أعضائها من المتحيلين، ودعا إلى ضرورة التفكير في المتضررين لأن هناك منهم من أصيب بجلطة ومن أفلس بسبب التحيل عليه وهناك عدد كبير من المتحيلين دخلوا السجن أكثر من مرة ولم يرتدعوا كما يجب العمل على أن يكون القانون فيه جانب زجري للحد من الجريمة، وأضاف أن من تضرر فعلا من كورونا فما عليه إلا أن يقدم ملفا للهياكل المعنية والاستفادة من المساعدات التي وفرتها الدولة في هذا الشأن. وذكر أن هناك من يقولون إنه تم حرمانهم من حق العفو والحال أن العفو ليس حقا مكتسبا بل هو قرار يتم اتخاذه في إطار قانوني وفق شروط مضبوطة. وأكد طرشون أن هناك من النواب من تعرضوا لتهديدات وتم اتهامهم بأنهم ضد مسار 25 جويلية وبأنهم ضد رئيس الجمهورية لأنهم لا يساندون فكرة العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد. وبين أن مجلس نواب الشعب صادق في شهر جويلية الماضي على تنقيح المجلة التجارية وإتمامها وعدد النائب مزايا القانون عدد 41 لسنة 2024 ومنها بالخصوص ضمان حق المستفيد. وخلص إلى أنه ليس مع القانون الذي لا يؤسس للحق وذكر أنه يمكن أن تأتي لاحقا مبادرة تشريعية حول العفو في جريمة المخدرات ومبادرة أخرى للعفو على جريمة الاختلاس لأن جميعهم زلت بهم القدم وبالتالي يصبح العقاب لا معنى له. وقال إنه لا يمكن القبول بالميوعة التشريعية وبين أنه يجب معرفة نسبة المعنيين بالمبادرة فهؤلاء عليهم تحمل مسؤولياتهم وذكر أن الاقتصاد إذا كان قائما على هؤلاء فهو إذا اقتصاد مافيا. وعبر عن فخره بقانون 2024 لأنه ساهم في إصلاح أخلاق التونسيين ولأنه لا يعفي عن المتحيلين ولأنه لم يبيض الفاسدين..
مخاطر العفو
وخلال افتتاح اليوم الدراسي أشار إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب إلى أنه تقرر عرض مشاريع القوانين على يوم دراسي قبل تمريرها على الجلسة العامة قصد مزيد التعمق في دراستها لأن القوانين عند صدورها تصبح ملزمة ويجب على مؤسسات الدولة تطبيقها وهو ما يتطلب من المشرع إذن أخذ جميع الاحتياطات اللازمة. وذكر أن المجلس التشريعي مطالب بالأخذ بين الاعتبار كل المعطيات. وأضاف أنه في 31 جويلية 2024 صادق المجلس على تنقيح هام لقانون الشيك دون رصيد وهذا التنقيح جاء بعد عقود من تجريم الشيك فبداية من 2 جويلية 1972 وبعد تجربة التعاضد وباقتراح من الوزير الهادي نويرة تم تنقيح القانون في اتجاه التجريم ولأول مرة أصبحت الدعوى العمومية تثار بصفة تلقائية فالبنك عندما يعرض أمامه الشيك ويشاهد عدم الخلاص يرسل نسخة للنيابة العمومية ونسخة للبنك المركزي وهكذا تم تحويل الشيك من أداة وفاء إلى أداة ضمان وهو أمر مخالف لكل النواميس القانونية حيث حل الشيك محل الكمبيالة وفي المقابل أصبحت الدولة هي التي تلعب دور الحارس وتضمن الخلاص من خلال التتبعات الجزائية وهذه المسألة خطيرة جدا لأنه كانت لها تداعيات على الاقتصاد. وأضاف أن البنوك عند تحرير شهادة بعدم الخلاص تعلم البنك المركزي وتنطلق الدعوى العمومية، وتبين منذ السنة الأولى عدم قدرة المراكز على القيام بالأبحاث لذلك تمت إحالة الأمر لفرقة الأبحاث الاقتصادية وقد رفضت هذه الأخيرة القيام بالمهمة لذلك تم إحداث فرقة للصكوك دون رصيد وقامت هذه الفرقة بالإعلان عن عجزها لذلك تقرر إحالة الأمر للنيابية العمومية. وبين أن جريمة الشيك دون رصيد أحدثت فسادا في جميع الهياكل وأمام هذه الوضعية تدخل المشرع سنة 2024 لمراجعة قانون الشيك وعدد رئيس المجلس مزايا قانون 2024 ولاحظ أن التشريعات العالمية فعلا لا تجرم المعاملات التجارية ولكن في تونس وبعد أن تم في مرحلة أولى رفع تجريم الشيك دون خمسة آلاف دينار سيتم في مرحلة لاحقة التخلي عن تجريم الشيك وذلك بالنظر إلى أنه أصبحت هناك منصة تمكن من التثبت إن كان الشيك يقابله رصيد أم لا وبالتالي لا يمكن اليوم من خلال هذه المنصة الحديث عن التحيل. وذكر أن لجنة التشريع العام عندما بادرت بدراسة مشروع القانون تبين أن 83 بالمائة من مجموع القضايا المتعلقة بصكوك دون رصيد تقل فيها قيمة الصك عن خمسة آلاف دينار وكان هناك قبل تقديم مشروع القانون مقترح قانون تعلق بالعفو التشريعي على الجرائم السابقة وبعد صدور القانون في الرائد الرسمي وتم تقديم مقترح القانون المعروض على النقاش وتم تدارسه من قبل لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي وخلص إلى أنه لا بد من أن يكون هناك تناغم من قبل المشرع. ويرى بودربالة أن هناك خطورة كبيرة في إقرار عفو دون تسقيف فالمجلس النيابي مسؤول عن سلامة الدولة حسب تعبيره ومثل هذا المقترح سيجعل المشرّع يغني أناسا ويفقر آخرين وهذا غير مقبول بالمقاييس القانونية والأخلاقية وذكر أنه لا يمكن توريط الدولة بقوانين لا يعرف تبعاتها. وأكد أنه سيتم عرض مقترح القانون في القريب العاجل على مكتب المجلس لتعيين جلسة عامة للنظر فيه وقبل ذلك كان يجب تبادل الآراء بشأنه صلب الأكاديمية البرلمانية حتى تكون الخطوات التي يخطوها المشرّع سليمة.
ولتوسيع المشاورات حول المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة الشيك دون رصيد شارك في اليوم الدراسي بالأكاديمية البرلمانية عدد من المحامين والقضاة والجامعيين وتولى هؤلاء إبداء الرأي فيه ولم يفوت بعضهم الفرصة دون الحديث عن ايجابيات القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها وعن نقائص هذا القانون ومع تقديم توصيات لتجاوزها.
رأي وزارة العدل
القاضية لمياء الماجري ممثلة عن وزارة العدل، قالت إن التشريع ليس مسألة هينة والمشرع لا يشرع ويداه ترتعشان بل يجب أن تكون له نظرة توازن بين كافة فئات المجتمع التونسي أما من الناحية المقبولية فإن المشرع –حسب قولها- ينزه عن العبث، وفسرت أن المجلس النيابي مرر السنة الماضية قانونا تعلق بالشيك دون رصيد ولا يمكن اليوم بعد فترة قصيرة أن يمرر قانونا آخر فيه تراجع عن توجه القانون الأول لأنه يجب ضمان الأمان القانوني كما يجب الأخذ بين الاعتبار مصدر الشيك والمستفيد من الشيك معا فالمشرع مطالب بأن يجد حلا ومقاربة تعيد الإدماج في الدورة الاقتصادية بأقل الأضرار للطرفين أما أن يتم اليوم تمرير قانون لا يأخذ بعين الاعتبار إلا مصدر الشيك فهذا من حيث المقبولية فيه مشكل لأن المشرع منزه عن العبث ولأن القوانين عند سنها يمكن أن تبقى سارية لعشرات السينين. وأضافت ممثلة وزارة العدل أن هذه المبادرة فيها اخلالات قانونية وذكرت أنه تم إلغاء العقوبة السجنية دون تقديم أي ضمانات لاستخلاص الدين وهو ما يتعارض مع القانون عدد 41 لسنة 2024 بما هو قانون نافذ كان قد تم وضعه في إطار مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار طرفي الشيك أما مقترح القانون فيضر بفئة هامة من المتعاملين بالشيك والتجار والشركات الصغرى والمتوسطة.
وترى الماجري أن سحب العفو العام عمن أصدر شيكا سيخلق وضعية عدم مساواة قانونية بين من قاموا بإصدار شيك دون رصيد تفوق قيمته خمسة آلاف دينار حتى وإن كان المبلغ ستة آلاف دينار فإنه يعاقب وبين من أصدروا شيكا يقل عن خمسة آلاف دينار حتى وإن كان الفرد الواحد قد أصدر مائة صك وكل صك يقل عن خمسة آلاف دينار فإنه يتمتع بالعفو. وبينت ممثلة وزارة العدل أن تطبيق العفو التشريعي العام سيخلق وضعية عدم مساواة بين من سينتفعون بالعفو وبين من التزموا بتسوية وضعياتهم بمقتضى قانون 2024 ولاحظت أن الضمانات المتعلقة بخلاص المستفيد تثير بدورها إشكالية قانونية لأنها تخلق وضعيتين للتسوية فهناك من تتم تسوية وضعياتهم بقانون 2024 وهناك فئة أخرى تتم تسوية وضعياتهم بقانون العفو. وعبرت عن تمسك وزارة العدل بقانون 2024 وأشارت إلى أن الإحصائيات تفيد أنه بمقتضى هذا القانون تمت تسوية وضعيات أكثر من نصف الموقوفين وقد خرجوا من السجون ولا توجد أي ثغرة فيه تستوجب مراجعته فهذا القانون أوجد جميع الحلول وهو من الناحية القانونية والاقتصادية والاجتماعية سوى جميع الحالات وأي قانون آخر يقع سنه سيخلق إخلالا قانونيا وإرباكا اقتصاديا وعدم مساواة اجتماعية لذلك يجب دراسة مقترح القانون المتعلق بالعفو بعمق لأن المشرع مؤتمن على الأمان القانوني في البلاد.
وتعقيبا على لمياء الماجري القاضية من الرتبة الثالثة المكلفة بمأمورية بديوان وزيرة العدل قال النائب ظافر الصغيري إنه رغم صدور قانون 2024 مازال الأمن يقبض على الناس والحال أنه كان من المفروض بعد صدوره أن يقع إطلاق سراح الجميع، وحتى المعلوم الذي يحصل عليه عدول الإشهاد والذي أقرته وزارة العدل على الحجة العادلة فلم يقع الالتزام به وأمام كل هذا تم التفكير في المبادرة لأن هناك آلاف من التونسيين ظلوا ينتظرون عدة أشهر لتطبيق قانون 2024 من قبل الدولة ومن قبل البنوك، فالمحاكم حسب قول النائب لم تطبق هذا القانون الذي أراد المشرع من خلاله تمكين المواطن من تسوية وضعيته تلقائيا وخلص إلى أن القانون غير منفذ بالمرة وأكد أن المبادرة في تناغم مع قانون 41 لسنة 2024 ولا يوجد تضارب إذ تضمنت عفوا في جرائم الشيك دون رصيد في حدود 5 آلاف دينار ولكن عند عرض المبادرة على اللجنة تم تعديلها وأصبحت تنص على عفو عام دون تسقيف مبلغ الشيك وتتمثل الضمانة في أن المتمتع بالعفو يبقى مطالبا بخلاص المستفيد وهذا أفضل من السجن لأن السجن لا يسمح للمسجون بخلاص المستفيد. وعبر النائب عن استيائه الكبير من كلام ممثلة وزارة العدل.
وتعقيبا على مداخلات النواب أشارت ممثلة وزارة العدل إلى أنه لابد من التأكيد على وحدة الدولة وعلى ضرورة التكامل بين وظائف الدولة، وبينت أنها عندما قالت إن المشرع منزه عن العبث فهذا ليس فيه تقليل من قيمة مبادرة النواب بل هي عبارة يستعملها رجال القانون. وأضافت أن المشرع ليس مجلس النواب فقط، فالتشريع هو أيضا أوامر وقرارات. ونفت تقصير وزارة العدل في تطبيق القانون عدد 41 لسنة 2024 وذكرت أنه في أقل من شهر أصدرت الوزارة قرارا لتطبيقه. وبخصوص تحديد أجرة عدول الاشهاد بستين دينارا وعدم التقيد بهذا المبلغ ذكرت أن القرار المتعلق بالأجرة ملزم لعدول الإشهاد ولكن عندما لا يطبق عدول الإشهاد القرار فهذا لا يعني أن الوزارة تفصت من مسؤوليتها، وأضافت أن من يتفطن إلى ارتكاب مخالفة من قبل عدل إشهاد عليه إشعار الوزارة لكي تتخذ الإجراءات اللازمة. وذكرت أنه من دور مجلس النواب المراقبة والمتابعة وإذا كانت لديه تشكيات فعليه إبلاغ وزارة العدل. وعبرت الماجري عن الأهمية الكبيرة التي يكتسيها قانون 2024 فهو قانون ثوري حسب وصفها انحازت فيه الدولة للطبقات الضعيفة والفئات المهمشة.
الطريق الصحيح
الأستاذ حسن الذيب بين أن القانون عدد 41 لسنة 2024 صدر منذ قرابة السنة وهذا القانون لما صدر باركه المحامون واستبشروا به واستعدوا لإنجاحه في مستوى الهيئة الوطنية للمحامين وفروع هيئة المحامين وفي جمعية المحامين الشبان وأضاف أنه تم إعداد ورقات عمل لتبسيطه. ويرى الذيب أن هذا القانون هو مرحلة تمهيدية لحذف الطابع الجزائي للشيك على غرار العديد من البلدان. وذكر أن المجلس النيابي عندما صادق عليه فهو في الطريق الصحيح لأن أهم مكسب تحقق في تونس هو أنه بهذا القانون انتهت مشكلة الشيك دون رصيد كما قامت وزارة العدل بإصدار منشور لتفسير القانون ولاحظ أن من مساوئ القانون هو عدم مراعاته النقائص التي تعاني منها المحاكم. وأشار إلى أنه إذا كانت 83 بالمائة من الشيكات دون رصيد تقل فعلا عن خمسة آلاف دينار فإنه في صورة تمرير المبادرة التشريعية فسيتم القيام بخطوة كبيرة نحو إنهاء هذا المشكل.
وقال الأستاذ عبد الواحد الأندلسي إن مقترح القانون في انسجام مع مبدأ عدم التنفيذ على الذات لكن هناك مبدأ آخر يهم القانون الصرفي أي قانون الأوراق التجارية فهذا القانون يميل إلى مصلحة الدائن وهذا ليس حماية لمصلحة الدائن في شخصه بل لكي يشيع التعامل بالأوراق التجارية ومنها الشيك لكن مقترح القانون -حسب رأيه- يخدم مصدر الشيك ولا يراعي مصلحة الطرف الآخر. كما أن المبادرة تمس من الحقوق المكتسبة. وفسر أن المشرع كرس مبدأ عدم التنفيذ على الذات لكنه حافظ على هذا المبدأ في مادة الشيكات وهذا خيار تشريعي وبالتالي من تعامل بالشيك في ظل هذه المنظومة القانونية فهو مطمئن ويعرف أنه في صورة عدم خلاصه فإن الطرف الآخر سيعاقب أما اليوم ففي صورة تمرير المبادرة فسيقع حرمان الدائن من هذه الضمانة. ولاحظ الأندلسي أن مقترح القانون لا يحقق المساواة بين الدائن والمدين، وبين مرتكب الجريمة في القانون القديم ومرتكب الجريمة في القانون الجديد وبين من سوى وضعيته بموجب قانون 2024 وبين من لم يقم بتسوية وضعيته. وأضاف الأندلسي أن مقترح القانون يطرح إشكاليات في علاقة بالمساس بالحقوق المكتسبة والمساواة وهذا فيه مساس بالدستورية واقترح عرضه على لجنة الحقوق والحريات. أما من حيث المضمون فإن عملية إصدار عفو في الشيكات على حد وصفه مسألة حساسة ويجب مراعاة توازن المصالح وتوفر العدالة. وخلص إلى أن المقترح يمس بالأمن القانوني ونبه إلى أن العفو المنصوص عليه بمقترح القانون غير مشروط فهو بهذه الكيفية يشمل العائدين والمتحيلين وأضاف أنه في صورة إصرار المجلس النيابي على تمرير المبادرة فمن الضروري جعل الديون المشمولة بقانون العفو لا تسقط بمرور الزمن وعدم استسهال العود واستسهال ارتكاب الجريمة وذلك بإدراج ظرف تشديد كما يجب التنصيص بوضوح على الأحكام المتعلقة بمسؤولية البنوك واقترح تمرير مقترح قانون يتعلق بالقرض الحسن لفائدة التاجر الصغير والمستهلك، وإحداث لجنة خبراء تعنى بمراجعة الأوراق التجارية بشكل عام والتفكير في مراجعة المجلة التجارية مع القيام بدراسة مسبقة لتأثيرات أي مشروع قانون على أن تكون هذه الدراسة ميدانية وتحليلية تستهدف جميع الفئات المعنية وتقوم على إحصائيات دقيقة محينة ومع إجراء دراسة تقييمية بعد صدور القانون.
وبين النائب حسام محجوب أن من يريد فهم القانون عدد 41 لسنة 2024 عليه العودة إلى مداولات مجلس نواب لفهم مراد المشرع وقال إن المجلس انطلق منذ جوان 2023 في دراسة أحكام الشيك دون رصيد ونظم 15 جلسة لنقاش الموضوع قبل ورد مشروع قانون من قبل الوظيفة التنفيذية وجاء هذا القانون بخط تمويل للحرفيين والمؤسسات الصغرى لمنح قروض على الشرف دون فائض وفيه صيغة جديدة للتعامل بالشيك وصيغة للتسوية والهدف منه اقتصادي بحت لأن منظومة الشيك القديمة تسببت في التضخم فضلا على تسببها في إنهاك المحاكم واستنزافها وفي طول زمن التقاضي. وقال إن المشرع يرغب في رفع التجريم عن المعاملات التجارية وهذه المبادرة هي مرحلة انتقالية يتم من خلالها العفو عن جرائم الشيك التي يقل مبلغ الشيك فيها عن خمسة آلاف دينار وذلك في انتظار إلغاء التجريم بصفة كلية. وبين أن القانون هو من أهم القوانين التي تساعد على إصلاح الاقتصاد ويرى النائب أن المبادرة متناغمة مع القانون وذكر أن المشرع ليست أياديه مرتعشة كما يظن البعض فهو يريد إدماج فئة معنية في الدورة الاقتصادية وأكد أن المجلس النيابي سيمضي قدما في إقرار العفو عن جرائم الشيك دون خمسة آلاف دينار.
تحذير من المتحيلين
قراءة مستفيضة قدمها الأستاذ طارق الحركاتي رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان في مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة الشيك دون رصيد وقال إنه يستحسن هذه المبادرة لأنه يدافع عن الحقوق والحريات لكن يجب على المشرع وضع شروط جوهرية لكي يتمتع الشخص بالعفو العام ويجب التثبت من الشيكات المعنية بالعفو حتى لا يقع التسبب في إفلاس تجار وحرفيين صغار.. وذكر أن نية الجميع سلمية لأنه لا أحد يريد ترك الناس في السجون لكن لا بد من التروي لأن الشيكات هي ضمانة قانونية.
وقدم الأستاذ صلاح الدين الحجري بدوره قراءة في قانون 2024 واستعرض إيجابيته ونقائصه وقدم مقترحات لتعديله، أما بخصوص المبادرة التشريعية فبين أن تحديد السقف من المفروض أن يتم بناء على دراسات علمية ودقيقة لتجنب الاعتباطية وذكر أن البنك المركزي هو الطرف الوحيد المؤهل لتقديم رقم صحيح حول عدد الشيكات المحالة عليه من الفروع البنكية والشيكات دون رصيد وعدد من تمت إحالتهم على القضاء ومن تمت تسوية وضعياتهم وعدد من تمكنوا من الاندماج الاقتصادي ولاحظ أن أكبر كارثة تسبب فيها الشيك دون رصيد في تونس هي نقل الثروة بطريقة غير شرعية والسماح لأناس غير مؤهلين بإدارة جمعيات رياضية وأوصى باعتماد عفو تشريعي مشروط يطبق فقط على الشيكات الصادرة قبل دخول القانون حيز التنفيذ وسحب العفو على الأشخاص الطبيعيين غير المكررين لارتكاب جريمة الشيك دون رصيد حتى لا يقع التشجيع على التحيل وذكر أنه يجب التفكير في آليات سهلة لتسوية الوضعيات لأن المقصود من كل عفو هو إعادة إدماج الناشطين.
وتطرق النائب عبد الجليل الهاني إلى أسباب تقديم المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو في جريمة إصدار شيك دون رصيد وذكر أن هناك من استغلوا الشيكات لتحيل وكسب ثروة غير شرعية وأشار إلى أن المشرع منزه عن العبث وهو يرى أن قانون 2024 ساهم تطبيقه في تحسن قيمة الكتلة النقدية لتبلغ نحو 25 ألف مليار نقدا رغم أن البنوك لم تطور من نفسها في علاقة بوسائل الدفع المؤجلة وذكر أنه توجد «كارتالات» بنكية رفضت تطبيق القانون. ولاحظ أن مقترح القانون غير دستوري وهو لا يحترم مبدأ الأمان القانوني ومبدأ المساواة ودعا إلى منح فرصة لتطبيق القانون عدد 41 لأن هذا القانون فيه عفو ومن أراد التمتع به فإنه قام بسوية وضعيته لكن هناك متحيلين لا يمكن التساهل معهم.
وتوقفت نجاة البراهمي أستاذة محاضرة بكلية الحقوق ومحامية لدى محكمة التعقيب عند الجدوى القانونية والجدوى الاقتصادية والجدوى الاجتماعية لسن قانون جديد في ظل وجود قانون صدر في أوت 2024 وبينت أن هذا الخيار من حيث الجدوى القانونية غير سليم وغير مرحب به على مستوى الأمن القانوني وهو من حيث الجدوى الاقتصادية غير ممكن في غياب توفر إحصائيات دقيقة موحدة أما من حيث الجدوى الاجتماعية فإن المقترح حرص على وضعية الساحب أكثر من المستفيد وخلصت إلى أنه يمكن اعتماد مقترح القانون لكن يجب مراقبة تنفيذ القانون عدد 41 لسنة 2024 لأنه تضمن آليات من شأنها أن تنصهر في منظومة نزع التجريم ويجب منح فرصة لنضج هذه الآليات وأن يتم لاحقا تقييم آليات المراجعة والتسوية قبل سن قانون جديد.
وذكرت الأستاذة أسماء الشنوفي أن القضاء لديه سلطة تقديرية في علاقة بالمخدرات وبينت أنه يمكن للمشرع أن يمنح العفو لمن زلت بهم القدم لمرة واحدة وإثرها يتم تقييم جدوى هذا الإجراء، وترى أنه من المبكر سن عفو ولكن في صورة سن هذا العفو يجب منحه إلى من يستحق العفو أي لمن زلت بهم القدم مرة واحدة وليس للمتحيلين.
وخلال اختتام اليوم الدراسي أشار إبراهيم بودربالة رئيس المجلس النيابي إلى أن المشرع التونسي هو وظيفة من وظائف الدولة وفي صورة إقراره العفو تصبح الدولة التونسية مطالبة بالتعويض. ودعا النواب إلى دراسة التبعات القانونية لكل نص يتم سنه من قبل المشرع لأن أعمال المشرع مصانة من العبث.
سعيدة بوهلال
إلغاء العقوبة السجنية دون تقديم أي ضمانات لاستخلاص الدين يتعارض مع القانون
عدد 41 لسنة 2024
من الضروري جعل الديون المشمولة بقانون العفو لا تسقط بمرور الزمن وعدم استسهال العود
دعوة إلى التثبت من الشيكات المعنية بالعفو حتى لا يقع التسبب في إفلاس تجار وحرفيين صغار..
في انتظار عرضه على أنظار الجلسة عامة لمجلس نواب الشعب، أثار مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد جدلا ساخنا خلال اليوم الدراسي المنعقد أمس بقصر باردو بمبادرة من الأكاديمية البرلمانية، حيث تباينت الآراء حوله بشكل لافت، فهناك من دافعوا عنه بكثير من الحماس مثل النائب حاتم الهواوي، في حين هناك من انتقدوه بشدة مثل النائب يوسف طرشون، ودعا آخرون ومنهم النائب عبد الجليل الهاني إلى فسح المجال أولا لتنفيذ القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وتقييم مختلف الآليات التي جاء بها هذا القانون، وبعد ذلك يتم التدرج رويدا رويدا في إلغاء التجريم، وحتى بقية المشاركين في الندوة من محامين وجامعيين وقضاة فقد اختلفت مواقفهم من المبادرة التشريعية المذكورة.
وتضمنت هذه المبادرة التي تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب في مقدمتهم نزار الصديق ثلاثة فصول، نص الفصل الأول على أن يتمتع بالعفو العام كل من أصدر شيكا لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار أو قام بالاعتراض على خلاصة في غير الحالات المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت في شأنه شهادة في عدم الخلاص قبل 2 فيفري 2025. أما الفصل الثاني فنص على أن لا يمس العفو العام المقرر بمقتضى هذا القانون بحقوق الغير وخاصة بحقوق المستفيد من الشيك ولا يشمل مصاريف الإعلام التي دفعها البنك المسحوب عليه ولا المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستقصاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها. وتبقى الحقوق المدنية للمستفيد قائمة لاستخلاص المبالغ المتعلقة بالشيك كاملة. في حين نص الفصل الثالث على أن يكلف وزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي بتنفيذ أحكام هذا القانون حال نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وتم تدارس مقترح هذا القانون صلب لجنة التشريع العام التي يرأسها ياسر قوراري ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية التي يرأسها محمد أحمد وكان من المبرمج أن يقدم كلاهما في بداية الندوة مداخلة حول المقترح لكنهما لم يحظرا واتضح من خلال النقاش أن اللجنتين وافقتا على تعديله في اتجاه حذف التسقيف المنصوص عليه بالفصل الأول والمقدر بخمسة آلاف دينار، وبالتالي فإن المقترح في صيغته المنتظر عرضها على الجلسة العامة يتعلق بعفو عام يشمل جميع من أصدروا شيكات دون رصيد.
النائب نزار الصديق بين أنه سبق أن تم إصدار عفو في ثلاث مناسبات لكن العفو السابق لم يقع فيه ضمان حق المستفيد في التتبع المدني أما في مقترح القانون المعروض على النقاش فقد تم لأول مرة ضمان هذا الحق، وعبر النائب عن استغرابه من الخوف غير المبرر من العفو الذي أبداه البعض. وذكر أن المقترح يعني المتضررين وليس المتحيلين. وبين الصديق أنه بعد صدور قانون 2024 المتعلق بتنقيح المجلة التجارية وإتمامها لم يتمكن العديد من المشمولين بجريمة الشيك دون رصيد من تسوية وضعياتهم ولهذا السبب تم تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد وكان الهدف من مقترح هذا القانون هو إعادة إدماج الكثير من الناس في الدورة الاقتصادية. وبين أن الدولة نفسها في ظل الوضع الاقتصادي لم تقم بخلاص المزودين وعليها في صورة الحرص على ضمان حق المستفيد أن تقوم بخلاص المزودين.
وفي المقابل قال النائب يوسف طرشون إن مثل هذا المقترح يطرح العديد من الإشكاليات لأنه عندما يتعلق الأمر بالثورة التشريعية التي يتطلع إليها الجميع فيجب الابتعاد عن الشعبوية. وذكر أنه تعرض للسحل والتهديد على مواقع التواصل الاجتماعي لأنه ضد العفو العام. وأضاف أنه إذا كانت حجة من يدافع عن العفو العام هي الرغبة في عدم تجريم الحياة الاقتصادية فهذا كما لو أن الحياة الاقتصادية في تونس يسيرها من يصدرون شيكات دون رصيد. وبين أن إصدار شيك دون رصيد جريمة وتمسك بأن مجلس نواب الشعب لم يأت لتبييض الفساد وبأن المشرع لا يشرع لهذه اللحظة بل يشرع للتاريخ وبأن المشرع لا يشرع تحت وطأة الواقع أو تحت ضغط تنسيقية أغلب أعضائها من المتحيلين، ودعا إلى ضرورة التفكير في المتضررين لأن هناك منهم من أصيب بجلطة ومن أفلس بسبب التحيل عليه وهناك عدد كبير من المتحيلين دخلوا السجن أكثر من مرة ولم يرتدعوا كما يجب العمل على أن يكون القانون فيه جانب زجري للحد من الجريمة، وأضاف أن من تضرر فعلا من كورونا فما عليه إلا أن يقدم ملفا للهياكل المعنية والاستفادة من المساعدات التي وفرتها الدولة في هذا الشأن. وذكر أن هناك من يقولون إنه تم حرمانهم من حق العفو والحال أن العفو ليس حقا مكتسبا بل هو قرار يتم اتخاذه في إطار قانوني وفق شروط مضبوطة. وأكد طرشون أن هناك من النواب من تعرضوا لتهديدات وتم اتهامهم بأنهم ضد مسار 25 جويلية وبأنهم ضد رئيس الجمهورية لأنهم لا يساندون فكرة العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد. وبين أن مجلس نواب الشعب صادق في شهر جويلية الماضي على تنقيح المجلة التجارية وإتمامها وعدد النائب مزايا القانون عدد 41 لسنة 2024 ومنها بالخصوص ضمان حق المستفيد. وخلص إلى أنه ليس مع القانون الذي لا يؤسس للحق وذكر أنه يمكن أن تأتي لاحقا مبادرة تشريعية حول العفو في جريمة المخدرات ومبادرة أخرى للعفو على جريمة الاختلاس لأن جميعهم زلت بهم القدم وبالتالي يصبح العقاب لا معنى له. وقال إنه لا يمكن القبول بالميوعة التشريعية وبين أنه يجب معرفة نسبة المعنيين بالمبادرة فهؤلاء عليهم تحمل مسؤولياتهم وذكر أن الاقتصاد إذا كان قائما على هؤلاء فهو إذا اقتصاد مافيا. وعبر عن فخره بقانون 2024 لأنه ساهم في إصلاح أخلاق التونسيين ولأنه لا يعفي عن المتحيلين ولأنه لم يبيض الفاسدين..
مخاطر العفو
وخلال افتتاح اليوم الدراسي أشار إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب إلى أنه تقرر عرض مشاريع القوانين على يوم دراسي قبل تمريرها على الجلسة العامة قصد مزيد التعمق في دراستها لأن القوانين عند صدورها تصبح ملزمة ويجب على مؤسسات الدولة تطبيقها وهو ما يتطلب من المشرع إذن أخذ جميع الاحتياطات اللازمة. وذكر أن المجلس التشريعي مطالب بالأخذ بين الاعتبار كل المعطيات. وأضاف أنه في 31 جويلية 2024 صادق المجلس على تنقيح هام لقانون الشيك دون رصيد وهذا التنقيح جاء بعد عقود من تجريم الشيك فبداية من 2 جويلية 1972 وبعد تجربة التعاضد وباقتراح من الوزير الهادي نويرة تم تنقيح القانون في اتجاه التجريم ولأول مرة أصبحت الدعوى العمومية تثار بصفة تلقائية فالبنك عندما يعرض أمامه الشيك ويشاهد عدم الخلاص يرسل نسخة للنيابة العمومية ونسخة للبنك المركزي وهكذا تم تحويل الشيك من أداة وفاء إلى أداة ضمان وهو أمر مخالف لكل النواميس القانونية حيث حل الشيك محل الكمبيالة وفي المقابل أصبحت الدولة هي التي تلعب دور الحارس وتضمن الخلاص من خلال التتبعات الجزائية وهذه المسألة خطيرة جدا لأنه كانت لها تداعيات على الاقتصاد. وأضاف أن البنوك عند تحرير شهادة بعدم الخلاص تعلم البنك المركزي وتنطلق الدعوى العمومية، وتبين منذ السنة الأولى عدم قدرة المراكز على القيام بالأبحاث لذلك تمت إحالة الأمر لفرقة الأبحاث الاقتصادية وقد رفضت هذه الأخيرة القيام بالمهمة لذلك تم إحداث فرقة للصكوك دون رصيد وقامت هذه الفرقة بالإعلان عن عجزها لذلك تقرر إحالة الأمر للنيابية العمومية. وبين أن جريمة الشيك دون رصيد أحدثت فسادا في جميع الهياكل وأمام هذه الوضعية تدخل المشرع سنة 2024 لمراجعة قانون الشيك وعدد رئيس المجلس مزايا قانون 2024 ولاحظ أن التشريعات العالمية فعلا لا تجرم المعاملات التجارية ولكن في تونس وبعد أن تم في مرحلة أولى رفع تجريم الشيك دون خمسة آلاف دينار سيتم في مرحلة لاحقة التخلي عن تجريم الشيك وذلك بالنظر إلى أنه أصبحت هناك منصة تمكن من التثبت إن كان الشيك يقابله رصيد أم لا وبالتالي لا يمكن اليوم من خلال هذه المنصة الحديث عن التحيل. وذكر أن لجنة التشريع العام عندما بادرت بدراسة مشروع القانون تبين أن 83 بالمائة من مجموع القضايا المتعلقة بصكوك دون رصيد تقل فيها قيمة الصك عن خمسة آلاف دينار وكان هناك قبل تقديم مشروع القانون مقترح قانون تعلق بالعفو التشريعي على الجرائم السابقة وبعد صدور القانون في الرائد الرسمي وتم تقديم مقترح القانون المعروض على النقاش وتم تدارسه من قبل لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي وخلص إلى أنه لا بد من أن يكون هناك تناغم من قبل المشرع. ويرى بودربالة أن هناك خطورة كبيرة في إقرار عفو دون تسقيف فالمجلس النيابي مسؤول عن سلامة الدولة حسب تعبيره ومثل هذا المقترح سيجعل المشرّع يغني أناسا ويفقر آخرين وهذا غير مقبول بالمقاييس القانونية والأخلاقية وذكر أنه لا يمكن توريط الدولة بقوانين لا يعرف تبعاتها. وأكد أنه سيتم عرض مقترح القانون في القريب العاجل على مكتب المجلس لتعيين جلسة عامة للنظر فيه وقبل ذلك كان يجب تبادل الآراء بشأنه صلب الأكاديمية البرلمانية حتى تكون الخطوات التي يخطوها المشرّع سليمة.
ولتوسيع المشاورات حول المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة الشيك دون رصيد شارك في اليوم الدراسي بالأكاديمية البرلمانية عدد من المحامين والقضاة والجامعيين وتولى هؤلاء إبداء الرأي فيه ولم يفوت بعضهم الفرصة دون الحديث عن ايجابيات القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها وعن نقائص هذا القانون ومع تقديم توصيات لتجاوزها.
رأي وزارة العدل
القاضية لمياء الماجري ممثلة عن وزارة العدل، قالت إن التشريع ليس مسألة هينة والمشرع لا يشرع ويداه ترتعشان بل يجب أن تكون له نظرة توازن بين كافة فئات المجتمع التونسي أما من الناحية المقبولية فإن المشرع –حسب قولها- ينزه عن العبث، وفسرت أن المجلس النيابي مرر السنة الماضية قانونا تعلق بالشيك دون رصيد ولا يمكن اليوم بعد فترة قصيرة أن يمرر قانونا آخر فيه تراجع عن توجه القانون الأول لأنه يجب ضمان الأمان القانوني كما يجب الأخذ بين الاعتبار مصدر الشيك والمستفيد من الشيك معا فالمشرع مطالب بأن يجد حلا ومقاربة تعيد الإدماج في الدورة الاقتصادية بأقل الأضرار للطرفين أما أن يتم اليوم تمرير قانون لا يأخذ بعين الاعتبار إلا مصدر الشيك فهذا من حيث المقبولية فيه مشكل لأن المشرع منزه عن العبث ولأن القوانين عند سنها يمكن أن تبقى سارية لعشرات السينين. وأضافت ممثلة وزارة العدل أن هذه المبادرة فيها اخلالات قانونية وذكرت أنه تم إلغاء العقوبة السجنية دون تقديم أي ضمانات لاستخلاص الدين وهو ما يتعارض مع القانون عدد 41 لسنة 2024 بما هو قانون نافذ كان قد تم وضعه في إطار مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار طرفي الشيك أما مقترح القانون فيضر بفئة هامة من المتعاملين بالشيك والتجار والشركات الصغرى والمتوسطة.
وترى الماجري أن سحب العفو العام عمن أصدر شيكا سيخلق وضعية عدم مساواة قانونية بين من قاموا بإصدار شيك دون رصيد تفوق قيمته خمسة آلاف دينار حتى وإن كان المبلغ ستة آلاف دينار فإنه يعاقب وبين من أصدروا شيكا يقل عن خمسة آلاف دينار حتى وإن كان الفرد الواحد قد أصدر مائة صك وكل صك يقل عن خمسة آلاف دينار فإنه يتمتع بالعفو. وبينت ممثلة وزارة العدل أن تطبيق العفو التشريعي العام سيخلق وضعية عدم مساواة بين من سينتفعون بالعفو وبين من التزموا بتسوية وضعياتهم بمقتضى قانون 2024 ولاحظت أن الضمانات المتعلقة بخلاص المستفيد تثير بدورها إشكالية قانونية لأنها تخلق وضعيتين للتسوية فهناك من تتم تسوية وضعياتهم بقانون 2024 وهناك فئة أخرى تتم تسوية وضعياتهم بقانون العفو. وعبرت عن تمسك وزارة العدل بقانون 2024 وأشارت إلى أن الإحصائيات تفيد أنه بمقتضى هذا القانون تمت تسوية وضعيات أكثر من نصف الموقوفين وقد خرجوا من السجون ولا توجد أي ثغرة فيه تستوجب مراجعته فهذا القانون أوجد جميع الحلول وهو من الناحية القانونية والاقتصادية والاجتماعية سوى جميع الحالات وأي قانون آخر يقع سنه سيخلق إخلالا قانونيا وإرباكا اقتصاديا وعدم مساواة اجتماعية لذلك يجب دراسة مقترح القانون المتعلق بالعفو بعمق لأن المشرع مؤتمن على الأمان القانوني في البلاد.
وتعقيبا على لمياء الماجري القاضية من الرتبة الثالثة المكلفة بمأمورية بديوان وزيرة العدل قال النائب ظافر الصغيري إنه رغم صدور قانون 2024 مازال الأمن يقبض على الناس والحال أنه كان من المفروض بعد صدوره أن يقع إطلاق سراح الجميع، وحتى المعلوم الذي يحصل عليه عدول الإشهاد والذي أقرته وزارة العدل على الحجة العادلة فلم يقع الالتزام به وأمام كل هذا تم التفكير في المبادرة لأن هناك آلاف من التونسيين ظلوا ينتظرون عدة أشهر لتطبيق قانون 2024 من قبل الدولة ومن قبل البنوك، فالمحاكم حسب قول النائب لم تطبق هذا القانون الذي أراد المشرع من خلاله تمكين المواطن من تسوية وضعيته تلقائيا وخلص إلى أن القانون غير منفذ بالمرة وأكد أن المبادرة في تناغم مع قانون 41 لسنة 2024 ولا يوجد تضارب إذ تضمنت عفوا في جرائم الشيك دون رصيد في حدود 5 آلاف دينار ولكن عند عرض المبادرة على اللجنة تم تعديلها وأصبحت تنص على عفو عام دون تسقيف مبلغ الشيك وتتمثل الضمانة في أن المتمتع بالعفو يبقى مطالبا بخلاص المستفيد وهذا أفضل من السجن لأن السجن لا يسمح للمسجون بخلاص المستفيد. وعبر النائب عن استيائه الكبير من كلام ممثلة وزارة العدل.
وتعقيبا على مداخلات النواب أشارت ممثلة وزارة العدل إلى أنه لابد من التأكيد على وحدة الدولة وعلى ضرورة التكامل بين وظائف الدولة، وبينت أنها عندما قالت إن المشرع منزه عن العبث فهذا ليس فيه تقليل من قيمة مبادرة النواب بل هي عبارة يستعملها رجال القانون. وأضافت أن المشرع ليس مجلس النواب فقط، فالتشريع هو أيضا أوامر وقرارات. ونفت تقصير وزارة العدل في تطبيق القانون عدد 41 لسنة 2024 وذكرت أنه في أقل من شهر أصدرت الوزارة قرارا لتطبيقه. وبخصوص تحديد أجرة عدول الاشهاد بستين دينارا وعدم التقيد بهذا المبلغ ذكرت أن القرار المتعلق بالأجرة ملزم لعدول الإشهاد ولكن عندما لا يطبق عدول الإشهاد القرار فهذا لا يعني أن الوزارة تفصت من مسؤوليتها، وأضافت أن من يتفطن إلى ارتكاب مخالفة من قبل عدل إشهاد عليه إشعار الوزارة لكي تتخذ الإجراءات اللازمة. وذكرت أنه من دور مجلس النواب المراقبة والمتابعة وإذا كانت لديه تشكيات فعليه إبلاغ وزارة العدل. وعبرت الماجري عن الأهمية الكبيرة التي يكتسيها قانون 2024 فهو قانون ثوري حسب وصفها انحازت فيه الدولة للطبقات الضعيفة والفئات المهمشة.
الطريق الصحيح
الأستاذ حسن الذيب بين أن القانون عدد 41 لسنة 2024 صدر منذ قرابة السنة وهذا القانون لما صدر باركه المحامون واستبشروا به واستعدوا لإنجاحه في مستوى الهيئة الوطنية للمحامين وفروع هيئة المحامين وفي جمعية المحامين الشبان وأضاف أنه تم إعداد ورقات عمل لتبسيطه. ويرى الذيب أن هذا القانون هو مرحلة تمهيدية لحذف الطابع الجزائي للشيك على غرار العديد من البلدان. وذكر أن المجلس النيابي عندما صادق عليه فهو في الطريق الصحيح لأن أهم مكسب تحقق في تونس هو أنه بهذا القانون انتهت مشكلة الشيك دون رصيد كما قامت وزارة العدل بإصدار منشور لتفسير القانون ولاحظ أن من مساوئ القانون هو عدم مراعاته النقائص التي تعاني منها المحاكم. وأشار إلى أنه إذا كانت 83 بالمائة من الشيكات دون رصيد تقل فعلا عن خمسة آلاف دينار فإنه في صورة تمرير المبادرة التشريعية فسيتم القيام بخطوة كبيرة نحو إنهاء هذا المشكل.
وقال الأستاذ عبد الواحد الأندلسي إن مقترح القانون في انسجام مع مبدأ عدم التنفيذ على الذات لكن هناك مبدأ آخر يهم القانون الصرفي أي قانون الأوراق التجارية فهذا القانون يميل إلى مصلحة الدائن وهذا ليس حماية لمصلحة الدائن في شخصه بل لكي يشيع التعامل بالأوراق التجارية ومنها الشيك لكن مقترح القانون -حسب رأيه- يخدم مصدر الشيك ولا يراعي مصلحة الطرف الآخر. كما أن المبادرة تمس من الحقوق المكتسبة. وفسر أن المشرع كرس مبدأ عدم التنفيذ على الذات لكنه حافظ على هذا المبدأ في مادة الشيكات وهذا خيار تشريعي وبالتالي من تعامل بالشيك في ظل هذه المنظومة القانونية فهو مطمئن ويعرف أنه في صورة عدم خلاصه فإن الطرف الآخر سيعاقب أما اليوم ففي صورة تمرير المبادرة فسيقع حرمان الدائن من هذه الضمانة. ولاحظ الأندلسي أن مقترح القانون لا يحقق المساواة بين الدائن والمدين، وبين مرتكب الجريمة في القانون القديم ومرتكب الجريمة في القانون الجديد وبين من سوى وضعيته بموجب قانون 2024 وبين من لم يقم بتسوية وضعيته. وأضاف الأندلسي أن مقترح القانون يطرح إشكاليات في علاقة بالمساس بالحقوق المكتسبة والمساواة وهذا فيه مساس بالدستورية واقترح عرضه على لجنة الحقوق والحريات. أما من حيث المضمون فإن عملية إصدار عفو في الشيكات على حد وصفه مسألة حساسة ويجب مراعاة توازن المصالح وتوفر العدالة. وخلص إلى أن المقترح يمس بالأمن القانوني ونبه إلى أن العفو المنصوص عليه بمقترح القانون غير مشروط فهو بهذه الكيفية يشمل العائدين والمتحيلين وأضاف أنه في صورة إصرار المجلس النيابي على تمرير المبادرة فمن الضروري جعل الديون المشمولة بقانون العفو لا تسقط بمرور الزمن وعدم استسهال العود واستسهال ارتكاب الجريمة وذلك بإدراج ظرف تشديد كما يجب التنصيص بوضوح على الأحكام المتعلقة بمسؤولية البنوك واقترح تمرير مقترح قانون يتعلق بالقرض الحسن لفائدة التاجر الصغير والمستهلك، وإحداث لجنة خبراء تعنى بمراجعة الأوراق التجارية بشكل عام والتفكير في مراجعة المجلة التجارية مع القيام بدراسة مسبقة لتأثيرات أي مشروع قانون على أن تكون هذه الدراسة ميدانية وتحليلية تستهدف جميع الفئات المعنية وتقوم على إحصائيات دقيقة محينة ومع إجراء دراسة تقييمية بعد صدور القانون.
وبين النائب حسام محجوب أن من يريد فهم القانون عدد 41 لسنة 2024 عليه العودة إلى مداولات مجلس نواب لفهم مراد المشرع وقال إن المجلس انطلق منذ جوان 2023 في دراسة أحكام الشيك دون رصيد ونظم 15 جلسة لنقاش الموضوع قبل ورد مشروع قانون من قبل الوظيفة التنفيذية وجاء هذا القانون بخط تمويل للحرفيين والمؤسسات الصغرى لمنح قروض على الشرف دون فائض وفيه صيغة جديدة للتعامل بالشيك وصيغة للتسوية والهدف منه اقتصادي بحت لأن منظومة الشيك القديمة تسببت في التضخم فضلا على تسببها في إنهاك المحاكم واستنزافها وفي طول زمن التقاضي. وقال إن المشرع يرغب في رفع التجريم عن المعاملات التجارية وهذه المبادرة هي مرحلة انتقالية يتم من خلالها العفو عن جرائم الشيك التي يقل مبلغ الشيك فيها عن خمسة آلاف دينار وذلك في انتظار إلغاء التجريم بصفة كلية. وبين أن القانون هو من أهم القوانين التي تساعد على إصلاح الاقتصاد ويرى النائب أن المبادرة متناغمة مع القانون وذكر أن المشرع ليست أياديه مرتعشة كما يظن البعض فهو يريد إدماج فئة معنية في الدورة الاقتصادية وأكد أن المجلس النيابي سيمضي قدما في إقرار العفو عن جرائم الشيك دون خمسة آلاف دينار.
تحذير من المتحيلين
قراءة مستفيضة قدمها الأستاذ طارق الحركاتي رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان في مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة الشيك دون رصيد وقال إنه يستحسن هذه المبادرة لأنه يدافع عن الحقوق والحريات لكن يجب على المشرع وضع شروط جوهرية لكي يتمتع الشخص بالعفو العام ويجب التثبت من الشيكات المعنية بالعفو حتى لا يقع التسبب في إفلاس تجار وحرفيين صغار.. وذكر أن نية الجميع سلمية لأنه لا أحد يريد ترك الناس في السجون لكن لا بد من التروي لأن الشيكات هي ضمانة قانونية.
وقدم الأستاذ صلاح الدين الحجري بدوره قراءة في قانون 2024 واستعرض إيجابيته ونقائصه وقدم مقترحات لتعديله، أما بخصوص المبادرة التشريعية فبين أن تحديد السقف من المفروض أن يتم بناء على دراسات علمية ودقيقة لتجنب الاعتباطية وذكر أن البنك المركزي هو الطرف الوحيد المؤهل لتقديم رقم صحيح حول عدد الشيكات المحالة عليه من الفروع البنكية والشيكات دون رصيد وعدد من تمت إحالتهم على القضاء ومن تمت تسوية وضعياتهم وعدد من تمكنوا من الاندماج الاقتصادي ولاحظ أن أكبر كارثة تسبب فيها الشيك دون رصيد في تونس هي نقل الثروة بطريقة غير شرعية والسماح لأناس غير مؤهلين بإدارة جمعيات رياضية وأوصى باعتماد عفو تشريعي مشروط يطبق فقط على الشيكات الصادرة قبل دخول القانون حيز التنفيذ وسحب العفو على الأشخاص الطبيعيين غير المكررين لارتكاب جريمة الشيك دون رصيد حتى لا يقع التشجيع على التحيل وذكر أنه يجب التفكير في آليات سهلة لتسوية الوضعيات لأن المقصود من كل عفو هو إعادة إدماج الناشطين.
وتطرق النائب عبد الجليل الهاني إلى أسباب تقديم المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو في جريمة إصدار شيك دون رصيد وذكر أن هناك من استغلوا الشيكات لتحيل وكسب ثروة غير شرعية وأشار إلى أن المشرع منزه عن العبث وهو يرى أن قانون 2024 ساهم تطبيقه في تحسن قيمة الكتلة النقدية لتبلغ نحو 25 ألف مليار نقدا رغم أن البنوك لم تطور من نفسها في علاقة بوسائل الدفع المؤجلة وذكر أنه توجد «كارتالات» بنكية رفضت تطبيق القانون. ولاحظ أن مقترح القانون غير دستوري وهو لا يحترم مبدأ الأمان القانوني ومبدأ المساواة ودعا إلى منح فرصة لتطبيق القانون عدد 41 لأن هذا القانون فيه عفو ومن أراد التمتع به فإنه قام بسوية وضعيته لكن هناك متحيلين لا يمكن التساهل معهم.
وتوقفت نجاة البراهمي أستاذة محاضرة بكلية الحقوق ومحامية لدى محكمة التعقيب عند الجدوى القانونية والجدوى الاقتصادية والجدوى الاجتماعية لسن قانون جديد في ظل وجود قانون صدر في أوت 2024 وبينت أن هذا الخيار من حيث الجدوى القانونية غير سليم وغير مرحب به على مستوى الأمن القانوني وهو من حيث الجدوى الاقتصادية غير ممكن في غياب توفر إحصائيات دقيقة موحدة أما من حيث الجدوى الاجتماعية فإن المقترح حرص على وضعية الساحب أكثر من المستفيد وخلصت إلى أنه يمكن اعتماد مقترح القانون لكن يجب مراقبة تنفيذ القانون عدد 41 لسنة 2024 لأنه تضمن آليات من شأنها أن تنصهر في منظومة نزع التجريم ويجب منح فرصة لنضج هذه الآليات وأن يتم لاحقا تقييم آليات المراجعة والتسوية قبل سن قانون جديد.
وذكرت الأستاذة أسماء الشنوفي أن القضاء لديه سلطة تقديرية في علاقة بالمخدرات وبينت أنه يمكن للمشرع أن يمنح العفو لمن زلت بهم القدم لمرة واحدة وإثرها يتم تقييم جدوى هذا الإجراء، وترى أنه من المبكر سن عفو ولكن في صورة سن هذا العفو يجب منحه إلى من يستحق العفو أي لمن زلت بهم القدم مرة واحدة وليس للمتحيلين.
وخلال اختتام اليوم الدراسي أشار إبراهيم بودربالة رئيس المجلس النيابي إلى أن المشرع التونسي هو وظيفة من وظائف الدولة وفي صورة إقراره العفو تصبح الدولة التونسية مطالبة بالتعويض. ودعا النواب إلى دراسة التبعات القانونية لكل نص يتم سنه من قبل المشرع لأن أعمال المشرع مصانة من العبث.
سعيدة بوهلال