تتجه أنظار أهل الفن بمختلف تفرعاته إلى مكتب رئاسة البرلمان بفارغ الصبر، وكلهم تفاؤل لتحديد موعد الجلسة العامة التي سيتم تخصيصها لمناقشة مشروع «قانون الفنان» والمصادقة عليه، وهو القانون الذي ما زال يراوح مكانه منذ انطلاق أول فكرة لإعداده سنة 2016. لقد استبشر أهل القطاع الفني بالإعلان عن إعداد وإنجاز النسخة النهائية لمشروع القانون، وموافقة لجنة الثقافة بمجلس النواب عليه، ليبقى الأمر رهين تحديد موعد للنظر فيه من طرف مجلس النواب.
وفي مراسلة إلى رئاسة مجلس نواب الشعب، طالبت نقابة المهن الموسيقية والمهن المجاورة، ممثلة في رئيسها الفنان ماهر الهمامي، بضرورة الإسراع في تحديد يوم دراسي خاص بمشروع «قانون الفنان والمهن الفنية»، وذلك قبل تحديد تاريخ الجلسة العامة المخصصة للمصادقة عليه.
وأكدت النقابة في الرسالة الموجّهة إلى رئاسة مجلس النواب أن «هذا المشروع طال انتظاره من قبل آلاف المتدخلين في الشأن الثقافي والفني، لما يمثله من ضرورة اجتماعية وصحية وتنظيمية للقطاع، وخاصة لما له من دور في القطع مع سنوات التهميش التي أضرّت بالمجال الفني والمبدعين فيه»، كما جاء في نص المراسلة. والأمل يحدو كل المبدعين وأهل الشأن الثقافي والفني أن يكون ذلك قبل العطلة النيابية، ليتم بذلك وضع النهاية لانتظار امتد على طول 9 سنوات. والكل يحدوه الأمل في الاستجابة لهذا الطلب لأجل قانون أكّد كل من اطّلع على بعض تفاصيله أنه منصف لكل المهن الموسيقية والمهن المجاورة، وواضح في أحكامه وفي علاقة المبدع مع كل الأطراف المتداخلة في الشأن الفني والإبداعي.
وقد بدأت الفصول الأولى لمشروع القانون سنة 2016، بتسلّم سنية مبارك مقاليد وزارة الشؤون الثقافية في عهد حكومة الحبيب الصيد، حيث جعلت من أولوياتها إصدار «قانون الفنان» الذي استقبلته الساحة الفنية بارتياح كبير، وانطلقت لجنة مختصة تحت الإشراف القانوني للمحامي أحمد بن حسانة في إعداد مختلف تفاصيل هذا القانون المنظم للقطاع.
وتم في أوت 2016 إعداد المسودة الأولى لمشروع القانون، وعرضها على عموم الفنانين. وجاء التحوير الوزاري بتسلّم الدكتور محمد زين العابدين مقاليد وزارة الشؤون الثقافية يوم 20 أوت 2016، مع تواصل العمل والنقاشات مع الفنانين بخصوص مشروع القانون، الذي شهد تطويرًا في العديد من فصوله، وتنمية بعضها بناءً على التوافقات بين أهل القطاع، ليتم عرض النسخة الأولى منه على نواب البرلمان في 2017. واستقر الرأي على مواصلة العمل من خلال تنويع النقاشات حوله على امتداد سنتي 2018 و2019، من خلال تشريك كل الأطياف الفنية والإبداعية والمهن الإبداعية.
ومع تسلّم شيراز العتيري وزارة الشؤون الثقافية خلفًا للدكتور محمد زين العابدين، تم في إطار تطوير القانون، بعث ورشات تفكير في السينما والموسيقى والفنون التشكيلية والمسرح وورشة العقود. وقد اشتغلت هذه الورشات تحت إشراف المحامي أحمد بن حسانة طيلة سنة كاملة، إلى جانب توسيع الاستشارة من خلال مشاركة هامة وفاعلة للهياكل المهنية، من نقابات واتحادات وجمعيات وفنانين فرادى، ليتم التوصل إلى صيغة نهائية للمشروع تم عرضها على مجلس نواب الشعب، غير أن القرار الرئاسي بتعليق أعمال مجلس النواب يوم 25 جويلية 2021 أجّل النظر فيه.
وكان في الحسبان عرض مشروع القانون على مجلس النواب الجديد، إلا أن وزيرة الشؤون الثقافية الجديدة آنذاك، حياة قطاط القرمازي، فضّلت إعداد مشروع جديد للقانون بعد رفضها القانون الذي كان من المفروض عرضه على التصويت. وتم بعث لجنة جديدة تحت إشرافها، لكن اللجنة لم تحظَ بإجماع الأطياف الفنية والثقافية، حتى إن البعض أصرّ على استعادة المشروع الذي كان على رفوف مجلس النواب المنحل، مع إحيائه ومراجعته، وتحيين بعض فصوله، وتطوير بعض أحكامه، ثم تقديمه إلى كتل نيابية في البرلمان الجديد المنتخب في 2022، فتبنّته كمبادرة تشريعية صادقت عليها لجنة الثقافة بالبرلمان، في انتظار تحديد موعد لعرضه على الجلسة العامة للنظر فيه، وربما المصادقة عليه.
قراءة في فصول مشروع القانون
وفي حديثه عن بعض فصول «قانون الفنان»، أفاد المحامي أحمد بن حسانة، الذي عاش مختلف مراحل هذا القانون منذ 2016، قائلًا: يتضمن «قانون الفنان» المبادئ الأساسية التي يقوم عليها تنظيم المهن الفنية، ومن بينها على وجه الخصوص: حرية التعبير الفني والثقافي، وحماية حقوق التأليف، وتمتيع الفنان بأقصى ما يتمتع به غيره من الفئات والشرائح من حيث الامتيازات الجبائية والحوافز الاجتماعية، ودعم حق الفنان في التمتع بأجر عادل. كما يتضمن تحديدًا لعدة مفاهيم أساسية، من بينها تعريف الفنان المحترف.
وبيّن المتحدث أن مشروع القانون قسّم الفنان إلى: محترف متفرغ، ومحترف غير متفرغ، وفنان غير محترف. ويحدّد القانون –والكلام له– الخطوط الرئيسية والشروط الأساسية لبطاقة الاحتراف أو البطاقة المهنية. كما ضبط أهم مجالات المهن الفنية، وهي كل المهن المرتبطة بالتأليف، والأداء، وسائر المهن التقنية والإدارية التي تساهم بشكل مباشر في إنجاز المصنّف الفني أو أدائه أو تثبيته على دعامة، أو إتاحته للعموم في مختلف المجالات الفنية، أهمها: الفنون الأدبية، الفنون الموسيقية، الفنون السمعية البصرية، الفنون السينمائية، الفنون التشكيلية، وفنون الشارع، وغيرها من المجالات.
كما تضمن مشروع القانون أحكامًا خاصة بـ»العقد الفني»، وبمحترفي المهن الفنية الأجانب، وأحكامًا خاصة بالأطفال، مشيرًا إلى أن من الإضافات النوعية لمشروع القانون هو إقرار نظام تغطية اجتماعية لفائدة محترفي المهن الفنية، يراعي خصوصية العمل في المجال الفني، خاصة فيما يتعلق بتقطع فترات العمل، سواء كان الفنان أو التقني أو الإداري أجيرًا أو غير أجير.
ويقضي مشروع القانون بإقرار منحة للمبدع عندما ينقطع وقتيًا عن العمل. وفي إطار تنويع الموارد، يقترح مشروع القانون موارد جديدة على غرار «طابع المساهمة الفنية»، الذي يذهب للمساهمة في تمويل نظام التغطية الاجتماعية للفنانين في إطار تشجيع الإنتاج الوطني. كما أقرّ هذا القانون نسبة دنيا لابد أن تخصصها منشآت الاتصال السمعي والسمعي البصري، العمومية والخاصة، من بثها للمصنّفات الوطنية من حيث التأليف والإنتاج والأداء.
إلى جانب ذلك، أقرّ ما يسمى بـ»النسبة الفنية»، وهي تخصيص نسبة من الميزانيات التي ترصدها الدولة والمؤسسات العمومية الإدارية وغير الإدارية لمشاريع البنايات المدنية، والمصحّات، والمنتزهات العمومية، لإنجاز واقتناء أعمال فنية تُدمج ضمن البناية المزمع تشييدها أو توسيعها أو إعادة تأهيلها.
وأكد بن حسانة أن مشروع القانون هو دعم لمكانة المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ودعم صلاحياتها في مجال حقوق التأليف لإيصال الحقوق لأصحابها.
والسؤال المطروح اليوم: هل تتم مناقشة مشروع القانون والمصادقة عليه قبل العطلة النيابية؟
محسن بن أحمد
تتجه أنظار أهل الفن بمختلف تفرعاته إلى مكتب رئاسة البرلمان بفارغ الصبر، وكلهم تفاؤل لتحديد موعد الجلسة العامة التي سيتم تخصيصها لمناقشة مشروع «قانون الفنان» والمصادقة عليه، وهو القانون الذي ما زال يراوح مكانه منذ انطلاق أول فكرة لإعداده سنة 2016. لقد استبشر أهل القطاع الفني بالإعلان عن إعداد وإنجاز النسخة النهائية لمشروع القانون، وموافقة لجنة الثقافة بمجلس النواب عليه، ليبقى الأمر رهين تحديد موعد للنظر فيه من طرف مجلس النواب.
وفي مراسلة إلى رئاسة مجلس نواب الشعب، طالبت نقابة المهن الموسيقية والمهن المجاورة، ممثلة في رئيسها الفنان ماهر الهمامي، بضرورة الإسراع في تحديد يوم دراسي خاص بمشروع «قانون الفنان والمهن الفنية»، وذلك قبل تحديد تاريخ الجلسة العامة المخصصة للمصادقة عليه.
وأكدت النقابة في الرسالة الموجّهة إلى رئاسة مجلس النواب أن «هذا المشروع طال انتظاره من قبل آلاف المتدخلين في الشأن الثقافي والفني، لما يمثله من ضرورة اجتماعية وصحية وتنظيمية للقطاع، وخاصة لما له من دور في القطع مع سنوات التهميش التي أضرّت بالمجال الفني والمبدعين فيه»، كما جاء في نص المراسلة. والأمل يحدو كل المبدعين وأهل الشأن الثقافي والفني أن يكون ذلك قبل العطلة النيابية، ليتم بذلك وضع النهاية لانتظار امتد على طول 9 سنوات. والكل يحدوه الأمل في الاستجابة لهذا الطلب لأجل قانون أكّد كل من اطّلع على بعض تفاصيله أنه منصف لكل المهن الموسيقية والمهن المجاورة، وواضح في أحكامه وفي علاقة المبدع مع كل الأطراف المتداخلة في الشأن الفني والإبداعي.
وقد بدأت الفصول الأولى لمشروع القانون سنة 2016، بتسلّم سنية مبارك مقاليد وزارة الشؤون الثقافية في عهد حكومة الحبيب الصيد، حيث جعلت من أولوياتها إصدار «قانون الفنان» الذي استقبلته الساحة الفنية بارتياح كبير، وانطلقت لجنة مختصة تحت الإشراف القانوني للمحامي أحمد بن حسانة في إعداد مختلف تفاصيل هذا القانون المنظم للقطاع.
وتم في أوت 2016 إعداد المسودة الأولى لمشروع القانون، وعرضها على عموم الفنانين. وجاء التحوير الوزاري بتسلّم الدكتور محمد زين العابدين مقاليد وزارة الشؤون الثقافية يوم 20 أوت 2016، مع تواصل العمل والنقاشات مع الفنانين بخصوص مشروع القانون، الذي شهد تطويرًا في العديد من فصوله، وتنمية بعضها بناءً على التوافقات بين أهل القطاع، ليتم عرض النسخة الأولى منه على نواب البرلمان في 2017. واستقر الرأي على مواصلة العمل من خلال تنويع النقاشات حوله على امتداد سنتي 2018 و2019، من خلال تشريك كل الأطياف الفنية والإبداعية والمهن الإبداعية.
ومع تسلّم شيراز العتيري وزارة الشؤون الثقافية خلفًا للدكتور محمد زين العابدين، تم في إطار تطوير القانون، بعث ورشات تفكير في السينما والموسيقى والفنون التشكيلية والمسرح وورشة العقود. وقد اشتغلت هذه الورشات تحت إشراف المحامي أحمد بن حسانة طيلة سنة كاملة، إلى جانب توسيع الاستشارة من خلال مشاركة هامة وفاعلة للهياكل المهنية، من نقابات واتحادات وجمعيات وفنانين فرادى، ليتم التوصل إلى صيغة نهائية للمشروع تم عرضها على مجلس نواب الشعب، غير أن القرار الرئاسي بتعليق أعمال مجلس النواب يوم 25 جويلية 2021 أجّل النظر فيه.
وكان في الحسبان عرض مشروع القانون على مجلس النواب الجديد، إلا أن وزيرة الشؤون الثقافية الجديدة آنذاك، حياة قطاط القرمازي، فضّلت إعداد مشروع جديد للقانون بعد رفضها القانون الذي كان من المفروض عرضه على التصويت. وتم بعث لجنة جديدة تحت إشرافها، لكن اللجنة لم تحظَ بإجماع الأطياف الفنية والثقافية، حتى إن البعض أصرّ على استعادة المشروع الذي كان على رفوف مجلس النواب المنحل، مع إحيائه ومراجعته، وتحيين بعض فصوله، وتطوير بعض أحكامه، ثم تقديمه إلى كتل نيابية في البرلمان الجديد المنتخب في 2022، فتبنّته كمبادرة تشريعية صادقت عليها لجنة الثقافة بالبرلمان، في انتظار تحديد موعد لعرضه على الجلسة العامة للنظر فيه، وربما المصادقة عليه.
قراءة في فصول مشروع القانون
وفي حديثه عن بعض فصول «قانون الفنان»، أفاد المحامي أحمد بن حسانة، الذي عاش مختلف مراحل هذا القانون منذ 2016، قائلًا: يتضمن «قانون الفنان» المبادئ الأساسية التي يقوم عليها تنظيم المهن الفنية، ومن بينها على وجه الخصوص: حرية التعبير الفني والثقافي، وحماية حقوق التأليف، وتمتيع الفنان بأقصى ما يتمتع به غيره من الفئات والشرائح من حيث الامتيازات الجبائية والحوافز الاجتماعية، ودعم حق الفنان في التمتع بأجر عادل. كما يتضمن تحديدًا لعدة مفاهيم أساسية، من بينها تعريف الفنان المحترف.
وبيّن المتحدث أن مشروع القانون قسّم الفنان إلى: محترف متفرغ، ومحترف غير متفرغ، وفنان غير محترف. ويحدّد القانون –والكلام له– الخطوط الرئيسية والشروط الأساسية لبطاقة الاحتراف أو البطاقة المهنية. كما ضبط أهم مجالات المهن الفنية، وهي كل المهن المرتبطة بالتأليف، والأداء، وسائر المهن التقنية والإدارية التي تساهم بشكل مباشر في إنجاز المصنّف الفني أو أدائه أو تثبيته على دعامة، أو إتاحته للعموم في مختلف المجالات الفنية، أهمها: الفنون الأدبية، الفنون الموسيقية، الفنون السمعية البصرية، الفنون السينمائية، الفنون التشكيلية، وفنون الشارع، وغيرها من المجالات.
كما تضمن مشروع القانون أحكامًا خاصة بـ»العقد الفني»، وبمحترفي المهن الفنية الأجانب، وأحكامًا خاصة بالأطفال، مشيرًا إلى أن من الإضافات النوعية لمشروع القانون هو إقرار نظام تغطية اجتماعية لفائدة محترفي المهن الفنية، يراعي خصوصية العمل في المجال الفني، خاصة فيما يتعلق بتقطع فترات العمل، سواء كان الفنان أو التقني أو الإداري أجيرًا أو غير أجير.
ويقضي مشروع القانون بإقرار منحة للمبدع عندما ينقطع وقتيًا عن العمل. وفي إطار تنويع الموارد، يقترح مشروع القانون موارد جديدة على غرار «طابع المساهمة الفنية»، الذي يذهب للمساهمة في تمويل نظام التغطية الاجتماعية للفنانين في إطار تشجيع الإنتاج الوطني. كما أقرّ هذا القانون نسبة دنيا لابد أن تخصصها منشآت الاتصال السمعي والسمعي البصري، العمومية والخاصة، من بثها للمصنّفات الوطنية من حيث التأليف والإنتاج والأداء.
إلى جانب ذلك، أقرّ ما يسمى بـ»النسبة الفنية»، وهي تخصيص نسبة من الميزانيات التي ترصدها الدولة والمؤسسات العمومية الإدارية وغير الإدارية لمشاريع البنايات المدنية، والمصحّات، والمنتزهات العمومية، لإنجاز واقتناء أعمال فنية تُدمج ضمن البناية المزمع تشييدها أو توسيعها أو إعادة تأهيلها.
وأكد بن حسانة أن مشروع القانون هو دعم لمكانة المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ودعم صلاحياتها في مجال حقوق التأليف لإيصال الحقوق لأصحابها.
والسؤال المطروح اليوم: هل تتم مناقشة مشروع القانون والمصادقة عليه قبل العطلة النيابية؟