رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري لـ«الصباح»: قريبا مشروع قانون في علاقة بمنظومة الأعلاف والألبان والإنتاج الحيواني
رئيس نقابة الفلاحين لـ»الصباح: المحافظة على دوائر الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي يتطلب تفعيل دور المراقبة»
انقضت مناسبة عيد الأضحى المبارك، محملة بالكثير من الدعوات والتوصيات من قبل عدد من المنظمات المدنية والهياكل القطاعية، بعد رصدها لجملة من الإخلالات التي صاحبت هذه المناسبة، خاصة على مستوى العرض والطلب للأضاحي في الأسواق وما تبعها من ظواهر، مثل الاحتكار والمضاربة، وما أثارته من جدل حول حقيقة الإنتاج الوطني الحيواني، وتأتي هذه التوصيات تزامنا مع بدء تفعيل الدولة لإستراتيجيتها في هذا القطاع.
في سياق متصل أفاد رئيس نقابة الفلاحين، الضاوي الميداني في تصريح لـ»الصباح» بأن أبرز الأسباب التي أدت الى رصد إخلالات في الأسواق المخصصة في بيع الأضاحي، تكمن بالأساس في الإشكاليات التي تصاحب دوائر الإنتاج وعلى رأسها النقص الكبير في الأم المنتجة بناء على مرور البلاد بسنوات جفاف، مبينا أن النقص هو الذي تسبب في الاحتكار والمضاربة في الأسواق ولا يوجد سبب آخر، على حد تعبيره.
تشريعات جديدة سيتم عرضها للمصادقة
ولم تكن السلطة التشريعية بعيدة عن تقييم وضع منظومة الإنتاج الحيواني في البلاد، بل انخرطت هي الأخرى عبر إعداد تشريعات جديدة في هذا الغرض بعد تلقي لجنة الفلاحة والصيد البحري صلب مجلس الشعب جملة من التشكيات والاستماع لمشاغل الفلاحين بالأساس خلال جلسات متتالية، كان آخرها في 31 جانفي 2025، وتعمل حاليا اللجنة على استكمال مقترح مشروع قانون في علاقة بمنظومة الألبان والأعلاف، سيتم عرضة قريبا. حسب ما أعلن عنه رئيس اللجنة بلال المشري، في تصريحه لـ «الصباح».
وأكد المشري أن من أهم إشكاليات منظومة الإنتاج الحيواني هي منظومة الأعلاف التي تحوم حولها لوبيات، مما أدى الى ارتفاع تكلفة الإنتاج عموما، مشيرا الى وجود إشكاليات أخرى تم رصدها صلب اللجنة وأهمها الأضرار التي لحقت بالفلاحين جراء انتشار الأوبئة في صفوف القطيع في الآونة الأخيرة.
وطالب المشري في هذا السياق عبر «الصباح»، بضرورة تأمين تعويضات مادية للفلاحين، معتبرا أن الأموال المرصودة في قانون المالية لسنة 2025 لتشجيع مربي الأبقار ضعيفة، وتكرس مزيد التوجه نحو الاستيراد، الذي يضر أساسا الفلاحين والمربين.
وأضاف رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري أن هناك العديد من الإشكاليات الأخرى التي تسعى اللجنة الى طرحها من اجل إيجاد حلول عاجلة، على سبيل المثال، الأضرار الجسيمة التي لحقت بعدد كبير من الفلاحين في الفترة الأخيرة بسبب سرقات القطيع، التي أصبحت ظاهرة خطيرة تهددهم، حسب قوله.
منظمات مدنية وهياكل قطاعية على الخط
في جانب آخر من حديثه حول نفس الموضوع، أضاف الميداني في ذات التصريح، أنه من الضروري اليوم الوقوف عند أبرز هذه الأسباب والإشكاليات، من قبل الهياكل المتدخلة والمنظمات المدنية، لمعاضدة جهود الدولة، بهدف تجنبها مستقبلا، وتمكين كل التونسيين من أداء شعيرة العيد في أحسن الظروف، مشيرا الى أن الاستيراد شر لابد منه، وهو ضروري في حال نقصان الإنتاج الحيواني المحلي من الأضاحي، شريطة أن يكون الاستيراد فقط للام المنتجة، حسب تأكيده.
كما اعتبر الميداني أنه من الضروري اليوم إعادة دور المسالخ ومزيد تفعيل دور المراقبة وتجريم ذبح الأم المنتجة، وتوسيع الومضات التوعية والمعرفة في هذا المجال بين التونسيين عبر وسائل الإعلام، مشيرا الى «أهمية تفعيل كل هذه الآليات التي من شأنها أن تساهم في تجاوز الإشكاليات في السنوات المقبلة، خاصة وأن تونس اليوم تعرف فترة انفراج على مستوى انخفاض تكاليف الأعلاف، حتى أن لدينا اليوم فائضا في الأعلاف الخشنة»، وفق تصريحه.
وكانت لتونس تجربة نموذجية في استيراد «الأم المنتجة» من قطيع الأبقار في السنوات المنقضية، والتي نجحت فيها من خلال زيادة عدد القطيع وتزويد السوق، مما نتج عنه وفرة في العرض وأثر إيجابيا على الأسعار التي كانت في المتناول خلال الآونة الأخيرة، كما ساهمت هذه الخطوة في زيادة الإنتاج الوطني الحيواني في قطيع الأبقار، مما يؤكد أن هذه التجربة إذا ما تم تعميمها مع بقية أنواع القطيع من أغنام وإبل ستؤمن الاكتفاء الذاتي الوطني من الإنتاج الحيواني في السنوات القادمة دون اللجوء الى الاستيراد.
من جهتها، أصدرت المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، بيانا عبرت فيه عن انشغالها بما تم رصده من إخلالات سبقت الاحتفال بعيد الأضحى، وأوضح رئيس المنظمة لطفي الرياحي في تصريح لـ»الصباح» أنه من الضروري اليوم الوقوف عند هذه الإشكاليات لتجنبها مستقبلا، داعيا الى ضرورة تدخل الدولة عن طريق فتح تحقيق شامل ومحاسبة كافة الأطراف المتورطة مع أهمية وضع خطة وطنية عادلة ومستدامة لضمان التوازن في سوق الأضاحي، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وأضاف الرياحي أن من أهم الإجراءات التي تضرب الاحتكار وكل التجاوزات هي تسقيف الأسعار لدى تجار التفصيل وتحديد هوامش الربح القصوى في جميع حلقات سلسلة من الإنتاج إلى تاجر التفصيل، مع أهمية إرساء آلية لهيكلة أسعار المنتوجات والخدمات وذلك بإشراف رئاسة الحكومة، حسب تعبيره.
إجراءات حكومية جديدة تدعم القطاع
وتأتي هذه الدعوات من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني وبعض الهياكل المتدخلة في قطاع الفلاحة والتجارة في الوقت الذي شرعت فيه الدولة في تفعيل رؤيتها المستقبلية لزيادة الإنتاج الحيواني عموما، هذه الاستراتيجية التي تعتمد من خلالها على دعم المربين، تحسين البنية التحتية، ومواجهة التحديات الهيكلية.
ومن أبرز الإجراءات الجديدة التي جاء بها قانون المالية لسنة 2025، وهي عبارة عن إجراءات حكومية تحفيزية وداعمة للقطاع، إطلاق خط تمويل بقيمة 7 ملايين دينار لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة في قطاعي الفلاحة والصيد البحري، وخط آخر بقيمة 10 ملايين دينار بشروط ميسرة .
كما تم إطلاق حوافز أخرى تدعم الإنتاج الحيواني لمربي الأبقار عند ولادة كل عجل أنثى، وإلغاء الرسوم الجمركية على استيراد إناث العجول حتى سنة 2028، فضلا عن دعم مواجهة الكوارث من خلال صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الكوارث الطبيعية .
من جهة أخرى، تعمل الدولة على تحسين السلالات عبر استيراد سلالات عالية الإنتاجية وتطبيق برامج التحسين الوراثي عبر التلقيح الصناعي والاختبارات الجينية، كما تعمل على تدعيم الرعاية الصحية من خلال تعزيز برامج التطعيم الدورية، مكافحة الطفيليات، والمراقبة المستمرة للأمراض المستجدة مثل «الجلد العقدي»، وبما أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت مهمة في كل القطاعات، فإن الدولة تتجه الى وضع خطة لاستخدام أنظمة إدارة الأعلاف، وأجهزة استشعار مراقبة الصحة، وتطوير نظم التصنيع الغذائي .
وفاء بن محمد
رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري لـ«الصباح»: قريبا مشروع قانون في علاقة بمنظومة الأعلاف والألبان والإنتاج الحيواني
رئيس نقابة الفلاحين لـ»الصباح: المحافظة على دوائر الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي يتطلب تفعيل دور المراقبة»
انقضت مناسبة عيد الأضحى المبارك، محملة بالكثير من الدعوات والتوصيات من قبل عدد من المنظمات المدنية والهياكل القطاعية، بعد رصدها لجملة من الإخلالات التي صاحبت هذه المناسبة، خاصة على مستوى العرض والطلب للأضاحي في الأسواق وما تبعها من ظواهر، مثل الاحتكار والمضاربة، وما أثارته من جدل حول حقيقة الإنتاج الوطني الحيواني، وتأتي هذه التوصيات تزامنا مع بدء تفعيل الدولة لإستراتيجيتها في هذا القطاع.
في سياق متصل أفاد رئيس نقابة الفلاحين، الضاوي الميداني في تصريح لـ»الصباح» بأن أبرز الأسباب التي أدت الى رصد إخلالات في الأسواق المخصصة في بيع الأضاحي، تكمن بالأساس في الإشكاليات التي تصاحب دوائر الإنتاج وعلى رأسها النقص الكبير في الأم المنتجة بناء على مرور البلاد بسنوات جفاف، مبينا أن النقص هو الذي تسبب في الاحتكار والمضاربة في الأسواق ولا يوجد سبب آخر، على حد تعبيره.
تشريعات جديدة سيتم عرضها للمصادقة
ولم تكن السلطة التشريعية بعيدة عن تقييم وضع منظومة الإنتاج الحيواني في البلاد، بل انخرطت هي الأخرى عبر إعداد تشريعات جديدة في هذا الغرض بعد تلقي لجنة الفلاحة والصيد البحري صلب مجلس الشعب جملة من التشكيات والاستماع لمشاغل الفلاحين بالأساس خلال جلسات متتالية، كان آخرها في 31 جانفي 2025، وتعمل حاليا اللجنة على استكمال مقترح مشروع قانون في علاقة بمنظومة الألبان والأعلاف، سيتم عرضة قريبا. حسب ما أعلن عنه رئيس اللجنة بلال المشري، في تصريحه لـ «الصباح».
وأكد المشري أن من أهم إشكاليات منظومة الإنتاج الحيواني هي منظومة الأعلاف التي تحوم حولها لوبيات، مما أدى الى ارتفاع تكلفة الإنتاج عموما، مشيرا الى وجود إشكاليات أخرى تم رصدها صلب اللجنة وأهمها الأضرار التي لحقت بالفلاحين جراء انتشار الأوبئة في صفوف القطيع في الآونة الأخيرة.
وطالب المشري في هذا السياق عبر «الصباح»، بضرورة تأمين تعويضات مادية للفلاحين، معتبرا أن الأموال المرصودة في قانون المالية لسنة 2025 لتشجيع مربي الأبقار ضعيفة، وتكرس مزيد التوجه نحو الاستيراد، الذي يضر أساسا الفلاحين والمربين.
وأضاف رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري أن هناك العديد من الإشكاليات الأخرى التي تسعى اللجنة الى طرحها من اجل إيجاد حلول عاجلة، على سبيل المثال، الأضرار الجسيمة التي لحقت بعدد كبير من الفلاحين في الفترة الأخيرة بسبب سرقات القطيع، التي أصبحت ظاهرة خطيرة تهددهم، حسب قوله.
منظمات مدنية وهياكل قطاعية على الخط
في جانب آخر من حديثه حول نفس الموضوع، أضاف الميداني في ذات التصريح، أنه من الضروري اليوم الوقوف عند أبرز هذه الأسباب والإشكاليات، من قبل الهياكل المتدخلة والمنظمات المدنية، لمعاضدة جهود الدولة، بهدف تجنبها مستقبلا، وتمكين كل التونسيين من أداء شعيرة العيد في أحسن الظروف، مشيرا الى أن الاستيراد شر لابد منه، وهو ضروري في حال نقصان الإنتاج الحيواني المحلي من الأضاحي، شريطة أن يكون الاستيراد فقط للام المنتجة، حسب تأكيده.
كما اعتبر الميداني أنه من الضروري اليوم إعادة دور المسالخ ومزيد تفعيل دور المراقبة وتجريم ذبح الأم المنتجة، وتوسيع الومضات التوعية والمعرفة في هذا المجال بين التونسيين عبر وسائل الإعلام، مشيرا الى «أهمية تفعيل كل هذه الآليات التي من شأنها أن تساهم في تجاوز الإشكاليات في السنوات المقبلة، خاصة وأن تونس اليوم تعرف فترة انفراج على مستوى انخفاض تكاليف الأعلاف، حتى أن لدينا اليوم فائضا في الأعلاف الخشنة»، وفق تصريحه.
وكانت لتونس تجربة نموذجية في استيراد «الأم المنتجة» من قطيع الأبقار في السنوات المنقضية، والتي نجحت فيها من خلال زيادة عدد القطيع وتزويد السوق، مما نتج عنه وفرة في العرض وأثر إيجابيا على الأسعار التي كانت في المتناول خلال الآونة الأخيرة، كما ساهمت هذه الخطوة في زيادة الإنتاج الوطني الحيواني في قطيع الأبقار، مما يؤكد أن هذه التجربة إذا ما تم تعميمها مع بقية أنواع القطيع من أغنام وإبل ستؤمن الاكتفاء الذاتي الوطني من الإنتاج الحيواني في السنوات القادمة دون اللجوء الى الاستيراد.
من جهتها، أصدرت المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، بيانا عبرت فيه عن انشغالها بما تم رصده من إخلالات سبقت الاحتفال بعيد الأضحى، وأوضح رئيس المنظمة لطفي الرياحي في تصريح لـ»الصباح» أنه من الضروري اليوم الوقوف عند هذه الإشكاليات لتجنبها مستقبلا، داعيا الى ضرورة تدخل الدولة عن طريق فتح تحقيق شامل ومحاسبة كافة الأطراف المتورطة مع أهمية وضع خطة وطنية عادلة ومستدامة لضمان التوازن في سوق الأضاحي، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وأضاف الرياحي أن من أهم الإجراءات التي تضرب الاحتكار وكل التجاوزات هي تسقيف الأسعار لدى تجار التفصيل وتحديد هوامش الربح القصوى في جميع حلقات سلسلة من الإنتاج إلى تاجر التفصيل، مع أهمية إرساء آلية لهيكلة أسعار المنتوجات والخدمات وذلك بإشراف رئاسة الحكومة، حسب تعبيره.
إجراءات حكومية جديدة تدعم القطاع
وتأتي هذه الدعوات من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني وبعض الهياكل المتدخلة في قطاع الفلاحة والتجارة في الوقت الذي شرعت فيه الدولة في تفعيل رؤيتها المستقبلية لزيادة الإنتاج الحيواني عموما، هذه الاستراتيجية التي تعتمد من خلالها على دعم المربين، تحسين البنية التحتية، ومواجهة التحديات الهيكلية.
ومن أبرز الإجراءات الجديدة التي جاء بها قانون المالية لسنة 2025، وهي عبارة عن إجراءات حكومية تحفيزية وداعمة للقطاع، إطلاق خط تمويل بقيمة 7 ملايين دينار لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة في قطاعي الفلاحة والصيد البحري، وخط آخر بقيمة 10 ملايين دينار بشروط ميسرة .
كما تم إطلاق حوافز أخرى تدعم الإنتاج الحيواني لمربي الأبقار عند ولادة كل عجل أنثى، وإلغاء الرسوم الجمركية على استيراد إناث العجول حتى سنة 2028، فضلا عن دعم مواجهة الكوارث من خلال صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الكوارث الطبيعية .
من جهة أخرى، تعمل الدولة على تحسين السلالات عبر استيراد سلالات عالية الإنتاجية وتطبيق برامج التحسين الوراثي عبر التلقيح الصناعي والاختبارات الجينية، كما تعمل على تدعيم الرعاية الصحية من خلال تعزيز برامج التطعيم الدورية، مكافحة الطفيليات، والمراقبة المستمرة للأمراض المستجدة مثل «الجلد العقدي»، وبما أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت مهمة في كل القطاعات، فإن الدولة تتجه الى وضع خطة لاستخدام أنظمة إدارة الأعلاف، وأجهزة استشعار مراقبة الصحة، وتطوير نظم التصنيع الغذائي .