مؤشر على استقرار الاقتصاد وقدرته على الصمود.. الدينار التونسي ينتعش مجددا أمام الدولار والأورو
مقالات الصباح
شهد الدينار التونسي خلال الأشهر الأخيرة تحسنًا ملحوظًا في قيمته مقابل العملات الأجنبية الرئيسية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي واليورو، مما يعكس إشارات إيجابية للاقتصاد المحلي. ووفقًا للمؤشرات النقدية والمالية التي نشرها البنك المركزي التونسي يوم الجمعة 30 ماي 2025، ارتفع سعر صرف الدينار مقابل الدولار بنسبة 4.14 %، حيث بلغت قيمة الدولار 2.98 دينار يوم الأربعاء 28 ماي 2025، مقارنة بـ3.11 دينار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
كما تطورت قيمة الدينار مقابل اليورو بنسبة 0.52 %، إذ أصبحت قيمة العملة الأوروبية الموحدة 3.36 دينار مقارنة بـ3.39 دينار قبل سنة. هذه المؤشرات تحمل دلالات إيجابية عديدة على انتعاش الاقتصاد التونسي، رغم التحديات التي تواجهه.
أهمية تحسن سعر الصرف
ووفق ما أفاد به بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن تحسن سعر صرف العملة الوطنية يُعد من أبرز المؤشرات على استقرار الاقتصاد الكلي، وله تأثير مباشر على عدة قطاعات. في حالة الدينار التونسي، فإن ارتفاع قيمته يعزز القدرة الشرائية للمواطنين ويخفف من عبء التضخم الناجم عن ارتفاع تكاليف الاستيراد. كما أن هذا التحسن يُسهم في تقليل تكلفة الديون الخارجية، التي تُسدد عادة بالعملات الصعبة، مما يخفف من الضغط على المالية العامة ويتيح للحكومة توجيه الموارد نحو دعم القطاعات الحيوية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تحسن سعر صرف الدينار يعزز من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في الاقتصاد التونسي. فارتفاع قيمة العملة الوطنية يُعد إشارة إلى استقرار الاقتصاد، وقدرته على الصمود أمام التحديات، مما قد يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما أن هذا التحسن يُشجع على زيادة النشاط في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعة والتصدير، ما يساهم في دعم النمو الاقتصادي.
أسباب الانتعاشة الأخيرة
ويشترك جل خبراء الاقتصاد اليوم، أن التحسن في قيمة الدينار التونسي، يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها السياسات النقدية الحكيمة التي انتهجها البنك المركزي التونسي. فقد نجح البنك في تحقيق توازن بين احتواء التضخم وضمان استقرار سعر الصرف، رغم التحديات الاقتصادية العالمية. كما أن تخفيض نسبة الفائدة المديرية ساهم في تحفيز الاستثمار وزيادة النشاط الاقتصادي، ما انعكس إيجابيًا على قيمة العملة الوطنية.
إلى جانب ذلك، فإن تحسين الاحتياطي من العملة الأجنبية كان له دور كبير في دعم الدينار التونسي. ورغم التراجع الظرفي لمدخرات البلاد من العملة الأجنبية، التي بلغت حاليًا 22.6 مليار دينار (ما يعادل 98 يوم توريد) مقارنة بـ22.7 مليار دينار (103 أيام توريد) في ماي 2024، إلا أن هذا الاحتياطي لا يزال كافيًا لضمان استقرار سعر الصرف.
كما أن الالتزام بسداد الديون الخارجية في آجالها بنسبة 46 % يعكس جدية تونس في الوفاء بالتزاماتها المالية، مما يعزز من الثقة الدولية في الاقتصاد التونسي. علاوة على ذلك، فإن تحسن أداء القطاعات الحيوية، مثل السياحة والصادرات، قد ساهم في زيادة تدفق العملة الصعبة إلى البلاد، ما دعم الدينار أمام العملات الأجنبية.
متى شهد الدينار التونسي تراجعًا؟
شهد الدينار التونسي تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية. من أبرز هذه العوامل، العجز التجاري الكبير الذي أدى إلى استنزاف الاحتياطي من العملة الأجنبية، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وضعف النمو الاقتصادي. كما أن الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية أثرت سلبًا على الثقة في الاقتصاد، مما أدى إلى انخفاض قيمة الدينار.
خلال الفترة بين 2017 و2020، كان الدينار التونسي يعاني من ضغوط كبيرة، حيث تراجعت قيمته بشكل كبير أمام الدولار واليورو. هذا التراجع كان نتيجة تدهور التوازنات المالية والاقتصادية، وزيادة الاعتماد على الاستيراد، مع ضعف أداء القطاعات المصدرة مثل الفسفاط والصناعات التحويلية.
متى استعاد الدينار التونسي قوته؟
بدأ الدينار التونسي في استعادة قوته تدريجيًا منذ عام 2021، مدعومًا بتحسن أداء الاقتصاد الكلي وتطبيق إصلاحات نقدية ومالية. وقد ساهمت السياسات التي انتهجها البنك المركزي، مثل التحكم في التضخم وتحسين إدارة الاحتياطي من العملة الأجنبية، في دعم استقرار الدينار. كما أن تحسن أداء القطاعات الحيوية، مثل السياحة، التي شهدت انتعاشًا ملحوظًا بعد جائحة كورونا، لعب دورًا كبيرًا في تعزيز تدفق العملة الصعبة.
في مارس 2025، أكد مجلس إدارة البنك المركزي أن الدينار التونسي واصل الحفاظ على استقراره أمام العملات الأجنبية الرئيسية، رغم التحديات الاقتصادية العالمية. هذا الصمود يُعزى إلى السياسات النقدية الرشيدة وتحسن أداء القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
آفاق إيجابية
مع استمرار تحسن سعر صرف الدينار التونسي، تبدو الآفاق إيجابية على المدى القصير والمتوسط. ومن المتوقع أن يؤدي تخفيض نسب الفائدة إلى زيادة النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصناعات التكنولوجية والسياحة. كما أن استقرار الدينار أمام العملات الأجنبية يُعزز من ثقة المستثمرين، ما يفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء، أن تحقيق نجاح مستدام يتطلب معالجة التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد التونسي. من بين هذه التحديات، ضرورة تحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات إستراتيجية شاملة في مجالات مثل الطاقة، والبنية التحتية.
ورغم التحسن الملحوظ، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الدينار التونسي. من أبرز هذه التحديات، استمرار العجز التجاري وارتفاع مستويات الديون الخارجية، التي تشكل ضغطًا على المالية العامة. كما أن تراجع مدخرات البلاد من العملة الأجنبية يتطلب من السلطات اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز الاحتياطي النقدي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية والتغيرات في الأسواق العالمية قد تؤثر على تدفقات العملة الصعبة إلى تونس، ما قد يضع ضغوطًا على سعر الصرف. ولتجاوز هذه التحديات، يتعين على الحكومة التونسية التركيز على تعزيز الصادرات وتنويع مصادر الدخل القومي، وهو الأمر الذي حث عليه مسؤولو البنك المركزي في اجتماعهم الأخير.
وإجمالا، يبقى تحسن سعر صرف الدينار التونسي أمام الدولار واليورو، مؤشرًا إيجابيًا، يعكس استقرار الاقتصاد المحلي، والسياسات النقدية الحكيمة التي انتهجها البنك المركزي. ومن شأن هذا التحسن أن يفتح آفاقًا واعدة للنمو الاقتصادي، ويعزز من ثقة المستثمرين في الاقتصاد التونسي. ومع ذلك، فإن تحقيق استقرار طويل الأمد يتطلب معالجة التحديات الهيكلية وتنفيذ إصلاحات شاملة لتعزيز تنافسية الاقتصاد ودفع عجلة التنمية.
سفيان المهداوي
شهد الدينار التونسي خلال الأشهر الأخيرة تحسنًا ملحوظًا في قيمته مقابل العملات الأجنبية الرئيسية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي واليورو، مما يعكس إشارات إيجابية للاقتصاد المحلي. ووفقًا للمؤشرات النقدية والمالية التي نشرها البنك المركزي التونسي يوم الجمعة 30 ماي 2025، ارتفع سعر صرف الدينار مقابل الدولار بنسبة 4.14 %، حيث بلغت قيمة الدولار 2.98 دينار يوم الأربعاء 28 ماي 2025، مقارنة بـ3.11 دينار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
كما تطورت قيمة الدينار مقابل اليورو بنسبة 0.52 %، إذ أصبحت قيمة العملة الأوروبية الموحدة 3.36 دينار مقارنة بـ3.39 دينار قبل سنة. هذه المؤشرات تحمل دلالات إيجابية عديدة على انتعاش الاقتصاد التونسي، رغم التحديات التي تواجهه.
أهمية تحسن سعر الصرف
ووفق ما أفاد به بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن تحسن سعر صرف العملة الوطنية يُعد من أبرز المؤشرات على استقرار الاقتصاد الكلي، وله تأثير مباشر على عدة قطاعات. في حالة الدينار التونسي، فإن ارتفاع قيمته يعزز القدرة الشرائية للمواطنين ويخفف من عبء التضخم الناجم عن ارتفاع تكاليف الاستيراد. كما أن هذا التحسن يُسهم في تقليل تكلفة الديون الخارجية، التي تُسدد عادة بالعملات الصعبة، مما يخفف من الضغط على المالية العامة ويتيح للحكومة توجيه الموارد نحو دعم القطاعات الحيوية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تحسن سعر صرف الدينار يعزز من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في الاقتصاد التونسي. فارتفاع قيمة العملة الوطنية يُعد إشارة إلى استقرار الاقتصاد، وقدرته على الصمود أمام التحديات، مما قد يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما أن هذا التحسن يُشجع على زيادة النشاط في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعة والتصدير، ما يساهم في دعم النمو الاقتصادي.
أسباب الانتعاشة الأخيرة
ويشترك جل خبراء الاقتصاد اليوم، أن التحسن في قيمة الدينار التونسي، يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها السياسات النقدية الحكيمة التي انتهجها البنك المركزي التونسي. فقد نجح البنك في تحقيق توازن بين احتواء التضخم وضمان استقرار سعر الصرف، رغم التحديات الاقتصادية العالمية. كما أن تخفيض نسبة الفائدة المديرية ساهم في تحفيز الاستثمار وزيادة النشاط الاقتصادي، ما انعكس إيجابيًا على قيمة العملة الوطنية.
إلى جانب ذلك، فإن تحسين الاحتياطي من العملة الأجنبية كان له دور كبير في دعم الدينار التونسي. ورغم التراجع الظرفي لمدخرات البلاد من العملة الأجنبية، التي بلغت حاليًا 22.6 مليار دينار (ما يعادل 98 يوم توريد) مقارنة بـ22.7 مليار دينار (103 أيام توريد) في ماي 2024، إلا أن هذا الاحتياطي لا يزال كافيًا لضمان استقرار سعر الصرف.
كما أن الالتزام بسداد الديون الخارجية في آجالها بنسبة 46 % يعكس جدية تونس في الوفاء بالتزاماتها المالية، مما يعزز من الثقة الدولية في الاقتصاد التونسي. علاوة على ذلك، فإن تحسن أداء القطاعات الحيوية، مثل السياحة والصادرات، قد ساهم في زيادة تدفق العملة الصعبة إلى البلاد، ما دعم الدينار أمام العملات الأجنبية.
متى شهد الدينار التونسي تراجعًا؟
شهد الدينار التونسي تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية. من أبرز هذه العوامل، العجز التجاري الكبير الذي أدى إلى استنزاف الاحتياطي من العملة الأجنبية، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وضعف النمو الاقتصادي. كما أن الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية أثرت سلبًا على الثقة في الاقتصاد، مما أدى إلى انخفاض قيمة الدينار.
خلال الفترة بين 2017 و2020، كان الدينار التونسي يعاني من ضغوط كبيرة، حيث تراجعت قيمته بشكل كبير أمام الدولار واليورو. هذا التراجع كان نتيجة تدهور التوازنات المالية والاقتصادية، وزيادة الاعتماد على الاستيراد، مع ضعف أداء القطاعات المصدرة مثل الفسفاط والصناعات التحويلية.
متى استعاد الدينار التونسي قوته؟
بدأ الدينار التونسي في استعادة قوته تدريجيًا منذ عام 2021، مدعومًا بتحسن أداء الاقتصاد الكلي وتطبيق إصلاحات نقدية ومالية. وقد ساهمت السياسات التي انتهجها البنك المركزي، مثل التحكم في التضخم وتحسين إدارة الاحتياطي من العملة الأجنبية، في دعم استقرار الدينار. كما أن تحسن أداء القطاعات الحيوية، مثل السياحة، التي شهدت انتعاشًا ملحوظًا بعد جائحة كورونا، لعب دورًا كبيرًا في تعزيز تدفق العملة الصعبة.
في مارس 2025، أكد مجلس إدارة البنك المركزي أن الدينار التونسي واصل الحفاظ على استقراره أمام العملات الأجنبية الرئيسية، رغم التحديات الاقتصادية العالمية. هذا الصمود يُعزى إلى السياسات النقدية الرشيدة وتحسن أداء القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
آفاق إيجابية
مع استمرار تحسن سعر صرف الدينار التونسي، تبدو الآفاق إيجابية على المدى القصير والمتوسط. ومن المتوقع أن يؤدي تخفيض نسب الفائدة إلى زيادة النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصناعات التكنولوجية والسياحة. كما أن استقرار الدينار أمام العملات الأجنبية يُعزز من ثقة المستثمرين، ما يفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء، أن تحقيق نجاح مستدام يتطلب معالجة التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد التونسي. من بين هذه التحديات، ضرورة تحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات إستراتيجية شاملة في مجالات مثل الطاقة، والبنية التحتية.
ورغم التحسن الملحوظ، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الدينار التونسي. من أبرز هذه التحديات، استمرار العجز التجاري وارتفاع مستويات الديون الخارجية، التي تشكل ضغطًا على المالية العامة. كما أن تراجع مدخرات البلاد من العملة الأجنبية يتطلب من السلطات اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز الاحتياطي النقدي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية والتغيرات في الأسواق العالمية قد تؤثر على تدفقات العملة الصعبة إلى تونس، ما قد يضع ضغوطًا على سعر الصرف. ولتجاوز هذه التحديات، يتعين على الحكومة التونسية التركيز على تعزيز الصادرات وتنويع مصادر الدخل القومي، وهو الأمر الذي حث عليه مسؤولو البنك المركزي في اجتماعهم الأخير.
وإجمالا، يبقى تحسن سعر صرف الدينار التونسي أمام الدولار واليورو، مؤشرًا إيجابيًا، يعكس استقرار الاقتصاد المحلي، والسياسات النقدية الحكيمة التي انتهجها البنك المركزي. ومن شأن هذا التحسن أن يفتح آفاقًا واعدة للنمو الاقتصادي، ويعزز من ثقة المستثمرين في الاقتصاد التونسي. ومع ذلك، فإن تحقيق استقرار طويل الأمد يتطلب معالجة التحديات الهيكلية وتنفيذ إصلاحات شاملة لتعزيز تنافسية الاقتصاد ودفع عجلة التنمية.
سفيان المهداوي