إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مؤشر‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬الصمود.. الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬ينتعش‭ ‬مجددا‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬والأورو

شهد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحسنًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬قيمته‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬واليورو،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬إشارات‭ ‬إيجابية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬المحلي‭. ‬ووفقًا‭ ‬للمؤشرات‭ ‬النقدية‭ ‬والمالية‭ ‬التي‭ ‬نشرها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬30‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬ارتفع‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬بنسبة‭ ‬4‭.‬14‭ %‬،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬الدولار‭ ‬2‭.‬98‭ ‬دينار‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬28‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ3‭.‬11‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬

كما‭ ‬تطورت‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬مقابل‭ ‬اليورو‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬52‭ %‬،‭ ‬إذ‭ ‬أصبحت‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الأوروبية‭ ‬الموحدة‭ ‬3‭.‬36‭ ‬دينار‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ3‭.‬39‭ ‬دينار‭ ‬قبل‭ ‬سنة‭. ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬تحمل‭ ‬دلالات‭ ‬إيجابية‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬انتعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهه‭.‬
أهمية‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬الصرف
ووفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المؤشرات‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي،‭ ‬وله‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬قطاعات‭. ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬فإن‭ ‬ارتفاع‭ ‬قيمته‭ ‬يعزز‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين‭ ‬ويخفف‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬التضخم‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الاستيراد‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحسن‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬تكلفة‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬تُسدد‭ ‬عادة‭ ‬بالعملات‭ ‬الصعبة،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬ويتيح‭ ‬للحكومة‭ ‬توجيه‭ ‬الموارد‭ ‬نحو‭ ‬دعم‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭.‬
بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬المحليين‭ ‬والأجانب‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬فارتفاع‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬يُعد‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬التحديات،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يجذب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحسن‭ ‬يُشجع‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬النشاط‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية،‭ ‬مثل‭ ‬الصناعة‭ ‬والتصدير،‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭.‬
أسباب‭ ‬الانتعاشة‭ ‬الأخيرة
ويشترك‭ ‬جل‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬اليوم،‭ ‬أن‭ ‬التحسن‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل،‭ ‬أبرزها‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭. ‬فقد‭ ‬نجح‭ ‬البنك‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬احتواء‭ ‬التضخم‭ ‬وضمان‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تخفيض‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬المديرية‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تحفيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬وزيادة‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬إيجابيًا‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭.‬
إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحسين‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭. ‬ورغم‭ ‬التراجع‭ ‬الظرفي‭ ‬لمدخرات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حاليًا‭ ‬22.6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ (‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬98‭ ‬يوم‭ ‬توريد‭) ‬مقارنة‭ ‬بـ22‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ (‬103‭ ‬أيام‭ ‬توريد‭) ‬في‭ ‬ماي‭ ‬2024،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاحتياطي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬كافيًا‭ ‬لضمان‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬الالتزام‭ ‬بسداد‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬آجالها‭ ‬بنسبة‭ ‬46‭ % ‬يعكس‭ ‬جدية‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬المالية،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحسن‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬مثل‭ ‬السياحة‭ ‬والصادرات،‭ ‬قد‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬تدفق‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬إلى‭ ‬البلاد،‭ ‬ما‭ ‬دعم‭ ‬الدينار‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭.‬
متى‭ ‬شهد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬تراجعًا؟
شهد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬تراجعًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭. ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬العوامل،‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استنزاف‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬وضعف‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاضطرابات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أثرت‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭.‬
خلال‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬2017‭ ‬و2020،‭ ‬كان‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬كبيرة،‭ ‬حيث‭ ‬تراجعت‭ ‬قيمته‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬واليورو‭. ‬هذا‭ ‬التراجع‭ ‬كان‭ ‬نتيجة‭ ‬تدهور‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وزيادة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الاستيراد،‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬المصدرة‭ ‬مثل‭ ‬الفسفاط‭ ‬والصناعات‭ ‬التحويلية‭.‬
متى‭ ‬استعاد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬قوته؟
بدأ‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬قوته‭ ‬تدريجيًا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬مدعومًا‭ ‬بتحسن‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬وتطبيق‭ ‬إصلاحات‭ ‬نقدية‭ ‬ومالية‭. ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي،‭ ‬مثل‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬التضخم‭ ‬وتحسين‭ ‬إدارة‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬استقرار‭ ‬الدينار‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬مثل‭ ‬السياحة،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬انتعاشًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬بعد‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬لعب‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬تدفق‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭.‬
في‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬أكد‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬أن‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬واصل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقراره‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭. ‬هذا‭ ‬الصمود‭ ‬يُعزى‭ ‬إلى‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الرشيدة‭ ‬وتحسن‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الرئيسية‭.‬
آفاق‭ ‬إيجابية
‮ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬تبدو‭ ‬الآفاق‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسط‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬تخفيض‭ ‬نسب‭ ‬الفائدة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية‭ ‬مثل‭ ‬الصناعات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والسياحة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬استقرار‭ ‬الدينار‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬يُعزز‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين،‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭.‬
ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬نجاح‭ ‬مستدام‭ ‬يتطلب‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬الهيكلية‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬ضرورة‭ ‬تحسين‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬إصلاحات‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭.‬
ورغم‭ ‬التحسن‭ ‬الملحوظ،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬تواجه‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭. ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬استمرار‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬ضغطًا‭ ‬على‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬مدخرات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬إضافية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭.‬
بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التوترات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والتغيرات‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬تدفقات‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬إلى‭ ‬تونس،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يضع‭ ‬ضغوطًا‭ ‬على‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭. ‬ولتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الصادرات‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬القومي،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حث‭ ‬عليه‭ ‬مسؤولو‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬اجتماعهم‭ ‬الأخير‭.‬
وإجمالا،‭ ‬يبقى‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬واليورو،‭ ‬مؤشرًا‭ ‬إيجابيًا،‭ ‬يعكس‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المحلي،‭ ‬والسياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬التحسن‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬واعدة‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحقيق‭ ‬استقرار‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬يتطلب‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬الهيكلية‭ ‬وتنفيذ‭ ‬إصلاحات‭ ‬شاملة‭ ‬لتعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭.‬


سفيان‭ ‬المهداوي

مؤشر‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬الصمود..  الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬ينتعش‭ ‬مجددا‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬والأورو

شهد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحسنًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬قيمته‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬واليورو،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬إشارات‭ ‬إيجابية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬المحلي‭. ‬ووفقًا‭ ‬للمؤشرات‭ ‬النقدية‭ ‬والمالية‭ ‬التي‭ ‬نشرها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬30‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬ارتفع‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬بنسبة‭ ‬4‭.‬14‭ %‬،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬الدولار‭ ‬2‭.‬98‭ ‬دينار‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬28‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ3‭.‬11‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬

كما‭ ‬تطورت‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬مقابل‭ ‬اليورو‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬52‭ %‬،‭ ‬إذ‭ ‬أصبحت‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الأوروبية‭ ‬الموحدة‭ ‬3‭.‬36‭ ‬دينار‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ3‭.‬39‭ ‬دينار‭ ‬قبل‭ ‬سنة‭. ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬تحمل‭ ‬دلالات‭ ‬إيجابية‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬انتعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهه‭.‬
أهمية‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬الصرف
ووفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المؤشرات‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي،‭ ‬وله‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬قطاعات‭. ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬فإن‭ ‬ارتفاع‭ ‬قيمته‭ ‬يعزز‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين‭ ‬ويخفف‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬التضخم‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الاستيراد‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحسن‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬تكلفة‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬تُسدد‭ ‬عادة‭ ‬بالعملات‭ ‬الصعبة،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬ويتيح‭ ‬للحكومة‭ ‬توجيه‭ ‬الموارد‭ ‬نحو‭ ‬دعم‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭.‬
بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬المحليين‭ ‬والأجانب‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬فارتفاع‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬يُعد‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬التحديات،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يجذب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحسن‭ ‬يُشجع‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬النشاط‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية،‭ ‬مثل‭ ‬الصناعة‭ ‬والتصدير،‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭.‬
أسباب‭ ‬الانتعاشة‭ ‬الأخيرة
ويشترك‭ ‬جل‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬اليوم،‭ ‬أن‭ ‬التحسن‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل،‭ ‬أبرزها‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭. ‬فقد‭ ‬نجح‭ ‬البنك‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬احتواء‭ ‬التضخم‭ ‬وضمان‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تخفيض‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬المديرية‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تحفيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬وزيادة‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬إيجابيًا‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭.‬
إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحسين‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭. ‬ورغم‭ ‬التراجع‭ ‬الظرفي‭ ‬لمدخرات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حاليًا‭ ‬22.6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ (‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬98‭ ‬يوم‭ ‬توريد‭) ‬مقارنة‭ ‬بـ22‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ (‬103‭ ‬أيام‭ ‬توريد‭) ‬في‭ ‬ماي‭ ‬2024،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاحتياطي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬كافيًا‭ ‬لضمان‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬الالتزام‭ ‬بسداد‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬آجالها‭ ‬بنسبة‭ ‬46‭ % ‬يعكس‭ ‬جدية‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬المالية،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحسن‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬مثل‭ ‬السياحة‭ ‬والصادرات،‭ ‬قد‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬تدفق‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬إلى‭ ‬البلاد،‭ ‬ما‭ ‬دعم‭ ‬الدينار‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭.‬
متى‭ ‬شهد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬تراجعًا؟
شهد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬تراجعًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭. ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬العوامل،‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استنزاف‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬وضعف‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاضطرابات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أثرت‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭.‬
خلال‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬2017‭ ‬و2020،‭ ‬كان‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬كبيرة،‭ ‬حيث‭ ‬تراجعت‭ ‬قيمته‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬واليورو‭. ‬هذا‭ ‬التراجع‭ ‬كان‭ ‬نتيجة‭ ‬تدهور‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وزيادة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الاستيراد،‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬المصدرة‭ ‬مثل‭ ‬الفسفاط‭ ‬والصناعات‭ ‬التحويلية‭.‬
متى‭ ‬استعاد‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬قوته؟
بدأ‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬قوته‭ ‬تدريجيًا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬مدعومًا‭ ‬بتحسن‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬وتطبيق‭ ‬إصلاحات‭ ‬نقدية‭ ‬ومالية‭. ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي،‭ ‬مثل‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬التضخم‭ ‬وتحسين‭ ‬إدارة‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬استقرار‭ ‬الدينار‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬مثل‭ ‬السياحة،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬انتعاشًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬بعد‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬لعب‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬تدفق‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭.‬
في‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬أكد‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬أن‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬واصل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقراره‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭. ‬هذا‭ ‬الصمود‭ ‬يُعزى‭ ‬إلى‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الرشيدة‭ ‬وتحسن‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الرئيسية‭.‬
آفاق‭ ‬إيجابية
‮ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬تبدو‭ ‬الآفاق‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسط‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬تخفيض‭ ‬نسب‭ ‬الفائدة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية‭ ‬مثل‭ ‬الصناعات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والسياحة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬استقرار‭ ‬الدينار‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬يُعزز‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين،‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭.‬
ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬نجاح‭ ‬مستدام‭ ‬يتطلب‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬الهيكلية‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬ضرورة‭ ‬تحسين‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬إصلاحات‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭.‬
ورغم‭ ‬التحسن‭ ‬الملحوظ،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬تواجه‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭. ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬استمرار‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬ضغطًا‭ ‬على‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬مدخرات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬إضافية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭.‬
بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التوترات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والتغيرات‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬تدفقات‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬إلى‭ ‬تونس،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يضع‭ ‬ضغوطًا‭ ‬على‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭. ‬ولتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الصادرات‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬القومي،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حث‭ ‬عليه‭ ‬مسؤولو‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬اجتماعهم‭ ‬الأخير‭.‬
وإجمالا،‭ ‬يبقى‭ ‬تحسن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬واليورو،‭ ‬مؤشرًا‭ ‬إيجابيًا،‭ ‬يعكس‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المحلي،‭ ‬والسياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬التحسن‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬واعدة‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحقيق‭ ‬استقرار‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬يتطلب‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬الهيكلية‭ ‬وتنفيذ‭ ‬إصلاحات‭ ‬شاملة‭ ‬لتعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭.‬


سفيان‭ ‬المهداوي